يحاول هذا التقرير تقديم رؤية لموضوعات مُتنوِّعَة حول القارة الإفريقية في الصحافة العالمية؛ بغرض رَصْد أهمّ ملامح القضايا الجارية في القارة عبر قراءة منتقاة قَدْر الإمكان.
هل يقود نزاع إقليميّ إلى تفكّك إثيوبيا؟([1])
مقال موجز لأندرو جرين المتخصّص في الشؤون الإفريقية في World Politics Review، ويتناول تداعيات أزمة تصويت المشرّعين الإثيوبيين في أوائل أكتوبر الجاري لصالح قطع الحكومة الفيدرالية صلاتها مع قادة إقليم التيجراي شمالي البلاد، في خطوةٍ وصفها أحد المسؤولين التيجرانيين على أنَّها ترقَى لإعلان الحرب. واعتبر أنَّ الخطوة التي قام بها البرلمان الإثيوبي (بيت الاتحاد) تُعتبر الأشد وطأة في سلسلة من المناوشات المتبادلة بين القادة التيجرانيين والمسؤولين الفيدراليين، وتُعرِّض إقليم التيجراي لفَقْدِ ما يصل إلى 281 مليون دولار في دعم الموازنة الفيدرالية.
وقد زادت التوترات بين الجانبين منذ تولّي آبي أحمد رئاسة وزراء البلاد؛ فقد غضب المسؤولون التيجرانيون لفقدانهم النفوذ الاقتصاديّ والسياسيّ بعد تولّي آبي أحمد السلطة في أبريل 2018م، واتّهموا إدارته باستهدافها على نحوٍ جائر للتيجرانيين في قضايا الفساد. كما عارض الحزب الحاكم الإقليمي (جبهة تحرير شعب التيجراي) خطوة آبي أحمد نهاية العام الماضي بدمج الأعضاء الأربعة بالتحالف الحاكم في حزب وحدويّ إثيوبيّ واحد، وفضَّل حزب التيجراي الحفاظ على البناء الفيدرالي الذي تمَّ إرساؤه منذ العام 1991م. ثم تحدَّى القادة المحليون سلطة آبي أحمد بالمضيّ قدمًا في التصويت الإقليمي في الشهر الماضي بالرغم من قرار الحكومة الفيدرالية تأجيل جميع الانتخابات بسبب جائحة كوفيد-19.
وفازت جبهة التحرير التيجرانية على نحوٍ حاسمٍ في هذه الانتخابات، رغم انضمام آبي أحمد للبرلمانيين في وصف الانتخابات بأنها غير قانونية. وبدورهم اتّهم القادة التيجرانيون آبي أحمد بمدّ فترة منصبه على نحوٍ غير قانونيّ، وقالوا: إنهم لن يستمروا في اتباع التعليمات الفيدرالية.
وكان الرد الانتقامي لبيت الاتحاد بقراره (7 أكتوبر 2020م) مطالبة حكومة آبي أحمد قطع تمويل الإقليم. وليس واضحًا تمامًا بعدُ حجم الأموال التي سيفقدها إقليم التيجراي، مع تعهُّد البرلمانيين الفيدراليين بمواصلة العمل مع الإداريين المحليين لتقديم الخدمات الأساسية.
وأثار قرار بيت الاتحاد حديثًا عن انفصال إقليميّ وعنفٍ محتمَلٍ.
وربما لا تزال هناك فرصة لآبي أحمد لحلّ الموقف. ورغم أنه أدان التصويت الإقليمي في الشهر الماضي؛ إلا أن رئيس الوزراء وعد بألَّا تكون هناك إجراءات انتقامية متطرّفة مثل التدخل العسكري أو قطع التمويل. ويظل غير واضح إنْ كان آبي أحمد، الذي لم يستجب على الفور لقرار بيت الاتحاد، سيقدم على أيّ خطوات لتنفيذ وعوده.
مع قرب الانتخابات، بعض الرؤساء الأفارقة يحاولون هندسة النتائج([2])
مقال بجريدة نيويورك تايمز كتبته روث ماكلين المعنية بشؤون غرب إفريقيا، يتناول الانتخابات الرئاسية المُزْمَع عقدها فيما لا يقل عن عشر دول إفريقية، وقيام الرؤساء الحاليين بتغيير الدساتير والقواعد المُلْزِمَة لضمان بقائهم في السلطة. وتفتتح المقال بتجربة رئيس غينيا الذي يخوض الانتخابات الرئاسية لفترة ثالثة في 18 أكتوبر 2020م، رغم أن الدستور الغيني يطلب من الرئيس التنحّي عن الحكم بعد نهاية فترتي رئاسة. لكن بسبب التغيير الدستوري الذي بادَر به فإن فترتي الرئاسة السابقتين خرجتا من الحسابات. أما الرئيس في ساحل العاج المجاورة فإنَّه تخلَّص من حساب فترتي الرئاسة السابقتين عبر تعديلات دستورية مشابِهَة. لذلك فإنه سيخوض أيضًا الانتخابات على فترة ثالثة في 31 أكتوبر 2020م.
وبعد 34 عامًا في السلطة، يخطّط الرئيس الأوغندي البالغ من العمر 76 عامًا لخوض إعادة انتخابه في فبراير 2021م، لكن عندها سيغيّر الدستور، وسعى للتدليل على لياقته البدنية للبقاء في المنصب مع إظهار استعراض مشيه المنتظم في بيت الدولة State House؛ مما قاد الكثير من الأوغنديين للنحيب.
وبينما قد يركّز أغلب العالم على التنافس على أعلى منصب في الولايات المتحدة، فإن الانتخابات الرئاسية ستُجْرَى أيضًا في عشر دول إفريقية على الأقل بين دول القارة البالغ عددهم 54 دولة خلال الشهور الخمسة المقبلة. ويريد جميع الرؤساء الحاليون، ما عدا واحدًا فقط منهم، البقاء في المنصب.
وفيما تنحَّى أغلب الرؤساء الأفارقة منذ العام 1990م بعد انتهاء فترات حكمهم؛ فإن عددًا كبيرًا منهم يلوون القواعد الحاكمة الآن لضمان بقائهم في السلطة، وناوَر بعضم بالمحاكم العليا والمفوضيات الانتخابية؛ بينما أقدم آخرون على تغيير الدستور والتضييق على مرشحي المعارضة، أو منعهم من خوض الانتخابات بفرض معايير تأهل صعبة للغاية. لكنَّ دولًا مثل الولايات المتحدة، التي ادعت سابقًا وقوفها ضدّ مَن يُحجِّمُون الديمقراطية، تنكفئ على نفسها على نحوٍ متزايدٍ، ويرى بعض المفكرين السياسيين أن الرؤساء الحاليين يفرُّون بفعلتهم على نحوٍ متزايدٍ.
وتقول إلين جونسون سيرليف Ellen Johnson Sirleaf رئيسة ليبيريا السابقة: إنَّ عددًا كبيرًا من دولنا، أكثر من اللازم، لم تلتزم بالبروتوكولات والقرارات التي وضعناها في مؤسساتنا الإقليمية. بخصوص الديمقراطية. وبخصوص قيود فترات الحكم. وبخصوص نقل السلطة بطريقة منتظمة وسلميَّة. وتأتي هذه التحولات بسبب التغيرات في بيئة الجغرافية السياسية. وكما يرى المؤرخون فإنَّ المستعمرين الأوروبيين ألحقوا الضرر أو دمَّرُوا النُّظُم والتقاليد الإفريقية الخاصة بمحاسبة السلطة القائمة. واعتمدت الحكومات الإفريقية فيما بعد الاستقلال بدلًا من ذلك على نُظُمٍ سياسيَّة مستوردة وأحيانًا غير ملائمة لدولها. ورغم بلوغها سن الستين عامًا تقريبًا لا تزال تلك النُّظُم أصغر سنًّا من الكثير من الرؤساء الحاليين.
وفي مارس 2020م امْتُدِحَ وأُشِيدَ بقرار رئيس كوت ديفوار الحسن واتارا -البالغ من العمر 78 عامًا- بأنَّه سيترك الحكم بمجرد إكمال فترة رئاسته الحالية؛ رغم الحجة بأنه ليس لزامًا عليه أن يُعلن ذلك؛ لأن تغييرًا دستوريًّا ما كان يعني أن ساعة فترته الرئاسية قد أُعِيدَ ضبطها إلى ساعة الصفر. لكنَّ بعد أربعة أشهر تُوفِّي خلفه المختار فجأة، ورأى الرئيس أنه لا يوجد مرشّح يصلح لخلافته.
وكسَلَفَيْهِ؛ فليكس هوفيه-بوانيه Félix Houphouët-Boigny، أول رئيس لساحل العاج بعد استقلالها، والذي خدم “واتارا” تحت إدارته رئيسًا للوزراء، ولوران جباجبو Laurent Gbagbo، الذي أطلقَ رَفْضُهُ مغادرة المنصب في العام 2011م شرارة الحرب الأهلية الدموية الثانية في البلاد في غضون عقدٍ واحدٍ؛ فإن السيد واتارا قرَّر النكوص عن وعده، واصفًا قراره بأنه “تضحية حقيقية”.
وانتشرت الاحتجاجات في أرجاء البلاد. وبعدها تم منع اثنين من المتنافسين في الانتخابات الرئاسية من خوضها؛ وهما: السيد جباجبو الذي شهد آخر أعوام حكمه ارتكاب جرائم ضد الإنسانية حسب المحكمة الجنائية الدولية، وجولم سورو Guillaume Soro، وهو رئيس وزراء سابق وزعيم متمردين يعيش في المنفى، وحُكِمَ عليه بعشرين عامًا في السجن غيابيًّا في أبريل 2020م. ولا يزال هناك أربعة مرشحين، مع عدم تأهل 40 آخرين. ويأتي النمو الاقتصادي لكوت ديفوار في المرتبة الثانية بعد إثيوبيا في إفريقيا، لكنَّ مراقبين محليين يرون أن الرئيس واتارا يضيّع كلّ منجزاته عبر تلمُّس أسباب للبقاء في السلطة.
ويُلاحظ أن المجال الأهلي في غرب إفريقيا آخِذٌ في الانكماش، لذا فإن المواطنين الذين يسعون لمساءلة حكوماتهم يواجهون إجراءات قمعيَّة واعتقالات وأحيانًا القتل؛ وفقًا لتقرير نشرته Civicus العالمية غير الهادفة للربح.
وحدَّد التقرير حالة بعينها في غينيا التي شهدت صدامات أخيرة بسبب الدستور الجديد الذي قدَّمه الرئيس ألفا كوندي Alpha Conde، أول رئيس منتخب ديمقراطيًّا في البلاد، ونجح في المناورة للبقاء في السلطة بفضل الدعم الغربي له. ويلاحظ مراقبون أن الأوروبيين أقل اهتمامًا بالديمقراطية في إفريقيا، ومع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فإن بلاده أصبحت أقل اهتمامًا بمسألة حقوق الإنسان. فيما أصدر وزير الخارجية الأمريكية مايكل بومبيو بيانًا من فقرتين في الأسبوع الماضي بخصوص “الانتخابات المقبلة في إفريقيا”؛ محذرًا فيه من أن القمع والترهيب ليس له مكان في الديمقراطيات. لكنَّ أعدادًا كبيرة من الأفارقة علّقوا على وسائل التواصل الاجتماعي بأن مثل هذا البيان الهزيل والسطحي عن القارة، وليس عن دول محددة، كان دليلًا على تضاؤل اهتمام إدارة الرئيس ترامب الذي أهان الدول الإفريقية بسباب شهير في العام 2018م.
مقاربة اليابان للتنمية الإفريقية: نموذج غانا([3])
مقال تقوم فكرته على تقديم استراتيجية التنمية “القائمة على التكنولوجيا” التي تتبنّاها اليابان خيارًا بديلًا للمساعدات التي تقدّمها الصين. يرى البعض أن المعونات الخارجية والمساعدات التنموية أمران متباينان؛ لأن القروض تفقر أحيانًا الدول بدلًا من دَعْمها للتنمية الاقتصادية، وتُحسِّن في مستويات المعيشة.
على أيّ حالٍ فإن علاقة اليابان مع غانا تُعَدّ برنامج عمل للدول الإفريقية، وبشكلٍ أساسيّ نظرًا لقرار اليابان بوضع أولوية لمجالات بعينها مثل الرعاية الصحية، والتعليم، وقوانين العمل، والميكنة الزراعية. وقد شكَّل مفهوم التنمية “القائمة على التكنولوجيا” أساسًا للعلاقات الغانية اليابانية.
ولم تمنح اليابان فحسب لغانا 11,2 بليون ين ياباني (102 مليون دولار) في شكل قروض لبناء بنية أساسية وتحسين الصلات الاقتصادية معها، بل موَّلت اليابان بنحو 2,3 بليون ين مركزًا للرعاية الصحية؛ لتحسين استجابة غانا لتفشّي الأمراض. ومن بين أمور أخرى، أمَّنَتْ اليابان تدريبًا وتجهيزًا أفضل للعمّال في غانا لتيسير التنمية الاقتصادية، مع رفع كفاءتهم تكنولوجيًّا.
