سيدي المختار محمد الصالح ديالو(*)
نهوضاً بواجب النصح ورأب الصدع، تحقيقاً للتضامن الإسلامي والتعايش السّلمي بين سكّان المنطقة، رأينا كتابة هذه السطور عن الأبعاد التاريخية والفكرية للأزمة الحاليّة التي تعيشها دولة مالي في مناطقها الشماليّة.
ذلك لأن معرفة الجذور التاريخية لأزمة مّا، ومعرفة الأفكار والتصوّرات التي تحرّك أطرافها، تساهم بفاعلية في تحقيق إصلاح ذات البين بين الأطراف المتنازعة، وحلّ الأزمة بشكل ناجع بإذن الله تعالى؛ إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوّره.
وسيدور هذا الموضوع حول سكان شمال مالي قديماً وحديثاً، واسم هذه المنطقة التاريخي، ومحرّك هذه الأزمات في مالي، والأفكار والتصوّرات الباعثة للقوم إلى هذه التحرّكات، والتصوّر المستقبلي لواقع المنطقة وواجب أبنائها.
أولاً: من هم سكان شمال مالي قديماً وحديثاً؟ وما اسم هذه المنطقة التاريخي؟:
الحقيقة؛ أنه لم تكن ثمّة حاجة لطرح مثل هذا السؤال لولا ما نشهده ونسمعه في الآونة الأخيرة من بعض أبناء هذه المنطقة من تصريحات تصطدم مع الحقيقة التاريخية للمنطقة وواقعها الحالي، حيث يدّعي هؤلاء أن المنطقة اسمها «أزواد»، وأنها ملك الطوارق وإرثهم، وأن معركتهم هي لاسترداد حقّهم التاريخي بكامله(1).
والحقيقة؛ أن شمال مالي الحالية – كما هو معلوم من كتب التاريخ والواقع المعاصر – هو موطن قبائل الصنغاي، وهم قبائل سودانية سكنت ضفاف نهر النيجر على امتداد كبير، ولأمد يعود إلى فترة ما قبل التاريخ الميلادي، فقد ذكر السّعدي ما ملخصه: أنهم موجودون منذ وقت بعيد جداً، منذ زمن الفراعنة، وأن بعض سحرة فرعون أتوا من الصنغاي، وكان تأسيس المملكة الأولى على يد رجلين من اليمن نزلا عند الصنغاي، واختلطوا بهم فتناسلوا وتكاثروا، إلا أن تاريخ مجيء هذين الرجلين ليس معروفاً بدقة(2).
وتذكر الروايات التاريخية: أن قبيلة «لمطة» البربرية تاقت نفسها إلى إحداث تغيير في نظام حياتها الرتيبة داخل الصحراء، وذلك بالتوجّه بعيداً نحو الجنوب، واستمرت في مسيرتها وترحالها متوغلة في المناطق وفيرة المراعي، إلى أن وجدت نفسها في النهاية على ضفاف نهر النيجر اليسرى(3).
وهذه الروايات لا تذكر بدقة متى توجّه البربر نحو الجنوب ليصلوا إلى ضفاف النهر.
والذي لا يختلف فيه المؤرّخون أن هذه المناطق ليست بموطن أصلي للطوارق وإنما هاجروا إليها، تحت ظروف مختلفة، وفي فترات تاريخية مختلفة، يقول القشاط: «ولم يكن هذا – ويقصد الصحراء الكبرى – موطن الطوارق الأصلي، فلقد تزحزح الطوارق من الشمال إلى الجنوب موغلين في الصحراء، إما هرباً من الجيوش التي كانت تهاجم الشمال (الرومان – الوندال – البرتغال – الإسبان – الفرنسيون)، وذلك هروباً بحريتهم، وإما اندفاعاً نحو إفريقيا لنشر الإسلام والاستيلاء على الممالك والسيطرة عليها»(4)، وهذا الكلام صريح على وجود ممالك للصنغاي قبل مجيء الطوارق للصحراء، وقبل توجّههم نحو الجنوب الصحراوي.
وأما أصل الطوارق والمكان الذي نزحوا منه؛ فالروايات في ذلك متضاربة بين كونهم من شمال إفريقيا وبين كونهم من المشرق الإسلامي، وتحديداً من اليمن، وفي ذلك يقول القشاط نقلاً عن غيره(5) قوله: «وبصفة عامة؛ فإن دراسة الروايات الشعبية الطارقية، والواقع الجغرافي، وأسماء القبائل، والملامح البشرية، والعقليات القبلية، والعادات المحلية لمختلف القبائل الطارقية القاطنة جنوب الصحراء الكبرى – النيجر ومالي وبوركينافاسو –، تجعلنا نستشعر ونرجّح أن لهذه القبائل الطارقية علامات تاريخية أوثق بثلاث مناطق من الشمال الإفريقي، وهي: ليبيا والمغرب الأقصى وموريتانيا»(6).
ويقول السّعدي عن الطوارق: «وهم ظواعن في الصحراء، رحّالة لا يطمئن بهم منزل، ليس لهم مدينة يأوون إليها، ومراحلهم في الصحراء مسيرة شهرين ما بين بلاد السودان وبلاد الإسلام، وهم على دين الإسلام، واتباع السنّة، وهم يجاهدون السودان وصنهاجة، ويرفعون أنسابهم إلى حمير»(7).
هذه النقول تفيد أن الطوارق، في فترةٍ ما من فترات التاريخ، طمعوا في تمّلك الممالك القائمة وبسط سيادتهم عليها، الأمر الذي تمكّنوا منه بشكل ملاحظ في القرن الحادي عشر في إطار دولة المرابطين.
