د. جيهان عبد السلام عباس
أستاذ الاقتصاد المساعد – كلية الدراسات الإفريقية العليا – جامعة القاهرة
مقدمة:
يعكس التنافس الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين وروسيا في إفريقيا أبعادًا إستراتيجية مختلفة تتأثر بموارد القارة وأسواقها المتنامية، وإن كان الاختلاف الرئيسي بين الدول الثلاث هو أسلوبها في التعامل مع إفريقيا. فبينما تُركّز الصين وروسيا على الشراكات التي تتجنَّب التدخُّل في السياسات الداخلية للدول؛ تقدم الولايات المتحدة نهجًا قائمًا على دعم الإصلاحات وتعزيز الديمقراطية.
هذه المنافسة تؤدي إلى زيادة الخيارات أمام الدول الإفريقية، ولكنّها تثير أيضًا مخاوف من استغلال مواردها وفَقْد السيطرة عليها.
ومن هذا المنطلق، يستعرض هذا المقال سُبُل التعاون الاقتصادي بين القوى الاقتصادية الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا) وإفريقيا، وكيف ركَّزت كلّ منهم على تعزيز خدمة أهدافها في إطار أشبه بالسباق الاقتصادي بالقارة.
أولاً: الولايات المتحدة الأمريكية (محاولات استعادة الهيمنة الاقتصادية على إفريقيا):
تُعدّ العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وإفريقيا جزءًا حيويًّا من السياسات الأمريكية لتعزيز الشراكات الدولية، وخاصةً في ظلّ المنافسة الجيوسياسية مع الصين وروسيا. وركَّزت العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وإفريقيا على تعزيز الشراكات طويلة الأجل والتنمية المستدامة؛ من خلال التركيز على ثلاث أولويات لسياسة الولايات المتحدة في إفريقيا وسط المنافسة الإستراتيجية العالمية، وهي:
– تعزيز العلاقات الاقتصادية مع إفريقيا؛ من خلال توسيع المبادرات مثل قانون النمو والفرص في إفريقيا (أجوا)؛ الذي يُعزّز التجارة والاستثمار. كما أطلقت إدارة ترامب مبادرة “ازدهار إفريقيا”، وأعاد الرئيس بايدن إطلاقها بمبلغ إضافي قَدْره 80 مليون دولار للاستثمارات في البنية التحتية، والطاقة النظيفة، والرعاية الصحية.
– أهمية إفريقيا باعتبارها لاعبًا جيوسياسيًّا رئيسيًّا؛ إذ واصلت إدارة بايدن نَهْج ترامب تجاه الصين، لكنّها لم تُقدّم إستراتيجية واضحة وشاملة. وبينما صاغ ترامب انخراط الولايات المتحدة في إفريقيا علنًا على أنه منافسة مع الصين؛ تجنَّب بايدن مثل هذه المنافسة المباشرة.
– مصالح الولايات المتحدة في المناطق غير الآمنة على نحو متزايد مثل منطقة الساحل والقرن الإفريقي، وهو ما يتطلب الموازنة بين دعم الأعراف الدولية والديمقراطية والمصالح الأمنية. ويكشف عدم الاستقرار في منطقة الساحل، الذي يجمع بين تفاقم عنف المتمردين والانقلابات المتكررة، عن الافتقار إلى الوضوح الإستراتيجي في سياسة الولايات المتحدة في إفريقيا. ومنذ عام 2021م، حاولت إدارة بايدن تحويل تعامل الولايات المتحدة مع إفريقيا من نَهْج ترامب القائم على المعاملات إلى نهج يؤكد على القِيَم الديمقراطية. ومع ذلك، فإن هذه التحولات الملموسة في الأولويات الدبلوماسية الأمريكية كانت محدودة بسبب وجود القوى الكبرى والمتوسطة التي لديها رؤية مختلفة للنظام القائم على القواعد، وبسبب الانتقائية المتزايدة مِن قِبَل القادة الأفارقة عند اختيار الشركاء على المدى الطويل.
ومن المرجَّح أن تركّز ولاية ترامب الثانية على مكاسب المعاملات للولايات المتحدة وإعطاء الأولوية للمنافع الاقتصادية والإستراتيجية على الشراكات طويلة الأجل القائمة على القِيَم المشتركة. وقد يتضمَّن هذا النهج تعزيز الشركات الأمريكية في القطاعات الحيوية لمواجهة نفوذ الصين([1]).
ختام إدارة بايدن (مشروع ممر لوبيتو):
من المهم تسليط الضوء على ما اختتمت به نهاية عهد بايدن بزيارة هي الأولى من نوعها التي يزور فيها رئيس دولة أمريكي في منصبه القارة الإفريقية منذ عام 2015م، وأول رحلة على الإطلاق يقوم بها رئيس أمريكي إلى أنغولا، التقى الرئيس الأمريكي “جو بايدن” مع زعماء أفارقة في 4 ديسمبر 2024م، من أجل المُضِيّ قُدُمًا في مشروع ممر لوبيتو، وهو المشروع الذي يشمل مدّ خط للسكك الحديدية التي يبلغ طولها 1300 كيلو متر (800 ميل) يمتد من ميناء لوبيتو الأنغولي على ساحل المحيط الأطلسي في إفريقيا، إلى مدينة كولويزي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي تحتوي على واحدة من أكبر رواسب التعدين في العالم([2]).
وتتمثل أهمية هذه الزيارة في سببين رئيسيين؛ أولها: تعزيز النفوذ الأمريكي في إفريقيا، فعلى الرغم من تعهدات بايدن المتكررة بـ”بالتنمية الشاملة في إفريقيا”؛ إلا أن النفوذ الأمريكي في إفريقيا قد انخفض خلال فترة ولايته. وفقدت واشنطن قاعدة عسكرية في منطقة الساحل، ومن هنا جاءت تطلعات بايدن لبناء علاقات متنامية بين الولايات المتحدة وأنجولا، وتأمين وصول الولايات المتحدة إلى المعادن الحيوية في إفريقيا، بما يساعد الأخيرة على تنويع سلاسل توريد المعادن الحيوية، والابتعاد عن الاعتماد على الصين في الحصول على النحاس والكوبالت والمعادن الأخرى الضرورية للاقتصاد الأمريكي والقاعدة الصناعية الدفاعية. لهذا أطلقت الولايات المتحدة وشركاؤها في مجموعة السبع مشروع لوبيتو منذ عام 2023م.
ويتمثل السبب الآخر في أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تُحْرز تقدُّمًا يُذْكَر في كسر الهيمنة التجارية للصين في مجال المعادن التي تعتبر حيوية للأمن القومي. ولم تستطع مواجهة النفوذ الصيني في المنطقة؛ إذ تُعدّ الصين اللاعب الرئيسي في قطاع التعدين في جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تصدر المعادن الضرورية للبطاريات والمكونات الصناعية الأخرى الأساسية 80% من مناجم النحاس في جمهورية الكونغو الديمقراطية مملوكة للصين. والصين مسؤولة عن استخراج 85% من المعادن الأرضية النادرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بما في ذلك 76% من الكوبالت.
ومن هنا تشعر واشنطن بقلق متزايد بشأن استيلاء الصين على المعادن المهمة، بما في ذلك احتياطيات الكونغو الهائلة من النحاس والكوبالت، خاصةً مع تنامى الدور الصيني في إفريقيا، وتحديدًا منذ إطلاق مبادرة الحزام والطريق في عام 2013م؛ إذ أصبحت الصين الداعم الرئيسي لتمويل التنمية في إفريقيا، فعلى سبيل المثال، وقَّعت بكين التزامات قروض مع 49 حكومة إفريقية وسبع مؤسسات إقليمية. وفي الفترة من 2013 إلى 2021م، قدَّمت الصين 679 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء العالم، بينما وفقًا لتحليل الحكومة الأمريكية، قدَّمت الولايات المتحدة 76 مليار دولار([3]).
وقد يؤثر المشروع على مبادرة الحزام والطريق عبر تقديم نموذج أكثر تنوعًا للشراكات الاقتصادية، ولكنه لا يلغي أهمية المبادرة الصينية في إفريقيا؛ إذ لا يزال التحدي الأساسي هو إثبات الجدوى الاقتصادية للمشروع، وضمان التنسيق بين الحكومات المشاركة لتحقيق أهدافه التنموية والاقتصادية.
وفى سياق الأسباب السابق عرضها؛ قدمت الولايات المتحدة قرضًا بقيمة 550 مليون دولار لدعم المرحلة الأولى لمشروع لوبيتو، في حين أن المرحلة الثانية التي ستربط لوبيتو بزامبيا عبر خط سكة حديد جديد لا تزال في مرحلة الإعداد، بهدف البدء في عام 2026م وفقًا لواشنطن. ومن المرجح أن يدعم ترامب أجزاء على الأقل من مشروع لوبيتو ويظل شريكًا وثيقًا لأنغولا عندما يعود إلى البيت الأبيض([4]).
أما عن الأهمية الاقتصادية لهذا الممر بالنسبة لإفريقيا، فمن المتوقَّع أن يُخفّض ممر لوبيتو تكاليف النقل باعتباره مشروعًا كبيرًا للبنية التحتية في ثلاث دول أنجولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا، كما يتضمَّن أيضًا الاتصال الرقمي بين الدول الإفريقية والعالم الخارجي، ويفتح الوصول إلى الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة؛ من خلال ربط مناطق الإنتاج الزراعي بأنغولا وزامبيا مع الأسواق الإقليمية والدولية، مما يُعزّز القيمة المضافة للقطاع الزراعي، ويدفع النمو الاقتصادي المقاوم للمناخ. وكذلك يمثل فرصة كبيرة للاستثمار والتجارة بما يخدم تعزيز التنمية الاقتصادية المحلية والتكامل الاقتصادي الإقليمي؛ إذ يُسهم الممر في تعزيز التجارة الإقليمية من خلال تحسين النقل السريع للمعادن مثل النحاس والكوبالت والليثيوم، والتي تُعتبر من المعادن الأساسية للصناعات العالمية الحديثة مثل السيارات الكهربائية. إلى جانب ذلك، يُسهم المشروع في تحسين فرص العمل، وتقليل الفقر، ويُعزّز من قدرة الدول الإفريقية على التنافس في الأسواق العالمية من خلال تحسين البنية التحتية اللوجستية([5]).
ولكن في المقابل، يواجه المشروع تحديات كبيرة؛ منها انتقاده بأنه استغلاليّ، مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية. وفي حين يُصدّر الصينيون المعادن عبر المحيط الهندي، فإن الممر سوف يفعل الشيء نفسه ولكن عبر المحيط الأطلسي. يُضاف إلى ذلك ما تشهده أسعار المعادن من تقلبات مستمرة، مما يُعرّض قطاعات التعدين والمعالجة لضغوط السوق التي يمكن أن تؤثر سلبًا على الممر، وكذلك مخاوف بشأن المنافسة مع قطاعات النقل الأخرى. وكذلك الصراعات الحتمية بين الدول الكبرى التي سيكون محلها إفريقيا خاصة خلال الفترة المقبلة في ظل حكم ترامب، وتمتلك أنغولا احتياطيات كبيرة من الموارد الحيوية، بما في ذلك النفط والماس، مع شبكة واسعة من الممرات المائية. وباعتبارها ثاني أكبر مُنتِج للنفط في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، فإنها تضخّ 1.16 مليون برميل من النفط يوميًّا. ومع ذلك، تراكمت على البلاد ديون بقيمة 66 مليار دولار (حوالي 70.3% من ناتجها المحلي الإجمالي). وهي مدينة للصين، أكبر دائن لها، بمبلغ 17 مليار دولار. وتقوم البلاد بتحويل ما يُقدَّر بثلثي إنتاجها من النفط لخدمة الديون المستحقة للصين. ومن المستحيل استبعاد النفوذ الروسي في أنغولا؛ حيث استثمرت الشركات الروسية في الصناعات الاستخراجية، وخاصةً استخراج الماس. وتتمتع روسيا بقدر كبير من القوة الناعمة في أنجولا والدول المجاورة.
ثانيًا: الصين (المُنافِس الأول للولايات المتحدة في إفريقيا):
- سياسات تطويق القارة (التجارة والاستثمار والديون):
من منظور اقتصادي بحت؛ تُعدّ إفريقيا سوقًا مربحة؛ إذ أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للقارة فيذهب حوالي 20% من صادرات المنطقة إلى الصين، ونحو 16% من واردات إفريقيا تأتي من الصين، وفقًا لصندوق النقد الدولي. وتمثل السلع الأولية: المعادن والمنتجات المعدنية والوقود: حوالي ثلاثة أخماس صادرات إفريقيا إلى الصين، في حين تستورد عادة السلع الصينية المصنَّعة والإلكترونيات والآلات. كما أنها أحد أكبر دائني إفريقيا في السنوات الأخيرة؛ إذ شهدت الديون الإفريقية المستحقة للصين نموًّا ملحوظًا منذ بداية الألفية الجديدة؛ إذ بلغ مجموع القروض التي قدَّمتها الصين للدول الإفريقية نحو 28.182 مليار دولار أمريكي بين عامي 2000 و2023م. هذه القروض كانت موجهة إلى 49 دولة إفريقية و7 منظمات إقليمية.
وفيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر، لا تزال الشركات الصينية بين أكبر المستثمرين في إفريقيا. لكنَّ صعودها كان سريعًا نسبيًّا، وبينما تركز الشركات الغربية على الموارد والقطاع المالي، تستثمر الشركات الصينية أيضًا بكثافة في قطاع الطاقة والبناء والتصنيع. وتُعدّ الشركات الصينية من اللاعبين الرئيسيين في قطاع البناء في إفريقيا، وغالبًا ما تعمل في مشاريع ممولة بقروض من البنوك الصينية للحكومات الإفريقية. وبشكل عام، تتبع المشاركة الاقتصادية الصينية في قطاعي الطاقة بإفريقيا مسارين:
- المسار الأول يتعلق بتوليد الكهرباء والاستخراج؛ إذ تقوم مؤسسات تمويل التنمية الصينية والمستثمرون الصينيون بتمويل محطات الطاقة وخطوط النقل والتوزيع ومزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي تعزز الوصول إلى الطاقة في المنطقة. ويتوافق المسار الأول بشكل وثيق مع الأهداف الإنمائية للبلدان الإفريقية فيما يتعلق بالحصول على الطاقة.
- والمسار الثاني غالبًا ما يعمل على توليد عائدات التصدير التي تُغذّي اقتصادات البلدان الإفريقية. ومع ذلك، فإن الاتجاهات الجارية نحو زيادة تمويل الاستثمار الأجنبي المباشر، والتي تعتمد إلى حدّ كبير على مشاريع الاستخراج، لا تُبشِّر بالخير فيما يتعلق بمواءمة المشاركة الاقتصادية الصينية مع أهداف التنمية المنخفضة الكربون في المنطقة. وتحتاج المشاركة المستقبلية إلى تحقيق التوازن بين هذين المسارين؛ حيث يمكن لتمويل القروض بشروط ميسرة للغاية والاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة التركيز على الاستفادة من موارد الطاقة المتجددة الهائلة التي تمتلكها البلدان الإفريقية من أجل تحقيق أهدافها المتعلقة بالحصول على الطاقة والتحول.( ([6]
ومن المرجَّح أن يقود القطاع الخاص في الصين التجارة والاستثمار في إفريقيا، في حين ستعمل المبادرات الجديدة مثل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) على تعزيز نمو سلاسل القيمة الإقليمية؛ من خلال إتاحة الوصول للشركات الصينية إلى سوق إفريقية موحدة أكبر.([7])
وهناك أهداف صينية أخرى في إفريقيا منها توسيع النطاق العالمي لعملتها الرنمينبي. والدافع هنا هو تحدي هيمنة الدولار الأمريكي، الذي يمنح أمريكا السيطرة على المعاملات في أيّ مكان في العالم. فمنذ أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وقَّع بنك الشعب الصيني اتفاقيات مبادلة ثنائية مع المغرب ومصر ونيجيريا وجنوب إفريقيا لإجراء المعاملات بالرنمينبي. وتهدف الصين إلى زيادة استخدام الرنمينبي في الإقراض الرسمي، سواء من خلال البنوك المحلية مثل بنك التنمية الصيني والمؤسسات الإقليمية، مثل بنك التنمية الجديد لمجموعة البريكس. ومثلها مثل شركاء إفريقيا الغربيين؛ تسعى الصين إلى تحقيق مصالح سياسية واقتصادية في تعاملاتها مع القارة. ولكن مع عدم اهتمام الزعماء الغربيين بإفريقيا، فإن الصين لا تحتاج إلى ملاحقة دبلوماسية فخّ الديون لزيادة نفوذها هناك. إنها تحتاج فقط إلى تقديم عرض شراكة أفضل لتحقيق مكاسب.( ([8]
- مراجعة السياسات وتوسيع نطاق التعاون:
تعمل الصين دائمًا على مراجعة سياساتها في التعاون الاقتصادي مع إفريقيا، ففي حين اتهمها البعض بأن بعض مشاريع البنية التحتية التي موَّلتها الصين لم تفعل سوى القليل لتحسين التجارة أو التنمية الاقتصادية في إفريقيا، بل ساهم أيضًا في زيادة عبء الديون المستحقة على العديد من البلدان الإفريقية.
على سبيل المثال، جعلت الطرق السريعة المُكلّفة التي تربط نيروبي في كينيا وكمبالا في أوغندا بالمطارات الدولية المعنية الحياة أسهل بالنسبة لنخبة معينة من المسافرين، لكنها لم تُؤدِّ إلى النمو الاقتصادي. وعلى هذا فقد تحركت الصين نحو إعادة ضبط تمويل البنية الأساسية في الأعوام الأخيرة. وفي عام 2021م، قدَّم “شي جين بينغ” مفهوم المشاريع “الصغيرة” التي تستهدف بشكل أفضل احتياجات الدولة الشريكة، وهو المفهوم الذي كررته الصين في القمة الأخيرة 2024م. وهذا التوافق مع طلبات الزعماء الأفارقة هو الذي يُميّز تعامل الصين مع إفريقيا عن تعامل الغرب. كما كانت أحد الطلبات الرئيسية للعديد من القادة الأفارقة هو الاستثمار في سلاسل القيمة الصناعية وواردات السلع المصنعة الإفريقية بدلاً من الموارد الخام فقط. وقد تناول الخطاب الرئيسي الذي ألقاه الرئيس الصيني تلك المتطلبات. ووعد بمزيد من الاستثمار في القطاعات الرئيسية وبالسماح لمزيد من السلع الإفريقية بدخول الصين بدون رسوم جمركية. إن دعم الصين للدول الإفريقية سياسي واقتصادي أيضًا. وقد لقيت سياستها المتمثلة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لإفريقيا استحسان الزعماء الأفارقة ــ وهو تناقض حادّ مع الدول الغربية التي كثيرًا ما ربطت دعمها باحترام ظروف اجتماعية أو اقتصادية معينة.
وقد واصلت الصين وإفريقيا تعزيز تعاونهما الاقتصادي من خلال خطط ومبادرات إستراتيجية مختلفة ضمن أُطُر مبادرة الحزام والطريق ومنتدى التعاون الصيني الإفريقي (فوكاك)، وهي منصة شراكة تأسست في عام 2000م. وتركّز خطة التعاون هذه على مواءمة مبادرة الحزام والطريق مع أجندة الاتحاد الإفريقي 2063م؛ وهي إطار إستراتيجي للتحول الاجتماعي والاقتصادي للقارة على مدار الخمسين عامًا القادمة. وتُعنَى خطة التعاون الأولوية لتحسين ربط البنية التحتية في جميع أنحاء إفريقيا لتسهيل التكامل التجاري والاقتصادي. كما تهدف إلى تعزيز تيسير التجارة والتكامل المالي وتنسيق السياسات بين الصين والدول الإفريقية. وسيضمن هذا الأخير مواءمة إستراتيجيات التنمية وتعزيز بعضها البعض.
ومن المتوقع أن تتعمَّق علاقات الصين مع إفريقيا. بعد تعهد الرئيس الصيني “شي جين” في قمة بكين سبتمبر 2024م، بتقديم 51 مليار دولار أمريكي في شكل قروض واستثمارات ومساعدات للقارة على مدى السنوات الثلاث المقبلة، فضلًا عن رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية. ومن المؤكد أن التزامات الصين لا تزال تثير المخاوف في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية، التي تتنافس مع الصين على النفوذ العالمي. وربما تُعيد هذه التدابير أيضًا المخاوف من استخدام الصين “دبلوماسية فخّ الديون”؛ لدفع البلدان الإفريقية إلى العجز عن سداد ديونها؛ وبالتالي اكتساب النفوذ عليها.
ثالثًا: روسيا في المشهد الاقتصادي
بينما كانت روسيا تسعى إلى التهرُّب من العزلة الدولية في أعقاب غزوها لأوكرانيا، اكتسب توسيع ارتباطات روسيا الاقتصادية في إفريقيا أهمية أكبر. ويبدو أن إفريقيا تُقدّم آفاقًا واعدة. وأكثر من أيّ منطقة أخرى.([9])
وتجدر الاشارة إلى أن أولى محاولات موسكو الواضحة لإعادة الارتباط بالقارة الإفريقية قد بدأت في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. في عام 2006م، زار الرئيس فلاديمير بوتين جمهورية جنوب إفريقيا، تلاها رحلات خليفته ديمتري ميدفيديف إلى مصر وأنجولا ونيجيريا وناميبيا في عام 2009م. وضاعف الكرملين جهوده الدبلوماسية في أعقاب ضمّ شبه جزيرة القرم في عام 2014م، عندما أجبرت الجولة الأولى من العقوبات الغربية ضد روسيا؛ موسكو على البحث بنشاط عن شركاء جيوسياسيين جدد وفرص عمل جديدة. ومنذ عام 2014م، قام العديد من كبار المسؤولين في الدولة الروسية بالتردد على دول إفريقية مختلفة، ووقَّعوا العديد من اتفاقيات التعاون العسكري والاقتصادي والأمني الثنائية، كما شطبت روسيا مليارات الدولارات من الديون الإفريقية([10]).
ومن الواضح أيضًا أن الحرب الروسية الأوكرانية زادت من أهمية إفريقيا؛ حيث إن معالم السياسة الخارجية لروسيا 2023م أشارت إلى إفريقيا باعتبارها “مركزًا مميزًا ومؤثرًا للتنمية العالمية”. واستخدم الكرملين ذلك للتعامل مع البلدان الإفريقية والترويج لنفسه باعتباره شريكًا بديلاً.([11])
وتكتسب موارد إفريقيا أهمية متزايدة بالنسبة للأمن الاقتصادي الروسي؛ فالمعادن مثل الكوبالت، الذي يُستخدم في الإلكترونيات مثل الهواتف المحمولة، أو الليثيوم، الذي يُستخدم في البطاريات، تحتاجها روسيا وبقوة، ويظهر ذلك من خلال صفقات التعدين العديدة التي تعقدها روسيا مع دول إفريقية. وقد أظهرت دراسة أجراها برلمان الاتحاد الأوروبي أن روسيا ضمنت الوصول إلى الذهب والماس في جمهورية إفريقيا الوسطى، والكوبالت في الكونغو، والذهب والنفط في السودان، والكروميت في مدغشقر، والبلاتين والماس في زيمبابوي، واليورانيوم في ناميبيا. وعلى الرغم من أن روسيا أصبحت شريكًا متزايدًا للدول الإفريقية في قطاع النفط والتعدين؛ إلا أنها تُعدّ أيضًا أكبر بائع أسلحة لإفريقيا، حيث تسيطر على نصف السوق؛ إذ تُباع الأسلحة الروسية إلى 14 دولة إفريقية، منها الجزائر ومصر وأنغولا لتمثل 94% من قيمة مبيعات الأسلحة في المنطقة([12]).
وتزامنت عودة روسيا إلى إفريقيا أيضًا مع انخفاض المشاركة الأمريكية في القارة، بما في ذلك القرار الذي اتخذته إدارة ترامب عام 2018م بتقليص جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية في المنطقة على الرغم من التهديد الإرهابي المتزايد في العديد من الدول الإفريقية. وسارعت موسكو إلى ملء هذا الفراغ الأمني. وفي عام 2019م، استضاف الرئيس بوتين أول قمة روسية-إفريقية على الإطلاق في منتجع سوتشي على البحر الأسود، بهدف تعزيز مكانة روسيا كشريك إستراتيجي موثوق به في القارة وتأمين اتفاقيات العقود العسكرية مع دول مختلفة. وفي يوليو 2023م، ورغم الحرب والعقوبات والضغوط الغربية، حضر 17 رئيس دولة إفريقية القمة الروسية الإفريقية الثانية، ووقَّعوا عدة اتفاقيات مع روسيا بشأن منع سباق التسلح في الفضاء، والتعاون في مجال أمن المعلومات، ومكافحة الإرهاب في الفضاء.
كما قامت روسيا أيضًا بتوسيع بصمتها الاقتصادية في القارة. على سبيل المثال، تضاعفت عائدات التجارة بين روسيا والدول الإفريقية تقريبًا من 9.9 مليار دولار في عام 2013م إلى 17.7 مليار دولار بحلول عام 2021م، ثم ارتفعت إلى 8.23 عام 2023م، وتحظى صادرات الحبوب بأهمية خاصة؛ حيث إن ما يقرب من 30% من إمدادات الحبوب في إفريقيا تأتي من روسيا. ولكنها مازالت أقلّ بكثير مقارنةً بغيرها من الدول الكبرى، فإن قيمة التجارة الإفريقية مع الاتحاد الأوروبي والصين والولايات المتحدة تبلغ عام 2023م نحو 295 مليار دولار، و254 مليار دولار، و65 مليار دولار، على التوالي.
كما تستثمر روسيا القليل في إفريقيا، وهو ما يمثل أقل من 1% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر المتجه إلى القارة. وأحد الجوانب المهمة في التواصل الاقتصادي الروسي مع إفريقيا هو أن الشركات الروسية المملوكة للدولة إما جزئيًّا أو كليًّا تهيمن عليها، بما في ذلك شركات النفط والغاز العملاقة التي تُنفّذ مشاريع هيدروكربونية كبرى في شمال إفريقيا. وبالإضافة إلى صفقات الطاقة، عززت موسكو أيضًا تعاونها مع مختلف الدول الغنية بالموارد الطبيعية، وخاصة الماس. على سبيل المثال، قامت شركة Alrosa، أكبر شركة لاستخراج الماس في روسيا، بتوسيع عملياتها في أنغولا والكونغو وزيمبابوي. وفي الوقت نفسه، زادت روسيا من اهتمامها بالاستثمار في النفط والغاز في إفريقيا. ومع ذلك، فإن معظم هذه المشاريع لم تتحقق. وقد دفع هذا بعض المحللين الأفارقة إلى الإشارة إلى أن الهدف الحقيقي لروسيا هو منع النفط والغاز الإفريقي من الوصول إلى السوق العالمية، وتقليص حصة روسيا في السوق.
وبالمثل، تشجّع روسيا بناء محطات الطاقة النووية في القارة. ففي عام 2020م، رتبت شركة الطاقة الذرية الروسية الحكومية، روساتوم، للحصول على قرض بقيمة 25 مليار دولار لبدء بناء أول محطة للطاقة النووية في مصر. وقد وقَّعت روساتوم اتفاقيات تعاون مع 17 حكومة إفريقية إضافية، بما في ذلك إثيوبيا ونيجيريا ورواندا وزامبيا.([13])
- تواضع الأداء الروسي في إفريقيا مقارنةً بالولايات المتحدة والصين:
على الرغم من الجهود المستمرة التي تبذلها روسيا لبناء علاقات تجارية واستثمارية أقوى مع القارة؛ إلا أن ارتباطات روسيا الاقتصادية في إفريقيا اليوم متواضعة بالمقارنة مع ارتباطات الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. والأمر الأكثر دلالة هو مدى انخفاض أرقام الواردات الإفريقية من روسيا -أقل من 2٪- مقارنة بشركاء التجارة العالميين الآخرين، وتبلغ الصادرات الإفريقية إلى روسيا 0.4% فقط من إجمالي الصادرات الإفريقية، كما أن أكثر من 70% من إجمالي التجارة الروسية مع إفريقيا تتركز في أربعة بلدان فقط: مصر والجزائر والمغرب وجنوب إفريقيا([14]). وهذا التعاون التجاري المحدود يجعلها تتخلف كثيرًا كشريك تجاري شامل. فعلى سبيل المثال، تُظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن أقل من 1% من صادرات إفريقيا تذهب إلى روسيا، مقارنة بنحو 33% إلى الاتحاد الأوروبي.([15])
شكل يوضح نسبة الواردات الإفريقية من الشركاء التجاريين العالميين خلال الفترة (2023- 2024م)
Denys Reva , “Russia’s growing influence in Africa calls for more balanced partnerships” , 26 June 2024 , available at:
https://issafrica.org/iss-today/russia-s-growing-influence-in-africa-calls-for-more-balanced-partnerships
ومن هنا يمكن القول بأن الميزة التنافسية الرئيسية لموسكو ضد القوى العالمية التي تسعى إلى توسيع نطاق وجودها في القارة الإفريقية، هي قدرتها على تقديم خدمات أمنية وعسكرية رخيصة نسبيًّا، بما في ذلك نقل الأسلحة، فضلًا عن التدريب والخدمات الاستشارية لمكافحة التمرد. ففي الواقع، طوال عام 2022م، بدأ عدد من الدول في القارة اتفاقيات تعاون عسكري جديدة أو مستمرة مع الكرملين.
على سبيل المثال، وقَّعت الكاميرون اتفاقًا دفاعيًّا جديدًا مع وزارة الدفاع الروسية يتضمن تدريبات عسكرية مشتركة، كما تلقَّت مالي معدات عسكرية من موسكو. وفي عام 2023م، اتفق المشاركون في القمة الروسية الإفريقية على إنشاء آلية أمنية روسية إفريقية جديدة دائمة، تهدف إلى مكافحة الإرهاب والتطرف في القارة.
ومع ذلك، فقد لُوحظت أيضًا بعض الاتجاهات السلبية. فعلى سبيل المثال، بدأت الجزائر ومصر -اللتان تم إدراجهما منذ فترة طويلة بين أكبر خمس مشترين للأسلحة الروسية على مستوى العالم-، في تقليص علاقاتهما الدفاعية مع الكرملين ببطء في عام 2022م. ومع ذلك، وبالنظر إلى الاعتماد الكبير لكلا البلدين على الأسلحة ذات المنشأ الروسي، فإنهما من المرجَّح سوف تحافظان على التعاون الدفاعي مع موسكو، وخاصةً في المدى القريب.
خاتمة:
تختلف الدول والاقتصادات الكبرى في نَهْج تعاملها مع القارة الإفريقية؛ فالنهج الأمريكي يهدف إلى بناء شراكات قوية ومستدامة مع الدول الإفريقية، مع التأكيد على التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي كوسيلة لمواجهة النفوذ المتزايد للصين وروسيا في القارة.
في المقابل تحاول الصين تسليط الضوء على التعاون المشترك، فعندما تسعى إلى فرص عمل مربحة في إفريقيا، تؤكد على الشراكات بين جانبين متساوين، وهذه الرسالة مغرية لبعض القادة الذين ينظرون إلى تواصل الغرب باعتباره أكثر تعاليًا.
كما أن المشاركة الاقتصادية المتواضعة لروسيا في إفريقيا قد لا تهم موسكو كثيرًا، فهي تسعى إلى تعزيز نفوذها في الجزء المضطرب الغني بالمعادن من القارة. بينما الدوافع الحقيقية لروسيا للشراكة مع إفريقيا هي تعزيز مصالحها الجيوإستراتيجية، وتأمين موطئ قدم لها في البحر الأبيض المتوسط على الحدود الجنوبية لحلف شمال الأطلسي، وإزاحة النفوذ الغربي. وبعبارة أخرى، فإن إفريقيا هي وسيلة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الكبرى لروسيا. وتبرز روسيا باعتبارها الشريك الأمني المفضل لعددٍ متزايدٍ من الحكومات الإفريقية في المنطقة، لتحل محل الحلفاء التقليديين مثل فرنسا والولايات المتحدة.([16])
هذا، وتجدر الإشارة إلى تراجع نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في إفريقيا من تأكيدها المستمر على السياسة الأمنية، وغالبًا ما يكون ذلك على حساب تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. ويبدو أن سياسة الولايات المتحدة في إفريقيا كانت رجعية تفتقر إلى أجندة استباقية للتنمية الاقتصادية والأمن. وستجد واشنطن صعوبة في مواجهة خطة روسيا وإستراتيجية الصين المستمرة منذ عقود في إفريقيا.
هذا في الوقت الذي تسعى فيه روسيا لدخول السباق مع الغرب والصين، فبعد إطلاق الرئيس الأمريكي “بايدن” مشروع ممر لوبيتو في ديسمبر 2024م، سرعان ما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن مبادرة لتعزيز الدعم الروسي للدول الإفريقية، متضمنة إنشاء صندوق تنموي جديد. مع التركيز على مجالات مثل مكافحة الإرهاب، القضاء على الفقر، تحسين الأمن الغذائي، والتعامل مع الكوارث الطبيعية.
إذن فالسباق الاقتصادي في القارة الإفريقية مستمر لا محالة، ليس فقط بين هذه القوى الاقتصادية الثلاث، بل يظهر على الساحة أيضًا باقي دول الاتحاد الأوروبي، والهند، وغيرها من الدول الساعية نحو اقتصاد إفريقيا وبقوة.
وفي خضم سعي هؤلاء المتنافسين العالميين للحصول على دعم إفريقيا أو حيادها، يتعين على بلدان القارة أن تتجنَّب استغلالها أو التحول إلى طرف محارب في حرب بالوكالة. والتعامل مع الاقتصادات الكبرى من مبدأ تحقيق المصلحة للطرفين Win Win Approach، وليس فقط أن تكون القارة محط تنفيذ أطماع الغرب الاقتصادية.
وربما يُعدّ الوقت الحالي فرصة سانحة لإفريقيا لاستغلال هذا التنافس في تنفيذ أجندة القارة التنموية 2063 وخدمة تطلعاتها المختلفة؛ حيث تتعدد مسارات التعاون بين شركاء دوليين أكثر تنوعًا. فضلاً عن ضرورة عمل الدول الإفريقية على تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA)، التي تهدف إلى إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، مما يُعزّز التعاون الإقليمي، ويقلل الاعتماد على الأسواق الخارجية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قائمة المراجع:
[1])Amandine Gnanguênon, ” US Interests and African Agendas: Africa Policy After the 2024 Elections “, SEPTEMBER 27, 2024, available at:
https://www.gmfus.org/news/us-interests-and-african-agendas-africa-policy-after-2024-elections
[2]) The Lobito Corridor Investment Promotion Authority , ” Lobito Corridor: What It Is & Why It Matters ” , 2024 , available at:
https://www.lobitocorridor.org/history-background
[3])Thomas P. Sheehy, ” U.S In Angola, Biden Touts Lobito Corridor and Future U.S.-Africa Partnership” , The United States Institute of Peace , December 4, 2024 , available at:
https://www.usip.org/publications/2024/12/angola-biden-touts-lobito-corridor-and-future-us-africa-partnership
– And:
Patsy Widakuswara , “Biden to spotlight Angola’s Lobito Corridor, his legacy to counter China in Africa ” , December 01, 2024, available at:
https://www.voanews.com/a/biden-to-spotlight-angola-s-lobito-corridor-his-legacy-to-counter-china-in-africa/7879407.html
[4] ) Trevor Hunnicutt and Jessica Donati , “Biden meets African leaders in Angola to advance Lobito railway project”, Reuters , December 4, 2024, available at:
https://www.reuters.com/world/biden-visits-angolan-port-city-lobito-tout-railway-plans-2024-12-04/
[5]) Mvemba Phezo , Biden Goes to Angola: Beyond The Lobito Corridor , Center for Strategic & International Studies , December 3, 2024, available at:
https://www.csis.org/analysis/biden-goes-angola-beyond-lobito-corridor
[6] )Oyintarelado Moses,”10 Charts to Explain 22 Years of China-Africa Trade, Overseas Development Finance and Foreign Direct Investment”, Boston University Global Development Policy Center, 2024, available at:
https://www.bu.edu/gdp/2024/04/02/10-charts-to-explain-22-years-of-china-africa-trade-overseas-development-finance-and-foreign-direct-investment/
[7])Alicia García-Herrero, “China’s good relations with Africa rely more on narratives than economic impact” , 12 April 2023, available at:
https://www.bruegel.org/newsletter/chinas-good-relations-africa-rely-more-narratives-economic-impact
[8]) Linda Calabrese , “Why China is seeking greater presence in Africa – the strategy behind its financial deals”, 2024 , available at:
https://theconversation.com/why-china-is-seeking-greater-presence-in-africa-the-strategy-behind-its-financial-deals-238468
– And:
–Charles A. Ray , “Is It Time For a new Look at The US Obsession Over Chinese Economic Influence In Africa “, May.23.2024 , available at:
https://www.fpri.org/article/2024/05/is-it-time-for-a-new-look-at-the-us-obsession-over-chinese-economic-influence-in-africa
[9] )Joseph Siegle , “Decoding Russia’s Economic Engagements in Africa” , the Africa Center for Strategic Studies , January 6, 2023, available at:
https://africacenter.org/spotlight/decoding-russia-economic-engagements-africa/
[10]) Matiieu Droin , & Tina Dolbiai , ” Russia is still Progressing in Africa whats the Limit ? “, Center for Strategic & International Studies, August 15, 2023, available at:
https://www.csis.org/analysis/russia-still-progressing-africa-whats-limit
[11]) Denys Reva , “Russia’s growing influence in Africa calls for more balanced partnerships” , 26 June 2024 , available at:
https://issafrica.org/iss-today/russia-s-growing-influence-in-africa-calls-for-more-balanced-partnerships
[12]) Joseph Siegle ,Op.cit.
– And:
-Hamid Lellou , “US Relations with Africa and the New Cold War ” , Nov. 21, 2024, available at:
https://publications.armywarcollege.edu/News/Display/Article/3974676/us-relations-with-africa-and-the-new-cold-war/
[13]) Joseph Siegle , “Decoding Russia’s Economic Engagements in Africa” , the Africa Center for Strategic Studies , January 6, 2023, available at:
https://africacenter.org/spotlight/decoding-russia-economic-engagements-africa/
– And:
– Mariel Ferragamo , “Russia’s Growing Footprint in Africa December 28, 2023 “,available at:
https://www.cfr.org/backgrounder/russias-growing-footprint-africa
[14]) Joseph Siegle ,Op.cit.
[15]) Mark Banchereau, “What to know about Russia’s growing influence in Africa ” ,Jun 6, 2024, available at:
https://www.pbs.org/newshour/world/what-to-know-about-russias-growing-influence-in-africa
[16]) Matiieu Droin , & Tina Dolbiai , Op.cit.
– And:
– Elias Götz & Jonas Gejl Kaas , “Why Russia seeks to expand its influence in Africa – and what it means for the West ” , Danish Institute for International Studies, 28 February 2024, available at:
https://www.diis.dk/en/research/why-russia-seeks-to-expand-its-influence-in-africa-and-what-it-means-the-west