الاستاذ / داسي سفيان (*)
تعد أفريقيا قارة التعدد والتنوع، نظرا لاختلاف نظرة الدولة الأفريقية الحديثة لهذا التعدد من حيث قبولها للوضع وإضفاء الشرعية عليه وإقراره، أو رفضه وعدم الاعتراف به كحقيقة هيكلية يتميز بها المجتمع، ومحاولتها تجاوز هذا الواقع، وبسط رؤيتها المركزية، جعلها أمام انقسامات حادة أثرت بشكل ملفت على الأوضاع السائدة ،فالواقع الأفريقي الراهن المراد تجاوزه يدلي بالعديد من الهياكل والتنوعات الاجتماعية والثقافية والدينية والتاريخية تقف حاجزا أمام النخب الحاكمة وحتى الفواعل الكبرى التي تسوق لاستراتيجيات بدافع التواجد و التنافس على المنطقة ، ما جعل ظاهرة الانقسامات المجتمعية ميزة في القارة الإفريقية خلقت العديد من الازمات منها ما تعلق بالهوية والاندماج في ظل التنوع الاثني الذي غذى تضارب الرؤى والمصالح حول قضايا جوهرية لاسيما العامل السياسي ، فإذا تواجدت مجموعة من مواطني أقلية (1) ما داخل الدولة تحت طائلة الحرمان والتهميش في المشاركة وإدارة الشأن العام ،وهم بذلك يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية وهذا الإحساس بالإقصاء المجتمعي ينمي لديهم الرغبة في المساواة ،والمشاركة في إدارة الشأن السياسي لوطنهم مع باقي مواطني الدولة، لذا يعبرون عن أراءهم وفق منظور تشاركي غير تقليدي (الانتفاضات، الاحتجاجات ،الثورات، الحروب) و هو ما ينعكس سلبا على حالة الاستقرار وبنية الدولة ككل .
فإذا ركزنا على عامل اللغة و إشكالية الهوية في القارة الإفريقية ثمة فروق واضحة بين الشعوب الناطقة بالعربية وأفريقيا جنوب الصحراء ، وحتى في إطار أفريقيا غير العربية هناك تمايزات بين مجموعة الدول الأنجلوفونية الناطقة بالإنجليزية الدول الفرنكفونية الناطقة بالفرنسية، والدول اللوزفونية الناطقة بالبرتغالية، كما تمتلك أفريقيا نحو (% 33) من جملة اللغات الحية في العالم على الرغم من أن سكانها لا يتجاوزون بكثير نسبة (%10) من جملة سكان المعمورة ، وتوجد بأفريقيا كذلك كافة الأديان السماوية على غرار الإسلام، والمسيحية، واليهودية، بالإضافة إلى الديانات التقليدية، وباستثناءات محدودة فإن هذه الانقسامات والتنوعات قد انعكست بصورة، أو بأخرى على الوجود السياسي للدولة الأفريقية في مرحلة ما بعد الاستقلال ، فقد أدت في بعض الحالات إلى حروب أهلية طاحنة ،كما هو الحال بالنسبة لأزمة (بيافرا في نيجيريا منذ عام 1967 ، والحرب الأهلية في جنوب السودان والتي أدت إلى الانقسام ، وأعمال التمرد والعصيان التي شهدتها كثير من الدول الأفريقية الأخرى مثل رواندا وبوروندي وأنجولا وموزمبيق (2) ،فضلا عن ذلك تلعب العوامل الجغرافية والاقتصادية والتاريخية والبيئية والأمنية هي الاخرى دورا باتجاه تقوية الدافع نحو تأجيج الصراع.
فالمرحلة التي أعقبت نهاية الحرب الباردة و بروز الإيديولوجيا الامريكية منفردة ،مثلت نقطة تحول نحو بروز الأقليات والجماعات العرقية على المسرح الدولي كقوى جديدة داخل معظم دول العالم مطالبة بحقوقها الاقتصادية والسياسية ،والثقافية واللغوية والدينية ،و باعتبار قارة افريقيا ليست بمعزل عن هذه الديناميكية الجديدة، وإن كانت القارة قد عرفت قبل غيرها بوقت طويل صراعات بين مختلف الأقليات والعرقيات ،كالنزاع في جنوب افريقيا بين الاقليات البيضاء والزنوج في فترة التمييز العنصري، فقد عرفت افريقيا العديد من الحروب، هزت ما يربو عن أربعة عشر دولة أفريقية ،وهذا بحد ذاته يشكل خصوصية أفريقية بامتياز تستدعي الدراسة والوقوف على مسببات و مجريات الاحداث ومألات الدولة الافريقية في ظل التجاذب حول المصالح.
و عليه تكتسي الدراسة أهمية كونها تعالج أحد متغيرات مرتبطة بالصراع هو التعقيدات الإثنية التي تؤثر بشكل أو بآخر على التماسك المجتمعي الذي يعاني الانقسام في ظل الاوضاع السائدة ،بالإضافة إلى التعرف على الحالات الانفصالية التي أسسها عرقية خاصة في السودان ونيجيريا بلغت تلك النزعات حد الاقتتال وفي محاولة لفهم طبيعتها وتركيباتها وهوياتها وولاءاتها وعلاقاتها بالقوى الداخلية والخارجية.
أما الهدف من هذه الورقة البحثية هو تعرف الباحث على واقع الانقسامات المجتمعية و الصراع على السلطة كمحاولة لإيجاد مقاربة في التعامل مع التعقيدات القبلية و الاثنية ، و التي نطرحها كبديل لهذه الحالة التي تعتمد في الاساس على الديمقراطية التوافقية كمدخل للتماسك المجتمعي (بناء الامة في ظل التعدد الهوياتي ) لبناء الدولة في إفريقيا.
و عليه ستحاول الدراسة الاجابة على الاشكالية التالية :
كيف أثرت التعقيدات الاثنية على واقع التماسك المجتمع و بناء الدولة الوطنية الناشئة في إفريقيا ؟
و للإجابة على هذه الاشكالية المطروحة تنطلق الدراسة من فرضية مفادها :
– تشكل الانقسامات الاثنية المجتمعية أحد المداخل الرئيسية في عرقلة بناء الدولة الوطنية في إفريقيا.
– تمثل الديمقراطية التوافقية آلية لإدارة التنوع و التعدد في إفريقيا .
تعكس أزمة بناء الدولة الوطنية في إفريقيا إحدى المعضلات الكبرى للمشكلة الامنية التي تعانيها دول القارة الافريقية ، و ذلك انطلاقا من شكل الرواسب التاريخية التي انتجتها الحدود الجغرافية المتوارثة عن الاستعمار، و التي لم يضع في الحسبان التنوع الاثني و القبلي و خصوصية المجتمعات الإفريقية ، بالإضافة الى حالة التبعية المعمقة للدول الاستعمارية السابقة و سياساتها الهادفة أساسا إلى المحافظة على مناطق النفوذ في القارة.
فالدولة الوطنية الناشئة في إفريقيا حظيت باهتمام و مناقشات واسعة في مختلف الأدبيات لاسيما منها الإفريقية نظرا لأهميتها على العديد من الأصعدة (تشكل الدولة ما بعد الاستعمار).فمحاكاة النموذج الغربي للدولة و إسقاطه على الدولة الافريقية لقي صعوبة التوطين نظرا للتركيبة السياسية و الاجتماعية و الثقافية الافريقية التي مرت بمراحل.
فالعوامل الاجتماعية الثقافية لعبت دورا مهما في توجيه أو تحديد التفاعلات و السلوكيات السياسية داخل أي مجتمع، يوجد فيه الاختلاف و التباين المجتمعي، وهو أغلبه مفروض من عوامل طبيعية مثل الدين أو اللغة أو العرق، وهو تباين يختلف من دولة إلى أخرى ، و في إفريقيا هذا التمايز خاضع للأسس للاثنية بدرجة كبيرة، حيث تلعب التركيبة المجتمعية و العلاقة بين الجماعات و الفئات داخل الدولة في التحكم في مسار التفاعلات السياسية و هو ما يعكس التمايز و الشرخ و الانقسام المجتمعي بين هذه التركيبات في شكل صراع (3) سياسي على السلطة و خدمة جماعة على حساب الاخرى ما يخلق نوع من التصادم بين التيارات في إفريقيا.
و عليه سيتم التعرض في هذه الورقة البحثية إلى تبيان واقع الانقسامات المجتمعية و الصراع على السلطة في إفريقيا(أولا)، لننتقل لاحقا إلى دراسة التعقيدات الاثنية و إشكالية بناء الدولة في نيجيريا كحالة تشهد الانقسامات المجتمعية (ثانيا)،ثم التطرق إلى الديمقراطية التوافقية كمدخل للتماسك المجتمعي و بناء الدولة في إفريقيا (ثالثا).
المحور الاول – واقع الانقسامات المجتمعية و الصراع على السلطة في إفريقيا :
إن السمة الرئيسية للمجتمعات الافريقية هي التعددية و الاختلاف و التي تعبر عن الهويات الثقافية و البرامج الاقتصادية و الاعتقادات الدينية و التجمعات الاثنية و الانظمة السياسية و غيرها ، و لم يعد مجديا تشخيص التعددية و إنما البحث عن كيفية تجسيدها عمليا باعتبارها حقيقة واقعية حاضرا ، و التعددية داخل المجتمع ليست علامة من علامات الفشل بل قادرة أن تصنع الفارق و تنصهر في مجتمع يراعي متطلباتها و يحافظ على قيمها بمختلف أنواعها ،لكن التعدد بمعنى التنوع و الاختلاف ظاهرة في حد ذاتها لا تمثل مشكلة، ولكن تظهر المشكلة حينما يؤدي ذلك التنوع والاختلاف إلى آثار سلبية تهدد أمن المجتمع واستقراره.
كما أن المجتمع التعددي هو المجتمع المجزأ بفعل الانقسامات الدينية أو الأيديولوجية أو اللغوية أو الجهوية أو الثقافية أو العرقية، كما أنه المجتمع الذي تنتظم بداخله الأحزاب السياسية، ومجموعات المصالح، ووسائل الإعلام والمدارس، والجمعيات التطوعية، على أساس الانقسامات المميزة له.
ويعرف البعض المجتمع التعددي على أنه نقيض المجتمع الوطني المنصهر، فهو مجتمع متكون من عدة طوائف في إطار سياسي واحد (4).
والمجتمع التعددي وفقاً للصياغة الرئيسية “لفيرنيفال” يتكون من جماعات ثقافية مغلقة تشمل كل منها هوية خاصة وتتسم بأنها جماعات مغلقة حيث لا تلتقي تلك الجماعات إلا لأغراض اقتصادية غير شخصية (5).
أما في جانبها السياسي تشير التعددية إلى المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات الاجتماعية التي يمكنها أن تشارك في مزاولة السلطة (6).
وما يحدث في القارة الافريقية من تحولات و تطورات سياسية هو ما حدث ويحدث مرارا و تكرارا في بلدان العالم ككل ، إلا أن فترة منتصف تسعينيات القرن الماضي عرفت نقطة تحول كبيرة و صخب سياسي تمازج مع ارتفاع الاصوات و الاصداء على شكل احتجاجات سياسية في إفريقيا مطالبة بضرورة إحداث تحولات على كل الاصعدة سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية لمسايرة ما يحدث خارج القارة ، و ذلك للضغط على النظم المختلفة للاستجابة للإصلاحات و مواكبة التطورات الحاصلة في جو يعرف التعددية السياسية و المنافسة الحرة و النزيهة ، مع إقرار مبدأ التداول السلمي على السلطة و هي كلها قيم أتت من منظور الليبرالي الغربي .
