د. محمد عبدالكريم أحمد
باحث بمعهد الدراسات المستقبلية – بيروت
يحاول هذا التقرير تقديم رؤية لموضوعات متنوعة حول القارة الإفريقية في الصحافة العالمية؛ بغرض رَصْد أهمّ ملامح القضايا الجارية في القارة عبر قراءة منتقاة قدر الإمكان.
تقرير أُممي يعزّز نظرية إسقاط طائرة همرشولد([1])
توصَّل قاضٍ بارز يحقّق في السقوط الغامض لطائرة داج همرشولد الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة في العام 1961م في جنوبي إفريقيا إلى أن الطائرة قد تكون تعرَّضت لهجوم، وأن أربع دول (بريطانيا، روسيا، جنوب إفريقيا، والولايات المتحدة) قد حجبت معلومات ربما كانت ستحلّ اللغز بشكل حاسم.
وقد أصدر القاضي محمد كاندي عثمان، رئيس قضاة تنزانيا سابقًا، خلاصاته في تقرير يقع في 95 صفحة تم نشره الاثنين 7 أكتوبر على موقع الأمم المتحدة، وجاء بعد ثلاثة أعوام من العمل.
وكان همرشولد -وهو دبلوماسي سويدي يُعْتَبَر أحد أنجح أمناء الأمم المتحدة- قد قُتِلَ وهو في السادسة والخمسين من عمره أثناء قيامه بمهمة لتسوية حرب انفصالية في دولة الكونغو التي كانت حديثة الاستقلال حينذاك.
وقد سقطت طائرته من طراز DC-6 بعد منتصف الليل يوم 18 سبتمبر 1961م قبيل لحظات من هبوطها في ندولا Ndola (مدينة بمحمية روديسيا الشمالية، زامبيا الحالية). وقُتِلَ في الحادث 15 شخصًا بمن فيهم همرشولد وفريقه وطاقم الطائرة. ومات الناجي الوحيد، وهو ضابط أمن أمريكي اسمه هارولد جولين، متأثرًا بجراحه بعد ستة أيام من الحادث.
وفي تقريره النهائي كتب القاضي عثمان: إن فرضية الهجوم “تظل مقبولة”. وكان السيد عثمان قد طلب في العام الماضي من 14 دولة أن تُعيِّن كلٌّ منها مسؤولاً رسميًّا لمراجعة الأرشيفات المخابراتية والأمنية والدفاعية لاستخراج المعلومات المتعلقة بهذه الكارثة. وكتب في تقريره الجديد: إن تفاعلاته مع هذه الدول والأفراد الذين عيَّنتهم كانت “ناجحة بشكل كبير”. لكنَّه أكَّد أن دولاً معينة -لا سيما الولايات المتحدة، بريطانيا، جنوب إفريقيا، وروسيا- لا يزال عليها عمل يجب عليها أن تؤديه لضمان القيام ببحوث شاملة بدرجة كافية من الشفافية”، خاصة أن تعاونهم -كما يرى القاضي- ذو أهمية خاصة؛ لأن هذه الدول “تملك بالتأكيد معلومات مهمة لم يتم الإفصاح عنها” ستسهم في معرفة سبب السقوط؛ وهل هو خطأ من الطيار؟ أم هناك نوع من التدخل الخارجي؟”
كما أكَّد أن جنوب إفريقيا تجاهلت طلباته المتكررة بالحصول على معلومات بخصوص المرتزقة الموالين لنظام الأبارتهيد الذين ربما يكونون متورطين في الحادث، وهي نظرية حظيت بقَدْرٍ من المصداقية في فيلم وثائقي صدر العام الجاري بعنوان “Cold Case Hammarskjold”.
ورحَّب متخصِّصون في قضية مقتل همرشولد بنتائج التقرير. وكذا بالمساعدة الخاصة التي وفَّرتها له زيمبابوي، والتي احتوت تفاصيل جديدة حول السيد جولين.
وتضمنت وثيقة ذكر فيها لأطبائه أنه كان هناك انفجار خارج الطائرة، تلته انفجارات صغيرة اضطرت الطائرة للهبوط، وأنه فرَّ عبر إلقاء نفسه بسترة نجاة. وهي المعلومات التي كان قد حظرها مسؤولو روديسيا الجنوبية (زيمبابوي سابقًا، والتي كان لها دور محوري في إدارة المستعمرات البريطانية في وسط إفريقيا)، وأكد متخصصون أن ذلك يشير إلى أن السلطات الروديسية قد حاولت غلق الباب أمام أية تكهنات قد تُمهِّد لتدخُّل خارجي محتمل، كما يشير إلى أن السيد جولين ربما قال المزيد عن اللحظات الأخيرة للحادث أكثر مما هو متاح حاليًا.
قمة إفريقيا الروسية أحدث خطوات موسكو لإحياء وجودها كقوة عالمية في القارة([2])
وقَّعت روسيا منذ العام 2015م اتفاقات عسكرية مع 21 دولة إفريقية، وارتفعت تجارتها مع القارة الإفريقية خلال العقد الفائت ارتفاعًا كبيرًا؛ حيث بلغت في العام 2018م نحو 20.4 بليون دولار أمريكي مقابل 5.7 بليون دولار في العام 2009م. وزاد من توجُّه روسيا نحو إفريقيا حاجتها إلى شركاء دبلوماسيين وأسواق للسلاح والسلع الروسية بعد فرض العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا بعد ضمّها لشبه جزيرة القرم؛ وقاد هذا التوجه الروسي إلى قَلَق متنامٍ خاصة في واشنطن وباريس.
ورأت الدبلوماسية الأمريكية أن روسيا تعزّز علاقاتها السياسية والاقتصادية في القارَّة دون اكتراثٍ يُذْكَر بحكم القانون أو الحوكمة الشفافة والقابلة للمحاسبة، وأنها تُواصِل –حسب مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون في ديسمبر 2018م- بيع الأسلحة والطاقة مقابل الأصوات في الأمم المتحدة، والتي تبقى “الرجل القوي” في السلطة، وتُحَجِّم السِّلْم والأمن، وتسير ضد مصالح الشعوب الإفريقية. وفيما ينتظر عقد القمة الروسية الإفريقية الأولى في 23-24 أكتوبر الجاري في سوشي بحضور (50) خمسون رئيسًا إفريقيًّا وُجِّهت لهم الدعوة بالفعل، فإن مخاوف الدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين تتزايد من تهديدات المقاربة الروسية تجاه إفريقيا وانعكاساتها على قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وتأتي القمة التي يترأسها فلاديمير بوتين تتويجًا لخمسة أعوام من العمل المكثّف على الأصعدة الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية، والتطلع لإكساب عودة روسيا لإفريقيا شكلاً رسميًّا كقوة عالمية مهيمنة في إفريقيا.
وتتبع في ذلك مقاربة مشابهة للمقاربة الصينية، التي حقَّقت نجاحًا كبيرًا يتمثل في حجم التمثيل الإفريقي في منتدى الصين- إفريقيا للتعاون الذي أصبح مؤثرًا كمصدر للدعم الاقتصادي للدول الإفريقية، وحضره في العام الماضي ضعف عدد الرؤساء الأفارقة الذين يحضرون الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولا شك أن روسيا تأمل في تحقيق نجاحٍ يشبه النجاح الصيني، وتتطلع روسيا لعقد مزيد من الصفقات العسكرية، بما فيها الاتفاق الأخير الموقَّع مع نيجيريا لمواجهة بوكو حرام، بالإضافة إلى عقود البترول والغاز والتعدين مع دول مثل مدغشقر، وموزمبيق، وزيمبابوي، والسودان وجنوب السودان. وعندما تصل القمة الروسية الإفريقية لنهايتها تكون روسيا قد وصلت لذروة نفوذها في القارة منذ سقوط الاتحاد السوفييتي في وقتٍ تتراجع فيه الولايات المتحدة عن الساحة الدولية، وتفشل في صياغة استراتيجية متماسكة تتجاوز التوسع العسكري.
لكنَّ نظرةً أقرب على أنشطة روسيا في إفريقيا تُظْهِر أن أهدافها واستراتيجيتها وتكتيكاتها في إفريقيا لا تختلف عن تلك التي تنتهجها الولايات المتحدة والصين وفرنسا. ويرى بعض الخبراء أن الوجود الروسي سيعني مزيدًا من تدفقات الأسلحة وتدويرها، ودعمًا أكبر للنظم العسكرية، وانتهاكات أكثر انتشارًا لحقوق الإنسان، وهي ظواهر ساهمت فيها القوى الغربية؛ وإن على نطاق أكبر. ولا يزال الوجود الروسي في القارة هامشيًّا عند مقارنته بوجود القوى الكبرى الأخرى، ولا يهدد في الوقت الراهن أيًّا من المصالح الجوهرية لتلك القوى في القارة الإفريقية.
ويتمثّل أحد أهم الانتقادات الموجهة للوجود الروسي في إفريقيا في استخدامه وحدات عسكرية سرية لتعزيز مواقف بعض القادة الأفارقة، ومعظم هذه الوحدات متصلة بواجنر جروب Wagner Group، وهي منظمة شبه عسكرية وثيقة الصلة بالكرملين، ووردت تقارير بوجود وحدات لها على الأرض في جمهورية إفريقيا الوسطى، والسودان وليبيا. وهو أمرٌ تقوم الولايات المتحدة به؛ حيث يوظّف الجيش الأمريكي باستمرار عناصر من المرتزقة مع حكومات حليفة أو عميلة كما مجموعة بانكروفت Bancroft Group التي تعمل في الصومال منذ العام 2011م. ورغم أن القانون الفرنسي يحظر شركات الأمن الخاصة فإن ظاهرة عمل جنود فرنسيين سابقين مع مجموعات المرتزقة الأمريكية والبريطانية أمرٌ متكرِّر.
ورغم توقيع روسيا اتفاقات عسكرية مع نحو 20 دولة إفريقية؛ فإن وجودها الفعلي على الأرض لا يزال هامشيًّا نسبيًّا مقارنة بالوجود الفرنسي أو الأمريكي. إذ يملك الجيش الأمريكي “مواقع أمامية” في 34 دولة إفريقية، ونحو 33 بعثة نشيطة في العام 2017م، وتشمل قوات خاصة تخوض حروبًا سرية في ليبيا والصومال وتونس والنيجر، دون أيّ قَدْر يُذْكَر مِن مساءلة الكونجرس الأمريكي أو الرأي العام الأمريكي. كما تعمل قوات فرنسية خاصة على الأرض في ليبيا ومالي وبوركينا فاسو وتشاد وغيرها، كما تملك شبكة عسكرية موسعة في دول إفريقيا الناطقة بالفرنسية، ولها وجود في جميع المطارات الكبرى بها.
وبالنسبة لروسيا فإن أغلب تدخلها يتركز في جمهورية إفريقيا الوسطى؛ حيث يقوم جنود مجموعة واجنر بتدريب جيش الجمهورية، وتوفير الأمن لرئيسها، والإشراف على عمليات تعدين الذهب والماس، مع ملاحظة أن روسيا تمكَّنت من استعراض عضلاتها في شؤون المستعمرة الفرنسية السابقة عقب اتهامات باغتصاب الأطفال والانتهاكات الجنسية ضد الجنود الفرنسيين، وفشل قوات حفظ السلام الأممية في حماية المدنيين.
وإجمالاً فإنَّ لروسيا، كما الولايات المتحدة والصين وفرنسا، مصالحها في إفريقيا، وهي مستعدَّة لاستخدام وسائل غير ديمقراطية لتحقيقها. ويرجع الأمر للدول الإفريقية في استغلال المنافسة الاقتصادية المتصاعدة التي أتى بها الوجود الروسي.
