تمهيد:
في عام 1971م أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة لمساعدة فئة البلدان الأقل نموًّا، وذلك بهدف توفير الدعم الدولي الخاص للدول الأكثر ضعفًا في العالم؛ حيث يسمح هذا الوضع لتلك البلدان بالوصول إلى الأسواق التفضيلية، والحصول على مساعدات التنموية، والمساعدة الفنية، وبرامج بناء القدرات التكنولوجية، وغيرها.
ويتم إضافة تلك البلدان أو إزالتها بعد المراجعات التي تُجريها لجنة الأمم المتحدة للسياسات الإنمائية، التي تقوم بتقييم العوامل الاجتماعية والاقتصادية ومؤشرات التنمية البشرية، والضعف في مواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية.
ومنذ تأسيس تلك المجموعة مثَّلت مجموعة من البلدان الواقعة في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء أكثر من ثلثيها، ونصف الخارجين منها، وهو ما يدلّ على الوضع التنموي المتردّي لتلك المنطقة. ومن هنا استهدفت المقالة التعريف بمجموعة البلدان الأقل نموًّا، والتحديات التي تعاني منها، ووسائل الدعم المقدَّمة لها، وحركة الإدراج فيها والإخراج منها، مع التركيز على بلدان إفريقيا جنوب الصحراء فيها، وعرض نماذج لها، وذلك من خلال المحاور التالية:
- المحور الأول: مجموعة البلدان الأقل نموًّا: المفهوم والنشأة والتحديات والمعايير.
- المحور الثاني: بلدان إفريقيا جنوب الصحراء في مجموعة البلدان الأقل نموًّا.
- المحور الثالث: نماذج من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء خرجت من فئة البلدان الأقل نموًّا.
- خاتمة.
المحور الأول:
مجموعة البلدان الأقل نموًّا: المفهوم والنشأة والتحديات والمعايير
المطلب الأول:
البلدان الأقل نموًّا: النشأة والتحديات
أولاً: مجموعة البلدان الأقل نموًّا Least Developed Countries (LDCs): المفهوم والنشأة
البلدان الأقل نموًّا هي بلدان منخفضة الدخل تُواجه عقبات بنيوية شديدة تَحُول دون تحقيق التنمية المستدامة. وهي شديدة التأثر بالصدمات الاقتصادية والبيئية، ولديها مستويات منخفضة من الأصول البشرية. وهناك العديد من الدول مُدرَجة على قائمة البلدان الأقل نموًّا التي تُراجعها لجنة التنمية كل ثلاث سنوات. وتتمتع البلدان الأقل نموًّا بحقّ الوصول الحصري إلى تدابير معينة من الدعم الدولي، وخاصة في مجالات المساعدات الإنمائية والتجارة.([1])
ثانيًا: إنشاء فئة أقل البلدان نموًّا
في أواخر الستينيات، بدأت الأمم المتحدة في إبداء اهتمام خاص بالدول الأقل نموًّا، معترفةً بأن تلك الدول هي الأكثر ضعفًا بين المجتمع الدولي. وتضمَّنت إستراتيجية التنمية الدولية لعقد الأمم المتحدة الإنمائي الثاني للسبعينيات تدابير خاصة للدول الأقل نموًّا. وتم إنشاء فئة أقل البلدان نموًّا (LDCs) رسميًّا في عام 1971م مِن قِبَل الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدف جذب وتقديم دعم دولي لتلك البلدان.
وعُقد مؤتمر الأمم المتحدة الأول المعني بأقل البلدان نموًّا في باريس في عام 1981م؛ وذلك من أجل جذب الاهتمام الدولي بها، واتخاذ إجراءات لعكس مسار التدهور المستمر في الحالة الاجتماعية والاقتصادية لهذه الدول. واعتمد المؤتمر برنامجًا جوهريًّا جديدًا شاملًا للعمل في الثمانينيات.
وعُقد مؤتمر الأمم المتحدة الثاني (LDC-II) كذلك في باريس في عام 1990م لمواصلة التركيز على الحاجة إلى اتخاذ تدابير خاصة لهذه الدول؛ حيث اعتمد إعلان وبرنامج عمل باريس لصالح أقل البلدان نموًّا للتسعينيات.
وعُقد مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بأقل البلدان نموًّا (LDC-III) في عام 2001م في بروكسل، واستضافه الاتحاد الأوروبي. وقد اعتمد إعلان وبرنامج عمل بروكسل لأقل البلدان نموًّا للعقد 2001-2010م.
وفي أعقاب المؤتمر الثالث المعني بأقل البلدان نموًّا، أنشأت الجمعية العامة مكتب الأمم المتحدة للممثل السامي لأقل البلدان نموًّا والدول النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية.
وفي عام 2008م، قررت الجمعية العامة عقد مؤتمر الأمم المتحدة الرابع المعني بأقل البلدان نموًّا (LDC-IV)؛ حيث عُقد ذلك المؤتمر بعد ثلاث سنوات في إسطنبول، تركيا، في المدة من 9 إلى 13 مايو 2011م من أجل تقييم تنفيذ أقل البلدان نموًّا وشركائها في التنمية لبرنامج عمل بروكسل، وخطط عمل لجنة السياسات الإنمائية (CDP)، وهي هيئة فرعية تابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، مسؤولة عن استعراض حالة أقل البلدان نموًّا ورصد التقدم المُحْرَز بعد خروجها من هذه الفئة.([2])
وكانت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموًّا قد وافقت على نص مشروع برنامج عمل الدوحة إلى المؤتمر في الجلسة العامة الثالثة لدورتها الثانية (المستأنفة) التي عُقدت في 21 ديسمبر 2021م، وأحالت نص مشروع البرنامج إلى المؤتمر، وأوصت بأن يعتمده. وقد اعتمد المؤتمر مشروع البرنامج في 17 مارس 2022م.
كما أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 258/76 المؤرخ في 6 أبريل 2022م برنامج عمل الدوحة لصالح أقل البلدان نموًّا، ودعت جميع أصحاب المصلحة المعنيين إلى الالتزام بتنفيذ برنامج العمل. وعقد الجزء الثاني من مؤتمر الدوحة في المدة من 5 إلى 9 مارس 2023م؛ حيث اجتمع قادة العالم مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والشباب وغيرهم لبناء الخطط والشراكات التي تفي بوعد وطموح خطة عمل الدوحة على مدار العقد التالي. واعتُبر عقد المؤتمر في جزأين ليس ضروريًّا فحسب لضمان اجتماع مأمون وبحضور شخصي في الدوحة، وإنما يُعدّ اعترافًا كذلك بحقيقة أن أقل البلدان نموًّا لا يمكنها الانتظار لعام آخر للحصول على حزمة تدابير الدعم الدولي الواردة في خطة عمل الدوحة.([3])
كما عقد منتدى مستقبل البلدان الأقل نموًّا تحت عنوان “الابتكار من أجل التحول الهيكلي في البلدان الأقل نموًّا” في الفترة 5-6 مارس 2024م، في هلسنكي، فنلندا.([4])
ثالثًا: التحدّيات التي تواجه أقل البلدان نموًّا
- يعيش في البلدان الأقل نموًّا حوالي 1.1 مليار شخص -أي 14% من سكان العالم-، ولا يزال أكثر من 75% من هؤلاء الناس يعيشون في فقر.
- تتعرَّض أقل البلدان نموًّا أكثر من غيرها لخطر تفاقم الفقر والبقاء في حالة تخلُّف عن ركب التقدم، كما أنها عُرْضة للصدمات الاقتصادية الخارجية والكوارث الطبيعية، والتي هي من صنع الإنسان والأمراض المعدية وتغيُّر المناخ.
- درجة حرارة كوكب الأرض في طريقها الآن للارتفاع بحوالي 2.7 درجة مئوية خلال هذا القرن، مما قد يؤدي إلى آثار كارثية في أقل البلدان نموًّا. وعلى الرغم من أن هذه البلدان لا تُسهم سوى بقدر ضئيل في انبعاثات الكربون؛ إلا أنها تواجه بعضًا من أكبر المخاطر الناجمة عن تغيُّر المناخ.
- تُعدّ أقل البلدان نموًّا من بين أكثر البلدان تضررًا من فيروس كورونا؛ فقد شهدت جميع هذه البلدان- باستثناء ثمانية- معدلات نمو سلبية في عام 2020م، ومن المتوقع أن تستمر تداعيات الجائحة الصحية لفترة أطول مما هو عليه في البلدان الغنية.
- تُمثّل الدّيون مشكلة رئيسية بالنسبة لجميع البلدان الأقل نموًّا؛ فأربعة منها مصنَّفة على أنها تعاني من ضائقة ديون (موزمبيق، سان تومي وبرينسيبي، الصومال، والسودان)، و16 منها مُعرَّضة بشدة لخطر ضائقة الديون([5]).
المطلب الثاني:
معايير الإدراج والإخراج في قائمة البلدان الأقل نموًّا
تتم مراجعة قائمة أقل البلدان نموًّا كل ثلاث سنوات مِن قِبَل لجنة سياسات التنمية، وهي مجموعة من الخبراء المستقلين الذين يقدمون تقاريرهم إلى المجلس لاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة. وبعد مراجعة ثلاثية للقائمة، قد تُوصي لجنة سياسات التنمية، في تقريرها إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ببلدان لإضافتها إلى القائمة أو تُخرجها من وضع أقل البلدان نموًّا. وتلتزم اللجنة بتطبيق المعايير والعتبات اللازمة للإدراج في فئة أقل البلدان نموًّا والإخراج منها، وقد تغيَّرت تلك المعايير في أكثر من مناسبة، ووفقًا لآخر تغيير كانت على النحو التالي([6])([7]):
- معيار الدخل: استنادًا إلى تقدير متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي على مدار ثلاث سنوات بالدولار الأمريكي. والحد الأدنى للإدراج هو 1088 دولارًا أو أقل؛ والحد الأدنى للإخراج منها هو 1306 دولارات أو أكثر.
- مؤشر الأصول البشرية: ويتألف من مؤشرين فرعيين: مؤشر فرعي للصحة، ومؤشر فرعي للتعليم. يشتمل المؤشر الفرعي للصحة على ثلاثة مؤشرات: (أ) معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة؛ (ب) نسبة وفيات الأمهات؛ و(ج) انتشار التقزم. يشتمل المؤشر الفرعي للتعليم على ثلاثة مؤشرات: (أ) معدل إتمام الدراسة الثانوية؛ (ب) معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين؛ و(ج) مؤشر التكافؤ بين الجنسين لإكمال الدراسة الثانوية. يتم تحويل جميع المؤشرات الستة إلى مؤشرات باستخدام منهجيات راسخة ذات وزن متساوٍ. علمًا بأن عتبات الإدراج والإخراج هي 60 أو أقل و66 أو أعلى على التوالي.