إلا أن هذه المبادئ للديمقراطية الغربية شكلت في حد ذاتها مشكلا داخل القارة الافريقية، كون الاخيرة تتميز بالتعدد الاثني و العرقي و القبلي ما يضعف تطبيق هذه المعايير على أرض الواقع فالعامل النفسي الاجتماعي للنخبة الحاكمة هو السيطرة على كل القوى المجتمعية و الفئات المكونة لها ، و هي لا تريد تقسيم هذه السلطة من مبدأ تعددي وإشراك المجموعات الاخرى من منظور المعارضة لإضفاء المزيد من الشرعية داخل النظم السياسية الافريقية .
فالاختلاف و التعددية الاثنية ظاهرة طبيعية لا تكاد تخلو من أي مجتمع في مختلف الأمم ، فهذا التكوين المتنوع سمة غالبية الشعوب و المجتمعات الحديثة التي استطاعت أن تتجاوز هذا الفارق من منظور المصلحة العامة و النهوض بمجتمعاتها نحو التقدم و الرقي ، إلا أن الرؤية الإفريقية للتعدد الاثني و إشراكها مجتمعيا و سياسيا تختلف عن بقية الشعوب ، فالدولة الوطنية الناشئة في إفريقيا لم تجد الطريقة لوضع قنوات اتصال مع هذه البنية الاجتماعية و أوضاعها الصاخبة و التي خرجت عن السيطرة نتيجة فشل الأنظمة في التعامل مع الظاهرة الاثنية و عدم قدرتها على ترويضها والتحكم في مساراتها داخل أنظمتها السياسية ، وما زاد الشرخ في الاتساع هو تبني الدول سياسات لم تنجح للاندماج الوطني الواحد ، و ارتكزت على قيام النظم الحاكمة التي تنتمي في أغلبها إلى جماعات قومية اثنية باستبعاد الفئات الاثنية الأخرى في سياساتها المبنية على منطق التعصب المركزي المستند إلى توجيه البرامج التنموية الحكومية نحو خدمة جماعات مقصودة دون غيرها من الجماعات الأخرى (7) . مما ساعد على خلق داخل الدولة الواحدة تناقضات و تصارعات بين الانتماء الوطني و الانتماءات الفرعية، ترتب عليها بروز ولاءات ضيقة و محدودة لا تعترف بالولاء للجماعة الوطنية الشاملة ، و هو ما يعتبر تهديدا للاستمرارية ،فالجماعة المتحكمة عمدت تطبيق سياسات عرفت بالاضطهاد و تهميش الفئات الواسعة الأخرى ،و هو ما دفع الاخيرة عند توفر الفرصة لممارسة المشاركة غير تقليدية و استخدام كل أشكال العنف و التمرد على النظام السياسي، الذي كانت له هو الاخر مخرجات تميزت باستعمال القوة بدل من تدراك الوضع ، الامر الذي أدى تفجير جبهات الاقتتال و صراعات أهلية في معظم الدول الافريقية كنتيجة حتمية لمنطق التباعد بدل التقارب.
و ما يزيد الامر تباينا و سوءا هو سيطرة الاقلية المتحكمة في بعض الدول على السلطة السياسية و قيامها باستبعاد و حرمان الاغلبية من الفئات المجتمعية و تجريدها من مختلف حقوقها، الامر الذي يدفع الفواصل الاجتماعية إلى التكاتف و الحشد و التزايد و للبروز في الحياة السياسية عن طريق قنوات المجتمع المدني و الشارع في غالب الاحيان للتعبير عن السخط و عدم الرضى للأوضاع المعيشية المتردية كونها تعيش في الهامش.
أولا- عوامل تأجيج الصراع على السلطة في إفريقيا :
و في ذات السياق ينظر الباحث إلى دراسة واقع المتغيرات المؤدية الى تأجيج الصراع على السلطة والمؤدية إلى الانقسام المجتمعي في إفريقيا و التي نجدها تتمثل في :
– مساوئ النظم و تسلطها : من المتعارف عليه أن جل دول المنطقة الافريقية كانت تعيش تحت طائلة الاستعمار وما خلفه من تقسيمات مجتمعية ، أدى بالدولة ما بعد الاستعمار إلى ممارسة سلطتها و بسط سلطانها من منظور تسلطي وهو ما حدث في العديد من البلدان الافريقية على غرار الصومال و احتكامها من قبل الجنرال “سياد بري” عن طريق الانقلاب الذي قاده سنة 1969، نفس الشيء بالنسبة لإثيوبيا التي بقيت تحت حكم ” منغستو هيلا مريام ” عن طريق الانقلاب هو الاخر منذ 1974 ، في حين بقيت ممارسة السلطة التسلطية على حالها في كينيا من قبل “آرب موي” منذ سنة 1978 ، وغيرها من الأنظمة الإفريقية التي لا تقبل المنافسة في ظل التعددية ما زاد من حدة الانقسام و الصراعات الأهلية في مجتمعات المنطقة التي بقيت لعقود من الزمن تعاني ويلات الحروب (8) .
– تردي مستوى الفعالية المؤسسية: تعرف المؤسسات السياسية على مستوى النظم السياسية الافريقية على أنها مؤسسات ذات قالب فارغ لا تستطيع إحداث فارق و لا تطبيق برامج من شأنها أن تخدم فئات واسعة من المجتمع بل تعاني هي الاخرى التهميش في ظل احتكام السلطة من طرف شخص واحد متمثل الرئيس ، فمع تهاوي المؤسسات السياسية و تجذر الأنظمة الحاكمة نجد أن التشريعات المنصوصة لا تمد بصلة رغم أنها موجودة فهي لا تطبق على الواقع الفعلي و لا تلبي المتطلبات الحقيقية للنظم السياسية الرشيدة و لا للمتطلبات الانسانية لشعوب المنطقة، وحتى مع إقرارها من قبل النخبة الحاكمة فهناك فجوة بين النصوص و الممارسات الفعلية، فضلا عن تداخل المسؤوليات بين المؤسسات التي تنقص من فعاليتها.
– أزمة الشرعية: تمثل مسألة الشرعية (9) هي الاخرى أحد المتغيرات التي تزيد من تأزم الوضع داخل الانظمة والمجتمعات الافريقية، فالواقع الفعلي يملي علينا أن الانظمة السياسية غير معترف بأحقيتها و جدارتها في الحكم من قبل جمهور المحكومين، فالأنظمة الافريقية لم تسع بعد استقرارها، في العقود الثلاثة المنصرمة، إلى تعزيز شرعيتها بآليات ديمقراطية تكفل الرقي بمستويات التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إنما تكتفي بتعزيز سلطتها من خلال سيطرتها على كافة مفاصل القوة في البلدان التي تحكمها. وهو ما يمهد لزعزعة تلك الشرعية وفق التحديات الراهنة بمستوياتها الثلاث.
ومرة أخرى نبين على أن الحراك السياسي و المجتمعي، الذي تأتيه القوى الاجتماعية الشعبية في صورة اعتراض احتجاجي، ليس المؤشر الوحيد الدقيق لقياس حدة أزمة الشرعية، على الرغم من أن هذا الحراك شهد حالات من العنف في العقود الأخيرة على درجة من الدلالة الفائقة ، و من بين المؤشرات الدالة على أزمة الشرعية ظواهر الصدام الأهلي والقبلي مع السلطة على نحو ما حصل في الحروب الأهلية، مثل السودان والصومال ، والنزاعات المسلحة التي لا تنتهي بين النظام والجماعات المسلحة في شمال إفريقيا مثلا ما هو حاصل في ليبيا وكذا الجزائر التي عرفت مأساة وطنية لازال المجتمع و الدولة يعيش ويلاتها إلى اليوم، والفتنة الطائفية والمذهبية المتمادية اشتعالا في نيجيريا، ، ناهيك بتعاظم أثر العنف السياسي والمسلح في عدد كبير من البلدان الإفريقية، إن هذه الظواهر جميعا تجليات لأزمة عميقة في نظام الشرعية، وهي ظواهر لا تقبل النظر إليها بوصفها حالات من الحراك الخارجة عن مألوف السياسي الإفريقي، وخارجة عن القانون ، ومدبرة من الدوائر الخارجية، على نحو ما يطيب للخطاب الرسمي للنظام الافريقي أن يصفها، وإنما هي ناطقة بالكثير مما يزدحم به “المجال السياسي ” الافريقي من ظواهر التهميش الكلي للمجموعات من السكان كونهم ينتمون إلى عرق أو دين أو لغة ليست من استقطاب النخبة الحاكمة .
فالشرعية التقليدية في النظم الافريقية لم يعد لها مبرر كون الأجيال الافريقية الجديدة ما عادت تملك القدرة على فهم كيف تدير قبيلة أو عشيرة أو عائلة السلطة والدولة، التي ربطت مقاليد الحكم بها، ورموز الثروة منها، وكأنها خُصت بهذا الحق وحدها من دون سائر فئات المجتمع وقواه الأخرى.
– مسألة التهميش و مشكلة توزيع الثروات الوطنية : إن مسألة الاستقطاب الاجتماعي و تركيز الثروة أدى إلى تمكين أقلية اجتماعية متميزة بين الفئات المجتمعية الاخرى ، من تجميع مقادير هائلة من الثروة على حساب الاغلبية العظمى من السكان ، و يتغذى هذا النظام على الفقر الانساني و تدمير البيئة الطبيعية ، و يولد الفصل الاجتماعي وكما يشجع العنصرية و الشقاق العرقي ، ويقوض حقوق المرأة ،إضافة إلى ذلك فكثيرا ما يدفع البلدان الى المواجهات المدمرة للقوميات (10)، و هي كلها إصلاحات أتت بها الأنظمة في ظل العولمة القائمة على مبدأ التفضيل بين الناس ليس على أساس الاستحقاق و إنما على المفاضلة التي تقوض العيش البشري و تدمر المجتمع المدني نتيجة عدم التكافؤ في الفرص و في الحصول على الحاجات و المتطلبات بشكل متساوي و عادل (11) .
و على سبيل المثال حالة الاحتقان في نيجيريا و بالخصوص مطالب جماعات دلتا و تنظيماتها، لا تقتصر على التوزيع العادل للثروة و لكن أيضا و بدرجة لا تقل أهمية ضرورة التوزيع العادل للسلطة في دلتا و نيجيريا كلها و التخلص من نمط سياسات القوة و القمع الموروثة و الاعتماد بدلا من ذلك على نمط من السياسات يقوم على مبدأ أن الحكومات خادمة لا حاكمة (12)،و تسعى لتحقيق مصالح شعوبها بدلا من تقويض حاجياته ، وهي كلها مطالب قامت إثرها مواجهات عنيفة بين الجماعة و السلطة في نيجيريا.
– أزمة الاندماج و التداخل : إن الحالة المستشرية للفساد و ضعف الانظمة الافريقية في إيجاد قنوات اتصال جادة وفعالة لجمع كل الفئات المجتمعية، تقف عاجزة عن إدارة التعدد و التنوع الاثني و الديني ، وذلك راجع إلى سياسات التمايز والتفضيل لجماعة على حساب الاخرى و هذه الاخيرة هي المتسعة في المجتمع كونها تشمل العديد من الطوائف الاخرى ذات الصلة و التي خلقت لها أزمة ثقة في التعامل مع الانظمة الحاكمة ما أدى على عدم اندماجها وطنيا وبقائها في الهامش نظرا للإحساس بالإقصاء ،و هذا راجع إلى ضعف قدرات النظم السياسية لاسيما التنظيمية والتوزيعية ،لاسيما مع إقرار الحكومات لبرامج تنموية أو خدمات أو إمدادات لفائدة إقليم أو منطقة جغرافية معينة لها الولاء للسلطة ، مقابل حجب الطرف عن مطالب الاقاليم الأخرى ما يؤدي في نهاية المطاف إلى إعاقة النظام و عدم قدرته على السيطرة التامة و فرض سلطانه على كافة الأقاليم و هو ما قد يؤدي إلى التفكك المجتمعي و تهديد الاستقرار في ظل الاختلافات المتباينة و هو الراجح في سياسات تعامل الانظمة الافريقية التي تطبق الاضطهاد و العنف بدل الحوار و جذب كافة الاطراف لصناعة الوحدة .
