في ليلة السبت 10 أبريل2021م أعلن وزير الداخلية في جيبوتي السيد/ مؤمن أحمد شيخ, نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت في البلاد في التاسع من أبريل, والتي أسفرت عن فوز الرئيس/ إسماعيل عمر جيله بولاية رئاسية خامسة؛ حيث فاز بنسبة 97.44% من الجولة الأولى, بينما حصل منافسه السيد/ زكريا إسماعيل فارح على نسبة 2.48% من الأصوات.
ومن خلال هذه المقالة سوف نلقي الضوء على هذه الانتخابات من خلال المحاور التالية:
المحور الأول: الخلفية التاريخية للانتخابات الرئاسية في جيبوتي:
أ- الانتخابات الرئاسية في عهد الرئيس حسن جوليد:
1- انتخابات الرئاسية في عام 1977م: في 8 مايو 1977م تم إجراء استفتاء على استقلال إقليم عفار وعيسى الفرنسي, وقد أسفر ذلك الاستفتاء عن حصول جيبوتي على الاستقلال في 27 يونيو 1977م. وفي نفس يوم الاستفتاء السابق, تم إجراء انتخابات الجمعية التأسيسية والتي أسفرت عن فوز تحالف التجمع الشعبي من أجل الاستقلال (RPI) بجميع مقاعد الجمعية البالغ عددها 65 مقعدًا, وقد قامت الجمعية بانتخاب الرئيس حسن جوليد إبيتدون ليكون أول رئيس لجيبوتي من خلال الانتخاب غير المباشر.
2- انتخابات الرئاسة في عام 1981م: فاز الرئيس حسن جوليد بالانتخابات؛ حيث كان هو المرشح الوحيد بعد إلغاء التعدد الحزبي في 1981م, حيث كان حزب التجمع الشعبي من أجل التقدم (RPP) هو الحزب الوحيد في البلاد, ولم يكن هناك مرشحون منافسون له.
3- انتخابات الرئاسة في عام 1987م: فاز الرئيس حسن جوليد فيها مثل سابقتها؛ حيث كان هو المرشح الوحيد دون منافسين له.
4- انتخابات الرئاسة في عام 1994م: بعد عودة التعدد الحزبي المقيد بموجب دستور 1992م الذي سمح بالتعدد الحزبي بحد أقصى 4 أحزاب سياسية, ترشح الرئيس حسن جوليد وقد تنافس ضده أربع مرشحين, اثنين مدعومين حزبيًّا, واثنين مستقلين, ولكنه فاز بالانتخابات بنسبة 60%. (([1] كما يوضح الجدول التالي:
م |
اسم المرشح |
اسم الحزب المرشح عنه |
اختصار الحزب |
النتيجة |
1 |
حسن جوليد إبيتدون |
حزب التجمع الشعبي من أجل التقدم |
RPP |
60.76% |
2 |
محمد جامع الابي |
حزب التجديد الديمقراطي |
PRD |
22.03% |
3 |
عدن ربله عواليه |
الحزب الوطني الديمقراطي |
PND |
12.25% |
4 |
محمد موسى علي |
مستقل |
Independent |
2.99% |
5 |
أحمد إبراهيم عبدي |
مستقل |
Independent |
1.97% |
ب- الانتخابات الرئاسية في عهد الرئيس إسماعيل عمر جيله:
1- انتخابات 9 أبريل 1999م: في 4 فبراير 1999م أعلن الرئيس حسن جوليد أنه لن يترشح ثانيًا للرئاسة لظروفه المرضية وتقدمه في السن؛ حيث كان قد بلغ 83 عامًا, وبناء على ذلك قام حزب التجمع الشعبي من أجل التقدم في مؤتمر الحزب الاستثنائي باختيار الرئيس إسماعيل عمر جيله ليكون مرشحًا للانتخابات الرئاسية, والذي كان يعمل حينها رئيس مكتب رئيس الجمهورية وضابط مخابرات سابق, كما أنه ابن شقيق الرئيس حسن جوليد. وبالفعل عقدت الانتخابات الرئاسية في 9 أبريل 1999م حيث تنافس فيها مرشحان فقط هما, الرئيس إسماعيل عمر جيله كمرشح مشترك لحزب التجمع الشعبي من أجل التقدم RPP)), المتحالف مع الجناح المعتدل لجبهة استعادة الوحدة والديمقراطية (FRUD), والمرشح موسى أحمد إدريس كمرشح معارض مستقل مدعومًا من ائتلاف الحزب الوطني الديمقراطي PND)), وحزب التجديد الديمقراطي PRD)), وأسفرت الانتخابات عن فوز الرئيس إسماعيل جيله بنسبة 74%.([2])
2- انتخابات 8 أبريل 2005م: أجريت الانتخابات الرئاسية في 8 أبريل 2005م, وكان الرئيس جيله هو المرشح الوحيد حيث قاطعت المعارضة الانتخابات ولم تقدم منافسًا، وبالتالي فاز الرئيس جيله بالانتخابات, كما أنه كان مدعومًا من تحالف الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية UMP)), الذي تأسس لخوض الانتخابات البرلمانية في 2003م, حيث إنه مكوَّن من خمسة أحزاب؛ هي “حزب التجمع الشعبي من أجل التقدم (RPP) الحزب الحاكم في البلاد, والجناح المعتدل من جبهة استعادة الوحدة والديمقراطية (FRUD), والحزب الوطني الديمقراطي PND)), وحزب الشعب الديمقراطي الاجتماعي (PSD), وحزب اتحاد أنصار الإصلاح UPR)). ورغم دعوة المعارضة لمقاطعة الانتخابات إلا أن محمد داود شحيم أعلن ترشحه للانتخابات كمرشح معارض غير أنه انسحب من الانتخابات بدعوى أنه ليس لديه ما يكفي من الأموال للمشاركة في الانتخابات.