- مؤشر الضعف الاقتصادي والبيئي (EVI): يتكون من مؤشرين فرعيين: مؤشر فرعي للضعف الاقتصادي، ومؤشر فرعي للضعف البيئي. يشتمل المؤشر الفرعي للضعف الاقتصادي على أربعة مؤشرات: (أ) حصة الزراعة والغابات وصيد الأسماك في الناتج المحلي الإجمالي؛ (ب) البعد وعدم القرب من اليابسة؛ (ج) تركيز الصادرات السلعية؛ و(د) عدم استقرار صادرات السلع والخدمات. يشتمل المؤشر الفرعي للضعف البيئي على أربعة مؤشرات: (أ) حصة السكان في المناطق الساحلية المنخفضة الارتفاع؛ (ii) نسبة السكان الذين يعيشون في الأراضي الجافة؛ (iii) عدم استقرار الإنتاج الزراعي؛ و(iv) ضحايا الكوارث. يتم تحويل جميع المؤشرات الثمانية إلى مؤشرات باستخدام منهجيات راسخة مع عتبات الإدراج والتخرج هي 36 أو أعلى و32 أو أقل على التوالي.
في كل مراجعة ثلاثية، يتم مراجعة جميع البلدان في المناطق النامية وفقًا للمعايير المذكورة أعلاه. إذا استوفت دولة نامية ما عتبات الإدراج المحددة لجميع المعايير الثلاثة في مراجعة واحدة، فيمكن أن تصبح مُؤهّلة للإدراج. يتطلب الإدراج موافقة الدولة المعنية، ويصبح ساريًا فورًا بعد أن تأخذ الجمعية العامة علمًا بتوصية اللجنة. ولم يتم تقديم أيّ توصيات للإدراج في المراجعة الثلاثة لعام 2021م. وكانت آخر دولة تم إدراجها جنوب السودان عام 2012م (جدول1).
وللخروج من فئة أقل البلدان نموًّا، يجب على الدولة تلبية عتبات الإخراج المحدَّدة لمعيارين على الأقل من معايير مراجعتين ثلاثيتين متتاليتين. البلدان شديدة الضعف، أو التي لديها أصول بشرية منخفضة للغاية مؤهلة للخروج فقط إذا استوفت المعيارين الآخرين بهامش مرتفع بدرجة كافية. كاستثناء، تصبح الدولة التي يتجاوز دخل الفرد فيها بشكلٍ مستدام عتبة الخروج “الدخل فقط”، المحددة بثلاثة أضعاف عتبة الخروج (3918 دولارًا)، مُؤهَّلة للخروج من فئة أقل البلدان نموًّا، حتى لو فشلت في تلبية المعيارين الآخرين.([8])
المحور الثاني
بلدان إفريقيا جنوب الصحراء في مجموعة البلدان الأقل نموًّا
المطلب الأول: عدد وأداء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الأقل نموًّا
بعد ستة عقود، لا تزال إفريقيا تتصدر هذه القائمة، وكان التقلُّب الواضح في النمو الاقتصادي سمة مميزة لمعظم البلدان الإفريقية الأقل نموًّا، وهو ما تفاقم بسبب الافتقار إلى القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات، وكان كوفيد-19 أحدثها وأكثرها شدة. على سبيل المثال، في الثمانينيات والتسعينيات -العقدان الضائعان في التنمية-، كانت معدلات النمو في إفريقيا أكثر تقلُّبًا بعدة مرات من معدلات النمو في البلدان النامية أو المتقدمة الأخرى.([9])
معظم البلدان الإفريقية الأقل نموًّا لم تتمكَّن من الاستفادة من طفرة أسعار السلع الأساسية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين قبل الأزمة المالية العالمية في الفترة 2008-2009م. ويُلاحَظ أنه على الرغم من أنها شهدت معدلات نمو عالية؛ إلا أن القارة لم تشهد تحوُّلًا هيكليًّا كبيرًا لدعم ذلك. كما أنها ظلت أقل تنوُّعًا مع القليل من التعقيد والقدرات الإنتاجية المنخفضة، مما يعني أنها كانت شديدة التأثر بانخفاض أسعار السلع الأساسية في التاريخ الحديث، وغالبًا ما تأثَّرت سلبًا بهبوطها. وعند مقارنتها مع تجارب البلدان الآسيوية الأقل نموًّا، فالأخيرة أكثر تنوعًا، ولديها قدرات إنتاجية أعلى وتجارب نمو أفضل.
وعلى الرغم من التقدم القوي المُحرَز في تراكم الأصول البشرية في بوركينا فاسو وبوروندي وإثيوبيا وموزامبيق ورواندا؛ إلا أنه لا يزال أقل من العتبة وفقًا لمعايير مؤشر الأصول البشرية للخروج من القائمة. ولكن البلدان الأقل نموًّا لا تزال تواجه مخاطر، وخاصة “لعنة” الموارد، والافتقار إلى التنوع، وعجز البنية الأساسية، وتغير المناخ، وأنماط الإنتاج المتغيرة. ومن شأن الاستفادة من الفرص مع معالجة هذه المخاطر أن تُسهم بشكل كبير في تسريع تخرج البلدان الإفريقية.([10])
وتمثل البلدان الأقل نموًّا مجتمعة 13% من سكان العالم، وأكثر بقليل من 1% من الناتج العالمي، و1% من الصادرات، و2% من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. وحجم سكان هذه الدول جعل من الصعب تجاهل هذه الكتلة سياسيًّا؛ إذ يعيش أكثر من 650 مليون شخص في البلدان الإفريقية الأقل نموًّا وحدها. وتتسم تلك الفئة بالتنوع؛ إذ تتراوح من توفالو، التي يبلغ عدد سكانها نحو 10 آلاف نسمة، إلى بنغلاديش، التي يزيد عدد سكانها على 150 مليون نسمة. كما تضم بوروندي، التي يقل متوسط دخل الفرد فيها عن 300 دولار -وغينيا الاستوائية- التي يزيد متوسط دخل الفرد فيها حتى وقت قريب على 8000 دولار.
ويتطلب الهيكل المعقَّد للمؤشرات المستخدمة -لتحديد الأهلية للإدراج والإخراج- بذل جهود واعية لالتقاط الخصائص البنيوية للبلدان الأقل نموًّا. ومع ذلك، يتأثر خروج أيّ بلد من وضع البلدان الأقل نموًّا بوضع أقرانه. ولا تزال العديد من البلدان المتقدمة والمؤسسات متعددة الأطراف لا تعترف رسميًّا بهذه الفئة. وباعتبارها أحد مكونات الأمم المتحدة، تُستخدم فئة البلدان الأقل نموًّا على نطاق أوسع من جانب وكالات التنمية الثنائية ومتعددة الأطراف المانحة، ومنظمة التجارة العالمية، لتوجيه تخصيص المساعدات التفضيلية، والوصول إلى الأسواق، والمعاملة الخاصة والتفاضلية في التجارة.([11])
ولم يكن التقدم المُحرَز في تمكين البلدان الأقل نموًّا من التحرك نحو الخروج من القائمة ناجحًا بالقدر الكافي. فقد تمكنت أربع عشرة دولة من تلبية معايير الخروج من القائمة خلال الفترة 2011-2020م، وهي في منتصف الطريق فقط لتحقيق الهدف المحدد في خطة عمل إسطنبول، وتمثلت في نصف البلدان الأقل نموًّا التي تلبّي معايير الخروج من القائمة بحلول عام 2020م. وبدون تعزيز التقدم التنموي للبلدان الأقل نموًّا، فإن إمكانية تحقيق أهداف التنمية المستدامة لأجندة 2030 في جميع البلدان، وعدم ترك أيّ أحد خلف الركب، ستكون محدودة للغاية.
وبناءً على المعلومات الإحصائية المتعلقة بالاتجاه التاريخي، قد لا يتجاوز عدد البلدان الأقل نموًّا (44-53% من الإجمالي) التي قد تَفِي بعتبات الخروج من القائمة بحلول عام 2030م ما يتراوح بين 20 و24 بلدًا، وهو ما يقترب من هدف خطة عمل إسطنبول لعام 2020م. وتتوقع السيناريوهات الافتراضية المتفائلة أن عدد البلدان الأقل نموًّا (60-80% من الإجمالي) التي قد تفي بمعايير الخروج من القائمة بحلول عام 2030 يتراوح بين 27 و36 بلدًا. ولكن لتحقيق السيناريوهات المتفائلة، يلزم تحقيق وتيرة غير مسبوقة من التقدم في جميع المعايير؛ إذ يتعين أن يكون نمو الدخل 7% على الأقل، أو يتعين تسريع التقدم بمعدل أسرع مرتين أو ثلاث مرات من الاتجاهات الطويلة الأجل. وفي مثل هذه السيناريوهات المتفائلة فقط، سوف تتمكن حصة كبيرة من البلدان الأقل نموًّا من تلبية معايير الخروج من القائمة بحلول عام 2030. ([12])
ويبدو أن المجتمع العالمي مستاء من رؤية عدد البلدان الأقل نموًّا يتضاعف تقريبًا -من 25 عند الولادة إلى 47 في عام 2021م- الأمر الذي أدى إلى إنشاء “نادي دائم” للفقراء كما يحرج الدول المتقدمة التي أنفقت مليارات الدولارات على المساعدات الإنمائية الرسمية الخارجية على مدى خمسة عقود. ولكن هدف تقليص قائمة البلدان الأقل نموًّا إلى النصف بحلول عام 2020م لم يتحقق، وكثيرًا ما سعت العديد من البلدان المؤهلة إلى تأجيل خروجها على أساس مجموعتين من المخاوف([13]):
- استغلال الوقت للتعافي من الصدمات الناجمة عن الكوارث الطبيعية أو الظروف الاقتصادية العالمية.
- المخاوف بشأن عدم اليقين المرتبط بفقدان المساعدات الميسرة والوصول التفضيلي إلى الأسواق.
المطلب الثاني
التغيرات في عضوية البلدان الأقل نموًّا وحركة بلدان إفريقيا جنوب الصحراء فيها
بالتركيز على بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، فإن تلك المنطقة تتكون من 48 دولة، وأقل البلدان نموًّا فيها عدده 34 وهي: أنجولا، بنين، بوركينا فاسو، بوروندي، جمهورية إفريقيا الوسطى، تشاد، جزر القمر، الكونغو، الكنغو الديمقراطية، جيبوتي، غينيا الاستوائية، إريتريا، إثيوبيا، غينيا، غينيا بيساو، ليسوتو، ليبيريا، مدغشقر، ملاوي، مالي، موريتانيا، موزمبيق، النيجر، رواندا، ساوتومي وبرينسيبي، السنغال، سيراليون، الصومال، جنوب السودان، السودان، تنزانيا، غامبيا، توغو، أوغندا، زامبيا.([14])
وفي جميع تلك البلدان يتم تنفيذ خطة عمل إسطنبول بالتزامن مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وخطة عام 2063. وكانت أول دولتين من أقل البلدان نموًّا تخرجان من القائمة إفريقيتين: بوتسوانا في عام 1994م، والرأس الأخضر في عام 2007م.