– إشكالية الاستقرار السياسي: أمام كل هذه العوامل تبقى مسألة عدم الاستقرار الظاهرة التي تعيق تحقيق الانسجام المجتمعي باعتبارها سببا في إعاقة تحقيق التنمية الاجتماعية و الاقتصادية للبلاد، و هي الحالة التي أريد لها أن تكون حاضرة في المجتمعات الافريقية تعيش ويلاتها الانظمة و الشعوب على حد سوى نتيجة أعمال العنف و العنف المضاد، ما أسفر عن حالة انقسام واسعة بين المجتمع و الدولة و صراع المستمر حول من يحكم السلطة لخدمة مصالحه الضيقة مقابل تهميش الاخر ، هذه هي الوضعية التي تعرفها جل المجتمعات التي ليس لها القدرة على تحقيق التنمية الاجتماعية و الاقتصادية بل بقيت محصورة في صراعات سياسية ينتابها الحروب و الانقلابات تارة و تدخل الطرف الخارجي تارة أخرى ،و هو الطابع الراديكالي للنظم الافريقية و محاولتها إبهام الشعوب بمفاهيم الازمة الدائمة .
و على هذا الاساس سوف نطرح من خلال المحور الثاني للدراسة حالة تتسم بالانقسام المجتمعي و الصراع المستمر على السلطة و هي نيجيريا الدولة التي تعرف تعقيدات اثنية وقفت حاجزا أمام تحقيق توافق وطني و بناء دولة وطنية ،نظرا للمصالح الضيقة و غياب الوعي التشاركي و هو ما نطرحه كالتالي.
المحور الثاني – التعقيدات الاثنية و إشكالية بناء الدولة في نيجيريا :
تعد نيجيريا من بين أهم الدول الإفريقية وأكثرها سكان و تميزا من حيث البيئة الاجتماعية و السياسية التي تعرف تباعدا بين الفرقاء ،و هو ما شكل أزمة انقسام مجتمعي حادة أثرت بشكل أو بآخر على مسألة بناء دولة (13) وأصبحت أزمة تعاني منها الدولة و المجتمع في ظل الصراع المستمر و تباعد الفئات المجتمعية و عدم اندماجها وانصهارها بين التشكيلات المختلفة في المجتمع، ما تسبب في نشوب العديد من الصراعات ذات الطابع الاثني والعرقي.
أولا – البنية الاثنية للمجتمع النيجيري:
توضح التركيبة السكانية للمجتمع النيجيري على أنه من بين المجتمعات المعقدة ، كونه قبلي فالقبيلة هي المركب الاساسي في المجتمع الذي يتميز بالتعددية و يوجد فيها ما يربو عن 250 مجموعة اثنية و 500 لغة محلية (14) ،و ينتشر معظم السكان في المناطق الساحلية الممتدة بين لاغوس إيبدان والدلتا، و مع تنوع القبائل و تعددها إلا أن في نيجيريا يوجد ثلاث قبائل رئيسية تمثل غالبية السكان و هي كل من (15):
– الهاوسا – فولاني (Haussa-Fulani): توجد قبيلة الهوسا في شمال نيجيريا أساسا ويمتد انتشارها من جبل الهواء بجمهورية النيجر إلى منطقة جوس بلاتو(jos plateau) وسط نيجيريا ومن بحيرة التشاد شرقاً إلى مدينة جني بجمهورية مالي غرباً وتعد قبيلة الهوسا أكبر التجمعات النيجيرية عددا إذ تتراوح نسبتهم ربع عدد السكان غالبيتهم من المسلمين الذين بلغت نسبتهم 98% و هم يتكلمون اللغة العربية ، ويمارس سكان الهوسا النشاط الزراعي ويستقرون في المدن ومن أبرزها كانوا في شمال نيجيريا والتي كانت تعرف بانتشار الثقافة العربية و الاسلامية ، و لديها تمازج مع قبائل أخرى على غرار قبيلة الفولاني (16) .
– اليوروبا (Yourouba): يطلق لفظ اليوروبا على القبيلة وعلى المنطقة التي تسكنها وعلى اللغة التي تتحدث بها وهي ثاني أكبر القبائل النيجيرية عدداً بعد الهوسا ، تتمركز بالجنوب الغربي وتنقسم إلى مجموعات هي : Kawara،Oyo،Ogun،Osun،Ondo (17) ولكل منها قائدها الخاص وإقليمها الخاص وتتميز بممارسة النشاط الزراع والتجاري في غالب الاحيان ، معظم أفراد القبيلة يدينون بالديانة البروتستانتية إلا أن هناك أتباعاً للدين الإسلامي يعدون بالملايين وهناك بعض الوثنيون ،كما يعد الرئيس أولوسيجون أوباسانجو(Olusegun Obasanjo) من أتباع هذه القبيلة (18) .
– الإيجبو(Igbo): هي ثالث القبائل عددا بعد الهوسا واليوربا وتسمى أحيانا “الإيبو” و” الإغبو” وهي تعيش في الجنوب الشرقي النيجيري تحت وصاية قائد تقليدي واحد تنتخبه الجماعة القبلية ، والإيبو مجتمع طبقي لكل فرد مكانته الاجتماعية وتوجد في منطقة الأيبو أكبر الثروات النفطية النيجيرية ومعظم أفرادها من يدينون بالديانة الكاثوليكية (19) .
ثانيا – نيجيريا :دراسة في الجغرافيا السكانية و الموروث التاريخي:
تقع نيجيريا غرب القارة الإفريقية (20) شمال خط الاستواء بين دائرتي عرض 3° و 14 ° شمالا و خطي طول 4 ° و 14 ° شرقا يحدها من الشرق دولة الكاميرون و من الغرب دولة البنين و من الشمال النيجر و التشاد و من الجنوب خليج غينيا (المحيط الاطلسي) (21) ،و هو موقع مهم يمكنها للعب دور في الساحة الافريقية ،كونها تتربع على مساحة واسعة تصل إلى (932768 كيلومتر مربع) (22) يسكنها ما يقارب (170.123.740) نسمة، أي تبلغ الكثافة السكانية 167.5 نسمة لكل كيلومتر مربع، وذلك حسب إحصائيات عام 2012 م (23) ، وكغيرها من الدول الافريقية خضعت للاستعمار الانجليزي الذي دخل في منافسة شديدة مع بقيت الدول الاوروبية المختلفة من أجل المواد الخام ومناطق النفوذ ،لتختتم المنافسة بمؤتمر برلين (1884-1885) ،الذي حدد مناطق النفوذ لكل دولة مستعمرة ، و أدى الى رسم حدود انعكست بالإيجاب على مصالح القوى الاستعمارية ، و كان لها وقع سلبي على المصالح الافريقية ، قد أفرز التقسيم المصطنع وضعين شكلا فيما بعد الأساس للبعد الإثني في الصراعات الداخلية الافريقية ، فمن ناحية جمعت الخريطة الاستعمارية داخل الدولة الواحدة جماعات لم يسبق لها العيش معاً ، و لم يسبق لها التفاعل مع بعضها البعض في إطار واحد مثلما هو الحال في أنجولا ، و ما حصل من ويلات الاقتتال لاسيما في نيجيريا التي أقتطع لها أجزاء من الكاميرون وإضافتها لها مما أدى إلى تقسيمات عرقية بين الدولتين وهو الأمر الذي زاد من حدت الصراعات و الانقسامات المجتمعية (24).و من ناحية أخرى فصلت الحدود السياسية المصطنعة التواصل بين جماعات عرقية واحدة وجدت نفسها فجأة تابعة لكيانات سياسية مختلفة ، و هذا عن قصد لجمع شعوب مختلفة ثقافيا و عرقيا ، الأمر الذي أحدث تمزقات عميقة الجذور في أوصال الجماعات السكانية لإفريقيا (25) .
إن مستوى الصراع في نيجيريا أخذ درجة كبيرة من التعقيد و التركيب و قد يظهر ضمن نفس الجماعة الاثنية أو بين الجماعات اثنيات الأغلبية من جهة و قد يكون بين جماعات الأغلبية و جماعات الأقلية ، أو بين الغالبية الدينية الأساسية و الفرعية أو بين مختلف الطوائف الدينية الإسلامية و الطوائف الأخرى المسيحية ، و تتمحور أساسا على السيادة و السلطة و الثروة .
وبعد هذا عمل الاستعمار على تعميق الشتات الاثني بتقسيم نيجيريا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي إلى محميات في أجزاء من جنوب نيجيريا وظلت شركة تجارية بريطانية تسمى شركة النيجر الملكية تحكم معظم أجزاء شمالي نيجريا حتى عام 1900، وفي تلك السنة حولت بريطانيا تلك المنطقة إلى محمية تسمى محمية شمال نيجريا ، كما عمل عن طريق تسييس الوعي الاثني بقيام الأحزاب على قاعدة اثنية و دينية بحتة ، فضلا عن محاربة الاستعمار البريطاني الثقافة الإسلامية السائدة لا سيما في المناطق الشمالية و الذي قضى على آخر سلاطين “سكوتو” الشيخ الطاهر أحمد في 1904 ثم بدء بإحلال الثقافة الغربية محل الثقافة الاسلامية ، و قد كانت السياسة البريطانية التعليمية ذات أهداف تبشيرية مما أدى إلى بروز نخبة جديدة في المجتمع النيجيري (26) مشبعة بالثقافة الغربية تقبل التعامل معه تحت مسميات حديثة مختلفة، لاسيما في المناطق الجنوبية بين قبيلتي الإيبو و اليوروبا و ذلك لخلق نوع من الولاء بين النيجيريين المسيحيين و الاستعمار البريطاني استنادا إلى وحدة الشعور الديني و جعلت منهم طبقة متميزة و مقربة من السلطات الاستعمارية لزرع التمزق في المجتمع النيجيري ، وهو ما انعكس سلبا على الوحدة المجتمعية بعد الاستعمار، خاصة بتكريس العداء الديني في نيجيريا و جعل المجتمع يبدو و كأنه مجتمعان منفصلان لكل واحد منهما ارتباطاته التاريخية و الحضارية شمالا و جنوبا ، لاسيما مع تزايد عدد المسيحيين من 01 % من السكان قبل قرن من الزمن إلى 40 % حاليا ، بعدما ما كان غالبية سكانها مسلمين (27) البالغ عددهم ما يفوق 50 % من السكان ،ونظرا لبقائهم في السلطة لعقود من الزمن الشيء الذي أدى إلى خلق صراع بين المسحيين والمسلمين على تقسيم الثروة والنفوذ.
وبعد الاستقلال وفي أوائل ستينيات القرن العشرين اشتد التنافس بين المجموعات العرقية المختلفة على السلطة السياسية داخل الأقاليم الثلاثة التي أنشأت بها جمعيات تمثل هيئات استشارية للحكومة المركزية في لاجوس بموجب دستور 1954 الذي منح لهذه الجمعيات مزيداً من السلطات، ويجعل من نيجيريا دولة اتحادية.
وفي عام 1963 انفصل الإقليم الغربي الأوسط عن الإقليم الغربي، كما طالب بعض سكان الإقليمين الشمالي والشرقي بتكوين وحدات سياسية منفصلة. وفي الوقت نفسه تنافست مجموعات مختلفة، على السيطرة على الحكومة المركزية. أما سكان الجنوب وبخاصة قبائل الإيبو فلم يكونوا راضين عن القوة السياسية المتزايدة لقبائل الهوسا الشمالية، ويرجع السبب في سيطرة الشماليين على الحكومة المركزية إلى أن الشمال يضم عددًا من السكان أكبر من الأقاليم الأخرى.
