مقدمة:
قامت إثيوبيا بالإرادة المنفردة دون تشاور مع شركائها في مياه نهر النيل ودون موافقتهم، بالشروع مطلع عام 2011 في بناء سد مائي على النيل الأزرق الذي هو بمثابة الرافد الأساسي لمياه النيل التي تصل إلى السودان (دولة الممر) ومصر (دولة المصبّ)، ويهدف هذا السد في المقام الأول إلى توليد الطاقة الكهربائية للاستهلاك المحلى وتصدير الفائض خارج الدولة، وقد اتبعت إثيوبيا في تنفيذ مشروعها سياسة فرض الأمر الواقع؛ حيث استغلت انشغال مصر بما جرى فيها من تحوُّلات سياسية عام 2011 لتبدأ في مشروعها، ما أدَّى إلى وضع مصر والسودان أمام أزمة مائيَّة محقَّقة الوقوع، لتدخل إثيوبيا بذلك معهما في صراع سياسي محتدم من حينها وحتى الآن.
وتسويةً لهذا الصراع، وحلّاً لهذه الأزمة اتخذت مصر (الدولة الأكثر تضرُّرًا من المشروع) سُبُل التسوية السِّلميَّة؛ بدءًا من التفاوض المباشر، مرورًا بالوساطة، وصولاً إلى عرض القضية على مجلس الأمن الدولي والاتحاد الإفريقي.
وقد سلكت إثيوبيا خلال رحلة التسوية السلمية التي استمرت زهاء العشر سنوات سُبلاً ملتوية، وأساليب مراوغة؛ بهدف كسب الوقت من أجل تنفيذ المشروع وتشغيله بالإرادة المنفردة كأمر واقع، وذلك بالمخالفة لأبسط قواعد القانون الدولي ذات الصلة، ما حوَّل الأزمة إلى معضلة ازداد الصراع فيها تفاقمًا وتعقيدًا، وضاق فيها أُفُق التسوية، وانعدمت كلُّ الخيارات بعدما تحطَّمت جميعًا على صخرة المعاندة، وتبدَّدت في متاهة المراوغة الإثيوبية، وكاد استخدام القوة العسكرية أن يكون الخيار الوحيد الذي وضعت إثيوبيا مصرَ أمامه، ولئن لم يكن هذا الخيار من بين مبادئ ولا أساليب العقيدة العسكرية المصرية العريقة، إلا أنَّ اللجوء إليه بات غير مستبعَدٍ، بل أصبح قاب قوسين أو أدنى في ظل تعنُّت إثيوبيا وعدم استجابتها لكل التسويات السلمية المطروحة.
وتناقش هذه الدراسة بصفة رئيسية قرار استخدام القوة العسكرية للدفاع عن حقوق مصر الطبيعية في مياه نهر النيل في بُعده السياسي والقانوني؛ من خلال الإجابة عن التساؤلات التالية:
1- ما هي حقوق الدول المتشاطئة في الأنهار الدولية؟ وما سندها القانوني؟
2- ما هي الدول أطراف قضية سد النهضة؟
3- ما هي القوانين الدولية التي تحكم علاقة مصر وإثيوبيا والسودان بشأن مياه النيل؟
4- كيف بدأت وتطورت أزمة سد النهضة؟، وما هو سلوك كل من أطرافها حيال التسوية السلمية؟
5- ما هي حالة الأمن المائيّ المصريّ وعلاقته بالأمن القومي المصري؟
6- ما هو تقدير (كثافة) حقوق (مصالح) مصر وإثيوبيا والسودان في إقامة وتشغيل سدّ النهضة؟
7- ما هو الأساس القانوني لحقوق (مصالح) وواجبات مصر وإثيوبيا والسودان في قضية سد النهضة؟
8- ما مدى مشروعية استخدام القوة العسكرية في تسوية معضلة سد النهضة؟
9- ما هي ضوابط استخدام القوة العسكرية في تسوية معضلة سد النهضة؟
10- ما هي السيناريوهات المتوقعة لمآلات معضلة سد النهضة؟
وفى سبيلها للإجابة عن هذه التساؤلات وفقًا لترتيبها المنطقي؛ تنقسم هذه الدراسة إلى قسمين يعقبهما خاتمة، يتناول القسم الأول الأبعاد الرئيسية لحقوق مصر في مياه النيل ومعضلة سد النهضة، فيما يقدم القسم الثاني تأصيلاً للأبعاد السياسية والقانونية لقرار استخدام مصر للقوة العسكرية في الدفاع عن حقوقها في مياه النيل، وبخاصة في قضية سد النهضة الإثيوبي، وتجدر الإشارة إلى أن التناول سيكون قاصرًا على إيضاح الفكرة الرئيسية التي يستهدفها التساؤل دون الخوض فيما قد تثيره الإجابة من جدليات نظرية أو مفاهيمية، فثمة دراسات لا حَصْر لها تناولت هذه الجدليات ولا داعي لتكرارها؛ حيث ضاق الوقت واستحكمت المعضلة، ودقت ساعة الحسم.
القسم الأول
حقوق مصر في مياه النيل ومعضلة سدّ النهضة
يقدّم هذا القسم بيانًا موجزًا عن حقوق الدول المتشاطئة في الأنهار الدولية بصفة عامة، وسندها القانوني، ثم يبيّن دول حوض النيل، ويحدد علاقتها بقضية سد النهضة، ثم يذكر القوانين الدولية التي تحكم علاقة مصر وإثيوبيا والسودان بشأن مياه النيل، وفي الأخير يوضّح مراحل تطوُّر أزمة سد النهضة وسلوك أطرافها حيال التسوية.
أولاً: حقوق الدول المتشاطئة في الأنهار الدولية وسندها القانوني:
تجد حقوق الدول المتشاطئة في الأنهار الدولية مصدرها في قواعد القانون الدولي العام، وتنقسم هذه الحقوق إلى نوعين:
أولهما: استخدام النهر ومياهه للأغراض الملاحية، ويستند هذا النوع إلى معاهدة برشلونة للممرّات المائية ذات الأهمية الدولية لعام 1922([1])، فضلاً عن القواعد العامة للقانون الدولي بمصادرها المعروفة([2])، ولا يثير مثل هذا النوع ثمة مشكلات ما لم يتسبّب في ضررٍ بحقوق الدول المتشاطئة، ولا يتعدَّى الضرر المتصوّر هنا بعض الأضرار المحدودة التي تتعلق بنوعية (جودة) المياه.
وثانيهما: استخدام النهر ومياهه في غير الأغراض الملاحية، ويستند هذا النوع أيضًا إلى قواعد القانون الدولي ذات الصلة، ويتصدرها هنا المعاهدات الخاصة بين الدول المتشاطئة، ويليها اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 مايو عام 1997([3])، ودخلت حيّز النفاذ في 18 أغسطس عام 2014 (بعد انقضاء 90 يومًا من تاريخ إيداع الدولة الـ35 لوثيقة تصديقها على الاتفاقية، وكانت تلك الدولة هي فيتنام، والتي أودعت وثيقة تصديقها في 19 مايو عام 2014)، وبالنسبة لما لم يرد بشأنه نص في النصوص المذكورة أو ما لا يتعارض معها، يرجع فيه إلى قواعد العرف الدولي، ثم إلى المبادئ القضائية التي أرستها أحكام المحاكم الدولية([4]).
ولسنا هنا بصدد تفصيل أو تحليل أو تقويم هذه المصادر القانونية لحقوق الدول المتشاطئة في الأنهار الدولية، إنما نستخلص المبادئ العامة التي تتوفر عليها هذه المصادر مجتمعةً، والتي يجب على الدول المتشاطئة في النهر الدولي الالتزام بها، ومن أهم ما يعنينا من هذه المبادئ([5]):
1-حق الدول المتشاطئة في الاستخدام المنصف والعادل لمياه النهر، مع وجوب مراعاة الحقوق المستقرة والمكتَسَبة عبر الزمن، والتي تتعلق بكميات المياه التي تستخدمها كل دولة.
2-الالتزام بالإخطار المسبَق قبل إقامة مشروعات تنتقص من كميات المياه التي تصل إلى دولة أخرى، وعدم الشروع في تنفيذ مثل هذه المشروعات دون اتفاق صريح بين الدول ذات الصلة.
3-الالتزام عند إقامة مشروعات أخرى تؤثر على حقوق الدول الأخرى بالتشاور مع هذه الدول، مع الحرص على تجنُّب التأثيرات السلبية أو الحدّ منها، ووجوب التعويض عما يقع من أضرار.
4-الالتزام بالتعاون في الانتفاع بمياه النهر.
5-الالتزام بتسوية المنازعات بالطرق السلمية.
ثانيًا: دول حوض النيل وعلاقتها بقضية سد النهضة:
تنحصر دول حوض نهر النيل في كلّ من: الكونغو الديمقراطية وبوروندي، ورواندا وتنزانيا، وأوغندا وكينيا، وجنوب السودان والسودان، وإريتريا وإثيوبيا، والسودان ومصر([6]).
وتتشاطأ هذه الدول جميعًا حوض نهر النيل عبر ثلاثة أحواض فرعية؛ هي: حوض هضبة البحيرات الاستوائية، وحوض الهضبة الاستوائية، وحوض بحر الغزال([7])، وهى معنية بإدارته بما يعظم الاستفادة منه، ويؤمّن استخدام كلّ دولة منها له ولمياهه استخدامًا آمنًا ومنصفًا وعادلاً لا يضر بحقوق ومصالح باقي الدول.
ووفقًا لطبيعة حوض النهر، واتجاه مجرى مياهه؛ تتضرر مصر من الاستخدام الجائر لأيّ دولة من كل هذه الدول باعتبارها دولة المصبّ، وكذلك تتضرر السودان من الاستخدام الجائر لأيّ دولة من كل هذه الدول بما فيها مصر، باعتبارها دولة المجرى التي تسبق مصر دولة المصبّ مباشرة، إلا أن تضرُّرها من استخدام مصر الجائر لا يكون في كل الحالات إلا تضررًا جزئيًّا محدود التأثير، أما إثيوبيا فلا تتضرَّر من الاستخدام الجائر إلا مِن قِبَل إريتريا، والضرر المحتمل هنا لا يكون في كل الحالات إلا تضررًا جزئيًّا محدود التأثير.
