ثمة تحولات جوهرية يشهدها الداخل الإثيوبي، وتعكسها التطورات الراهنة بما فيها من تغير للديناميات السياسية في إقليم تيجراي عقب إعلان الحكومة الفيدرالية وقف إطلاق النار من جانب واحد في 28 يونيو 2021م؛ بناء على طلب الإدارة المؤقتة في الإقليم قُبَيْل انسحابها هي الأخرى من الإقليم إلى أديس أبابا، وتزامنًا مع سيطرة قوات دفاع تيجراي على العاصمة ميكيلي والمدن الرئيسية في الإقليم، وذلك عقب طردها للقوات الحكومية الإثيوبية من معظم أجزاء الإقليم، وتراجع القوات الإريترية إلى قرب الحدود المشتركة مع إقليم تيجراي.
وهو ما يفتح المجال أمام العديد من السيناريوهات المحتملة حول مستقبل هذا الصراع القائم، وحول مستقبل العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وإقليم تيجراي، وانعكاس ذلك على مستقبل الدولة الإثيوبية، وارتباط ذلك بمستقبل الأمن الإقليمي في منطقة القرن الإفريقي ككل.
أولًا: ملامح المشهد العملياتي الراهن
جاء تصريح غتاتشيو رضا، المتحدث باسم إدارة إقليم تيجراي، باستعادة السيطرة على العاصمة ميكيلي ومعظم المدن والطرق الرئيسية بما فيها مدن شاير وأكسوم وعدوة وأديغرات، ليعكس إصرار جبهة تحرير تيجراي على إحكام سيادتها على كامل أراضي الإقليم، ونيتها غزو إقليم أمهرة والداخل الإريتري إذا لزم الأمر؛ خاصة أن منطقة غرب تيجراي لا تزال تحت سيطرة قومية أمهرة. بينما تتمركز القوات الإريترية في شمال تيجراي بدلًا من الانسحاب للداخل الإريتري.
وهو ما أثار بعض التخوُّفات لدى الجانب الإريتري. في حين هددت إدارة إقليم أمهرة قوات دفاع تيجراي من محاولة غزو أراضيها، وأعلنت استعدادها للوصول حتى العاصمة ميكيلي في أقل من ثلاثة أسابيع، بعدما رفضت الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها خلال الشهور الماضية في جنوب وغرب وشمال غرب تيجراي.
ويمثل هذا التطور تحولًا دراماتيكيًّا في أزمة تيجراي منذ اندلاع الحرب الإثيوبية ضد الإقليم في 4 نوفمبر 2020م، وإعلان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الانتصار وتحقيق الأهداف المرجوة في 28 من نفس الشهر. بالرغم من إدراك بعض قادة تيجراي أن قرار حكومة أديس أبابا الخاص بوقف إطلاق النار ما هو إلا حيلة إثيوبية لإعادة ترتيب الأوضاع وتجميع الصفوف والعودة مجددًا للقتال في تيجراي.
ويدلل على هذا الطرح تهديد بعض الضباط العسكريين في الجيش الإثيوبي بعودة القوات الحكومية إلى الإقليم، وإن كان انسحاب القوات قد جاء بعد تحقيق أهداف العملية العسكرية هناك، ولكون الإقليم لم يَعُدْ مركز الثقل الذي يستطيع تهديد الحكومة الفيدرالية -حسب تصريحات المسؤولين العسكريين-؛ مما يعني أن آبي أحمد قد استطاع تدمير البنية التحتية والقدرات الاقتصادية والعسكرية للإقليم، وإن يبدو ذلك موضع شك في ضوء قدرة قوات دفاع تيجراي على شنّ هجمات ضد القوات الإثيوبية طوال الشهور الماضية انتهاءً بطردها لها من تيجراي.