و أمام هذا التصادم قرر النيجيريين إجراء انتخابات أدت إلى تبادل الاتهامات بعدم التزام الأمانة في الانتخابات الاتحادية لعام 1964 والانتخابات الإقليمية لعام 1965 الأمر الذي أدى إلى حدوث اضطرابات خطيرة زادت من حالة عدم الاستقرار في البلاد.
ثالثا – التفاعل بين القوى المجتمعية و بناء الدولة في نيجيريا .. فهم طبيعة الانقسام
أخذت مسألة بناء الدولة الوطنية الناشئة في نيجيريا ما بعد فترة الاستعمار العديد من التطورات السياسية والجدل الفكري و السياسي، حيث برز تحدي أمام القادة الوطنيين حول كيفية توحيد المجتمع المتعدد الأعراق واللغات والثقافات و الأديان، بالإضافة إلى ترسيم حدود استعمارية فرقت بين الاثنيات و القبائل (28) .
غير أن مسألة بناء الدولة القومية عرفت الجدل السياسي و الفكري في إفريقيا طوال مرحلة ما بعد الاستعمار ، و كان التحدي الذي واجهه الزعماء الوطنيون هو كيفية إيجاد صيغة لجمع المجتمعات المتعددة الأعراق والاثنيات واللغات و الثقافات و الأديان في أمة واحدة ، غير أن المنظور الذي أخذ به معظم الحكومات الإفريقية تمثل في إقامة دولة موحدة .
و ظلت مسألة بناء الدولة النيجيرية مثار جدل و نقاش عقودا من الزمن على مستوى القادة السياسيين و الباحثين الأكاديميين ، و الرأي العام عموما، لأنها مثلت تحديا كبيرا انعكست تأثيراته السلبية المباشرة على وحدة البلاد و على العمل و التفكير في كيفية تحقيق التنمية الاجتماعية و الاقتصادية التي يصبو إليها الشعب .
و في ذات السياق و إذا نظرا إلى مخلفات الاستعمار و عملية بناء الدولة في نيجيريا نجد أنه استنادا إلى دستور عام 1951 منحت صلاحيات أوسع لإقامة الأقاليم ،و أصبح غرب نيجيريا و شرقها يتمتعان بالحكم الذاتي عام 1957،و شمال نيجيريا 1959 وحصلت نيجيريا على استقلالها من بريطانيا كاتحاد فيدرالي، و بعدها منح الإقليم الرابع وسط -غرب نيجيريا الحكم هو الاخر عام 1963م (29).
فالهدف من اعتماد النظام الفيدرالي في نيجيريا هو التخفيف من حدة التوترات الاقليمية و الدينية و محاولة إرضاء المجموعات الاثنية و المتمثلة في الإيبو(في الشرق) و اليوروبا (في الغرب) و الهوسا و الفولاني (في الشمال)، وبعد تسلم الجيش للسلطة عام 1966 ، قسمت الاقاليم الاربعة إلى اثنتي عشرة ولاية عام 1967، و بعدها تسع عشرة ولاية عام 1976، ثم لتصبح ثلاثين ولاية طبقا لدستور عام 1979، ثم ستاً و ثلاثين ولاية حسب دستور 1999 و تتكون كل ولاية من مناطق ذات حكم محلي و لكل ولاية عاصمة خاصة بها بموجب الدستور. و نظرا لهذا التقسيم المجزء لأقاليم البلاد جاء دستور 1999 لينص على أن نيجيريا دولة موحدة ذات سيادة لا تتجزأ ولا تنفصم تعرف باسم جمهورية نيجيريا الاتحادية (30) .
و أمام هذه المقاربة لتقاسم السلطة في إدارة الصراعات الأثنية، نجد مطالبة الأنصار بضرورة التخلي عن سياسة المنتصر يحصل على كل شيء، و التي تعد سائدة في السياسة الافريقية، حيث أعتبر تقاسم السلطة من الناحية الاستراتيجية كبديل لإدارة الصراعات و التعقيدات في المجتمعات الافريقية ذات التنوع و التعدد العرقي و الاثني و الديني ،فحتى المجموعات التي لا تريد الانفصال لكنها تطالب في الوقت ذاته بإحداث تغييرات جذرية في النظام السياسي.
كون النظم المتعاقبة عانت من أزمة الاندماج الوطني ، و تتمثل في عجز النظم الحاكمة عن التعامل مع الواقع التعددي للمجتمع(بالإغراء أو الإكراه) بشكل أدى إلى علو الولاءات دون الوطنية على الولاء الوطني ، الأمر الذي أفسح المجال أمام الصراع بين الجماعات المختلفة مع بعضها البعض ، أو بين الجماعات و النظام السياسي ما حال دون خلق ولاء وطني عريض يؤدي إلى التماسك الوطني ، و من صور العجز في بناء الائتلاف هو استغلال القادة السياسيين و العسكريين لهذه التعقيدات المجتمعية ، و التباعد المناطقي و الاثني من أجل خدمة مصالحهم الضيقة، و غض النظر عن مجموعات سكانية ذات أهمية في المجتمع النيجيري و هم المسلمون على سبيل المثال، وذلك للانفراد و تحقيق منافع سياسية و مادية ، فأمام هذا النوع من التسيير و الازمة العميقة التي تعيشها البلاد كموروث استعماري تطرح مسألة في غاية الاهمية و الصعوبة في الآن ذاته وهي ضعف الدولة و فشلها (31) في إدارة شؤونها و صعوبة توفير الخدمات التي تعتبر من مصادر الضعف الرئيسية للحكم في نيجيريا، في ظل الازمات البارزة التي يعيشها المواطنون من فقر و حرمان و إقصاء و جوع و بطالة و أمية و هي قضايا حولت نيجيريا إلى دولة غير آمنة ،وما أجج الصراع هو عمق العجز للطبقة السياسية عن إيجاد برامج تنموية تستثمر في الموارد المتاحة و الضخمة لتحسين مستويات المعيشة للمواطنين ،ما خلق أزمة شرعية للسلطات التي تحكم البلاد في ظل عدم الرضى عن السياسات المنتهجة ، بل إخفاق و تشجيع صراع مجتمعي ، أما مساوئ الحكم فتظهر فيما يتعلق بطبيعة الانظمة التي تعاقبت على حكم نيجيريا والتي أثرت تأثيرا حاسما في عملية بناء الدولة ،فالحالات المتكررة من التداول على السلطة منذ الاستقلال السمة البارزة لهذا التداول أنها جرت بطريقة غير دستورية ، إذ وقعت ستة انقلابات عسكرية ما أدى إلى تأجج النظام السياسي تبعا لهذه التقلبات بين الحكم العسكري و المدني (32) ، و ما يمكن استخلاصه من هذه الحالة أنه هناك مشكلات تواجه عملية التداول على السلطة ما انعكس سلبا على الاوضاع العامة في البلاد التي عرفت اضطرابا غير عادي اختزل الجهد لبناء الدولة إلى الحروب الاهلية الكبيرة و أعمال عنف طائفية متنوعة و تمردات سياسية نتيجة لضعف المركز ،حيث لعب العامل السوسيو نفسي دورا كون مختلف الجهات المكونة للمجتمع و حتى النظام أصبح ينتابها فقدان الامل في التغيير و إقامة مشروع يراعي الخصوصية النيجيرية، نظرا لارتفاع مستويات الحرمان و عدم المبالاة ما أفرز متغيرات خطيرة على غرار العنف و الجريمة و بدرجات عالية ما أدى الى عمليات النزوح و الهجرات الداخلية و الخارجية و بروز أزمة اللاجئين ، الامر الذي غذى مسألة عدم الاستقرار السياسي و انتشار الفساد الاقتصادي و الاداري .
على الرغم من تميز نيجيريا دستوريا بنظام ديمقراطي متعدد الاحزاب السياسية قادر على أن يضمن روح المنافسة والمعارضة و ذلك لإضفاء المزيد من الشفافية و المسألة، لكن هذا ما تتوفر عليه الوثائق و هو عكس الواقع المعاش ،فالنظام الحزبي في نيجيريا يحتكم إلى حزب واحد عادة و هو الحزب الديمقراطي الشعبي المهيمن على مقاليد السلطة والحكم على المستوى الفيدرالي، فالأحزاب السياسية التي أنشئت و يكرسها القانون تعكس في تكوينها طبيعة المجتمع النيجيري و تكوينه من حيث الواقع الاثني و القبلي و الإقليمي ،إذ نجد كل حزب سياسي لا يرقى إلى التمثيل الوطني بل يعبر عن قاعدة عرقية أو دينية أو قبلية و يمثلها، و في الاساس أنشأ من أجلها، الامر الذي أضعف دورها السياسي على مستوى البلاد ككل و عمق بالتالي أزمة النظام السياسي و ساهمت هذه الاحزاب في زيادة الشرخ والتفتت المجتمعي .
فمن بين المؤشرات الدالة على وجود أزمة بين الدولة و المجتمع هي تعدد الولاءات لاسيما الولاء للقبيلة المنتمين إليها بدلا من الولاء الى البلد ككل، وهو ما شجع البحث عن خدمة مصلحة للمجموعة بدلا من المصلحة العامة المتمثلة في الوطن ،ما انعكس على المواطنة بالسلب و تقلصها، و ذلك نظرا للممارسة غير المشروعة للنخبة الحاكمة المنتمية لأقلية معينة في المجتمع لأشكال الاضطهاد و الاقصاء لباقي المجموعات الاخرى التي تطالب بمزيد من الحقوق (الرعاية الصحية، التعليم ، الخدمات العامة ،الأمن لكافة الموطنين) مع إقرار حرية تعبير و اجتماع و تنقل فضلا عن تنظيم انتخابات من شأنها أن تساهم في تقلد أحزاب أخرى للسلطة ما يضفي صفة الشرعية و التداول السلمي على السلطة و توطيد السلم الاجتماعي.
رابعا – البعد السوسيو – اقتصادي لعملية بناء الدولة في نيجيريا :مسألة الريع و الصراع المستمر في دلتا النيجر
تعتبر الدولة الريعية تلك الدولة التي تستند في الأساس على طبيعة اقتصاد سياسي يعتمد إلى حد كبير على عائدات الموارد الاستخراجية و الإتاوات التي تدفعها الشركات عبر الوطنية ،و تشكلت الدولة الريعية بشكل كبير من خلال مزيج من الإرث الاستعماري في بنية الدولة و عائدات الموارد الطبيعية، هذه الإيرادات التي تسيطر عليها النخب الحاكمة و التي تنفق أساسها لصالحها بدلا من تحقيق رفاهية المجتمع بشكل عام .
و ما نيجيريا إلا مثل يقتدي به للحديث عن الدولة الريعية ، فمنذ 1970 إلى يومنا هذا تعتمد بشكل كامل على عائدات النفط الذي أكسبها قوة لتدفق المال إلى الخزينة ، و هي ضعيفة باعتبارها ذات تبعية للنفط تتحكم فيها الشركات المتعددة الجنسيات و تقلب الأسعار الدولية . في حين يضع الكثير من السلطة السياسية في يد النخبة الضيقة التي تعمل على إدارة الدولة من منطق من يحصل على ماذا و متى و كيف ، و هنا يصبح الصراع على الثروة ذا مسألة حساسة في الاقتصاد السياسي لنيجيريا.
و هذا ما يفسر تعزيز مركزية السلطة السياسية في نيجيريا وهمينتها و سيطرتها على العائدات النفطية مقابل فشل الوظيفة التنموية للدولة ما يثير الحرمان و التهميش لدى فئات واسعة من المجتمع لاسيما غير المتجانسة و المنقسمة اثنيا و دينيا و ثقافيا، ما يؤدي إلى صعود البعد الهوياتي للانتماءات الاثنية و هو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى التعبئة.
