الأفكار العامة:
- انتهاء الأسبوع الأول من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (COP29) دون التوصل إلى نتائج مرجوة حول مطالب القارة الإفريقية بخصوص التكيّف والتمويل.
- استمرار مجموعة المفاوضين الأفارقة في معركة الدفاع عن قضية التكيُّف مع تغيُّرات المناخ بعد بلورتها في اتفاق باريس، خاصةً أن المادة 7 تنص على تعزيز قدرات الدول على التكيُّف مع تغيُّرات المناخ واحتواء تداعيات التغيُّر المناخي عليها.
- الحصول على تمويل على شكل مِنَح لا قروض للتكيُّف؛ وذلك للحيلولة دون تفاقم الديون على البلدان في مواجهة تداعيات التغيُّر المناخي.
- الدعوة إلى الاعتراف بالمسؤوليات المشتركة رغم تباينها (إفريقيا تمثل 4% من الانبعاثات العالمية)، ومراعاة جميع أبعاد التكيُّف، وتحديد ماهية الالتزام الجديد، وحسم مسألة التمويل، وضرورة استجابة الهدف الكمي الجديد للتحديات الاقتصادية العالمية.
بقلم: حومي أحمد
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
لقد انتهى الأسبوع الأول من المفاوضات في باكو دون التوصل إلى الاتفاق في وقتٍ تُصرُّ فيه إفريقيا على أولوياتها -التكيُّف والتمويل-، لكنَّها لم تتوصل بعدُ إلى استجابة ملموسة.
مضى الأسبوع الأول من المفاوضات في أذربيجان بنبرة متوترة. وكالعادة، تتمسك إفريقيا على وجه الخصوص والبلدان النامية الأخرى بموقفها؛ فالتكيف والتمويل كانا ولا يزالان من أولوياتها. وعلى مدى سنوات عديدة، كانت مجموعة المفاوضين الأفارقة تقوم بحملة من أجل هذا الاعتراف في جميع مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ. ويقول المفاوضون الأفارقة: إنهم يتَّبعون توجيهات قادتهم.
الهدف العالمي بشأن التكيُّف مع تغيُّرات المناخ:
إن المجموعة الإفريقية الحاضرة في مختلف مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ هي في الواقع تحضر لتحقيق الهدف العالمي بشأن التكيُّف مع تغيُّرات المناخ. ففي عام 2015م، في مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين في باريس (COP21)، دافعت مجموعة المفاوضين الأفارقة بقوة عن قضية التكيُّف مع تغيُّرات المناخ. وقد تبلورت هذه المعركة في اتفاق باريس وتم وضع أُسُس لتحقيق الهدف المنشود.
وقد حدّدت المادة 7 من اتفاق باريس لعام 2015م الهدف العالمي بشأن التكيُّف مع تغيُّرات المناخ، كما أوصت المادة المعنية بضرورة تعزيز قدرة البلدان على التكيف مع تغيُّرات المناخ، واتخاذ إجراءات لبناء القدرة على التكيف مع تغيُّرات المناخ، والحدّ من قابلية التأثر بتغيُّرات المناخ. والهدف من هذه الإجراءات هو المساهمة في التنمية المستدامة. ووفقًا للمادة 7، من الضروري ضمان استجابة ملائمة للتكيُّف في سياق هدف درجة الحرارة البالغة 1.5 درجة مئوية التي يتطلبها العلم.
وقد ارتفع التمويل الدولي العام للتكيُّف مع تغيُّرات المناخ من 22 مليار يورو في عام 2021م إلى 28 مليار يورو في عام 2022م، كما كشف عن ذلك إصدار 2024م من تقرير التكيُّف مع تغيُّرات المناخ الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
ووفقًا للجنة التقرير؛ فإن هذا يُمثّل تقدمًا حقيقيًّا منذ اعتماد اتفاقية باريس. وبالنسبة للمسؤولين الأفارقة الذين يتحدثون بصفتهم الشخصية، فإن تسليم بعض هذه الأموال يُعتبر غير طبيعي. وبالفعل، فإن العديد من الأموال المخصصة في التقرير هي في شكل قروض. ويقول جيمس مورومبيدزي، وهو مسؤول إفريقي رفيع المستوى من زيمبابوي، متحدثًا بصفته الشخصية: “في إفريقيا، أعتقد أن هذا الأمر غير عادل؛ لأن التكيُّف مع تغيُّرات المناخ هو تكلفة ناجمة عن الانبعاثات التاريخية”.