3- انتخابات 8 أبريل 2011م: في أبريل 2010م قامت الجمعية الوطنية في جيبوتي بتعديل الدستور حيث ألغت قيد حدود المدة الرئاسية, وجعلت مدة الرئاسة 5 سنوات بدلاً من 6 سنوات, وهو ما سمح للرئيس جيله بالترشح لولاية ثالثة, حيث أجريت الانتخابات في 8 أبريل 2011م, وقد ترشح فيها الرئيس جيله مدعومًا من تحالف الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية UMP)) الذي أصبح مكونًا من 4 أحزاب بعد انسحاب الحزب الوطني الديمقراطي من التحالف لينضم إلى المعارضة, وقد ترشح أمامه محمد ورسمة رجوة وهو قاضٍ سابق, وكان رئيس المجلس الدستوري في جيبوتي عام 2005م. بينما قاطعت المعارضة الانتخابات, وقد أسفرت الانتخابات عن فوز الرئيس جيله بنسبة 80%, وحصل منافسه على 19%.([3])
4- انتخابات 8 أبريل 2016م: ترشح الرئيس جيله لولاية رابعة مدعومًا من تحالف الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية UMP)), ونافسه هذه المرة خمسة مرشحين كما يلي:
م |
اسم المرشح |
اسم الحزب المرشح عنه |
اختصار الحزب |
النتيجة |
1 |
إسماعيل عمر جيله |
تحالف الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية |
UMP |
87.7% |
2 |
عمر المي خيره |
اتحاد الإنقاذ الوطني |
USN |
7.34% |
3 |
محمد داود شحيم |
اتحاد الإنقاذ الوطني |
USN |
1.83 |
4 |
محمد موسي على |
مستقل |
Independent |
1.52 |
5 |
حسن إدريس أحمد |
مستقل |
Independent |
1.38 |
6 |
جمعة عبدالرحمن جمعة |
مستقل |
Independent |
0.86 |
ونلاحظ من الجدول السابق أن هناك ثلاثة مرشحين مستقلين, واثنين منتمين لتحالف اتحاد الإنقاذ الوطني (USN)، وهو تحالف مكون من ستة أحزاب تُشكل لخوض انتخابات الجمعية الوطنية في 2013م, حيث فاز بعشرة مقاعد في تلك الانتخابات, وفي انتخابات الرئاسة 2016م قررت ثلاثة أحزاب من التحالف مقاطعة الانتخابات, بينما قدم اثنان من أحزاب التحالف مرشحين لهما ليتنافسا مع بعضهما البعض, مما أدى إلى ضعف أداء المعارضة, وسهل الفوز للرئيس إسماعيل عمر جيله بولاية رئاسية رابعة.([4])
المحور الثاني: النظام الانتخابي لانتخاب رئيس الجمهورية وشروط الترشح
أولاً- النظام الانتخابي: حددت مواد دستور 1992م المعدل عام 2010م النظام الانتخابي لانتخاب رئيس الجمهورية والذي يتضح فيما يلي:
أ- فيما يتعلق بمدة ولاية الرئيس والنظام الانتخابي: فقد نصت المادة 24 على أن ” يتم انتخاب رئيس الجمهورية لمدة خمس سنوات بالاقتراع العام المباشر وبالأغلبية بنظام الجولتين”.
ب- وفيما يخص توقيت الانتخابات وموعد إجرائها: فقد نصت المادة 25 على أن تُجرى الانتخابات الرئاسية قبل ثلاثين يومًا على الأقل وأربعين يومًا على الأكثر من انتهاء ولاية الرئيس الحالي.
ج- وفيما يخص الأمور الإجرائية للانتخابات: فقد نصت المادة 27 على عدة أمور من بينها ما يلي:
1- يتم انتخاب رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة للأصوات التي شاركت في الاقتراع.
2- إذا لم يحصل المرشح على أغلبية الأصوات في الجولة الأولى فيتم عقد جولة ثانية في حدود 15 يومًا من موعد انتهاء الجولة الأولى.
3- تكون الجولة الثانية مقتصرة على المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى.
4- إذا انسحب أحد المرشحين من الانتخابات فإن المرشح الذي يحتل المرتبة التالية له في الاقتراع يحل مكان المنسحب.
5- تتم دعوة الناخبين بمرسوم يتم اتخاذه بقرار من مجلس الوزراء.
6- يراقب المجلس الدستوري انتظام العملية الانتخابية, ويفصل في الشكاوي, ويعلن نتائج الاقتراع.([5])
ثانيًا- شروط الترشح: نظم شروط الترشح للانتخابات بعض مواد دستور 1992م وتعديله لعام 2010م, وقانون الانتخابات رقم (1/AN / 92) وتعديلاته, حيث جاءت تلك الشروط كما يلي:
1- شرط الجنسية: فقد نصت المادة 23 من دستور 1992م التي تم تعديلها في 2010م على أن المرشح لمنصب رئيس الجمهورية يجب أن يكون متمتعًا بالجنسية الجيبوتية دون أن يكون حاملاً لأيّ جنسية أخرى.
2- شرط السن: فقد نصت نفس المادة السابقة على أن يكون الحد الأدنى لسن الراغب في الترشح لا يقل عن 40 سنة, والحد الأقصى محدد بأن لا يزيد سن المرشح عن 75 سنة عند ترشحه للانتخابات.
3- شرط التمتع بالحقوق المدنية والسياسية: حيث نصت نفس المادة السابقة على ضرورة تمتع الشخص الراغب في الترشح بحقوقه المدنية والسياسية.
4- شروط إجرائية وشهادة الضمان المالي: ذكر قانون الانتخابات كذلك عدد من الشروط الإجرائية المتعلقة بالأوراق المطلوبة للترشح, وشهادة إيداع الضمان المالي المطلوب للترشح والذي يتم دفعه في خزينة المدفوعات الوطنية.([6])
المحور الثالث: خريطة الانتخابات الرئاسية 2021م, وأسماء المرشحين, والدعاية الانتخابية
أ- خريطة الانتخابات: يمكن الإشارة إلى خريطة الانتخابات الرئاسية 2021م من خلال النقاط التالية:
1- موعد الانتخابات: أعلنت رئاسة الوزراء في اجتماعها الذي عقد في تاريخ 8 ديسمبر 2020م أنه باقتراح وزير الداخلية فإن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية قد تم تحديد الجولة الأولى منه في يوم الجمعة 9 أبريل 2021م, وفي حالة الحاجة إلى جولة ثانية فسيكون موعدها في تاريخ 23 أبريل 2021م, كما أنه في اجتماع مجلس الوزراء في 14 ديسمبر 2020م تم إصدار مرسوم بتحديد موعد الانتخابات وعقد الهيئة الانتخابية في نفس التاريخ السابق، وفي اجتماع 17 ديسمبر 2020م تم إصدار مرسوم بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية. وفي 30 ديسمبر 2020م صدر مرسوم بتعيين أعضاء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات, وهي لجنة مؤقتة يتم إنشاؤها قبل الانتخابات وحلها بعد انتهاء العملية الانتخابية, وتتمثل مهمتها في مراقبة العملية الانتخابية؛ حيث يتم تمثيلها في كل دائرة انتخابية.