و هو ما حدث من اضطرابات و صراع دلتا نهر النيجر من أجل الموارد و ضد المصالح البترولية بمنطقة “أكاسا” الواقعة في دلتا نهر النيجر و التي تعد أبرز مواقع إنتاج البترول و مصدر ثروة نيجيريا النفطية ، وعلى رغم من تمتعها بهذه المصادر الطبيعية الهامة فأغلبها تعاني الإهمال الذي كاد أن يقضي على سكانها، إذ كادت الخدمات الصحية و التعليمية و المرافق العامة أن تنعدم في المنطقة التي تدر المليارات من الدولارات كونها تنتج 85 % من عوائد النفط إذ قدر الانتاج اليومي حوال مليوني برميل ،دون أن تعود بشيء على السكان المحليين لدالتا نهر النيجر ( التي تقع في الجنوب و تمتد على مساحة أكثر من 70 ألف كيلومتر مربع ،مكونا 7.5% من المساحة الإجمالية ليابسة نيجيريا ، و يسكنها ما يقارب 20 مليون نسمة ينتمون لأكثر من 40 مجموعة عرقية ، و يتحدثون 250 لهجة مختلفة)، فضلا عن ذلك معاناة سكان المنطقة من تكرار تسرب النفط الذي أدى إلى إتلاف مصادر المياه و الثروة السمكية و تدمير المحاصيل الزراعية بعد التلوث بالنفط ،في المقابل إهمال الحكومة لهذه المشاكل و حجب الطرف عن تعويض السكان ، مما أثار حالة من السخط و عدم الرضا الذي سرعان ما تحول إلى تمرد و احتلال 15 محطة لضخ النفط فتوقف العمل و فشلت أجهزة الأمن في كبح التمرد الذي تطور للمطالبة بالحكم الذاتي و السيطرة على موارد المنطقة ، و هي أزمة من أطول و أهم الأزمات التي وقعت في القارة الإفريقية، و أشدها عنفا يقودها جماعات مسلحة أبرزها حركة تحرير دلتا النيجر MEND (33) ، و على الرغم من الترتيبات الأمنية التي تقوم بها الحكومة لحماية ثروات البلاد النفطية ، تقوم هذه المجموعة إلى جانب حركات أخرى بإحراق أجزاء كبيرة من الآبار النفطية ، كنتيجة للمطالبة بتوزيع العادل للثروات و الموارد و تقديم الخدمات الأساسية .
ويرجع الباحث أوساغا عوامل بروز المسألة الاثنية في نيجيريا إلى أعمال الدولة ومخرجات السياسات التي تعزز التفاوت الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي وسط المجموعات الاثنية، ولاسيما في مجتمع متعدد على غرار نيجيريا، وهو ما دفع مختلف التشكيلات المجتمعية إلى تأسيس شرعية استخدام العنف و السلاح في الحصول على مكاسب وموارد يحوزها النظام (التوزيع السلطوي للقيم) (34)، في مقابل ذلك نجد هذا الاخير يخشى تطورات المطالب في ظل حالة عدم الاستقرار و عدم إمكانية مراقبة أعمال الاثنيات (35) ،التي تتنافس هي الاخرى فيما بينها على الموارد الضئيلة وتسعى لتقاسم السلطة فيما بينها، و ذلك راجع بالأساس إلى افتقاد شبكات الأمن الاجتماعي و برامج سياسات الرفاه الاجتماعي و محدودية الخدمات المقدمة ، و في ظل التهميش يمكن القول أن المنافسة السياسية في نيجيريا لا توجد كون السلطة تسيطر على مقاليد الحكم و لا تريد فتح قنوات التواصل مع كل الفئات في ظل غياب التشريعات التي تكرس المنافسة و المعارضة لسياسات المقررة من قبل النظام و إنما الخضوع و قبول الوضع على ما هو عليه و الذي يشكل حالة قلق ، تغذيها أزمة الثقة في الاجهزة الحكومية الاساسية(القوات المسلحة، الخدمة العامة، القطاعات الاقتصادية و المؤسسات السياسية) وكل المسائل والقضايا التمثيلية .
و أمام هذه الوضعية المطلوب هو إرادة سياسية لتحقيق تنمية اجتماعية- اقتصادية ثقافية شاملة تمس مختلف مكونات المجتمع و حياتهم لا سيما الفقراء منهم كون الدولة تشهد أزمة توزيع ، و العمل على إخماد التوترات الاثنية والطائفية والدينية التي تهدد كيان الدولة و وحدة المجتمع و استمراريته، مع تكريس مبدأ الحوار لحل المشاكل العلقة لاسيما مخاطبة النخب السياسية المستغلة للتوترات من أجل كسب عائدات سياسية و مادية على العزوف عن مثل هذه الممارسات، مع تفعيل دور القانون لمحاربة هذه الظواهر، و تغليب روح المواطنة و الانتماء للوطن بدل من القبيلة في ظل القيم المتساوية لكل التشكيلات والعمل على التوزيع العادل لمختلف الموارد و الفرص من دون إقصاء أو تهميش ،فمنظور العدالة الاجتماعية و المعايير السائدة تتأتى في ظل الديمقراطية التشاركية لتحقيق التماسك المجتمعي و النهوض بالدولة وبنائها على أسس تراعي كل هذه المتطلبات لمجابهة التحديات الداخلية و الخارجية المؤججة للصراع من أجل خدمة مصالحها لاسيما بعد إتهام نيجيريا بأنها معقل الأصوليين مما أدى إلى تهميش الأغلبية المسلمة و هو ما سوف نتطرق إليه في المحور الثالث من الدراسة .
المحور الثالث – الديمقراطية التوافقية كمدخل للتماسك المجتمعي و بناء الدولة في إفريقيا :
تنطوي الأنظمة السياسية الإفريقية تحت مظلة دول العالم الثالث التي انتقلت من الحكم الكولونيالي إلى الحكم المدني وهي قلة قليلة أو الحكم العسكري الديكتاتوري و هذا في أغلب الاحيان الذي لم يأبه للتنوع القومي و الديني والثقافي في المجتمعات لاسيما الإفريقية منها و خاصة حالة نيجيريا التي تتميز بهذا الانقسام المجتمعي نتيجة التعقيدات الاثنية وعدم توافقها مع المجموعات الاخرى لاسيما الاقلية التي تسيطر على الحكم مما أدخل البلاد في حالة عنف وانقسام شجع على زيادة التفتت المجتمعي.
و على هذا الاساس تم الاستعانة بالديمقراطية و الديمقراطية التوافقية لمثل هذه الحالات التي تعرف معضلات اجتماعية و سياسية و اقتصادية زيادة على المكون المجتمعي الذي يعرف هو الاخر تشكيلات غير متوافقة(الهويات، القبائل، الأقليات) ،مقابل عدم امتلاك تصور و كيفية إدارة البلاد غير الموروث الكولونيالي في التسيير مع العلم أن هذه المجتمعات لها خصوصياتها التي لم يتنبه لها المستعمر آنذاك و بقيت على حالها إلى اليوم .
ما يجب التنبيه له في هذا المقام هو أن المجتمعات الافريقية لم تطبق الديمقراطية و معاييرها على المستويات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية، و لم تنجح بعد في إيجاد تصور ديمقراطي يخدم نظرتها في تسيير المجتمعات ، فإذا أخذنا بالديمقراطية التوافقية كمعيار و أردنا تطبيقه على حالة مثل نيجيريا من ممكن جدا أن لا ينجح في ظل مشكل الانتقال الى الديمقراطية (36) و هو ما سوف نبينه في هذا الطرح كمدخل أولي ثم الانتقال إلى تبيان الديمقراطية التوافقية كإسقاط على الحالة الافريقية و منها النيجيرية .
أولا- الانتقال إلى الديمقراطية .. المشكل و المعالجة :
يعد مشكل الانتقال الى الديمقراطية في النظم السياسية الافريقية من بين التعقيدات التي تتحكم فيها عمليات الشد و الجذب التي ترافق محاولات تجاوزه، كونها مرتبطة بمعطيات داخلية و إقليمية و دولية ، و بمشاكل اجتماعية واقتصادية و سياسية و ثقافية و عرقية في كثير من الدول.
فالانتقال إلى الديمقراطية يحدث في بيئة مبنية على أسس غير ديمقراطية و هو ما يشكل مشكل كون العملية يتحكم فيها النخبة الحاكمة و عليهم أن يتنازلوا عن امتيازاتهم و يعد إستثناءا إذ حدث ، أو بوسيلة أخرى تتطلب وجود قوات ديمقراطية في المجتمع قادرة على فرضها في الدولة و الحفاظ عليها من وقوع انزلاق و عودة الحكم اللاديمقراطي، والذهاب نحو إقامة دولة مؤسسات تمثيلية حقيقية مع ما يتطلب ذلك من فصل للسلطات و إطلاق للحريات، و في هذه الحالة و مع عملية التدرج نحو الديمقراطية لابد من التنازل على النفوذ و السلطة و الثروة من طبقة بأكملها أو طائفة أو عائلة أو حزب مهمين و ضمان عدم قيامهم بردود فعل تعرقل عملية التدرج و إجهاضها (37).
فما يجب معالجته من منظور واقعي على الدول التي تعرف التعدد انتهاج الممارسة الديمقراطية كما هي في العصر الحاضر على أنها نظام سياسي اجتماعي اقتصادي يقوم على ثلاثة أركان هي (38) :
– حقوق الانسان في الحرية و المساواة وما يتفرع عنهما كالحق في الحريات الديمقراطية (الحريات الشخصية و حرية العقيدة و حرية الرأي و غيرها) (39) و الحق في الشغل وتكافؤ الفرص و غيرها من الحقوق الواجب ضمانها.
– دولة المؤسسات وهي الدولة التي يقوم كيانها على مؤسسات سياسية و مدنية تعلو على الافراد مهما كانت مراتبهم و انتماءاتهم العرقية و الدينية و الحزبية .
– تداول السلطة داخل هذه المؤسسات بين القوى السياسية المتعددة و ذلك على أساس حكم الاغلبية مع حفظ حقوق الأقلية.
و حتى مع إقرار الديمقراطية لابد من الاخذ بمعيار التوافق لان الديمقراطية هي التنافس بين المجموعات السياسية ما قد تتعرض أقلية لهضم حقوقها من طرف الاغلبية .و هو جاء به باسكال سلان في كتابه الليبرالية أن الاستبداد الديمقراطي يمثل خطرا قائما باستمرار ،ذلك أنه من المحتمل جدا أن تتعرض أقلية ما لهضم حقوقها من طرف أغلبية ما (40) .
ولا تلغي الديمقراطية التوافقية الديمقراطية التمثيلية كليا، ولكنها تسعى لتتجاوز أوجه القصور والعجز فيها بمحاولة حل المشاكل عن قرب، وضمان انخراط الجميع، وتطوير التدبير المحلي والوطني عن طريق التكامل بين الديمقراطيتين، لاسيما وأن العديد من التحركات الاجتماعية (نسائية، بيئية، تنموية) لم تعد تجد في الديمقراطية التمثيلية سبلا للتعبير عن حاجياتها ومطالبها و إيجاد حلول لها.
ثانيا – الديمقراطية التوافقية كمدخل لائتلاف المجتمع التعددي النيجيري و بناء دولة قوامها المشاركة والتمكين :
إن البحث عن أنماط مؤسسية قادرة على أقلمة الديمقراطية في البيئة الافريقية فيما إذا كان الأفارقة قادرين على استيعاب الديمقراطية تقودنا إلى طرح تساؤل في هذا الخصوص )هو كيف نؤسس بشكل هادئ نظم تداول اجتماعي تتوافق و تقاليد المجتمع وذاكرته؟ و التدافع السياسي في إفريقيا الآن هو لعبة محصلتها صفر حيث الفائز يفوز بكل شيء والخاسر يخسر كل شيء (41).
و هو النمط الانتخابي الذي لا نجده إلا في القارة الافريقية و مطبق بشكل خاص في نيجيريا ، و هو أن يحصل المترشح للرئاسيات على الأغلبية المطلقة و يشترط أيضا حصوله على نسبة 25% من الأصوات في ثلاثة أرباع محافظات البلاد البالغ عددها 36 محافظة ، و الهدف من هذا النمط الانتخابي هو الحد من الولاءات الجهوية و القبلية والدينية المسيطرة على جميع جهات نيجيريا (42) .
الأمر الذي يقودنا إلى التعرف يقينا أن هذا النمط من الممارسة قد لا يلقى ترحيبا و قبولا في كل الأوساط المجتمعية لاسيما الإفريقية منها كونه لا يراعي التوافق الوطني كونه يستند على الاغلبية السياسية أي حكم الاغلبية و هو المنظور الديمقراطي التمثيلي للأحزاب السياسية أن تمتلك مشاركة عبر كامل تراب البلاد ،لكن مثل هذه الممارسة أغفلت الجانب المهم هو تعدد المجتمع و عليه لابد من الاستناد على الديمقراطية التوافقية في الحالة النيجيرية .
وتستند الديمقراطية التوافقية (43) إلى جانب الانتقال الديمقراطي على توافر عناصر أساسية كونها جاءت لتغطية جانب مهم متمثل في إرضاء الاطراف المكونة للمجتمع التعددي (الحالة النيجيرية)، حيث ترتكز على الحكم كعنصر أول الذي من خلاله تحقق الائتلاف الموسع بين كافة المجموعات السياسية والأقطاب الكبرى و الهامة ، فضلا عن العناصر الاخرى المتمثلة في الفيتو المتبادل أو حكم الاغلبية المتراضية، و التي تستعمل كحماية إضافية لمصالح الاقلية الحيوية ، و النسبية كمعيار أساسي للتمثيل السياسي و التعيينات في مجالات الخدمة المدنية ، و تخصيص الاموال العامة ، مع منح الاستقلالية لكل قطاع في تسيير شؤونه الخاصة (44) .
و هو ما يجب أن يكون و العمل به لتحقيق التوافق الوطني في نيجيريا ،إلى جانب التركيز على العلاقات بين الحكومة المركزية و الإقليمية و المحلية التي تسهل تحقيق الأهداف المشتركة من خلال التعاون و ليس على أساس القوة و هذا ما أشار إليه Opeskim أن ميكانزمات العلاقات بين المؤسسات الحكومية يمكن أن تتفاعل و تعتبر كأدوات توافقية لتحقيق المنفعة المتبادلة بين الوحدات المكونة للاتحاد (45) .
و في ذات السياق إذا أخذنا نموذج السلطة الشاملة كإطار تحليلي لطبيعة العلاقات بين الحكومية للفيدرالية النيجيرية ،نجد أن العديد من الدراسين يربط نموذج السلطة الشاملة بالمركزية و جوهرها هو توزيع السلطة ضمن دائرة متحدة المركز، باعتبار أن كل السلطات الإقليمية ما هي إلا نظم فرعية للسلطة الوطنية ، و هكذا تتولد لدينا سلسلة من التبعية تجمع الحكومة المحلية بحكومة الولاية و هذه الأخيرة بالحكومة المركزية و النتيجة السلطة تقع على عاتق الحكومة المركزية التي تمتلك صلاحيات أوسع.
فعلى الرغم من هذه الأسس التي تحوزها الديمقراطية التوافقية لتسهيل تكامل الأدوار يجب التركيز و التمييز بين بعض المداخل التي لها دور هي الأخرى في تحقيق الوحدة الوطنية و التكامل الاثني في نيجيريا و هي :
الأغلبية المجتمعية في مقابل الاغلبية السياسية : ترجع الأدبيات السياسية الميزة الحقيقية للديمقراطية كونها نابعة من حكم الشعب لاسيما مسألة حكم الاغلبية، لكن لا يسعني الحديث عن الاغلبية مع التطورات الحاصلة على مستوى المجتمعات التى تعرف التعدد و التنوع ، إذ نجد الاغلبية السياسية توصف على أنها أغلبية أفقية تمتد على مساحة الدولة بكاملها و قد يكون لها قواعد و مناصرون من مختلف المجموعات البشرية عبر كامل الدولة أو أن تكون أغلبية برامج سياسية أو إيديولوجية (46).
و هنا يكمن التمييز في مقابل ذلك الاغلبية المجتمعية التي تعرف على أنها أغلبية عمودية تقوم على أساس العلاقات الاولية و الانتماءات الطائفية و العرقية ، و هذا ما نستدل به في دراستنا هذه كون الأخيرة تساعدنا على حل مشكل التعدد و التنوع الحاصل في نيجيريا.
الديمقراطية التوافقية و المرجعيات و الهويات : تعمل الديمقراطية على الاستقطاب المجتمعي العمودي و الخطاب السياسي المحدود المتجه لشريحة و فئة مجتمعية بعينها ، على النقيض من الديمقراطية التمثيلية التي تعمل على إعادة إحياء الروابط الاولية الدينية، العرقية، الاثنية… و تعظيمها على حساب الرابط الجمعي الوطني ما قد يخلق ولاءات متعددة ، بينما نجد الاحزاب السياسية ذات الاستقطاب المجتمعي العمودي تزكي الخصوصية في الرموز و المناسبات و الاهداف والتنشئة المجتمعية و السياسية من خلال الادارة الذاتية التي تمنحها الديمقراطية التوافقية للأنساق الفرعية في الميادين والقطاعات التي تخصها (47) .
إلى جانب ذلك لابد من اتخاذ الإصلاح كمعيار لبناء الدولة في نيجيريا و الذي يتطلب تحضير الارضية المناسبة له، من منطلقات الحكم الراشد وآليات التطبيق الميداني و تتجسد هذه الاليات في (48):
– الآليات السياسية: يقوم الحكم الراشد على أساس وجود سلطة سياسية تتمتع بالشرعية وذات بعد شعبي أي أنها وصلت إلى الحكم عن طريق الارادة الشعبية و بواسطة انتخاب الهيئات المركزية و المحلية بطريقة شفافة ونزيهة .
إن الشرط السياسي القائم على ضرورة توفير البعد الديمقراطي و الحرية السياسية من شأنه أن يعطي للدولة الاستقرار السياسي، و هو أحد الشروط الواجبة لتطوير كافة المشاريع و القطاعات الحيوية في المجتمع، فهذا الأمر يسمح للدولة بالاهتمام بالقضايا ذات البعد التنموي و الانساني، كضمان الصحة العمومية و المحافظة على البيئة و تحقيق التنمية المستدامة بكل أبعادها.
– الآليات القانونية : يتطلب الحكم الراشد توفير شرط المشروعية في تصرفات و أعمال الهيئات و المؤسسات الحاكمة في الدولة ، و ضرورة مطابقتها للتشريعات التي صدرت عن الهيئات المنتخبة ، مع إشراك المواطنين في إدارة شؤونهم لاسيما الفقراء و القضايا التي تخصهم.
– الاليات الاقتصادية و الاجتماعية : يتطلب الحكم الراشد التحكم في الموارد الاقتصادية و الاستغلال الامثل والعقلاني لهذه الموارد، بما يضمن تحقيق الرفاهية لكافة الفئات المجتمعية و محاربة الفقر لدى الاوساط الاجتماعية ويكون ذلك عن طريق التوزيع العادل للثروات و الفرص ، مع توفير مناصب الشغل الدائمة لضمان الحياة والعيش الكريم لكافة المواطنين .
و إذا ما أريد للحكم الراشد أن يؤسس على ضوء الاليات المذكور أنفا ، لابد من العمل على تأسيس بنى و هيئات تعمل على تجسيده ميدنيا ، كمشروع مجتمع تشارك فيه سائر مكوناته، و تساهم فيه أجهزة الدولة الرسمية و القيادات السياسية و الاطارات الإدارية، و من الضروري أيضا إشراك المؤسسات غير الرسمية إلى جانب المؤسسات الرسمية على غرار المجتمع المدني و القطاعات الخاصة و دور العبادة و كل المرافق و الجمعيات على اختلافها مع التحسيس بأهمية المشروع .
و يجدر الإشارة هنا أن للحكم الراشد علاقة بالديمقراطية و الديمقراطية التوافقية فإذا تم تفعيل هذه النماذج على أرض الواقع من مقدور الدولة التي تعاني التفتت الاجتماعي و لديها مشكل في بناء الدولة (الحالة النيجيرية) أن تحقق طفرة في النهوض بكل المؤسسات و اشركها في العملية .
فضلا عن ذلك و باعتبار نيجيريا ذات طابع فيدرالي لابد من تفعيل هذا المكسب في ظل التعدد الاثني كمبدأ يسعى إلى ربط التكامل الهيكلي لكل مجموعة اثنية من خلال صيغة توازن اجتماعي و سياسي ضمن تكوين حكومة وكالاتها المختلفة، والنظر في إعادة تنظيم المناطق القديمة و كذلك النظر في وحدة التوزيع السوسيو-سياسي للمناصب، بعبارة أخرى فهو يعمل على ضمان مبدأ التمثيل العادل لكل ولاية من ولايات النظام الفيدرالي (49).
فالطابع الفيدرالي في طبيعته مبدأ توزيعي يهدف إلى منع الهيمنة على الحكومة أو مواردها من قبل مجموعة واحدة أو عدد قيلي من الأشخاص ، و يهدف إلى ضمان حصول كل مجموعة على التمثيل الملائم، كونه آلية تكاملية تهدف إلى ضمان التمثيل المتساوي و العادل بين جميع أجهزة الحكومة لاسيما الجناح التنفيذي ،بغض النظر عن الانتماءات، من أجل تصحيح التشوهات البارزة في النظام الفيدرالي لنيجيريا (50).
و ما يمكن التأكيد عليه إلى جانب هذه المداخل هو الاقرار بمدى نجاعة سياسات التمكين (51) و عناصره(القدرة على المشاركة، القدرة على المساءلة، القدرة التنظيمية المحلية، القدرة للوصول إلى المعلومة) و ركائزه(الوصول إلى العدالة وسيادة القانون، تقديم الخدمات الأساسية، ضمان حقوق ملكية الفقراء، ضمان حقوق العمل و التشغيل، تحسين الحكم المحلي لفائدة كل المواطنين، تحسين الحكم على المستوى الوطني لفائدة المجتمع الوطني).و هي كلها معايير للحكم الراشد يمكن الاستدلال بها في الحالة النيجيرية.
فالتمكين هو إزالة كافة العمليات و الاتجاهات و السلوكيات النمطية في المجتمع و المؤسسات التي تنمط الفئات الهشة من نساء و فقراء و محرومين و تضعهم في مراتب أدنى، و هو الطريق التدريجي السلمي لتغيير اتجاه القوة من القمة إلى القاعدة ، و من النخبة و المسؤولين إلى الناس العاديين و من فئات اجتماعية معينة إلى أجمع الناس، في كنف حكم راشد يراعي كل الضروريات و المتطلبات لإرساء أسسه على هذه المبادئ النوعية ، في ظل اعتماد مشاريع تنموية تراعي احتياجات الجميع بدون أي تمييز أو تهميش، بحكم تمكين حصول الضعفاء على مداخيل القوة التي تساعدهم على المساهمة والاستفادة من التنمية ، وبالتالي فإن نقطة البدء في العملية التمكينية هي تغيير المنظومة القيمية للقامعين لتغيير أفكارهم وتوجهاتهم، لاسيما حال المجتمعات الإفريقية و نيجيريا بالخصوص التي عليها الأخذ بهذا الاتجاه كون مجتمعها تعرف تهميش بعض الأقليات (52).