أكبر الشركات الإفريقية للعام 2019م([3])
تناولت مجلة Global Finance قائمة بأكبر الشركات الإفريقية في العام 2019م اقتسمتها كلٌّ من مصر وجنوب إفريقيا بنصيب ست شركات لكلٍّ منهما. وجاءت على قمة هذه القائمة: شركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع العامة (التابعة للشركة القابضة للنقل البحري والبري) كأفضل شركة في إفريقيا للعام الثاني على التوالي؛ بفضل تحسُّن هوامش الربح والأصول المتصاعدة.
وقد تراجعت مكانة جنوب إفريقيا في القائمة مقارنة بالعامين 2017 و2018م عندما شاركت في القائمة بتسع شركات، و14 شركة. ورأى محللون أن الصورة غير إيجابية للغاية في جنوب إفريقيا؛ بسبب النمو الضعيف ومعدلات البطالة المرتفعة (29%)، وتراجع الإنتاج في قطاع التعدين والتصنيع.
ومع توقّع معدل نمو قدره 0.6% للعام 2019م؛ فإن الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا على وشك تطبيق إصلاحات كبيرة وسط توتر اجتماعي متصاعد تشمل الحاجة إلى خفض العجز المالي، وكبح الزيادة الحالية في الدَّيْن العام. أما اقتصاد مصر، حسب تقرير جلوبال فاينانس، فإنه يستجمع قوته على خلفية إجراءات التقشف المطبَّقة خلال الأعوام القليلة الماضية.
ويُتوقع للاقتصاد المصري أن ينمو بنسبة 5.5% هذا العام مقارنة بنسبة 5.3% في العام 2018م وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي، بينما يُتوقع تراجع التضخم من 20.8% في العام 2018 إلى 14.5% العام الحالي. وبالرغم من هذه التطورات الإيجابية فإن مصر لا تزال بحاجة إلى تطبيق إصلاحات هيكلية لتحسين بيئة الأعمال والوصول للأراضي والتمويل، وتقوية المنافسة.
وخارج جنوب إفريقيا ومصر، هناك كينيا وكوت ديفوار وإثيوبيا التي احتلت شركاتها مراكز أخرى في القائمة.
إفريقيا: التكنولوجيا في خدمة نقل الأمصال الجديدة([4])
أفردت “وول ستريت جورنال” تقريرًا عن جهود الدول الإفريقية لمزيد من الاعتماد على التقنيات المتطورة لنقل الأمصال إلى المناطق النائية، كما في حالة دول مالاوي وغانا وكينيا؛ حيث توحدت جهود العاملين في قطاع الصحة، وشركات التقنية حديثة النشأة، وشركة United Parcel Service Inc الدولية العملاقة العاملة في مجال توصيل الطرود والشحن؛ من أجل ضمان حصول أطفال هذه الدول الثلاث على الجرعات الأربعة الضرورية من مصل الملاريا.
كما دخلت الحكومة الغانية في محادثات مع شركة Zipline Inc العاملة في مجال نقل اللوجستيات، ومقرّها سان فرنسيسكو؛ للبدء في توصيل مصل الملاريا إلى مواقع نائية عبر الطائرات المسيرة، وهي خدمة تقدّمها بالفعل لمنتجات أخرى. ويتطلب مصل الملاريا، الذي طوَّرته شركة جلاكسو سميث كلاين العملاقة، أربع جرعات بامتداد 18 شهرًا؛ مما يجعل هذا المصل الأكثر تعقيدًا بروتوكوليًّا في الدول النامية، حسب تصريحات لخبراء في قطاع الصحة العامة. وفي حال النجاح في إدارة تقديم المصل للأطفال؛ فإنه سيمثل خطوة كبيرة للغاية باتجاه القضاء على مرض الملاريا الذي يقتل قرابة نصف مليون إنسان أغلبهم من الأطفال ممن يعيشون في إفريقيا.
ولاحَظ خبراء تحسُّن كفاءة شركات الأمصال الوطنية في إفريقيا بفضل جافي Gavi، وهي شراكة عامة- خاصة دولية تعمل مع شركاء؛ مثل اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية لشراء الأمصال بتكلفة منخفضة من شركات الأدوية، ثم توزيعها على الدول الفقيرة.
ونجحت عملية تطعيم نحو 66 مليون طفل في العام 2018م بفضل دعم “جافي”. لكنَّ هناك ما يقدّر بـ 19.4 مليون رضيع تحت سنّ عام واحد لم يتلقوا التحصينات المنتظمة في العام الماضي، بمن فيهم أعداد كبيرة في دول مثل نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية؛ وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
هل تفوز إفريقيا بأوسكار أفضل فيلم أجنبي؟([5])
يشهد العام الجاري خوض 10 أفلام افريقية سباق جائزة أوسكار الشهيرة فئة أفضل فيلم أجنبي للمرة الأولى منذ أول مشاركة إفريقية في هذه المسابقة في العام 1958م.
وقد أعلنت الأكاديمية تقديم 93 دولة لترشيحاتها من الأفلام للدورة 92. لكنَّ النقاد يترقبون الأفلام التي ستحقّق اختراقًا، وتصل إلى القائمة القصيرة التي تضم خمسة أفلام فقط. ومن بين الأفلام الإفريقية العشرة ترتفع حظوظ الفيلم السنغالي Atlantics للمخرجة من أصل سنغالي ماتي ديوب Mati Diop التي نالت الجائزة الكبرى بمهرجان “كان” للعام الحالي (جائزة لجنة التحكيم)، ونالت بعدها (12 أكتوبر الجاري) جائزة العمل الأول بالدورة 63 لمهرجان لندن السينمائي.
وكان آخر فيلم إفريقي نال الجائزة الأمريكية (الأوسكار) الفيلم الجنوب إفريقي “تسوتسي” Tsotsi لجافين هود Gavin Hood في العام 2006م، وهو ثالث الأفلام الإفريقية الفائزة بالجائزة بعد الجزائري “زد” Z للمخرج كوستا-غافراس في العام 1969م، والإيفواري “أبيض وأسود بالألوان Black and White in Color الذي أخرجه جان-جاك أنوو Jean-Jacques Annaud في العام 1976م. بينما كان فيلم تمبكتو للمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو آخر فيلم إفريقي يصل لقائمة الترشيحات القصيرة في الدورة 87 للعام 2014م.
وتتَّسق الزيادة التدريجية في أعداد الأفلام الإفريقية في الترشيحات الأولية مع الرواية الغربية عن “إفريقيا الصاعدة”، لكن ذلك لا يسرد إلا جزءًا من القصة. فتاريخ السينما في إفريقيا معقَّد للغاية، وهو تاريخ لم يحرّر نفسه تمامًا من الفخاخ الاستعمارية. إذ تُموّل أغلب الأفلام الإفريقية التي تنافس في الساحة الدولية مِن قِبَل شركات أوروبية؛ وتحظى الأفلام الإفريقية بمساعدة من جهود مختلفة لا سيما “مشروع السينما العالمي” World Cinema Project الذي دشَّنه المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي، وهو المشروع الذي دخل في شراكة مع اتحاد صناع الأفلام الأفارقة Pan African Federation of Filmmakers لتكوين مشروع تراث الفيلم الإفريقي الذي يستهدف استعادة وترميم وحفظ خمسين فيلمًا من كلاسيكيات السينما الإفريقية، وإتاحتها للجمهور في مختلف أنحاء العالم.
