بقلم: جوزيف سيغل و كانداس كوك*
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
تتباين مصداقية الانتخابات الـ13 المقرَّر إجراؤها في 2021م في القارة الإفريقية بدرجة كبيرة، علمًا بأنَّ هذا العنصر له تأثير مباشر على شرعية المسؤولين المنتخَبين الذين سيصلون إلى السلطة، وعلى قدرتهم على الاستجابة لمشاكل الأمن في بلدهم.
وفي هذا السياق، سيتم إجراء ما لا يقل عن (13) انتخابات وطنية في إفريقيا في عام 2021م، وحوالي نصف هذه الانتخابات في القرن الإفريقي ومنطقة الساحل الأوسط. وإلى جانب النكسة الديمقراطية التي شهدتها القارة في السنوات الأخيرة، فإنَّ أكثر من ثلث هذه الانتخابات ليست أقل من “مسرح سياسي” يهدف إلى توفير شرعية واضحة للقادة الذين من غير المرجَّح أنهم يستمدُّون شرعيتهم من الشعب، خصوصًا أن محاولة المسؤولين المنتخبين تجاوُز حدود فترة الولاية من السمات البارزة للمشهد السياسي هذا العام، وهي ظاهرة تطال ما يقرب من نصف الانتخابات، وفي ظل وجود رؤساء الدول الإفريقية في السلطة لفترة قياسية. ويميل عدد صغير، ولكنه متزايد، من المسؤولين المنتخبين إلى حظر أحزاب المعارضة، أو معاقبة التقارير الإعلامية الناقدة؛ من أجل تمهيد الطريق للفوز في العملية الانتخابية.
لكن السؤال الجوهري المطروح حول انتخابات هذا العام، ليس مجرد معرفة مَن سيخرج منتصرًا، ولكن كيف سيتم النظر إلى هؤلاء الفائزين بمجرد مرور الانتخابات؟ وهل سيتمتع القادة الذين يمكنهم البقاء في السلطة من خلال هذه المناورات الطموحة بنفس المستوى من الشرعية؟ يجب أن يستمر هذا الاتجاه لفترة ما إذا لم يتم فعل أيّ شيء لتحميل المسؤولين المنتخبين المسؤولية عن ظاهرة تدهور نزاهة الانتخابات.
الدول المعنية:
أوغندا، الصومال، النيجر، جمهورية الكونغو، الرأس الأخضر (كاب فيرد)، تشاد، بينين، جيبوتي، ساو تومي وبرينسيبي، زامبيا، غامبيا، ليبيا.
الدولة |
نوع الانتخابات |
الفترة |
أوغندا |
الرئاسية |
14 يناير |
الصومال |
الرئاسية |
8 فبراير |
النيجر |
الجولة الثانية للرئاسية |
فبراير |
جمهورية كونغو |
الرئاسية |
21 مارس |
الرأس الأخضر (كاب فيرد) |
الرئاسية |
مارس |
تشاد |
الرئاسية |
1 أبريل |
جيبوتي |
الرئاسية |
أبريل |
بينين |
الرئاسية |
11 أبريل |
إثيوبيا |
التشريعية |
5 جون |
ساو تومي وبرينسيبي |
الرئاسية |
يوليو2021م |
زامبيا |
الرئاسية والتشريعية |
12 أغسطس |
غامبيا |
الرئاسية |
4 ديسمبر |
ليبيا |
الرئاسية والتشريعية |
24 ديسمبر |
ويتعين علينا عدم نسيان الحالات العديدة التي يترك فيها الأشخاص المنتخبون وظائفهم في نهاية ولايتهم، عطفًا على أن هذه الانتخابات جديرة باهتمامنا، ليس فقط بشكل جوهري، ولكن أيضًا في ضوء القيم التي تنقلها.
بالإضافة إلى ذلك، من المقرر إجراء 8 انتخابات تشريعية هذا العام في الصومال (يناير)، وفي جمهورية إفريقيا الوسطى (مارس)، وفي الرأس الأخضر (مارس)، وفي الغابون مطلع عام (2021م)، وفي مدغشقر (2021م)، وفي كوت ديفوار (6 مارس)، وتشاد (24 أكتوبر)، وفي المغرب (نوفمبر)، والتاريخ غير محدَّد.
فيما يلي القضايا الرئيسية التي يجب معالجتها عبر الانتخابات في إفريقيا 2021م.
أوغندا
الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 14 يناير:
تميزت الانتخابات الرئاسية في أوغندا في يناير 2021م باستخدام العنف المتزايد مِن قِبَل الشرطة والقوات المسلحة الأوغندية؛ لضمان فوز الرئيس يويري موسيفيني البالغ من العمر 76 عامًا، والذي ظل يستولي على السلطة منذ 35 عامًا، وسعى إلى الحصول على فترة ولاية سادسة بعد إزالة حدود الفترة الرئاسية في عام 2017م وقيود الولاية في عام 2005م بشكل عام، وهو ما كان سيجبره على التخلي عن السلطة.
وتعرَّض مرشحو المعارضة الأحد عشر، على الرغم من الاعتراف بهم مِن قِبَل مفوضية الانتخابات، مرارًا وتكرارًا للاعتقال والتهديد، ومنع الحملات الانتخابية؛ شأنهم في ذلك شأن أنصار المعارضة المشاركين في المسيرات الاحتجاجية الذين تعرّضوا للمضايقة والضرب حتى إن 55 منهم سقطوا ضحايا في تلك الأحداث.
ويتماشى تصاعد أعمال الترهيب مع مفهوم حركة المقاومة الوطنية الحاكمة التي ترى أن هذه الممارسات ضرورية لخنق المعارضة، ومنعها من تعريض هيمنة هذا اليسار للخطر.
وبناءً على ما يصوغ هويتها كحركة تحرُّر وطني، تتبع الحركة الوطنية للمقاومة بشكل متزايد منحدرًا يقودها إلى تصنيف المنافسين السياسيين كأعداء، وتبرير استخدام القوة غير أن عائدات النفط في البلاد، المقدَّرة بـ 300 مليار دولار (احتياطيات تتكون من 6 مليارات برميل)، يتوقع أن تبدأ في التدفق في عام 2022م، تعطي NRM أسبابًا وجيهة للتشبث بالسلطة.
يعكس موقف إبراز القوة الذي تتبناه الحركة الوطنية للمقاومة في سياق الانتخابات أيضًا خوف الحزب من تعبئة الشباب الأوغندي المتزايد؛ حيث إن ثمانية وسبعين في المائة من الأوغنديين تقل أعمارهم عن 35 عامًا علاوة على ذلك؛ فالذين وُلِدُوا بعد وصول موسيفيني إلى السلطة يتطلعون إلى ديمقراطية أكثر صدقًا كما يتحدثون بصوتٍ عالٍ عن الفساد المتزايد الذي يرونه في NRMوالذي سيؤدي مباشرة إلى عدد محدود من المناصب التي يمكن للشباب الوصول إليها، فضلاً عن أنهم يرفضون ادّعاء الحركة الوطنية للمقاومة بأن تنتحل لنفسها حقًّا دائمًا. والوجه الذي يُمثّل هذه التطلعات هو المغنّي الذي تحوَّل إلى نائب: بوبي واين، وحركته سلطة الشعب، التي جعلت المظالم حجر الزاوية في خطابها السياسي.
ومع ذلك، فإن المعارضة تدرك بأنها تلعب على ساحة مليئة بالخداع؛ حيث تم تأجيل موعد الانتخابات لمدة ثلاثة أشهر بعد أن كان مقررًا إجراؤها في 14 يناير، وذلك لتقليص فترة الحملة والحد من قدرة أحزاب المعارضة على تعبئة جمهورها، كما أخفقت لجنة الانتخابات في تنفيذ إصلاحات مهمة بعد الفشل الذريع في انتخابات 2016م على الرغم من أحكام المحكمة العليا بهذا الشأن. في يناير، اتخذ موسيفيني قرارًا غير مسبوق بإشراك هيئة الأركان والقيادة الأوغندية رسميًّا في العملية الانتخابية، من خلال مطالبتهم بالإشراف على العمليات الأمنية حول مراكز الاقتراع، وخاصة في المناطق الحضرية.
وتتوافق شكاوى المعارضة بشأن انحياز اللجنة الانتخابية مع التسييس المتزايد للمؤسسات الرئيسية، وهو التطور الذي يدعمه عدد كبير من الأدوات القانونية (قانون إدارة النظام العام، وقانون الاتصالات، وقانون الاحتجاز الوقائي، وقواعد اللعب على المسرح والترفيه)، والتي كانت بمثابة الأساس لاعتقال قادة المعارضة وحظر المظاهرات السلمية، ومسيرات المعارضة إلى جانب الزجّ بالصحفيين في السجن.
لم يكن في مقدور وسائل الإعلام إجراء مقابلات مع مرشحي المعارضة للرئاسة، وكان عليهم الاعتماد على مؤيديهم لنقل أفكارهم إلى الصحافة، كما تم فرض ضريبة يومية على وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2020م، وتتطلب من جميع مستخدمي الشبكات الاجتماعية الحصول على إذن والامتناع عن “تشويه الحقائق”، أو نشر محتوى “من المحتمل أن يخلق مناخًا من انعدام الأمن”، وهو إجراء -وفقًا لمنظمة العفو الدولية- يعتبر ضربةً قويةً لحرية التعبير على الإنترنت.
لم يشهد الأوغنديون أبدًا مشاركة سياسية حقيقية في ظل حكم موسيفيني:
على الرغم من هذه التحديات؛ فقد كافح المجتمع المدني الأوغندي والمنظمات العمالية للدفاع عن الحريات العامة، ونتج عن ذلك تقديم التماسين إلى المحكمة على أساس الانتهاكات المشتبه فيها ذات العلاقة بقانون الانتخابات والقواعد الدستورية. وتم أيضًا إنشاء تطبيقات التصويت عبر الإنترنت للسماح للناخبين بمتابعة فرز النتائج عبر البث المباشر، ومساعدتهم على إثبات مزاعمهم بشأن تزوير الناخبين.
لم يشهد الأوغنديون أبدًا أيّ مشاركة سياسية حقيقية في ظل حكم موسيفيني، لكن تم الاعتراف بالبلاد؛ لاحترامها النسبي للحريات المدنية، لكنها تعرَّضت للتقليص بشكل كبير منذ فترة انتخابات عام 2021م، مما زاد من نفور أوغندا عن التطلعات الديمقراطية للعديد من مواطنيها.
الصومال
الانتخابات الرئاسية في 8 فبراير
كان من المقرر في الأصل إجراء الانتخابات الرئاسية الصومالية في ديسمبر 2020م، لكن تمَّ تأجيلها لأسباب لوجستية ونزاعات حول عملية الإشراف. وفي هذا الإطار اتفقت الحكومة الفيدرالية برئاسة الرئيس محمد عبد الله محمد (المعروف باسم “فارماجو”) والدول الخمس الأعضاء في الاتحاد في سبتمبر 2020م على تشكيل لجنة انتخابات ولجنة تسوية المنازعات بشكل مشترك، وقد يؤدي استمرار الخلافات حول هذا إلى مزيد من التأخير، كما أن مجرد الحصول على توافق في الآراء بشأن نظام عادل قد يكون له تأثير كبير مثل نتائج انتخابات 2021م في الصومال.
ويتم انتخاب كل من نواب البلاد البالغ عددهم 275 نائبًا مِن قِبَل هيئة تضم 101 مندوب؛ يعيّنهم زعماء العشائر، بموجب الاقتراع غير المباشر المطبّق في الصومال، ثم يَنْتَخب هؤلاء النوابَ، بالإضافة إلى 59 من أعضاء مجلس الشيوخ المنتخبين مِن قِبَل مجالس الولايات المختلفة هو الذي يختار الرئيس. لكن تم انتقاد نظام الاقتراع غير المباشر هذا على نطاق واسع؛ بسبب مخاطر شراء الأصوات لمقاعد تصل إلى مليون دولار، كما يخضع النظام لتأثير حركة الشباب في تعيين المندوبين من خلال الرشاوى أو حشد زعماء العشائر. وهذا الإجراء هو أحد أهداف الإصلاحيين الذين دفعوا لانتخاب الرئيس بالاقتراع العام تحت شعار “شخص واحد صوت واحد“.
وقد ترشَّح فارماجو لولاية ثانية مدتها أربع سنوات، غير أن انخفاض مستوى الثقة بين ولايات الولاية وحكومة فارماجو في التزامها بنظام حرّ وعادل يؤكد صعوبة التوصل إلى توافق في الآراء. وقد أدَّى الصراع إلى مزيد من التعاون بين أحزاب المعارضة الرئيسية تحت راية منتدى الأحزاب الوطنية، وأبرز مرشحي المعارضة هم الرئيسان السابقان: شريف شيخ أحمد (2009-2012م)، وحسن شيخ محمود (2012- 2016م)، وكذلك “علي خير” رئيس وزراء فرماجو السابق قبل إعفائه من منصبه في يوليو 2020م بحجة إجرائه اتصالات مع الولايات المتحدة أثناء تولّيه منصبه.
لكن المفاوضات حول نظام التصويت لها تأثير أوسع على طبيعة الدولة الصومالية، ويفضّل فارماجو دولة مركزية قوية، بينما تفضل معظم الولايات الفيدرالية نظامًا لا مركزيًّا مع سلطة مشتركة وفقًا لطبيعة المجتمع الصومالي غير الهرمية الشبيهة بالعشيرة. وسيعتمد نجاح أيّ اتفاق على قدرة الصومال على الخروج من هذه الثقافة السياسية “الفائز يسيطر على كل شيء”، والتي تعزّز موقفًا مهيمنًا بين القادة على حساب نَهْج يفضّل الائتلافات وتقاسم السلطة.
على أن شرعية نظام التصويت الصومالي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرته على تحسين الاستقرار في المنطقة، والإجراء الذي يُعتبر عادلًا وصالحًا مِن قِبَل الدول الفيدرالية وعامة الناس من شأنه أن يشجّع على مزيد من التماسك، ويقلل من مخاطر الصراع الداخلي عطفًا على أنه سيخلق قاعدة أقوى يمكن من خلالها الاستجابة لمختلف المطالب بالحكم الذاتي عن المناطق. يمكن أن يساعد الهيكل السياسي الأكثر شرعية وخضوعًا للمساءلة أيضًا في تحسين فعالية قوات الشرطة؛ من خلال تعزيز ولائها للقضية الفيدرالية.
لكنَّ الأمن يظل حجر الزاوية في انتخابات 2021م في الصومال، ويُعتقد أن حركة الشباب مرتبطة بما يقدر بنحو 2100 هجمة مميتة، و3390 حالة وفاة في عام 2020م، مما يجعلها أكثر الجماعات الإرهابية نشاطًا والأكثر شهرة في إفريقيا، بالإضافة إلى تعطيل التصويت في المناطق الخاضعة لها؛ حيث تسيطر حركة الشباب على مساحات شاسعة من البلاد.
الانتخابات تبرز صعوبة التوفيق بين الرغبة في الحكم الذاتي الإقليمي للعشائر المحلية مع إطار سياسي أوسع ورؤية وطنية.
يواجه النظام الانتخابي في الصومال أيضًا صراعًا متزايدًا على النفوذ تشنُّه الجهات الفاعلة في الخليج؛ حيث كانت قطر وتركيا من الداعمين الأقوياء لفارماجو والحكومة الفيدرالية، في حين أن الإمارات العربية المتحدة ذهبت إلى تأييد الدول الفيدرالية. لكنَّ هذا الصراع الإقليمي على النفوذ في الصومال (مصحوبًا بنفوذ متزايد على شبكة الموانئ التجارية في المحيط الهندي وخليج عدن) يضع ضغطًا إضافيًّا على النظام السياسي الصومالي المنقسم؛ كما تضيف التوترات المتصاعدة بين الحكومة الفيدرالية وكينيا حول ترسيم الحدود والاحتياطيات النفطية المحتملة في المحيط الهندي، فضلًا عن الإجراءات الأمنية المطبقة على ساحل جوبادا هوز، إلى العوامل الإقليمية التي ستؤثر على نتيجة انتخابات 2021م.
لذلك يجب فَهْم نظام التصويت في البلاد في ضوء هذا السياق الأوسع لفسيفساء الدول في مرحلة التشكيل، كما تظهر الانتخابات صعوبة التوفيق بين الرغبة في الحكم الذاتي الإقليمي للعشائر المحلية مع إطار سياسي أوسع ورؤية وطنية، عطفًا على أنها تكشف عن الأهمية الجغرافية للصومال داخل منطقة القرن الإفريقي، وأيضًا كمركز للإرهاب في شرق إفريقيا. وعليه فإن الانتخابات والقيادة التي ستنبثق من الاقتراع سيكون لها آثار مهمة للغاية ليس فقط على الصومال، ولكن على المنطقة بأَسْرها.
النيجر
الانتخابات الرئاسية في 21 فبراير:
لم يتمكن أي من المرشحين الـ28 الذين خاضوا الانتخابات المباشرة في النيجر في 27 ديسمبر 2020م من حَشْد غالبية الناخبين، الأمر الذي تطلَّب تنظيم جولة ثانية بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات، علمًا بأنَّ وزير الداخلية محمد بازوم، ممثل حزب النيجر من أجل الديمقراطية والاشتراكية الحاكم، حصل على 39٪ من الأصوات في الجولة الأولى، بينما جاء الرئيس الأسبق محامان عثمان، المنتمي إلى المؤتمر الديمقراطي والاجتماعي، في المرتبة الثانية بنسبة 17٪ من أصوات الناخبين.
جدير بالذكر أن بازوم، وزير الخارجية السابق، قام بحملة كان التركيز فيها على الأمن والتعليم، ولذا من المتوقع أن يحصل حزبه على أغلبية في البرلمان.
ويُذْكَر أن عثمان كان أحد رؤساء النيجر المنتخبين ديمقراطيًّا بين عامي (1993 و1996م) قبل الإطاحة به إثر انقلاب عسكري، ثم أصبح بعد ذلك المتحدّث باسم برلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بين عامي 2006 و2011م قبل أن يكون معارضًا شرسًا للرئيس تانجا مامادو عندما حاول الأخير الترشح لولاية ثالثة في عام 2009م.
تخلّي الرئيس محمدو يوسفو عن السلطة في نهاية مأموريته الخماسية الثانية يُشكّل سابقة جديرة بالاهتمام:
وأيًّا كان المرشح الفائز، فإن الانتخابات ذات أهمية حاسمة في النيجر؛ حيث ستشهد هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة أول تسليم ديمقراطي للسلطة، وذلك بتخلّي الرئيس محمدو يوسفو عن منصبه في نهاية ولايته الثانية التي امتدت لخمس سنوات، وهو ما يشكّل سابقة جديرة بالاهتمام. إنه بالفعل أول من يحترم حدود المدة ممَّا يساعد على إضفاء الطابع المؤسسي على توازن القوى الذي يجب أيضًا فرضه على السلطة التنفيذية.
تقوم النيجر بهذا التحوُّل الديمقراطيّ في نفس الوقت الذي تكافح فيه ضد حركات التمرد المتزايدة العدوانية من الجماعات المسلحة المتشددة التي تقوم بهجمات على جبهتين مختلفتين: الأولى، التي تنتمي بشكل خاص إلى تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى؛ حيث تتمركز في غرب البلاد على طول الحدود التي تفصلها عن مالي وبوركينا فاسو. أما البقية فهي تقوم بالاعتداءات في منطقة بحيرة تشاد، وهي من عمل بوكو حرام وفرع تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا.
بشكل عام اضطرت النيجر إلى مواجهة 250 هجومًا و929 حالة وفاة بسبب الجماعات الإرهابية المتشددة في عام 2020م بزيادة قدرها 22٪ مقارنة بالعام السابق وزيادة بمقدار 13 ضعفًا منذ عام 2017م. وعلى الرغم من أن البلاد سجّلت مستويات أقل نسبيًّا من العنف مقارنة بالعام الماضي إلا أن جيرانها في منطقة الساحل (مالي وبوركينا فاسو) لا تزال تعاني من خسائر عسكرية ومدنية كبيرة، وقد أعاقت هذه الهجمات الحركة والتجارة، وفرضت ضغوطًا إضافية على اقتصاد واحدة من أفقر البلدان في العالم.
إن الأولوية التي يجب أن يكرّسها المسؤول المنتخب الذي سيغادر انتخابات فبراير هي تعبئة استراتيجية بعيدة المدى تضم المجتمعات المحلية والشركاء الإقليميين من أجل عكس هذا الاتجاه التصاعدي في الأنشطة الإرهابية.
جمهورية الكونغو
الانتخابات الرئاسية في 21 مارس
من المتوقع أن تأخذ الانتخابات الرئاسية بجمهورية الكونغو أجواء ميلودراما، كما ستغيب المنافسة لصالح ما يشبه بحفل يُقام بأوامر من الجهات العليا، علمًا بأن الرئيس الحالي دينيس ساسونغيسو، 77 عامًا، وحزبه PCT (حزب العمال الكونغولي(هما المسيطران على مقاليد السلطة، وينويان الاحتفاظ بها بعد انتخابات مارس. وفي الواقع، لم يتم تعيين أعضاء مفوضية الانتخابات بشكل فِعْلِيّ حتى ديسمبر 2020م، وحتى تسجيل الناخبين كان متأخرًا بشكل كبير عن الجدول الزمني؛ مما يسلط الضوء على عدم الجدية في العملية الانتخابية.
لكن النقطة البارزة تكمن في طول فترة ساسو نغيسو في السلطة، والذي يمكن أن يتباهى به في عام 2021م بأنه ظل 37 عامًا على رأس هذا البلد الواقع في وسط إفريقيا الغنيّ بالنفط والغاز؛ مما يجعله في المركز الثالث في ترتيب رؤساء الدول الأفارقة الذين قضوا أطول فترة في السلطة. وفي حالة انتخابه، سيبدأ ولايته الرابعة على التوالي منذ عودته إلى السلطة في عام 1997م، وفترة ولايته السادسة إجمالًا مع مراعاة الوظائف التي شغلها كرئيس بين 1979 و1992م. وقد سمحت مراجعة الدستور الدستوري في عام 2015م بإزالة القيود المتعلقة بالسنّ، تلك الحدود التي كانت ستجعله غير مؤهَّل لتمديد حدّ عدد فترات الرئاسة إلى 3، وهو ما لا ينطبق على الرئيس الحالي، ولتقليل مدة هذه الشروط من 7 إلى 5 سنوات.
وقد اعتمد ساسو نجيسو على الترهيب والقمع السياسي للبقاء في السلطة، وفي عام 2019م حكم على المرشح الرئاسي السابق أندريه أوكومبي ساليسا بالسجن لمدة 20 عامًا على أساس أنه يُشكّل خطرًا على أمن الدولة، عطفًا على توجيه تهمة مماثلة في 2018م ضد الجنرال المتقاعد جان ماري ميشيل موكوكو وهو المرشح الآخر الذي حُكِمَ عليه بالسجن 20 عامًا.
كما أن وسائل الإعلام الموجودة في الكونغو مجبرة على التسجيل لدى هيئة تنظيمية وهي المجلس الأعلى لحرية الاتصال، وقد تتعرض وسائل الإعلام التي تنتهك قواعد هذه المؤسسة لعقوبات مالية أو لقرارات سحب الترخيص والإبعاد عن البلاد، مما يؤدي إلى مستوى عالٍ من الرقابة الذاتية.
لقد تم الحفاظ على سمات الديمقراطية بالتأكيد، ولكن في الواقع يتم الاحتفاظ بالسيطرة بقوة من قبل الحزب الحاكم:
تُسلِّط الانتخابات في جمهورية الكونغو الضوء على الطابع الاستبدادي لدولة إفريقية حديثة؛ حيث يتم الحفاظ على سمات الديمقراطية بالتأكيد، ولكن في الواقع يسيطر الحزب الحاكم بقوة، وقد تكون الانتخابات منظمة بشكل جيد، غير أنه لا يوجد مكان للمنافسة لا سيما في ظل عدم مساءلة المسؤولين المنتخبين عن أفعالهم. أما بالنسبة لأحزاب المعارضة فليست في وضعٍ يمكنها من تحدّي الحزب الحاكم الذي يحظى، إلى جانب حلفائه، بـ108 مقاعد من أصل 151 مقعدًا في البرلمان (أو 72٪) كما يمكن لوسائل الإعلام المستقلة العمل في الدولة، لكنها ليست محصَّنة من العقوبات المفروضة على المقالات التي تنتقد الحكومة.
ونظرًا لعدم وجود ضوابط وتوازنات، ينتشر الفساد في جمهورية الكونغو على نطاق واسع، وتحتل المرتبة 165 من بين 198 دولة مصنّفة مِن قِبَل منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية على مؤشّر مدركات الفساد، كما نتج عن التجاوزات المصاحبة دَيْن خارجي قدره 6.77 مليار دولار (بما في ذلك 2.2 مليار للدائنين الصينيين) أو حوالي 119٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى الرغم من أن جمهورية الكونغو قد أوقفت حربًا أهلية مدمرة، وحققت نتائج أفضل؛ فشلت فيها دول أخرى في المنطقة (جمهورية الكونغو الديمقراطية والكاميرون)؛ حيث لا يمكن ضمان استقرارها؛ إلا أن الكونغو ليست بمنأى عن المشاكل في أصل النزاعات في هذه البلدان، كما تدل على ذلك التجاوزات التي أحاطت بالانتخابات الرئاسية لعام 2016م، والتي تميزت باعتقالات في برازافيل وهجمات على الخط الرئيسي للسكة الحديد الذي يربط بين العاصمة وميناء مدينة بوانت نوار (الميناء الرئيسي للبلاد).
الرأس الأخضر
الانتخابات التشريعية في مارس والانتخابات الرئاسية في أكتوبر
سيتنحَّى الرئيس خورخي كارلوس فونسيكا في عام 2021م في نهاية ولايته الثانية التي مدتها خمس سنوات وفقًا للقواعد الدستورية. ويأتي هذا القرار وفقًا لتقليد هذه الدولة الجزرية التي يبلغ عدد سكانها 500000 نسمة، وتقع في المحيط الأطلسي، والتي تحترم على مدار 20 عامًا حدود المدة الرئاسية. وتاريخ البلاد يبرز قدرتها على تنظيم انتخابات شفافة وتعددية مع تناوب على السلطة، كما يتنافس حزبان رئيسيان على السلطة في البلاد: الحركة من أجل ديمقراطية فونسيكا والحزب الإفريقي لاستقلال الرأس الأخضر.
النظام السياسي في الرأس الأخضر له رئيس منتخب، ورئيس وزراء يتم تعيينه على أساس نتائج الانتخابات التشريعية، والتي تجري قبل 6 أشهر من الانتخابات الرئاسية. وفي عام 2019م، اعتمدت الجمعية الوطنية قانونًا بشأن التكافؤ بين الجنسين ينص على تخصيص حصة 40٪ من النساء بين المرشحين الذين يظهرون في قائمة وطنية أو محلية، وستكون انتخابات 2021م هي الأولى التي تشهد تطبيق هذه الحصة.
جدير بالذكر أن سجل الرأس الأخضر فيما يتعلق بالحكم الرشيد والاستقرار السياسي قد تُرجم في نموّ اقتصادي مستدام، وتراجع مطرد في الفقر؛ بفضل استراتيجية تُركِّز على النمو الشامل والاستثمارات في الموارد البشرية التي حوّلت البلاد إلى اقتصاد متوسط الدخل.
تشاد
الانتخابات الرئاسية في 1 أبريل والانتخابات التشريعية في 24 أكتوبر
لا تعدو الانتخابات الرئاسية في تشاد مجرد احتفال؛ نظرًا لعدم وجود مساحة للمعارضة السياسية، وعلى الرغم من أن الحكومة مترددة بشأن الانتخابات؛ إلا أنه يبدو اقتراب تعيين مسؤولي وأعضاء اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة.
ومن جانبه، يترشح الرئيس إدريس ديبي لولاية سادسة، بعد إلغاء حدود فترات الولاية في عام 2005م، قبل إعادة تقديمها في عام 2018م، لكن لا يمكن تطبيقها بأثر رجعي؛ علمًا بأن القائد العسكري السابق، البالغ من العمر 68 عامًا، جاء إلى الرئاسة بعد الإطاحة بالاستبداد حسين حبري من السلطة.
وتجدر الإشارة إلى أن ديبي هو أحد الرؤساء الأقل تفويضًا للسلطة في إفريقيا؛ حيث يتحكّم بشكل فعَّال في الفروع الأخرى للحكومة وقطاع الأمن ووسائل الإعلام، ولطالما تم تأجيل الانتخابات البرلمانية، وأجريت آخر مرة في عام 2011م. وقد ألغى ديبي منصب رئيس الوزراء في عام 2018م، مما عزَّز سلطته. وعلى الرغم من التسامح مع أحزاب المعارضة إلا أن مجال المناورة لديهم محدود للغاية، وعندما حاولوا عقد “منتدى المواطن” في أكتوبر 2020م على هامش “المنتدى الوطني الشامل” للحكومة؛ تدخلت الشرطة لإغلاق المساحة المخصصة لأحزاب المعارضة؛ لمنع الاجتماع.
كما تخضع وسائل الإعلام لرقابة مشدَّدة؛ حيث يتعرض الصحفيون الذين غطوا الاحتجاجات أو ذُكِرَ أنهم ينتقدون الحكومة للطرد أو الاعتقال أو إغلاق منصاتهم الإعلامية. وفي فبراير 2018م، نظَّم الصحفيون “يومًا خاليًا من الصحافة” للتنديد بالاعتداءات التي تشنُّها الشرطة على الصحفيين، وبعد شهر منعت السلطات الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، والتي لم تتم استعادتها حتى يوليو 2019م مع استمرار الحظر لما مجموعه 470 يومًا كما داهمت الشرطة تدريبًا صحفيًّا كان مقررًا لعام 2020م مما أدَّى إلى اعتقال 70 شخصًا.
ديبي هو أحد الرؤساء الأفارقة الأقل تقييدًا في سلطاته:
يعتمد الاقتصاد التشادي بشكل كبير على عائدات النفط، والتي كانت مصدر النمو الاقتصادي للبلاد على مر السنين، والتي تمثل 80٪ من الإيرادات الناتجة عن الصادرات، لكن مع الأسف لم يتم تخصيص هذه العائدات لتنمية البلاد؛ حيث يعيش 47% من السكان في فقر مدقع، وتحتل تشاد المرتبة 162 من أصل 198 دولة على مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية.
ويُنظَر إلى الجيش التشادي على نطاق واسع على أنه أحد أكثر الجيوش قدرة في منطقة الساحل، ويلعب دورًا في حملات مكافحة الإرهاب الإقليمية، لا سيما داخل منطقة الساحلG-5 . كما تقاتل تشاد بنشاط كبير ضد غارات الإرهابيين من بوكو حرام الذين يعبرون بحيرة تشاد من نيجيريا إلى المنطقة الغربية من البحيرة.
وعلى الرغم من الاستقرار الظاهر المرتبط بـ”حكم” ديبي الذي دام ثلاثين عامًا؛ تظل تشاد دولة غير مستقرة للغاية، حيث تشهد حركات معارضة مسلحة وثورات دورية ومحاولات انقلاب. وقد نشأت بشكل خاص من حركات المقاومة المسلحة المتمركزة في ليبيا والسودان والمكونة جزئيًّا من أفراد من عائلة ديبي وعائلة الزغاوة. ومن المتوقع أن يستمر عدم الاستقرار هذا في ضوء الفجوات الملحوظة في البلاد: تزايد عدم المساواة ومحدودية الفرص، وإغلاق المساحة السياسية.
جيبوتي
الانتخابات الرئاسية في أبريل
يعتزم الرئيس عمر جيله الترشح لولاية خامسة في الانتخابات الرئاسية في جيبوتي، والتي لن تكون بالتأكيد شفافية ولا نزيهة. والمرشح المنتخب البالغ من العمر 73 عامًا، والذي يقوم نظام رعايته على الدعم العسكري لنظامه يتولى السلطة منذ عام 1999م، وقد ألغيت الحدود المخصصة لفترة تولي المنصب في عام 2010م، قبل فترة ولاية جيله الثالثة، بينما كان قد أعلن في عام 2005م أنه يوافق على الفترتين وفقًا للدستور.
يُشار إلى أنه عندما تولَّى جيله السلطة اعتمد بشكل متزايد على التكتيكات القمعية لقمع المعارضة، وأنه لا بد من “الاعتراف” بأحزاب المعارضة مِن قِبَل لجنة الانتخابات الحزبية التي تمارس تأثيرًا كبيرًا على معايير مشاركة الحزب، وحتى داخل الأحزاب المعترف بها يتعرض الأعضاء أحيانًا للمضايقة والاعتقال والمحاكمة، وقد تمنع السجلات الجنائية بدورها بعض المرشحين من الترشح.
وتهيمن وسائل الإعلام المملوكة للدولة على الخطاب العام، ولا توجد وسائل إعلام خاصة أو مستقلة في البلاد، والصحفيون القلائل هم الذين يجرؤون على انتقاد الحكومة، وكثيرًا ما يتعرّضون للاعتقال والضرب قبل أن ينتهي بهم الأمر وراء القضبان.
ونجد مثالًا معبّرًا في فيديو يونيو 2020م الذي يصوّر مظاهرة سلمية نُظِّمت لدعم طيار القوات الجوية فؤاد يوسف علي، الذي طلب اللجوء السياسي في إثيوبيا، بعد أن استنكر في بلاده التمييز والفساد قبل أن يعود إلى تشاد بعد أن طلبت جيبوتي تسليمه. وعُرِضَ مقطع فيديو نُشِرَ على مواقع التواصل الاجتماعي بعد ذلك اعتقاله في ظروف مهينة، وهو مقطع فيديو أشعل فتيل المظاهرة، واقتحمت الشرطة مكان المظاهرات، وأطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين، عطفًا على تعرُّض الصحفيين الذين سعوا لتغطية الحدث للضرب والاعتقال.
على أن “صوت جيبوتي” التي تبثّ من بلجيكا، ولكن إشاراتها غالبًا ما تكون مشوشة، ويتم حظر الوصول إلى الموقع مِن قِبَل السلطات، وعلى الرغم من أن الوصول إلى الإنترنت أكثر انتشارًا، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي واحدة من مساحات التعبير الحرّ القليلة للصحافة؛ للتعبير عن نفسها، لكن الحكومة تحاول بشكل متزايد تقييد الوصول إلى النطاق العريض من المواقع، علمًا بأن جيبوتي احتلت المرتبة 176 من بين 180 دولة في تصنيف منظمة “مراسلون بلا حدود” لحرية الصحافة في عام 2020م.
المجتمع الدولي لا يمارس ضغوطًا كبيرة على جيبوتي لزيادة شفافية نظامها السياسي وإجراء انتخابات تعددية حقًّا:
وبسبب ضيق الساحة السياسية لا يستطيع مرشحو المعارضة خوض الانتخابات بحرية. وفي سبتمبر 2020م، اتحدَّت أحزاب معارضة تحت راية USN (تحالف الإنقاذ الوطن)؛ لمنع ولاية جيله الخامسة، وتقدمت باقتراح تأجيل الانتخابات حتى إعادة تنظيم مفوضية الانتخابات (إجراء وافقت عليه الحكومة عام 2015م)، ومنذ ذلك الحين دعت المعارضة إلى تشكيل حكومة انتقالية.
ومن الملاحظ أن المجتمع الدولي يمارس ضغوطًا خفيفة على جيبوتي؛ لزيادة شفافية نظامها السياسي، وإجراء انتخابات تعددية حقيقية، لكن ذلك يرجع ذلك إلى الموقع الاستراتيجي للبلاد بالقرب من باب المندب، والوصول الذي يسمح به لحركة المرور البحرية من المحيط الهندي إلى البحر الأحمر، عطفًا على أنها موطن لقواعد بحرية فرنسية وأمريكية وصينية ويابانية، كما أنها تستضيف قاعدة عمليات للتحالف الدولي لمكافحة القرصنة في المنطقة.
وتمثل رسوم الموانئ مصادر رئيسية لإيرادات الحكومة، ومع ذلك ارتفع دَيْن جيبوتي الخارجي بنسبة 103٪ من الناتج المحلي الإجمالي لدعم مشاريع السكك الحديدية والموانئ والكهرباء، وأكثر من نصف هذا الدَّيْن مستحَق لدائنين صينيين. وقد زادت خدمة الدَّيْن بنسبة 120٪ بين عامي 2019م و2021م (بما في ذلك 80٪ لصالح الصين)، وجيبوتي معرَّضَة لخطر كبير من ضائقة الديون.
على جانب آخر؛ لم يتم توزيع النمو الاقتصادي في جيبوتي بشكل جيد، فضلاً عن بروز التفاوتات؛ حيث يؤثر الفقر على حوالي 36٪ من السكان، والبطالة على 48٪، ومعدل البطالة بين الشباب مرتفع بشكل ملحوظ مسبِّبًا بذلك تزايد الغضب الاجتماعي، ما أدَّى إلى ظهور حركة معارضة مسلحة “جبهة استعادة الوحدة والديمقراطية” التي تجد نفسها بشكل دوري في قلب الاشتباكات مع القوات المسلحة الجيبوتية والهجمات الموجهة ضد رموز الدولة.
بنين
الانتخابات الرئاسية في 11 أبريل
ستكون الانتخابات الرئاسية في بنين تحت سيطرة الرئيس باتريس تالون؛ حيث سيكون الإقصاء السياسي هو القاعدة لضمان بقائه في السلطة. ونقطة الانعطاف التي يمكن من خلالها شرح السياق الحالي هي 28 أبريل 2019م، موعد آخر الانتخابات التشريعية في بنين؛ حيث لم يتمكن سوى حزبين مقربين من تالون من الترشح للانتخابات؛ حيث قاطع البِينيون الانتخابات إلى حدّ كبير، ولم تتعدَّ نسبة المشاركة غير 27٪ فقط؛ مما يؤكد أن المراقبين الدوليين الذين رأوا أنها مزيفة كانوا على حق. وفي هذ السياق، خرج المتظاهرون للتعبير عن استيائهم، إلا أن الجيش قابلهم بالذخيرة الحيَّة، مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل في هذا البلد المستقر بشكل عام.
إن الحركة التي أدَّت إلى حرمان المعارضين السياسيين من كل مشاركة، والتي أنهت عقودًا من احترام بنين للمبادئ الديمقراطية، هي مؤشر على أسلوب تالون في ممارسة السلطة؛ حيث كان يُعتبر أغنى رجل في بنين قبل توليه منصبه في عام 2016م، وسعى إلى تقليص الضوابط والتوازنات الديمقراطية من أجل تعميق وتوسيع سلطته. وبعد فترة وجيزة من تنصيبه كرئيس حاول، في عامي 2016م و2017م، الضغط على الجمعية الوطنية لإلغاء القواعد التي تحدد عدد الفترات الرئاسية بفترتين، وهو ما تم رفضه. وقد تولى السيطرة على المحكمة الدستورية والمفوضية الوطنية المستقلة للانتخابات؛ من خلال تعيين الموالين له فيها، وطالَب “برعاية” المرشحين للإنابة مِن قِبَل المسؤولين المنتخبين، ثم هاجم خصومهم السياسيين المحتملين باتهامهم بارتكاب جرائم، ومنعهم فعليًّا من الترشح للمناصب.
وجدير بالذكر أن مواطنًا متضررًا طعن في هذه الإجراءات التي تستهدف الاستبعاد السياسي من الانتخابات التشريعية لعام 2019م في ACPHR (الفرع الإقليمي للمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (في نوفمبر 2020م، وكان من المقرر أن تبتّ المحكمة في التغييرات التي حدثت في الدستور لاستبعاد أحزاب المعارضة والتي تتعارض مع الميثاق الإفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم الذي تُعتبر بنين طرفًا فيه، وعليه قررت المحكمة إجبار بنين على إلغاء التعديل المذكور، وإعادة الوضع الراهن. وهناك ما لا يقل عن 28 قضية معلقة أمام الفرع الإقليمي للمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب فيما يتعلق ببنين، وقد تم تقديمها مِن قِبَل مواطني بنين الذين يشعرون أنهم لن يتمكنوا من العثور على أيّ سبيل في المحاكم الحزبية المتزايدة في بلادهم، لكن تالون قرر الانسحاب من هذا الميثاق رافضًا أيّ مسؤولية إقليمية.
وليس من المستبعد أن ستظهر الانتخابات الرئاسية في أبريل 2021م عيوبًا متطابقة؛ حيث واجه المرشح رجل الأعمال وزعيم المعارضة، سيباستيان أجافون، ورئيس الوزراء السابق ليونيل زينسو، والوزير السابق كومي كوتشيه اتهامات تستند إلى دوافع سياسية، ويعيشون الآن في المنفى أو بالحرمان من الترشح للانتخابات. وقد دفعت هذه الإجراءات كل المعارضين الجادين للخروج من مسار تالون، وينبغي أن تمهّد الطريق لولاية ثانية لهذا الأخير.
جدير بالذكر أن الصحفيين الذين كتبوا مقالات تضمَّنت انتقادات ضده تعرَّضوا للمضايقة والتهديد والسجن؛ مما خلق سياقًا مغايرًا تمامًا عن السياق السائد منذ فترة طويلة في بنين بالنسبة لوسائل الإعلام. ويتضمن قانون وسائل التواصل الاجتماعي لعام 2016م أحكامًا لها تأثير على تقييد حرية الصحافة ومعاقبة الأنشطة التي تقع في نطاق الأنشطة الصحفية العادية، مثل نشر الآراء التي تنتقد الحكومة. وفي يوليو 2020م، أصدرت الهيئة العليا للوسائل السمعية والبصرية والاتصال أوامر بإغلاق جميع وسائل الإعلام “غير المصرَّح بها”، وبذلك تراجعت بنين 38 مرتبة من 75 إلى 113 في مؤشر حرية الصحافة العالمي الذي نشرته منظمة “مراسلون بلا حدود” منذ تولّي تالون منصبه.
الحركة التي أدَّت إلى حرمان المعارضين السياسيين من أيّ مشاركة.. تبرز أسلوب تالون في ممارسة السلطة:
من الواضح أن نية تالون هي البقاء في السلطة عن طريق استبعاد جميع المرشحين القادرين على المنافسة في الانتخابات ليفوز بها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في بنين وغرب إفريقيا هو التالي: ماذا سيكون رد فعل إيكواس (الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا) والمجتمع الدولي؟
إن قبول نتيجة انتخابية ناتجة عن استبعاد جميع المرشحين القادرين على المنافسة وفرض حظر على المظاهرات واعتقال الصحفيين سيوحي إلى بأن الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تضع معايير منخفضة للغاية بالنسبة للانتخابات التي تجري في إفريقيا. وبالنسبة للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، فإن هذا يعني التملُّص من مهمتها المتعلقة بدعم المبادئ الديمقراطية في هذه المنطقة الفرعية، على الرغم مما هو مكتوب في ميثاقها والسجل النموذجي لهذه الهيئة الإقليمية على هذه الجبهة على مرّ السنين.
إنَّ استجابة الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والمجتمع الدولي تكتسب أهمية خاصة بالنظر إلى تراث بنين كبلد رائد للديمقراطية في غرب إفريقيا منذ أوائل التسعينيات، ولا تزال هذه المبادئ الديمقراطية قوية داخل مجتمع بنين، على الرغم من الجهود التي بذلها تالون لإزالة القيود الديمقراطية عن السلطة التنفيذية.
لكن حال عودة بنين إلى نظام استبداديّ ظاهريًّا بعد عقود من تمهيد الطريق للديمقراطية دون استجابة ملموسة من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والجهات الفاعلة الديمقراطية الدولية، سيكون ذلك بمثابة إشارة خضراء واضحة للطغاة الطموحين الآخرين في القارة. وفي الواقع، ستكون انتخابات 2021م حاسمة للمسار التاريخي المستقبلي للبلاد باعتبار دور حامل اللواء الذي لعبته بنين في شؤون الديمقراطية في المنطقة، وستثير نتائج الانتخابات تأثير الدومينو فيما يتعلق بالمبادئ الديمقراطية في إفريقيا في العالم خارج حدودها.
إثيوبيا
الانتخابات البرلمانية في 5 يونيو
ربما يكون الوقت الأكثر أهمية في الانتخابات بالنسبة لإفريقيا هو عندما يذهب الإثيوبيون إلى صناديق الاقتراع في يونيو 2021م، بعد أن أجَّل البرلمان هذه الانتخابات؛ نتيجة جائحة كوفيد-19، التي كان من المقرر إجراؤها في أغسطس 2020م، لكنَّ حكومة تيغراي قررت إجراء انتخابات مجالس المحافظات في سبتمبر رافضةً قرار الحكومة الفيدرالية، ما أدَّى إلى دخولها في مواجهة معها تحوَّلت إلى نزاع مسلَّح في نوفمبر 2020م، وقد ألقت العواقب غير المحسومة لهذا الصراع في تيغراي بظلالها على العملية الانتخابية الوليدة في البلاد وتؤكّد هشاشتها.
ويمثل هذا الحدث أول انتخابات تعددية حقًّا في البلاد، وهي لحظة تاريخية لـ100 مليون شخص الذين يشكلون سكانها، وهذا الانفتاح على الديمقراطية هو عمل رئيس الوزراء آبي أحمد الذي خفَّف بعد تنصيبه في أبريل 2018م النظام السياسي الإثيوبي الذي كان يخضع لسيطرة محكمة. وعليه فإن الانتخابات تُمثّل فرصة للمشاركة والتمثيل الشعبيين، والتي طالما حُرِمَ منها الإثيوبيون خلال عقود من الأنظمة الاستبدادية المتعاقبة.
استراتيجية أخرى ضرورية لسير الانتخابات الإثيوبية بسلاسة: تحقيق توازن عادل للقوى بين الأقاليم والحكومة الاتحادية:
هذا الإرث من الاستبداد وغياب السوابق الديمقراطية يزيدان من تعقيد هذه الانتخابات، عطفًا على أن إقامة الديمقراطية لن تحدث بين عشية وضحاها، بل تطلب ظهور ثقافة ديمقراطية من خلال الجهود المبذولة على مدى عدة سنوات. لكن بناء على المعرفة الكاملة بالحقائق سيتعين على العملية الانتخابية في إثيوبيا لعام 2021م التغلب على العديد من التحديات الشائكة في وقتٍ واحدٍ علمًا بأن كل واحدة منها تمثل عقبة رئيسية.
ومن تلك التحديات ضمان نزاهة الاقتراع؛ نظرًا إلى الماضي الاستبدادي الطويل للبلاد، وعدم اليقين والمخاوف من الإقصاء؛ كلها من الاعتبارات التي تُوحي بأن الانتخابات الإثيوبية تجري بمستوى عالٍ من عدم الثقة، غير أن ترأُّس زعيمة المعارضة السابقة المنفية بيرتوكان ميدكسا لجنة الانتخابات الوطنية الإثيوبية من شأنه طمأنة أحزاب المعارضة التي هي على أهبة الاستعداد. لكن سيكون الأكثر أهمية من أيّ شيء آخر أن تلعب هذه اللجنة دورًا إعلاميًّا فيما يتعلق بجميع الأطراف، وأن تقوم بتطبيق القواعد بشكل عادل، مع الترحيب بمراقبي الانتخابات المستقلين، وضمان شفافية عملية فرز الأصوات.
كما ستعتمد نزاهة الانتخابات على القدرة على تداول المعلومات بحرية، وخاصة أن إثيوبيا اشتهرت بإغلاق الإنترنت المنتظم خاصة خلال الأوقات الحساسة سياسيًّا، عطفًا على فرض الحكومة رقابة صارمة على وسائل الإعلام خلال نزاعها مع إقليم تيجراي، مما خلق فراغًا في بيئة المعلومات، وأثار العديد من الشائعات حول ما كان يجري؛ لأنه بدون النزاهة قد يفقد التصويت قدرته على توليد الشرعية المتوقعة منه، وعلى العكس من ذلك، قد يزعزع الاستقرار.
ويتيح هيكل الحكومة الفيدرالية، المناسب تمامًا لعدد السكان الكمّي والمتنوع في البلاد، للسياسات التكيّف مع الظروف المحلية، ويسهل زيادة استجابة الحكومة لأولويات المواطنين. ومع ذلك، لا يتم توزيع المسؤوليات بشكل واضح؛ يمكن للنموذج الفيدرالي تضخيم الضغوط على السلطة المركزية؛ حيث يكون للجهات الفاعلة الإقليمية مصلحة في جعل مصالحها المحلية تغلب على المصالح الوطنية. ورثت حكومة آبي أحمد أيضًا نموذجًا فيدراليًّا يفضل الاختلافات السياسية والجغرافية والعرقية مما يجعله مكوِّنًا عرضة للانقسام وعدم الاستقرار علمًا بأن إثيوبيا عانت من انتشار الميليشيات العرقية، وسجلت مستويات قياسية من العنف العنصري في السنوات الأخيرة، والتي يعتقد أنها تسببت في نزوح 1.5 مليون شخص.
وتجدر الإشارة إلى أن تشجيع تقاسم السلطة مع المسؤولين المحليين المنتخبين مع تعزيز العلاقات مع السلطة المركزية، وكذلك قيم الوحدة والهوية الوطنية هي عناصر من ميزان القوى الذي تطمح إليه إثيوبيا وأي فشل في ذلك سيكون ضارًّا بقدرة إثيوبيا على البقاء كدولة موحدة، وهو خطر يتضح بشكل مؤلم من خلال العنف في إقليم تيجراي.
إن إقامة ديمقراطية لن تحدث بين عشية وضحاها، بل تتطلب ظهور ثقافة ديمقراطية من خلال جهود على مدى عدة سنوات.
على أن أحد التحديات التي غالبًا ما يتم تجاهلها في الطريق إلى الديمقراطية هو التدريب المهني الطويل الذي يتعين على الأحزاب والمرشحين المتنافسين خوضه من أجل المنافسة في بيئة مدنية، ويتعين على الانتخابات الديمقراطية أن تكون بمثابة منتدى لتبادل الرؤى والأفكار؛ لذا فإنَّ الأمر يتعلق بإظهار ضبط النفس وتجنّب الأفعال أو الخطب التي من شأنها أن تثير العنف مِن قِبَل المتعاطفين، علمًا بأن الانتخابات الديمقراطية ليست معارك وجودية أيضًا، كما يجب احتواء سلطة المنتصرين من خلال الضوابط والتوازنات المؤسسية، ويواصل الخاسرون تعليق الأمل والاحتفاظ بالحق في التعبير عن آرائهم، وحشد الدعم ومحاسبة الحكومة، وسيكون التأكيد على هذه المواضيع كجزء من جهود التوعية المدنية أمرًا بالغ الأهمية قبل الانتخابات وبعدها.
وتواجه هذه الدورة الانتخابية أيضًا حالة من عدم اليقين الناتجة عن نظام حزبي شديد التجزئة؛ حيث إن هناك أكثر من 100 حزب سياسي يتنافسون في النظام البرلماني الإثيوبي بعضها حديثة الإنشاء، وحتى حزب الرخاء الحاكم الذي يتزعمه آبي أحمد لم يسبق له أن شارك في الانتخابات الوطنية. وعليه، فإن نتائج الانتخابات تتميز بطابع عدم المقدرة على التنبؤ؛ حيث يمكن إجراء مفاوضات بهدف تشكيل حكومة ائتلافية مما يؤكد على ضرورة الحفاظ على علاقات ودية وتعاونية بين الأطراف. وعلى الرغم من حداثة الحدث والشكوك التي يثيرها إلا أنَّ من المتوقع أن يظل الإطار الانتخابي في إثيوبيا مرنًا حتى الانتخابات وبعدها وخاصة أن هذا الاستطلاع التاريخي يمثل فرصة غير مسبوقة لتوسيع مشاركة المواطنين ما لم تتم إدارته بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة؛ فإن عدم القدرة على التنبؤ المصاحب يمكن أن يكون مصدرًا لعدم الاستقرار في إثيوبيا.
ساو تومي وبرينسيبي
الانتخابات الرئاسية في 31 يوليو
سيحاول الرئيس إيفاريستو كارفالو، الذي شغل منصب رئيس الوزراء ورئيس الجمعية الوطنية ووزير الدفاع، الترشح لولاية خماسية ثانية في الانتخابات الرئاسية في يوليو، علمًا بأن ساو تومي وبرينسيبي تتمتع بديمقراطية تعددية الأحزاب وتاريخ يتميز بالتناوب السلمي بين الأحزاب، كما يُتوقَّع إجراء انتخابات 2021م بحرية وشفافية.
يقوم الرئيس بدور رئيس الدولة ويتقاسم السلطة مع رئيس الوزراء الذي يُشكّل الحكومة بناء على طلبه على أساس النتائج التي حصلت عليها الأحزاب في الانتخابات التشريعية. وقد تولَّى رئيس الوزراء الحالي، خورخي بوم جيسوس، منصبه في عام 2019م، وينتمي إلى حزب منافس لحزب الرئيس، وفي عام 2019م نشأت توترات بين الرئيس ورئيس الوزراء حول صلاحية تعيين محافظ البنك المركزي، لكن هذه التوترات انتهت.
سيتمكن رئيس الوزراء السابق باتريس تروفوادا من تحدّي الرئاسة على الرغم من منفاه الحالي في البرتغال حيث يعيش في خوف من إدانة بالفساد تعود إلى الفترة التي قضاها في المنصب. كان والده رئيسًا شهيرًا لساو تومي وبرينسيبي، وكثير من الناس يدعمونه، ويمكن لمحاكم البلاد إعلان عدم أهليته حتى لو لم يكن يعيش في ساو تومي وبرينسيبي.
وقد مكَّن الاستقرار السياسي النسبي للبلاد سكانها البالغ عددهم حوالي 215,000 نسمة من التمتع بنمو اقتصادي كبير على مر السنين، وتعتبر الدولة الجزيرة اليوم دولة ذات دخل متوسط. ومع ذلك، سيكون من الضروري مواصلة تعزيز قدرات الرقابة الحكومية من أجل الحدّ من الفساد، والسماح باستمرار النمو، وسيكون ذلك مهمًّا بشكل خاص في ضوء الزيادة المحتملة في عائدات النفط في خليج غينيا.
زامبيا
الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 12 أغسطس
تتميّز الانتخابات الرئاسية في زامبيا بتصميم الرئيس إدغار لونغو على تأمين فترة ولاية ثانية بعد أن كانت رئاسة الأخير مشوبة بتزايد الاستبداد واللجوء المتكرر إلى الميليشيات الشابة من الجبهة الوطنية وأجهزة المخابرات والشرطة وأتباع الجيش لترهيب المنافسين السياسيين، عطفًا على اعتقال أعضاء أحزاب المعارضة بناء على اتهامات كاذبة وتسييس القضاء وتقليص حجم المجتمع المدني، وإغلاق وسائل الإعلام المستقلة التي تعبّر عن آراء انتقادية للحكومة.
استثمرت الصين، بصفتها أكبر مستهلك للنحاس في العالم، بكثافة في مناجم النحاس في زامبيا:
تحولت حكومة لونغو بشكل متزايد إلى السياسة المالية على الرغم من التوجّه السليم، وهناك مخاوف من أن الدولة تسير على خطى جارتها المنكوبة دائمًا، زيمبابوي. ويبلغ الدَّيْن الخارجي لزامبيا حوالي 12 مليار دولار، وزادت حصة الدَّيْن العام في الناتج المحلي الإجمالي من 20٪ إلى 120٪ في ظل نظام لونغو.
على أن حوالي ثلث هذا الدَّيْن مستحقّ للصين، كما ساهمت الشركات الصينية بأكثر من 80٪ من مشاريع البناء في زامبيا. وبصفتها أكبر مستهلكة للنحاس في العالم، استثمرت الصين بكثافة في مناجم النحاس في زامبيا، ونظرًا إلى أن زامبيا مجبرة على تسوية ديونها؛ فقد ينتهي بها الأمر إلى التعهد ببعض أصول التعدين كضمان.
وفي أغسطس 2020م، أقال لونجو محافظ البنك المركزي المستقل ديني كالياليا، مفضلًا حليفًا سياسيًّا، كريستوفر مفونجا. وأثارت هذه الخطوة مخاوف من قيام البنك المركزي بطباعة الأوراق النقدية عشية الانتخابات. وفي نوفمبر 2020م، وجدت زامبيا نفسها في حالة تخلف عن سداد ديونها التي تصل قيمتها إلى 42 مليون دولار، وهي أول دولة إفريقية تشهد مثل هذا الوضع في سياق جائحة كوفيد-19 في عام 2020م، كما تقلص الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 5٪، وارتفع التضخم بنسبة 15٪، وانخفضت قيمة الكواشا بنسبة 30٪، وهو ما لم أثَّر بالسلب على دخل الزامبيين، وتتفاوض الحكومة حاليًا مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض طارئ.
وستشهد انتخابات عام 2021م المواجهة مرة أخرى بين لونجو وهاكايندي هيشيليما، رئيس الحزب المتحد للتنمية الوطنية، وكذلك مربي ماشية. وتم تنصيب لونغو في عام 2015م بعد وفاة الرئيس مايكل ساتا في منصب الرئيس ثم أُبْعِدَ هيشيليما في انتخابات عام 2016م، والتي كانت محفوفة بحوادث العنف والترهيب ضد الناخبين والتغطية الإعلامية المنحازة. وفي عام 2017م، سجن لونجو منافسه هيشيليما بتهمة الخيانة وهو دافع يُنْظَر إليه على نطاق واسع على أنه زائفٌ. وأثناء وجوده في السجن، تعرَّض هيشيليما للتعذيب وحُرِمَ من سبل العيش الأساسية، ثم أُطلق سراحه بعد 4 أشهر بفضل حملة دولية واسعة دفاعًا عنه.
على الرغم من أن لونجو قام بتسييس مؤسسات الدولة تحت أقدامه إلا أن المجتمع المدني وشبكات المعارضة لا تستسلم، ويُظهر المجتمع الزامبي التزامًا قويًّا باحترام سيادة القانون.
على الرغم من أن لونجو يبدو أنه قام بتسييس مؤسسات الدولة، ووضعها تحت أقدامه إلا أن شبكات المجتمع المدني والمعارضة لا تُفْسِح المجال لذلك، ويظهر المجتمع الزامبي التزامًا قويًّا باحترام سيادة القانون وقد تم رفض محاولات تمرير دستور جديد مِن قِبَل البرلمان “مشروع القانون 10” سيئ السمعة، والذي كان من شأنه أن يعزز سلطة السلطة التنفيذية في أكتوبر 2020م، على الرغم من الأغلبية التي تمثلها الجبهة الوطنية قام الشباب الزامبي بتنظيم احتجاجات مبتكرة على الإنترنت، بما في ذلك الاحتجاج على فساد الحكومة. وفي يونيو 2020م، أحبط المنظّمون الشباب جهود الشرطة التي خططت لمنع المظاهرات المخطط لها على الطريق العام من خلال بثّ الحدث من منازلهم، وتابع أكثر من نصف مليون شخص الاحتجاجات على الإنترنت.
وبالنظر إلى التوترات الملحوظة منذ عام 2015م والمخاطر بالنسبة للديمقراطية الزامبية التي سيتم تحديدها في وقت التصويت؛ يجب أن تكون المشاعر متحدة في موعد اللقاء بالنسبة للزامبيين الذين سيصوتون في أغسطس، وسيكون من الضروري ملاحظة الفسحة المتبقية لهيشيليما للحملة، ولكن أيضًا الشفافية والتحكم في عد الأصوات.
غامبيا
الانتخابات الرئاسية في 4 ديسمبر
على الرغم من أن عام 2021م يمثل نهاية الولاية الأولى للرئيس الغامبي أداما بارو، إلا أن الوفاء بحدود المدة يعد مشكلة تطغى بالفعل على الاعتبارات الأخرى التي أدت إلى الانتخابات.
وتجدر الإشارة إلى أن بارو تولَّى منصبه في عام 2016م بعد هزيمة الديكتاتور يحيي جامح في انتخابات لم يعتمد فيها سوى القليل على فرز عادل. وتعهد بارو بأنه سيكون الرجل الانتقالي، وسيبقى في منصبه لمدة ثلاث سنوات فقط، بالإضافة إلى ذلك، قام بتشكيل لجنة لاقتراح تغييرات دستورية من المرجَّح أن تعزز عودة الديمقراطية في هذا البلد الواقع في غرب إفريقيا، والذي يقدّم نفسه على أنه منفذ بحري صغير.
لكن بعد مرور 3 سنوات، رفض بارو التنحي، مما خلَّف شعورًا بالخيبة بين مؤيديه، فضلاً عن الإصلاحات الدستورية المقترحة تم رفضها، والتي اعتبرها خبراء مستقلون تقدمية، مِن قِبَل البرلمان الذي يهيمن عليه حزب بارو؛ لأنهم اقترحوا بأثر رجعي تحديد فترة الرئاسة بفترتين، ولا ينص الدستور الغامبي على أيّ قيود في هذا المجال في الوقت الراهن.
كان تحوّل بارو بمثابة لقمة ملغومة من الصعب ابتلاعها لأنصاره؛ حيث كان يمثل ائتلافًا من سبعة أحزاب إصلاحية عندما تم تنصيبه في عام 2016م. علاوة على ذلك، عانى الغامبيون لمدة 22 عامًا من القمع الوحشي والمتقلب في ظل حكم جاميه، ولا تزال المعاناة الجسدية والعاطفية الناجمة عن انتهاكات حقوق الإنسان هذه في أذهان الغامبيين. وعليه فإن الكثير من الغامبيين يعتبرون كبح جماح السلطة التنفيذية أمرًا حتميًّا؛ خشيةَ أن تنغمس البلاد لفترة طويلة في فترة جديدة من الإفلات من العقاب دون التمكن من إقصائهم من السلطة.
ومن هذا المنظور فإن الانتخابات الغامبية لعام 2021م لها أهمية كبيرة، وستكون اختبارًا لقدرة الإصلاحيين على حشد الدعم ضد مسؤول تنفيذي يقاوم أيّ قيود. وما يجب الانتباه إليه في هذه الانتخابات هو: إلى أيّ مدى سيستخدم بارو الجهات الأمنية لتحقيق غايات سياسية؟ وكيف سيقبل تطبيق القانون الغامبي أن يتم تسييسه في حين أنه تم بالفعل انتقادهم علنًا للسماح لهم بنظام جامع؟
ليبيا
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر
في نوفمبر 2020م، قبلت الشخصيات السياسية الليبية التي جمعتها UNSMIL (بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (من أجل وضع خطة لإعادة توحيد البلاد، وتنظيم انتخابات في البلاد في 24 ديسمبر 2021م؛ في تزامن مع الذكرى السبعين لاستقلال ليبيا عام 1951م.
كان الهدف هو تشكيل حكومة مؤقتة معترف بها داخل الأمم المتحدة، حكومة الوحدة الوطنية بقيادة فايز السراج، التي تسيطر على طرابلس وغرب البلاد، وتشكيل تحالف مَرِن مع الميليشيات ومع فصيل من الجيش الوطني الليبي وقائده الجنرال السابق خليفة حفتر، القوة الرئيسية في شرق البلاد.
على الرغم من أن الجانبين اتفقا على وقف إطلاق النار إلا أنهما لا يشتركان في رؤية واحدة لمستقبل ليبيا، ولا يعرفان حتى شكل الحكومة الموحدة:
يبدو الموعد أكثر طموحًا؛ لأنه على الرغم من اتفاق الجانبين على وقف إطلاق النار، إلا أنهما لا يتشاركان في رؤية واحدة لمستقبل ليبيا، ولا يعرفان حتى شكل الحكومة الموحدة، كما تظل هناك عقبات خطيرة أخرى يجب معالجتها قبل اعتبار الانتخابات احتمالية واقعية.
وستكون الأولوية للنظر في رحيل المقاتلين الأجانب الذين قدموا لدعم المعسكرين، والمستفيدون الرئيسيون من حكومة الوفاق الوطني ومن الجيش الوطني الليبي، وهؤلاء المقاتلون يمثلون مصالح أجنبية واسعة ومتعددة، بالإضافة إلى السعي لكسب النفوذ في البلاد، والاستفادة من موقعها الاستراتيجي في جنوب البحر الأبيض المتوسط؛ وتتنافس هذه الجهات الفاعلة لتأمين الوصول إلى احتياطيات النفط على الأراضي الليبية، وفي مياهها الإقليمية؛ نظرًا لأن هذه المصالح قد يتوقع المرء أن هؤلاء الفاعلين الأجانب سيسعون في المقام الأول للسيطرة على نتيجة الاقتراع.
كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان حفتر سعيدًا بنتيجة ديمقراطية؛ حيث انطلقت معارضته بدعم من داعميه الأجانب من أجل تقويض الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، والاستيلاء على السلطة ليصبح الرجل القوي الجديد في ليبيا، رغم أنه أُجْبِرَ على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بعد انسحابه من طرابلس، فلا يوجد ما يشير إلى تغيُّر طموحاته.
وخلاصة القول: لا يمكن للانتخابات أن تحل محل حركة حقيقية للمصالحة وبناء السلام بدون التزام حقيقي بنظام ديمقراطي، وبدون الضوابط والتوازنات المتأصلة في هذا النوع من النظام لن تؤدي الانتخابات إلا إلى مزيد من الانقسام بين المعسكرات المتنافسة التي ستسعى للمطالبة بالسلطة، وخلق وَهْم الشرعية.
__________________________
الهامش:
*جوزيف سيجل هو مدير الأبحاث و كانداس كوك هو مساعد باحث في مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية.
رابط المقال: https://africacenter.org/fr/spotlight/2021-elections/