وهل تمكّنوا من ذلك قبل هذا التاريخ في دولة الصنعاي؟ سؤال تأخذ الإجابة عنه حيزاً كبيراً؛ نظراً لاختلاف الكتّاب في أصول الأسرة الأولى التي حكمت الصنغاي – أعني أسرة زا – هل هي من السود أو البيض؟ بل في الأسرة الثانية، أسرة سني أيضاً، والذي ليس حوله جدال، أن الطوارق تمكّنوا في فترة من فترات التاريخ من حكم منطقة تمبكتو، بعد حكم إمبراطورية مالي لها، وهذا وارد في كتب التاريخ المعتمدة، وهو ما يُفهم من قصة أسكيا محمد مع قاضيه على تمبكتو (محمد بن عمر)، حيث استدعاه أسكيا محمد ذات مرة، لمّا كان قد وصل إلى سمعه أن القاضي المذكور طرد بعض رسله بعد منعهم من القيام بمهامّهم في تمبكتو، وكان من ضمن أسئلة أسكيا للقاضي: «أرسلت رسلي في حوائجي، وأمرت بأمري في تمبكتو، فترد رسلي وتمنعهم من تنفيذ أوامري! ألم تكن تمبكتو في يوم تابعة لحاكم مالي؟… ألم يكن الطوارق سلاطين فيها»(8).
فهذا الكلام من الملك العادل أسكيا محمد تفيد أن الطوارق كانت لهم سلطنة في تمبكتو، وهذا أكّده السّعدي في تاريخه عندما تحدّث عن الملك سني علي بير، حيث قال: «إن الطوارق تمكّنوا من انتزاع سيادة تمبكتو من مالي سنة 1433م، وعيّنوا عليها حاكماً تابعاً لهم، وكان الحاكم ذكياً، أراد أن ينجو من زحف سني علي، فكتب له خطاباً رقيقاً بالسلام والدعاء، وذكر فيه أن لا ضرورة لسني علي بأن يزحف على تمبكتو؛ لأن حاكمها يعترف بالولاء له، وبأنه من جملة عياله، وقنع سني علي بذلك، فلمّا توفي هذا الحاكم (وهو محمد نض) وتولّى ابنه عمر محمد نض، كتب لسني بعكس ما كتب أبوه، وهدّد بأن القوة متوافرة عنده، ومن تعرض له رأى ما لديه من القوة، فقال سني علي لأصحابه: «شتّان ما بين عقل هذا الفتى وعقل أبيه»، وهاجم تمبكتو سنة 1468م، وكان ذلك من أسباب ما أنزله بالمدينة الإسلامية من قسوة عيبت عليه»(9)، وبعد سرد تفاصيل هذه القصة في موسوعته يعقّب عليها الدكتور أحمد شلبي قائلاً: «وكان من الأجدر أن تُعاب على الحاكم الغر الذي تذكر الروايات أنه اضطرب عندما سمع بزحف سني علي عليه بين اللجوء إلى الطوارق أو الاستسلام للزاحف الكبير»(10).
كما أنه مما لا ريب فيه؛ أن هذه المناطق كلها ضُمّت لمملكة الصنغاي في عهد الملك أسكيا بجميع قبائلها، يقول القاسم البيهقي(11) رحمه الله: «ويعتبر تسنّم أسكيا محمد عرش الصنغاي بداية عهد انتظام المملكة وازدهارها واتساعها حتى شملت كل أراضي إمبراطورية مالي، فشرّقت واستولت على شمال نيجيريا حتى كانو، وعلى منطقة آيير، ووصلت إلى بلاد الماندنجو والفلان غرباً، ومواطن الطوارق شمالاً، فنالت من أسباب القوة والازدهار، فقد كانت – وإلى حين سقوطها – أكثر الممالك الإسلامية الكبرى في الغرب الإفريقي تطبعاً بمفاهيم الإسلام، وسجّل لها المؤرّخون اهتماماً كبيراً بنشر العلم وتشجيع التعليم، وازدهرت فيها الثقافة الإسلامية وانتشرت اللغة العربية، فصارت جميع المعارف تُدرس بها، كما أصبحت لغة رسمية في الدواوين، وكانت خطب الجمعة تُلقى بها ثم تليها ترجمة باللغة المحلية»(12).
ونستنتج من هذا السّرد التاريخي الوجيز الحقائق الآتية، والتي تستعصي على التحريف أو التزوير:
– أن سكان المنطقة الأصليين هم الصنغاي بقبائلهم المختلفة، وأن وجودهم في هذه المنطقة يعود لآلاف السنين قبل الميلاد.
– أن الطوارق هاجروا إلى هذه المناطق، وسكنوا مع أهلها، بعد البعثة النبوية بفترة، وكان لهم دور في نشر الإسلام والعلم بالمنطقة إلى جانب إخوانهم السودانيين والعرب، وكان تركّزهم في الصحراء أكثر منه على ضفاف النهر.
– وأن الطوارق قد حكموا منطقة تمبكتو مدة 35 سنة، من عام 1433م إلى العام 1468م، أو 40 سنة كما ذكر السّعدي، وكانت تمبكتو محكومة من قِبل مالي قبل ذلك، ثم من قِبل الصنغاي بعد ذلك، ثم من قبل المغاربة بعد سقوط دولة الصنغاي.
– أن الشعوب كانت متكاملة متعاونة على إدارة شؤون المملكة، وخصوصاً في عصر الملك أسكيا محمد وسلالته، فقد انصهرت جميع القبائل في بوتقة الإسلام، السودانية منها والطارقية والعربية.
