شارك مسؤولو الأمن الأفارقة في الجهود العالمية الرامية إلى إنهاء تدفق الأسلحة الصغيرة والخفيفة غير المشروعة التي تُذكي جَذوة قدر كبير من أعمال العنف التي تُبتلى بها دولٌ كثيرة في ربوع القارة.
وفي اجتماعات عُقدت في نيروبي، عاصمة كينيا، ولومي، عاصمة توغو، شارك قادة الأمن في وضع حجر الأساس لاستراتيجية دولية للسيطرة على انتقال الأسلحة الصغيرة والخفيفة للحد من توفرها.
وقال ريموند أومولو، وزير داخلية كينيا: “التجارة غير المشروعة في الأسلحة الصغيرة لا تراعي حُرمة الحدود، ولا تحترم أي قوانين، فواجب علينا أن نعزز جهودنا التعاونية على المستويين الإقليمي والدولي”. وأضاف أومولو قائلاً: “لا تزال الأسلحة الصغيرة والخفيفة تعيث فساداً في المجتمعات، وتؤجج الصراع، وتهدم السلام والاستقرار، وتعرقل التنمية الاجتماعية والاقتصادية في قارة إفريقيا”.
وقالت إيزومي ناكاميتسو، رئيسة لجنة الأمم المتحدة لنزع السلاح، في مؤتمر نيروبي: ”في هذا المشهد الجيوسياسي المحفوف بالمخاطر على عدة مستويات، يعد انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة غير المشروع وتسريبها وإساءة استغلالها من أبرز العوامل التي تساهم في إدامة قدر كبير من المعاناة الإنسانية التي نراها في العالم.“
ويقول مسؤولون أمنيون إنه يسهل تدفق الأسلحة من دولة إلى أخرى ومن جماعة إلى غيرها بسبب سهولة اختراق الحدود والتراخي في إنفاذ القانون. ويرى الخبراء إن هذا يستدعي التشديد في تأمين الحدود وتكثيف التعاون بين الدول بهدف إبطاء تدفق الأسلحة الصغيرة والخفيفة.
ويناقش مسؤولو الاتحاد الإفريقي سياسة تضمن أن تتبع القارة منهجاً موحداً في قضية انتشار هذه الأسلحة، ويقولون إن البرنامج يتطلب أموالاً وتكنولوجيا جديدة لتتبع الأسلحة من مصدر تصنيعها إلى مستخدميها. ويبحث قادة الأمن في مؤتمر نيروبي المقترحات التقنية التي يمكن أن ترتقي بعملية تعقب الأسلحة للوصول إلى مصدرها والفصل بين الأسلحة المشروعة وغير المشروعة.
وقد عُقد ذلك الاجتماع قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الاستعراضي الرابع في يونيو بهدف وضع نظام لتحديد الأسلحة الصغيرة والخفيفة وتتبعها. وسيركز المؤتمر الاستعراضي الرابع على تنفيذ وثيقة الأمم المتحدة للتعقب الدولي لعام 2005 التي تدعو إلى أن يوضع على كل قطعة من الأسلحة الصغيرة والخفيفة تفاصيل تميزها عن غيرها، كما تدعو الدول إلى الاحتفاظ بسجلات للأسلحة داخل حدودها. وتبين تجربة كينيا مدى خطورة مشكلة الأسلحة الصغيرة والخفيفة في إفريقيا، وتقدم حلاً ممكناً لها. فقد ذكرت الحكومة الكينية أن معظم الأسلحة التي تدخل السوق غير القانونية في كينيا تأتيها من دول الجوار عن طريق صغار التجار، وكشف تقرير حكومي رُفع لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة أن أجهزة الأمن القومي الكينية تمكنت بفضل المعلومات الاستخبارية المشتركة والتعاون بين مختلف أجهزة الدولة من خفض التهديد الناجم عن الأسلحة الصغيرة والخفيفة وكثيراً ما تتفوق على المجرمين.
وسيكون المؤتمر الدولي القادم أحدث محاولة لاجتثاث خطر الأسلحة الصغيرة والخفيفة في إفريقيا، فقد صاغ زعماء القارة ما لا يقل عن ستة بروتوكولات أو اتفاقيات أو خرائط طريق إقليمية أو قارية تهدف إلى تضييق الخناق على هذه الأسلحة، كان أولها إعلان باماكو الصادر عن الاتحاد الإفريقي في عام 2000 حيال الموقف الإفريقي المشترك بشأن انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة وتداولها والاتجار بها بطرق غير مشروعة في إفريقيا.
وأُقرت أحدث جهود القارة في لوساكا، عاصمة زامبيا، في عام 2016، وكانت غايتها “إسكات بنادق إفريقيا” بحلول عام 2020. ولكن أعلن كريستوفر كايوشي، القائم بأعمال رئيس قسم نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج/إصلاح القطاع الأمني بالاتحاد الإفريقي، أمام الحاضرين في مؤتمر نيروبي عن تأجيل هدف إسكات البنادق إلى عام 2030.
وتقول الأمم المتحدة إن دول إفريقيا غارقة في أكثر من 40 مليون قطعة من الأسلحة الصغيرة والخفيفة غير المشروعة، معظمها مستورد من خارج القارة. وذكرت مفوضية الاتحاد الإفريقي ومشروع مسح الأسلحة الصغيرة أن ما يقرب من 80% من هذه الأسلحة غير مسجلة وغير مؤشَّرة، فيصعب على المحققين تعقبها.
ويُقصد بمصطلح الأسلحة الصغيرة أسلحة، كالبنادق أو المسدسات، يمكن أن يحملها ويطلق النار بها شخص واحد. أما الأسلحة الخفيفة، فتشمل قذائف الهاون والمدافع المضادة للطائرات ومثيلاتها من الأسلحة التي يحملها الإنسان وتتطلب طاقماً مكوناً من فردين أو أكثر.
ويقول الخبراء إن التسلح بهذه الأسلحة يؤجج الكثير من الصراعات المستعرة في ربوع إفريقيا، بداية من حركات التمرد النشطة في منطقة الساحل، ومروراً بأكثر من 100 جماعة تقاتل للسيطرة على شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية، ووصولاً إلى قطاع الطرق والنزاع على الأراضي في كينيا ونيجيريا وغيرهما.