د/ كوناتي موسى عمر (*)
الاغترار بالثقافة الغربية ومن ثم الانجراف بأشكال متهورة وراء الحياة الغربية، قد أصابت طامتها الكبرى إفريقيا والأفارقة جمعاء إلا من سلم ربه، وتتشكل ضحاياها الأولى من الشبيبة الإفريقية التي باتت تئن من ويلاتها الوخيمة، ولقد راح السواد الأعظم من الشباب الأفارقة يبحثون في مزابل الحياة الغربية الموبوءة منتقين منها أرذلها، آخذين ذلك نموذجا رائعا للحياة الأفضل، رامين وراء ظهورهم بالقيم الإنسانية والأخلاق الحسنة، متجردين تمام التجرد من القيم الإفريقية الأصيلة التي ميزت حياتهم في كل مساراتها، وقد يشاطرني القارئ الرأي إذا قلت إن الفساد الأخلاقي قد أضحى ظاهرة عالمية تقض مضاجع المجتمعات في الوقت المعاصر وتهز كيانها، بيد أن تضرر الشبيبة الإفريقية بهذه الظواهر الموبوءة أعظم وأجسم، وعواقبها عليها أشد من غيرها.
إن القرى والبوادي الإفريقية التي كانت معروفة بأصالة الأخلاق وحشمة الحياة، والمروءة والكرم، صارت اليوم عاجة بظواهر أخلاقية سمجة توعد الله تعالى عليها، وتتهدد كيان خير أمة أخرجت للناس، حيث لا يكاد يسلم من انعكاساتها لا ناضج ولا مراهق، بل ويكاد المجتمع يدفع باهظا ثمن هذه الظواهر الطافية على سطح الواقع الإفريقي.
وخلال هذا المقال ، سوف أسلط الضوء على تلكم الظواهر العظام التي بدأت تجلب غضب الله على البلاد والعباد على حد السواء، إنها الموبقات التي أهلك الله بسببها أمما خلت، وشعوبا مضت، مدمرا ديارا كانت رمزا حيا للقوة ومثالا سيئا للطغيان والتجاسر، ومسكنا للجبابرة والمتسلطين، وأعتقد أن السكوت عن هذه الجرائم الأخلاقية الدنيئة التي يجاهر بها الخلق ويتباهون بها، يعد في نظري مذمة كبيرة بينما التنديد بها من أجل تحذير الخلق من مغبتها على الأفراد والمجتمع كتابة، ومحاضرة هادفة وقويمة يستند إلى الحكمة والموعظة الحسنة، يعتبر نفاحا عن الإنسانية وأخلاقها بالكامل.
أولا: شذوذ الرجال و سحاقة النساء:
إن دعارة الرجال وبالأحرى العلاقات المثلية المعروفة في الدراسات الجنسية بالشذوذ الجنسي، ظاهرة قديمة في تاريخ البشرية، ولقد أهلك الله تعالى بسببها قوم لوط فقال حكاية عنهم:(أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون﴾ (الشعراء:166) ومنذ ذلك الحين، ما تزال الأمم والشعوب تتعاطى لهذا العمل القذر المخل بالأدبيات الإنسانية والمخالف لكل القيم، وهو من التركة الخبيثة التي توارثتها الإنسانية جيلا عن جيل، متجاهلة العقوبات الشديدة التي توعد الله بها الفاعلين.
إن الشذوذ في صفوف الرجال والنساء منتشر اليوم في القارة من الأقصى إلى الأقصى، وتكتظ البلاد بشكل فاحش ومهول بنواديه التي يرتادها الناس من مختلف الأصناف، ولقد بات مرتعا خصبا لغالبية الشباب ممن يقتاتون منه قاضين الليالي الحمراء بالعلب الليلية في كنف أشخاص يسخرون ثراءهم للرذيلة، وأما سحاقة النساء فلا تختلف من حيث الانتشار عن شذوذ الرجال، وفشو الظاهرتين ملحوظ عبر القارة، ونجد روافدهما ومواخيرهما في الكثير من البلدان الإفريقية، ومن المفيد هنا القول إن المصطفى عليه وآله الصلاة والسلام قد نهى في حديث له عن إفضاء الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة.
غير أن المثير للإعجاب في قضية الشذوذ هو أن الشواذ يطالبون اليوم حكومات بلادهم بالترخيص لهم ومنحهم كل الحقوق التي تجيز لهم ممارسة هذا العمل الشنيع الذي لا يشرّف الإنسانية البتة، وفعلا استطاعوا في بعض الدول أن يخطفوا إلى أنفسهم أنظار دعاة الحرية الأخلاقية وبالأحرى دعاة الفساد والرذيلة ممن تعج بهم أوروبا وأمريكا، أولئك الذين نصبوا أنفسهم حماة لخلق الله في أرضه، وما لبثت مطالباتهم غير هنيهة حتى حظيت بالقبول والتأييد الفوري في جنوب إفريقيا التي تعد اليوم من أوائل البلدان الإفريقية التي رخصت للعلاقات المثلية(شذوذ الرجال وسحاقة النساء)
هذا، وقد فشلت مطالباتهم في البلاد السنغالية التي تصدى لها الشعب السنغالي الواعي في مظاهرات غاضبة رجت الأرض السنغالية رجة عنيفة وحفزت الغيورين على دينهم وقيمهم وعاداتهم السنغالية الأصيلة على مقاومة هذه الظاهرة التي تهدف إلى تقويض الفطرة الإنسانية وتعطيلها، فكان النموذج السنغالي ضربة قاضية للشواذ السنغاليين، وما تزال الأصوات متعالية عبر القارة والتي تدعو إلى الإقتداء بجنوب إفريقيا، ولا شك أنها ستجد التأييد يوما ما خصوصا أن البلاد الإفريقية محكومة بسقف علماني يرحب بكل ما هو طالح، وإن هذا من الأسباب التي جعلت الساحة الإفريقية سوقا للأخلاق البذيئة والعقائد الفاسدة.
وعلى المستوى الغيني مثلا، نجد البلاد ضاجة بمواخير الدعارة التجارية، وهي أماكن تشتهر محليا بـــ موتيل(Motel ) الذي يكاد عددها يفوق عدد مساكن البلاد برمتها، بدليل أن المرء يجد العدد العديد منها تراص أمامها ليلا ونهارا السيارات الفاخرة، وسلعتها هي بنات الهوى ممن رمت بهمن أقدارهن المتعثرة في هوة الرذيلة والفساد.!! وأعتقد أن الحالة الغينية غير مختلفة عن نظيراتها، إن شذوذ الرجال قد بات ظاهرة مقلقة للغاية، مقلقة للأسر المسلمة التي مال معظم أولادها إلى هذا السلوك السافل.!!!
ثانيا: تشبه الجنسيين بعضهما ببعض:
إن موازين الحياة الأصيلة قد فقدت قيمتها وكل معالمها، وانقلبت مبادئها رأسا على عقب، لقد خلق الله الجنسيين (الذكر والأنثى) على هيئة خاصة تميز كلا منهما عن الآخر، غير أن الملاحظ في الحياة الإنسانية الراهنة، هو أن الموازين الأخلاقية قد تغيرت بشكل فظيع، وتحولت الحياة البشرية إلى الحياة البهيمية التي ترتكز من الدرجة الأولى على إشباع الغريزة بأي وسيلة كانت، والمؤسف اليوم حقا هو أن بعض الرجال قد رموا برجولتهم في المزابل وصاروا يتشبهون بالجنس الآخر في تضفير الرءوس وتثقيف الآذان وتبييض الأجساد على شاكلة النساء، وإن هذا مما نلاحظه في شوارعنا، بل وأن المدارس التي كنا نأمل أن تنتج القادة والمفكرين ورجال الدولة الأعاظم، يسهمون في البناء الوطني وحقل التنمية المستديمة وينافحون عن عقيدتهم ضد المعادين لهم، فإذا بالغالبية منهم يتشبهون بالنساء في الأشياء الخاصة بهن، تكلما، ومشية، وزينة، وهنداما… وأي مستقبل سيكون لأمة حال شبابها كهذا.!!!
وعلى النقيض من ذلك، نجد النساء يتشبهن بالرجال محلقات رءوسهن لابسات السراويل اللاصقة متبرجات مبديات المفاتن التي تربك المراهق وتبلبل الناضج، مدعيات الحرية التي جلبت عليهم وصمة العار والخذلان، وجعل معظم الرجال الأفارقة لم يعدوا يقيمون وزنا للمرأة الإفريقية خصوصا الفتيات اللاتي أصبحت غالبيتها أمة للمادة التي تطوعها لكل ما لا يشرفها.