ويتّسم المشهد الأمني في إقليم تيجراي بحالة من الاضطراب النسبيّ في ضوء استمرار القتال في بعض المناطق بين قوات الإقليم والقوات الفيدرالية والإريترية، والمواجهات العسكرية بين قوات دفاع تيجراي وميلشيات إقليم أمهرة في سبيل استعادة السيادة على المناطق التي سيطرت عليها الأخيرة. فقد دارت بعض المعارك في منطقة Amentila بالقرب من منطقة عفار بين القوات الفيدرالية وقوات تيجراي أثناء فرار الأولى من العاصمة ميكيلي؛ إذ شارك لواءان من الفرقة 12 بالجيش الإثيوبي في هذه المعارك، وتعرضت القوات إلى الهجوم بعد رفضهم للاستسلام، كما استولت قوات تيجراي على بعض المعدات العسكرية واحتجزت أكثر من 200 جندي إثيوبي. واندلع القتال في مناطق أخرى مثل “عدي دايرو” وشمال “شاير” الواقعة في شمال غرب تيجراي بين مدينتي “عدوة” و”أديغرات” وفي جنوب تيجراي أيضًا.
بينما شهدت منطقة endabaguna قتالًا بين قوات دفاع تيجراي وميلشيات أمهرة؛ حيث تتحرك الأولى تجاه المنطقة الغربية من تيجراي، وهو ما يعني أن ثمة قتالًا قد ينشب بين الطرفين للسيطرة على تلك المناطق، خاصة أن تلك الميلشيات قد تورطت في عمليات نهب للممتلكات الخاصة من بلدة “ألاماتا” في جنوب تيجراي، وسرقة للمتاجر ومراكز السوق ومواد البناء ونقلها إلى بلدة “كوبو” داخل إقليم أمهرة.
وفي مؤشّر على خشية الحكومة المركزية الإثيوبية؛ أعلنت السلطات الإثيوبية عدم السماح للطيران بالتحليق تحت 29 ألف قدم فوق تيجراي، خوفًا من استهدافها مِن قِبَل قوات دفاع تيجراي خاصة بعد استعادة السيطرة على البطاريات المضادة للطائرات في أنحاء الإقليم.
وقد انعكس تطور المشهد العملياتي في إقليم تيجراي منذ اندلاع الحرب قبل ثمانية أشهر على تدهور الأوضاع الإنسانية في الإقليم، فقد تسبَّبت في نزوح أكثر من مليوني شخص، ولجوء أكثر من 60 ألف شخص إلى بلدان الجوار الإقليمي، وتقدر الأمم المتحدة أن حوالي 350 ألف شخص يواجهون خطر المجاعة في الإقليم، بما في ذلك نحو 30 ألف طفل يعانون من سوء التغذية.
كما يعاني الإقليم من انهيار الخدمات الأساسية مثل انقطاع الكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية والإنترنت، فضلًا عن نقص الوقود والنقود. بينما تم تدمير جسرين على نهر تيكيزي وهما حلقة وصل لربط منطقة غرب تيجراي بالإقليم، الأمر الذي يعني تعذر وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من شعب تيجراي، مما يُشكِّل تفاقمًا للأزمات الإنسانية في المنطقة. يأتي ذلك في ضوء الانتقادات والاتهامات التي توجهها بعض المنظمات الدولية والإقليمية للحكومة الإثيوبية بالتورط في انتهاكات حقوق الإنسان في إقليم تيجراي، وهو ما أبرزته بعض التقارير الدولية، ففي 10 يونيو 2021م أفاد “مارك لوكوك”، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في تيجراي، بأنَّ الأمم المتحدة قد قامت بتوثيق أكثر من 130 حالة من الانتهاكات الخاصة بوصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة في إقليم تيجراي، بواقع 50 حالة تورط فيها جنود إريتريين، و54 حالة تتعلق بجنود إثيوبيين، و21 حالة تتعلق بميلشيات أمهرة، و4 حالات تتعلق بجنود إثيوبيين وإريتريين، وحالة واحدة تتعلق بجنود قوات دفاع تيجراي.