ويثير هذا التقرير حول التكيُّف مع تغيُّرات المناخ، الذي نُشر قبل أسبوع من انعقاد مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ، تساؤلات حول الطريقة التي ستتم بها مناقشة الالتزام الجديد بشأن تمويل المناخ “نحن بحاجة إلى توفير الأموال لدعم التكيُّف مع تغيُّرات المناخ دون أن نضيف إلى عبء الديون الثقيل بالفعل على أفقر البلدان”؛ يوصي مورومبيدزي.
إشكالية التمويل:
يقول المراقبون: إن مسألة تمويل التكيُّف مع تغيُّرات المناخ يُمثّل إشكالية على جميع المستويات، فضلاً عن غياب تعريف للتمويل المتعلق بالمناخ. وظلت المجموعات المختلفة للبلدان المتقدمة، ولسنوات عديدة، تطالب البلدان الناشئة بالمساهمة في ذلك بدون جدوى. ويقول العديد من البلدان النامية: إن المسؤولية التاريخية أصبحت موضع تساؤل.
ويدعو المفاوضون الأفارقة إلى الاعتراف بالمسؤوليات المشتركة، رغم أنها متباينة لتنفيذ برنامج عمل الانتقال العادل. وسيكون هذا الانتقال العادل نتيجة للتعاون بين بلدان الجنوب وبلدان الشمال لمكافحة تغيُّر المناخ من خلال العمل المستدام.
وتشير اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيُّر المناخ لعام 1992م إلى هذا الاعتراف بالمسؤوليات. ووفقًا لإفريقيا، ينبغي أن يُتيح الاعتراف بمبادئ القدرات الخاصة والمتباينة تفعيل صندوق الخسائر والأضرار لمساعدة البلدان الإفريقية على مواجهة الآثار التي لا رجعة فيها لتغيُّر المناخ. كما ينبغي أن يُسهم هذا الاعتراف في تعافي المجتمعات المتضررة.
ووفقًا للمسؤولين الأفارقة الذين يعملون على المستوى الدولي أيضًا، هناك حاجة مُلِحَّة للعمل. وقد أوضح كلافير غاتيتي، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية لإفريقيا، على هامش المفاوضات، أن “تكلفة التقاعس عن العمل تفوق بكثير الاستثمار اللازم لبناء مستقبل مرن ومزدهر لإفريقيا”.
في سبتمبر الماضي، اجتمع القادة الأفارقة في مؤتمر الوزراء الأفارقة المعنيين بالبيئة(AMCEN) ، وقرروا بالإجماع التأكيد على أهمية العمل خلال مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين على التفعيل الكامل للهدف العالمي بشأن التكيُّف مع تغيُّرات المناخ.
وذكروا في البيان الختامي ضرورة مراعاة جميع أبعاد التكيُّف مع تغيُّرات المناخ، بما فيها دمج آثار تغيُّر المناخ، والتنبؤ والتنفيذ والتقييم، والتعلم والرصد. كما تطرَّق المراقبون إلى مسألة التمويل، وهي نقطة محورية في مفاوضات مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين وأولوية بالنسبة لإفريقيا، ودعوا إلى ضرورة حلّها من خلال الهدف الكمي الجماعي الجديد.
الهدف الكمّي الجماعي الجديد:
وفقًا للبلدان النامية، ولا سيما إفريقيا، يجب أن يكون الهدف الكمي الجماعي الجديد للتمويل المناخي الذي سيتم تحديده بموجب اتفاق باريس قبل عام 2025م، طَمُوحًا ومُوجِّهًا نحو تحقيق النتائج، ويجب أن يدعم البلدان النامية في انتقالها إلى اقتصاد منخفض الكربون.