– وأن أبناء هذه المنطقة كانوا جميعاً يعتزّون بانتمائهم السوداني، أبيضهم وأسودهم، ومما يدلّ على ذلك عنوان كتاب التاريخ الذي كتبه العلامة عبد الرحمن السّعدي؛ حيث سمّاه «تاريخ السودان»، وهو يتناول تاريخ المنطقة بكاملها، واعتزاز «أحمد بابا» الشديد بهذه المنطقة وعلمائها السود والبيض؛ حيث تحدّث عن بعضهم في كتابه الجليل (نيل الابتهاج بتطريز الديباج)(13).
– وأن النزاعات التي كانت تحدث بين القبائل كانت سيادية، ولم يكن للعنصرية فيها دور، بدليل عدول الملك سني علي بير عن مهاجمة تمبكتو لمجرد رسالة تطمئنه بولاء المدينة وحاكمها لمملكته.
– وأن هذه المنطقة – أقصد شمال مالي التي تضم أقاليم تمبكتو وجاوو وكيدال – كان اسمها التاريخي هو: دولة الصنغاي، فمملكة الصنغاي، فإمبراطورية الصنغاي.
وأما الاسم الذي تتداوله وسائل الإعلام اليوم للتعبير عن المنطقة، وهي لفظة «أزواد»، والتي يسعى بعض إخواننا الطوارق وبعض العرب لإلصاقها بالمنطقة، فيُعد التعبير بها عن المنطقة تزويراً وتجنياً على الحقيقة التاريخية المكتوبة بأيدي المؤرّخين العرب والطوارق والغربيين قبل السودانيين أنفسهم.
ولم أعثر على كاتب تجرأ على إطلاق لفظة «أزواد» على كامل شمال مالي؛ لأن هذا لا يوجد في مصدر تاريخي، ولذلك عندما تحدّث أستاذي محمد أحمد الشفيع (الطارقي) عن مناطق وجود الطوارق؛ ذكر من بينها: أزواغ في النيجر، وأزواد ومنحنى نهر النيجر في مالي، ثم قال: «وهي – يعني أزواد ومنحنى نهر النيجر – المناطق الواقعة في شمال جمهورية مالي الحالية (ولايات تمبكتو وجاوو وكيدال)»(14)، ولو كان التعبير عن هذه المنطقة كلها باسم «أزواد» يصح لما احتاج لعطف «ومنحنى نهر النيجر» على «أزواد»؛ لأن العطف يقتضي المغايرة.
ثانياً: من يحرّك هذه الأزمات في مالي؟:
إن ما يجري اليوم في مالي، وخصوصاً في شمالها، هي الرابعة من سلسلة فتن عرفتها الدولة في العقود الخمسة الماضية، كانت أولاها: تمرّد عام 1963م، ثم تمرّد عام 1990م، ثم تمرّد عام 2006م، ثم الفتنة الحالية التي انطلقت شرارتها الأولى في مدينة ميناكا يوم 17/01/2012م.
فالتمرّد الأول (1963م) قام به الطوارق، ويعبّرون عنه في كتاباتهم باسم «ثورة كيدال»، وأما الثاني (1990م) فقامت به مجموعات من قبائل الطوارق ومعهم بعض العرب الماليين، تحت رايات مختلفة، قومية ودينية، وكان أشمل من غيره، والتمرّد الثالث (2006م) قام به أيضاً بعض الطوارق، ولم يكن شاملاً، ولكن في كلّ هذه الفتن أو التمرّدات لم يتمكن المتمرّدون من السيطرة على مدينة من مدن الشمال، وإنما كان هدفهم الجوهري إنهاك الحكومة المركزية لإرغامها على التفاوض معهم من أجل تحقيق بعض المطالب التي سنتحدث عنها في الفقرة التالية.
وأما التمرّد الحالي؛ فبالرغم من أنه ليس شاملاً؛ فإنه يعد الأخطر لسببين:
1 – أن من مطالب قادة هذا التمرّد فصل شمال مالي عن الدولة.
2 – أن المتمرّدين سيطروا عسكرياً على جميع هذه المنطقة بمساعدة جماعات إسلامية متشدّدة محلية وخارجية.
فما حقيقة الذين يقفون خلف الأزمة الحالية في مالي؟
يقف خلف الأزمة الحالية جبهتان أساسيتان بهدفين عريضين متناقضين، وهما:
الأولى: الحركة الوطنية لتحرير أزواد:
وهي حركة علمانية مسلّحة وسياسية، تتألف من بعض طوارق مالي(15)، وهم الذين أشعلوا في الحقيقة فتيل الأزمة الحالية بمهاجمة مدينة ميناكا التابعة لإقليم جاوو يوم 17 يناير 2012م، ومطلبهم الأساسي الذي لا يقبل التفاوض – حسب تصريحهم الأول – فصل المناطق الشمالية عن بقية الدولة، وتأسيس دولة قومية للطوارق بها باسم «جمهورية أزواد»، والإشكالية الكبيرة التي تواجه هذا المطلب أنه غير واقعي لأسباب؛ أهمها: أن الطوارق ليسوا متفقين عليه.
ثم إن الطوارق لا يمثّلون في شمال مالي إلا 11% من بين السكان، والبقية سودانيون من الصنغاي والفلان والرماة والعرب وغيرهم، ممن لا يوافقون بتاتاً على هذا المطلب، وهذا ما انتبه له القوم أخيراً، يقول أحد كتّابهم الشباب: «ومما زاد التعقيد محليّاً أن المنطقة لا يقطنها الطوارق فحسب، بل فيها السنغاي، والفلانيون، والعرب، وغالبية الإثنيات هذه لا ترغب في الاستقلال، ولا يريحها أن تكون في ظلّ دولة طارقية الحكم!»(16).
