بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأخيرة في فبراير الماضي، وبعد أدائه اليمين الدستورية في أواخر مايو 2019م لفترة ولاية ثانية وأخيرة مدتها أربع سنوات؛ اتَّجهت الأنظار إلى الرئيس النيجيري “محمد بخاري” كي يبدأ الوفاء بوعوده الانتخابية التي ستقود نيجيريا إلى ما أطلق عليه هو وحزبه إبَّان الحملة الانتخابية بـ “Next Level” أو “المرحلة التالية”.
غير أن “بخاري” منذ ذلك الحين في نظر البعض لم يُظهر أيّ إشارات تعزّز الروح المعنوية أو تفاؤلات المتشككين في حكومته المقبلة. ولعلّ “بخاري” قد ساهم في تزايد هذا الشك منذ أدائه لليمين الدستورية؛ حيث لم يُلْقِ أيّ خطابٍ في ذلك اليوم، ولم يكشفْ عن برامجه للإدارة الجديدة، الأمر الذي صرَف أنظار النيجيريين إلى الانتظار لوزرائه الجدد لمعرفة جديَّة حكومته ومدى اتعاظه بأخطاء فترة ولايته السابقة.
لكنَّ التأخير في تعيين الوزراء أثار مخاوف أخرى بعد الانتظار لقرابة شهرين من بدء فترة ولايته الثانية، وبعد حوالي خمسة أشهر من إعادة انتخابه في فبراير. ومثل هذا التأخير ليس جديدًا عند “بخاري”؛ ففي عام 2015م، استغرق تعيين الوزراء ستة أشهر تقريبًا لتعيين وزراء حكومته.
وإذ تسبح البلاد في خِضَمّ التوترات بين المستثمرين الذين رأوا أنّ التأخر في تعيين الوزراء يهدّد فرص النمو لأكبر اقتصاد في القارة الأفريقية، أعلن مجلس الشيوخ النيجيري في يوم الثلاثاء الماضي أنّ الرئيس “محمد بخاري” قد بعث إليهم قائمة مرشحيه لمجلس الوزراء.
حصول البرلمان على قائمة الوزراء المرشحين
لقد قرر البرلمان النيجيري أخذ استراحة لمدة شهرين بدءًا من نهاية الأسبوع، إلا أنّ البرلمان اضطرّ إلى الإعلان بأنه سيلغي الاستراحة المقررة إذا وصلت القائمة إليه قبل نهاية الأسبوع؛ وذلك للموافقة على تعيين المرشحين، وتأكيدهم للمناصب التي رُشِّحُوا لها.
وتحتوي قائمة الوزراء الذين رشّحهم الرئيس “محمد بخاري” على 43 اسمًا دون تحديد المناصب التي سيشغلونها في مجلس الوزراء، وفق ما قرأه رئيس مجلس الشيوخ “أحمد لوان” خلال جلسة عامة في أبوجا يوم الثلاثاء.
وبحسب ما جاء في قائمة الوزراء المرشحين؛ فقد أعاد “بخاري” ترشيح 14 وزيرًا سابقًا ممن عملوا معه في فترة ولايته الأولى، إضافة إلى ترشيح ثمانية (8) حُكَّام ولايات سابقين وسبعة (7) أعضاء سابقين في مجلس الشيوخ، وآخرين من أصحاب الصناعة والمكانة داخل حزبه الحاكم.
جدير بالذكر أنّ “بخاري” قد ردَّ -قبل أسبوعين- على الانتقادات بشأن التأخير في تعيين وزرائه، قائلًا: إنه على الرغم من تعرُّضه لضغوط للقيام بذلك في أسرع وقت ممكن، إلا أنه بحاجة إلى بعض الوقت للعمل على القائمة.
الوزراء المرشحون: من هم؟
المرشحون الذين جاء ذِكْر أسمائهم في القائمة على فئتين؛ الفئة الأولى تشمل الذين شغلوا مناصب وزارية في حكومة “بخاري” الأخيرة، وهي كالتالي:
- إعادة ترشيح “محمد موسى بلّو” (Muhammad Musa Bello، ولاية أداماوا): وزير منطقة العاصمة الفيدرالية “أبوجا” في حكومة “بخاري” السابقة. وقد كان قبل انضمامه إلى حكومة “بخاري” رئيسًا للجنة الوطنية للحج في نيجيريا (NAHCON) من عام 2007 وحتى مايو 2015م.
- إعادة ترشيح “كريس انغيغي” (Chris Ngige، ولاية أنَمْبرا): الحاكم السابق لولاية أنمبرا من 2003 إلى 2006م تحت مظلة “حزب الشعب الديمقراطي” (PDP). وهو أيضًا عضو سابق بمجلس الشيوخ عن دائرة أنمبرا الوسطى من 2011 إلى 2015م. وقد عيَّنه الرئيس “بخاري” في 11 نوفمبر 2015م وزيرًا للعمل والتشغيل.
- إعادة ترشيح “أدامو أدامو” (Adamu Adamu، ولاية باوتشي): المحاسب والكاتب الصحفي السابق، والذي عُيِّن عام 2015م وزيرًا للتعليم.
- إعادة ترشيح “مصطفى بابا شيهوري” (ولاية بورنو): وزير الدولة السابق لشؤون الطاقة والأشغال والإسكان، وقد عُيِّن مِن قِبَل الرئيس “بخاري” ضمن مجلس وزرائه عام 2015م.
- إعادة ترشيح “أوساغي إهانيري” (Osagie Emmanuel Ehanire، ولاية إيدو): الطبيب والسياسي الذي عُيِّن وزيرًا للصحة في نوفمبر 2015م.
- إعادة ترشيح “غيوفري أونياما” (Geoffrey Onyeama، ولاية إينوغن): عُيِّن وزيرًا للخارجية في نوفمبر 2015م مِن قِبَل الرئيس “بخاري”.
- إعادة ترشيح “زينب أحمد” (Zainab Ahmed، ولاية كادونا): محاسِبة نيجيرية عُيِّنتْ عام 2015م وزيرة الدولة للميزانية والتخطيط الوطني من قبل الرئيس محمد بخاري. وفي سبتمبر 2018م عُيِّنت وزيرة للمالية.
- إعادة ترشيح “هادي سيريكا” (Sirika Hadi، ولاية كتْسينا): الطيار السابق، المدير العام السابق لهيئة النقل الحكومية في ولاية كتْسينا. في عام 2011م أصبح عضوًا في مجلس الشيوخ، وعُيِّن وزيرًا للطيران النيجيري عام 2015م مِن قِبَل الرئيس الرئيس “بخاري”.
- إعادة ترشيح “أبو بكر مالامي” (Abubakar Malami، ولاية كبّى): السياسي والمحامي النيجيري. كان وزير العدل والمدعي العام السابق لنيجيريا.
- إعادة ترشيح “باباتوندي فاشولا” (Babatunde Fashola، ولاية لاغوس): المحامي والسياسي الشهير الذي شغل منصب وزير الطاقة والأشغال والإسكان. وقد كان قبل دعوته للانضمام لحكومة “بخاري” حاكمًا لولاية لاغوس من مايو 2007م إلى مايو 2015م، بل ويعتبر حتى الآن من بين أكثر الحُكَّام نجاحًا في ولاية لاغوس.
- إعادة ترشيح “روتيمي أمايتشي” (Rotimi Amaechi، ولاية ريفرز): السياسي النيجيري والحاكم الخامس لولاية “ريفرز” من 2007 إلى 2015م. وقد عيَّنه الرئيس “بخاري” وزيرًا للنقل في حكومته الأخيرة عام 2015م.
- إعادة ترشيح “لاي محمد” (Lai Mohammed، ولاية كوارا): المحامي وأمين الدعاية الوطني السابق في حزب “مؤتمر جميع التقدميين (APC) الحاكم. وقد كان وزيرًا للإعلام والثقافة في فترة الولاية السابقة من حكومة الرئيس “بخاري”.
- إعادة ترشيح “أوغبونايا أونو” (Ogbonnaya Onu، ولاية إبونيي): مؤلف ومهندس نيجيري. كان أول حاكم مدني لولاية “آبيا”، وعيّنه الرئيس “بخاري” وزيرًا للعلوم والتكنولوجيا عام 2015م.
- إعادة ترشيح “سليمان أدامو” (Suleiman H. Adamu، ولاية جيغاوا): وزير الموارد المائية في حكومة “بخاري” السابقة.