ووفقًا لذلك وبالنظر إلى موقع “سد النهضة الإثيوبي الكبير”؛ فالتأثيرات السلبية المحققة الوقوع والمحتملة الوقوع الناتجة مباشرة عن هذا السدّ لا يتضرر منها سوى مصر والسودان، ويكون الضرر الأكبر من نصيب مصر، ومن ثمَّ فإنَّ أطراف معضلة سدّ النهضة هم إثيوبيا ومصر والسودان، أما باقي دول الحوض فلا تُعدّ طرفًا مباشرًا في هذه المعضلة.
ثالثًا: القوانين الدولية التي تحكم علاقة مصر وإثيوبيا والسودان بشأن مياه النيل الأزرق:
تخضع علاقة مصر وإثيوبيا والسودان بشأن مياه النيل الأزرق للقواعد العامة للقانون الدولي العام وفقًا لمصادرها المشار إليها آنفًا، فهناك أحكام اتفاقية خاصة، وهناك أحكام دولية عامة.
1-الأحكام الاتفاقية الخاصة:
هناك العديد من الاتفاقات الخاصة التي تنظّم حقوق مصر وإثيوبيا والسودان في مياه نهر النيل، منها ما هو ثنائي بين مصر وإثيوبيا، ومنها ما هو ثنائي بين مصر والسودان، ومنها ما هو ثنائي بين دولتين أخريين، ومنها ما هو جماعي بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنه ما هو جماعي بين الدول الثلاث، وكلّ أو جُلّ دول حوض نهر النيل([8]).
2-القواعد العامة للقانون الدولي:
تنطبق كافة قواعد القانون الدولي بشأن استخدامات مياه الأنهار على حالة أطراف معضلة سد النهضة مصر وإثيوبيا والسودان، ومن أهمها قواعد هلسنكي لعام 1966، وتوصيات ماردل بلانا لعام 1977، واتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية لعام 1997، فضلاً عن قواعد العرف الدولي ذات الصلة، وكذلك القواعد التي أرستها أحكام القضاء الدولي في هذا الشأن.
وليس المقام هنا -كما أسلفنا- مقام تفصيل ولا تحليل ولا تقويم لقواعد القانون الدولي التي تحكم علاقة مصر وإثيوبيا والسودان بشأن استخدامات مياه نهر النيل، وإنما نشير إليها إجمالاً للتأكيد على أنه لا يوجد اتفاقات خاصة تُخرج حقوق الدول الثلاث في استخدامها لمياه نهر النيل عن الخضوع لقواعد القانون الدولي العام ذات الصلة، وعليه يمكن القول بثبوت حقّ الدول الثلاث في استخدام مياه النهر ثبوتًا يقينيًّا بشرط الوفاء بالالتزامات التالية([9]):
– الالتزام بالإخطار المسبق، والحصول على الموافقة المسبقة عند إقامة مشروعات من شأنها تقليل حصة مصر والسودان عن القِيَم المبيَّنة آنفًا.
– الالتزام بالتشاور عند احتمال وقوع أضرار أخرى.
– الالتزام بالتعويض عما يقع من هذه الأضرار الأخرى.
– الالتزام بالتعاون في إدارة مياه النهر.
– الالتزام بتسوية الصراعات ذات الصلة بالطرق السلمية.
– الالتزام بتنفيذ الالتزامات السابقة بحسن نية.
رابعًا: تطوُّر أزمة سدّ النهضة، وسلوك أطرافها حيال التسوية السلمية:
تنبئ كافة المؤشرات على أن إثيوبيا خطَّطت لإنشاء سد النهضة الكبير، وعقدت العزم، وبيتت النية على تنفيذ مشروعها، فظلت في إصرار تترصد أحوال مصر حتى اندلعت أحداثها السياسية مطلع عام 2011، فسارعت إثيوبيا إلى البدء في تنفيذ المشروع استغلالاً لانشغال مصر بأحداثها الداخلية، ثم تلقت مساعي مصر للتسوية السلمية بالتسويف والمماطلة كسبًا للوقت وفرضًا للمشروع بسياسة الأمر الواقع، أما السودان فقد تذبذبت مواقفها بين الطرفين الآخرين مع تمسكها بالتسوية السلمية من جهة، وبعدم الإضرار بمصالحها من جهة أخرى([10]).
فمنذ بداية الأزمة عمدت إثيوبيا إلى إخفاء المعلومات الحقيقية عن اسم المشروع ومواصفاته الفنية ومصادر تمويله، فأطلقت عليه في البداية “سد الحدود”، ثم “المشروع اكس” (Project-X)، ثم سد الألفية، واستقرت في النهاية على استخدام اسم “سد النهضة الكبير”؛ وذلك لإرباك محاولات جمع البيانات عن السد وتضليل متتبعيه. أما عن مواصفات السد الفنية؛ فقد أعلنت في البداية أن سعة بحيرة السد التخزينية لن تتعدى 14 مليار متر مكعب، ثم رفعتها لتصل إلى 63 مليار متر مكعب، ثم إلى 74 مليار متر مكعب، أما عن الطاقة الإنتاجية للسد من الكهرباء فلم تفصح عنها إثيوبيا إلا تدريجيًّا لتصل في النهاية إلى 6450 ميجاوات/ساعة عند التشغيل الكامل، وكذلك تعمدت التضليل حول مصادر تمويل السد([11]).
أما عن مسار المفاوضات فقد أطالت إثيوبيا فيها النَّفَس لدرجة كاد أن ينفد فيها صبر مصر، وفيما يلى بعض أهم أحداث التسلسل الزمني لمسار التسوية السلمية الذي تختاره مصر حتى الآن([12]):
– مايو 2011: أعلنت إثيوبيا أنها سوف تُطْلِع مصر والسودان على مخططات السدّ؛ لدراسة تأثيره المحتمل على البلدين؛ فبدأت عملية التفاوض الثلاثي.
– سبتمبر 2011: اتفقت الأطراف على تشكيل لجنة دولية لدراسة التأثيرات المحتملة للسدّ.
– مايو 2012: بدأت اللجنة أعمالها بفحص الدراسات الإثيوبية الهندسية في أجواء من التعتيم وإخفاء المعلومات.
– مايو 2013: أصدرت لجنة الخبراء تقريرها بضرورة إجراء دراسات تقييم لآثار السد وطلب مصر أن تضم اللجنة خبراء أجانب؛ إلا أن المفاوضات توقفت بسبب الأحداث السياسية التي تجددت في مصر آنذاك.
– يونيو 2014: اتفقت مصر وإثيوبيا على العودة للمفاوضات مرة أخرى.
– أغسطس 2014: اتفقت مصر وإثيوبيا على تنفيذ توصيات اللجنة عبر مكتب استشاري أجنبي.
– سبتمبر 2014: عقدت اللجنة الثلاثية اجتماعها الجديد الأول للتباحث حول صياغة شروط وقواعد وإجراءات ومواعيد عمل اللجنة.
– أكتوبر 2014: اتفق الأطراف الثلاثة على اختيار مكتبين استشاريين؛ أحدهما هولندي، والثاني فرنسي لعمل الدراسات المطلوبة للسدّ.
– مارس 2015: إبداءً لحسن النية من جانب مصر وقَّع الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى مريام ديسالين في الخرطوم وثيقة “إعلان مبادئ سد النهضة”. وتضمنت الوثيقة 10 مبادئ أساسية تتسق مع القواعد العامة للقانون الدولي في شأن استخدامات مياه الأنهار الدولية.
– يوليو 2015: عقدت اللجنة الفنية الجولة السابعة لاجتماعاتها، وأصدرت بيانًا يتضمن قواعد وأُطُر عمل المكتبين الاستشاريين الدوليين.
– سبتمبر 2015: انسحب المكتبان الاستشاريان لـ”عدم وجود ضمانات لإجراء الدراسات في حيادية”.
– نوفمبر 2015: عادت الاجتماعات الفنية لتلتئم مرة أخرى في القاهرة، والتي انتهت إلى عقد جولة جديدة للتفاوض في الخرطوم بحضور وزراء الخارجية والمياه معًا.
– ديسمبر 2015: وقَّع وزراء خارجية الدول الثلاث في الخرطوم على وثيقة تتضمن التأكيد على اتفاق إعلان المبادئ الموقَّع سلفًا من القادة، ومع تكليف مكتبين استشاريين فرنسيين لتنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالمشروع.
– ديسمبر 2015: أعلن الرئيس المصري أن المياه مسألة حياة أو موت، وأن هناك تفاهمًا مع إثيوبيا بشأن سد النهضة.
– فبراير 2016: أعلنت إثيوبيا أنها لن تتوقف عن بناء سد النهضة ولو للحظة.
– مايو 2016: أعلنت إثيوبيا أنها على وشك إكمال 70 في المائة من بناء السد.
– مايو 2017: تم الانتهاء من التقرير المبدئي حول سد النهضة، واختلفت الدول الثلاث على ما انتهى إليه التقرير.
– يوليو 2017: زار وزير الخارجية المصري إثيوبيا، ودعا إلى ضرورة إتمام المسار الفني الخاص بدراسات السد وتأثيره على مصر.
– 15 أكتوبر 2017: وافقت مصر على التقرير المبدئي للمكتب الاستشاري، وبعدها زار وزير الري المصري موقع السد لمتابعة الأعمال الإنشائية، وأعرب عن قلق مصر بسبب تأخر تنفيذ الدراسات الفنية للسد.
– 13 نوفمبر 2017: أعلنت إثيوبيا والسودان رفضهما التقرير المبدئي للمكتب الاستشاري، ووزير الري المصري يعلن عدم التوصل لاتفاق.
– 15 نوفمبر 2017: أعلنت مصر أنها ستتخذ ما يلزم لحفظ حقوقها المائية.
– يونيو 2018: في أول زيارة للقاهرة يقوم بها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد منذ توليه منصبه، اتفق الرئيس المصري ورئيس وزراء إثيوبيا على تبني “رؤية مشتركة” قائمة على التعاون واحترام حق البلدين في تحقيق التنمية بدون الإضرار بالطرف الآخر، ومع ذلك ظلت المفاوضات تراوح مكانها دون إحراز أيّ تقدُّم يُذْكَر، رغم إبداء مصر لمرونة كبيرة وعرضها أكثر من رؤية ومقترح بشأن التسوية.
– 18 سبتمبر 2019: أعلنت إثيوبيا رفضها المقترحات المصرية الجديدة وتجمدت المفاوضات، حتى دعت الولايات المتحدة إلى إحياء المفاوضات بوساطتها فقبلت مصر حرصًا على التسوية السلمية.
– 6 نوفمبر 2019: اجتمع وزراء خارجية الدول الثلاث في واشنطن، وأبدت إثيوبيا استعدادها للتعاون؛ فتحدث الجميع عن انفراجة دفعتهم لبدء اجتماعات جديدة.
– 15 و16 نوفمبر2019: اجتمع وزراء المياه والري ثلاثتهم في أديس أبابا بحضور ممثلي الولايات المتحدة، والبنك الدولي كمراقبين، واتفقوا على استمرار التشاور والمناقشات الفنية حول ملء وتشغيل سد النهضة في اجتماع قادم بالقاهرة.
وبعدها تكثفت الاجتماعات والمفاوضات الماراثونية في عواصم الأطراف وفي العاصمة واشنطن إلى أن أوشك الجميع على إنجاز الاتفاق النهائي، وأعدت واشنطن وثيقة أولية تضمنت الاتفاق على حسم ثلاثة موضوعات من أكثر القضايا أهميةً، وهي([13]):
1-جدول يتضمن خطة ملء سد النهضة على مراحل.
2-الآلية التي تتضمن الإجراءات ذات الصلة بالتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة أثناء الملء.
3-الآلية التي تتضمن الإجراءات الخاصة بالتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة أثناء التشغيل.
ووقَّعت مصر على هذه الوثيقة في ختام الجلسة ولم توقع إثيوبيا ولا السودان، وتوطئة لإعداد الاتفاق النهائي استمرت المشاورات الفنية، واستقبل الرئيس المصري في 22 فبراير 2020 في القاهرة رئيس وزراء إثيوبيا السابق بصفته مبعوثًا خاصًّا لرئيس الوزراء الحالي، وتناول اللقاء جهود التسوية السلمية لقضية سد النهضة، ودعت واشنطن إلى اجتماع على المستوى الوزاري لبلورة الاتفاق النهائي إلا أن إثيوبيا لم تحضر الاجتماع، وطلبت مزيدًا من الوقت للتشاور، ووقَّعت مصر على مشروع الاتفاق بالأحرف الأولى، وأكدت وزارة الخزانة الأمريكية أهمية عدم البدء في ملء بحيرة سد النهضة دون إبرام اتفاق نهائي بين الدول الثلاث، وأعربت عن تقدير الولايات المتحدة لتوقيع مصر على الاتفاقية بالأحرف الأولى، واستعدادها للتوقيع النهائي عليها([14]).
وقد تزامن ذلك مع إعلان إثيوبيا المتكرر عن عزمها الاستمرار في استكمال الإنشاءات والبدء في ملء بحيرة السد في الأول من يوليو 2020، ما أثار حفيظة مصر؛ فأعلنت خارجيتها رفضها التام للموقف الإثيوبي الذي يتعارض مع اتفاق إعلان المبادئ المبرم عام 2015 بين الدول الثلاث، ويتنافى بالكلية مع مبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات المتبادلة، وإلى هنا تجمدت المفاوضات([15]).
وفى يونيه 2020 أطلقت السودان مبادرة للعودة للمفاوضات، وعلى الرغم من بوادر سوء النية الإثيوبية، واستمرارًا لإبداء مصر حُسْن نيّتها؛ قبلت المبادرة، وفي 9 يونيو 2020 بدأت اجتماعات بين وزراء الري في الدول الثلاث بحضور مراقبين دوليين (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب إفريقيا الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي)، ولم تُسْفِر الاجتماعات عن شيء سوى مزيد من التعنُّت والمراوغة الإثيوبيين؛ الذي يعبر عنهما ما طرحته إثيوبيا من اقتراحات لا يمكن لعاقل أن يقبل مناقشتها، وتتضمن التوقيع على ورقة غير ملزمة تتنازل مصر والسودان بموجبها عن حقوقهما المائية وتعترفان لإثيوبيا بحق غير مشروط في استخدام مياه النيل الأزرق بشكل أحادي، وبحق إثيوبيا المطلق في تغيير وتعديل قواعد ملء وتشغيل سد النهضة بشكل أحادي في ضوء معدلات الكهرباء المستهدف توليدها من السد، ولتلبية احتياجات إثيوبيا المائية، دون مراعاة حقوق مصر والسودان ودون تقديم أي ضمانات لهما في فترات الجفاف والجفاف الممتد، ودون الالتزام بتوفير أيّ حماية لهما من الآثار والأضرار الجسيمة التي قد تترتب على ملء وتشغيل السد([16]).
فما كان من مصر إلا أن تقدمت -إعمالاً للمادة ٣٥ من ميثاق الأمم المتحدة التي تُجيز للدول الأعضاء تنبيه مجلس الأمن إلى أيّ أزمة من شأنها أن تُهدّد الأمن والسِّلْم الدوليين- بطلب إلى مجلس الأمن تدعو فيه المجلس إلى التدخل من أجل: تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث -مصر وإثيوبيا والسودان- التفاوض بحُسن نية؛ تنفيذا لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي من أجل التوصل إلى حلّ عادل ومتوازن لقضية سدّ النهضة الإثيوبي، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التسوية السلمية([17]).
وفى 26 يونيه 2020 شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي عبر الفيديو كونفرانس في قمة مصغرة لرؤساء الدول الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الإفريقي لمناقشة قضية سد النهضة، وقد تم التوافق في ختام القمة على تشكيل لجنة حكومية من الخبراء القانونيين والفنيين من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، إلى جانب الدول الإفريقية الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الإفريقي، وكذا ممثلي الجهات الدولية المراقبة للعملية التفاوضية، وذلك بهدف الانتهاء من بلورة اتفاق قانوني نهائي ملزم لجميع الأطراف بخصوص قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، مع الامتناع عن القيام بأي إجراءات أُحادية، بما في ذلك ملء السد، قبل التوصل إلى هذا الاتفاق، وقد تمَّ مكاتبة مجلس الأمن بهذا المضمون باعتباره جهة الاختصاص لأخذه في الاعتبار عند مناقشته القضية([18]).
وفى جلسة مطولة في 29 يوليو ناقش مجلس الأمن قضية سدّ النهضة، وتمسك كلّ طرف بموقفه؛ أبدت إثيوبيا أنها تتعاطى مع جهود الاتحاد الإفريقي، وأنها عازمة على إنهاء الاتفاق خلال أسبوعين، ومن ثم البدء في ملء البحيرة، وذلك في إطار جهود الاتحاد الإفريقي، وقد حثت جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الأطراف الثلاثة على مواصلة الانخراط في جهود التسوية التي بدأها الاتحاد الإفريقي تحت مراقبة مجلس الأمن، وتأمل مصر وتشايعها السودان في إنجاز اتفاق نهائي وشامل هذه المرة في خلال الأيام القليلة القادة؛ وإن كانت المؤشرات العامة تنبئ بغير ذلك([19]).
القسم الثاني
مشروعية وضوابط استخدام القوة العسكرية
تقدم الدراسة في هذا القسم رصدًا لحالة الأمن المائي المصري، ومدى تأثره بمشروع سد النهضة، ومدى تأثيره على الأمن الوطني المصري، وصولاً إلى تقدير كثافة المصلحة الوطنية المصرية في الدفاع عن حقوق مصر المائية، ثم بيان مدى مشروعية وضوابط استخدام القوة العسكرية في الدفاع عن هذه الحقوق المائية ضد أيّ اعتداء يمثله سدّ النهضة أو أيّ مشروعات غيره يكون لها تأثير سلبي على حصة مصر التاريخية المكتسبة والمستقرة من المياه.
أولاً: حالة الأمن المائي المصري وعلاقته بالأمن القومي المصري:
يستخدم مصطلح الميزان المائي للتعبير على مدى توافر احتياجات الدولة من المياه، وللميزان المائي أحوال ثلاثة؛ هي: الوفرة المائية، والتوازن المائي، والعجز المائي، كما تُصنّف الدول وفق نصيب الفرد فيها سنويًّا من المياه إلى أربع فئات؛ هي: دول الوفرة المائية، وتلك هي الدول التي يزيد فيها نصيب الفرد عن 2000 متر مكعب سنويًّا من المياه، ودول الإجهاد المائي، وتلك هي الدول التي يراوح فيها نصيب الفرد بين 1000 و1700 متر مكعب سنويًّا من المياه، ودول الندرة المائية (الفقر المائي)، وتلك هي الدول التي يقل فيها نصيب الفرد عن 1000 متر مكعب سنويًّا من المياه، ودول الندرة المطلقة، وتلك هي الدول التي يقل فيها نصيب الفرد عن 500 متر مكعب سنويًّا من المياه.
وتكاد تنحصر موارد مصر المائية -على خلاف باقي دول حوض النيل- في مياه النيل؛ فكل ما يمكن لمصر وبالكاد أن تحصل عليه من المياه العذبة من الأمطار والمياه الجوفية وإعادة تدوير المياه، وتحلية مياه البحر لا يغطي إلا حوالي 10% من احتياجاتها المائية الأساسية، وتعتمد في 90% أو أكثر على حصتها من مياه النيل، ووفقًا للمعايير السابقة يقع الميزان المائي المصري في العقد الأخير ضمن فئة العجز المائي، وتصنف مصر وفقًا لنصيب الفرد فيها من المياه ضمن دول الندرة المطلقة أو الفقر المائي؛ حيث تجاوز عدد سكانها الـ100 مليون نسمة فيما لا تتجاوز حصتها من مياه النيل 55,5 مليار متر مكعب من المياه؛ حيث تقل عن ذلك في أغلب السنوات نتيجة التغيرات المناخية([20]).
أما عن الميزان المائي السوداني فتشير العديد من الدراسات إلى أن السودان تُعدّ في العقد الأخير من دول التوازن المائي، وتستشرف عدة دراسات دخول الميزان المائي السوداني إلى فئة العجز المائي بحلول الربع الأول من القرن الحالي، وتُصنّف السودان وفقًا لنصيب الفرد فيها من المياه ضمن دول الإجهاد المائي، وتعتمد السودان بنسبة كبيرة أيضًا في توفير احتياجاتها من المياه على حصتها من مياه نهر النيل، ولكن بدرجة أقل بكثير من مصر؛ حيث توفّر لها الأمطار والمياه الجوفية أكثر بكثير مما توفّره لمصر([21]).