ويشير المشهد العملياتي في منطقة تيجراي إلى مزيج من التفاؤل الحذر بعد انسحاب القوات الإثيوبية من الإقليم، والتخوف من انتكاسة لقرار وقف إطلاق النار في ظل بقاء القوات الإريترية في بعض مناطق الإقليم وتمركز ميلشيات أمهرة في غرب تيجراي. الأمر الذي قد يلقي بظلاله على احتمالية تجدُّد القتال في تيجراي خلال المرحلة المقبلة، مما ينعكس سلبًا على مستقبل الدولة الإثيوبية التي تشهد سياقًا راهنًا مضطربًا على الصعيدين السياسي والأمني في ظل الاستعداد لنتائج الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 21 يونيو الماضي وسط انتقادات من جانب المعارضة السياسية في البلاد إزاء سياسات آبي أحمد في البلاد منذ صعوده للسلطة في أبريل 2018م.
ويتأزم السياق السياسي الإثيوبي أيضًا بعد إعلان “جبهة تحرير أورومو” و”مؤتمر أورومو الفيدرالي”، وهما حزبا المعارضة في الإقليم، عن إدارة انتقالية جديدة في إقليم أوروميا خاصة بعد رفضهما للانتخابات الأخيرة في البلاد، فضلًا عن تهديد جبهة تحرير مورو الإسلامية بالانفصال عن الدولة الإثيوبية.
ثانيًا- أسباب هزيمة القوات الإثيوبية في تيجراي
برغم تبرير آبي أحمد إطلاق العملية العسكرية ضد إقليم تيجراي في 4 نوفمبر 2020م بهدف القضاء على جبهة تحرير تيجراي وتنصيب إدارة إقليمية موالية للحكومة الفيدرالية في المنطقة، والتي أرجع أسبابها إلى هجوم قوات الإقليم ضد المنطقة الشمالية العسكرية للجيش الإثيوبي الواقعة في شمال تيجراي، وهي أسباب ظاهرية لإخفاء الأهداف الحقيقية لإصراره على استمرار الحرب الإثيوبية ضد الإقليم ضاربًا بعرض الحائط جميع النداءات الدولية بإنهائها، ووصولًا إلى إعلانه الانتصار في تلك الحرب بعد مرور 24 يومًا على انطلاقها.
وبالرغم من وجود العديد من التقارير التي تفيد باستمرار مقاومة قوات دفاع تيجراي للقوات الإثيوبية، ليأتي انسحاب القوات الإثيوبية من إقليم تيجراي في 28 يونيو الجاري ليدحض ادعاءات الحكومة الإثيوبية بتحقيق الانتصار في هذه الحرب، بالرغم من تأكيد رئيس الوزراء الإثيوبي على تحقيق العملية العسكرية لأهدافها بتقليص قدرات تيجراي الاقتصادية والعسكرية مما يمنعها من تهديد أمن إثيوبيا، في ضوء اتهامه لجبهة تحرير تيجراي بوضع استراتيجية لحرب طويلة الأمد تستهدف إضعاف إثيوبيا.
ومع التحول النوعي الذي طرأ على المشهدين السياسي والأمني في إقليم تيجراي بهزيمة القوات الإثيوبية على يد قوات دفاع تيجراي وانسحابها من معظم أجزاء الإقليم، يبدو من الضروري معرفة أبرز الأسباب التي أسهمت في هزيمة قوات آبي أحمد على يد جبهة تحرير تيجراي، والتي تتمثل أبرزها في:
1- نجاح تكتيك حرب العصابات:
فقد خالفت قوات دفاع تيجراي كافة التنبؤات بإمكانية تفككها بعد الهجوم الإثيوبي الإريتري عليها، واستطاعت إعادة ترتيب صفوفها مجددًا واستقطاب عناصر جديدة لصفوفها، ونجحت في شن العديد من العمليات العسكرية ضد القوات الإثيوبية على مدار الشهور الثمانية الماضية، وفقًا لتكتيك “حرب العصابات” الذي منحها الأفضلية؛ نظرًا لخبرتها الكبيرة بجغرافيا الإقليم، الأمر الذي مَكَّنها من هزيمة التحالف الثلاثي ضدها، والذي يضم إلى جانب القوات الفيدرالية الإثيوبية، القوات الإريترية وميلشيات قومية أمهرة.