أما الفئة الثانية، فهم المرشحون الجدد الذين لم يشغلوا مناصب وزارية في الحكومة الأخيرة، وأسماؤهم كالتالي:
15. إكيشوكو أوغا (ولاية آبيا)؛ 16. غودسويل أكابيو (Godswill Akpabio، ولاية أكوا إبوم)؛ 17. السيدة شارون إكيآزور (Sharon Ikeazor، ولاية أنامبرا)؛ 18. السفيرة مريم كاتاغون (Maryam Katagum، ولاية باوتشي)؛ 19. تيميبر سيلفا (Timipre Sylva، حاكم ولاية بايلسا السابق)؛ 20. جورج أكومي (George Akume، حاكم ولاية بينوي السابق)؛ 21. غودي جيدي أغبا (Goddy Jedy، ولاية كروس ريفر)؛ 22. فيستوس كيامو (Festus Keyamo، ولاية دلتا)؛ 23. كليمنت إيكي (Clement Agba، ولاية إيدو)؛ 24. ريتشارد أدينيي أديبايو (Richard Adeniyi Adebayo، أوّل حاكم تنفيذي لولاية إكيتي من 1999 إلى 2003)؛ 25. علي عيسى بانتامي (Isa Pantami، ولاية غومبي)؛ 26. إيميكا انواجيوبا (ولاية إيمو)؛ 27. محمد محمود (ولاية كادونا)؛ 28. سابو نانونو (ولاية كانو)؛ 29. اللواء بشير صالحي ماغاشي (ولاية كانو)؛ 30. السيدة راماتو تيجاني (ولاية كوغي)؛ 31. السيدة غبيميسولا ساراكي (ولاية كوارة)؛ 32. أديليكي مامورا (ولاية لاغوس)؛ 33. محمد عبد الله (ولاية نساراوا)؛ 34. زبير دادا (ولاية نيجر)؛ 35. أولاميليكن أديغبيتي (ولاية أوغون)؛ 36. تايو ألاسوآدورا (ولاية أوندو)؛ 37. رؤوف أريغبيسولا (الحاكم السابق لولاية أوسون)؛ 38. سنداي داري (ولاية أويو)؛ 39. بولين تالين (ولاية بلاتو)؛ 40. مايغاراي دينغيادي (ولاية سوكوتو)؛ 41. سالي مامان (ولاية تارابا)؛ 42. أبو بكر عليو (ولاية يوبي)؛ 43. ساديا عمر فاروق (ولاية زمفارا).
وينص الدستور النيجيري على قيام مجلس الشيوخ بفحص ملفات المرشحين قبل تسلّمهم مهامهم. ووفقًا لإعلان مكتب رئيس مجلس الشيوخ النيجيري “أحمد لاوان”، ستبدأ عملية الفحص والموافقة على التعيين يوم الأربعاء (الموافق 24 يوليو).
ردود أفعال النيجيريين
يواجه الرئيس النيجيري، القائد العسكري السابق البالغ من العمر 76 عامًا، قائمة طويلة من التحديات في فترة ولايته الحالية، بما في ذلك النمو الاقتصادي الفاتر، وارتفاع معدلات البطالة، وانعدام الأمن خصوصًا فيما يتعلق بـ “بوكو حرام”، وأزمة الرعاة-المزارعين.
وتتلخص ردود أفعال النيجيريين على الأسماء التي وردتْ في القائمة في: ما بين من يُثني على “بخاري” لعدم ترشيحه وزراء سابقين مُعيَّنين لقلة كفاءتهم (كالوزيرين “جو أبا” و “أديبايو شتّ”)، ومن يرى أن من المرشحين الجدد من لا يستحق أيّ منصب وزاري؛ لأنه فشل في دفع أجور عمال ولايته تحسين حياتهم أثناء شغله لمنصب حاكم ولايته (كـ “رؤوف أريبيشولا”). وهناك من وصفها بـ “قائمة تعويضات”؛ جزاءً من الرئيس “بخاري” لأناسٍ ساهموا في فوزه بالولاية الحالية.
وإذا واصل “بخاري” في طريقه المعهود من حيث عدم الاكتراث بتعيين النساء؛ فإنّ السمة البارزة لحكومته المرتقبة أنْ ليس للشباب مكانٌ يُذْكَر؛ حيث لم يُرشِّح شابًّا واحدًا ضمن المرشحين. ومع ذلك، يلاحظ أيضًا أنَّ التكنوقراط وقادة الصناعة قد حظوا بمكانة كبيرة في حكومته القادمة، ما يعكس إرادة “بخاري” التنموية، وتشكيل إدارة “كفاءة” لتحقيق وعود “المرحلة التالية”.