من خلال هذا التقديم للدور الذي تلعبه الديمقراطية التوافقية إلى جانب المداخل الأخرى التي لا تقل أهمية ، نستطيع القول أن العمل وفق هذا المنظور في مختلف الكيانات التي تعرف التعدد و التنوع و منها الدول الافريقية خاصة نيجيريا، يمكن الوصول إلى نتيجة إيجابية من شأنها إرضاء جميع الفئات المجتمعية وبعث فيها روح المسؤولية لما يجري على أرض الواقع و تحمل مصير البلاد لاسيما من الناحية الامنية التي تضمن الاستقرار و تستطيع في كنفه تحقيق التنمية بكل أبعادها، إذ تبقى هذه المبادئ التوجيهية حبيسة إرادة جماعية و غيرة على الوطن والمصلحة العامة مقابل تراجع الاندفاع الذاتي لتحقيق المصالح الضيقة على حساب الاغلبية المجتمعية . كما على صانع القرار الالتزام و تفعيل ما تحوزه الدساتير والنصوص التشريعية التي تمتلك من الناحية النظرية أساس ينبغي الالتفاف حوله كونها تنص على قيم ديمقراطية ، مع العمل على محاكاة تجارب الدول الاوربية التي تعرف التعدد و التنوع و استطاعت تجاوز هذا الانقسام على غرار بلجيكا وهولندا و غيرها من الدول التي نجحت في تكريس الوحدة الوطنية.
الخاتمة :
على الرغم من كثرة الادبيات التي تحدثت عن مسألة التعدد و التنوع في إفريقيا ، فإنها لم توفق إلى حد بعيد في تقييمه واقعيا، بل وقعت حبيسة البحث عن الحرية و الاستبداد السياسي، و الواقع أن التغيير المنشود في سياق الانقسامات المجتمعية و الصراع على السلطة ،فمن الضروري الحديث عن الاصلاح بدل التغيير ،كون النخبة الحاكمة في افريقيا هي من تأخذ زمام الامور نحو الاصلاح التدريجي والمدروس لأنه إذا عملت المجموعات على إزاحة هذه النخبة التي تنتمي هي الاخرى لمجموعة ما داخل المكون الاجتماعي ،فسوف تبقى مراسيم الصراع قائمة ، و بالرجوع إلى حالة نيجيريا فالإصلاح يكمن في استتباب الامن و الاستقرار لأنه منعدم و تعاني منه الدولة الاتحادية لأنه عائق لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية داخليا، و منعها من اكتساب مكانة تليق بمكتسباتها إفريقيا و عالميا، فعلى نيجيريا البحث في جذور الازمة و أسباب الصراع الذي بات مكشوفا (الديني ،القبلي ، التهميش، الفقر) و إصلاحه أصبح ضرورة تمليه الاوضاع والحالة الانقسامية داخل المجتمع ، فلابد من الاخذ بالديمقراطية التوافقية لأنها آلية تساعد على إدارة التعدد و التنوع ومن شأنها تأسيس مشروع وطني لبناء الدولة الوطنية الناشئة ، مع التركيز على التمكين و الاستهداف الجغرافي لقضايا المجتمع والعمل وفق منظور العدالة التوزيعية فيما تعلق بالبرامج التنموية و الدخل و الفرص و الحاجات الأساسية.
الإحالات والهوامش:
(*) أستاذ مساعد بقسم العلوم السياسية ، كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة أبو بكر بلقايد- تلمسان/الجزائر
(1) حمدي عبد الرحمن حسن ، الصراعات العرقية و السياسية في إفريقيا :الاسباب و الانماط و آفاق المستقبل ، مجلة قراءات إفريقية ، العدد الاول ، أكتوبر 2004 ،ص 3 .
و في هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى مجموعة من المحددات اللازمة التي تتحكم إلى حد كبير في بلورة مفهوم واضح للأقليات تتلخص فيما يلي:
العامل المجتمعي :وهو من المحددات الأساسية لمفهوم الأقلية ،إذ لا يمكن وصف أي مجموعة على أنها أقلية إلا إذا اشترك أعضاؤها في خصائص مشتركة تميزهم عن غيرهم من جهة ،وتوحدهم حولها من جهة أخرى، وشكلوا تجمعا واضح المعالم ،إذ لا يعقل إن توصف بالأقلية مجرد مجموعة ،أفراد أو أسر تعيش مبعثرة في أرجاء الدولة وبين أهلها .
العامل الكمي: ويعني ذلك وجوب وجود تجانس ديني ،لغوي ،ثقافي ،تاريخي بين أعضائها مع توفرها على عدد كاف من الأفراد يشكلون مجموعة وطنية حقيقية وليست مجرد جماعة حالمة في مشهد محلي .
العامل النفسي: ويقصد به أن الجماعة المتجانسة لا يصطلح عليها بالأقلية إلا إذا أحست بوضعها عن وعي تام بواقعها ،وتصرفت على أساسه في كل تفاعلاتها مع المحيط الداخلي والخارجي على حد سواء. و عليه فأن الأقلية هي:
“مجموعة أقل أهمية من الناحية الديموغرافية ،يتشارك أفرادها عناصر الهوية ويتناغمون معها بكل وضوح، ويعيشون في دولة، ويختلفون عن بقية السكان في الخصوصيات الإثنية واللغوية والعادات والتقاليد ،ويكونون في الغالب ضحية للتهميش والإقصاء من طرف المجموعات الأخرى أو من طرف الدولة عبر تشريعات غير منصفة”. أنظر : أحمد وهبان ، الصراعات العرقية و استقرار العالم المعاصر ، دراسة في الاقليات و الجماعات الاثنية والحركات العرقية ، الاسكندرية :(دار الجامعة الجديدة للنشر ، 2001 ص78.
(2) أحمد وهبان ، الصراعات العرقية و استقرار العالم المعاصر ، دراسة في الاقليات و الجماعات الاثنية و الحركات العرقية ، الاسكندرية : دار الجامعة الجديدة للنشر ، 2001 ص 3 .
(3) – تعني كلمة الصراع في أصلها المشتق من الكلمة اليونانية conligère بالتصارع .
أنظر : Thomas Packenham,The Scramble for Africa, London: Abacus, 1991
-والصراع في اللغة العربية مشتق من الصرع ومنه صرعه صرعا ،فهو مصروع أو صريع، ونقول مصارع القوم.
– Dani Nabudere, Africa’s First World War, Mineral Wealth, conflicts and war in the Great Lakes Region, AAPS Occasional Paper Series, vol8, No1,2004, Pretoria, South Africa.
-والصراع اصطلاحا يعني الوضعية التي يتواجد فيها طرفان على الأقل في حالة اختلاف وعدم تفاهم أو تضارب في الرؤى والمصالح حول قضية ما .
ويعرف أيضا على أنه حالة تلاقي عنصرين في حالة تعارض أو تضاد . أنظر :
حمدي عبد الرحمن حسن، دراسات في النظم السياسية الأفريقية، جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد: سلسلة الكتب الدراسية، 2002.
و الصراع هو الذي ينشأ بين مجموعتين إثنيتين أو أكثر ،ويجب في هذا المقام التفريق بين الصراع الإثني والذي تكون أحد محدداته عاملا إثنيا conflit ethnique وبين الصراع الذي تقحم فيه الإثنية كشكل من أشكال التعبئة والتجنيد لفائدة أحد الطرفين وعليه فالصراع الإثني يختلف عن الصراع الذي تقحم الإثنية فيه conflit ethnicisé .
تتداخل عدة عوامل في تكوين وبلورت الصراعات الإثنية أهمها:
1-العوامل البنيويةsystemic causes structural conditions :وهي العوامل المرتبطة بظروف وبيئة المجموعات ،مثل نسبة النمو السكاني ،قلة الموارد الإقتصادية وتزايد التنافس بين المجموعات المختلفة على تلك الموارد،و إنهيار القيم والتقاليد ،وتفشي الفقر والحاجة والتهميش الديني والثقافي ،ولا تظهر نتائج حلول الصراعات على هذا الأساس إلا بعد فترة طويلة من اعتمادها ،لأن معالجة العوامل البنيوية من تحسين ظروف المعيشة وإنعاش الاقتصاد وإعادة الثقة في المنظومة القيمية يتطلب وقتا طويلا.
2 -العوامل الوسيطةintermédiaire causes:وهي مجموعة العوامل التي تؤدي إلى تحول العوامل البنيوية إلى ردود أفعال عنيفة ،مثل السياسات الحكومية التي تنتهج في مواجهة أزمة ما أو بعض البرامج الاقتصادية كخطط الإنعاش والتقشف وترشيد النفقات وتقليص عدد العمال ،أو تلك المشاكل المرتبطة بالتحرر السياسي من الهيمنة . أنظر :
مركز الجزيرة للبحوث و الدراسات، أنواع الصراع و مفهومه ، أنظر على الموقع :
تاريخ الدخول 27/05/2016 www.aljazeera.net/NR/exeres D544-2D2-475c-ac8c.htm
3-العوامل المباشرةimmédiate causes : وهي مجموعة التصرفات والسلوكات التي تؤدي إلى العنف وتفجره ،مثل القرارات الحكومية أو الإجراءات المتخذة بحق جماعة إثنية معينة ،مما يدفعها إلى العصيان والتمرد .
أنظر :نفس المرجع على الموقع : www.aljazeera.net/NR/exeres D544-2D2-475c-ac8c.htm
أنظر أيضا : محمود أبو العينين، إفريقيا والتحولات الراهنة في النظام الدولي: مصر وإفريقيا الجذور التاريخية للمشكلات الإفريقية المعاصرة، أعمال ندوة لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة بالاشتراك مع معهد البحوث والدراسات الإفريقية، القاهرة: الهيئة العامة للكتاب، 1996،ص 42.
(4) محمد عمر مولود، الفيدرالية وإمكانية تطبقها في العراق، العراق: مؤسسة موكدياني للطباعة والنشر،2003، ص 370.
(5) محمد مهدي عاشور، التعددية الإثنية: إدارة الصراعات واستراتيجيات التسوية، عمان: المركز العالمي للدراسات السياسية،2002،ص 22.
(6) علي الدين هلال، نيفين عبد المنعم مسعد، معجم المصطلحات السياسية، القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية بجامعة القاهرة، 1994، ص 109.
(7) علي أحمد نور طربلسي ، النزاع الصومالي الاثيوبي ، القاهرة : مطبعة أطلس ، 1978 ، ص 55 .
(8) جمال محمد السيد ضلع ، إشكالية الديمقراطية غير المباشرة في إفريقيا ، ورقة مقدمة إلى الندوة الفكرية الدولية حول إشكالية السلطة و التسلط والتحرر نحو رؤية جماهيرية ، سرت : المركز العالمي لدراسات و أبحاث الكتاب الأخضر ،من 19 إلى 21 جويلية 2008 ، ص 5 .
(9) يعرف “ماكس فيبر” الشرعية بوصفها “صفة تنسب لنظام ما من قبل أولئك الخاضعين له، من خلال عدة طرق تتمثل في التقاليد أو بعض المواقف العاطفية، أو عن طريق الاعتقاد العقلاني بقيمة مطلقة، أو بسبب قيامه بطرف وأساليب تعد قانونية أو شرعية مقبولة. ويعتبر النظام الحاكم شرعيا عند الحد الذي يشعر فيه مواطنوه أن ذلك النظام صالح ويستحق التأييد والطاعة” أنظر : خميس حزام والي، إشكالية الشرعية في الأنظمة السياسية العربية: مع إشارة إلى تجربة الجزائر ،ط1،بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، سلسلة أطروحات الدكتوراه 44، 2003،ص ص ،25.22.
(10) ميشيل تشوسودوفيسكي،عولمة الفقر ،ترجمة:محمد مستجير مصطفى، مصر:الهيئة المصرية العامة للكتاب،مكتبة الاسرة،2012 ،ص28.
(11) J P Landman,et all,poverty and Inquality in south Africa 2004-2014 :Current trends,issues and futur policy option,copy exective summary university of Cape Town,december 2003,P,P:3-5.
(12) صبحي قنصوه ،النفط و السياسة في دلتا النيجر ..صراع لا ينتهي ،مجلة قراءات إفريقية ، العدد 11 ،يناير-مارس 2012 .المنتدى الاسلامي ،ص33.
(13) يعرف فرانسيس فوكوياما عملية بناء الدولة بأنها : تقوية المؤسسات العامة و بناء مؤسسات جديدة فاعلة و قادرة على البقاء و الاكتفاء الذاتي ما يعني بناء الدولة هو النقيض لتحجيم الدولة و تقليص قدراته.أنظر : فرانسيس فوكوياما،بناء الدولة للنظام العالمي و مشكلة الحكم الإداري والادارة في القرن الحادي و العشرين، ترجمة:مجاب الإمام ، الرياض : العبيكان للنشر ، 2007ص ص 11-34.
و أيضا هي عملية بناء شرعية مؤسسات الدولة و قدرتها على تقديم الخدمات الاساسية لمواطنيها : الامن ، و العدالة ، و سيادة القانون فضلا عن التعليم والصحة التي تلبي جميعها تطلعات المواطنين.أنظر :التقرير الاوروبي حول التنمية لعام 2009 ، التغلب على الهشاشة في إفريقيا ، مركز روبرت شومان للدراسات المتقدمة ، المعهد الجامعي الاوروبي ،سان دومينيكودي فيسولي،ص90.
(14) Africa South Of The Sahraa ,Edited By Europa Publications,Europa Regional Surveys Of The World ,London:New York Routledge,2008,P 926.
(15)Mbakgu Ifeyinwa,Socio-Cultural Factors and Ethnic group relationships in Contemporary Nigerian Society ,the African Anthropologist , vol9,n2,September 2002, pp. 123-135.
(16) هاشم نعمة فياض ،المرجع السابق ،ص ص 91-96 بتصرف.
(17) بن عبد الباقي محمد لخضر، “نيجيريا ص ا رع يتجدد”، نقلا عن:
www.aljazeera.net/…/D9E11470-C082-4E68-AD… html.2011-11-26 .
(18) نفس المرجع ، ص 100.
(19) المرجع نفسه ،ص 101 -102.
(20) عرفت في العصور الوسطى بأرض السودان الغربي و هي البلاد الممتدة من بحيرة التشاد في الشرق إلى ساحل المحيط الاطلسي في الغرب و تعرف لدى الباحثين بإسم نيجريتيا Nigritia أو (نجريشيا) نسبة إلى نهر النيجر .أنظر : محمد أحمد لوح ، التحصيل العلمي لطلاب غرب إفريقيا ،مجلة قراءات إفريقية ، العدد 7 ، مارس 2011 ، ص 36 .
(21) محمد خميس زوكة ، إفريقيا دراسة في الجغرافية الاقليمية ، ط1 ،الاسكندرية : دار المعرفة ، 2008 ،ص 342.
(22) عبد السلام إبراهيم بغدادي ، الجماعات العربية في إفريقيا: دراسة في أوضاع الجاليات و الاقليات العربية في إفريقيا جنوب الصحراء،ط1،بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ،2005 ،ص323.
(23) أنظر على الموقع : : http://mawdoo3.com/%D8%B9%D8%AF%D8%AF_%D8%B3%D9%83%D8%A7%D9%86_%D9%86%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A7
(24) Africa South Of The Sahraa ,Edited By Europa Publications,Europa Regional Surveys Of The World ,London:New York Routledge,2008,P875.
(25) محمد عاشور مهدي ، الحدود السياسية و واقع الدولة في إفريقيا ، القاهرة : مركز دراسات المستقبل الافريقي ،1996،ص 56 .
(26) ISOLA JUSTINE ,One Nation Under Gods; INTERVIEWS FEBRUARY ARTICLE TOOLS sponsored by: The Atlantic 19, 2008. http://www.theatlantic.com/doc/200802u/nigeria-islam-christianity.
(27) انتشر الإسلام في نيجيريا عبر الصحراء أولا من طرابلس و مصر إلى كانو-بورنو شمال-شرق ولاية بورنو الحالية و من المرجح أن ذلك حدث بعد القرن الحادي عشر الميلادي ، و من ثم وصل إلى أراضي الهوسا في نيجيريا من خلال تأثير لإمبراطورية مالي،و ذلك في القرن الرابع عشر، و يعود إنتشار الحضارة الاسلامية في شمال مالي إلى الهجرات و صلات قوافل التجارة عبر الصحراء. أنظر:هاشم نعمة فياض ، نيجيريا :دراسة في المكونات الاجتماعية –الاقتصادية ،ط1،بيروت :المركز العربي للابحاث و دراسة السياسات ،2016، ص 54 .
(28) حمدي عبد الرحمن حسن، الصراعات العرقية في إفريقيا ، الأسباب والأنماط و أفاق المستقبل ، مجلة قراءات إفريقية، العدد 1 ،أكتوبر 2004 ، ص 45.
(29) هاشم نعمة فياض ،المرجع السابق ،ص 64.
(30) هاشم نعمة فياض ،المرجع السابق ،ص 64.
(31) تعرف شعبة التنمية الدولية “الدولة بأنها هشة أو ضعيفة عندما تخفق حكومتها في توفير الخدمات الاساسية للمواطنين، إما نتيجة عدم قدرتها أو نتيجة عدم توافر رغبة لدى السياسيين في رؤية الموطنين يتمتعون بالرفاه.” أنظر : التقرير الاوروبي حول التنمية لعام 2009 ،مرجع سابق،ص 16.
ويذهب تشارلز كال إلى إعتبار “الدولة هشة التي توحي بتواجد ثغرات في قدراتها و أمنها و شرعيتها” .
(32) خيري عبد الرزاق جاسم ، تدوال السلطة في نيجيريا ، مجلة دراسات دولية ، العدد 26 ، 2005 ص ص 55-56.
(33) هيفاء أحمد محمد ، ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في نيجيريا:دراسة في حركة دلتا نهر النيجر ،مجلة دراسات دولية ، العدد 46 ،(د،س،ن)،ص 108،109.
(34) هاشم نعمة فياض ،مرجع سبق ذكره ،ص 90.
(35) حمدي عبد الرحمن حسن، دراسات في النظم السياسية الافريقية،القاهرة: (ب د ن)، 2001، ص 166.
(36) من البديهات المعروفة في علم السياسة أن التجانس الاجتماعي و الإجماع السياسي يعتبران شرطين مسبقين للديمقراطية المستقرة ، أو عاملين يؤديان بقوة إليها،وبالعكس فإن الانقسامات الاجتماعية العميقة و الاختلافات السياسية داخل المجتمعات التعددية تتحمل تبعة عدم الاستقرار والانهيار في الديمقراطيات.أنظر :شاكر الأنباري ،الديمقراطية التوافقية:مفهومها و نماذجها ،ط1 ،العراق :معهد الدراسات الاستراتيجية ،2007،ص8.
(37) محمد عابد الجابري ،الديمقراطية و حقوق الانسان:الديمقراطية و الواقع العربي الراهن ، مجلة كتاب في جريدة ، العدد 95،05 جويلية 2006،بيروت : منظمة اليونسكو بالتعاون مع وزارة الثقافة ،مطبعة بول ناسيميان،بوميغرافور برج حمود،2006،ص05.
(38) نفس المرجع ، ص 05 .
(39) في هذا الاطار نجد أن الفقهاء قد جاؤوا بالعديد من التصنيفات للحقوق و الحريات العامة، فمثلا “ديجي”من زاوية نوع إلتزام السلطة العامة تجاه هذه الحريات ، و من هذه الزاوية يرى أن الحريات العامة نوعين ،الأول تلتزم السلطة العامة تجاهه بالتزام سلبي يتمثل في مجرد إمتناعها عن المساس بهذه الحريات ، و أطلق عليها إسم” الحريات العامة السلبية” و يطلق “ديجي” على النوع الثاني تسمية “الحريات العامة الايجابية” و هي تلك الحريات التي تلتزم السلطة العامة بالقيام بدور إيجابي لتحقق للفرد الاستفادة منها . أنظر : أحمد صابر حوحو ، مبادئ و مقومات الديمقراطية،مجلة المفكر ، العدد الخامس ،كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة محمد خضير بسكرة ،(د،س،ن)،ص 331.
في حين يوزع “اسمان” الحرية العامة إلى قسمين كبيرين هما المساواة المدنية، و الحرية الفردية و يفرع”اسمان”عن كل قسم رئيسي عددا من الحقوق و الحريات،كما يفرع المساواة إلى أربعة هي :المساواة أمام القانون، المساواة أمام القضاء، و المساواة في تولي الوظائف العامة ،ثم المساواة أمام الضرائب .أنظر : نفس المرجع ، ص 332.
(40) باسكال سلان ، الليبرالية ، ترجمة تمالدو محمد ، بيروت : الاهلية للنشر و التوزيع ، 2010 ،ص ص 112 – 113. (41) سيدي أحمد ولد الأمير ، الديمقراطية في إفريقيا: قراءة في المسار والمصير،مركز الجزيرة للدراسات ، الأربعاء 15 مارس 2017 .أنظر على الموقع : http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/03/170315112401255.html
(42) نفس المرجع ، ص 5.
(43) ظهر مفهوم الديمقراطية التوافقية في خمسينيات و ستينيات القرن الماضي عقب الحرب العالمية الثانية ليجيب عن السؤال المحوري : كيف نجعل النظام السياسي ديمقراطيا و مستقرا خاصة في المجتمعات التي تحفل بالصراعات على أسس عرقية و ثقافية و دينية ؟ و هي مفهوم جديد يطرح بديلا للديمقراطية التقليدية التنافسية التي انتشرت في الدول الغربية.
(44) آرنت ليبهارت ،الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد ،ترجمة حسني زينه ،ط1 ،معهد الدراسات الاستراتيجية ،بغداد :الفرات للنشر والتوزيع ،2006،ص 48.
(45)J.A.A. Ayoade, The Changing Structure of Nigerian Federalism, Foundations of Nigerian Federalism Series, Vol.3, 2001, p 39.
(46) موستف يونس ، الديمقراطية المحدثة:سياق أزمة و محاولات انبعاث ،مجلة المستقبل العربي،أراء و مناقشات ،(د،ع،ن)،(د،س،ن)،ص 154.
(47) نفس المرجع ،ص 154.
(48) غربي محمد ، الديمقراطية و الحكم الراشد :رهانات المشاركة السياسية و تحقيق التنمية ، مجلة دفاتر السياسة و القانون،عدد خاص ، أفريل 2011 ،ص 374.
(49) شعيب العابد ،إشكالية بناء الدولة في نيجيريا 1960-2013)،مذكرة ماجستير في العلوم السياسية و العلاقات الدولية ،كلية العلوم السياسية و العلاقات الدولية ،جامعة الجزائر 3 ، الجزائر ، 2014، ص 58 .
(50) نفس المرجع ،ص 58 .
(51) يُعرف التمكين في جانبه المؤسسي على أنه” تحسين قدرات الشخص أو الجماعة على صنع الخيارات و تحويلها إلى أفعال و نواتج مرغوبة، و توسيع سلطة الفرد و تحكمه في الموارد التي تؤثر على حياته”. أنظر: داسي سفيان ،نحو تفعيل استراتيجية التمكين لمحاربة ظاهرة الفقر ،مجلة أكاديميا، العدد الثالث، مارس 2015،مخبر إصلاح السياسات العربية في ظل تحديات العولمة ،جامعة حسيبة بن بوعلي ،الشلف ،دار الكنوز للإنتاج والنشر و التوزيع،الجزائر،ص236.
(52) نفس المرجع ،ص 244.