سارة عبد العزيز الأشرفي
صحفية وكاتبة متخصصة في الشأن الدبلوماسي والعلاقات الدولية
يشهد العالم تحديات غير مسبوقة، وظروفًا حرجة ودقيقة للغاية، تتطلب تكاتف كافة الجهات والقوى الفاعلة على جميع المستويات الإقليمية والدولية؛ فهناك نزاعات واضطرابات متفاقمة وحروب تجتاح دولًا ومواقع متفرقة من العالم، كما تجتاح الصراعات والإشكاليات ذات الأبعاد المتعددة دولًا ومناطق متفرقة من القارة الإفريقية، يأتي في مقدمتها الحروب والإرهاب وقضايا الأمن والمناخ، وتحديات عدة تتطلب التكاتف والتعاون من أجل تحقيق الأمن والتنمية المستدامين.
في هذه الأثناء انعقدت فعاليات منتدى أسوان للسلام والتنمية في نسخته الرابعة؛ لإيجاد حلول فعَّالة لتلك التحديات والإشكاليات وتشكيل رؤية إفريقية مُوحَّدة من أجل تحقيق وتعزيز السلام والتنمية؛ حيث أُقيم المنتدى تحت شعار “إفريقيا في عالم متغير: إعادة تصوُّر الحوكمة العالمية من أجل السلام والتنمية” في القاهرة بمشاركة دولية وإقليمية رفيعة المستوى، تؤكد أنه أصبح يتبوأ مكانة مهمة على كافة المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
ووجَّه الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” رسالةً أكَّد فيها أن منتدى أسوان للسلام يدعو لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في إفريقيا، وأن السلام والتنمية في القارة السمراء يواجهان تحديات هائلة منها الفقر والجوع، وأوجه عدم المساواة وتغيُّر المناخ والنزاعات والإرهاب وأعباء الديون الساحقة، مؤكدًا على أهمية تسريع الجهود لإنقاذ أهداف التنمية المستدامة، وتوفير التمويل اللازم للدول الإفريقية، وتعزيز التعاون الدولي لحماية حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب.
السفير “محمد العرابي“: المنتدى أسهم في تشكيل رؤية إفريقية موحدة

من جانبه أكد وزير الخارجية المصري الأسبق، ورئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير “محمد العرابي” في تصريحات خاصة لـ”قراءات إفريقية” أن المنتدى له أهمية خاصة للغاية، وانعقد بمشاركة رفيعة المستوى، وأسهم في تشكيل رؤية إفريقية موحدة ومسودة للاستعداد لقمة المستقبل الأممية، والتي ستنعقد في سبتمبر المقبل في الأمم المتحدة، وذلك من خلال وضع خطوط عريضة لما سيتم تناوله، والتركيز عليه في القمة وإيجاد الآليات والرؤى، ووضع الحلول للتحديات التي تواجه القارة الإفريقية.
وتابع: إن تلك الرؤية الإفريقية تُعبِّر عن طموحات شعوب القارة، وستعالج أوضاعًا كثيرة جدًّا تتطلب تكاتف الجميع بما يخدم ويحقق السلم والأمن في إفريقيا التي أصبحت تُواجه تحديات متفاقمة ومتعددة، وستعرض تلك الرؤى خلال القمة المقبلة للأمم المتحدة، مشيرًا إلى ضرورة وجود رؤية عالمية موحدة من جانب كافة الدول في هذا التوقيت العالمي الخطير والمتأزم الذي يشهد فيه العالم تحديات وصراعات تُعدّ هي الأصعب والأخطر منذ الحرب العالمية الثانية.
وأضاف: إن المنتدى يخدم القارة الإفريقية، وتمتد أبعاده ورؤيته الإيجابية إلى المجتمع الدولي، فيأتي في توقيت دقيق وحرج وشديد الأهمية تعاني فيه القارة من قضايا مزمنة؛ منها: الطقس والأمن والتدخلات الخارجية في الأوضاع الإفريقية والهيمنة من بعض الدول على أجزاء من دول أخرى، وخاصةً في منطقة القرن الإفريقي، ونقص التنمية، وهو الأمر الذي يرتبط وترجع أسبابه إلى العديد من الأمور، ويتطلب تعاون كافة الجهات الفاعلة دوليًّا وإقليميًّا، مشيرًا إلى أن إفريقيا لها خصوصيتها، ومِن ثَم يجب التعامل مع التحديات والقضايا التي تُواجهها وفقًا لذلك. ولا بد من وجود رؤية لتحقيق التنمية، وبالتالي شكَّل منتدى أسوان أمرًا مهمًّا للإعداد لصياغة رؤية مستقبلية تخدم أهداف الأمن والسلام والتنمية.
وأضاف أن المنتدى ناجح جدًّا، وهذا ما عكسه الوجود والحضور في المنتدى بمشاركة دولية وإقليمية رفيعة المستوى، ووجود الخبراء في مجال السلام والتنمية من كافة الجهات، فهناك اهتمام ملموس وشديد بالموضوعات والقضايا المطروحة التي جاءت تحت شعار “إفريقيا في عالم متغير”، يستهدف إعادة تصور الحوكمة العالمية من أجل تحقيق الأمن والتنمية المستدامين، كما أن المنتدى يؤكد ويجسّد اهتمام مصر بقضايا السلام والتنمية في القارة الإفريقية ودورها المحوري والمهم في هذا الصدد.
وحول المحاور والقضايا التي ناقشها المنتدى؛ أكد السفير “محمد العرابي” أن المؤتمر تناول العديد من الجوانب والقضايا المهمة في ظل اهتمام دولي بالحضور والمشاركة، ومناقشة الموضوعات التي تشكل تحديات واسعة؛ ولذا تم التركيز على عدة محاور؛ منها: أدوار الشباب والمرأة والمجتمعات المحلية بما يعزّز التنسيق الإقليمي من أجل تحقيق الأمن والسلام؛ ويعتبر المنتدى بمثابة ركيزة للتقدم في المحيط الإقليمي بما يخدم أيضًا المجتمع الدولي، كما أنه يقدم أرضية جديدة من أجل خدمه السلام والتنمية في إفريقيا.

السفير “أحمد نهاد عبد اللطيف“: المنتدى أصبح يتبوأ مكانة مميزة إفريقيًّا ودوليًّا في مجال السلام والتنمية
كما أكد مدير منتدى أسوان للسلام ومدير مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام؛ السفير “أحمد نهاد عبد اللطيف” في تصريحات خصَّ بها “قراءات إفريقية” أن المنتدى أصبح يتبوأ مكانة مميزة إفريقيًّا ودوليًّا في مجال السلام والتنمية؛ فقد شهدت النسخة الرابعة مشاركة رفيعة المستوى، ومن أبرز المشاركين رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي وأمين عام جامعة الدول العربية، والذي شارك في المنتدى للمرة الأولى بما يعكس ويترجم أهمية الفعاليات والمناقشات وموقعه المميز على الجانب العربي الإفريقي، بالإضافة إلى حضور العديد من وزراء الدول الإفريقية، ووزيرة المرأة الفلسطينية، والمديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، ورؤساء عدد من المنظمات الإفريقية، ووكلاء ومساعدو السكرتير العام للأمم المتحدة، فضلاً عن رؤساء المنتديات الدولية ومراكز الفكر مثل رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن، ورئيسة مجموعة الأزمات الدولية.
وأوضح أن النسخة الرابعة جاءت في توقيت عالمي دقيق وبالغ الأهمية؛ حيث يشهد العالم حاليًّا أكبر عدد من الصراعات منذ الحرب العالمية الثانية، والتي أسفرت أيضًا عن ملايين الضحايا، بما يعني أن العالم والقارة الإفريقية تواجه تحديات غير مسبوقة تتطلب حوار الشركاء، ويكتسب ذلك أهميةً خاصةً تزامنًا مع الاستعدادات الجارية لعقد “قمة المستقبل” الأممية في سبتمبر المقبل.
ولفت إلى أن انعقاد تلك النسخة تحت عنوان “إفريقيا في عالم متغير… إعادة تصور الحوكمة العالمية من أجل السلام والتنمية” يعكس ما يسعى إليه المنتدى في ظل هذا التوقيت، وضرورة تكاتف الجهود وتعزيز التعاون بين كافة الجهات الفاعلة على كافة المستويات من أجل مواجهة التحديات وتحقيق السلم والتنمية المستدامين.
وأشار إلى أن تلك النسخة تميزت بالإعلان عن عدد من المبادرات المبتكرة؛ منها: تدشين أول شبكة إفريقية لمنع التطرف المؤدي للإرهاب بمبادرة من مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، والذي يضطلع بمهام سكرتارية المنتدى، بحضور وزيري الشؤون الدينية في مالي وجيبوتي، والمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة غادة والي. وتستهدف هذه الشبكة خلق منصة واحدة تضم الجهات والمنظمات العاملة في هذا المجال في إفريقيا، بهدف تبادل الخبرات وعقد الأنشطة في مجال بناء القدرات وتطوير الأبحاث والسياسات، بما يصبّ في دعم وتعزيز الجهود الإفريقية في هذا المجال المهمّ.
وتابع: إن المنتدى شهد أيضًا استحداث جائزة إعادة الإعمار في إطار الريادة المصرية لملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات بالاتحاد الإفريقي، والتي فازت بها مؤسسة “نيم” النيجيرية؛ تقديرًا لإسهاماتها ودعمها للمجتمعات المحلية المتضررة من الأزمات وأعمال العنف من خلال انتهاج أساليب شاملة وحلول متكاملة للتعافي.