نعم أخي محمد! لا يريح أحداً أن يكون تحت حكم عنصري كهذا الذي يروّج له بعض إخواننا الطوارق يا للأسف، متجاهلين الماضي التاريخي والواقع الديموغرافي المعاصر في المنطقة.
الثانية: جماعة أنصار الدين وحلفاؤها:
وهي حركة إسلامية طارقية بشكل أساسي، تهدف إلى تطبيق الشريعة بما فيها الحدود في جميع أرض مالي، وقد تحالفت الجماعة مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، حتى مع جماعة بوكو حرام النيجيرية، وهي كلها حركات إسلامية متشدّدة، تتبنّى الفكر الجهادي ضد الحكومات الإسلامية التي لا تطبّق الشريعة في العقوبات.
وقد تعاونت الجماعات الإسلامية مع الحركة العلمانية الانفصالية لطرد القوات النظامية من الشمال، الأمر الذي تم لها بتاريخ 1/4/2012م بالسيطرة على مدينة تمبكتو، بعد سيطرتهم على جاوو وكيدال قبل ذلك.
وقام تعايش متوتّر بين الطرفين بعد ذلك، انتهى بمعركة جاوو الذي قتلت فيها الجماعات الإسلامية المتشدّدة بعض مقاتلي الحركة الانفصالية، وطردوا قادتهم من المدينة التي كانوا أعلنوها عاصمة لدولتهم في شهر يونيو 2012م.
وبهذا أصبح الإسلاميون منفردين بالسيطرة على المناطق الشمالية كلها، وأما الحركة الانفصالية فأصبح وجودها يقتصر على وسائل الإعلام فقط؛ حيث انضم مقاتلوها لأنصار الدين، أو لجؤوا للدول المجاورة، أو بقوا متخفين داخل مالي دون سلاح.
هذا هو الوضع الذي ظللنا عليه طيلة الأشهر السبعة الماضية؛ لوجود مساع محليّة ودولية كبيرة تُبذل لإنهاء الأزمة بالمفاوضات والطرق السلميّة منعاً لأي تدخّل أجنبي في دولة مالي الإسلامية.
ولكن الجميع فوجئوا بأن الحركات الإسلامية المتشدّدة التي تسيطر على المناطق الشمالية تهدّد دولة مالي بتوسيع عملياتها نحو الجنوب؛ بدعوى أن سلطات مالي غير جادة في المساعي السلميّة، وخصوصاً بعد استصدارها قانوناً من الأمم المتحدة لشرعنة التدخّل العسكري الأجنبي لتحرير المنطقة من سيطرة الجماعات المسلحة في حال إخفاق المساعي السلميّة.
وكان المجتمع الدولي قد وضع مهلة للمساعي السلميّة تمتد إلى شهر سبتمبر 2013م، لكن القوة العسكرية هاجمت مدينة كونا في وسط البلاد وسيطرت عليها، تفادياً لأية مفاجأة مؤلمة قد تؤدي لانهيار الدولة بكاملها، أو على الأقل تكرار تجربة جاوو المؤلمة عندما سيطر عليها الطوارق يوم 31/3/2012م؛ حيث خربّوا الممتلكات العامة والخاصة، ونهبوا محتوياتها، وأخذوا كلّ ما بأيدي سكان جاوو السود من سيارات ودراجات نارية، بل ارتكبت عناصر منهم جريمة اغتصاب النساء جماعياً، وأحياناً أمام الأزواج، كما تواترت بها الشهادات، وهكذا وجدنا أنفسنا في الوضع الحالي الذي ندعو الله أن ينهيه بما فيه خير العباد والبلاد.
ثالثاً: ما الأفكار والتصوّرات الباعثة للقوم إلى هذه التحرّكات؟
لقد علمنا أن الذين يقفون خلف الأزمة الحالية جهتان، هما: الطوارق علمانييهم وإسلامييهم، إضافة إلى جماعات إسلامية متشدّدة أخرى من قبائل كثيرة؛ أهمّها العرب والفلاني والصنغاي.
وفيما يخص الإسلاميين فلن نطيل الحديث عن أفكارهم، بالرغم من أنهم هم الذين يسيطرون على الميدان هذه الأيام، وخلاصة ما نقوله عنهم أنهم جماعات إسلامية متشدّدة، بعضهم ماليون، وخصوصاً في عناصر جماعة أنصار الدين، وبعضهم أجانب، وهم بعض عناصر حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، وأكثر عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجميع عناصر بوكو حرام النيجيرية، جمعتهم فكرة الجهاد من أجل تطبيق الشريعة، على أن بعض عناصر هذه الجماعات معروفون بتورّطهم خلال العقد الأخير في خطف السيّاح الأجانب، لمبادلتهم بالمال، أو مقابل إطلاق سراح بعض عناصرهم المعتقلين.
وهذه الجماعات يوجد إجماع محلي ودولي بشأنها، وهو ضرورة إجراء مفاوضات لحلّ الخلاف سلميّاً مع المحليّة منها، وقد بدأت إجراءات الحلّ السلمي في كلّ من وغادوجو والجزائر ومالي مع قادة هذه الحركة، ولم توقفها إلا العمليات الأخيرة التي بدأت بتاريخ 10 يناير 2013م الماضي.