تصاعد تأميم قطاع التعدين في إفريقيا([6])
أثار قرار سيراليون في الأسبوع الماضي إلغاء ترخيص لتعدين خام الحديد مخاوف جهات دولية من تجدد تأميم الموارد، خاصة المعدنية في أنحاء القارة الإفريقية. ويُعتبر قرار سيراليون الأخير في سلسلة نزاعات بين الحكومات الإفريقية وشركات التعدين التي تستثمر في خام الحديد والنحاس والذهب والماس.
وأعلنت مجموعة جيرالد Gerald Group عن صدور قرار إلغاء رخصتها بأثر فوري مِن قِبَل الحكومة، وأنها ستطالب بتعويضات قدرها 500 مليون دولار.
كما تسعى حكومات إفريقية أخرى لتصحيح ما يراه البعض اختلالات تاريخية لصالح الشركات الأجنبية منذ الاستعمار، ومراجعة العقود الموقَّعة في مراحل مبكرة من دورات اقتصادية معينة، بالتزامن مع عودة الأسعار لمستوياتها الطبيعية منذ نهاية الازدهار الاقتصادي الذي خلقه الطلب الصيني على المعادن في العام 2015م، مع تزايد استخدام المعادن بما فيها الكوبالت والنحاس في تقنيات الطاقة المتجددة، مثل البطاريات وتوربينات الرياح.
وجاء قرار حكومة سيراليون في ضوء استمرار تقييم الشركة للطن المتري من الحديد الخام بقيمة 94.5 دولار في حين أنه ارتفع في الأسواق العالمية مطلع العام الجاري وتجاوز 125 دولارًا.
وعلى صعيد مُشَابِه؛ تعهَّد الرئيس التنزاني جون ماجوفولي J. Magufuli بتأمين حصة أكبر من ثروات بلاده المعدنية، وطالب شركة Acacia Mining المُدْرَجَة في بورصة لندن بفاتورة كبيرة للضرائب التي لم تدفعها لحكومة بلاده، ومنع الشركة من تصدير خام الذهب. كما حاولت زامبيا مؤخرًا الاستيلاء على شركة Konkola Copper Mines التابعة لشركة Vedanta Resources الهندية.
لكنَّ بعض المحللين يرون أنه رغم أن تأميم الموارد لا يكتسب أرضًا متزايدة بانتظام في القارة الإفريقية، كما هو الحال في ليبيريا وجنوب إفريقيا التي أظهرت علامات على كونها أقل تغيرًا تجاه شركات التعدين؛ فإن الحكومات المنتخبة حديثًا تسعى دائمًا لتسجيل نقاط سياسية بإعادة التفاوض على اتفاقات تم التوصل لها مِن قِبَل الحكومات السابقة.
[1] Rick Gladstone and Mike Ives, U.N. Report Bolsters Theory That Hammarskjold Plane Was Downed, the New York Times, October 8, 2019 https://www.nytimes.com/2019/10/08/world/africa/dag-hammarskjold.html
[2] Joe Penney, Russia’s Africa summit is the latest step in its resurgence as a global power on the continent, Quartz Africa, October 11, 2019 https://qz.com/africa/1726464/russia-africa-summit-marks-growing-influence-with-presidents/
[3] Aleksandara Snesareva, Africa’s Top Companies, Global Finance, October 12, 2019 https://www.gfmag.com/magazine/october-2019/africas-top-companies
[4] Alexandra Wexler, Dose of Speed: African Nations Use High-Tech Methods to Move New Vaccines, the Wall Street Journal, October 12, 2019 https://www.wsj.com/articles/dose-of-speed-african-nations-use-high-tech-methods-to-move-new-vaccines-11570885200
[5] Tambay Obenson, Africa Has More Oscar Submissions Than Ever, but When Will They Be Nominated? IndieWire, October 12, 2019 https://www.indiewire.com/2019/10/oscars-africa-1202180640/
[6] Henry Sanderson, Harry Dempsey and Neil Munshi, Mining Nationalism Rises in Africa, OZY Media, October 13, 2019 https://www.ozy.com/fast-forward/mining-nationalism-rises-in-africa/219855/