2- تراجع الحلفاء:
ثمة تراجع للقوات الإريترية في الإقليم إلى أطراف إقليم تيجراي عند الحدود المشتركة بينهما، في ضوء التخوف القائم لدى النظام الإريتري من انتقام جبهة تحرير تيجراي وزعزعة الداخل الإريتري، وفي ذات الوقت تزايد الضغوط الدولية التي تطالب بانسحاب تلك القوات منذ فبراير 2021م.
على الجانب الآخر، بات تورط ميلشيات قومية أمهرة في الحرب الإثيوبية الأخيرة ضد إقليم تيجراي بدافع السيطرة واستعادة السيادة على بعض المناطق التي يدّعي قادة أمهرة أن جبهة تحرير تيجراي قد احتلتها منذ صعودها للسلطة في عام 1991م، والتي يدور حولها قتال حاليًا في إطار مساعي قوات دفاع تيجراي بسط سيادتها على كامل أراضي الإقليم.
3- تزايد الضغوط الدولية على آبي أحمد:
يتعرض نظام آبي أحمد لموجة انتقادات دولية وضغوط أمريكية ودولية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في إقليم تيجراي، وتفاقم الأوضاع الإنسانية لأكثر من 6 ملايين شخص يقطنون الإقليم.
ويبدو أن طرح الحكومة الفيدرالية لمبادرة وقف إطلاق النار من جانب واحد بهدف تخفيف حدة تلك الانتقادات والضغوط، كما يمكن اعتبارها بمثابة المنقذ لقوات آبي أحمد من مستنقع تيجراي والتي تكبَّدت فيه خسائر واضحة خلال الفترة السابقة.
4- الرفض الشعبي للقوات الإثيوبية في تيجراي:
وهو أحد مبررات آبي أحمد لانسحاب قواته من الإقليم، حيث لم تجد دعمًا قويًّا من شعب تيجراي الذي يرى أن تدخل الجيش الإثيوبي في الإقليم بمثابة غزو واحتلال، الأمر الذي دعا البعض إلى المطالبة بالانفصال عن الدولة الإثيوبية، والتعبير عن سخطه من آبي أحمد بشكل خاص. كما وجّه معظم شعب تيجراي المساعدات الإنسانية التي يحصل عليها من الحكومة المركزية إلى جبهة تحرير تيجراي، وتحت تصرفها لمواجهة القوات الفيدرالية؛ حسبما زعم رئيس الوزراء.
5- التكلفة الباهظة للحرب:
فقد أعلن آبي أحمد أن حكومته أنفقت حوالي 100 مليار بر إثيوبي في منطقة تيجراي منذ بدء الصراع هناك، وهو ما يعادل عشرة أضعاف ميزانية الحكومة المركزية للإقليم. وهو ما يمثل عبئًا على خزينة الدولة.
وفي تقرير صدر في 4 يوليو الجاري عن صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أشار إلى احتجاز قوات دفاع تيجراي لبضعة آلاف من الجنود الإثيوبيين في سجون الإقليم. كما أن تداعيات تلك الحرب سوف تفضي إلى تزايد تآكل شعبية آبي أحمد داخليًّا والمزيد من السخط لدى الرأي العام الإثيوبي، وارتفاع موجة الاضطرابات السياسية والأمنية والإثنية في البلاد؛ اعتراضًا على سياسات آبي أحمد.
6- سلسلة الأزمات التي تواجه آبي أحمد:
يواجه النظام الحاكم في إثيوبيا معارضة حادة لسياساته منذ عام 2018م، ويظل السياق الأمني الداخلي متأزمًا في ضوء ما أكده آبي أحمد بأن الجيش الإثيوبي يحارب في عشر جبهات في الداخل الإثيوبي، بالإضافة إلى الاضطرابات الإثنية التي أفضت إلى مواجهات عسكرية بين بعض الأقاليم الفيدرالية، الأمر الذي يهدد استقرار الدولة الإثيوبية مستقبلًا.
وفي ذات الوقت، تُواجه إثيوبيا بعض التهديدات على المستوى الإقليمي خاصة في ظل التصعيد المستمر للخلاف بين مصر والسودان وإثيوبيا بسبب قضية سد النهضة الإثيوبي، فضلًا عن تصاعد الخلاف الحدودي بين السودان وإثيوبيا على منطقة الفشقة المتنازع عليها بين الطرفين.
وهو ما يضع آبي أحمد في معضلة كبيرة بسبب ضغوطات تلك الأزمات وانعكاساتها على استقرار حكمه لا سيما أنه ينتظر نتائج الانتخابات الأخيرة ليبدأ ولاية جديدة تمهيدًا لتنفيذ مشروعه السياسي في الداخل الإثيوبي الذي ربما يمهد له الحكم لسنوات قادمة.
ثالثًا- مستقبل الصراع في إقليم تيجراي
يُلقي الصراع في إقليم تيجراي والتطورات الراهنة على الساحة بظلاله على مستقبل العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تيجراي التي استطاعت بسط سيطرتها على الإقليم مجددًا، والتي يبدو أنها قد وصلت لطريق مسدود، مما يجعل فرص الوصول إلى حلّ سياسي لهذا الصراع مستبعدًا حاليًا، في ضوء تصاعد بعض الأصوات داخل شعب تيجراي التي تطالب بالانفصال عن الدولة الإثيوبية، وقيام دولة تيجراي التي تمثل حلمًا منذ سبعينيات القرن الماضي؛ لا سيما أن الدستور الفيدرالي يمنح هذا الحق وفقًا لمادته (39) الخاصة بحق تقرير المصير للأقاليم الإثيوبية بشروط محددة.
في الوقت الذي ربما يسعى فيه آبي أحمد إلى التورط في حرب جديدة ضد الإقليم بهدف رد الاعتبار لنظامه وشعبيته التي تآكلت وقواته العسكرية على الصعيدين الداخلي والدولي، وربما يشجّعه على ذلك إعلان فوزه في نتائج الانتخابات المقبلة، وتخفيف حدّة الانتقادات الدولية ضده بسبب الأزمة الإنسانية في تيجراي، وإعادة تشكيل تحالفاته ومواءماته المحلية والإقليمية خاصة مع قومية أمهرة وإريتريا.
وإجمالًا، تواجه إثيوبيا تحت حكم آبي أحمد -الذي سادت حالة من التفاؤل بعد تنصيبه رئيسًا للوزراء في عام 2018م، وحصوله على جائزة نوبل للسلام في عام 2019م- موجة من الأزمات الداخلية والإقليمية التي تتفاقم مع مرور الوقت في ظل غياب إرادة سياسية لتسوية تلك الأزمات، الأمر الذي يُهدِّد بشكل واضح الوحدة الإثيوبية، والذي ينعكس بدوره على أمن واستقرار منطقة القرن الإفريقي بشكل أوسع. مما قد ينذر بممارسة المزيد من الضغوط الأمريكية والدولية على حكومة أديس أبابا لوضع حدّ لتلك الأزمات والدفع نحو تسويتها، أو ربما تشهد إثيوبيا انقلابًا ناعمًا للسلطة خلال الفترة المقبلة وربما خشنًا؛ وذلك في محاولة للحفاظ على الدولة الإثيوبية من التفكك والانهيار الذي يُشكِّل تهديدًا صريحًا للمصالح الدولية الاستراتيجيَّة في القرن الإفريقي؛ على اعتبار أن أديس أبابا بمثابة ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي في المنطقة.