أما بالنسبة للميزان المائي الإثيوبي فيطلق البعض على إثيوبيا نافورة مياه إفريقيا؛ حيث تشير كل الدراسات إلى أن الميزان المائي الإثيوبي يتصدر فئة الوفرة المائية، وتصنف إثيوبيا وفقًا لنصيب الفرد فيها -رغم تعداد سكانها الذي تخطى الـ100 مليون نسمة كمصر- من دول الوفرة المائية التي يزيد فيها نصيب الفرد عن 2000 متر مكعب سنويًّا([22]).
وتأتى حصة مصر والسودان من مياه النيل من مصدرين؛ أولهما: منابع حوض البحيرات الاستوائية ومنابع حوض بحر الغزال بحوالي نسبة 15%. وثانيهما: منابع حوض الهضبة الإثيوبية بحوالي نسبة 85%، ويتوزع نسبة الـ85% هذه على ثلاثة روافد؛ أولها: النيل الأزرق، ويسهم بحوالي نسبة 58%، ونهر السوباط ويسهم بحوالي نسبة 14%، ونهر عطبرة ويسهم بحوالي نسبة 13%، أي أن حوالي 28,5 – 29 مليار متر مكعب سنويًّا ترد من النيل الأبيض يصل منها إلى أسوان حوالي 24 مليار متر مكعب، وحوالي 54 مليار متر مكعب سنويًّا ترد من النيل الأزرق يصل منها إلى أسوان حوالي 48 مليار متر مكعب، وحوالي 12 مليار متر مكعب سنويًّا ترد من نهر عطبرة يصل منها إلى أسوان حوالي 11,5 مليار متر مكعب، ويكون مجموع ما يصل إلى حدود مصر المشتركة مع السودان حوالي 85 مليار متر مكعب سنويًّا، يُفقد منها حوالي 11 مليار متر مكعب، والباقي حوالي 74 مليار متر مكعب هي إجمالي حصتي مصر والسودان والتي تختص منها مصر بـ 55,5 مليار متر مكعب سنويًّا، وتختص السودان منها بـ 18,5 مليار متر مكعب سنويًّا، وتُعدّ هذه الكميات حقوقًا تاريخية مكتسَبة تلتزم باقي دول الحوض بألَّا تتسبب في نقصانها بإرادتها المنفردة، وفقًا للقواعد القانونية الدولية ذات الصلة والمبيّنة آنفًا([23]).
ثانيًا: تقدير (كثافة) حقوق (مصالح) مصر وإثيوبيا والسودان في إقامة وتشغيل سد النهضة:
يُعد تقدير كثافة المصلحة الوطنية المراد تحقيقها أو حمايتها من أهم وأكثر المراحل أهمية وحساسية في عملية صنع القرار السياسي، وبخاصة في مجال العلاقات الدولية، ومن هنا وتوطئة لمناقشة قرار استخدام القوة العسكرية في قضية سدّ النهضة يتعين الوقوف على التقدير الدقيق لكثافة المصالح والمخاطر التي تنشأ بسبب ملء وتشغيل إثيوبيا لسد النهضة من جانب واحد وبإرادتها المنفردة، وذلك بالنسبة للدول الثلاث أطراف القضية.
1-بالنسبة لمصر:
في ضوء حالة الأمن المائي المصري سالفة البيان يمكن القول بأن أقل نقص يعتري حصة مصر من مياه النيل يؤثر تأثيرًا سلبيًّا كبيرًا على أمنها المائي، ومن ثم أمنها الغذائي، ما ينعكس سلبًا وبالضرورة على أمنها الوطني فحياة أكثر من 100 مليون إنسان رهن بالحفاظ على حصة مصر من مياه النيل التي تُعدّ على وضعها الحالي الحد الأدنى اللازم لبقاء الدولة واستمرار حياتها.
ووفقًا لما سلف بيانه من إسهام النيل الأزرق المقام عليه سد النهضة بما يقارب 60% من حصة مصر من مياه النيل، فإن تشغيل السد وفقًا لرؤية إثيوبيا وبإرادتها المنفردة سيترتب عليه حتمًا نقصان حصة مصر من مياه النيل بمقدار النصف تقريبًا خلال سنوات ملء الخزان فضلاً عن أنها ستقل، وإن كان بمقدار أقل في سنوات التشغيل اللاحقة، ولا تقف التأثيرات السلبية لسد النهضة على مصر عند نقص المياه فحسب إنما تتعداها إلى عشرات التأثيرات السلبية الشديدة، والتي عدَّدتها كثير من الأدبيات السابقة ونحيل إليها منعًا من التكرار([24])، وهو ما يجعل التأثيرات السلبية الناتجة حتمًا عن هذا المسلك الإثيوبي سريعة الحدوث ومتتابعة ومتلاحقة بدرجة يتعذر معها تداركها في المدى المنظور، أي: أن تشغيل السد وفقًا لرؤية إثيوبيا وبإرادتها المنفردة يمثل تهديدًا حقيقيًّا مباشرًا محقق الوقوع للأمن الوطني المصري؛ إذ يتهدد بقاء الدولة، ومن ناحية أخرى تمثل مخاطر انهيار السد في ظل نقص معامل الأمان الذي تتحدث عنه التقارير المختلفة تهديدًا محتملاً يتهدد بقاء الدولة أيضًا وبدرجة يتعذر تداركها في المدى القريب.
2-بالنسبة للسودان:
في ضوء حالة الأمن المائي السوداني سالفة البيان يمكن القول بأن النقص المحقق الوقوع الذي سيلحق بحصة السودان من مياه النيل سيؤثر بدرجة كبيرة على الميزان المائي السوداني لتدخل السودان في فئة العجز المائي الكبير والندرة المائية المطلقة، وهو ما يمثل تهديدًا شديدًا لبقاء الدولة، وإن كان وقوعه سيكون على التراخي، وبدرجة قد يمكن تدارك تأثيراتها على المدى الطويل، أما من ناحية مخاطر انهيار السد فتمثل في حالة السودان تهديدًا شديدًا يتهدد بقاء الدولة بدرجة يتعذر تدارك تأثيراتها في المدى القريب([25]).
3-بالنسبة لإثيوبيا:
تروّج إثيوبيا في الداخل والخارج لمشروع سد النهضة -على خلاف الحقيقة- باعتباره طوق النجاة للاقتصاد الإثيوبي([26])، وأنها تمارس من خلال المشروع حقها الأصيل في تحقيق التنمية لشعبها، ومع التسليم جدلاً بصحة هذه المزاعم الإثيوبية، والتي لا تخلو من جانب من الحقيقة، فإن المصلحة التي يحققها المشروع لا تخرج عن إطار تعزيز الرفاهية الاقتصادية للدولة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن سدّ النهضة وبفرض تشغيله وفقًا للرؤية الإثيوبية لن يغيّر من الأوضاع المتردية في إثيوبيا شيئًا يُذْكَر، فتكاد تجمع الأدبيات ذات الصلة على أن السدّ من حيث حسابات العوائد والتكاليف يُعدّ مشروعًا متواضع النفع لا طائل تنموي حقيقي كبير من ورائه([27])، المشكلات الإثيوبية أكبر وأعمق من قضية سد النهضة فثمة صراع سياسي إثني محتدم بين الإثنيات الإثيوبية التي لم يجتمع شملها ذات مرة إلا لمحاربة عدو مشترك كالنظام الإمبراطوري ثم النظام العسكري “الدرج” بقيادة منجستو هيلا ماريام، الهارب حتى هذه اللحظة خارج البلاد، وتعجز السلطات عن إعادته رغم محاكمتها له وإدانته، ثم لا تلبس أن تتفرق كلمتها كما حدث بعد سقوط نظام “منجستو”، ولم تفلح كل محاولات نظام “الجبهة الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية” منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن في إدارة التعددية الإثنية، وبناء الدولة الوطنية رغم تبنّيها لسياسة الفيدرالية الإثنية، ذلك بأن تطبيقها لهذه السياسة قد أفرغها من مضمونها وفوَّت الهدف منها بتسلطه وغلقه للمجال السياسي وقمعه للمعارضة في ديمقراطية شكلية زائفة، وليس أدلَّ على ذلك من انفراط عقد ائتلاف الجبهة الثورية الحاكمة قبيل انتهاء ولايتها الحالية، وتشبُّث رئيس الوزراء الحالي بالسلطة وتأجيله الانتخابات بغير سند دستوريّ بهدف كسب الوقت لاستعادة شعبيته المتدهورة بعد اشتداد قمعه واشتداد الصراعات الإثنية بين النظام وبعض الإثنيات وبين الإثنيات وبعضها البعض، وهو ما يفسّر إصرار النظام الإثيوبي الحاكم على اتباع سياسة حافة الهاوية في مفاوضاته مع مصر وتعنّته الشديد ومراوغته الدائمة، بهدف داخلي يتمثل في خلق عدو يجمع به كلمة الساسة والشعب حوله، وبهدف خارجي يتمثل في استمالة الدول الفاعلة دوليًّا مستفيدًا من الدعاية والترويج الإيجابيين المسبقين لفكرة المظلومية الإثيوبية في قضية سد النهضة.
ويبين الجدول التالي رقم (1) تقدير كثافة المصلحة الوطنية للدول الثلاث في قضية ملء وتشغيل سد النهضة وفقًا للرؤية الإثيوبية وبإرادتها المنفردة.
جدول رقم (1) تقدير كثافة المصلحة الوطنية في قضية ملء وتشغيل سد النهضة وفقًا للرؤية الإثيوبية
كثافة المصلحة / التهديد |
نوع المصلحة / التهديد |
|||
هامشية |
كبرى |
حيوية |
مصيرية |
|
|
|
السودان |
مصر |
دفاعية |
|
إثيوبيا |
|
|
اقتصادية |
|
|
|
|
نظام عالمي |
|
|
|
|
أيديولوجية |
الجدول من إعداد الباحث استنادًا للبيانات الواردة بهذه الدراسة باستخدام مصفوفة المصالح المبينة في:
Donald E. Nuechterlein, “National interests and foreign policy: A conceptual framework for analysis and decision-making”, in British Journal of International Studies (Thousand Oaks, California: SAGE Publications, Volume 2, Issue 3, Oct. 1976), Pp. 246-266.
ثالثًا: الأساس القانوني لحقوق (مصالح) وواجبات مصر وإثيوبيا والسودان في قضية سد النهضة:
للدول في المجتمع الدولي حقوقٌ وعليها واجباتٌ، وقد أسبغ القانون الدولي حمايته على كثير من حقوق الدول، وألزمها بكثير من الواجبات بموجب قواعد آمرة لا يجوز مخالفتها؛ بحيث تستوجب المخالفة انعقاد المسؤولية المدنية في كلّ الحالات، والجنائية في بعض الحالات، وينظّم حقوق الدول وواجباتها العديد من مصادر القانون الدولي المكتوبة والعرفية، وأهمها: معاهدتا لاهاي عام 1899 وعام 1907، وبيان حقوق الأمم وواجباتها الصادر عن المعهد الأمريكي للحقوق الدولية عام 1919، وميثاق عصبة الأمم ومن بعده ميثاق الأمم المتحدة، ثم مشروع إعلان حقوق وواجبات الدول عام 1949([28]).
وتثير قضية سد النهضة العديد من الحقوق والواجبات، أهمها:
1-حق البقاء/الحفاظ على الذات:
يُعدّ حق البقاء أو الحفاظ على الذات أول الحقوق التي تثبت للدولة من اللحظة الأولى لمولدها؛ فالحق في الحياة قرين الحياة ذاتها، وبدونها لا معنى له، فهو من الحقوق اللصيقة بالشخصية الاعتبارية للدولة، فهو يثبت لها أولاً كحق طبيعي أساسي ثم يتفرع عنه باقي الحقوق أيًّا ما كانت([29]).
ولا يقف البقاء أو الحفاظ على الذات عند حدود الحق فحسب، إنما هو واجب لا يجوز التنازل عنه ولا التصرف فيه، ونتيجة لذلك لا يجوز لسلطات الدولة التفريط في بقاء دولتها، كما لا يجوز لإنسان التفريط في حياته، والفرق هنا واضح بين الحق الذي يجوز استعماله أو تركه، وبين الواجب الذي لا يجوز تركه، وكذلك لا يقتصر حق/واجب البقاء على مجرد البقاء، وإنما يتسع ليشمل البقاء الكامل أو الحياة الجيدة، فلا معنى لحياة إنسان قُطِعَتْ يداه ورجلاه، ولا معنى لدولة قُطِعَ عنها أسباب الحياة الجيدة أو حتى المقبولة عن عناصرها، وبخاصة عنصرها البشري، ويتيح/يوجب حق البقاء على الدولة أن تفعل كل ما من شأنه أن يكفل بقاءها واستمرارها، وأن تتخذ من التدابير ما يلزم لدفع ما يهدد وجودها من اعتداءات أو مخاطر([30]).
2-حق الدفاع عن النفس:
يعد الدفاع عن النفس حقًّا وواجبًا في آنٍ واحدٍ شأنه شأن حق/واجب البقاء أو الحفاظ على النفس، وهو متفرع عنه، ويخطئ البعض حين يحصر حق/واجب البقاء في حق/واجب الدفاع عن النفس؛ فالبقاء يتسع ليشمل فعل الطلب وفعل الدفع، ومن ثم فهو دائم، بينما الدفاع عن النفس لا يشمل إلا فعل الدفع، ومن ثَم فهو مؤقت لا يثور إلا عند وقوع او حتمية وقوع اعتداء([31]).
ويضرب حق/واجب الدفاع عن النفس بجذوره عبر التاريخ ويجد له سندًا راسخًا في قواعد القانون الدولي العرفي، غير أنه ومع تقنين قواعد القانون الدولي حاولت الجماعة الدولية تنظيم هذا الحق؛ تجنبًا للانحراف أو التعسُّف في استخدامه، فوضعت له شروطًا تضمنتها المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، والمادة 12 من مشروع إعلان حقوق وواجبات الدول عام 1949، وقد أثار هذا الحق/الواجب جدلاً واسعًا لا يزال محتدمًا حتى اللحظة، ويبدو أن السياق العالمي قد فتح الباب على مصراعيه نحو تجدُّد وزيادة حدّة هذا الجدل، فالجدل القديم قد حُسِمَ أو كاد لصالح التفسير الموسَّع الذي يسمح باستخدام القوة لردّ الاعتداء المسلح الحالّ (الدفاع عن النفس)، وكذلك وشيك الوقوع (الدفاع عن النفس الاستباقي)، وكذلك رد الاعتداء المسلح من الفاعلين من غير الدول متى ثبت ارتباطهم بالدول([32]).
بيد أن جدلاً جديدًا نطرحه حول الأفعال التي لا ينطبق عليها وصف الاعتداء المسلح، ويكون لها ذات الأثر المدمر للهجوم المسلح، ومن أمثلة هذه الأفعال التي استجدت عبر التطور البشري بعد تدشين صياغة حق/واجب الدفاع عن النفس التي تتبناها الأمم المتحدة: نقل العدوى بفيروس قاتل فتاك مثل كوفيد19 المستجد، وأيضًا فرض حصار شامل على إحدى الدول يفصلها بالكلية عن العالم الخارجي، كما لو تم قطع كافة خطوط المواصلات والاتصالات جوًّا وبرًّا وبحرًا عنها، وكذلك قطع تدفق مياه نهر عن دولة لا مصدر آخر لديها للمياه العذبة سوى هذا النهر، وتفتقر هذه الأفعال لمعنى العمل المسلح (القوة الصلبة)، إلا أن لها تأثيرات تدميرية أشد فتكًا من العمل المسلح التقليدي الذي لم يكن يُتصور سواه وقت صياغة نصوص المادتين 51، و12 سالفتي الذكر، وفي غياب النصوص التي تحسم هذا الجدل الجديد نرى أن حق/واجب استخدام القوة في الدفاع عن النفس يثبت للدولة الضحية في تلك الحالات استثناء وبصفة مؤقتة إلى أن يتولى مجلس الأمن القضية باعتباره صاحب الاختصاص الأصيل وفق أحكام الفصل السابع، وعلى الدولة الضحية قبل تفعيلها لهذا الحق أو بالتزامن معه حسبما يسمح الوقت أن تبلّغ هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، وفي مقدمتها مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية والجمعية العامة، لتتولى القضية عبر مجلس الأمن، أو لتتم المسألة تحت رقابتها وتوجيهها، مع التزام الدولة الضحية في فعل الرد بالمعايير المستقرة([33]) ذات الصلة كالضرورة والتناسب، وتقتضي الضرورة أن يكون فعل الرد هو الفعل الوحيد القادر على رد الاعتداء، ويقتضي التناسب ألا يتجاوز فعل الرد الغرض المقرَّر استثناء من أجله فلا يتحول إلى وسيلة هجوم أو انتقام([34]).
3-الحق في التنمية:
يُعدّ الحق في التنمية أحد الأبعاد الاقتصادية لحق/واجب البقاء/الحفاظ على الذات، بل هو من أهم وظائف الدولة في إطار التزام السلطة بتحقيق الرفاه الاقتصادي لشعبها، ويجد هذا الحق سنده القانوني في القواعد العامة للقانون الدولي، وبخاصة في مجمل نصوص ميثاق الحقوق والواجبات الاقتصادية للدول الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974([35]).
4-الالتزام بعدم الإضرار بالغير:
يعد عدم الإضرار بالغير من الالتزامات الراسخة في القانون الدولي العام العرفي ثم المكتوب، ومفاده التزام الدول بالامتناع عن كلّ الأفعال التي تُلْحِق ضررًا بغيرها من الدول، ولأفعال الدول التي تلحق ضررًا بغيرها من الدول صورتان؛ أولاهما: الأفعال غير المشروعة، ويكون الامتناع عن إتيان هذه الأفعال في كل الأحوال واجبًا. والأخرى: الأفعال المشروعة، ويكون وجوب الامتناع عنها واجبًا إذا كان الضرر الناشئ عنها جسيمًا، أما إذا كان إتيانها ضرورة وجب اتخاذ كل التدابير اللازمة للحد من أضرارها والسيطرة عليها مع الالتزام بالتعويض عما يقع منها، وقد أخذت الأمم المتحدة بالصورة الأخيرة في شأن استخدام مياه الأنهار المشتركة باعتبار أن استخدام المياه فعل مشروع، ومن ثَمَّ جعلت القيد الوحيد عليه هو الضرر الجسيم وليس مجرد الضرر([36]).
5-الالتزام بحسن النية في استئداء الحقوق وأداء الالتزامات:
يُعدّ مبدأ حُسن النية حجر الزاوية في بناء القانون الدولي العام -وكافة القوانين-؛ فبغيره تنهار المصداقية، وتنعدم الثقة في علاقات الدول بعضها البعض، وتتأجج الصراعات، وتستعصي على التسوية، ومن هنا أصبح هذا المبدأ من المبادئ الراسخة في قواعد القانون الدولي العرفية، ولم يَعُدْ يخلو منه قانون دولي مكتوب([37]).
6-الالتزام بعدم التعسف في استعمال الحق:
يُعدّ عدم التعسُّف في استعمال الحق من أهم مبادئ القانون الدولي وأكثرها رسوخًا، ويمكن تعريف التعسف بأنه “فعل مشروع في جوهره تتعارض غاياته ونتائجه مع مقاصد القانون الدولي”، ومن صور التعسف في استعمال الحق: الانتفاع بالموارد المشتركة بشكلٍ يتعارض مع انتفاع الشركاء في ذات الموارد، ويحدث ذلك حين تمارس الدولة حقوقها على نحوٍ يمنع شركاءها من استعمال حقوقهم المشتركة أو ينتقص من هذه الحقوق، وهو ما يترتب عليه الإخلال بالتوازن المطلوب بين المصالح المتعارضة بسبب عدم مراعاة طبيعية الموارد أو المصالح المشتركة، ويُلحق الضرر بالشركاء، ويجد مبدأ عدم التعسف في استخدام الحق أصلاً قويًّا في كافة مصادر القانون الدولي من مصادر مكتوبة، ومن عرف دولي، ومن القواعد العامة التي أقرتها الأمم المتحضرة، ومن أحكام القضاء الدولي، ومن آراء فقهاء القانون الدولي، بل من مبادئ العدل والإنصاف([38]).
7-التزامات بمبادئ أخرى:
لا يتسع المقام لبيان كل المبادئ المستقرة في قواعد القانون الدولي، والتي تلتزم بها الدول عامة ودول معضلة سد النهضة على وجه الخصوص، ومن هنا نذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض أهم هذه المبادئ الأخرى الأكثر اتصالاً بالمعضلة المطروحة، ومنها: التسوية السلمية للصراعات الدولية، والتعاون الدولي، والتعايش السلمي، واحترام حق الشعوب في الأمن والسلام.
رابعًا: مشروعية استخدام القوة العسكرية في تسوية معضلة سد النهضة:
في ضوء رصد وتحليل وتفسير معضلة سد النهضة، وما يتصل بها من سياقات وملابسات، وحقوق وواجبات، وتأثيرات على النحو المارّ بيانه تفصيلاً منذ بدايتها وحتى الآن يمكن استخلاص الحقائق الآتية:
1- يعد بناء سد النهضة وتشغيله -أيًّا كانت مواصفاته- حقًّا مشروعًا لإثيوبيا.
2- انتهكت إثيوبيا، وبسوء نية، كافة قواعد القانون الدولي ذات الصلة بشروعها في البناء، وعزمها المعلن على الشروع في التشغيل دون التشاور ودون موافقة مصر والسودان.
3- يترتب على تشغيل سد النهضة وفق رؤية إثيوبيا وبإرادتها المنفردة نقص شديد يتجاوز 50% من حصة مصر من مياه النيل.
4- تمثل حصة مصر من مياه النيل 90% من كل مواردها المائية.
5- تصنّف مصر من دول الندرة المطلقة وفقًا لمعيار نصيب الفرد من المياه العذبة، والذي وصل في مصر حاليًا إلى حوالي 500 متر مكعب/سنة.
6- يؤدي أي انتقاص من حصة مصر الحالية من مياه النيل إلى توقُّف شبه كامل لأنشطة الحياة الاجتماعية والاقتصادية لأكثر من 100 مليون نسمة ما يهدّد بقاء الدولة تهديدًا حالّاً ومباشرًا.
7- التزمت مصر بحسن نية، ومن دون تعسف، بكل مبادئ التعاون الدولي، والتعايش السلمي، واحترام حق إثيوبيا في التنمية، واحترام حق شعبها في العيش في أمان وسلام، ويستدل على ذلك باعترافها بحق إثيوبيا في بناء السد من خلال توقيع رئيسها على اتفاق إعلان المبادئ في الخرطوم عام 2015؛ رغم بدء إثيوبيا في المشروع دون مشاورة ودون موافقة مصر والسودان في انتهاك قانوني صريح، وكذلك بإبدائها المرونة اللازمة وإبداء البدائل والخيارات المختلفة الكفيلة بإنجاح مفاوضات التسوية السلمية للمعضلة.
8- التزمت مصر طيلة عشر سنوات دون كلل أو ملل بالتسوية السلمية للمعضلة الإثيوبية.
9- يُعد تشغيل سد النهضة وفق رؤية إثيوبيا وبإرادتها المنفردة والحال كذلك تعديًا حالّاً ومباشرًا على حق/واجب الدولة المصرية في البقاء.
10- تضاهي التأثيرات السلبية الناتجة عن تشغيل سد النهضة وفق رؤية إثيوبيا وبإرادتها المنفردة، والتي ستلحق مصر بصفة حالّة ومباشرة تأثيرات أشد أنواع الهجوم المسلح النووي؛ فكليهما سيقضي على حياة الدولة.
11- يُعدّ تشغيل سد النهضة إذن وفق رؤية إثيوبيا وبإرادتها المنفردة بالنسبة لمصر تهديدًا حالّاً ومباشرًا لمصلحة دفاعية مصيرية.
12- يمثل تشغيل سد النهضة إذن وفق رؤية إثيوبيا وبإرادتها المنفردة والحال كذلك تهديدًا حالّاً ومباشرًا للسلم والأمن الدوليين.
13- في حالة مصر، وفي مثل ظروفها، وبناءً على كافة الملابسات سالفة البيان يسمح القانون الدولي باستخدام القوة في تسوية معضلة سد النهضة.
وهنا يثور التساؤل عمن له استخدام القوة العسكرية؟
وفي هذا نقول: إن صاحب الاختصاص الأصيل في استخدام القوة هو مجلس الأمن، وأن هذا الخيار يثبت لمصر استثناءً، سواء بمفردها أو بالتعاون مع غيرها من الدول.
1- اختصاص مجلس الأمن باستخدام القوة العسكرية:
في حال نشوب صراع يهدّد السلم والأمن الدوليين تنظم المواد من 33 إلى 38 من ميثاق الأمم المتحدة (الفصل السادس) اختصاص مجلس الأمن، ودوره في التسوية السلمية للصراع؛ فإذا أخفقت كافة الوسائل السلمية انتقل مجلس الأمن إلى أحكام المواد من 39 إلى 50 (الفصل السابع) والتي تجيز لمجلس الأمن اتخاذ قرارات على الترتيب التالي:
أ- يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضروريًّا أو مستحسنًا من تدابير مؤقتة، ولا تُخِلّ هذه التدابير المؤقتة بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمركزهم، وعلى مجلس الأمن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه.
ب- لمجلس الأمن أن يقرّر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء “الأمم المتحدة” تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية، وغيرها من وسائل المواصلات وقفًا جزئيًّا أو كليًّا وقطع العلاقات الدبلوماسية.
ج- إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير السابقة لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تفِ به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية التابعة لأعضاء “الأمم المتحدة من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه”.
2- قيام مصر باستخدام القوة العسكرية:
مرَّ معنا تفصيلاً كيف يُعَدّ تشغيل سدّ النهضة وفق رؤية إثيوبيا وبإرادتها المنفردة اعتداءً على حق/واجب مصر في البقاء، والدفاع عن النفس، وأن تأثيرات هذا الاعتداء في حالة مصر وفي ظروف وملابسات صراع إثيوبيا معها، وفي ظل الميزان المائي المصري سالف البيان؛ يضاهي في تأثيراته التدميرية تأثيرات أشد أنواع الهجوم المسلح النووي فكليهما سيقضي على حياة الدولة، ما يعد اعتداء حالّاً ومباشرًا يجيز لها استخدام القوة العسكرية بنفسها أو بالتعاون مع غيرها من الدول، وفقًا لتفسير قواعد العرف الدولي جنبًا إلى جنب التفسير الواسع لنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، والمادة 12 من مشروع إعلان حقوق الدول وواجباتها لعام 1949، والذي يقتضيه ما يشهده العالم من تطور تكنولوجي كبير جعل أشكالاً جديدة من الأفعال العدائية الدولية في مقام الهجوم المسلح والذي لم يكن يتصور من صاغوا نصوص هاتين المادتين آنذاك أن هناك ما هو أشد فتكًا وتدميرًا منه، وتُعد السودان أولى الدول بالتعاون مع مصر فيما قد تقوم به من استخدام للقوة في قضية سد النهضة أو كل قضية مائية مماثلة؛ لتماثل أو تقارب المخاطر التي تتهددهما معًا.
خامسًا: ضوابط استخدام القوة العسكرية في تسوية معضلة سد النهضة:
إذا كنا قد انتهينا إلى حق/واجب مصر في استخدام القوة العسكرية على التفسير الذي قدمناه؛ فثمة ضوابط يجب على مصر الالتزام بها حال اضطرت إلى هذا الخيار، فحقها هنا مقيدٌ ليس مطلقًا، ومؤقتٌ ليس دائمًا، وفيما يلي أهم الضوابط التي تحكم هذا الخيار:
1- على مصر أن تُخْطِر مجلس الأمن بتطورات وملابسات القضية -وقد فعلت- للقيام بدوره حيالها.
2- على مصر أن تواصل بذل قصارى جهدها في التوصل إلى تسوية سلمية بالتوازي مع ما قد يتخذه مجلس الأمن من قرارات وإجراءات.
3- متى بدأت إثيوبيا من جانب واحد في ملء بحيرة السد، وبدأ يترتب على ذلك فعليًّا نقص مؤثر في حصة مصر من مياه النيل نتيجة نقص كمية المياه الواردة من النيل الأزرق بسبب البدء في ملء البحيرة، على مصر المبادرة بإخطار مجلس الأمن فورًا بعقدها العزم على استخدام القوة العسكرية ضد سدّ النهضة لتسهيل تدفق حصتها من مياه النيل الأزرق كاملة إليها.
4- على مصر ألا تلجأ إلى الاستخدام الفوري للقوة العسكرية إلا إذا أذن لها مجلس الأمن أو سكت عن الرد أو تراخى واستغرق وقتًا لا تسمح به الأوضاع المائية آنذاك.
5- على مصر ألا تستخدم من القوة العسكرية إلا ما يكون ضروريًّا فقط كمًّا وكيفًا ونطاقًا زمانيًّا ومكانيًّا لتحقيق الهدف من الإجراء وهو تسهيل تدفق حصتها من مياه النيل الأزرق كاملة إليها.
6- على مصر أن تتجنب استهداف الشعب الإثيوبي، وألا يتحول عملها العسكري إلى عمل انتقامي، ولا إلى حرب شاملة أو احتلال للدولة، ما لم يكن ذلك هو السبيل الوحيد للحصول على حصتها الحالية من المياه أو حتى أقل منها بما يؤمّن الحياة لشعبها ولو في ظروف قاسية مؤقتًا لحين تسوية المعضلة نهائيًّا.
الخاتمة:
من خلال نتائج الرصد والتحليل والتفسير الذي قدَّمته هذه الدراسة وفي مثل البيئة الداخلية للنظام السياسي الإثيوبي يمكن التنبؤ بمآلات معضلة سد النهضة الإثيوبي والتي تكاد تنحصر في ثلاثة سناريوهات:
السناريو الأول: أن تظل إثيوبيا على حافة الهاوية في مفاوضاتها مع مصر واضعة نفسها تحت سائر الضغوط الدولية، وألا تستجيب للحلول السلمية إلا بعد إعادة انتخاب النظام الحاكم الحالي وتمكّنه من السلطة في إثيوبيا، وبعد أن يحصل من مصر على أقصى ما يمكن الوصول إليه من تنازلات في قضية سد النهضة ومياه النيل بصفة عامة.
السناريو الثاني: ألا تستجيب إثيوبيا للتسوية السلمية لمعضلة سد النهضة ومياه النيل إلا بعد تحقق السيناريو الأول بتمامه، بالإضافة إلى عقوبات اقتصادية شديدة.
السيناريو الثالث: ألا تستجيب إثيوبيا لتسوية معضلة سد النهضة ومياه النيل مطلقًا إلا باستخدام القوة العسكرية.
ويستشرف الباحث أن السيناريو الثاني أقرب السيناريوهات للتحقق.
…………………….
قائمة المصادر والمراجع
أولاً: مصادر ومراجع باللغة العربية:
(أ) الكتب:
1- إبراهيم علي غانم، أمن مصر المائي: جغرافيًّا وهيدرولوجيًّا وقانونيًّا وسياسيًّا (القاهرة: مكتبة جزيرة الورد، 2016).
2- د. زكى البحيري، مصر ومشكلة مياه النيل: أزمة سد النهضة: اتفاقيات المياه – التغلغل الصهيوني – استراتيجيات الحل (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2016).
3- محمد سلمان طايع، مصر وأزمة مياه النيل: آفاق الصراع والتعاون (القاهرة: دار الشروق، 2013).
4- د. محمد عزيز شكري، مدخل إلى القانون الدولي العام (دمشق: مطبعة جامعة دمشق، 1986-١٩٨٧).
5- مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مبدأ عدم التعسف في استعمال الحق في القانون الدولي: الأزمة الخليجية نموذجًا: دراسة تطبيقيةً (الدوحة: دار نشر جامعة قطر، 2020).
(ب) المقالات:
6- د. أحمد تقي فضيل، “مبادئ استغلال الأنهار الدولية على وفق اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية للأغراض غير الملاحية لعام 1997″، في مجلة واسط للعلوم الإنسانية (الكوت، واسط، العراق: كلية العلوم، جامعة واسط، المجلد 10، العدد 25، 2014).
7- د. أحمد جاجان عباب حمد، “تأثير سد النهضة الإثيوبي العظيم على مستقبل الموارد المائية في كل من مصر والسودان: دراسة في الجغرافيا السياسية”، في مجلة جامعة كركوك للدراسات الإنسانية (كركوك، العراق: جامعة كركوك، كلية التربية، المجلد 13، العدد 2، 2018).
8- انتصار معاني علي، “الأبعاد الجيوبولوتيكية لبناء سد النهضة على دولتي المصب: مصر والسودان”، في مجلة كلية التربية للبنات (بغداد: كلية التربية للبنات، جامعة بغداد، المجلد 28، العدد 1، 2017).
9- رغد عبد الأمير مظلوم، “مبدأ حسن النية في تنفيذ المعاهدات الدولية” في مجلة ديالى للبحوث الإنسانية (ديالى، العراق: كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة ديالى، العدد 64، 2014).
10- سعد عبد القادر حميد، “الموقف الدولي من أزمة المياه: دول حوض النيل نموذجًا”، في المجلة السياسية والدولية (بغداد: كلية العلوم السياسية، الجامعة المستنصرية، العدد 41-42، 2019).
11- د. سمير عبد الملاك منصور، “اتفاقيات حوض النيل في ضوء أحكام القانون الدولي”، في آفاق إفريقية (المجلد 11، العدد 39، 2013).
12- سوسن صبيح حمدان، “الدعم الخارجي لإنشاء سد النهضة الإثيوبي وتداعياته على دول حوض النيل”، في مجلة مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية (بغداد: مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، الجامعة المستنصرية، المجلد 15، العدد 63، 2018).
13- سوسن صبيح حمدان، “تأثير سد النهضة الإثيوبي على مستقبل الموارد المائية في مصر والسودان”، في مجلة مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية (بغداد: مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، الجامعة المستنصرية، المجلد 12، العدد 51، 2015).
14- د. صبحي قنصوة، ” المطالب الإثيوبية في مياه النيل وتأثيرها على الأمن المائي المصري” في مجلة الدراسات الإفريقية (القاهرة: معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة، العدد 38، يونيه 2015).
15- د. عباس شراقي، “سد النهضة الإثيوبي: اعتبارات التنمية والسياسة”، في المجلة المصرية لدراسات حوض النيل (القاهرة: جامعة القاهرة، المجلد 1عدد 1، ٢٠١٣).
16- د. علي جبار كريدي القاضي، “النظام القانوني الدولي لاستغلال مياه الأنهار الدولية”، في مجلة الخليج العربي (البصرة: مركز دراسات البصرة والخليج العربي، جامعة البصرة، المجلد41، العدد 1-2، 2013).
17- د. مساعد عبد العاطي شتيوي، “الضوابط القانونية الحاكمة لإنشاء المشروعات المائية على الأنهار الدولية: دراسة تطبيقية على حوض النيل” في آفاق إفريقية (القاهرة: الهية العامة المصرية للاستعلامات، المجلد 11، العدد 39، 2013).
18- د. مصعب عطية ذنون الزبيدي، د. أحمد حاشوش عليوي الحجامي، “الجذور التاريخية لأزمة مياه نهر النيل حتى المبادرة المصرية لعام 1999″، في مجلة لارك للفلسفة واللسانيات والعلوم الاجتماعية (الكوت، واسط، العراق: كلية الآداب، جامعة واسط، المجلد 2، العدد 30، يوليو 2018).
(ت) الرسائل جامعية:
19- لهيب صبري ديوان الطائي، الأحكام الخاصة بالمجاري المائية الدولية المستخدمة لأغراض غير ملاحية، رسالة ماجستير غير منشورة (عمان، الأردن: قسم القانون العام، كلية القانون، جامعة الشرق الأوسط، 2011).
(ث) الأوراق البحثية:
20- د. عباس محمد شراقي، “تداعيات سد النهضة الإثيوبي على الأمن المائي المصري”، ورقة مقدمة إلى المؤتمر الدولي الخامس عشر لعلوم المحاصيل الزراعية، المنعقد بكلية الزراعة، جامعة عين شمس، في يومي 1-2 أكتوبر 2018 (القاهرة: قسم المحاصيل الزراعية، كلية الزراعة، جامعة عين شمس، 2018).
21- د. محمد شوقي عبد العال، “الانتفاع المنصف بمياه الأنهار الدولية” أوراق غير دورية (القاهرة: المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، سلسلة مفاهيم، نوفمبر 2008).
(ج) مصادر شبكة المعلومات:
22- موقع الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، “ملف سد النهضة”، على الرابط:
https://www.sis.gov.eg/section/11281/14597
ثانيًا: مصادر ومراجع بلغات أجنبية:
A: Documents.
23- League of Nations, Convention and Statute on the Régime of Navigable Waterways of International Concern, Barcelona, 20 April 1921.
24- UN, General Assembly, Charter of Economic Rights and Duties of States, Resolution No. 3281 (XXIX), 12 Dec.1974.
25- UN, General Assembly, Convention on the Law of the Non navigational Uses of International Watercourses, 1997.
26- UN, General Assembly, Draft Declaration on Rights and Duties of States, 1949.
B: Books
27- Alder, Murray Colin, The Inherent Right of Self-Defence in International Law (Springer, 2013).
28- Boas, Gideon, Public International Law: Contemporary Principles and Perspectives (Cheltenham, UK: Edward Elgar Publishing Limited, 2012).
29- Curran, Eleanor, Reclaiming the Rights of the Hobbesian Subject (London: Palgrave Macmillan, 2007).
30- Glahn, Gerhard von, Law Among Nations: An Introduction to Public International Law (London: Macmillan, 2nd Ed., 1970).
31- Korowicz, Marek St., Introduction to International Law: Present Conceptions Of International Law In Theory And Practice (Berlin: Springer, 1959).
32- Mori, Tadashi, Jonathan Polish (Translation), Origins of the Right to Self-Defence in International Law: From the Caroline Incident to the United Nations Charter (Leiden, Netherlands: Brill Nijhoff, 2018).
33- Shah, Niaz A., Self-defense in Islamic and International Law: Assessing Al-Qaeda and the Invasion of Iraq (New York: Palgrave Macmillan, 2008).
34- Szabó, Kinga Tibori, Anticipatory Action in Self-Defence: Essence and Limits under International Law (Springer, 2011).
C: Articles.
35- Kennedy, David, “The Sources of International Law”, in American University International Law Review (Washington D.C.: college of Law, American University, Vol. 2, No. 1, 1987).
36- Nuechterlein, Donald E., “National interests and foreign policy: A conceptual framework for analysis and decision-making”, in British Journal of International Studies (Thousand Oaks, California: SAGE Publications, Volume 2, Issue 3, Oct. 1976),
37- Roscini, Marco, “On the ‘Inherent’ Character of the Right of States to Self-defence”, in Cambridge Journal of International and Comparative Law (Cambridge University Press, Vol. 4, Issue 3, 2015).
38- Tams, Christian J., “The Use of Force against Terrorists”, in The European Journal of International Law (SAGE Publications, Vol. 20 No. 2, 2009).
D: Dissertation.
39- O’Meara, Christopher, Necessity and Proportionality and the Right of Self-Defence in International Law, Unpublished Doctoral Dissertation (London: Faculty of Laws, University College London, July 2018).
E: Paper.
40- Salman, Salman M.A., Chazournes, Lawrence Boisson de (eds.), International Watercourses: Enhancing Cooperation and Managing Conflict (Washington DC: World Bank, Technical Paper No. 414, 1998).
([1]) League of Nations, Convention and Statute on the Régime of Navigable Waterways of International Concern, Barcelona, 20 April 1921, Articles 1-25.
([2]) Gideon Boas, Public International Law: Contemporary Principles and Perspectives (Cheltenham, UK: Edward Elgar Publishing Limited, 2012),Pp. 45-118.
– David Kennedy, “The Sources of International Law”, in American University International Law Review (Washington D.C.: college of Law, American University, Vol. 2, No. 1, 1987), Pp. 1-96.