وأما الأجنبية منها؛ فيرى الجميع وجوب مغادرتهم لدولة مالي فوراً دون شروط مسبقة، وعدم الجلوس معهم للتفاوض، حتى بقية الجماعات المسلّحة يرون وجوب خروج المسلّحين الأجانب فوراً، فقد جاء في البيان الختامي لما سُمّي باسم «الملتقى الأول لعلماء ومثقّفي أزواد» ما نصّه: «فلذا ارتأى من حضر من العلماء المجتمعين في ملتقى كيدال الأول لعلماء ومثقّفي أزواد: أن يجتمع الناس على مبايعة السيد الرئيس بلال أغ الشريف والياً للمسلمين في جميع أراضي «دولة أزواد»؛ على إقامة دولة تحكم بالشريعة الإسلامية حسب تعاليم الكتاب والسنّة؛ على ضوء فهم السلف الصالح»(17)، كما أصدر المؤتمرون جملة من التوصيات المهمّة فيما يتعلق بالوحدة بين الأزواديين بما يخدم المصلحة العليا للوطن، ودعوا الجماعات المسلّحة الأجنبية للخروج باحترام من أزواد(18).
وأما الطائفة الكبيرة والمسؤولة في الحقيقة بشكل رئيس عن كلّ هذه الأزمات؛ فهي التي نريد أن نتعرف بشيء من التفصيل بعض أفكارها.
الحقيقة أنه عندما يقرأ الإنسان في الكتب التي يؤلّفها بعض إخواننا الطوارق في الآونة الأخيرة، وفي المقالات التي يكتبونها وينشرونها على مواقع الإنترنت، سواء في ذلك المواقع التابعة لهم أو المواقع الإخبارية والدعوية المفتوحة، يُقابل بأفكار تسمّم حتماً العلاقة بين الطوارق وإخوانهم في مالي، وهذه الأفكار هي التي تُبلور دائماً في شكل تمرّد وأعمال عنف.
ومن أهم هذه الأفكار:
1 – أن الطوارق ظُلموا وهُمّشوا، ومُورس ضدّهم التطهير العرقي، والإبادة الجماعية، والتهجير القسري(19).
2 – أن دولة مالي لم تهتم بالتنمية في مناطقنا، بل همّشتها، بينما اهتمّت كثيراً بالمناطق الجنوبية، وبذلت الأموال لتنميتها(20).
3 – أن الطوارق دعاة، وهم من قام بمقاومة الاستعمار والجهاد ضده بشجاعة كبيرة.
4 – أن الصحراء ملك الطوارق، وهم سادتها، ومن ثم يجب تكوين الدولة الطارقية في الصحراء، وخصوصاً في المناطق التي يسكنها الطوارق.
4 – أن دولة مالي دولة زنجية عنصرية ضد الطوارق، وجيشها بالنسبة للطوارق كالجزار للبهائم، يقتل الطوارق بسبب ودون سبب(21).
5 – أن الطوارق أكراد إفريقيا، وزّعهم الاستعمار على مجموعة من الدول، ويجب عليهم العمل على توحيد مناطقهم في دولة قومية واحدة تخصّهم، وبهذا الصدد يتساءل أحد كتّاب الطوارق: «لماذا كانت موريتانيا سبّاقة، بعد فرنسا والمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، إلى رفض الاعتراف بالدولة الحلم، التي تشبه في معاناتها الدولة الكردية التي شتّتتها الدول، ورفضت بعضها حتى الاعتراف بحق الأكراد في التفكير بلغتهم، نفس الشيء يعاني منه الطوارق الذين وزّعوا على 4 دول في المنطقة»(22).
6 – عدم شعور الطوارق بالانتماء لدولة مالي، يعبّر أحدهم عن هذا فيقول: «لم يشعر الأزواديون يوماً أنهم جزء من دولة مالي، ولا مالي شعرت يوماً أنها جزء من أزواد، وبالعكس كانا دائماً خطين متوازيين عرقياً اجتماعياً وتاريخياً»(23).
هذه بعض الأفكار التي يروّج لها هذا التيار الانفصالي، ويسمّم بها العلاقات الإنسانية والدينية بين شعب مالي المسلم، ولكن الذي يجهله هؤلاء، أو يتجاهلونه، هو أن تاريخ هذه المنطقة حظي بتدوين وتوثيق كبيرين يجعلانه يستعصي على التحريف والتبديل.
ومن أسباب ذلك:
– المنطقة كما أسلفنا لم يكن اسمها ولو مرة «أزواد»، كما سبق أن ذكرنا في المحور الأول.
– ودعوى التهميش، لا أريد الخوض فيها؛ لما يكتنفها من الحساسيات، فالحقيقة أن سكان المنطقة يعانون مقارنة بمناطق مالي الجنوبية، ولكن الحقيقة أيضاً أن سبب هذه المعاناة بيئية أكثر من كونها سياسية، فمنطقة شمال مالي منطقة صحراوية لا تنتج مثل ما تنتجه المناطق الجنوبية من المحاصيل الزراعية.
– ومحاولة وصف الماليين بالظلم دعوى مغرضة عارية عن الصحة، بل يكذّبها الواقع والتاريخ، فالواقع يشهد أن الشعب المالي مسالم ومحب للآخر، وخصوصاً عندما يكون هذا الآخر عربياً أو طارقياً.
كما أن التاريخ يشهد ضد هذه الدعوى المضللة، ويكفي هنا أن نسوق كلاماً لابن خلدون الذي زار مالي في القرن الرابع عشر الميلادي؛ حيث يقول عن أهل مالي: «فمن أفعالهم الحسنة قلّة ظلمهم… ومنها شمول الأمن في بلادهم، فلا يخاف المسافر فيها ولا المقيم من سارق ولا غاصب… ومنها مواظبتهم للصلوات، وهم يجعلون لأولادهم القيود إذا ظهر في حقّهم التقصير في حفظ القرآن الكريم، فلا تفك عنهم حتى يحفظوه»(24).
