أعلن حزب النائب الأول لرئيس جنوب السودان، ريك مشار، أنه رهن الإقامة الجبرية، وأن ذلك قد أدى فعليًا إلى انهيار اتفاق السلام الذي أنهى الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 2013 و2018.
وصرح أويت ناثانيال بيرينو، نائب رئيس حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان (المعارضة)، بأن احتجاز مشار يعني “إلغاء” الاتفاق. وأضاف أن هذا “يُقوّض الاتفاق فعليًا، وبالتالي فإن آفاق السلام والاستقرار في جنوب السودان أصبحت الآن في خطر شديد”.
وأعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان (المعارضة) أن وزير دفاع جنوب السودان ورئيس جهاز الأمن الوطني “دخلا بالقوة” منزل مشار في العاصمة جوبا مساء الأربعاء لتسليم مذكرة توقيف.
وصرح ريث موش تانغ، المسؤول الكبير في الحركة الشعبية لتحرير السودان (المعارضة)، في بيان، بأن مشار محتجز مع زوجته في منزله، بتهمة دعم ميليشيا الجيش الأبيض التي اشتبكت مع الجيش في مدينة ناصر بولاية أعالي النيل هذا الشهر.
وينفي حزب مشار وجود أي صلات قائمة بالجيش الأبيض، الذي قاتل إلى جانبه خلال الحرب. وأعلنت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان أن الاعتقالات تُمثل تفككًا لعملية السلام.
وقالت ياسمين سوكا، رئيسة اللجنة، في بيان: “إن الاستهداف المتعمد لقادة المعارضة والمدنيين يمثل استخفافًا متهورًا بالقانون الدولي ومستقبل البلاد”. وحثّ مكتب الشؤون الإفريقية بالولايات المتحدة كير على إطلاق سراح مشار، ودعا قادة جنوب السودان إلى “إظهار صدق التزاماتهم المعلنة بالسلام”.
كما دعت كينيا المجاورة، والاتحاد الإفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد)، وهي تكتل اقتصادي إقليمي، إلى ضبط النفس.
ودعت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب السودان إلى ضبط النفس، قائلةً إن البلاد على شفا الانزلاق إلى صراع واسع النطاق. وقالت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان في بيان: “لن يُدمر هذا جنوب السودان فحسب، بل سيؤثر أيضًا على المنطقة بأكملها”.
وأسفرت الحرب الأهلية التي استمرت خمس سنوات، والتي دارت رحاها على أسس عرقية إلى حد كبير، عن مقتل مئات الآلاف في الدولة التي نالت استقلالها عن السودان عام ٢٠١١. ويوم الأربعاء، أفادت الأمم المتحدة بوقوع قتال بين القوات الموالية للرئيس سلفا كير ومشار بالقرب من جوبا.
وتباطأت الحكومة الائتلافية، التي يتقاسم فيها مشار السلطة مع منافسه كير، في تطبيق البنود الرئيسية لاتفاق السلام، والتي تشمل إجراء انتخابات وطنية وتوحيد قوّتيهما في جيش واحد.
ويقول محللون سياسيون إن كير يحاول تعزيز موقفه من خلال محاصرة بعض أبرز حلفاء مشار، ودعوة الجيش الأوغندي لتأمين العاصمة، وتعيين مستشاره بنيامين بول ميل نائبًا ثانيًا للرئيس.
ويقولون إن كير، البالغ من العمر 73 عامًا، يُعِدّ بول ميل، رجل الأعمال المدرج على قائمة العقوبات الأمريكية لصلاته بشركات بناء متهمة بغسل الأموال، لخلافته. وقال جنوب السودان آنذاك إن قرار إدراجه في القائمة السوداء استند إلى معلومات مضللة. كانت الأمم المتحدة قد حذّرت بالفعل من أن العنف في ناصر، على بُعد حوالي 450 كيلومترًا (280 ميلًا) شمال شرق جوبا، وتصاعد خطاب الكراهية، قد يُعيد إشعال فتيل الحرب الأهلية على أسس عرقية.