2- موعد الترشح: حددت وزارة الداخلية لكونها هي الجهة المنظمة للانتخابات أن مواعيد تسلم ملفات الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية سوف يكون بدءًا من 1 مارس 2021م حتى 10 مارس 2021م.
3- موعد الدعاية الانتخابية: طبقًا للمرسوم الصادر من مجلس الوزراء في 16 فبراير 2021م بشأن تنظيم الدعاية الانتخابية فقد حددت وزارة الداخلية موعد الدعاية الانتخابية لتكون خلال الفترة من الجمعة 26 مارس 2021م, حتى الأربعاء 7 أبريل 2021م, على أن يكون الصمت الانتخابي يوم 8 أبريل.
4- موعد توزيع بطاقات الاقتراع للناخبين: أعلنت وزارة الداخلية عن بدأ توزيع بطاقات الاقتراع الخاصة بالناخبين في كافة أنحاء البلاد في المكاتب المختصة بذلك, بدءًا من تاريخ 25 فبراير 2021م, ودعت الناخبين إلى تسلم البطاقات الخاصة بهم للمشاركة في العملية الانتخابية.([7])
ب- أسماء المرشحين:
أعلنت المعارضة عن مقاطعتها الترشح للانتخابات, ولم يترشح أحد للانتخابات أمام الرئيس جيله إلا مرشح واحد لتقتصر الانتخابات على اثنين من المرشحين وهما:
1- الرئيس إسماعيل عمر جيله: في 9 يناير 2021م قام حزب التجمع الشعبي من أجل التقدم (RPP) الحزب الحاكم في البلاد بعقد مؤتمر استثنائي للحزب في مقر قصر الشعب؛ حيث حضر أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب, وغيرهم من تحالف الأغلبية الرئاسية, والشخصيات العامة, وذلك لتحديد أفضل مرشح للحزب قادر على تحقيق النصر في الانتخابات وفقًا للوائح الحزب الداخلية, وقد أصدر الحزب قراره باختيار الرئيس إسماعيل عمر جيله البالغ من العمر 73 عامًا كمرشح للحزب وتحالف الأغلبية الرئاسية, لولاية خامسة. كما أنه في 17 ديسمبر 2020م تم عقد احتفالية كبيرة في استاد حسن جوليد مِن قِبَل الشباب, تطالب الرئيس جيله بإكمال المسيرة والترشح لولاية خامسة, وقد أعلن الرئيس في 22 ديسمبر 2020م أنه استمع لمطالب الشباب وسيبذل قصارى جهده لتحقيق رغباتهم ومطالبهم. وبتاريخ 3 مارس 2021م تقدَّم أحمد علي بري مدير الحملة الانتخابية للرئيس جيله بأوراق ترشحه للانتخابات؛ حيث سلم ملف ترشحه إلى وزير الداخلية نيابة عنه, وقد أعلنت وزارة الداخلية أن ملفه يستوفي الشروط المطلوبة للترشح.([8])
2 زكريا إسماعيل فارح: وهو مشهور باسم (دوبيرو) وهو ضابط سابق في الجيش, ورجل أعمال حاليًا يعمل مديرًا تنفيذيًّا لشركة تعمل في مجال استيراد منتجات التنظيف, ويبلغ من العمر 56 عامًا, وينتمي لمجموعة عيسى الإثنية, وهو كان مزدوج الجنسية حيث كان يحمل الجنسية الفرنسية، ولكنه تخلَّى عنها حتى يفي بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية, وقد ترشح مستقلاً؛ حيث إنه لا ينتمي لأي حزب, لكنه رئيس ما يُعرف بحركة التنمية والتوازن للأمة الجيبوتية (MDEND), وهو شخص غير معروف على نطاق واسع, حيث إن دخوله للعمل السياسي ما يزال حديثًا, فأول ظهور له على الساحة السياسية كان في يناير 2021م بعد إعلانه الترشح للانتخابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي, وقد تقدم بملف ترشحه للانتخابات في 10 مارس 2021م إلى وزارة الداخلية؛ حيث تم قبول ملفه ليكون منافسًا للرئيس جيله.([9])
ج- الدعاية الانتخابية للمرشحين:
1- الدعاية الانتخابية للرئيس جيله IOG)): قام الرئيس إسماعيل عمر جيله ببدء حملته من يوم الجمعة 26 مارس حيث انطلقت من تاجوراء, ثم أوبوك, ثم بلبالا, ثم عرتا, ثم مدينة علي صبيح, ثم دخيل, ثم بولاوس, ثم في مدينة جيبوتي العاصمة، كما عقد مجموعة من اللقاءات مع كافة أطياف المجتمع؛ حيث التقى بممثلي ذوي الاحتياجات الخاصة, وممثلي هيئة التدريس والمعلمين, وممثلي رجال الدين والمثقفين, وممثلي النقابات المختلفة والفاعلين في القطاع الخاص, وممثلي الشباب, وممثلي المرأة، وقد اختتم حملته الانتخابية في 7 أبريل 2021م في مهرجان كبير في استاد حسن جوليد. وقد كان شعار حملته الانتخابية “لنكمل معًا”، والدعوة إلى الاستمرارية لإتمام المشاريع التي بدأها الرئيس مؤخرًا.
كما أعلن الرئيس جيله عن برنامجه الانتخابي للولاية الجديدة، والذي جاء مشتملاً على 10 أولويات و75 التزامًا من أجل مستقبل جيبوتي, كما دعا الرئيس جيله أنصاره إلى المشاركة في الانتخابات بإعداد كبيرة مثل حضورهم في حملته بأعداد كبيرة, وقد رافقه في الحملة سيدة جيبوتي الأولى خضرة محمود حيد, ورئيس الوزراء, وأعضاء الحكومة, ورؤساء الأحزاب, وكبار رجال الدولة. وقد ارتدى الرئيس جيله وأعضاء الحملة والجماهير التي تؤيده قمصانا وكمامات لونها أخضر, ومزينة بالأحرف الثلاثة الأولى من اسمه IOG)), رافعين علم جيبوتي وسط هتافات عالية في كل المناطق التي جرت فيها حملته الانتخابية.([10])
2- الدعاية الانتخابية للمرشح زكريا إسماعيل فارح ZIF)): قام المرشح بعقد عدة اجتماعات عامة في بداية حملته الانتخابية؛ حيث بدأ مهرجانه الانتخابي الأول من مدينة عرتا, ثم عقد مهرجانه الانتخابي الثاني في حي أمبولي في بلدة بولاوس, وقد أعلن المرشح زكريا فارح أنه “حامل لواء جيبوتي لمساعدة الفقراء”, وقد كانت هذه الاجتماعات صغيرة ومحدودة, كما أنه منذ 28 مارس اختفى عن الأنظار وقام بإلغاء باقي الدعاية في الأيام العشرة التي سبقت الانتخابات؛ حيث إنه في آخر ظهور له قام بتقييد يديه ومغطيًا فمه بشريط لاصق؛ احتجاجًا على عدم قيام قوات الأمن بتأمين تجمعاته الانتخابية على حد قوله, واصفًا ذلك بالمعاملة غير العادلة, ويبدو أنه لم يكمل الحملة لأنه ليس له أنصار ومؤيدين وتحجج بمسألة التأمين.([11])
المحور الرابع: إجراء الانتخابات وإعلان النتائج
1- إجراء الانتخابات: أجريت الانتخابات يوم الجمعة 9 أبريل 2021م؛ حيث فتحت اللجان الانتخابية أبوابها للناخبين في تمام الساعة السادسة صباحًا، وأغلقت في تمام الساعة السابعة مساءً, وقد توافد الناخبون وأنصار مرشح الأغلبية على اللجان في المناطق المختلفة للإدلاء بأصواتهم؛ حيث فتح ما يقرب من 530 مركز اقتراع لاستقبالهم, وقد سادت العملية الانتخابية حالة من الهدوء والأمن، ولم يحدث فيها أي مشاكل أو أزمات, ويذكر أن الانتخابات لم تُجْر لأبناء جيبوتي في الخارج بسبب ظروف جائحة فيروس كورونا. وقد قام الرئيس إسماعيل عمر جيله وزوجته بالتصويت في الانتخابات في حضور إعلامي كبير, بينما المرشح المنافس زكريا إسماعيل فارح لم يظهر في العلن يوم الانتخابات, وقد أدلى بتصريح لوكالة فرانس برس أنه امتنع عن التصويت في الانتخابات؛ حيث قال إن “تصويته ليس منه فائدة”.([12])
2- مراقبة الانتخابات: أجريت العملية الانتخابية تحت رقابة عدد من البعثات الدولية؛ حيث أرسلت أكثر من بعثة دولية لمراقبة العملية الانتخابية, تتمثل في بعثة الاتحاد الإفريقي, وبعثة الهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيجاد), وبعثة جامعة الدول العربية, وبعثة منظمة التعاون الإسلامي.
3- إعلان النتائج: بعد انتهاء اللجان من فرز الأصوات, أعلن وزير الداخلية مؤمن أحمد الشيخ النتائج الأولية للمرشحين ليلة السبت 10 أبريل 2021م, حيث أعلن فوز الرئيس إسماعيل عمر جيله بولاية رئاسية خامسة, بنسبة 97.44%، حيث إنه حصل على (167536) صوت من إجمالي الأصوات التي تم الإدلاء بها في الانتخابات والبالغة (177391) صوت. بينما حصل منافسه زكريا فارح على (4408) صوت أي ما يعادل 2.48%. كما قدرت نسبة المشاركة في الانتخابات بـ82%, كما أعلن وزير الداخلية أن النتائج النهائية ستصدر من قبل المجلس الدستوري بعد المراجعة والاعتماد. وقد رحب الرئيس جيله بهذه النتيجة وألقى خطاب شكر للشعب على تجديد الثقة له, بينما المرشح المنافس زكريا فارح شكك في مصداقية النتائج قائلاً: إن مندوبيه لم يكونوا حاضرين في مراكز الاقتراع, وقد أعلن رئيس بعثة مراقبة الاتحاد الإفريقي أنه لم يكن هناك أي عوائق لمنع المندوبين من التواجد في مراكز الاقتراع.([13])
المحور الخامس: موقف المعارضة من الانتخابات وتقييم دورها
أ- موقف المعارضة من الانتخابات: تبنت المعارضة مجموعة من الأمور لتعبّر عن موقفها من الانتخابات تتمثل فيما يلي:
1- الدعوة إلى التظاهر والاحتجاج: دعت قيادات المعارضة المنضوية تحت لواء تحالف اتحاد الإنقاذ الوطني (USN) إلى التظاهر والاحتجاج وذلك تحت شعار “لا للولاية الخامسة”. كما دعا إلى التظاهر كذلك كل من حركة التجديد الديمقراطي والتنمية (MRD)، وهي حركة غير معترف بها قانونًا, بزعامة ضاهر أحمد فارح المعروف باسم “داف”، وهو معارض مقيم ببلجيكا، وحاصل على الجنسية البلجيكية, وحزب التجمع من أجل العمل والديمقراطية والتنمية البيئية (RADDE) بزعامة عبدالرحمن محمد جيله المعروف ب(TX) وهو مقيم في بلجيكا، وكان يعمل عمدة لمدينة جيبوتي سابقًا قبل أن ينضم إلى المعارضة, والتحالف الجمهوري من أجل الديمقراطية (ARD) بزعامة عدن محمد عبده؛ حيث إن المعارضة منذ سبتمبر 2020م حاولت تنظيم بعض المظاهرات لكنها لم يكن لها تأثير يُذْكَر؛ حيث لم يتجاوز عدد المشاركين فيها 50 شخصًا, ومنذ إعلان الرئيس جيله عن ترشحه رسميًّا في يناير 2021م نظمت عددًا من الاحتجاجات الصغيرة والمحدودة في مدينة جيبوتي العاصمة, كما نظَّمت وقفة احتجاجية يوم الانتخابات أمام سفارة جيبوتي في بروكسيل لكنها لم تتجاوز 15 شخصًا.([14])
2- مقاطعة الانتخابات: حيث أعلنت المعارضة وعلى رأسها تحالف الإنقاذ الوطني (USN), والتجمع من أجل العمل والديمقراطية والتنمية البيئية (RADDE)، في 1 فبراير 2021م أنها لن تقدّم مرشحًا للانتخابات الرئاسية، وأعلنت أنها ستقاطع الانتخابات, كما أعلنت أن ذلك الموقف لكونها لا تثق في اللجنة الوطنية للانتخابات, مدعيةً أن العملية الانتخابات لا تلبِّي الشروط والمعايير التي تريدها المعارضة. كما أنها لم تَدْعُ الشعب إلى المقاطعة، ولكنها دعت الناخبين إلى ترك ورقة الاقتراع فارغة أو إبطال أصواتهم.([15])
3- إعلان ميثاق الانتقال الديمقراطي: بتاريخ 27 فبراير 2021م أعلنت المعارضة في الخارج بيان صحفي قالت فيه: إنها وقَّعت على ما أسمته “ميثاق الانتقال الديمقراطي في جيبوتي (CTD)”، والذي قامت لجنة بوضعه تم تشكيلها في يوليو 2020م, كما ذكر البيان أنها عقدت مؤتمرًا عبر تقنية الفيديوكونفرنس في مدينة نانت بفرنسا بتاريخ 20 فبراير 2021م لمناقشة الميثاق, وفي 26 فبراير 2021م أعلنت أنه تم التوقيع عليه. وقد تضمن هذا الميثاق رفض تناوب السلطة عن طريق صناديق الاقتراع, والنص على فترة انتقالية لمدة عامين, وتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية, كما نص على أن يتولى رئيس الميثاق الانتقالي دور رئيس الدولة, والذي يقوم بتعيين رئيس حكومة, كما نص على تأسيس مجلس وطني انتقالي ليكوّن هيئة تشريعية خلال المرحلة الانتقالية, ووضع دستور جديد للبلاد يتم الاستفتاء عليه, وإصلاح الجيش وجهاز الأمن والشرطة, وكذلك إدخال إصلاحات اقتصادية واجتماعية عميقة.
وقد وقَّع على هذا الميثاق 24 شخصًا, مقسمين إلى 10 أشخاص من قيادات الأحزاب الخمسة التي وقَّعت على الميثاق, وهم 3 أشخاص من التحالف الجمهوري من أجل الديمقراطية ARD)) برئاسة عدن محمد عبده, و3 أشخاص من الجناح المعارض من جبهة استعادة الوحدة والديمقراطية FRUD)), و3 أشخاص من القوى التقدمية من أجل التغييرFPC)), و1 من الحزب الوطني الديمقراطي PND)), و1 ذو خلفية عسكرية وهو عمر علي حسن, و2 من الرابطة الجيبوتية لحقوق الإنسان LDDH))، وهي منظمة غير حكومية, و11 شخصًا من قيادات المجتمع المدني المعارضين.([16])
4- طلب الدعم والمساندة من الخارج: حيث إنه بتاريخ 27 مارس 2021م قامت مجموعة صغيرة من المعارضة بعمل تجمُّع في مبنى الكابيتول في سانت بول عاصمة ولاية مينيسوتا الأمريكية, طالبين دعم الولايات المتحدة الأمريكية لمساعدة المعارضة في تأسيس حكومة انتقالية, وقد ناشد عمر علي حسن المتحدث باسم ميثاق الانتقال الديمقراطي في جيبوتي (CTD), النائبة الأمريكية من أصل صومالي إلهان عمر, والرئيس الأمريكي جو بايدن لدعم هذا الميثاق. ويُذْكَر أن عمر علي حسن كان في السابق قائدًا لكتيبة التدخل السريع في جيبوتي، لكنه تحول إلى المعارضة، وهو حاليًا مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية.([17])
5- اللجوء إلى العنف والدعوة إليه: حيث إنه قد قامت المعارضة المسلحة المتمثلة في الجناح المسلح من جبهة استعادة الوحدة والديمقراطية (FRUD) مساء الخميس 14 يناير 2021م بسلسلة من الهجمات على عدة مواقع في مدينة تاجوراء شمال شرق البلاد, بما في ذلك معسكر للجيش وقوات الدرك, أسفرت عن مقتل جندي من قوات الدرك وإصابة شخص مدني, وقد قام الجيش الجيبوتي بالتصدي للهجمات، وسرعان ما سيطرت قوات الأمن على الوضع.([18])
وفي ذات السياق بتاريخ 27 مارس 2021م قام أحمد عمر أبو عبيدة زعيم حركة الشباب الصومالية ببث مقطع فيديو مدته 20 دقيقة بعنوان “رسالة إلى شعب جيبوتي” موجهًا فيه الدعوة إلى المسلمين المحليين إلى ضرب المصالح الأمريكية والفرنسية في جيبوتي.([19])
وقد كان هجوم فرود, ودعوة حركة الشباب الصومالية, الهدف منها إحداث حالة من عدم الاستقرار في البلاد للتأثير بالسلب على الانتخابات، لكن تلك المحاولات فشلت، ولم يكن لها أيّ تأثير يذكر على العملية الانتخابية.