إنَّ غانا، مثل كثير من الدول الإفريقية الأخرى، مستفيدة من القروض الصينية الكبيرة، والتي تكتسب أهميةً كبيرةً لتنميتها على المدى البعيد. على أيّ حال فإنَّ التجارب الأخيرة تُوضّح أن الصين لن تتردّد في توظيف أدوات اقتصادية لتحقيق أهدافها الجيوسياسية.
إنَّ مبادرة الحزام والطريق Belt and Road Initiative (BRI) والممرّ الاقتصادي الصين- باكستان China-Pakistan Economic Corridor، المشروع الأبرز في المبادرة، يعتبران مثالين على رؤية الصين الطموحة لآسيا وإفريقيا وأوروبا. ومن جهة أخرى؛ فإن اليابان اتخذت مقاربة مختلفة لتنمية غانا، بالتأكيد على البنية الأساسية والتكنولوجيا ونقل المهارات.
وأكَّدت وزيرة الشؤون الخارجية والتكامل الإقليمي شيرلي أيوكور بوتشوي Shirley Ayorkor Botchwey، على الدور المهمّ، إن لم يكن الذي لا يمكن الاستغناء عنه، للتكنولوجيا في العلاقات اليابانية الغانية. وباعتبارها واحدةً من أكثر دول العالم تقدمًا في التكنولوجيا؛ فإن اليابان قادرةٌ لوجستيًّا وقادرةٌ تكنولوجيًّا على تيسير الانتقال إلى صناعات تقودها تكنولوجيا معلومات متقدّمة في غانا. فقد برهنت اليابان على أنَّ قدراتها ستُفيد الاقتصاد الغاني، وتقوّي الصلات الاقتصادية، وتُعظّم الفوائض الإيجابية في الاقتصادين الغاني والياباني.
مقاربة اليابان لمعونات التنمية:
إنَّ مقاربة اليابان المتميزة لمعونات التنمية، التي تجمع بين خَفْض الفقر في ظلّ إطار عمل نيوليبرالي مدفوع بالتقنية، ستُمَكِّن عملية التحوُّل الاستراتيجي والاقتصادي لغانا على المدى البعيد.
إنَّ تجاربها كوافد متأخّر وتاريخ التحوّل الصناعيّ الناجح، يمكن أن يوفِّر لغانا فرصة للاستفادة من أفضل الممارسات عبر مجموعة من القطاعات التي تتراوح بين التصنيع، والرعاية الصحية، والبحوث والتطوير، والنقل. ويمكن لتكنولوجيا اليابان أن تُحوّل غانا لقاعدة صناعية نامية يمكنها المنافسة مع المنتجات الصينية، بينما يزيد من نطاق النفوذ الجيوسياسي لغانا، وتكوين سوق جاهزة للمنتجات اليابانية على المدى البعيد.
وتسعى الحكومة اليابانية لتحسين جدوى السوق للتميّز التكنولوجي الياباني فيما تعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة في الفرصة الاقتصادية والقضاء على الجوع.
وعلى نحوٍ مشابهٍ؛ فإنَّ الميكنة الزراعية كانت نقطة ارتكاز للعلاقات بين البلدين. ففي العام 2015م تم إرسال معدات زراعية بقيمة 5,1 مليون دولار من الحكومة اليابانية إلى غانا كمِنَحٍ، بهدف خفض واردات غانا من الأرز، ورفع الإنتاج المحلي لتلبية الطلب. كما أن مقاربة اليابان للمعونات يمكن أن تُرَى كوسيلة لمعالجة اختلال التوازن الهيكليّ في الاقتصاد بما يحقّق أهداف تنموية أوسع نطاقًا، ويُقلّل العجز التجاري لغانا.
ويُنْظَر أحيانًا لمعونات التنمية على أنَّها ذات نتائج عكسية؛ بسبب جنوحها إلى تناول مسائل المساواة الجندرية، وتعزيز مكانة الإناث وسط مواطنين مفلسين تقريبًا. لكن فيما تعالج اليابان مسألتي الرعاية الصحية والتصنيع عبر مبادرات عديدة؛ فإنها كوَّنت أيضًا منصة للمستقبل المستدام للكاكاو؛ بهدف خفض عمالة الأطفال به. وسيضمن ذلك أن صادرات غانا من الكاكاو -التي تمثل نحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي- تُنْتَج على نحوٍ أخلاقيّ.