ولقد بلغ الاغترار بنماذج الحياة الغربية الوافدة بأفراد من الشبيبة الإفريقية إلى أنهم يميلون إلى تغيير الجنس من الرجولة إلى الأنوثة أو إلى العكس، وأعتقد أن هذا هو التغيير الحقيقي الذي توعد عليه إبليس الملعون بني آدم حيث قال أخزاه الله: ﴿ ولأمرنهم فليغيرن خلق الله… ﴾ (النساء: من آية: 120) وبذلك يكون قد صدّق على بني آدم ظنه قال تعالى: ﴿ولقد صدّق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين﴾ ( سبأ: 20)
الروافد والعوامل:
كانت الحشمة السمة البارزة للحياة الإفريقية حتى على أوج الوثنية، ولما جاء الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجا، رسخ بشكل عميق هذا المبدأ في الساحة الإفريقية، بيد أن البلاد الإفريقية ما لبثت أن فقدت توازنها الأخلاقي والعقدي والاجتماعي حينما تعرضت للظلم الأجنبي الوافد الذي لم يكتف بتحويلهم عن عقيدتهم الغراء بقوة النار والحديد وإنما بطمس المعالم الأخلاقية الفاضلة التي كانت تؤطر الحياة الإفريقية هذا من جهة، ومن ناحية أخرى نلحظ أن التقدم التكنولوجي الرهيب الذي يواكب حياة البشر جمعاء، ممثلا في الشبكة الالكترونية العجيبة الانترنيت، قد جسد هو الآخر عاملا من عوامل الانحطاط الخلقي لما ينشره من الأفلام المائعة والصور الخليعة المثيرة، وليس خافيا على أحد منا اليوم اهتمام الشباب وربما المراهقين بالمواقع الماجنة، وهذا دون نسيان الصحف والمجلات التي لها الإسهام ذاته في توسيع هوة الانحلال الأخلاقي بإفريقيا.
غير أنه بالدراسة الفاحصة للواقع الإفريقي المعاش، نلحظ أن هناك عوامل ذاتية وموضوعية كثيرة أسهمت بصورة أو بأخرى في فشو هذه الظواهر غير الأخلاقية، فالذاتية تكمن في الفقر المدقع الذي يدفع معظم البنات الإفريقيات إلى ممارسة الدعارة التجارية، وأما الموضوعية فتتجسد في أن الحكومات الإفريقية غير قادرة على توفير الحياة الأفضل لشعوبها مع أن كل الإمكانات التي من شأنها تحقيق ذلك متوفرة، ولكن انعدام الروح الوطنية في القادة يحول دون ذلك، لأن تلك الثروات التي تزخر بها إفريقيا إنما تذهب في جيوب الخاصة الذين يركلون شعوبهم ويدسونهم في التراب غير مبالين بعويلهم المتواصل.
ولتحقيق أقصى الموضوعية أقول إن انكسار الجذور الأخلاقية بغينيا خاصة إنما يعود إلى أواسط التسعينات التي صادفت اندلاع الحروب الأهلية في ليبيريا، تلك الحروب المدمرة التي أهلكت الأخضر واليابس في تلك البلاد وأدت إلى نزوح اللاجئين إلى بلادنا، أولئك الذين اصطحبوا معهم أخلاقا لطخت المجال الغيني في العمق متجسدة في التبرج والتقحب التجاري والشذوذ والسحاقة هلم جرَ، وسيطول الكلام جدا إذا أردت أن أتحدث عن ارتباط ذلك بانتشار الكحول والمخدرات بين شبابنا، فمن في غينيا لم ير أو يسمع عن تلكم المواخير التي تفشت في أرجاء البلاد حينذاك.!!! وجاءت الحروب الأهلية الإيفوارية في مطلع الألفين وعمقت دائرة هذا الانحطاط الأخلاقي على هذا الشكل الرهيب وبذلك زادت الطين الغيني بلة كبيرة.