ب- تقييم دور المعارضة:
فيما يتعلق بتقييم دور المعارضة نجد أن المعارضة منقسمة وضعيفة وغير فاعلة؛ وذلك نظرًا لكون قيادات المعارضة مقيمين في الخارج وخاصة في بلجيكا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث إنها ليس لها وجود حقيقي على الأرض داخل البلاد, بالإضافة إلى كون تحالف اتحاد الإنقاذ الوطني نفسه منقسم داخليًّا بسبب حضور العامل الإثني والقبلي والعشائري, وغير قادر على تقديم مرشح قويّ ينافس في الانتخابات وهو ما يتضح من موقفه في انتخابات الرئاسة 2016م؛ حيث قاطعت بعض أحزاب التحالف, ورشَّح اثنان من أحزاب التحالف مرشحين ضد بعضهم البعض. وفيما يخص استخدام المعارضة لسياسة الكرسي الفارغ والمقاطعة فقد ثبت فعليًّا أن هذه الاستراتيجية غير فاعلة في النظم السياسية الإفريقية، لكن يبدو أن المعارضة لكونها تدرك أنها عاجزة عن تقديم مرشح ينافس الرئيس جيله فضَّلت المقاطعة، كما أن زعماء المعارضة أنفسهم يحملون جنسيات أخرى مثل ضاهر أحمد فارح الذي يحمل الجنسية البلجيكية, وبالتالي لا يمكنهم الترشح طبقًا للدستور. وفيما يخص ميثاق الانتقال الديمقراطي فإنه لم يكن له أيّ تـأثير يُذْكَر ولا أي صدًى أو قبول شعبي، فضلاً عن أنه صدر من الخارج بفرنسا. وفيما يخص طلب الدعم من الخارج فهو لا يمثل أي ضغط لكون القوى الدولية لها علاقات وثيقة بالنظام السياسي في جيبوتي؛ نظرًا لموقعها الاستراتيجي، وتحتاج إلى استقرارها لتأمين الطرق البحرية. وأخيرًا قيام المعارضة المسلحة فرود باستخدام العنف؛ فقد تم مواجهته والسيطرة عليه وهو خيار مرفوض وليس في صالح المعارضة؛ لأنها ستواجه بالمثل لتعزيز الأمن والاستقرار, بينما دعوات حركات الشباب قُوبِلَتْ بزيادة التأمين، وكانت أشبه بالدعاية ليس أكثر.
المحور السادس: المواقف الإقليمية والدولية من العملية الانتخابية
أ- موقف المنظمات الدولية الإقليمية:
1- موقف الاتحاد الإفريقي: أعلن أحمد تيديان سواري رئيس وزراء غينيا الأسبق الذي ترأس بعثة المراقبة التي أرسلها الاتحاد الإفريقي لمراقبة العملية الانتخابية أن الانتخابات جرت وفق القواعد القانونية المقررة, وأنها كانت تسير بهدوء وسلام, كما أشار إلى أن فريق البعثة لم يَلْتَقِ بأيِّ مندوبين تابعين للمرشح المعارض في مراكز الاقتراع التي زارها. كما عقد رئيس البعثة مؤتمرًا صحفيًّا مشتركًا مع رئيس بعثة الإيجاد؛ حيث أشادوا بشفافية ونزاهة العملية الانتخابية وحُسْن سيرها.([20])
2- موقف الإيجاد: أرسلت الهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيجاد) بعثة لمراقبة الانتخابات مكونة من 16 مراقبًا بقيادة وزير الدفاع السابق في إثيوبيا سراج فجيسا, وقد أصدرت البعثة تقرير توصلت فيه إلى أن الانتخابات أُجريت بطريقة سلمية ومنظمة دون أيّ حوادث.
3- موقف جامعة الدول العربية: أرسلت جامعة الدول العربية بعثة لمراقبة وتقييم مختلف جوانب العملية الانتخابية في جيبوتي بقيادة الدبلوماسي المغربي منير الفاسي, وقد أعلن رئيس البعثة في بيان صحفي أن الانتخابات تمت بصورة جيدة، وأن كل شيء سار وفق القوانين ولا توجد مخالفات.
4- موقف منظمة التعاون الإسلامي: أرسل الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي وفدًا من الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي للمشاركة في عملية المراقبة الرئاسية برئاسة محمد صالح تقية مدير عام الشؤون السياسية بالمنظمة, وأشارت البعثة أيضًا إلى أن العملية الانتخابية تمت بصورة سليمة. وفيما يخص موقف الأمم المتحدة, والاتحاد الأوروبي, والفرنكوفونية فلم نصل إلى بيانات توضّح موقفها من الانتخابات.
ب- موقف دول الجوار والدول الإقليمية من الانتخابات:
1- الموقف على مستوى دول الجوار: رحبت دول جوار جيبوتي بفوز الرئيس جيله بولاية جديدة؛ حيث أرسلت له رئيسة إثيوبيا سهلى ورق زودي, ورئيس الصومال محمد عبد الله فرماجو، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد, برقيات تهنئة لفوزه في الانتخابات, كما أرسل له الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي برقية تهنئة.([21])
2- الموقف على مستوى الدول الإقليمية: قام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بتوجيه التهنئة إلى الرئيس جيله في اتصال هاتفي, كما أرسل له عدد من الرؤساء والملوك العرب برقيات تهنئة من بينهم, خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز, والعاهل المغربي الملك محمد السادس، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني, وولي العهد بمملكة البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ورئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف.
وفيما يتعلق بالموقف على المستوى الدولي: لم نجد معلومات غير موقف الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت عبر الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الأمريكية, وموقع سفارة الولايات المتحدة في جيبوتي عن تطلعها إلى العمل مع حكومة الرئيس إسماعيل عمر جيله وشعب جيبوتي لتعزيز مصالحهما المشتركة بعد الانتخابات الرئاسية, وتقديرها لعمل بعثات مراقبة الانتخابات. وبالنسبة لموقف تركيا فقد وجَّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برقية تهنئة إلى الرئيس جيله مشددًا على حرص بلاده على تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.
المحور السابع: عوامل نجاح الرئيس إسماعيل عمر جيله
كان هناك مجموعة من العوامل التي سهَّلت فوز الرئيس جيله بالانتخابات تتمثل فيما يلي:
1- وجود دعم قوي للرئيس من تحالف الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية UMP)): حيث إنه ما يزال محافظًا على وحدته حتى الآن منذ تأسيسه, وقد قام باختيار الرئيس ليكون مرشحًا له في الانتخابات.
2- ضعف المرشح المستقل زكريا إسماعيل فارح: حيث إنه رجل أعمال دخل السياسة مؤخرًا, وليس له شعبية تُذْكر, وغير مدعوم من الأحزاب المعروفة. ولم ينظم سوى بعض التجمعات الانتخابية البسيطة.