كما أوضح أن النسخة الرابعة من المنتدى تزامنت مع حلول الذكرى العشرين هذا العام لتأسيس المجلس التابع للاتحاد الإفريقي منذ إطلاقه في 25 مايو 2004م، وتطرَّقت إلى دور مجلس السلم والأمن الذي يُعدّ ركيزةً لصنع القرار في هيكل السلام والأمن الإفريقي، ولا بد أن يضطلع بخطوات كبرى في معالجة الصراعات، وتعزيز الاستقرار في جميع أنحاء القارة.
واستهدف المنتدى –في ظل المشاركة الفعَّالة ورفيعة المستوى من جانب كبار المسؤولين والخبراء الدوليين الذين تجاوز عددهم 600 مشارك- صياغة رؤى إفريقية محددة من خلال حوارات بناءة وتبادل للخبرات والدروس المستفادة، بما يسهم في بلورة استجابات شاملة لمواجهة التحديات ذات الطبيعة المتشابكة والمعقدة التي تواجهها القارة وإيجاد سبل للتعامل مع قصور أُطُر الحوكمة العالمية عن مواجهة التحديات التي تموج بها المنطقة والعالم .
وأكد أن المنتدى والخبراء المشاركين ناقشوا وعززوا رؤية تحقيق السلام والأمن في عالم مُتغير، وضرورة تبنّي الحلول المُتكاملة في إطار دعم العلاقة بين السلم والأمن والتنمية، والدفع قُدمًا بجهود بناء السلام، ومنع نشوب النزاعات من خلال معالجة أسبابها الجذرية، وتسليط الضوء على دور الدولة لبناء مؤسسات قادرة على الصمود من أجل تحقيق السلام المستدام في منطقتي الساحل والقرن الإفريقي، ومناقشة أهمية التعليم من أجل بناء السلام باعتبار التعليم موضوع العام الجاري في الاتحاد الإفريقي، ومحورية دور الشباب والمرأة في جهود السلم والأمن، وتعزيز جهود إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، وبحث مستقبل الشراكات مع القارة، فضلاً عن طرح المنظور الإفريقي إزاء أجندة المناخ والسلم والأمن .

المستشار “حسام الدين علام“: منتدى أسوان أحد أدوات القوة الناعمة
كما شدَّد محاضر العلاقات الدولية المستشار “حسام الدين علام” على مكانة منتدى أسوان للسلام والتنمية على المستوى الإقليمي والدولي، مشيرًا إلى أن كلمة أمين عام الأمم المتحدة في مستهل الفعاليات تعكس ما يمتلكه من أهمية على الساحة الإقليمية والعالمية.
وأضاف في كلمات خاصة لـ”قراءات إفريقية” أن المنتدى يؤكد الدور المصري المهم على المستوى الاقليمي في إيجاد الحلول الفعَّالة والسلمية للصراعات والخلافات، فيعد منتدى أسوان أحد أدوات القوة الناعمة للخارجية المصرية، كما أن توقيت تنظيمه والحضور العالمي الواسع له وكمّ القضايا الحيوية التي تعرَّض لها المنتدى بالطرح والمناقشة والتوصيات يعكس إدراك الدولة المصرية لحساسية الظروف الراهنة التي تمر بها القارة، كما يؤكد حرصها على الوجود بقوة على ساحة حل أزمات القارة وبناء السلام العادل والشامل بها.
وأوضح أن هذه النسخة انعقدت بالتزامن مع الذكرى العشرين لتأسيس مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، وأطلق منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين أثناء رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي في عام 2019م باعتبارها رائدًا لملف إعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات في إفريقيا، وقد ناقشت العديد من الموضوعات والقضايا الشديدة الأهمية، فيما يخص القارة الإفريقية وتلقي بآثارها على الساحة الدولة، وتتمثل في توسيع نطاق الشراكات لتفعيل العلاقة الترابطية وتعزيز الهيكل العالمي لبناء السلام، ودراسة مستقبل عمليات السلام في المشهد الإفريقي المتغير، والمخاطر المتنامية التي تُهدّد السلام والأمن والاستقرار خاصةً في القرن الإفريقي ومنطقة الساحل، بالإضافة إلى تبنّي الحلول المُتكاملة في إطار دعم العلاقة بين السلم والأمن والتنمية والدفع قدمًا بجهود بناء السلام، ومنع نشوب النزاعات من خلال معالجة أسبابها الجذرية.
وتابع: إن المنتدى سلَّط الضوء على دور الدولة لبناء مؤسسات قادرة على الصمود من أجل تحقيق السلام المستدام إفريقيا، وكذلك تعزيز مساهمات الشباب في التعليم من أجل السلام، بما يتماشى مع جهود الاتحاد الإفريقي لعام ٢٠٢٤م لدعم التعليم، وكذلك محورية دور الشباب والمرأة في جهود السلم والأمن وتعزيز جهود إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، وبحث مستقبل الشراكات الإفريقية البينية والدولية، وتحفيز التجارة والاستثمار من أجل السلام والتنمية. ويوفر المنتدى مساحة فعّالة لبناء الشراكات الإستراتيجية بشأن بناء السلام والتنمية المستدامة في القارة الإفريقية.