الجائحة تغذِّي الصراع الطبقي في إفريقيا([4]):
مقال فريد في تناوله آثار جائحة كوفيد-19 على الصراع الطبقي في إفريقيا، لا سيما بعد وصول رقم الوفيات جراء الجائحة في 14 أكتوبر 2020م إلى نحو 39 ألف حالة، فيما فاق عدد الإصابات 1,6 مليون نسمة. ووفقًا للمركز الإفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها Africa Centre for Disease Control and Prevention فإن الدول الأكثر تأثرًا حسب الحالات الإيجابية هي جنوب إفريقيا ومصر والمغرب والجزائر وإثيوبيا ونيجيريا.
مع ملاحظة أنه رغم وجود 17% من سكان العالم في إفريقيا؛ فإنها لم تشهد سوى 3,4% فقط من إجمالي حالات الإصابة بفيروس كورونا في العالم، و2,6% من حلات الوفيات تأثرًا بهذه الإصابة.
وبعد رصد المقال لتداعيات سلبية خطيرة لجائحة كورونا في إفريقيا؛ يشير إلى أن الأثر الاقتصادي للفيروس أسفر عن كارثة اجتماعية للغالبية العظمى من الأفارقة الذين يعملون كعمالة يومية في الاقتصاد غير الرسميّ أو في الأراضي الزراعية، ولا يتحصلون على تعويضات عن البطالة، ويواجهون الفقر أو الجوع. ويتوقع البنك الدولي أن ينكمش النموّ في إفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 5% في العام 2020م مقارنة بـ2,4% في العام 2019م، مما سيقود الإقليم إلى الكساد الأول من نوعه في غضون ربع قرن ويدفع نحو ما يصل إلى 40 مليون إفريقي نحو الفقر المدقع، مما يجعل إفريقيا بؤرة للفقر المدقع في العالم.
إنَّ الفجوة بين الأغنياء والفقراء -وهي الأعلى في إفريقيا مقارنة ببقية أقاليم العالم، باستثناء أمريكا اللاتينية- سوف تتّسع وسط ظروف الفقر الشديد ونموّ التفاوت الاجتماعي. ووفقًا لمنظمة أوكسفام Oxfam الخيرية بالمملكة المتحدة فإن أغنى 0,0001% من سكان إفريقيا يملكون 40% من ثروة القارة كلها، بينما أغنى ثلاثة مليارديرات يملكون ثروة تفوق 50% من ثروة سكان القارة البالغ عددهم 1,2 بليون نسمة.
وأظهرت الطبقة العاملة سخطها إزاء الأوضاع المتردية في موجة متصاعدة من التطرّف السياسي تصاعدت منذ بدء الجائحة. وفي الشهور الأخيرة انتشرت احتجاجات واضرابات في العديد من الدول الإفريقية آخرها في نيجيريا حاليًا؛ حيث تستمر المظاهرات في أسبوعها الثاني ضد عنف الشرطة رغم قرار الحكومة إلغاء وحدة مكافحة السرقة الخاصة Special Anti-Robbery Squad (SARS)؛ وهي وحدة خاصة بالشرطة أثارت سخط المواطنين؛ بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وارتكابها عمليات قتل للمواطنين.
ويرى كاتب المقال -في رؤية بالغة التطرُّف- أن جميع الحكومات الإفريقية متَّحدة في صراعها ضد الطبقة العاملة، وتنشر الأكاذيب وتشتت مواجهة تداعيات الجائحة، فيما تجبر العمال على العمل في أماكن عمل موبوءة لدَرّ الأرباح وضمان امتيازات النخبة الرأسمالية الفاسدة.
[1] Andrew Green, Could a Deepening Regional Dispute Tear Ethiopia Apart? World Politics Review, October 9, 2020 https://www.worldpoliticsreview.com/trend-lines/29121/could-a-deepening-regional-dispute-tear-ethiopia-apart
[2] Ruth Maclean, With Elections Ahead, Some African Presidents Try Engineering Results, The New York Times, October 11, 2020 https://www.nytimes.com/2020/10/11/world/africa/elections-africa.html
[3] Henri Kouam and Sarmad Ishfaq, Japan’s Approach to Ghana Is a Blueprint for African Development, the Diplomat, October 14, 2020 https://thediplomat.com/2020/10/japans-approach-to-ghana-is-a-blueprint-for-african-development/
[4] Jean Shaoul, Pandemic fuels class struggle across Africa, World Socialist Web Site, October 15, 2020 https://www.wsws.org/en/articles/2020/10/15/afri-o15.html