وكانت غينيا الاستوائية أول دولة تخرج من خلال معيار الدخل فقط؛ فقد زادت دخلها القومي الإجمالي للفرد عدة مرات فوق عتبة الخروج من القائمة على أساس الدخل فقط البالغة 2460 دولارًا. ومن خلال النمو المدفوع بالنفط، تمكنت من زيادة نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي إلى 14538 دولارًا (في عام 2017م)، ولكنها تتخلف عن الركب في كلّ من مؤشر الأصول البشرية ومؤشر الضعف الاقتصادي؛ حيث لا تزال تعاني من انخفاض مستويات التنمية البشرية واقتصاد غير متنوع. وقد اعتُبرت أنجولا، وهي دولة أخرى مصدرة للنفط، مؤهلة للتخرج في عام 2024م. وتأتي ساو تومي وبرينسيبي (2024م) في المرتبة التالية([15]).
فمنذ إنشائها، خرجت ثماني دول من فئة أقل البلدان نموًّا: بوتسوانا في عام 1994م، والرأس الأخضر في عام 2007م، وجزر المالديف في عام 2011م، وساموا في عام 2014م، وغينيا الاستوائية في عام 2017م، وفانواتو في عام 2020م، وبوتان في عام 2023م، وساو تومي وبرينسيبي في عام 2024م. وحاليًا، توجد 44 دولة في فئة أقل البلدان نموًّا، منها 32 دولة في إفريقيا، و8 دول في آسيا، و3 دول في المحيط الهادئ، ودولة واحدة في منطقة البحر الكاريبي. وقد اختارت بعض البلدان، مثل زيمبابوي، وبوليفيا، وكوريا الشمالية، عدم إدراجها في قائمة البلدان الأقل نموًّا. ويبين الجدول التالي التغيرات في عضوية البلدان الأقل نموًّا في العالم منذ إنشاء تلك الفئة. ويبين الجدول التالي الإدراج والخروج من قائمة المجموعة.
جدول (1) الجدول الزمني للتغييرات في عضوية البلدان الأقل نموًّا
United Nations, Least Developed Countries (LDCs)Creation of the LDC category and timeline of changes to LDC membership and criteria.at:
المحور الثالث:
نماذج من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء خرجت من فئة البلدان الأقل نموًّا
المطلب الأول:
ساوتومي وبرنسيب آخر الخارجين الأفارقة من فئة البلدان الأقل نموًّا 2024م
أولاً: تاريخ تخرج ساوتومي وبرنسيب
عُقدت ورشة العمل المشتركة للأمم المتحدة لدعم خروج ساو تومي وبرينسيبي من فئة أقل البلدان نموًّا في قصر المؤتمرات في ساو تومي يومي 12 و13 سبتمبر 2019م. وقد تم تنظيمها بالاشتراك مع فريق العمل المشترك بين الوكالات التابع للأمم المتحدة المعني بخروج الدول بالتعاون الوثيق مع حكومة ساو تومي وبرينسيبي، ومنسق الأمم المتحدة المقيم، وبرعاية حكومة البرتغال. ([16]) مما تبلور عنه قرار الخروج من القائمة رقم A/RES/73/133 ([17]).
وفي 13 ديسمبر 2024م خرجت الدولة من فئة أقل البلدان نموًّا وفقًا لقرار الأمم المتحدة([18])؛ حيث برزت الدولة الجزرية الصغيرة النامية قبالة ساحل وسط إفريقيا، والتي يسكنها حوالي 230 ألف شخص، كاقتصاد أكثر استقرارًا وقابلية للاستمرار مع خطوات واسعة في التعليم والصحة ودخل الفرد. وقد تم تعزيز التقدم جزئيًّا من خلال الدعم الدولي، بما في ذلك المساعدة الفنية من منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية. وتعتبر الدولة هي الثامنة عالميًّا والرابعة إفريقيًّا حتى الآن التي غيرت وضعها، أو “خرجت” من فئة البلدان الأقل نموًّا. ([19])
ثانيًا: أداء ساوتومي وبرنسيب في معايير الخروج من القائمة، ونقاط الضعف القائمة
بين عامي 2020 و2022م، بلغ متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي في ساو تومي وبرينسيبي 2271 دولارًا، وهو ما يتجاوز كثيرًا عتبة الخروج من فئة البلدان الأقل نموًّا المحددة عند 1306 دولارات. وبالمثل، ارتفعت درجة البلاد على مؤشر الأصول البشرية، وهو مقياس لنتائج الصحة والتعليم، من 59.3 في عام 2002م إلى 91.4 في عام 2024م، وهو ما يتجاوز بكثير عتبة الخروج من فئة البلدان الأقل نموًّا البالغة 66.([20])
ولتعزيز التنمية طويلة الأجل، تحتاج ساو تومي وبرينسيبي إلى الاستمرار في التغلُّب على نقاط الضعف المرتبطة بعزلتها الجغرافية، وصغر حجم الأسواق الوطنية، والاعتماد الشديد على القطاع الزراعي. وتصنف “الأونكتاد” الدولة على أنها تعتمد على السلع الأساسية؛ نظرًا لأن السلع الأساسية الأولية -وأبرزها حبوب الكاكاو- شكَّلت 69٪ من صادراتها من السلع بين عامي 2021 و2023م. كما أن ضائقة الديون -عندما تتخلف الدولة عن سداد التزاماتها المالية، ويتطلب الأمر إعادة هيكلة الديون- تثقل كاهل اقتصاد الدولة. وإن تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، أقل من 2٪ بين عامي 2021 و2023م، يؤكد على الحاجة إلى الإصلاحات الهيكلية لتنويع الاقتصاد وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة المخاطر الخارجية والمتعلقة بالمناخ، وخاصة الفيضانات وارتفاع مستويات سطح البحر. ([21])
ثالثًا: التداعيات المحتملة لخروج ساوتومي وبرنسيب من مجموعة البلدان الأقل نموًّا
قد يؤدي الخروج من القائمة إلى تقليل قدرة ساو تومي وبرينسيبي على الوصول إلى بعض تدابير الدعم الدولية الحصرية لأقل البلدان نموًّا. ويمكن أن تكون هذه تفضيلات تجارية أو خيارات تمويل تفضيلية، بعضها من المقرر أن ينتهي عند الخروج من القائمة، والبعض الآخر بفترة انتقالية. لذلك تحتاج البلاد إلى نهج إستراتيجي لإدارة التحول بشكل فعَّال وتخفيف الآثار السلبية المحتملة على الاقتصاد.
وبعيدًا عن الخروج من القائمة، تظل “الأونكتاد” ملتزمة بدعم جهود ساو تومي وبرينسيبي الرامية إلى تنويع الصادرات وتعزيز القدرات الإنتاجية وتحسين بيئة الأعمال فيها. كما أن الجهود المتضافرة من جانب المجتمع الدولي -بما في ذلك شركاء التنمية والمنظمات متعددة الأطراف- ضرورية أيضًا لتقديم المساعدة الفنية، وتبادل أفضل الممارسات ودعم الموارد التي تحتاجها البلاد لمواجهة تحديات ما بعد الخروج من القائمة.([22])
المطلب الثاني
السنغال آخر المرشحين للخروج من فئة البلدان الأقل نموًّا 2029م
في ديسمبر 2024م، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بإزالة السنغال من قائمة أقل البلدان نموًّا بعد فترة تحضيرية مدتها خمس سنوات، تنتهي في ديسمبر 2029م. بالقرار رقم A/79/L.49([23]) بعد منحها، على أساس استثنائي، فترة تحضيرية ممتدة لمدة خمس سنوات (الفترة القياسية هي ثلاث سنوات)؛ لتمكينها من الاستعداد الفعال للخروج وضمان انتقال سلس من الفئة.
وحثت الأمم المتحدة السنغال على وضع إستراتيجيات وطنية لإدارة هذا الانتقال، بدعم من وكالات الأمم المتحدة والشراكات مع أصحاب المصلحة الإقليميين والثنائيين ومتعددي الأطراف.
أولاً: أداء السنغال وفقًا لمعايير الخروج من فئة أقل البلدان نموًّا (ملف السنغال)
حققت السنغال تقدمًا ملحوظًا في النمو الاقتصادي والتنمية البشرية على مدى العقود الأخيرة. بين عامي 2014 و2019م؛ حيث نما الاقتصاد بمعدل متوسط بلغ 6% سنويًّا. ومع ذلك، أدت جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا والتوترات السياسية الداخلية إلى تباطؤ النمو، الذي انخفض إلى 4.1% في عام 2023م، و5% في عام 2024م. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن التوقعات الاقتصادية للسنغال واعدة، مدفوعة ببدء استغلال الهيدروكربون. ويتوقع صندوق النقد الدولي معدل نمو قدره 10% في عام 2025م. كما تحسَّن مؤشر التنمية البشرية في السنغال بشكل كبير؛ حيث ارتفع من 0.371 في عام 1990م إلى 0.517 في عام 2022م على مقياس من 0 إلى 1. ([24])
حيث أحرزت السنغال تقدمًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا كبيرًا على مدى العقدين الماضيين منذ إدراجها في فئة أقل البلدان نموًّا في عام 2000م. وفي المراجعة الثلاثية لعام 2021م للجنة السياسات الإنمائية التابعة للأمم المتحدة، استوفت السنغال معايير الخروج من القائمة لأول مرة، من خلال تجاوز عتبات الخروج من القائمة للدخل القومي الإجمالي للفرد ومؤشر الأصول البشرية وفقًا للجدول (2).
جدول (2) عتبات الخروج من فئة البلدان الأقل نموًّا
World Trade Organization, Trade impacts of LDC graduation Senegal (Geneva: WTO,2024) P.2.
ثانيًا: التداعيات المحتملة لخروج السنغال من فئة البلدان الأقل نموًّا
بناءً على الوثائق والمعلومات المتاحة للجمهور، فضلًا عن المدخلات الخاصة بتقييم الخروج من القائمة السابق، فإن معظم التعاون الإنمائي لن يتأثر بخروج البلدان الأقل نموًّا من القائمة؛ حيث إن شركاء التنمية المهمين مثل البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والتحالف العالمي للقاحات والتحصين، والصندوق العالمي، والاتحاد الأوروبي، ومعظم منظومة الأمم المتحدة، ومعظم الشركاء الثنائيين (بما في ذلك شركاء التعاون بين بلدان الجنوب) لا يأخذون في الاعتبار، عند تحديد نطاق وطبيعة برامج المساعدة الخاصة بهم، ما إذا كانت الدولة مدرجة في قائمة البلدان الأقل نموًّا أم لا.
وينظر عدد قليل من المنظمات والبلدان المانحة إلى الانتماء إلى قائمة البلدان الأقل نموًّا باعتباره معيارًا ثانويًّا، وقد يؤدي الخروج من القائمة إلى تأثير ضئيل على شروط وحجم المساعدة من جانب هؤلاء الشركاء.
ويمكن للعديد من البلدان الأقل نموًّا المتخرجة أن تتوقع تغيُّر برامج المساعدة بمرور الوقت مع ارتفاع مستويات الدخل وتحسُّن المتغيرات التي يأخذها هؤلاء الشركاء في الاعتبار بشكل مستدام، ولكن ليس نتيجة للخروج من قائمة البلدان الأقل نموًّا. إن البلدان التي تخرج من القائمة سوف تفقد القدرة على الوصول إلى الأدوات الخاصة بالبلدان الأقل نموًّا والتي لا تترجم عادة إلى كميات كبيرة من الأموال، ولكنها يمكن أن تكون مفيدة من حيث بناء القدرات في مجالات محددة. ويتعين على إستراتيجية الانتقال السلس أن تُحدّد السياسات والتدابير التي من شأنها أن تُعالج القدرات وأصحاب المصلحة المتأثرين بهذه التغييرات، في سياق أوسع من إستراتيجيات التنمية الوطنية والتخطيط ([25]).
وباعتبارها من البلدان الأقل نموًّا، تستفيد السنغال من المرونة الخاصة بالبلدان الأقل نموًّا المتاحة في منظمة التجارة العالمية، والتي قد لا تكون متاحة بعد الخروج من القائمة. ومن المرجَّح أن يكون التأثير الإجمالي لتخرج السنغال من فئة البلدان الأقل نموًّا محدودًا. ولن يكون هناك أيّ تغيير في التنازلات والالتزامات التي قدَّمتها السنغال عندما انضمَّت إلى منظمة التجارة العالمية، والتي ستستمر في توفير المرونة السياسية للبلاد.
ولن تتغير مساهمة السنغال في ميزانية منظمة التجارة العالمية أيضًا؛ لأنها تستند إلى حصة السنغال في التجارة العالمية. كما لن يكون هناك تأثير كبير في مجال الوصول إلى الأسواق. وتتم تجارة السنغال مع مالي، شريكها التجاري الرئيسي، بموجب ترتيبات تجارية إقليمية.
ومن المرجَّح أن تنتهي معظم الأطر الزمنية الخاصة بالبلدان الأقل نموًّا لتحرير التعريفات الجمركية بموجب اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية بحلول الوقت الذي تخرج فيه السنغال. وبعد الخروج من القائمة، ستكون السنغال مُؤهَّلة للاستفادة من نظام الأفضليات المعمم القياسي في سويسرا. وفي الوقت نفسه، تحافظ سويسرا على تعريفات الدولة الأكثر تفضيلًا على الذهب، وهو أحد أهم صادرات السنغال إلى سويسرا، والتي تقترب من الصفر. وفي الوقت نفسه، سيستمر وصول السنغال إلى سوق الاتحاد الأوروبي دون قيود أو حصص لمدة ثلاث سنوات.
وبعد ذلك، قد تفكر السنغال في تطبيق نظام الأفضليات المعممة، أو التصديق على اتفاقية الشراكة الاقتصادية من أجل الحفاظ على الوصول إلى السوق بدون رسوم أو حصص، بما في ذلك بناء على أحد أهم بنود صادراتها والتي تتمثل في منتجات الأسماك.
وفيما يتعلق بتنفيذ قواعد منظمة التجارة العالمية، هناك منطقتان تتطلبان مراقبة دقيقة: اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية والزراعة. وبعد الخروج من القائمة، لن تتمكن السنغال من الاستفادة من فترات انتقال اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية، وسوف تكون مطالبة بتنفيذ اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية، بما في ذلك متطلبات الإخطار ذات الصلة. وفي مجال الزراعة، سوف تزداد وتيرة إلزام السنغال بتقديم إخطارات الدعم المحلي إلى مرة واحدة في السنة.
ولن تتأثر المساعدات التجارية المقدمة إلى السنغال بالخروج من القائمة؛ حيث يستخدم شركاء السنغال في التنمية اعتبارات أخرى -وليس وضع البلدان الأقل نموًّا-؛ لتحديد مخصصات المساعدات الخاصة بهم. وسوف يظل الوصول إلى دعم الإطار المتكامل المعزز متاحًا لمدة خمس سنوات بعد الخروج من وضع البلدان الأقل نموًّا.
كما مدَّد صندوق التنمية والتطوير الاجتماعي، لمدة ثلاث سنوات بعد الخروج من القائمة، المرونة الممنوحة لأقل البلدان نموًّا فيما يتعلق بمتطلبات التمويل المشترك. وتسمح هذه المرونة لهذه البلدان بالمساهمة بنسبة 10% فقط من مساهمة صندوق التنمية والتطوير الاجتماعي المطلوبة في المشاريع، بدلًا من 20% بالنسبة للبلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض. وفي حين أن التأثيرات التجارية المترتبة على تخرج البلدان الأقل نموًّا من القائمة من المرجح أن تكون محدودة بالنسبة للسنغال، فمن المهم للبلاد، بدعم من المنظمات الدولية، إعداد إستراتيجية انتقال سلس بهدف ضمان الخروج من القائمة المستدام. ([26])
خاتمة:
يُقدّر عدد بلدان إفريقيا جنوب الصحراء المدرجة في قائمة البلدان الأقل نموًّا 32 من أصل 44 دولة، خلال الفترة منذ عام 1971م وحتى عام 2024م. مع وجود بلدان أخرى ترفض إدراجها في تلك الفئة، وقد كان نصف الدول الثمانية التي خرجت من القائمة، من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، بالإضافة إلى استعداد السنغال للخروج من القائمة، وإن دلَّ ذلك فإنما يدل على الأداء التنموي الباهت لبلدان الإقليم، وكذلك يدل على التحسُّن الطفيف في هذا الأداء بالنظر إلى حصة بلدان الإقليم في تلك الفئة.
وعلى الرغم من ترتيبات المساندة والدعم المختلفة، التي يقدمها المجتمع الدولي، لخروج تلك البلدان من هذه الفئة، إلا أنها غير كافية لإحداث التحول التنموي النوعي المطلوب. كما أنها تتآكل بفعل ترتيبات أخرى بديلة أوجدت تلك البلدان في حلقة مفرغة من انتشار الفقر، وتركز الصادرات في سلع أولية وعدم الوصول إلى الأسواق، وضعف الأداء الصناعي وتراجع الخدمات الأساسية. فضلاً عن الكوارث والأوبئة، والتغيُّر المناخي، وعدم الاستقرار السياسي، والحروب والصراعات الأهلية.
كما أن الدعم المقدَّم لن يتأثر كثيرًا بخروج تلك البلدان إلا قليلاً؛ لأن جزءًا كبيرًا من بلدان العالم، عند تقديمها لدعم أو تفضيل أو مساعدة لا تنظر إلى البلد كونه ضمن تلك الفئة أم لا.
………………………………………………
[1]) United Nations, Least Developed Countries (LDCs)Creation of the LDC category and timeline of changes to LDC membership and criteria.at:
https://www.un.org/development/desa/dpad/least-developed-country-category/creation-of-the-ldc-category-and-timeline-of-changes-to-ldc-membership-and-criteria.html
[2]) الأمم المتحدة، مؤتمرات البلدان الأقل نموًّا، متاح على الرابط:
https://www.un.org/ar/conferences/least-developed-countries
[3]) https://www.un.org/ldc5/sites/www.un.org.ldc5/files/ar_doha_booklet_0.pdf
[4]) https://www.un.org/ohrlls/ldc-future-forum-2024
[5]) الأمم المتحدة، 5 أشياء يتعين معرفتها عن أقل بلدان العالم نموًّا، 02 مارس 2023م. متاح على الرابط: https://www.ungeneva.org/ar/news-media/news/2023/03/78551/5-ashya-ytyn-mrftha-n-aql-bldan-alalm-nmwa
[6])Unctad, What are the least developed countries?, UNCTAD/PRESS/IN/2023/004.AT:
https://unctad.org/press-material/what-are-least-developed-countries-9
[7]) لمزيد من المعلومات حول عملية تخرج أقل البلدان نموًّا: https://www.un.org/ldcportal/fr/node/909
[8]) Unctad, Op.cit.
[9]) Easterly, William (2001). The lost decades: developing countries’ stagnation in spite of policy reform 1980–1998. Journal of Economic Growth, vol. 6, No. 2, pp. 135–157.
[10]) UNDP, Graduation of African Least Developed Countries (LDCs) UNDP Regional Bureau for Africa 2021 Emerging issues in a new development landscape.PP.2-8. AT: https://unctad.org/topic/least-developed-countries/list
[11]) UNDP, Op.cit.
[12]) Namsuk Kim, Prospects of Least Developed Countries meeting the graduation criteria by 2030.AT:
https://www.un.org/development/desa/dpad/publication/prospects-of-least-developed-countries-meeting-the-graduation-criteria-by-2030/
[13]) UNDP, Op.cit.
[14]) competitivity, Sub-Saharan Africa and Least Developed Countries (LDC).AT: https://competitivite.ferdi.fr/en/countries/compare/sub-saharan-africa/least-developped-countries-ldc
[15]) UNDP.Op.cit.
[16]) United Nations, oint UN Workshop in Support of São Tomé e Príncipe’s Graduation.AT: https://www.un.org/ohrlls/events/joint-un-workshop-support-s%C3%A3o-tom%C3%A9-e-pr%C3%ADncipe%E2%80%99s-graduation
[17]) United Nations, Resolution adopted by the General Assembly on 13 December 2018.at: https://documents.un.org/doc/undoc/gen/n18/439/93/pdf/n1843993.pdf
[18]) United Nations, São Tomé and Príncipe graduated on 13 December 2024.AT: https://www.un.org/ldcportal/content/s%C3%A3o-tom%C3%A9-and-pr%C3%ADncipe-graduation-status
[19]) Unctad, Sao Tome and Principe graduates from least developed country status. 13 December 202.at: https://unctad.org/news/sao-tome-and-principe-graduates-least-developed-country-status
[20]) axxessintl, Sao Tome and Principe graduates from UN least developed country status. 7 January 2025.AT: https://axxessintl.com/en/sao-tome-and-principe-graduates-from-un-least-developed-country-status/
[21]) Idem.
[22]) Unctad, Sao Tome and Principe graduates. Op.cit.
[23])UN, Senegal graduation status.at: https://www.un.org/ldcportal/content/senegal-graduation-status
[24]) Ecofin Agency, Senegal Climbs Up UN’s Development Ladder, Leaving LDC Category, 6 January 2025.at: https://www.ecofinagency.com/public-management/0601-46284-senegal-climbs-up-un-s-development-ladder-leaving-ldc-category
[25]) Marcia Tavares, 2021. “Potential impacts of LDC graduation on development cooperation in Cambodia, Comoros, Djibouti, Senegal, and Zambia: Preliminary assessment,” CDP Background Papers 053, United Nations, Department of Economics and Social Affairs.
[26]) World Trade Organization, Trade impacts of LDC graduation Senegal (Geneva: WTO,2024) PP.13-14.