– وما يُذكر من الاضطهاد ليس عليه دليل، وإنما يقصد به ردّ فعل الدولة على أعمال التمرّد، والمدنيون الذين قد يروحون ضحايا لمثل هذه الأعمال المسلّحة حيثما وجدت، أما أن يقصد الشعب الطارقي بالقتل لمجرد هويته الطارقية فأمر بعيد الحدوث في مالي، وأنا من شمال مالي أعرف العلاقة المتميزة التي تربطنا بالطوارق، والاحترام البالغ الذي نكنّه لهم.
– والاعتزاز بمقاومة الاستعمار ليس حكراً على قبيلة دون أخرى في مالي، فجميع قبائل مالي قاومت الاستعمار الفرنسي ببسالة، وقدّمت آلاف الشهداء في ذلك؛ بل إن الماليين الجنوبيين قاوموا الاستعمار مدة تزيد على عشر سنوات قبل أن يبدأ الشماليون بمقاومته، وفي هذا يقول القشاط: «وما أن وصل الفرنسيون في زحفهم إلى أرض الصحراء الكبرى، حيث يقيم الطوارق، حتى هبّوا مدافعين عن صحرائهم وعن دينهم، وخاضوا معارك مشرّفة ضد المستعمرين بسلاحهم البدائي، ولم يكونوا وحدهم في هذا الشرف، بل كان معهم الكثيرون من القبائل العربية في المنطقة، وغير العربية، كالهوسا والفلان والبامبارة وجرما والتبو والقرعان والشواة، وكانت هذه المجموعات يجمعها الدين المشترك والدفاع عنه»(25).
– أما أن هذه المناطق تختلف عن دولة مالي، وأنها لم تخضع لها قط، فدعوى عجيبة يردها التاريخ؛ إذ المعلوم أن مالي هي التي كانت تحكم تمبكتو قبل الطوارق والصنغاي، وأن أحد سلاطين مالي بنى في تمبكتو المساجد، واستقدم إليها العلماء، ووفّر لمكتباتها الكتب النافعة والنادرة، كما سبقت الإشارة إليه، وكما يقول المؤرّخ السنغالي منصور فاي رحمه الله: «وكان السبب في وصول مدينة تمبكتو وغيرها من مدن مالي إلى هذه المكانة؛ هو عناية هذا السلطان – يقصد منسا كانكو موسى – بشأن العلم والعلماء، فمن المعلوم أنه استقدم عدداً كبيراً من العلماء إلى بلاده، خاصة من القاهرة والمغرب والأندلس، حتى قام بالتدريس في جامعة تمبكتو فقهاء عصره من شتّى البلدان والأقطار… كما اشترى خلال رحلة حجّه المشهورة عن طريق القاهرة عدداً كبيراً من الكتب لكي يستفيد منها أهل بلاده، فامتلأت البلاد بالكتب وبالعلماء من السودانيين وغيرهم، واشتهرت مدينتا تومبوكتو وجاوو على وجه الخصوص لكونهما مركزين للدين والتجارة فضلاً عن الشهرة العلمية؛ حيث عاش العلماء في أمن ورفاهية تحت رعاية سلطان البلاد»(26).
والآثار الإسلامية الموجودة في تمبكتو وجاو وجني وغيرها، والتي نعتز بها اليوم، هي من إنجاز الملوك السودانيين، وبخاصة الملك المالي كانكو موسى، وملك الصنغاي أسكيا الحاج محمد.
– وأما كون الطوارق موزعين على أربع دول كالأكراد، فهذه الحقيقة المرّة لا يعانيها الطوارق والأكراد فقط، وإنما هي ظاهرة تعانيها جميع الشعوب التي كانت مستعمرة، وتجاوز الآثار السلبية لهذا التوزّع العرقي تحتاج إلى ممارسات حضارية واعية، لا تقضي على العلاقات البشرية والدينية، ولا تصطدم بثوابت الدين الإسلامي.
رابعاً: التصوّر المستقبلي لواقع المنطقة وواجب أبنائها:
بالنسبة للمتشدّدين الإسلاميين؛ فستؤثر تجاوزاتهم حتماً في وضع الدعاة والنشاطات الدعوية في مالي، فسيكون الدعاة الصالحون محلّ مساءلة وغرضاً أمنياً في الدولة إلى وقت لا يعلم مداه إلا الله، كما أن فعلهم هو الذي أعطى الغرب مسوّغاً للتدخّل العسكري في مالي المسلمة المسالمة.
وأما الفكر الانفصالي العنصري وما يبطنه؛ فنقول بشأنه: إن هذا التفكير الذي يروّج له بعض إخواننا الطوارق، وبدأ يجد صدى لدى بعض إخواننا العرب، وخصوصاً في موريتانيا المجاورة، ينذر بمستقبل مجهول لهذه المنطقة.
ولهذا أذكّر الغيورين الصادقين من أبناء مالي بشكل عام، وأبناء شمال مالي بشكل خاص، بما يأتي:
– أن سكان هذه المنطقة كانوا يعيشون في ظلّ الإسلام كالجسد الواحد، يتعاونون على تقدّم الدولة ونشر الدين الإسلامي ولغة القرآن الكريم، فكان ملك مالي كانكو موسى يجلب العلماء وكتب العلم لجميع مراكز الدولة، وعلى رأسها مركز تمبكتو.
– وكان الملك أسكيا محمد، وسلالته من بعده، يخدمون أهل العلم في هذه المنطقة، ويقلدونهم المناصب الدينية دون اعتبار عرقي، بل إن أسكيا محمد بنى بيتاً في مكة خلال رحلة حجّه، وجعله للحجاج السودانيين.
– نعم كنّا متحّدين، ولم يفرقنا إلا هذا الاستعمار الغربي البغيض، ولله! درّ شيخنا محمد أحمد الشفيع حيث يقول: «لقد خلق الإسلام وحضارتُهُ من منطقة شمال إفريقيا والصحراء الكبرى والجزء الأكبر من السودان الغربي، وجزء من السودان الأوسط الواقعين جنوب الصحراء الكبرى، منطقة حضارية، متشابهة القسمات الثقافية، ومتشابكة العلاقات البشرية والدينية والسياسية والتجارية والاقتصادية بصفة عامة… وقد استمرت تلك العلاقات الإنسانية العريقة التي حقّقها الإسلام حتى جاء الاستعمار الغربي في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، فاستولى على هذه المناطق، وعمل على القضاء على تلك العلاقات الحضارية العريقة»(27).
ويقول أيضاً: «وقد أحدث الاستعمار الغربي منذ احتلاله لتلك المناطق انقطاعاً خطراً في العلاقة بين سكان هذه المناطق؛ مما أدى إلى فترة ارتباك حضاري خلال فترة الاحتلال الأوروبي»(28)، فهل نكون نافخي كير هذه الفتنة الطائفية التي خلّفها الاستعمار بيننا، والتي تدلّ على ضيق الأفق والتقوقع على النفس.
– أن هذا الأسلوب الذي سلكه بعض إخواننا الطوارق لا يخدم مصلحة أحد منّا، والأمة الطارقية هي التي تتضرر قبل غيرها بتبنّي هذا النهج، فواجبنا نحن المسلمين نبذ الطائفية والعنصرية، والاتجاه نحو أسباب ترسيخ التعايش السلمي بين شعوب مالي فيما بينها، وبين شعوب مالي وبقية شعوب العالم.
– أدعو المثقفين في هذه الدولة، وبخاصة العلماء منهم، أن ينهضوا من غفوتهم التي طالت، ويهبوا للإسهام الفعّال في نهضة بلادهم، بالالتفاف حول الحقّ ونصرته، ودحض التخلّف والرجعية بكل أساليبهما، ونشر الإسلام الوسط المعتدل الذي بلّغه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فنحن أمة وسط، وأي تشدّد وتطرّف في ديننا يعطي عدوّنا – وهو أقوى منّا بجميع المقاييس المادية – ذريعة لضربنا استناداً لقوانينهم التي ألبسوها صفة عالمية، فالحكمة الحكمة أيها الإخوة!
– أن هذه المنطقة هي اليوم شمال مالي وحسب، وأي محاولة أخرى لفصلها وتأسيس دولة قومية بها لجنس واحد من سكّانها يُعد مطلباً عنصرياً وإثارة لفتنة ضحاياها الأول هم سكان هذه المناطق قبل بقية الدولة، ولو تبنّت جميع القبائل مثل هذه الفكرة لأصبحت الدنيا كلها براكين من الفتن تغلي؛ لأن جميع القبائل قام الاستعمار بتجزئتها فعلاً بين عدة دول، فواجبنا هو البحث عن حلّ يمنع هذا التجزيء من أن يكون حاجزاً بيننا، يمزقنا ويحول دون تكاملنا وتواصلنا.
– أن المسلم ينبغي له أن يتأسف على هذه الحدود المصطنعة بين الدول الإسلامية، ويعمل جهده حتى لا تكون سبباً لإضعاف الأمة الإسلامية؛ إذ الواجب على كلّ مسلم غيور اليوم هو العمل على تحقيق الوحدة الفكرية التي ستنتهي بالوحدة الترابية بين المسلمين، وهذا يعني أن نكون ممن يتصفون بسعة الأفق في التفكير والطرح.
– التحاور التحاور يا أبناء مالي! إن الذي يمزقنا اليوم هو عدم الحوار، فقد صيّرنا هذه الحدود الوهمية حواجز فولاذية تقف دون التحامنا وتبادلنا للآراء.
اللهمّ! أبرم لهذه الأمة أمر رشد، يُعز فيه أهل الطاعة، ويُذلّ فيه أهل المعصية، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، ويُحكم فيه بكتابك، اللهم آمين.
الإحالات والهوامش:
(*) عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عضو اتحاد علماء إفريقيا، عضو المجلس الإسلامي الأعلى في مالي، عضو رابطة الدعاة في مالي، نائب رئيس جمعية الثقافة والتضامن في مالي، المدير العام لمعهد الأمل التقني المهني في باماكو، مدرس الفقه المقارن في جامعة الساحل في باماكو مالي.
(1) انظر مثلاً مقال: الحق التاريخي الأول، المنشور بتاريخ 31/12/2012م، والمقال منشور على هذا الرابط:
http://ar.mnlamov.net/index.php/constants/37sn/48concepts.html
(2) انظر التفاصيل في: تاريخ السودان، لعبد الرحمن بن عبد الله السّعدي، نشر المكتبة الأمريكية والشرقية، باريس 1981م، ص 4.
(3) انظر التفاصيل في كتاب: أسكيا الحاج محمد وإحياء مملكة الصنغاي الإسلامية، للدكتور منصور فاي، نشر كلية الدعوة الإسلامية بطرابلس، ط 1 – عام 1997م، ص 15 – 17.
(4) د. محمد سعيد القشاط: التوارق عرب الصحراء الكبرى، نشر مؤسّسة ذي قار، ط 3 – عام 1999م، ص 22.
(5) نقله عن محمد أحمد الشفيع، وهو من الكتّاب المعروفين، من طوارق النيجر، وهو من مشايخي، فقد درّسني في الجامعة الإسلامية بالنيجر مادة الفكر الإسلامي ومناهج الدعوة، وهو رجل خلوق ومحترم، يحب أبناء هذه المنطقة دون تمييز عنصري، وكان يدرّسنا في تلك الفترة طارقي آخر من طوارق النيجر، وهو القاسم البيهقي رحمه الله تعالى، الذي كان يدرّسنا مادة التاريخ، وقد أهدى إليّ خاصة بعض ما كتبه في تاريخ المنطقة قبل نشره في مجلة حوليات الجامعة الإسلامية بالنيجر، وكان الرجلان الطارقيان من أفاضل أساتذتنا بالنيجر، ويحظيان بحب جميع الطلبة لحسن سيرتهما، ونسأل الله تعالى أن يكثر من أمثالهما في أبناء المنطقة أسودهم وأبيضهم.
(6) انظر التفاصيل في: التوارق عرب الصحراء، للقشاط، مصدر سابق، ص 28 ، 31.
(7) تاريخ السودان، للسّعدي، مرجع سابق، ص 25.
(8) أسكيا الحاج محمد، د. منصور فاي، مصدر سابق، ص 91 ، 92، نقلاً عن تاريخ الفتاش لمحمود كعت.
(9) تاريخ السودان، لعبد الرحمن السّعدي، مرجع سابق، باريس 1981م، ص 64 ، 65.
(10) د. أحمد شلبي: تاريخ العالم الإسلامي، مكتبة النهضة المصرية، ط 12 – عام 1987م، ص 264.
(11) هو القاسم البيهقي الذي أشرت إليه عند حديثي عن محمد أحمد الشفيع، فهو من طوارق النيجر الطيبين.
(12) القاسم البيهقي: بعض مراكز الإشعاع الإسلامي في إفريقيا جنوب الصحراء، موضوع منشور في حوليات الجامعة الإسلامية بالنيجر، العدد الثالث، ص 40 ، 41.
(13) لقد ترجم «أحمد بابا» في هذا الكتاب لشيخه السوداني محمد بغايوغو، وبالغ في وصفه وصلاحه، كما تحدّث عن علماء آخرين، يمكن الرجوع إلى حياتهم في الكتاب في التراجم رقم: 135، 144، 145، 156، 267، 270، 326، 458، 459، 730،ة 736، 746 وغيرها، وانظر: كذلك تاريخ السودان، للسّعدي، ص 16 – 63.
(14) محمد أحمد شفيع: العلاقات العريقة بين مناطق الشمال الإفريقي وجنوب الصحراء الكبرى وغرب إفريقيا في مجال الثقافة العربية، مقال منشور في مجلة حوليات الجامعة الإسلامية بالنيجر، عدد 3 – 1997م، ص 61.
(15) أقول: «من بعض طوارق مالي»؛ لأن كثيراً من الطوارق لم يقبلوا الانضمام لهذه الفتنة، بالرغم مما يلصقه بهم المتمرّدون من صفة الخيانة لأمّتهم، ويمارسون مهامّهم بثبات في المناطق الجنوبية، كما أن كثيراً ممن انضموا لهذا التمرّد انضموا إليه ليس قناعة به؛ ولكن خوفاً من أمرين: أحدهما: ألا يُوصفوا بالخيانة من قِبل المتمرّدين، والثاني: الخوف من أن يكونوا ضحايا لانتقام زملائهم السود الذين قد يتصرفون خارج القانون والضوابط العسكرية؛ لأنهم يرون كلً هذه التمرّدات يقودها طوارق.
(16) محمد أغ محمد: مقال بعنوان: محاولة تشخيص وحلّ للأزمة الأزوادية، منشور بتاريخ 31/12/2012م، في وكالة أنباء أزواد، انظر: http://azawadpress.com/opinions/50120121231171835.html
(17) وهذا الكلام يفتقر إلى المصداقية، فحركة بلال أغ الشريف تؤكّد علمانيتها، وترفض إقامة دولة إسلامية، ويرفضون مجرد الجلوس على طاولة مفاوضات واحدة مع حركة أنصار الدين الإسلامية الطارقية، فهذا الكلام لا يعدو كونه من الآمال الطيبة لبعض من كتبوا البيان.
(18) بيان الملتقى منشور على هذا الرابط: http://ar.mnlamov.net/index.php/thenews/20920120624092100.html
(19) أحمد ناصر السوقي: مقال: جمهورية أزواد الديمقراطية والتحديات، منشور في:
http://www.azawadpress.com/opinions/259q23.html
(20) المقال السابق نفسه، لأحمد ناصر السوقي.
(21) للاطلاع على مزيد من مثل هذه الأفكار؛ انظر كتاب: الرجال الزرق، الطوارق… الأسطورة والواقع، لعمر الأنصاري.
(22) محمد نعمة عمر: مقال: لِم نحرم الرجال الزرق حقهم في تقرير المصير؟، منشور في: http://www.azawadpress.com/opinions/272qq34.html
(23) امشاروق أكلي شكا: مقال: أزواد الحلم الذي أصبح حقيقة، منشور في:
http://www.azawadpress.com/opinions/267q29.html
(24) القاسم البيهقي: بعض مراكز الإشعاع الإسلامي في إفريقيا جنوب الصحراء…، مصدر سابق، ص 39.
(25) التوارق عرب الصحراء، مصدر سابق، ص 220.
(26) د. منصور فاي: الملامح الحضارية…، مصدر سابق، ص 27، ود. منصور فاي متخصّص في تاريخ السودان، وله كتابان قيّمان فيه، وكان أستاذنا في التاريخ في الجامعة الإسلامية بالنيجر، رحمه الله رحمة واسعة.
(27) محمد أحمد شفيع: العلاقات العريقة بين مناطق الشمال الإفريقي…، مصدر سابق، ص 53.
(28) المصدر السابق، ص 64.