3- مقاطعة المعارضة للانتخابات: حيث إنها لم تقدّم مرشحًا قويًّا يستطيع منافسة الرئيس جيله, وانقسامها واستقرارها في الخارج, وتبنّيها استراتيجيات غير فاعلة.
4- وجود حالة من الاستقرار السياسي في جيبوتي في ظل محيط إقليمي مضطرب: حيث إن دول جوار جيبوتي تشهد صراعات وحروبًا داخلية, فلو نظرنا إلى إثيوبيا نجد أنها تشهد أزمات داخلية وصراعات إثنية في إقليم تيجراي, وإقليم بني شنقول, وأزمات خارجية تتمثل في أزمة سد النهضة مع مصر والسودان, وأزمة الفشقة، والحرب على الحدود مع السودان. ولو نظرنا إلى الصومال نجد أنها تواجه أزمة الانتخابات الرئاسية, بالإضافة إلى نشاط الجماعات الإرهابية, وبالنسبة لإريتريا فإنها تشهد داخليًّا أزمات اقتصادية, وخارجيًّا تدخلت في الحرب في إقليم تيجراي بجانب إثيوبيا. ولو نظرنا إلى اليمن على الساحل الآخر من البحر الأحمر نجد الأزمة اليمنية أنهكت البلاد ومازالت مستمرة حتى الآن.
5- وجود تأييد دولي يريد الحفاظ على استقرار جيبوتي؛ لما لها من موقع استراتيجي مهم؛ حيث إن القوى الدولية تريد استقرار البلاد لضمان حماية مضيق باب المندب وخليج عدن، الذي يمر عبره 40٪ من الحركة البحرية العالمية، بما في ذلك 6.2 مليون برميل من النفط الخام يوميًّا, والحفاظ على حركة التجارة العالمية وحمايتها من القراصنة من خلال القواعد العسكرية الموجودة في جيبوتي؛ حيث تبنَّت البلاد نموذج التنمية بالعسكرة من خلال استضافة قواعد عسكرية أجنبية توفر لها موارد مالية تساعدها على تنفيذ المشروعات التي تطمح إليها؛ وذلك لعدم وجود موارد مالية كبيرة في جيبوتي؛ حيث تعد إيرادات هذه القواعد جنبًا إلى جنب مع إيرادات ميناء جيبوتي هي المصادر الرئيسية للدخل في البلاد, وتنظر القوى الدولية إلى استمرارية الرئيس جيله على أنها إحدى طرق ضمان الاستقرار في المنطقة.
6- قيام الرئيس جيله برفع مكانة جيبوتي من خلال قيامه بمحاولة جعلها دولة محورية في منطقة القرن الإفريقي, وذلك يتضح من تدخل جيبوتي لتسوية الأزمة الأخيرة بين كينيا والصومال, كما استضاف الرئيس جيله المحادثات بين الصومال وأرض الصومال وعقد لقاء قمة بينهم, بالإضافة إلى قيام الرئيس جيله بمحاولة تسوية أزمة الفشقة بين إثيوبيا والسودان تحت رعاية الإيجاد, كما أن الرئيس جيله تدخل مؤخرًا في أزمة سد النهضة؛ حيث أجرى اتصالاً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي محاولاً تقريب وجهات النظر ووضع حلول ترضي أطراف الأزمة؛ حفاظًا على استقرار المنطقة وأمنها.
7- تحقيق نجاح على المستوى الاقتصادي: حيث إنه منذ وصول الرئيس جيله للحكم في عام 1999م فقد نما الناتج المحلي الإجمالي لجيبوتي سبع مرات ليصل إلى ما يقرب من 3.3 مليار دولار في عام 2020م, كما أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في جيبوتي يبلغ حوالي 3500 دولار، وهو أعلى من معظم دول إفريقيا جنوب الصحراء وفقًا لتقارير البنك الدولي, كما تم إطلاق مجموعة من المشاريع في البلاد, بتمويل أجنبي، وخاصة من الصين؛ من بينها بناء خط سكة حديد يربط جيبوتي بأديس أبابا الذي تم افتتاحه في عام 2017م، كما أطلقت البلاد المرحلة الأولى من مشروع أكبر منطقة تجارة حرة في إفريقيا؛ لتكون مركزًا للتجارة والخدمات اللوجستية, كما أن عمليات الاستثمار في البنية التحتية والميناء مازالت مستمرة, كما أن جيبوتي هي الموقع المخطَّط له لمحطة الغاز الطبيعي المسال القادم من إثيوبيا والذي تنفّذه شركة صينية كذلك. وبرغم جائحة كورونا التي أثرت على الاقتصاد العالمي فإن توقعات النمو في جيبوتي تتراوح من 1 إلى 3% لعام 2021م.([22])
8- الحفاظ على البلاد من خطر انتشار الحركات والتيارات الإرهابية المنشرة في المنطقة سواء في الصومال أو في منطقة الساحل الإفريقي, أو الحوثيين في اليمن الموالين لإيران.
9- على المستوى الصحي ومكافحة فيروس كورونا: فقد بذلت الحكومة جهودًا كبيرة في مكافحة الوباء, وهو ما يتضح من تقييم منظمة الصحة العالمية التي صرحت أن سلطات الصحة العامة في جيبوتي أدارت الأزمة بشكل جيد على وجه العموم، وذلك منذ صيف 2020م حتى الآن.([23])
10- تبني سياسات شعبوية من بينها: إعلان رفض التطبيع مع إسرائيل، ومناصرته للقضية الفلسطينية, في ظل موجة التطبيع التي حدثت مؤخرًا, كما أنه نشيط على المستوى الشخصي وكثير الزيارات لكل أقاليم الدولة، ويكون وسط الجماهير بصورة دائمة.([24])
خاتمة:
في ختام هذه الدراسة يمكن أن نشير إلى أهم التحديات المستقبلية التي تواجه الرئيس جيله في ولايته الجديدة، والتي تتمثل فيما يلي:
1- تحدّي مكافحة الإرهاب: والتصدي لدعوات الجماعات المتشددة كحركة الشباب التي انتقدت الرئيس جيله ووجهت دعوات لاستهداف المصالح الأمريكية والفرنسية في جيبوتي.
