أندرو ماكجريجور – ذي أفريكان ريبورت[1]
ترجمة: محمد سليمان الزواوي
19 سبتمبر 2019م
في عام 1421م، أبحر أسطول صيني عملاق مكوّن من 3750 سفينة في رحلة استكشافية لمدة عامين. وفي عهد الإمبراطور زهو دي، كانت الصين متقدِّمة عدة قرون من الزمان من الناحية التكنولوجية على بقية أنحاء العالم. سافر أسطوله، المقسَّم إلى أربع مجموعات، إلى آسيا وإفريقيا، والقارة القطبية الجنوبية، والأمريكتين. كان هذا قبل 70 عامًا من اكتشاف كريستوفر كولومبوس لأمريكا.
توفي زهو دي في عام 1424م وخلفه ابنه تشو غاوزي الذي ألغى في عهده جميع الرحلات الاستكشافية؛ حيث أقنعت عِرْقية الماندرين غاوزي بأن استكشاف العالم يُعرِّض ثقافة الصين لعالَمٍ متوحِّش، بينما يستنزف خزائنه.
لسوء الحظ، تم تدمير وثائق الاكتشافات التي كتبها بدقَّة علماء الأنثروبولوجيا الصينيون وعلماء الفلك ورسامو الخرائط وعلم البستنة، ولكن تم تجميع هذه الكتلة من التاريخ معًا لاحقًا بواسطة غافن مينزيس في كتابه المتميز “1421”.
الآن، بعد 500 عام من العزلة التي فرضتها على نفسها؛ ظلت الصين تحاول تعويض الوقت الضائع خلال القرون الماضية؛ من خلال تركيز أنشطتها الاستثمارية والتجارية في القارة الإفريقية.
الاستثمار:
بشكل عام، ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا بنسبة 11٪ إلى 46 مليار دولار أمريكي في عام 2018م. وقد دعم ذلك تدفقات البحث عن الموارد وبعض الاستثمارات المتنوعة، وانتعاش الاستثمار الأجنبي المباشر إلى جنوب إفريقيا.
فبعد أوقيانوسيا، أظهرت إفريقيا ثاني أعلى زيادة في الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2018م (تليها منطقة الشرق الأوسط وآسيا)، في حين سجَّلت جميع أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأوروبا انخفاضات في الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2018م؛ حيث اجتذبت شمال إفريقيا معظم الاستثمار الأجنبي المباشر، تليها غرب ووسط وشرق إفريقيا، فيما اجتذبت جنوب إفريقيا أقل استثمارات أجنبية مباشرة على أساس صافٍ بعد سحب استثمارات كبيرة من أنغولا.
وفي هذا العام يتوقع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) نموًّا بنسبة 13٪ في الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا، مدفوعًا بتسارع النمو الاقتصادي والتقدم نحو تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية والاستثمارات الكبيرة في الحقول الخضراء. وتلعب الصين دورًا رئيسيًّا في هذا المناخ الاستثماري، فيما تُطلَق عليه “الإيكونومست”: “التدافع الجديد لإفريقيا”.
حيث حدّد البحث الذي أجراه “من يملك ماذا؟” العديد من الشركات الصينية العاملة في استثمارات كبيرة في البنية التحتية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى:
بعض هذه المشاريع تشمل:
- تقديم قرض للبنية التحتية بقيمة 20 مليار دولار أمريكي إلى غينيا على مدار 20 عامًا مقابل تطوير مشاريع البوكسيت والألومينا من قبل شركتي China Henan International و China Power Investment، على التوالي.
- استثمار بقيمة 12 مليار دولار أمريكي لشركة China Railway Construction لبناء خط سكة حديد بطول 1402 كيلو متر على طول ساحل نيجيريا يربط لاغوس مع كالابار.
- وقعت شركة تشاينا رود آند بريدج اتفاقية بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي لشراء الموارد الطبيعية في ليبيريا مقابل بناء الطرق والبنية التحتية لإمدادات الكهرباء.
- يُمَوّل بنك التصدير والاستيراد (Exim) الصيني 75٪ من مخطط Zungeru الكهرومائي الذي تبلغ تكلفته 1.3 مليار دولار أمريكي و700 ميجاوات.
- تقوم شركة China Harbour Engineering ببناء ميناء للحقول الخضراء بقيمة 600 مليون دولار (Atuabo Freeport)، والذي سيفتح قطاع النفط والغاز في غانا أمام الأسواق الإقليمية البحرية.
- حصلت نيجيريا على قرض بقيمة 500 مليون دولار أمريكي من بنك Exim الصيني لإعادة تطوير مطاراتها الدولية الأربعة.
التجارة:
لطالما كانت المصالح الاقتصادية للصين في إفريقيا ذات شقين؛ التجارة، والاستثمار. منذ عام 2000م، زاد حجم التجارة بين الصين وإفريقيا بمقدار 17 ضعفًا. وفي الوقت نفسه، زادت استثمارات الصين في إفريقيا بأكثر من 100 ضعف.
خلاصة القول:
إن إفريقيا بحاجة إلى الصين، والصين بحاجة إلى إفريقيا؛ حيث تلعب استثمارات الصين، التجارة، المساعدات الخارجية، القروض والمِنَح دورًا هائلاً في تنمية القارة. ولكن على المدى الطويل، يجب على إفريقيا التعامل مع الصين بطريقة أكثر تكاملاً، والضغط من أجل تجارة أكثر عدلاً وأكثر توازنًا، وقبل كل شيء لزيادة القيمة المضافة المحلية.
[1]– على الرابط التالي: https://cutt.us/1ToGr