وأكبر هذه العوامل والروافد التي يمكن توسيمها في إطار الكلام عن القضية الأخلاقية في الجمهورية الغينية والتي شكلت انطلاقة سيئة غيرت مسار حياة الشعب الغيني لاسيما الشبيبة التي صارت هدفا لكل الدعوات الوافدة، يرجع هذا العامل وذلك الرافد إلى وفاة أب الاستقلال في غينيا وهو الرئيس أحمد سيكو توري –رحمه الله- الذي أطر الحياة الغينية بالضوابط المميزة التي اتسمت في جملتها بالتعاليم الإسلامية، محرما كل الأخلاق الدنيئة، من خمور، ومخدرات، وسفور…، وهذا من النتائج الخالدة التي تدون في سجل حسنات هذا القائد الإفريقي العظيم، ولقد فتح رحيله الأبواب الغينية واسعة لكل ما يندى له جبين الغينين اليوم، حيث تبنى قادة الانقلاب العسكري الحرية الأخلاقية والعقدية التي أساءت ولم تكن إلا لتسيء أصلا إلى بلادنا وبشعبها وبكل موروثاتها، وكل ما نعيشه حاليا هو نتاج سيء متمخض عن هذه الحرية المزعومة التي أقبل عليها الشعب بكل التهور، مما حكم على الأخلاق في غينيا بالخسارة المبينة.!!!
هذا وتلعب بعض الأجهزة الإعلامية بغينيا بمسموعها، ومرئيها، ومقروئها، الأدوار الخبيثة في تحويل الشبيبة عن القيم الفاضلة إلى القيم المنحطة، بتزين السوء لهم بدعوى الانفتاح الحضاري والحرية الفردية التي تنعق بها في آفاق البلاد، مؤيدة العلاقات غير الشرعية عبر الحوارات التي تنظمها على الهوى، مما جعل الشبيبة الغينية خاصة والإفريقية بنوع عام مولعة بالفساد حتى النخاع.
الانعكاسات:
ترتب على فشو الشذوذ والسحاقة والعلاقات غير الشرعية انكسار جذور الأخلاق ومن ثم انتشار الأمراض الجنسية المتنقلة التي أماتت خلقا عظيما من عباد الله، بل ولا يزال يقتل أيضا، ويأتي في مقدمتها المرض المناعي المكتسب الإيدز، هذا الطاعون الذي ما يزال الطب بالرغم من الآليات الرهيبة التي توصل إليها أن يضامه، فمن في مقدوره إعطاء الحصيلة الحقيقية لضحايا هذا الوباء العالمي المميت.؟؟؟
وإذا كانت الشبيبة العالمية تعاني من عواقب هذا الداء القاتل، فإن معاناة الشبيبة الغينية أجسم، وحسب الدراسات التي قامت بها كل من وزارة الصحة العمومية الغينية ومنظمة الأمم المتحدة (ONUSIDA) التي عالجت موضوع السيدا بغينيا، فإن نسبة المصابين كثيرة في العاصمة كوناكري بمراكزها الصحية المتعددة، ولم تسلم الأقاليم الداخلية من العواقب ذاتها، وليس هذا إلا نتاجا سيئا لعصيان البشرية السافر لحدود الله وتجاسرها وعتوها عليه، فمستشفيات البلاد تضج بعويل هذا المرضى الذي تزداد ضحيته يوما بعد يوم، سنة بعد سنة، ولا تزال البشرية تنزف.!!!!
بيد أن أسوأ هذه الانعكاسات التي باتت مقلقة للغاية، تكمن في فشو الخيانة الزوجية التي صارت من موضة العصر، بل وملاذا لمعظم الرجال والنساء، فلم يعد عرى الزواج مقدسا بالمرة، نتيجة انجراف معظم المتزوجين في أحضان العاهرات، ولهث المتزوجات وراء بريق المادة الزائفة التي لا تساوي شيئا في ميزان الشرف والكرامة، فمن في غينيا لم تداعب أذنيه قصص الخيانة الزوجية.؟؟؟ وكم من أسر فككتها هذه الظاهرة بسبب الشكوك التي أثارتها حول شرعية الأولاد.؟!!! إنه الجريمة الأخلاقية في هذا العصر.
وترتب على ذلك انتشار العنوسة بين الفتيات وعزوف الشباب عن الزواج، وهذا بديهي للغاية لأنه ليس من المنطق في شيء أن يتزوج المرء فتاة غير صالحة، إنه الهوس الذي يطارد الشباب، وكل هذا نتاج المجون التي عمت بلواها البلاد والعباد والديار، ويكفي أن يجوب المرء شوارع البلاد بمدنها وبواديها ويصول في المجامع العمومية، ولا شك في أنه سيصدم صدمة مهولة حينما يرى تلك الطامة الأخلاقية الكبرى التي تنذر بالسوء الذي سيحل بالإنسانية قريبا.
حلول ومقترحات
أهيب بأصحاب الضمائر الحية من الدعاة والخطباء ورجال التعليم ومن كل الغيورين على الشبيبة الإفريقية أن يقوموا بالتوعية الاجتماعية الشاملة في الأوساط الشعبية بتحذير المواطن الإفريقي شبابا وشيبة من الخطر الأخلاق المحدق بهم، مستندين في ذلك إلى الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولا شك أن هذا يندرج في الوقت المعاصر ضمن الواجب الإنساني والديني والمعرفي الذي يتوجب على الكل أن يؤدوه لأوطانهم حفاظا على أخلاق بلادهم من الطوفان الجارف الذي يتهدد الجميع، فاللهَ أسأل أن ينجينا بلطفه من هذا البلاء العارم، إنه نعم المولى ونعم النصير.
توصيات
لن تسعد الإنسانية ما لم تعد إلى الحدود الأخلاقية التي رسمها الله تعالى على لسان النبي الكريم عليه وآله الصلاة والسلام، (إن السلوك الأخلاقي يجسد في الإسلام روح الإسلام وحقيقته ونظامه، والأخلاق الإسلامية هي صالحة للبشرية ما دامت على الأرض، وطابعها الثبات وعدم التحول أو التبديل، لكونها إلهية مستمرة فيها صلاح العباد، مما جعل الأديان كلها اهتمت بالتربية الخلقية كهدف لبناء الأمم والحضارات، باعتبار الأخلاق أسمى أهداف التربية، لأن المقصود منها هو تقوية الناشئ على السلوك الحسن، والأخلاق مجالها الحياة كلها، وسلوك الإنسان كله وعلاقات الإنسان المختلفة بربه ونفسه، وبالناس والمخلوقات كلها، لأن السلوك الحسن إزاء هذه المجالات، هو الذي يحقق للإنسانية السعادة والرضا في الدنيا والآخرة)( التربية الأخلاقية في كتاب أصول الفكر التربوي الإسلامي د/ عباس محجوب ص:158 وما بعدها).
أخي الشاب أختي الشابة، إن الشذوذ الجنسي الذي صار مرتعا خصبا في العالم، ليس فيه إلا هلاك الإنسانية، ولا يهدف إلا إلى تقويض هذه الإنسانية، ولقد كان سببا من أسباب هلاك قوم النبي لوط عليه السلام، وأكيد أنه سيكون حتما من التهلكة التي ألقى معظم الشباب بأنفسهم إليها، وليس خافيا علينا المخاطر الصحية التي تتهدد الأمم والشعوب في الوقت المعاصر نتيجة تلكم الموبقات المنتشرة بين ظهرانينا، ولا تنسوا، أن ما نعيشه من مشاكل صحية واقتصادية وطبيعية… ما هي إلا عقوبة إلهية لتمرد الإنسان على الفطرة السليمة. فإياكم إذن والشذوذ والعلاقات غير الشرعية، وتذكروا جيدا، أن النزوة العابرة في لحظات الطيش قد تدمّر حياتكم كلها، والحياة كما تعلمون غالية لا ثمن لها، فلا تفرّطوا فيها ولا تغامروا، وعليكم بمراقبة الله تعالى في السر والعلن، وقد قال مَن لا ينطق عن الهوى: ( لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا…)(راجع الحديث بطوله في سنن ابن ماجة في كتاب الفتن برقم 4009) ﴿وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾(العنكبوت 40) شاكرا أخير إدارة الجريدة على إتاحتها الفرصة للشباب الأفارقة للتعبير عن شعورهم عبر هذا الفضاء الإعلامي الذي بات صرحا من صروح التنوير بإفريقيا.
(*) كاتب من غينيا كوناكري