تمهيد:
تكافح القارة الإفريقية منذ ستينيات القرن الماضي، من أجل إنشاء جهاز قضائي قارّي، مكتمل الاختصاصات، كامل النمو، ومستقل ومُلزِم. ولقد مرَّت المنظومة العدلية القارية، ولم تزل تمر، بمخاض عسير.
ولكن يبدو للمتتبع لتلك الجوانب، أن الجبل قد تمخَّض وولد فأرًا. فقد انتهى الكفاح من أجل إقامة محكمة إفريقية، مُلزِمة على الورق، محبوكة الصياغة القانونية، ولكنها وكأنها حبر على ورق، شأنها شأن المحاكم العالمية؛ تقف مكتوفة الأيدي أمام الجرائم التي يندى لها الجبين، ويشيب لها الولدان. وليست جرائم الإبادة الجماعية، والانقلابات العسكرية والحروب الأهلية بالقارة عنا ببعيد؛ ويبدو أن الجوانب القانونية مُسيَّسة بدرجة كبيرة.
وبناء عليه، تتناول المقالة المحكمة الإفريقية للعدل وحقوق الإنسان؛ من حيث التأسيس والفعالية، والتحديات، من خلال المحاور التالية:
- أولًا: المحكمة الإفريقية… إرهاصات ما قبل التأسيس.
- ثانيًا: المحكمة الإفريقية للعدل وحقوق الإنسان… الماهية والتأسيس.
- ثالثًا: تنظيم المحكمة.
- رابعًا: اختصاصات المحكمة.
- خامسًا: الكيانات والجهات المقبولة للتقاضي أمام المحكمة.
- سادسًا: إجراءات المحاكمة وتنفيذ العقوبة.
- سابعًا: أهم قرارات المحكمة.
- ثامنًا: التحديات التي تواجه المحكمة وأولوياتها المستقبلية.
أولًا: المحكمة الإفريقية… إرهاصات ما قبل التأسيس
بعد قيام منظمة الوحدة الإفريقية في مايو 1963م، تركَّز اهتمام المنظمة -لمدة عقدين من الزمن- على إنهاء الاستعمار، والقضاء على نظام الفصل العنصري. وعلى الرغم من موافقة المنظمة على مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م في ديباجة ميثاق المنظمة، إلا أنه لم يُعدّ تعزيز وحماية حقوق الإنسان داخل الدول الأعضاء في المنظمة أمورًا ذات أولوية، وتركزت جهودها على الاستقلال دون مراعاة الحريات والحقوق الفردية.
في المقابل، صعَّدت جماعات مختلفة من ضغوطها على المنظمة في الأيام الأولى من إنشائها من خلال الكشف عن بعض انتهاكات حقوق الإنسان في القارة، واتهموا المنظمة بالتخلّي عن هدفها الأساسي في استعادة كرامة الأفارقة، كما اتهموها بازدواجية المعايير بسبب إدانتها للفصل العنصري، بينما فشلت في إدانة انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي ارتكبتها بعض الدول الأعضاء. في الوقت نفسه، كانت مجموعات الضغط تعمل على تشجيع إنشاء آلية لحماية حقوق الإنسان. ابتداءً من مؤتمر لاجوس في عام 1961م الذي نظَّمته اللجنة الدولية للحقوقيين، مرورًا بالحلقة الدراسية برعاية الأمم المتحدة لعام 1979م في “مونروفيا” بشأن إنشاء لجان إقليمية لحقوق الإنسان، مع إشارة خاصة إلى إفريقيا.
وفي يوليو 1979م، وتحديدًا في مدينة مونروفيا (ليبيريا)، اعتُمِدَ قرار يدعو الأمين العام للمنظمة لتشكيل لجنة من الخبراء تقوم بوضع مشروع/ مسودة لميثاق إفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الإفريقية. والذي تم الموافقة عليه واعتماده بالإجماع في نيروبي، كينيا عام 1981م. ودخل حيّز النفاذ في 21 أكتوبر من 1986م، وتم إعلان هذا التاريخ والاحتفال به بوصفه يوم حقوق الإنسان الإفريقي([1]).
لم ينصّ الميثاق عند اعتماده على إنشاء المحكمة، لكن شهد تطوُّر القضاء في إفريقيا تدرجًا مهمًّا؛ بدأ بالمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والتي تأسست بموجب البروتوكول الخاص بالميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان. وقد اعتمد هذا البروتوكول بشأن إنشاء محكمة إفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في مدينة “واجادوجو”، في بوركينا فاسو يوم 9 يونيو 1998م، ودخل حيّز النفاذ في 25 نوفمبر 2004م. وأنشئت المحكمة من أجل استكمال مهمة الحماية الممنوحة للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. وتعتبر قراراتها نهائية وملزمة للدول الأطراف. كما اعتمد الاتحاد الإفريقي محكمة العدل للاتحاد الإفريقي التي أُنشئت ببروتوكول 11 يوليو 2003م في “مابوو” بموزمبيق، ودخل حيّز النفاذ في 11 فبراير 2009م.([2])
ثانيًا: المحكمة الإفريقية للعدل وحقوق الإنسان… الماهية والتأسيس
تُعدّ المحكمة الإفريقية للعدل وحقوق الإنسان هي الهيئة القضائية الوحيدة ذات الولاية لحماية حقوق الإنسان من الانتهاكات الجسيمة والجريمة المنظمة والإرهاب في القارة. ومِن ثَم فهي الذراع القضائي للاتحاد الإفريقي علمًا بأنه بمقتضى بروتوكول شرم الشيخ في مصر المعتمد في 1 يوليو 2008م؛ فقد تم دمج محكمة العدل للاتحاد الإفريقي والمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في محكمة واحدة سُمِّيت باسم المحكمة الإفريقية للعدل وحقوق الإنسان.
هذه المحكمة تُمثِّل تطورًا مُهمًّا في نوع الجرائم ونوع المسؤولية المقامة أمام هذه المحكمة. وهو ما استدعى وضع برتوكول ثانٍ وهو برتوكول مالابو في غينيا الاستوائية خلال عام 2014م، والذي لم يدخل بعدُ حيِّز التنفيذ. وأضيفت للمحكمة في هذا البرتوكول الأخير اختصاصات جنائية واسعة شملت الجرائم الدولية، والجريمة المنظمة، وجرائم الإرهاب، وجريمة القرصنة، والجرائم ضد أنظمة الحكم. ولم تتم أيضًا المصادقة على هذا البروتوكول مِن قِبَل أيّ دولة. إلا أن الدول التي تصادق على البرتوكول يصبح ساري المفعول في حقها.
هذا، وقد صادقت 34 دولة عضوًا في الاتحاد الإفريقي على البروتوكول المنشئ للمحكمة. من بين هذه الدول، تعترف ثماني دول باختصاص المحكمة في قبول طلبات الأفراد والمنظمات غير الحكومية، وهي: بوركينا فاسو، وغامبيا، وغانا، وغينيا بيساو، ومالاوي، ومالي، والنيجر، وتونس. وسحبت أربع دول أخرى إعلاناتها التي تعترف باختصاص المحكمة، وهي: رواندا (عام ٢٠١٦م)، وتنزانيا (عام ٢٠١٩م)، وبنين (عام ٢٠٢٠م)، وكوت ديفوار (عام ٢٠٢٠م).
وتُعتبر المحكمة هي الجهاز القضائي الوحيد ذا الطابع المختلف عن المحاكم الدولية أو المحاكم الجنائية الخاصة أو الدولية، وحتى عن المحكمة الجنائية الدولية. فهذه المحكمة لها طابع خاص، وهي أنها محكمة منبسطة، أي أن اختصاصها يجمع بين اختصاصات محكمة العدل الدولية، وهي النظر في نزاعات الدول طبقًا لقواعد المسؤولية الدولية، واختصاصات المحكمة الجنائية الدولية، وهي النظر في الجرائم الدولية، وهذا النوع من المحاكم يُسمَّى محاكم مُعمَّمة؛ لما لها من اختصاص عام يشمل عدة مجالات قانونية.
كما أن هذه المحكمة أُنشئت عن طريق بروتوكول أو اتفاق بين الدول الإفريقية، وهو ما جعلها محكمة وجهازًا قضائيًّا تامّ الوجود ذا طابع توافقي قانوني. وشكل الدمج الذي حصل للمحكمتين هو محاولة تكون موفقة في إيجاد أو نوع من المحاكم يجمع بين مساءَلة الدول والأفراد، وكل الكيانات التي ترتكب الجرائم والانتهاكات. وتتَّحد طبيعة المساءلة تبعًا لمرتكب الجريمة والجهات التي سيُعْرَض عليها النزاع، وهذه الخاصية تجعلها فريدة في طبيعة المسؤولية أو الأشخاص محل المساءلة أمامها، وكذا الفرع أو الجهاز الذي سينظر في الجُرْم المُرتكَب.
كما أن نوع هذه المحكمة من حيث السماح لكيانات مختلفة بالتقاضي أمامها، أو رفع الدعاوى أمام فروعها المتنوعة التي تضم القضايا العامة وقضايا حقوق الإنسان، وكذا القانون الدولي والجنائي؛ جعلها محكمة متطورة، خاصةً وأن واضعي نظامها الأساسي أدركوا حقيقة أن الجرائم الدولية والجريمة المنظّمة والإرهاب والعدوان هي جرائم مترابطة، وتحتاج هذا النوع من الفروع والأجهزة وهذا النوع من الاختصاص؛ خاصةً أمام تطبيقها لمبدأ التكامل الوطني وعدم التضاد الدولي مع المحكمة الجنائية الدولية.
وتعقد المحكمة أربع دورات عادية سنويًّا، ودورات استثنائية بدعوة من رئيسها. وخلال دورتها الثامنة والخمسين العادية، اعتمدت نظامها الداخلي الجديد ودخل حيّز التنفيذ في 25 سبتمبر 2020م.([3])
ثالثًا: تنظيم المحكمة
1-تشكيل المحكمة:
وتتشكل المحكمة من 16 قاضيًا وفقًا لبروتوكول شرم الشيخ؛ (8) قضاة في فرع القضايا العامة، و(8) في فرع حقوق الإنسان. وإذا تم اعتماد بروتوكول “مالايو” يُضاف إليه فرع القانون الدولي الجنائي، والذي يتكون من ثلاث غرف تمهيدية وابتدائية واستئنافية، مع ترك تعيين القضاة للنظام الداخلي المعتمَد. ويكون قضاة المحكمة من مواطني الدول الإفريقية الأطراف في النظام السياسي. ولا يجوز بأيّ حال من الأحوال أن يكون في المحكمة أكثر من قاضٍ واحد من نفس الدولة العضو. ويكون التمثيل لكل أقاليم القارة الإفريقية (3) قضاة لكل جهة. ما عدا جهة الغرب فيمثلها (4) قضاة، ويكون هؤلاء القضاة مستقلين ومنتخبين من الأشخاص المعروفين بحيادهم ونزاهتهم ولديهم المؤهلات المطلوبة. أما وفق بروتوكول “مالابو” فإنه يُشترط التخصص في مجال القانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي الجنائي.([4])
وينتخب المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي القضاة، ويتم تعيينهم مِن قِبَل مؤتمر الاتحاد الإفريقي بالاقتراع السرى، وبأغلبية الأصوات، ويُراعَى في انتخابهم التوزيع الجغرافي العادل والتمثيل العادل للجنسين، ومدة ولايتهم وفق المادة 08/1 من بروتوكول شرم الشيخ؛ فهي 6 سنوات، ويتم إعادة انتخابهم لمرة واحدة، أما بالنسبة لبروتوكول “مالابو” فإن مدة ولاية القضاة 9 سنوات غير قابلة للتجديد، على أن ولاية 5 قضاة خلال الانتحاب الأول تنتهي بعد 3 سنوات، وتنتهي مدة 5 قضاة بعد 6 سنوات، ويتم ذلك بعد عملية قرعة يقوم بها رئيس المؤتمر ورئيس المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، ويمارس القضاة مهامهم بالدوام الجزئي.
2-هياكل المحكمة:
مكتب المدعي العام: هذا الجهاز غير مذكور في بروتوكول شرم الشيخ؛ لعدم تعلق النظام الأساسي بمسائل تتعلق بالجرائم الدولية والمتبعة الجزائية، ولكنه اقتُرِحَ في بروتكول “مالابو”، ويتألف هذا المكتب من مُدَّعٍ عامّ، ونائبين له يُنتَخَبون جميعًا من طرف مؤتمر الاتحاد الإفريقي، ويكونون من رعايا الدول الأطراف، ويمارس المدعي العام ولايته لمدة 7 سنوات غير قابلة للتجديد، أما نائباه فيعملون لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. ويساعد المكتب عدة موظفين يعملون بكل كفاءة وفاعلية. وللمكتب عدة صلاحيات منها مسؤوليته عن التحقيق والملاحقة القضائية عن الجرائم المُدرَجة في النظام الأساسي، وذلك وفقًا للمادة 22/أ/6، وله الحق في استجواب المتهمين والضحايا والشهود، وجَمْع الأدلة والتحقيق في عين المكان.
كما يقوم المدعي العام بالأمر تلقائيًّا بإجراء تحقيق على أساس معلومات متعلقة بجريمة ما تتدرج ضمن اختصاصات المحكمة، كما يجوز له تحليل خطورة المعلومات المتلقاة، واستقائها من الدول أو أجهزة الاتحاد الإفريقي أو منظمة الأمم المتحدة، أو من المنظمات الحكومية أو غير الحكومية، أو أي مصادر أخرى يراها ملاءمة، ويجوز له تلقّي شهادات كتابية أو شفوية.
رئيس المحكمة: تنتخب المحكمة بكامل عضويتها خلال دورتها العادية الأولى، أو خلال دوراتها العادية رئيسًا، وكذا نائب الرئيس لمدة ثلاث سنوات، ويجوز إعادة انتخابهم لمرة واحدة وفق ما ذكرته المادة 22/1 من بروتوكول شرم الشيخ، أما بروتوكول “مالابو”؛ فقد حدَّد مدة ولايتهما بسنتين فقط، ويُعيّن الرئيس ونائبه قضاة فروع المحكمة بالتشاور مع أعضاء المحكمة، ويرأس الرئيس كل جلسات المحكمة، وينوب عنه نائبه في كافة جلسات المحكمة، وفق المادة 22/4 من بروتوكول مالابو.
قلم كتاب المحكمة: وفق بروتوكول شرم الشيخ فإن مؤتمر الاتحاد الإفريقي هو مَن يحدد شروط خدمة كُتّاب ضبط المحكمة، أما بالنسبة لبروتوكول “مالابو” فإن قلم كتاب المحكمة يتكون من مسجل وثلاثة مسجلين مساعدين، ويُعيَّنون وفق لوائح ونظام العاملين في الاتحاد الإفريقي، ويعمل المسجل لمدة 7 سنوات غير قابلة للتجديد، أما مساعدوه فيعملون لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ويكون مسؤولاً عن الجوانب غير القضائية للمحكمة، ويساعده عدة موظفين آخرين بحسب احتياج المحكمة، وينشئ المسجل داخل قلم المحكمة عدة وحدات؛ منها وحدة الضحايا والشهود، وهي تقدم المشورة للمحكمة والمساعدات الملائمة للضحايا والشهود، ووحدة إدارة الاحتجاز، التي تقوم بإدارة ظروف احتجاز المشتبه فيهم والأشخاص المتهمين.
مكتب الدفاع: وهو جهاز غير مذكور في برتوكول شرم الشيخ، وانما ذكره برتوكول “مالابو”، وهو جهاز مستقل ومنفصل عن المحكمة، وهو مسؤول عن حماية حقوق الدفاع، وتقديم الدعم والمساعدة للمحامين، ومستحقي المساعدة القضائية، وهو يضمن وجود مرافق كافية للمحامين، وتجهيز القضايا، ويرأس مكتب الدفاع محامي رئيسي يُعيّن مِن قِبَل مؤتمر الاتحاد الإفريقي، ولهذا رئيس مكتب الدفاع عدة مساعدين لأداء مهمته، ويكون مقر المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بمدينة أروشا، تنزانيا، ولغة عملها هي لغات عمل الاتحاد الإفريقي.
رابعًا: اختصاصات المحكمة
تتكون المحكمة من ثلاثة فروع، فرع القضايا العامة وفرع قضايا حقوق الإنسان وهما الفرعان المدرجان في بروتوكول شرم الشيخ، أما فرع القانون الدولي الجنائي فهو مذكور في بروتوكول مالابو.
عند تحديد الاختصاص، ويجب ضمان تطبيق معيار رباعي الأبعاد:([5])
- الاختصاص الموضوعي: يجب أن تتعلق الادعاءات بانتهاكات حقوق الإنسان المحمية في الميثاق الإفريقي أو أيّ صك آخر لحقوق الإنسان صادقت عليه الدولة المعنية.
- الاختصاص الشخصي: يجب أن يكون مقدمو الطلبات مُدرَجين ضمن الجهات المسموح لها برفع دعاوى أمام المحكمة الإفريقية من دولة قدَّمت إعلانًا بقبول اختصاص المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان.
- الاختصاص الزمني: يجب أن تكون الانتهاكات المزعومة قد وقعت بعد تصديق الدولة المعنية على البروتوكول المنشئ للمحكمة الإفريقية.
- الاختصاص الإقليمي: يجب أن تكون الانتهاكات المزعومة قد وقعت على أراضي الدولة المعنية.
- يتبع النظر في الطلبات وإصدار الأحكام والقرارات والتدابير المؤقتة، وغيرها من القرارات الإجراءات القانونية الواجبة المطبقة في أيّ محكمة مُشكَّلة بشكل سليم. وتستمع المحكمة إلى الطرفين، وتُقيِّم الأدلة، وتستدعي الشهود عند الضرورة، وتُصدر الأحكام.
وللمحكمة عدة اختصاصات؛ من أهمها ما يلي:
1-الاختصاصات العامة: للمحكمة اختصاص على كل قضية أو مسألة أو خلاف ذي طابع قانوني، ويتعلق بتطبيق أو تفسير القانون التأسيسي، أو تفسير أو تطبيق أو صلاحية المعاهدات الخاصة بالاتحاد الإفريقي، وكافة الوثائق المعتمَدة في إطار الاتحاد الإفريقي، وكذلك تفسير أو تطبيق ميثاق الاتحاد الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، وكذا الميثاق الإفريقي لحقوق المرأة، أو أيّ وثيقة قانونية أخرى متعلقة بحقوق الإنسان، وهو ما نصت عليه المادة رقم 28 من بروتوكول شرم الشيخ، كما تنظر المحكمة في أيّ مسألة تتعلق بالقانون الدولي، وكل أعمال وقرارات ونظم وتوجيهات الاتحاد الإفريقي، وكل المسائل المنصوص عليها في الاتفاقات الدولية المعقودة بين دول الاتحاد، أو بين الدول والاتحاد الإفريقي، كما تنظر في الوقائع التي تُشكِّل انتهاكًا للالتزام إزاء الدول والأطراف أو إزاء الاتحاد، كما تختص بطبيعة ومدى التعويض المترتب عن عدم الوفاء بالالتزام.([6])
كما أن للمحكمة أن تُقدِّم آراء استشارية في كل مسألة قانونية بناء على طلبٍ من أيّ جهاز من أجهزة الاتحاد الإفريقي كالمؤتمر أو المجلس التنفيذي أو مجلس السلم والأمن، وتكون بعريضة مكتوبة بشرط ألا تكون القضية معروضة على اللجنة الإفريقية أو اللجنة الإفريقية للخبراء، وهو ما نصت عليه المادة 53 من برتوكول شرم الشيخ، ويقوم كاتب الضبط بالمحكمة بتوجيه طلب الرأي الاستشاري إلى كافة الدول والأجهزة المؤهلة للتقاضي أمام المحكمة. ويحق لهذه الأطراف تقديم تعليقات على طلب الرأي الاستشاري، وتنطق المحكمة برأيها الاستشاري في جلسة علنية بعد إبلاغ رئيس المفوضية للاتحاد الإفريقي والدول الأعضاء والمنظمات الدولية المعنية بصورة مباشرة. ويكون الأساس القانوني لإصدار هذه الآراء الاستشارية هو أحكام النظام الأساسي للمحكمة التي تُطبّق على القضايا المتنازع عليها، وفي حدود الاعتراف بقابليتها للتطبيق وفق المادة 56 منه، ويخص هذا الحكم فرعي القضايا العامة وفرع حقوق الإنسان والشعوب.
2-الاختصاصات الجنائية: بالنسبة للاختصاصات الجنائية فهي غير مذكورة في بروتوكول شرم الشيخ، وإنما ذكرت في بروتوكول “مالابو” بعد استحداث فرع القانون الدولي الجنائي، فللمحكمة اختصاص جنائي دولي أصلي على الجرائم الدولية؛ مثل الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحروب، وجريمة التغيير غير الدستوري للحكومات، القرصنة والإرهاب والارتزاق، والفساد وغسل الأموال، والاتجار بالبشر، والاتجار في المخدرات، والاتجار غير المشروع في النفايات الخطيرة، والاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية، وكذا جريمة العدوان، هذه الجرائم الـ14 يجوز وفق للمادة 28/أ/02 من بروتوكول “مالابو” توسيعها وإضافة جرائم دولية أخرى إليها من أجل إبراز تطور القانون الدولي الجنائي، وتحديد عدم قابلية هذه الجرائم من الخضوع للتقادم، وهذه الجرائم هي: الإبادة الجماعية الجريمة ضد الإنسانية -جرائم الحرب -جريمة التغيير غير الدستوري للحكومة – القرصنة – الإرهاب- الارتزاق- الفساد- غسل الأموال -الاتجار بالبشر- الاتجار بالمخدرات -الاتجار غير المشروع بالنفايات الخطيرة -الاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية- جريمة العدوان.
3-الاختصاصات الأخرى: (الاختصاص الشخصي والزماني والتكميلي): بالنسبة للاختصاص الشخصي فلم يُشِر بروتوكول شرم الشيخ إلى الأشخاص محل المساءلة على اعتبار أنه حدد الكيانات التي يمكنها التقاضي أمامه، عكس برتوكول “مالابو”، والذي يختص بالجرائم الدولية والجرائم الخطيرة والتي يتطلب تحديد الاختصاص الشخصي فيها، أما الاختصاص الشخصي للمحكمة فإنه مُحدَّد بنوع المسؤولية محل الجريمة؛ حيث تُعدّ مخالفة كل ما يرتكبه يكون مرتبطًا بأيّ من الجرائم أو المخالفات التي ينص عليها النظام الأساسي للمحكمة، وتتمثل في التحريض والتشجيع والتنظيم أو الأمر أو المساعدة أو التمويل، أو النصح أو المشاركة كفاعل رئيسي أو شريك أو متواطئ في أيّ مخالفة منصوص عليها في النظام الأساسي والبروتوكول، كما نصت المادة 14/3 و4 من بروتوكول “مالابو” على حالتي الشريك والتواطؤ أو محاولة ارتكاب أحد الأفعال السابق الإشارة إليها.
كما نصت المادة 46/ب من بروتوكول “مالابو” على أن كل شخص يرتكب مخالفة منصوص عليها في هذا البروتوكول يكون مسؤولًا عنها بصفة شخصية، ونصت ذات المادة في فقرتها الثانية على حكم آخر وهو أنه لا تُعفي الصفة الرسمية للمتهم من المسؤولية الجنائية أو تُخفِّف من العقوبة، على أن المادة التي سبقتها حطمت هذا الحكم بأن علقت ممارسة المحكمة لاختصاصها على أيّ رئيس حكومة أو موظف سامٍ للدولة خلال فترة ولايته.
كما أن ذات النظام الأساسي للمحكمة أدرج اختصاصًا للمحكمة على الأشخاص المعنوية أو المؤسسات باستثناء الدول في المادة 46/ج من بروتوكول “مالابو”، وذلك بإثبات نية الكيان المعنوي وقصده في ارتكاب المخالفة، كما يمكن مساءلتها في حالة المعرفة الفعلية أو البناءة للمعلومات الخاصة بالمخالفة، كما أن مسؤولية الأشخاص المعنوية لا تستبعد مسؤولية الأشخاص الطبيعيين المسؤولين عن نفس الجريمة، كما أن ذات المحكمة ليس لها اختصاص على الأشخاص أقل من 18 عامًا.
أما الاختصاص الزمني للمحكمة فإنه بالنسبة لبروتوكول شرم الشيخ؛ فقد حدَّد دخول التعديل حيز التنفيذ بالنسبة لكل دولة توافق عليه وفق قوانينها الدستورية بعد إشعار رئيس المفوضية بهذه الموافقة 30 يومًا، أما بالنسبة لبروتوكول “مالابو” فإنه يكون ممارسة الاختصاص بعد دخول البروتوكول والنظام الأساسي حيز النفاذ، وفي حال أصبحت دولة طرف في البروتوكول والنظام الأساسي للمحكمة بعد دخوله حيز التنفيذ لا يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إلا بالنسبة للجرائم المرتكبة بعد دخول البروتوكول والنظام الأساسي حيّز التنفيذ.
أما الاختصاص التكميلي فإنه طبقًا لبروتوكول شرم الشيخ فليس للمحكمة أيّ اختصاص مُكمّل للقضاء الوطني، عكس بروتوكول “مالابو” الذي أشار إلى أن للمحكمة اختصاصًا تكميليًّا للمحاكم الوطنية ولمحاكم المجموعات الاقتصادية الإقليمية الإفريقية، وبالتالي تُقِرّ المحكمة عدم قبول أي دعوة تكون موضع تحريات أو تحقيقات مِن قِبَل دولة لها صلاحية النظر في ذلك. إلا إذا أبدت الدولة المعنية ترددًا أو كانت غير قادرة على مباشرة التحقيق والملاحقة، أو في حالة عدم شروع الدولة في التحقيق والمقاضاة ضد الشخص المعني بسبب ترددها أو عجزها عن ذاك، أو إذا تمت محاكمة الشخص محاكمة فعلية، أو كانت وقائع الدعوى بسيطة.
أما عن بحث المحكمة في تردد الدولة في عدم المحاكمة؛ فإن ذلك حدّد في حالات منها حالة أنه جرت المحاكم من سلطة قضائية تسعى لحماية المتهم، أو حدث تأخير غير مبرر في محاكمته، أو أن سير المحاكمة لم يكن بشكل مستقل ومحايد، أما عن عجز الدولة فيظهر في انهيار كلي أو جزئي للنظام القضائي لتلك الدولة أو عدم وجوده، أو عدم قدرته على إتمام المحاكمة، وهو ما نصت عليه المادة 46/ح/3/4 من البروتوكول، وإذا ما تمت محاكمة المتهم محاكمة حقيقية فإنه لا يجوز محاكمته عن ذات الفعل مرتين إلا إذا تبين أن محاكمته كانت لحمايته من المسؤولية الجنائية الدولية، أو أنه لم تُراع ضمانات المحاكمة العادلة في محاكمته.
ولم ينص بروتوكول شرم الشيخ على أيّ شروط للممارسة المحكمة لاختصاصها وأبقى على القواعد العامة المدرجة في النظام الداخلي للمحكمة، على بروتوكول “مالابو”، والذي لم يدخل حيز التنفيذ بعدُ؛ إذ أشار إلى الشروط المسبقة لممارسة الاختصاص، والمتمثلة في أن الدولة التي تصبح طرفًا في البروتوكول والنظام الأساسي للمحكمة تقبل اختصاص المحكمة فيما يتعلق بالجرائم المنصوص عليها في المادة 28/أ، وللمحكمة أن تمارس اختصاصها بالنسبة لفروع القانون الدولي الجنائي إذا انطبقت واحدة أو أكثر من الشروط التالية:
- الدولة التي وقع على إقليمها السلوك قَيْد البحث، أو دولة السفينة أو الطائرة إذا كانت الجريمة ارتُكِبَت على متن سفينة أو طائرة.
- الدولة التي يكون فيها المتهم أحد رعاياها.
- الأعمال التي تتجاوز الحدود الإقليمية المرتكبة من أجانب، والتي تُهدِّد المصالح الحيوية لتلك الدول.
- كما يجوز لدولة غير طرف أن تقبل اختصاص المحكمة عن طريق إعلان يُودَع لدى المسجل.
- أما عن القانون الواجب التطبيق أمام المحكمة فإنه وفقًا للمادة 31 من النظام الأساسي الوارد في بروتوكول شرم الشيخ على المحكمة أن تأخذ في الحسبان عند القيام بعملها:
- القانون التأسيسي.
- المعاهدات الدولية أو الخاصة التي تكون الأطراف قد صدّقت عليها.
- العُرف الدولي كدليل على تطبيق عام ومقبول باعتباره هو القانون.
- المبادئ العامة المعترف بها دوليًّا أو مِن قِبَل الدول الإفريقية.
- أحكام القضاء وفقه الخبراء في القانون الدولي، ونظم توجيهات وقرارات الاتحاد الإفريقي، أو أي قانون آخر يتعلق بالبتّ في القضية.
- قواعد العدالة والإنصاف.
أما بالنسبة لبروتوكول “مالابو” فإن القانون الواجب هو المواد 28/أ/1/2/3 منه، وكذا المواد المتعلقة بمختلف الجرائم الوارد ذكرها، وهي المواد من 28/ب على المادة 28/م منه، والسابق دراستها إزاء دراسة الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة.
خامسًا: الكيانات والجهات المقبولة للتقاضي أمام المحكمة
تنص المادة 29 من النظام الأساسي للمحكمة في بروتوكول شرم الشيخ على أن الجهات المسموح لها بالتقاضي أمام المحكمة، هي الدول الأطراف في هذا النظام البروتوكول والمؤتمر والبرلمان والأجهزة الأخرى للاتحاد الإفريقي المُرخَّص لها مِن قِبَل المؤتمر، وأحد موظفي الاتحاد الإفريقي الذي يتظلم في نزاع قانوني، ولا يُسمح للدول غير الأعضاء في الاتحاد بالتقاضي أمامها، على أن هذا يكون في القضايا العامة وليس في القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، أما المادة 15 من برتوكول “مالابو” فقد أضافت مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، وعدَّلت المادة 15 من بروتوكول “مالابو” المادة 29 السابق الإشارة إليها في بروتوكول شرم الشيخ بأن أضافت لها فقرة تتعلق بكيان جديد له حق تحريك الدعوى، وهو المدعي العام للمحكمة، كما نصت المادة 18 من بروتوكول 2014م المعدلة للمادة 36 من النظام الأساسي للمحكمة، على أن الشخص المتهم في إطار الاختصاص الجنائي الدولي له حق الدفاع عن نفسه أو بواسطة محاميه.([7])
وتوسعًا للكيانات التي لها حق التقاضي أمام المحكمة؛ سمحت المادة 30 من بروتوكول شرم الشيخ لكيانات أخرى بالتقاضي أمامها في أيّ انتهاكات يضمنه الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981م، وكذلك الميثاق الإفريقي حول حقوق الطفل ورفاهيته لعام 1990م، أو أي وثيقة تتعلق بحقوق الإنسان تكون الدول الأطراف المعنية قد صادقت عليها، وهي الدول الأطراف في هذا البروتوكول، واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، واللجنة الإفريقية حول حقوق الطفل ورفاهيته، والمنظمات الحكومية الإفريقية المعتمدة لدى الاتحاد الإفريقي والمؤسسات الوطنية الإفريقية لحقوق الإنسان، والأفراد والمنظمات غير الحكومية المعتمدة لدى الاتحاد الإفريقي، أو لدى أجهزته.
وتزامنًا مع هذا الحل أضافت المادة 16 من بروتوكول “مالابو” تعديلاً جديدًا، بإضافة كيانات أخرى لها حق التقاضي أيضًا أمام المحكمة، وهي الأفراد الأفارقة أو المنظمات غير الحكومية الإفريقية التي تتمتع بصفة مراقب لدى الاتحاد الإفريقي أو أجهزته أو مؤسساته فقط في حالة الدولة التي أصدرت إعلانًا تقبل بموجبه اختصاص المحكمة.
سادسًا: إجراءات المحاكمة وتنفيذ العقوبة
1-الإجراءات:
يتم تحريك الدعوى أمام المحكمة الإفريقية للعدل وحقوق الإنسان أمام فرعي القضايا العامة وفرع حقوق الإنسان كلّ على حدة، أما إذا كانت أمام فرع القضايا العامة فإن ذلك يكون بواسطة عريضة مكتوبة تُوجّه لكاتب ضبط المحكمة، مع الإشارة إلى موضوع النزاع والوسائل القانونية التي تبنى عليها العريضة، ويرسل كاتب الضبط العريضة إلى كافة الأطراف المعنية، كما يبلغ كاتب الضبط عن طريق رئيس المفوضية الدول الأعضاء، أو أجهزة الاتحاد إذا كان متنازعًا في قرارتها.
أما إذا كان تحريك الدعوى أمام فرع حقوق الإنسان، فإن ذلك يكون بعريضة مكتوبة تُوجّه لكاتب ضبط المحكمة، وتشير العريضة إلى الحق أو الحقوق المعتدى عليها، أو إلى حكم أو أحكام الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان، أو حقوق الطفل ورفاهيته، أو بروتوكول الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب المتعلق بحقوق المرأة، ويرسل كاتب الضبط العريضة إلى كافة الأطراف المعنية، وإلى رئيس المفوضية الإفريقية، غير أنه يجوز للمحكمة أمام كل الفرعين اتخاذ الإجراءات المؤقتة لضمان حقوق الأطراف في انتظار الوصول إلى الحكم النهائي مع تبليغ كافة الأطراف ورئيس المفوضية الإفريقية بالإجراءات المؤقتة.
وتكون جلسات المحكمة في هذين الفرعين علنية؛ ما لم تُقرّر المحكمة ذلك أو يطلبه أحد الأطراف، وتكون الأغلبية المطلوبة لقرارات المحكمة هي بأغلبية القضاة الحاضرين، وفي حال التعادل يكون صوت الرئيس مرجحًا، ويكون في كل جلسة محضر بوقّعه كاتب ضبط الجلسة وقاضي المحكمة الذي يترأس الجلسة.
على أنه في حال تخلُّف أحد الخصوم تواصل المحكمة بحث القضية ونطق الحكم، وتكون الأحكام مسببة وتُبلّغ بها الأطراف المعنية، وكذا مفوضية الاتحاد الإفريقي، ويجوز لكل قاضٍ إبداء رأيه المخالف، ويكون حكم المحكمة ملزمًا بحسب المادة 46/01 من برتوكول شرم الشيخ، وعلى أطراف النزاع الالتزام بذلك، وفي حالة امتناع أحد الأطراف عن تنفيذه تقوم المحكمة بعرض الموضوع على مؤتمر الاتحاد الإفريقي لاتخاذ الإجراءات الواجبة لتنفيذ القرار، ويجوز للمؤتمر أن يفرض عليها عقوبة بمقتضى أحكام المادة 23/2 من برتوكول شرم الشيخ.
هذه الإجراءات التي سبق ذكرها تكون بالنسبة لفرع القضايا العامة وفرع حقوق الإنسان، أما بالنسبة لفرع القانون الدولي الجنائي فإن المادة 17 من بروتوكول “مالابو”، الملحق بالنظام الأساسي للمحكمة، أشارت إلى أن تقديم الدعوى أمام فرع القانون الدولي الجنائي يتم من المدعي العام أو مَن يقوم بذلك نيابة عنه، ويُبلّغ مسجل قلم المحكمة ذلك إلى جميع الأطراف المعنية، وكذا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي؛ فإذا خلص المدعي العام إلى أن هناك أساسًا معقولًا لإجراء تحقيق فإنه يقدم طلب الترخيص بإجراء تحقيق للغرفة التمهيدية مرفقًا به وثائق العمل المجمعة، وبعد دراسة الغرفة التمهيدية للطلب واقتناعها بوجود أساس للتحقيق؛ فإنها تُرخِّص ببدء التحقيق في ذلك.
بعد إتمام إجراءات التحقيق تشرع الغرفة الابتدائية بمحاكمة الأشخاص المتهمين طبقًا للمادة 19/ مكرر/4 من برتوكول “مالابو”، وتتم المرافعات وسماع الشهود والمواجهة، ويَصْدُر الحكم بالإدانة أو البراءة، ويكون مُسبَّبًا تسببًا قانونيًّا بناء على ما دار في جلسة المحكمة.
2- المراجعة والتدخل في الخصام:
يكون حكم المحكمة قابلًا للمراجعة بالنسبة لفرع القضايا العامة وفرع حقوق الإنسان، عند اكتشاف وقائع جديدة، بشرط أن تكون هذه الوقائع عاملًا حاسمًا في بيان الحكم ولم تكن معروفة من قبل، وكذا الطرف طالب المراجعة قبل النطق بالحكم، على ألا يكون هذا الجهل ناتجًا عن إهمال، وتكون إجراءات المراجعة بقرار المحكمة ينص على وجود وقائع جديدة جدية، وتعلن قبول طلب المراجعة، ويجوز للمحكمة اشتراط تنفيذ الحكم المسبق، ويقدم طلب المراجعة في أجل 6 أشهر من اكتشاف الوقائع الجديدة، ويتقادم بمرور 10 سنوات من تاريخ صدور الحكم.
كما يمكن التدخل في الخصام في هذين الفرعين وفق المادة 49 من برتوكول شرم الشيخ في حال كانت أحد مصالح دولة عضو أو جهاز من أجهزة الاتحاد الإفريقي القانونية قد تم المساس بها بإقرار محل التدخل، ويرجع للمحكمة النظر في هذا الطلب، كما يجوز التدخل في قضية تفسير القانون التأسيسي للمحكمة أو تفسير أي معاهدات أخرى في حال تعلق الأمر بإحدى القضيتين السابقتين في قضية تهم دولة أخرى غير الدول الأطراف في الخلاف، فيقوم كاتب الضبط بإشعار جميع هذه الدول وأجهزة الاتحاد الإفريقي في أقرب وقت ممكن.
أما بالنسبة لفروع القانون الدولي الجنائي فيجوز الطعن في قرار الغرفة التمهيدية أو الابتدائية من طرف المدعي العام، أو المتهم في حالات الخطأ الإجرائي، أو في حالة الخطأ في تطبيق القانون، أو الخطأ المادي، كما يجوز الطعن في قرار بشأن الاختصاص أو مقبولية القضية أو الحكم بالبراءة أو الإدانة وفقًا للمادة 48/3 من بروتوكول “مالابو”، ويكون دور دائرة الاستئناف تأكيد أو تعديل أو إعادة النظر في القرار المطعون فيه، ويكون قرارها نهائيًّا بعد ذلك.
3- العقوبات والغرامات:
دون إخلال بما للمحكمة من قدرة على إصدار أحكام التعويض بناء على طلب أحد الأطراف؛ يجوز لها إذا رأت انتهاكًا لحق من حقوق الإنسان والشعوب أن تأمر بأي إجراءات مناسبة لمعالجة الوضع بما في ذلك منح تعويض عادل، ويكون هذا بالنسبة لفرعي القضايا العامة وحقوق الإنسان.
أما بالنسبة لفرع القانون الدولي الجنائي فإنه طبقًا للمادة 43/أ من بروتوكول “مالابو”، فقد حددت جملة من العقوبات الجسدية والمالية على الشخص المدان؛ حيث استبعدت ذات المادة عقوبة الإعدام واكتفت بالسجن والغرامات المالية وإعادة الممتلكات والمواد المكتسبة بطريقة غير شرعية، كما يمكن للمحكمة الحكم بالتعويض ورد الحقوق بعد تحديد جسامة وأهمية الضرر، أما بالنسبة للتعويض فإنه في فروع المحكمة عدا فرع القانون الدولي الجنائي فإن المحكمة تأمر بأي إجراءات مناسبة لمعالجة الوضع؛ بما في ذلك منح تعويض عادل، والمادة 45 من بروتوكول “مالابو” حددت جملة من المبادئ للتعويض وجبر الضرر، لا سيما إعادة الممتلكات، والتعويض، ورد الحقوق، ويكون ذلك بطريقة تضمن حقوق الضحايا وتكون كافية بالقدر اللازم لجبر الضرر الذي أصابهم، وقد أنشأ البروتوكول صندوقًا ائتمانيًّا لغرض المساعدة القضائية لفائدة ضحايا الجرائم المادة 46/م من بروتوكول ملابو.
وتعلن هذه العقوبات أمام الملأ، وبحضور المتهم إذا أمكن، وتأخذ المحكمة عند تقديرها هذه العقوبات عدة عناصر منها خطورة الجريمة، والوضع الخاص للشخص المدان، كما يجوز للمحكمة وفق المادة 43/5 من بروتوكول “مالابو” أن تأمر بإعادة الممتلكات والموارد المكتسبة بطريقة غير شرعية إلى مالكها الشرعي أو الدولة المعنية.
ونصت المادة 46/ي من بروتوكول “مالابو” على أنه تُنفّذ عقوبة السجن في دولة تُعيِّنها المحكمة من قائمة الدول التي أبدت استعدادها لاستقبال المحكوم عليهم، ويكون ذلك بعد إبرام اتفاق قبلي بين المحكمة والدولة المستقبلة، أما بالنسبة لعقوبة الغرامة المحكوم بها فإن المادة 46/ي/ مكرر من بروتوكول “مالابو” أشارت إلى أن الدول الأطراف تقوم بتنفيذ تدابير التغريم أو المصادرة دون المساس بحقوق الأطراف حسني النية، وكذلك الأمر بالنسبة للمصادرة.
سابعًا: أهم قرارات المحكمة
تستقبل المحكمة الإفريقية حوالي 25 قضية سنويًّا في المتوسط. منذ أن بدأت عملها عام 2010م.
وهي تتنوع بين الاختصاصات العامة والاختصاصات الجنائية، وكذا الاختصاصات الأخرى المتمثلة في الاختصاص الشخصي والزماني والاختصاص التكميلي.
وقد تلقت 354 طلبًا بشأن مسائل خلافية و17 طلبًا للحصول على آراء استشارية. وقد فصلت في 226 طلبًا و15 رأيًا استشاريًّا، ولديها 126 طلبًا قيد النظر.([8])
في عام ٢٠١٤م، قضت المحكمة الإفريقية بأن على حكومة بوركينا فاسو تقديم تعويضات لأقارب الصحفي الاستقصائي البوركينابي، نوربرت زونغو، عن اغتياله عام ١٩٩٨م. ورأت المحكمة أن الحكومة لم تُجرِ تحقيقات كافية ولم تُلاحق مرتكبي جريمة قتل زونغو (الذين يُعتقد أنهم من الحرس الرئاسي)، وأن قتل الصحفي كان يهدف إلى ترهيب الصحفيين الآخرين، مما أدى إلى خنق حرية التعبير. وامتثلت حكومة بوركينا فاسو لحكم المحكمة بدفع التعويضات واستئناف التحقيق، مما أدى إلى اعتقال شقيق الرئيس السابق، فرانسوا كومباوري، في فرنسا، والذي لا يزال يُكافح لتسليمه إلى بوركينا فاسو.
وفي قضية بوب تشاتشا وانغوي ومركز الحقوق القانونية والإنسانية ضد تنزانيا، قضت المحكمة الإفريقية عام ٢٠٢٣م بعدم جواز نشر كبار موظفي الخدمة المدنية في تنزانيا لتنظيم الانتخابات الوطنية؛ نظرًا لما يشكله ذلك من تهديد للحياد السياسي وحقوق المواطنين في انتخابات حرة ونزيهة.
وقد رُسخت هذه الممارسة في عهد الرئيس السابق جون ماغوفولي، وأقرتها المحاكم التنزانية، مما دفع مقدمي الطلبات إلى تقديم طلب إلى المحكمة الإفريقية. واستجابةً لهذا الحكم، وافقت الحكومة التنزانية برئاسة سامية حسن على تعديل قانون الانتخابات الوطنية وقانون الإجراءات الجنائية.
كما قضت المحكمة في عام ٢٠١٨م بأن الإدانة الجنائية وسجن زعيمة المعارضة إنغابير فيكتوار أوموهوزا في رواندا يُعدّان انتهاكًا لحريتها في التعبير، وذلك لتصريحها بأن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت خلال الإبادة الجماعية في رواندا ارتُكبت ضد الهوتو والتوتسي على حد سواء. ويُنظَر إلى هذا الحكم على أنه سهّل إطلاق سراح السيدة أوموهوزا من السجن في وقتٍ لاحق من ذلك العام.
وفي قضية مكافحة الزواج القسري والمبكر في مالي، قضت المحكمة الإفريقية عام 2018م بأن جوانب من قانون مالي للأفراد والأسرة لعام 2011م -بما في ذلك صحة الزيجات التي تشمل زواج الصغار، والأفراد غير الموافقين، والزواج الغيابي- تنتهك ليس فقط معاهدات حقوق الإنسان للاتحاد الإفريقي (بما في ذلك الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاهية الطفل)، ولكن أيضًا اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وقد رفعت القضية منظمتان غير حكوميتين ماليتين لم تتمكنا من الطعن في القانون بموجب النظام القانوني المالي.([9])
هذا، ولا تؤدي جميع القضايا المعروضة على المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى أحكام لصالح المدعين. فعلى سبيل المثال، في قضية روموارد ويليام ضد جمهورية تنزانيا المتحدة بشأن الانتهاك المزعوم للحق في الحياة، وجدت المحكمة الإفريقية أنه لم يكن هناك خطأ في الإجراءات القانونية الواجبة، وأن اعتقال المدعي وإدانته لم يكونا تعسفيين. ومع ذلك، فقد وجدت المحكمة أيضًا أن فرض عقوبة الإعدام الإلزامية يخالف الميثاق الإفريقي؛ إذ حُرم المسؤول القضائي من سلطة تقديرية لتطبيق عقوبات بديلة، مع مراعاة الظروف الخاصة بارتكاب الجريمة وحالة الجاني. وأمرت المحكمة تنزانيا، على النحو الواجب، بمواءمة قانون العقوبات لديها مع أحكام الميثاق. كما أمرت تنزانيا بإلغاء الحكم، وإخراج المدعي من جناح الإعدام، وإعادة النظر في قضيته عند النطق بالحكم من خلال إجراءٍ يسمح بسلطة تقديرية قضائية.
وهناك العديد من الأمثلة الأخرى على أهمية المحكمة الإفريقية. ولعل أبرزها هو العدد الهائل من القضايا المعروضة على المحكمة. وهذا يدل على أن المحكمة لا تزال تحظى بثقة المواطنين في جميع أنحاء القارة باعتبارها “محكمة الملاذ الأخير” عندما يتعذر عليهم السعي لتحقيق العدالة عبر القنوات المحلية.
ومع أن قرارات المحكمة الإفريقية لا تُنفّذ جميعها، إلا أن ولايتها لا تزال مهمة؛ لأن كل قضية تُرسي سابقةً تُحدد معايير حقوق الإنسان التي تُشكل مسؤوليات الدول تجاه مواطنيها. هذه المعايير، بدورها، مُصمَّمة لتطبيقها مِن قِبَل هيئات وأجهزة الاتحاد الإفريقي الأخرى، ولا سيما المفوضية الإفريقية ولجنة الخبراء الإفريقية المعنية بحقوق الطفل ورفاهيته (لجنة الطفل)، بالإضافة إلى الهيئات السياسية مثل البرلمان الإفريقي والهيئات الوطنية في جميع أنحاء القارة. ومن اللافت للنظر أن هذه المعايير والمقاييس يحرص حتى مَن لا يحترمها على أن يُنظر إليه على أنه متمسك بها.
كما تُذكّر المحكمة الإفريقية بأن حقوق الإنسان شأن إفريقي، وليست مجرد مفهوم غربي. وهذا يُبدِّد الحجة التي يسوقها البعض بأن الأفارقة الذين يُعززون حقوق الإنسان ويطالبون حكوماتهم بمعايير أعلى هم مجرد “دمى” في أيدي جهات غربية.
ثامنًا: التحديات التي تواجه المحكمة وأولوياتها المستقبلية
على الرغم من إنجازاتها المهمة؛ تواجه المحكمة الإفريقية تحديات جمة؛ حيث تفتقر المحكمة إلى قدرة إنفاذ فعَّالة، وهي مشكلة تشترك فيها مع محاكم إقليمية ودولية أخرى، مثل محكمة العدل لشرق إفريقيا، ومحكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، ومحكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية. ولذلك، لا تستطيع المحكمة إنفاذ أحكامها، ولا تملك سلطة إجبار الدول على احترام أوامرها. ويُطلب من المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب فقط الإبلاغ عن حالات عدم الامتثال إلى المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، الذي سيدعو الدول عمليًّا إلى التعاون معها. وقد أظهر تقرير صادر عن المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب عام ٢٠٢١م أن حوالي ٧٪ فقط من أحكامها، وتقريبًا لا شيء من أحكامها المتعلقة بالتدابير المؤقتة، قد نُفِّذ.([10])
في بعض الحالات، اعتبرت الدول قرارات المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب تدخلًا في سيادتها. وأفضل مثال على هذا الموقف هو سحب أربع دول لإعلاناتها التي تسمح للأفراد والمنظمات غير الحكومية برفع دعاوى مباشرة أمام المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، بسبب قرارات لم تكن في صالح الدول المعنية.
لقد أرست المحكمة الإفريقية ممارسة متابعة الامتثال لقراراتها من خلال تقاريرها السنوية المنشورة، والتواصل المباشر مع مفوضية الاتحاد الإفريقي وأجهزة السياسة التابعة له، والمشاركة في قمم الاتحاد الإفريقي، وبعثات التوعية للدول الأعضاء، والتواصل مع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني. إلا أن هذه الممارسات لم تثبت فعاليتها في ضمان احترام أوامرها.
يرتبط حجم القضايا المرفوعة أمام المحكمة الإفريقية ارتباطًا عكسيًّا بمتانة المؤسسات الديمقراطية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي. وتُواجه المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب اليوم ردّ فِعْل عنيفًا بسبب سلسلة الانسحابات التي أدت إلى انخفاض حاد في عدد الطلبات الواردة حديثًا.
يحدث هذا في ظل خلفية من القمع المتزايد ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، وتقلّص الحيّز المدني في إفريقيا. وبالتالي، يمكن القول: إن سجل المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب مؤشر إنذار مبكر موثوق به لتقلص الحيّز الديمقراطي. وإذا استمر الاتجاه القاري للتراجع الديمقراطي، فهذا يعني أن عددًا متزايدًا من المواطنين الأفارقة غير قادرين على التماس العدالة داخل بلدانهم. لكنّ سَحْب الاعتراف بالولاية القضائية وضعف الالتزام بعمل المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب يكشفان أيضًا عن تراجع في خطاب حقوق الإنسان بين الدول الإفريقية.
وعلى سبيل المثال، كانت بوركينا فاسو من أقوى الداعمين للمحكمة الإفريقية منذ إنشائها؛ حيث امتثلت تمامًا لجميع قرارات المحكمة. ومع ذلك، يحكم هذا البلد اليوم مجلس عسكري يرفض الاستماع إلى معاناة الناجين من مذبحة وقعت في فبراير/شباط 2024م. ويُزعم أن أفرادًا من الجيش هم من ارتكبوا هذه المذبحة. تجدر الإشارة إلى أن النيجر ومالي، الخاضعتين حاليًّا للحكم العسكري، لم تسحبا اعترافهما باختصاص المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، مما جعلها ملاذًا للضحايا لطلب الانتصاف من انتهاكات حرياتهم.
ويتطلب معالجة المشكلات التي تواجه المحكمة الإفريقية تحولاً في المواقف على عدة مستويات، من أهمها ما يلي ([11]):
- يجب على الدول الإفريقية احترام الاتفاقيات التي تُوقّعها، والتحلي بالنزاهة والبصيرة اللازمة لتمكين المؤسسات الرئيسية، مثل المحكمة الإفريقية والمفوضية الإفريقية، من العمل بكفاءة. ويُرسل هذا رسالة مؤسفة مفادها أن الحكومات الإفريقية تُقيِّد المؤسسات الإفريقية عن أداء واجباتها تجاه المواطنين الأفارقة.
- ينبغي أن يكون استقلال المؤسسات الرئيسية، مثل المحكمة الإفريقية والمفوضية الإفريقية ولجنة شؤون الطفل والبرلمان الإفريقي، محور عملية الإصلاح المؤسسي الجارية للاتحاد الإفريقي.
- ثمة حاجة ماسة إلى مشاركة تصاعدية من مؤسسات المجتمع المدني الإفريقي، مثل اتحاد المحامين الأفارقة وائتلاف المحاكم الإفريقية، من بين جهات أخرى، للدفاع عن المحكمة الإفريقية وإلزام الحكومات بالتزاماتها.
ختامًا:
تُعدّ المحكمة الإفريقية الآلية القضائية الأبرز في إفريقيا، والتي بدونها لن تتحقق أهداف أجندة 2063م للقارة بالكامل. وتتطلع هذه الأجندة إلى إفريقيا مزدهرة ومستقلة وآمنة وديمقراطية. وإن الحفاظ على الديمقراطية وحقوق الإنسان أمرٌ جوهريٌّ في هذا الصدد. فما دام المواطنون عاجزين عن التمتع بحقوقهم وتحقيق تطلعاتهم، ستظل القارة متخلفة عن الركب.
ويبدأ ذلك بتجديد التزام جميع الدول الأعضاء الـ54 بأهداف ميثاق الاتحاد الإفريقي، والتصديق على البروتوكول المنشئ للمحكمة الإفريقية، والتوقيع على البند الذي يسمح للأفراد بتقديم التماسات إلى المحكمة. وأيّ شيء أقل من ذلك يثير تساؤلات حول التزام هذه الحكومات بالتمسك بالمعايير والقيم التي تطمح إليها أجيال من الأفارقة.
………………………………
[1]) اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، تاريخ. متاح على الموقع: https://achpr.au.int/ar/tarykh
[2]) موسى بن تغري، المحكمة الإفريقية للعدل وحقوق الإنسان (ضرورة الوجود وحدود الممارسة)، مجلة دراسات وأبحاث (الجزائر: جامعة د. يحيى بن فارس المدية مختبر السيادة العولمة، مجلة، مجلد 12، العدد 3، 2020م).
[3]) المحكمة الإفريقية، مرحبًا بكم في المحكمة الإفريقية. الموقع: https://www.african-court.org/wpafc/welcome-to-the-african-court/?lang=ar
[4] ) موسى بن تغري، م.س.ذ.
[5] ) Sègnonna Horace Adjolohoun and Paul Nantulya, Why the African Court on Human and Peoples’ Rights Matters, February 10, 2025.at: https://africacenter.org/spotlight/african-court-on-human-and-peoples-rights/
[6] ) موسى بن تغري، م.س.ذ.
[7] ) موسى بن تغري، م.س.ذ.
[8] ) Sègnonna Horace Adjolohoun and Paul Nantulya,
[9] ) amnesty, Case on the fight against forced and early marriage in Mali.at: https://www.amnesty.org/en/latest/campaigns/2023/06/case-on-the-fight-against-forced-and-early-marriage-in-mali/
[10] ) المحكمة الإفريقية، موقع إلكتروني سبق ذكره.
[11] ) المحكمة الإفريقية، موقع إلكتروني سبق ذكره.