2- تحدي البطالة: حيث هناك نسبة تحتاج إلى العمل والتوظيف, وهو ما يمكن أن يتم التغلب عليه من خلال إكمال المشاريع التي أطلقها الرئيس جيله مؤخرًا، والتي ستوفر كثيرًا من فرص العمل, كما أنه قام بإطلاق مشروع مبادرات التوظيف في أكتوبر 2020م, وافتتح منتدى مبادرات التوظيف في فبراير 2021م.
3- تحدي تحقيق التنمية الاقتصادية: يُعد تحدّي تحقيق التنمية وإكمال المشروعات التي بدأها الرئيس من الأمور التي ستمثل تحديًا كبيرًا للرئيس في ولايته الخامسة خاصة أنها مشروعات طموحة وتحتاج لموارد مالية كبيرة, وهو ما جعل الرئيس يطلق صندوق جيبوتي السيادي لتوفير موارد لتنفيذ تلك المشروعات.
4- تحدي سداد الديون الخارجية: بسبب عدم امتلاك جيبوتي موارد مالية كبيرة لتنفيذ مشاريعها الطموحة؛ فقد اضطرت إلى الاقتراض من الخارج وخاصة من شركائها الصينين, غير أن جيبوتي في 2020م بمساعدة خبراء البنك الدولي استطاعت أن تُخفّض من هذه الديون بنسبة 70% من الناتج المحلي الإجمالي, كما أنها بهدف تقليل الديون تم إصلاح بيئة الاستثمار لجعل البلاد جاذبة للمستثمرين الأجانب, وكذلك زيادة عدد الشراكة بين القطاعين العام والخاص, بالإضافة إلى تنويع اقتصادها وتنويع شركائها وعدم الاعتماد الكلي على الصين, كما أنها ستلجأ لخصخصة بعض المشروعات بهدف سداد الديون. بالإضافة إلى أن صندوق جيبوتي السيادي سوف يحاول الاعتماد على الذات لتنفيذ المشروعات بعيدًا عن الديون.([25])
5- وأخيرًا: يتمثل آخر تلك التحديات في انتخابات الرئاسة 2026م والتي سوف يكون سنّ الرئيس تخطى 75 عامًا، وهو السن الأقصى للترشح في الانتخابات، وبالتالي اختيار شخص جديد يخلف الرئيس يحظى بتوافق الجميع هو تحدٍّ كبير, إلا في حالة حدوث تعديل دستوري يرفع قيد الحد الأقصى لسن الترشح.
الإحالات والهوامش:
([1])-AFRICAN ELECTIONS DATABASE ,” Elections in Djibouti” at , https://africanelections.tripod.com , 14/4/2011.
([2])-Idem .
([3])-Idem
([4])-” Djibouti President Ismail Omar Guelleh wins fourth term” at , https://www.bbc.com , 9/4/2016.
([5])-“Djibouti’s Constitution of 1992 with Amendments through 2010” constituteproject.org, p,7.
([6])-” Loi organique n° 1/ AN /92 relative aux élections du 29 octobre 1992 modifiée” , p,4 .
([7])-“Décret N° 2020-317/PR/MI fixant la date des élections présidentielles et portant convocation du collège électoral.” , at , https://www.presidence.dj , 14/12/2020 .
([8])-” LE PRÉSIDENT GUELLEH REMET SON DOSSIER DE CANDIDATURE À LA PRESIDENTIELLE D’AVRIL 2021″ , at , https://www.lanation.dj , 4/3/2021 .
([9])-” Présidentielle à Djibouti: les électeurs appelés aux urnes dans un contexte tendu” at , https://www.pressafrik.com , 9/4/2021.
([10])-Rachid Bayleh , “Tadjourah : Une marée humaine se mobilise pour soutenir le candidat de l’UMP” , at , https://www.lanation.dj , 28/3/2021.
([11])-NEIMA EGUEH , Le candidat indépendant à Ambouli , at , https://www.lanation , 29/3/2021.
([12])-“Djibouti presidential election: No sighting of rival candidate” at , https://www.africanews.com , 9/4/2021 .
([13])-” Djibouti’s veteran ruler Guelleh re-elected for fifth term” , at https://www.france24.com , 10/4/2021.
([14])-“Djibouti’s presidential polls expected to extend Guelleh’s 22 years in power” at , http://www.rfi.fr/fr/afrique , 8/4/2021.
([15])-“Djibouti: l’opposition ne présentera pas de candidat à l’élection présidentielle” , at http://www.rfi.fr/fr/afrique , 1/2/2021.
([16])-“Communiqué de presse : Charte de transition démocratique à Djibouti (Nantes, 27-02-21)” , at http://ard-djibouti.org , 27/2/2021 .
([17])-DEANNA WENIGER ,” Group hopes coalition will oust Djibouti” , at https://www.twincities.com , 27/3/2021 .
([18])-” Djibouti: flambée de violences dans le nord-est du pays” , at http://www.rfi.fr/fr/afrique , 15/1/2021.
([19])-Olivier Caslin , “Djibouti : les menaces des shebabs contre Guelleh, la France et les États-Unis prises très au sérieux”, at , https://www.jeuneafrique.com ,30/3/2021 .
([20])-“Elections présidentielles 2021 : L’IGAD et l’UA saluent la maturité politique et démocratique du peuple djiboutien” at , https://www.lanation.dj , 13/4/2021 .
([21])-” Le Premier ministre éthiopien félicite le président Guelleh pour sa brillante réélection ” at , http://www.adi.dj , 11/4/2021.
([22])-Kizzi Asala , “Polls open in Djibouti as veteran ruler Guelleh seeks fifth term” , at , https://www.africanews.com , 9/4/2021.
([23])-Olivier Caslin ,” Djibouti presidential election: Ismail Omar Guelleh draws closer to victory” at , , https://www.theafricareport.com , 9/4/2021.
([24])-“Abiy Ahmed had to punish those seeking to break up Ethiopia’ – Djibouti President ” ,at , https://www.theafricareport.com , 24/11/2020 .
([25])-Olivier Caslin , ” Djibouti l’ambitieuse, un modèle pour le continent ?” at https://www.jeuneafrique.com , 7/4/2021 .