([3]) UN, General Assembly, Convention on the Law of the Non navigational Uses of International Watercourses, 1997, Articles 1-14.
([4]) د. علي جبار كريدي القاضي، “النظام القانوني الدولي لاستغلال مياه الأنهار الدولية”، في مجلة الخليج العربي (البصرة: مركز دراسات البصرة والخليج العربي، جامعة البصرة، المجلد41، العدد 1-2، 2013) ص ص 116-135.
– لهيب صبري ديوان الطائي، الأحكام الخاصة بالمجاري المائية الدولية المستخدمة لأغراض غير ملاحية، رسالة ماجستير غير منشورة (عمان، الأردن: قسم القانون العام، كلية القانون، جامعة الشرق الأوسط، 2011) ص ص 12-88.
– سعد عبد القادر حميد، “الموقف الدولي من أزمة المياه: دول حوض النيل نموذجًا”، في المجلة السياسية والدولية (بغداد: كلية العلوم السياسية، الجامعة المستنصرية، العدد 41-42، 2019) ص ص 970-981.
([5]) د. أحمد تقي فضيل، “مبادئ استغلال الأنهار الدولية على وفق اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية للأغراض غير الملاحية لعام 1997″، في مجلة واسط للعلوم الإنسانية (الكوت، واسط، العراق: كلية العلوم، جامعة واسط، المجلد 10، العدد 25، 2014) ص ص 258-275.
– د. مساعد عبد العاطي شتيوي، “الضوابط القانونية الحاكمة لإنشاء المشروعات المائية على الأنهار الدولية: دراسة تطبيقية على حوض النيل” في آفاق إفريقية (القاهرة: الهية العامة المصرية للاستعلامات، المجلد 11، العدد 39، 2013) ص ص 79-112.
([6]) سوسن صبيح حمدان، “الدعم الخارجي لإنشاء سد النهضة الإثيوبي وتداعياته على دول حوض النيل”، في مجلة مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية (بغداد: مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، الجامعة المستنصرية، المجلد 15، العدد 63، 2018) ص ص 129-130.
([7]) محمد سلمان طايع، مصر وأزمة مياه النيل: آفاق الصراع والتعاون (القاهرة: دار الشروق، 2013) ص ص 30-55.
– د. مصعب عطية ذنون الزبيدي، د. أحمد حاشوش عليوي الحجامي، “الجذور التاريخية لأزمة مياه نهر النيل حتى المبادرة المصرية لعام 1999″، في مجلة لارك للفلسفة واللسانيات والعلوم الاجتماعية (الكوت، واسط، العراق: كلية الآداب، جامعة واسط، المجلد 2، العدد 30، يوليو 2018) ص ص 117-119.
([8]) د. سمير عبد الملاك منصور، “اتفاقيات حوض النيل في ضوء أحكام القانون الدولي”، في آفاق إفريقية (المجلد 11، العدد 39، 2013) ص ص 9-12.
– سوسن صبيح حمدان، “الدعم الخارجي لإنشاء سد النهضة … مرجع سبق ذكره، ص ص 133-134.
([9]) د. محمد شوقي عبد العال، “الانتفاع المنصف بمياه الأنهار الدولية” أوراق غير دورية (القاهرة: المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، سلسلة مفاهيم، نوفمبر 2008) ص ص 6-46.
([10]) د. زكي البحيري، مصر ومشكلة مياه النيل: أزمة سد النهضة: اتفاقيات المياه – التغلغل الصهيوني – استراتيجيات الحل (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2016) ص ص 431-572.
([11]) د. عباس شراقي، “سد النهضة الإثيوبي: اعتبارات التنمية والسياسة”، في المجلة المصرية لدراسات حوض النيل (القاهرة: جامعة القاهرة، المجلد 1عدد 1، ٢٠١٣) ص ص 13-16.
– سوسن صبيح حمدان، “الدعم الخارجي لإنشاء سد النهضة … مرجع سبق ذكره، ص ص 135-136.
([12]) موقع الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، “ملف سد النهضة” تمت الزيارة بتاريخ 7 يوليو 2020 الساعة 8:10 مساء، على الرابط: https://www.sis.gov.eg/section/11281/14597
([13]) موقع الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، المرجع السابق نفسه.
([14]) المرجع السابق نفسه.
([15]) المرجع السابق نفسه.
([16]) المرجع السابق نفسه.
([17]) المرجع السابق نفسه.
([18]) المرجع السابق نفسه.
([19]) المرجع السابق نفسه.
([20]) إبراهيم علي غانم، أمن مصر المائي: جغرافيًّا وهيدرولوجيًّا وقانونيًّا وسياسيًّا (القاهرة: مكتبة جزيرة الورد، 2016) ص ص 5-15.
– انتصار معاني علي، “الأبعاد الجيوبولوتيكية لبناء سد النهضة على دولتي المصب: مصر والسودان”، في مجلة كلية التربية للبنات (بغداد: كلية التربية للبنات، جامعة بغداد، المجلد 28، العدد 1، 2017) ص ص 89-91.
([21]) إبراهيم علي غانم، مرجع سبق ذكره، ص ص 236-246.
– انتصار معاني علي، مرجع سبق ذكره، ص ص 91-92.
([22]) سوسن صبيح حمدان، “تأثير سد النهضة الإثيوبي على مستقبل الموارد المائية في مصر والسودان”، في مجلة مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية (بغداد: مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، الجامعة المستنصرية، المجلد 12، العدد 51، 2015) ص 88.
– محمد سلمان طايع، مرجع سبق ذكره، ص ص 60-50.
([23]) إبراهيم علي غانم، مرجع سبق ذكره، ص ص 35-97.
([24]) د. عباس محمد شراقي، “تداعيات سد النهضة الإثيوبي على الأمن المائي المصري”، ورقة مقدمة إلى المؤتمر الدولي الخامس عشر لعلوم المحاصيل الزراعية، المنعقد بكلية الزراعة، جامعة عين شمس، في يومي 1-2 أكتوبر 2018 (القاهرة: قسم المحاصيل الزراعية، كلية الزراعة، جامعة عين شمس، 2018) ص 9.
– إبراهيم علي غانم، مرجع سبق ذكره، ص ص 371-379.
– انتصار معانى علي، مرجع سبق ذكره، ص 93.
– سوسن صبيح حمدان، “تأثير سد النهضة الإثيوبي … مرجع سبق ذكره، ص ص 97-99.
([25]) د. أحمد جاجان عباب حمد، “تأثير سد النهضة الإثيوبي العظيم على مستقبل الموارد المائية في كل من مصر والسودان: دراسة في الجغرافية السياسية”، في مجلة جامعة كركوك للدراسات الإنسانية (كركوك، العراق: جامعة كركوك، كلية التربية، المجلد 13، العدد 2، 2018) ص ص 236-237.
– إبراهيم علي غانم، مرجع سبق ذكره، ص ص 380-381.
([26]) د. صبحى قنصوة، “المطالب الإثيوبية في مياه النيل وتأثيرها على الأمن المائي المصري” في مجلة الدراسات الإفريقية (القاهرة: معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة، العدد 38، يونيه 2015) ص ص 277-2018.
([27]) المرجع السابق، ص ص 383-390.
([28]) UN, General Assembly, Draft Declaration on Rights and Duties of States, 1949, Articles 1-14.
([29]) Marek St. Korowicz, Introduction to International Law: Present Conceptions Of International Law In Theory And Practice (Berlin: Springer, 1959), P. 273.
([30]) Eleanor Curran, Reclaiming the Rights of the Hobbesian Subject (London: Palgrave Macmillan, 2007), Pp. 105-112.
– Gerhard von Glahn, Law Among Nations: An Introduction to Public International Law (London: Macmillan, 2nd Ed., 1970), Pp. 124-136.
– د. محمد عزيز شكري، مدخل إلى القانون الدولي العام (دمشق: مطبعة جامعة دمشق، 1986-١٩٨٧) ص ص 145-146.
([31]) Tadashi Mori, Jonathan Polish (Translation), Origins of the Right to Self-Defence in International Law: From the Caroline Incident to the United Nations Charter (Leiden, Netherlands: Brill Nijhoff, 2018), Pp. 36-38.
– Marco Roscini, “On the ‘Inherent’ Character of the Right of States to Self-defence”, in Cambridge Journal of International and Comparative Law (Cambridge University Press, Vol. 4, Issue 3, 2015), Pp. 634-660.
([32]) Niaz A. Shah, Self-defense in Islamic and International Law: Assessing Al-Qaeda and the Invasion of Iraq (New York: Palgrave Macmillan, 2008), Pp. 87-101.
– Murray Colin Alder, The Inherent Right of Self-Defence in International Law (Springer, 2013), Pp. 91-124, 147-174.
– Christian J. Tams, “The Use of Force against Terrorists”, in The European Journal of International Law (SAGE Publications, Vol. 20 No. 2, 2009), Pp. 359–397.
([33]) Kinga Tibori Szabó, Anticipatory Action in Self-Defence: Essence and Limits under International Law (Springer, 2011), Pp. 310-312.
([34]) Christopher O’Meara, Necessity and Proportionality and the Right of Self-Defence in International Law, Unpublished Doctoral Dissertation (London: Faculty of Laws, University College London, July 2018), Pp. 43-206..
([35]) UN, General Assembly, Charter of Economic Rights and Duties of States, Resolution No. 3281 (XXIX), 12 Dec.1974, Articles 1-34.
([36]) Stephen McCaffrey, “The UN Convention on the Law of the Non-Navigational Uses of International Watercourses: Prospects and Pitfalls” in Salman M.A. Salman, Lawrence Boisson de Chazournes (eds.), International Watercourses: Enhancing Cooperation and Managing Conflict (Washington DC: World Bank, Technical Paper No. 414, 1998), Pp. 20-22.
([37]) رغد عبد الأمير مظلوم، “مبدأ حسن النية في تنفيذ المعاهدات الدولية” في مجلة ديالى للبحوث الإنسانية (ديالى، العراق: كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة ديالى، العدد 64، 2014) ص ص 187-193.
([38]) مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مبدأ عدم التعسف في استعمال الحق في القانون الدولي: الأزمة الخليجية نموذجًا: دراسة تطبيقيةً (الدوحة: دار نشر جامعة قطر، 2020) ص ص 22-51.