ويدعو القادة الأفارقة إلى اعتماد الهدف الجماعي الجديد حتى يتسنى تنفيذ المساهمات المحلية وخطط التكيف. ولكن من أين ستأتي هذه الأموال؟ وبأيّ شكل؟
وفقًا للقادة الأفارقة، يجب أن يستجيب هذا الهدف الكمي الجديد أيضًا للتحديات الاقتصادية العالمية وارتفاع تكلفة رأس المال ومشكلات القدرة على تحمُّل الديون في البلدان النامية.
وصول المفاوضات إلى طريق مسدود:
ورغم ذلك، وصلت المفاوضات الحالية إلى طريق مسدود. ففي البيان المُوقَّع في سبتمبر الماضي يؤكد وزراء البيئة الأفارقة أنهم يعترفون بالتزام الدول المتقدمة بالتزاماتها بتوفير التمويل اللازم، وفقًا لتوجيهات اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التكيُّف مع تغيُّرات المناخ. لكنّ المفاوضات المتعلقة بالمناخ تتسم أيضًا بالدبلوماسية، مع لغة تراعي الخطاب السياسي.
في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، تدعو إفريقيا إلى تعبئة الهدف الجماعي الجديد بمبلغ سنوي لا يقل عن 1.3 تريليون دولار. ويعكس هذا المطلب ما تطالب به البلدان النامية مثل الهند.
ومن جانبه أكَّد رئيس مجموعة المفاوضين الأفارقة، عليّ محمد، من كينيا، في وقتٍ سابق، بالقول: ” التكيُّف مع تغيُّرات المناخ بالنسبة لنا في إفريقيا، يعني دعم الزراعة، ودعم التنمية، والبنية التحتية للمياه القادرة على الصمود، والتغطية الصحية للجميع، في ظل الاكتظاظ بسبب الأمراض المرتبطة بالمناخ”.
وسلَّط رئيس هذه المجموعة، التي تمثل 54 دولة، الضوء بشكل خاص على الحاجة الملحة لزيادة التمويل واتباع نهج أكثر تنظيمًا للأنشطة المتعلقة بالمناخ، وإدراج الصحة في إطار اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيُّر المناخ.
وقالت كلثوم عمري موتسومي، المستشارة الخاصة للمبادرة الإفريقية للتكيُّف مع تغيّر المناخ، مؤخرًا: “تشعر المجموعة الإفريقية بالقلق إزاء بُطْء التقدُّم المُحرَز في برنامج العمل بشأن الهدف العالمي المتعلق بالتكيف مع تغيُّرات المناخ، وتضم هذه المبادرة، التي أُطلقت في مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، خبراء أفارقة شباب في مجال التمويل والعلوم المناخية“، واختتمت حديثها قائلة: “إن وسائل التنفيذ، بما في ذلك التمويل وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا، ضرورية ويجب أن تُشكِّل جزءًا مهمًّا من نتائج الهدف العالمي بشأن التكيُّف مع تغيُّرات المناخ هنا في باكو”.
بالإضافة إلى التكيُّف مع تغيُّرات المناخ والتمويل، هناك مجالات أخرى ذات أولوية بالنسبة لإفريقيا؛ حيث يدعو المفاوضون إلى الاعتراف الرسمي بالظروف الخاصة لإفريقيا في إطار اتفاقية باريس. وقد تم تكرار هذا الطلب منذ عام 2015م، ويشير المفاوضون إلى أن إفريقيا تمثل 4% فقط من الانبعاثات العالمية. في الواقع، ووفقًا للوفود الإفريقية، فهناك عدم تناسق بين الحد الأدنى من الانبعاثات في القارة وقابليتها للتأثر بالتأثيرات المناخية، لا سيما في قطاعات المياه والزراعة والطاقة والصحة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: