بقلم: فيليسيتي جيلو
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
الأفكار العامة:
- انتخاب المفوضين الجدد للاتحاد الإفريقي للمناصب الثمانية المطروحة للمنافسة.
- مناقشة ثلاث قضايا رئيسية: صلاحيات رئيس المفوضية، وقدرة الاتحاد الإفريقي على استعادة السلام، والإصلاح المؤسسي.
- تنوُّع الأزمات تَحُدّ من فعالية الاتحاد الإفريقي في احتواء الأزمات.
- عدم كفاءة الاتحاد الإفريقي في تعيين مبعوثين خاصين أحد أعراض ضعف منع نشوب الصراعات.
مقدمة:
في الآونة الأخيرة تتزايد الدعوات إلى ضرورة اختيار قادة جدد للاتحاد الإفريقي، على أن يكونوا قادرين على تمثيل التعددية الإفريقية بصورة متميزة؛ خوفًا من ضعف دور وتأثير الاتحاد الإفريقي.
يأتي هذا في الوقت الذي تستعدّ فيه مفوضية الاتحاد الإفريقي لانتخاب قيادات جديدة. وقد أُغلقت قائمة المرشحين للمناصب الثمانية الرئيسية، وستُنْشَر قريبًا.
وبعد فترتين رئاسيتين، لم يعد موسى فاكي محمد قادرًا على الترشح لمنصب رئيس المفوضية. كما تم استبعاد نائبته، مونيك نسانزاباغانوا، من السباق بسبب نظام التناوب الإقليمي للاتحاد الإفريقي (AU)، وسيتم تخصيص ثلاث حقائب أخرى لقيادات جديدة في منظومة الاتحاد، في حين يمكن إعادة انتخاب مفوضين من ثلاث إدارات أخرى.
الشواغر في مفوضية الاتحاد الإفريقي في فبراير 2025م:
القادة الجدد الذين سيتم انتخابهم:
- الرئيس.
- نائب الرئيس.
- مفوض التنمية الاقتصادية والسياحة والتجارة والصناعة والتعدين.
- مفوض الزراعة والتنمية الريفية والاقتصاد الأزرق والبيئة المستدامة.
- مفوض الصحة والشؤون الإنسانية والتنمية الاجتماعية.
- مفوض التعليم والعلوم والتكنولوجيا والابتكار.
انتخابات 2025 فبراير ..منافسة بين الأفكار:
ستكون انتخابات فبراير 2025م بمثابة منافسة بين الأفكار؛ نظرًا لروح الإصلاح التي طالما تم الترويج لها في الاتحاد الإفريقي. وتُشكّل الفترة التي تسبق الانتخابات فرصة جيدة لتقييم مدى أهمية الاتحاد الإفريقي. ولتفادي ضعف دور وتأثير الاتحاد الإفريقي؛ يتعين على الدول الأعضاء والمرشحين لعضوية مفوضية الاتحاد الإفريقي مناقشة ثلاث قضايا رئيسية على الأقل: صلاحيات رئيس المفوضية، وقدرة الاتحاد الإفريقي على استعادة السلام، والإصلاح المؤسسي.
ورغم ذلك، فإن بمقدور الشائعات التي تُثَار حول المرشحين المحتملين والتنافس بين المناطق أن تَحُول دون إجراء نقاش حاسم حول نتائج هذه الانتخابات، كما حدث في الانتخابات السابقة في عامي 2016 و2017م.
انتخابات فبراير 2025م وتطلعات إصلاح الاتحاد الإفريقي:
بمقدور الاتحاد الإفريقي الاستفادة من العديد من النجاحات خلال العقد الماضي. ومن بين هذه المبادرات إطلاق أجندة 2063م، والإصلاح المؤسسي، ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وقبولها في مجموعة العشرين. ورغم ذلك يحتاج الاتحاد الإفريقي والتعددية الإفريقية بشكل عام إلى زخم جديد؛ فضلاً عن أنّ خطة عام 2063م لا تحدّد نوع المنظمة الحكومية الدولية التي ستظهر بها إفريقيا في المستقبل. ويظهر غياب الاستجابات الموحدة والمساءلة عن الانقلابات وممارسات الحوكمة المزعزعة للاستقرار حدود آليات الأمن الجماعي التي اعتمدتها إفريقيا في أوائل العقد الأول من القرن الحالي.
وأدّت النزاعات التي طال أمدها (الصومال وجنوب السودان ومنطقة الساحل والبحيرات الكبرى)، وظهور أزمات جديدة (الكاميرون وإثيوبيا والسودان)، إلى تعقيد بناء الدولة في إفريقيا. فهي تمنع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي من العمل بفعالية. باستثناء الصومال، فلم يتمكن الاتحاد الإفريقي من التدخل أولاً في الصراعات العنيفة التي هزَّت إفريقيا هذا العام.
القضية الأولى التي تحتاج إلى مناقشة متعمقة هي الصلاحيات المخوَّلة لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي. لطالما كانت صلاحيات الرئيس موضع اعتراض مِن قِبَل الدول الأعضاء والمفوضية. لم يُغيِّر التحول من أمانة إلى لجنة من وجهات نظر الدول الأعضاء التي تعتقد أن الرئيس لا يزال “هو صاحب القرار والأفضلية المطلقة”، بدلاً من رئيس المفوضية. كما يعتبر عدم وضوح الصلاحيات التي الذي يتمتع بها الرئيس أمام المفوضين من التحديات الجسيمة؛ حيث لا يعرف أحد كيف يمكنه معاقبتهم في حال عدم الالتزام. ورغم ذلك تُؤيِّد الحكومات الإفريقية هذا العمل الذي يُضْعِف صلاحيات الرئيس.
صعوبات في حل النزاعات في إفريقيا:
لقد تم الطعن في سياسات فاكي في العديد من المرات مِن قِبَل الدول الأعضاء، على سبيل المثال بعد منح إسرائيل وضع المراقب لدى الاتحاد الإفريقي، وهو الأمر الذي ما كان يحق له القيام به. وكذا ظهرت اتهامات ضده فيما يتعلق بإدارته للمرحلة الانتقالية في تشاد بعد التغيير غير الدستوري للحكومة بعد وفاة الرئيس إدريس ديبي إتنو في عام 2021م.
لقد أُعيد انتخاب فاكي رئيسًا لمفوضية الاتحاد الإفريقي في عام 2021م بأغلبية 50 صوتًا من أصل 55. وعلى عكس أسلافه؛ انتقد القيود التي فرضتها الدول الأعضاء على سلطاته. ورغم ذلك استمرت الدول في إدارة المفوضية بشكل مصغر من خلال لجنة الممثلين الدائمين(COREP) ، التي تدير الشؤون اليومية للاتحاد الإفريقي وتقدم تقاريرها إلى المجلس التنفيذي.
هناك خلافات عميقة حول دور لجنة الممثلين الدائمين. في حين ترى المفوضية أن دورها القانوني يقتصر على مهمة الاتصال بين أجهزة الاتحاد الإفريقي والدول الأعضاء، فإن الحكومات الإفريقية تعتبر COREP أداة إدارية للإشراف على المفوضية. وتعارض الدول الأعضاء جميع القرارات غير التوافقية التي تتخذها مفوضية الاتحاد الإفريقي. في نهاية المطاف، يؤدي البحث عن إجماع بين الدول الـ55 إلى اتخاذ قرارات مخففة إلى درجة أنه لا يوجد اتجاه واضح.
أما المسألة الثانية فتتعلق بقدرة اللجنة على إدارة الأزمات. وكان الاتحاد، في السابق، يولي اهتمامًا كبيرًا لتمويل عمليات حفظ السلام على الرغم من القيود التي تفرضها ديناميات الصراع المتغيرة. ومع ذلك، فإن التمويل ليس أكبر مشكلة تواجه الاتحاد الإفريقي، بل قدرته على تصميم حلول سياسية مستدامة للنزاعات التي طال أمدها أو النزاعات الناشئة. في شكله الحالي، من المرجح أن يواصل الاتحاد الإفريقي الممول بالكامل مواجهة صعوبات في حل النزاعات المختلفة في إفريقيا.
نتائج الإصلاحات المؤسسية ودور الاتحاد الإفريقي في الأزمات الأمنية:
السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل النموذج الحالي للاتحاد الإفريقي مناسب لإدارة الأزمات والوقاية منها؟ على الرغم من وجود هيكل متطور للسلام والأمن، فإن استجابة الاتحاد الإفريقي للصراعات غالبًا ما تكون تفاعلية وتتطلب مشاركة دائمة ومنظمة. إن عدم كفاءة الاتحاد الإفريقي، التي تؤدي أحيانًا إلى نتائج عكسية، في تعيين مبعوثين خاصين وممثلين رفيعي المستوى آخرين وإسنادهم هو أحد أعراض ضعف منع نشوب الصراعات. إن عدم كفاية الموارد البشرية والمالية يعني أن الاتحاد الإفريقي لا يُحسن من فعالية هذه الأداة الدبلوماسية.
أخيرًا، يجب معالجة الأخطاء وأوجه القصور في الإصلاح المؤسسي للاتحاد الإفريقي. من الصعب أن نرى كيف حسنت هذه الإصلاحات قدرة الاتحاد الإفريقي على التأثير في الأزمات الأمنية في القارة. ولم يتم دعم الاختفاء المفاجئ لنظام الإنذار المبكر بالصراعات من خلال سياسة مناسبة. كما حدث الشيء نفسه مع دمج إدارة الشؤون السياسية مع إدارة السلام والأمن التي هي أكثر ترابطًا من التكامل بين الإدارتين.
كان الهدف الأساسي من إصلاح الاتحاد الإفريقي هو خفض التكاليف المالية، وليس تحسين كفاءته أو تأثيره. في الواقع، إن الاتحاد الإفريقي منظمة صغيرة، بالنظر إلى اتساع نطاق عملها وأهدافها. ومن بين أوجه القصور الرئيسية في الإصلاحات أنها لم تعالج سيطرة الدول الأعضاء على المفوضية، مما أعاقها عن العمل بدرجة من الاستقلالية. هذا ما يُفسِّر السبب في أن الإصلاح المؤسسي لم يُسْفِر إلا عن نتائج غير ملموسة.
وعليه يتعين على مفوضي الاتحاد الإفريقي الطموحين تقديم أفكارهم المُبتكَرة لمعالجة هذه القضايا الثلاث من بين القضايا الرئيسية الأخرى. على الرغم من أن رؤساء الدول والحكومات (وليس المواطنين) ينتخبون المفوضين الجدد في عام 2025م، فإن الفشل في حلّ هذه القضايا قد يضع الأساس للتفكك التدريجي.
وفي ظل تزايد المنافسة العالمية وتراجع مساعدات التنمية، سيتوقف الثِّقل الإستراتيجي للاتحاد الإفريقي على قدرة المفوضية على الوفاء بوعودها، على الرغم من محدوديتها. وإذا فشل الاتحاد الإفريقي في تحقيق ذلك في عام 2025م، فسوف يشهد تراجعًا متسارعًا، كما حدث مع منظمة الوحدة الإفريقية في أواخر تسعينيات القرن الماضي، التي خلفتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: