تستعر منذ تسعينيات القرن العشرين حرب متواصلة في الشرق الكونغولي، تتجمع مُحفّزاتها حول الصراع على النفوذ والموارد والهيمنة الإقليمية، ومخلفات الاستعمار والإبادة الجماعية، تدور راحها بين طرفيها الرئيسين: الكونغو الديمقراطية ورواندا ووكلائهما ومقاوليهما المسلحين: القوات الديمقراطية لتحرير رواندا وحركة 23 مارس.
وفي مراحلها الأولى، حققت الكونغو الديمقراطية تقدمات عملياتية في 2013م، إلا أنه بحلول ديسمبر 2021م، تشهد ساحة الشرق الكونغولي حلقة ملتهبة من الحرب، تسجّل خلالها حركة 23 مارس عمليات هجومية دون هوادة، أدخلت بنتائجها الشرق الكونغولي في مرحلة حرجة: إنسانيًّا وأمنيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، واستدعت بالضرورة تحركات كونغولية مستمرة، شملت محاولات الاصطفاف الوطني والتعبئة العسكرية والحشد الدبلوماسي والإجراءات التقشفية وعقد شراكات عسكرية ثنائية ومتعددة الأطراف.([1])
تحرُّكات غير مُجدية:
يبدو أن تلك الجهود لم تُحرّك ساكنًا، ولم تأبه لها حركة 23 مارس، وللعام الرابع على التوالي منذ عودة نشاط حركة 23 مارس، تُواصل الحركة هجماتها واشتباكاتها حتى أحكمت سيطرتها على مواقع إستراتيجية في الشرق الكونغولي، كان أحدثها في مديتي غوما وبوكافو في 27 يناير و14 فبراير على التوالي، ناهيك عن إلحاقها خسائر متتالية بالقوات المسلحة الكونغولية وحلفائها من قوات “الساميدرك” التابعة للجماعة الإنمائية لجنوب إفريقيا، وهو ما دفَع الأخيرة إلى التعجيل بقرار إنهاء ولاية “الساميدرك”، والإعلان عن البدء في انسحابها التدريجي.([2])
سياقات راهنة:
ولفهم دواعي وبواعث الانقضاء المبكر لولاية “الساميدرك”؛ يتعين الوقوف على سياقات الشرق الكونغولي وتطوراته الراهنة حتى منتصف مارس 2025م، والتي يمكن استعراضها كما يلي:
1- تراجع كونغولي لحساب حركة 23 مارس
ترصد سياقات الشرق الكونغولي الراهنة حالة وهن وضعف كونغولي أمام حركة 23 مارس؛ فعلى العكس من تمكُّن الكونغو الديمقراطية من تحقيق تقدمات عملياتية في 2013م، إلا أن القوات المسلحة الكونغولية وحلفاءها العسكريين لم يُظهروا مقاومة كافية لوقف زحف حركة 23 مارس منذ يناير 2025م، فرغم حالة التأهب الكونغولي والحشد العسكري، تُوثِّق نتائج الاشتباكات تقدمات متتالية ومتلاحقة لحركة 23 مارس، سجَّلتها منذ يناير 2025م حتى مارس 2025م، وبحلول 12 مارس، باتت موجودة في سبعة من الأقاليم الثمانية في جنوب كيفو، وهي كاليهي، وكاباري، ووالونجو، وأوفيرا، وفيزي، وموينغا. ولم يَنْجُ من هذه المرحلة سوى إقليم شابوندا، وفي شمال كيفو، وصلت الحركة إلى بلدة كاشيبيري في منطقة في شمال كيفو، وبعدها أعلنوا التقدم إلى مركز واليكالي، الذي يُشكِّل رابطًا بين أربع مقاطعات في شرق البلاد: شمال كيفو، وجنوب كيفو، وتشوبو، ومانييما.([3])
2- استياء دولي وإقليمي
أثارت تقدمات 23 مارس، مقارنة بجولات القتال السابقة، ردود فعل دولية وإقليمية من شَجْب وإدانة ودعوات لوقف إطلاق النار. كان أبرزها ما جرى على لسان “جواو لورينسو” -الوسيط الأنجولي وميسر عملية” لواندا”- في 29 يناير 2025م؛ حيث اعتبر احتلال مدينة غوما مِن قِبَل حركة “إم 23” انتهاكًا خطيرًا لعملية لواندا([4])، وعلى لسان وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الكبرى: (ألمانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة)، فضلًا عن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي الذين أدانوا هجمات حركة 23 مارس، وطالبوا بوقف الأعمال العدائية([5]). وما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2773 في 21 فبراير 2025م، والذي دعا حركة “إم 23” إلى وقف هجومها على الفور وطالَب القوات الرواندية بالانسحاب من الأراضي الكونغولية، مع الدعوة إلى استئناف المحادثات الدبلوماسية بشكل عاجل ودون شروط مسبقة من أجل التوصل إلى تسوية دائمة وسلمية.([6])
3- عمليات سلام متعثرة
يثبت استمرار الاشتباكات المسلحة دون أيّ اعتبار لدعوات وقف إطلاق النار الادعاءات القائلة بأن عمليات السلام الإقليمية تشهد ولادة متعثر أو باتت ميتة فعليًّا؛ إذ تشهد عملية نيروبي حالة من التباطؤ والتلكؤ في تحقيق الأهداف بشأن إجراء الحوار السياسي؛ فهي لم تُجْرِ حوارًا بعدُ مع كل الجماعات والمليشيات المسلحة الكونغولية، كما لا تحظى بثقة وتأييد الحكومة الكونغولية بشأن نزاهة وحيادية موقفها من حركة 23 مارس ورواندا، ولم تنجح في الحصول على تفويض لنشر قواتها الإقليمية قبل استبدالها بقوات الجماعة الإنمائية لجنوب إفريقيا في ديسمبر 2023م.([7])
وإضافة إلى ذلك، لا يعني إعلان أنجولا عن رعايتها لحوار مباشر بين حركة 23 مارس والحكومة الكونغولية في 18 مارس 2025م أن عملية لواندا لم تشهد تباطؤًا، فهي شهدت انهيارًا ملحوظًا في ديسمبر 2024م، ورغم توصل الأطراف المتصارعة: الكونغو الديمقراطية ورواندا إلى اتفاق سلام كان من المقرر توقيعه في ديسمبر 2024م، إلا أن خطوة التوقيع لم تتحقق في اللحظات الأخيرة؛ حيث اشترط الرئيس الرواندي من أجل التوقيع على اتفاق السلام إجراء حوار كونغولي مباشر مع حركة 23 مارس وهو ما ترفضه الكونغو الديمقراطية باستمرار. ولعل أحدثها ما كان في 18 يناير 2025م؛ حيث أكد فيليكس تشيسكيدي تمسُّكه بعملية لواندا، وجدَّد رفضه للحوار مع حركة إم 23.([8])
4- تنسيقات إقليمية مشتركة
استدعت تطورات الشرق الكونغولي تنسيقًا إقليميًّا بين مجموعة التنمية لجنوب إفريقيا (SADC) ومجموعة شرق إفريقيا (EAC)؛ لمناقشة الوضع الأمني، واستجابةً لها، انعقدت أعمال الاجتماع المشترك في 7 فبراير 2025م، واختتمت أعمال القمة المشتركة لرؤساء دول وحكومات المجموعتين في 8 فبراير، ووقَّع رؤساء أركان الدفاع بالمجموعتين في 24 فبراير على مقترح مشترك، يُركّز على ست أولويات رئيسية، منها: وقف إطلاق النار الفوري وغير المشروط وتوفير المساعدات الإنسانية وتطوير خطة أمنية لمدينة غوما والمناطق المحيطة بها، بما في ذلك نشر قوات حفظ سلام إضافية؛ وإعادة فتح مطارها للسماح بالرحلات الجوية الإنسانية وحركة المرور الجوي المدني.([9])
5- تدابير عقابية وقسرية
لم تخلُ ردود الفعل من التدابير العقابية والقسرية أو التهديد بها؛ حيث انتهجها الفاعلون الغربيون في إفريقيا ومنطقة البحيرات العظمى، كان أبرزها ما وقع في 14 فبراير بفرض المملكة المتحدة عقوبات على كيغالي، تتعلق بتقييد أنشطة الترويج التجاري وتعليق المساعدات المالية والدفاعية للحكومة الرواندية([10]). وفي 20 فبراير أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على الجنرال الرواندي المتقاعد جيمس كاباريبي، ولورانس كانيوكا، المتحدث باسم حركة التمرد إم 23.([11])
وفي 24 فبراير 2025م؛ علَّق الاتحاد الأوروبي مشاوراته الدفاعية مع رواندا، وأعلن عن مراجعة مذكرة التفاهم بشأن المواد الخام الإستراتيجية.([12]) وفي 3 مارس؛ علَّقت كندا منح التصاريح لتصدير السلع والتكنولوجيات الخاضعة للرقابة إلى كيغالي، وفي 4 مارس؛ علَّقت برلين مساعداتها التنموية لبلاد بول كاغامي.([13]) في 13 مارس 2025م؛ علَّقت فرنسا توقيع مشاريع مساعدات تنموية جديدة في رواندا.([14])
6- توتر العلاقات بين رواندا والفاعليين الغربيين
تُواجه الحكومات الأوروبية -بحكم علاقتها وشراكاتها مع رواندا- اتهامات بدعم حركة 23 مارس، وبالمساهمة في تمويل تلك الحرب؛ حتى باتت في موقف حرج أمام المجتمع الدولي، ولتخفيف حدة تلك الاتهامات؛ تعرَّضت رواندا لردود فعل غربية متصاعدة نسبيًّا، تجاوزت التهديد بفرض العقوبات إلى فرضها فعليًّا، وهو ما قُوبِلَ باستنكار رواندي واتهامهم بتسيس المساعدات الإنسانية والانحياز للكونغو الديمقراطية؛ ففي 25 فبراير، اعتبرت رواندا فرض المملكة المتحدة عقوبات على رواندا انحيازًا بوضوح وأن إجراءاتها العقابية لا تساعد في إيجاد حلول دائمة للأزمة الأمنية. وفي 22 فبراير، اعتمد البرلمان الرواندي قرارًا يرفض موقف البرلمان الأوروبي بشأن الأزمة الأمنية. وفي 17 مارس، أعلنت بلجيكا عن إجراء متبادل مع رواندا في تخفيف حجم العلاقات الدبلوماسية.([15])
7- احتياجات إنسانية
تأزمت الأوضاع الإنسانية والإغاثية والحقوقية على إثر الاشتباكات المحمومة في الشرق الكونغولي، حتى ألقت بتأثيراتها الضارة إلى جانب الكوارث الطبيعية والأوبئة على 21.2 مليون كونغولي، وساهمت في تصعيد الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 11 مليون شخص، بما في ذلك 7.8 مليون نازح داخليًّا([16])، ناهيك عن انعدام الأمن الغذائي؛ فوفقًا لتحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي لعام 2024م، هناك 25.6 مليون شخص يعانون بالفعل من انعدام الأمن الغذائي الحادّ، بما في ذلك 3.1 مليون شخص في حالة طوارئ.([17])
8- حذر وارتياب كونغولي
تُظهر السلطات الكونغولية ارتيابًا بشأن مسارات عمليات السلام الإقليمية البطيئة ودعوات دمجها في عملية واحدة، وينبع الارتياب الكونغولي من حالات انعدام الثقة المتزايدة، وتحديدًا تجاه جماعة شرق إفريقيا التي تعتبرها منحازة بصورة غير مباشرة لرواندا وحركة 23 مارس، وتُشكّك باستمرار في دعواتها، وتبرهن الكونغو الديمقراطية على ادعاءاتها بدعوات وخطابات المنظمة الإقليمية إلى إجراء نقاش مباشر مع كل الأطراف المشاركة في الصراع، بما في ذلك متمردو حركة 23 مارس، وهو ما ترفضه كافة الأوساط السياسية الكونغولية، وبخلاف إشادة الكونغو الديمقراطية بعملية لواندا؛ تجاهل الرئيس الكونغولي عقد جماعة شرق إفريقيا قمتها الاستثنائية بشأن الشرق الكونغولي في 29 يناير 2025م؛ حيث قالت الرئاسة الكونغولية: إن الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي لن يحضر القمة الاستثنائية، وأنه سيلقي كلمة عبر رسالة إذاعية وتلفزيونية.([18])
9- توتر إقليمي
ترصد سياقات الشرق الكونغولي توترات إقليمية وتفاعلات صراعية بين دول الجوار، لا سيما حول المعادن والموارد والنفوذ والهيمنة الإقليمية، وتبدو واضحة بين أوغندا وبوروندي ورواندا؛ فالأخيرة تعتبر أن أيّ تقارب بين بوروندي وأوغندا هو في الأساس مُوجَّه لتقويض النفوذ الرواندي وحصاره، بينما تعتبر بوروندي أن ممارسات رواندا تُهدِّد باندلاع حرب إقليمية؛ ففي 31 يناير، قال الرئيس إيفاريست ندايشيميي: “إذا استمرت رواندا في تحقيق انتصارات في أراضينا وفي بلادنا، فسوف يصل الأمر أيضًا إلى بوروندي”، مضيفًا أن بلاده لن تسمح لنفسها بالانجرار إلى حرب عامة، واعتبر أن المنطقة بأكملها مُعرَّضة للتهديد، كما أن أوغندا لا تدع الفرصة أمام تقدمات حركة 23 مارس دون إرسال تعزيزات عسكرية مستمرة لوقف تقدماتها واحتواء محاولاتها لتهديد النفوذ الأوغندي.([19])
تفويضات غير مستقرة:
وكما سبقت الإشارة، لم تَخلُ حرب الشرق الكونغولي من مبادرات السلام وعملياتها وتدابير نشر القوى الإقليمية؛ فإلى جانب بعثة حفظ السلام الأممية، استدعت الكونغو الديمقراطية جماعة شرق إفريقيا لنشر قواتها في نوفمبر 2022م؛ لمحاربة الحركات المتمردة، لكن سرعان ما رفضت تمديد ولايتها، واستبدلتها ببعثة “SAMIDRC” من الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي، وفي ديسمبر 2023م، بدأت بعثة SAMIDRC بالإعلان عن وصول أول وحدات عسكرية من مالاوي وتنزانيا ونحو 2900 جندي من جنوب إفريقيا.([20]) وقبل انتهاء ولايتها، ووسط التعقيدات الأمنية، أعلنت الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي في 13 مارس 2025م أن دول جنوب إفريقيا “أنهت تفويض” مهمتها العسكرية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأمرت “ببدء انسحاب تدريجي للقوات، وأعربت عن “قلقها البالغ” إزاء التدهور المستمر للوضع الأمني، بما في ذلك استيلاء القوات المتمردة على مدينتي غوما وبوكافو، وأكدت دعمها لمبادرات السلام الإقليمية، بما في ذلك دمج عمليتي لواندا ونيروبي، ورحَّبت باعتماد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2773 لدعم التوصل إلى حل دائم للأزمة.([21])
جدير بالذكر أن قرار إنهاء ولاية قوات السادك لم يكن مباغتًا؛ حيث كان متوقعًا في ظل الانتكاسات المتتالية لقوات السادك، وسبق أن نوَّه إليه الرئيس المالاوي “لازاروس تشاكويرا” قائد قوات الدفاع “بول فالنتينو فيري” ببدء الاستعدادات لانسحاب القوات المالاوية؛ احترامًا لإعلان وقف إطلاق النار، وتمهيدًا لإجراء مفاوضات نحو سلام دائم.([22])
دور متضائل:
يجزم المتابع لتحولات لقوات حفظ ونشر وإنقاذ السلام بما في ذلك قوة شرق إفريقيا أو البعثة الأممية أن قوات “الساميدرك” التي حظيت بدعم وترحيب من الحكومة الكونغولية لاقت نفس مصير القوات السابقة؛ حيث لم تَكْبح تحركات حركة 23 مارس، ولم تُنْهِ القتال وتفرض السلام، ولم تضمن الحماية الكافية للمدنيين([23]). ولعل ذلك ما اعترفت به الجماعة الإنمائية لجنوب إفريقيا صراحة في 31 يناير 2025م؛ حيث أكدت أن أهداف ولاية الساميدرك لم تتحقق بعد([24])، وهو ما أكده التقرير الصادر عن الاجتماع لخبراء الدفاع الفنيين التابعين لجماعتي “الإياك” و”السادك” بأن ولاية بعثة مجموعة تنمية دول الجنوب الإفريقي في مأزق وغير قابلة للاستمرار”.([25])
مسببات وبواعث الانقضاء:
يعي المتأمل في الأمر أن قرار انقضاء ولاية “الساميدرك” المبكر لم يأتِ من فراغ بقدر ما هو قرار حتَّمته السياقات الراهنة للحرب، وفرضته الضغوط المتلاحقة التي حدَّقت ببعثة الساميدرك، وحالت دون تحقيق أهدافها، ويمكن تقديرها على النحو التالي:
1- عدم جدوى الخيار العسكري
نبع قرار السادك بانقضاء ولاية الساميدرك من عدم تحقيقها أهدافها التي أُنشئت لأجلها؛ حيث لم تردع القوات حركة 23 مارس، ولم تنجح في عكس توازن القوى على الأرص لصالح الكونغو الديمقراطية، بل تمكنت حركة 23 مارس من إلحاق خسائر مادية وبشرية بقوات “الساميدرك”، ولعل أبرزها ما كشفت عنه معركة غوما في يناير 2025م؛ حيث، قُتل ما لا يقل عن 19 جنديًا من جنوب إفريقيا ومالاوي وتنزانيا، ولا تزال قوات الساميدرك مُحاصَرة في قواعدها غير قادرة على الانتشار أو الرد أو الوصول للمياه والغذاء دون إذن حركة 23 مارس، وهو ما أكده الرئيس سيريل رامافوزا، للبرلمان الجنوب إفريقي في 11 مارس قائلاً: “إن الوضع بالنسبة للجنود الجنوب إفريقيين في جمهورية الكونغو الديمقراطية لا يزال محفوفًا بالمخاطر،… إنهم في وضع حرج للغاية الآن… إن نقل إمدادات الغذاء والمياه لا يزال يخضع في الوقت الحالي للتشاور مع الجيوش الأخرى وحركة إم23…”([26])
2- التعويل على الحل السياسي
يبدو أن قرار السادك بإنهاء ولاية الساميدرك تأثَّر بالاتجاه العام المؤيد للحل السياسي، وعدم تفضيل الخيار العسكري لحل أزمة الشرق الكونغولي؛ فعلى عكس تصريحاته المؤكدة على ضرورة الحل السياسي والعسكري معًا لاستعادة السلام؛ أعطى السادك الأولوية للحلول السياسية والدبلوماسية، ففي 13 مارس 2025م، وقت الإعلان عن قرار الانسحاب، أكد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي مع جميع الأطراف، بما في ذلك الأطراف الحكومية وغير الحكومية، العسكرية وغير العسكرية، ورحبت بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2773، الذي يُقدِّم توجيهات لحلٍّ دائم في إطار عمليتي الوساطة في لواندا ونيروبي، وهو ما جاء صراحة على لسان رئيس مجموعة تنمية دول جنوب إفريقيا والرئيس الزيمبابوي إيمرسون منانجاجو قائلًا: “إن الحوار الشامل أمر ضروري، مضيفًا أن مراجعة ولاية البعثة في جمهورية الكونغو الديمقراطية جاءت “في الوقت المناسب”.([27])
3- التخوف من التصعيد إلى الحرب الإقليمية
لا يخفى على المتابع أن قرار السادك بالإنهاء وإعطاء الولاية للحل السياسي نبع بشكل أو بآخر من تخوفاته من تحوُّل الحرب في الشرق الكونغولي إلى حرب إقليمية، تكون فيه ولاية الساميدرك قوة محاربة وعدائية بدلًا من كونها بعثة لحفظ وإنقاذ السلام، وهي تخوُّفات تعززت بالنظر إلى حربي الكونغو الأولى والثانية والتي وُصِفَتْ إعلاميًّا بحروب “إفريقيا العالمية”؛ حيث اشتركت الجيوش الأجنبية في القتال والمعارك لحماية مصالحها، ودعم نفوذها في الشرق الكونغولي، وترجَّحت بالمشادات الكلامية بين رئيسي رواند وجنوب إفريقيا؛ حيث اتهم الأول “بول كاجامي” السلطات في جنوب إفريقيا بـ”التشويه والهجمات المتعمدة وحتى الأكاذيب”، ووصف بعثة مجموعة تنمية جنوب إفريقيا في جمهورية الكونغو الديمقراطية بأنها “قوة محاربة“، وتبدو تلك التخوفات واضحة في تصريح رئيس جنوب إفريقيا في 13 مارس؛ حيث قال: إن “الوضع محفوف بالمخاطر، لكنَّ السلام كما هو الآن صامد… المتمردون أقوياء للغاية. هذه حرب شاملة، وجنوب إفريقيا ليست مستعدة لمثل هذه الحرب… ولا توجد دولة في منطقة سادك مستعدة لهذه الحرب، نفسيًّا وعسكريًّا وسياسيًّا”.([28])
4- النشر غير المكتمل لقوات البعثة
فوَّض السادك لجنة جنوب إفريقيا لتسوية النزاعات (SAMIDRC) بتحقيق الاستقرار في المنطقة، ومنحها تفويضًا هجوميًّا للمشاركة في قتال مباشر مع الجماعات المسلحة في مايو 2023م بقوام 5.000 جندي، ورغم موافقة الدول الأعضاء، اقتصرت مساهمات الدول الأعضاء على نشر تنزانيا ومالاوي وجنوب إفريقيا نحو 1300 جندي فقط حتى مارس 2025م، ولم يُلاحظ إرسال الدول الأخرى أي تعزيزات للقوات العسكرية. وجدير بالذكر أن النشر غير الكامل للبعثة لا يكشف تحديات مالية ولوجستية وخلافات سياسية بين الدول الأعضاء فقط، بل يُعدّ أحد عوامل ضعف وتراجع ولاية الساميدرك وعجزها عن تحقيق أي تقدُّم في مواجهة حركة 23 مارس التي تحظى بدعم وتموين مستمرين من رواندا بالسلاح والعتاد والأفراد المقدرين بما يقارب 3- 5 آلاف جندي.([29])
5- غياب الرضا والتأييد الشعبي
تمثل موجات الغضب وعدم التأييد مِن قِبَل الأوساط غير الرسمية أحد الاعتبارات الحاكمة لانسحاب قوات حفظ وإنقاذ ونشر السلام سواء كانت البعثة الأممية أو القوى الإقليمية، وبمجرد الإعلان عن نشر قوات “الساميدرك”، صاحَب نشرها مطالبات واحتجاجات ونداءات ترفض نشر أيّ قوى أجنبية لاستعادة السلام، وتعتبرها مقاربة غير فعّالة في حماية المدنيين، وأنها تُمثّل ضغطًا إضافيًّا يزيد معاناة المدنيين ووقوعهم ضحايا جرائم متعددة مِن قِبَل عناصرها وأفراده، والشاهد أن موجات السخط والغضب لم تقتصر على الداخل الكونغولي، بل تمتد داخل البلدان المساهمة بقوات داخل بعثة السادك، وخاصةً جنوب إفريقيا؛ حيث ترفض المطالب الشعبية إرسال قوات إلى الكونغو الديمقراطية.
6- معضلة الجماعات المسلحة
واجهت القوات الإقليمية التابعة للسادك كغيرها من القوات المتحالفة والداعمة للكونغو الديمقراطية معضلة الانتشار غير المسبوق للجماعات والمليشيات المسلحة الكونغولية التي تسعى يوميًّا إلى تنفيذ اشتباكات وعمليات عنف وقصف يومية، وتسعى للسيطرة على الشرق الكونغولي وحيازة موارده وبسط نفوذها مما يشكل عبئًا على القوات الإقليمية المنتشرة، ويُشتّت تركيز عمليتها الموجهة في الأساس نحو حركة 23 مارس، ويحول دون اكتمال مهمة إرساء السلام في الشرق الكونغولي.
7- القيود اللوجستية
كشفت الأدوار العملياتية للقوات التابعة السادك سواء ولاية “الساميم” في موزمبيق أو “الساميدرك” في الكونغو الديمقراطية عن تصاعد التحديات والقيود اللوجستية إلى حد اعتبارها أحد الأسباب والموانع الرئيس لعدم تحقيق قوات السادك أهدافها، وإزاء ذلك، وفي 13 ديسمبر 2024م، أطلق السادك رسميًّا بناء مستودع اللوجستيات الإقليمي من أجل ضمان القدرة على نشر عمليات دعم السلام واستدامتها ودعم عمليات وخدمات التخزين والصيانة والإصلاحات والإمدادات الطبية، لكنه، لم يجمع سوى 15 مليون دولار من أصل حوالي 45 مليون دولار المطلوبة.([30])
ونتيجة لذلك، واجهت السادك في الشرق الكونغولي تحديات لوجستية وفنية؛ حيث واجهت مشكلات في إبقاء معداتها جاهزة للعمل، وكانت غير قادرة على توفير النقل والغطاء الجوي، واضطر جنودها لاستخدام وسائل النقل البري، مما يؤثر سلبًا على استعدادها العملياتي، ويَحُد من قدرتها على تحديد التهديدات المباشرة والاستجابة لها أثناء الاشتباك مع الجماعات المسلحة، ويكفي القول: إن قواتها باتت مشلولة ومحاصرة بعد سيطرة حركة 23 مارس على مطاري غوما وكافومو وإغلاق طرق الإمداد الرئيسية.([31])
8- القيود التمويلية
تكشف الانسحابات المبكرة لقوات السادك سواء “الساميم” التي كانت منتشرة في موزمبيق أو “الساميدرك” المنتشرة في الكونغو الديمقراطية عن استمرار إشكالات التمويل ومحدوديته كعقبة رئيسة أمام أهداف السادك لإعمال مبدأ الدفاع المشترك والعمل الجماعي والتدخل العسكري؛ ففي 2023م، أنهت ولاية “الساميم” لإعطاء الأولوية لتمويل ولاية “الساميدرك”، وفي حين قدّرت الإحصائيات نحو 500 مليون دولار كتكلفة سنوية لولاية “الساميدرك”، تعهدت جنوب إفريقيا بتقديم 100 مليون دولار والكونغو الديمقراطية بتوفير200 مليون دولار، لتبقى الاحتياجات التمويلية غير كافية لإتمام ولايتها.
انعكاسات مؤكدة:
تفرض تحوُّلات قوات حفظ أو استعادة أو إنقاذ السلام غير المستقرة في الكونغو الديمقراطية وانسحاباتها المبكرة والمحتملة؛ انعكاسات وتداعيات أمنية وسياسية على الشرق الكونغولي، من شأنها تغيير مسارات تحولات الشرق الكونغولي وتوزان قوى الفاعلين فيه، ويمكن تقدير جانبًا من تلك الانعكاسات كما يلي:
1- اختلال التوازن العسكري لصالح حركة 23 مارس
يصحب -بلا شك- انسحاب بعثة الجنوب الإفريقي بقوامها 1300 جندي تراجع ميزان الغلبة والتفوق العسكري لصالح حركة 23 مارس؛ لاختصام تلك القوات المنسحبة من ميزان القوة الداعمة للكونغو الديمقراطية، وهو ما يعني تراجع القدرات العسكرية الكونغولية وإمكانياتها بما يخل توزان القوى لصالح المليشيات المسلحة، وخاصةً حركة 23 مارس، وبالتبعية، يزداد نشاط وقدرة المليشيات المسلحة على شنّ هجمات مستمرة ومتنامية، تُهدّد إلى جانب الخسائر البشرية والمادية والاحتياجات الإنسانية المتأزمة سلامة وأمن الكونغو الديمقراطية وضعف مواقفها السياسي سواء شعبيًّا أو في المفاوضات التي تجرى لإنهاء القتال.
2-تضرُّر الحوار الكونغولي مع الحركات والمليشيات المسلحة
باتت نتائج القتال والمعارك الدائرة لصالح حركة 23 مارس تُلقي بتبعاتها وانعكاساتها على الحوار الكونغولي مع الجماعات المسلحة، لا سيما الحوار الدائر في إطار “عملية نيروبي”؛ ففي حين تُجري الحكومة الكونغولية حوارًا مع الجماعات المسلحة الكونغولية من أجل نزع السلاح وتسريح المقاتلين مقابل إعادة دمجهم، باتت تحركات حركة 23 مارس تستقطب غيرها من الجماعات والحركات المسلحة إلى جانبها، سواء بغرض تجنُّب الصدام معها أو لحماية مصالحها، ففي فبراير، أعلنت ميليشيا تويرفانيهو ولاءها لحركة 23 مارس، وفي مارس، أعلنت مليشيا “جبهة الوطنيين من أجل السلام” وزعيمها ” كاسيريكا كاسيانو” ولاءها لحركة 23 مارس بعد تمركز حركة إم23 في كاسوغو في منطقة لوبيرو لحماية مصالحهم، ولعل استمرار ذلك ينذر بتهديد تقدمات عملية نيروبي، ويزيد من حدة التمرد والتعنت ورفض التنازلات مِن قِبَل الجماعات المسلحة.([32])
3-تراجع وزن الدبلوماسية الكونغولية
في حربها أمام حركة 23 مارس، كثيرًا ما تُعوّل الكونغو الديمقراطية على الخيار العسكري أكثر من الخيار الدبلوماسي؛ ويظهر ذلك في لجوئها إلى عقد شراكات عسكرية مع أوغندا وبورندي واستدعاء قوة شرق إفريقيا وقوة السادك. وتكفي الإشارة إلى أنها رفضت مرارًا وتكرارًا مسألة إجراء حوار مباشر مع حركة 23 مارس، فضلًا عن تأييدها المستمر لعملية لواندا التي كانت تتمسك بالحل السياسي والعسكري معًا، وعقب الإعلان عن قرار إنهاء ولاية الساميدرك، وهو ما يعني بالضرورة انهيار الحل العسكري، ساهم الإعلان في تقييد الخيارات الكونغولية واضطرارها بدرجة أو بأخرى إلى قبول إجراء الحوار مع حركة 23 مارس، ففي 17 مارس 2025م، أعلنت عن اعتزامها إرسال وفد إلى أنجولا للمشاركة في الحوار المباشر مع حركة 23 مارس في الاجتماع المقرر عقده في مارس 2025م برعاية أنجولية.([33])
4-تصعيد العنف وانعدام الأمن
على عكس أطروحة الرئيس الرواندي والتي مفادها أن “انسحاب قوات “الساميدرك” من شأنه أن يُسهم في زيادة الاستقرار والحل السياسي وحلحلة الأزمة الأمنية؛ تجزم أدبيات العلاقات الدولية أن انسحاب قوات ولاية “الساميدرك”، وما سيتبعه من فراغ أمني وتمدُّد جغرافي ونوعي للمليشيات، وتراجع الميزان العسكري في غير صالح الكونغو الديمقراطية؛ كل هذا يُنذر بوتيرة عنف متسارعة ومليئة بالاشتباكات والهجمات والأعمال العدائية بغرض السيطرة على مواقع إستراتيجية لاستخدامها كورقة تساوم وضغط في المفاوضات، وهو ما يُهدّد -كما سبقت الإشارة- الحوار الكونغولي مع الجماعات المسلحة، ويهدد الحوار المباشر المحتمل بين حركة 23 مارس والحكومة الكونغولية، ويُعقّد محاولات إنهاء القتال وإرساء السلام، لصالح العنف وانعدام الأمن.
5- التمدد الجغرافي والنوعي للمليشيات والعمليات الإرهابية
تُهدّد إجراءات انتهاء ولاية بعثات حفظ ونشر السلام في الشرق الكونغولي دون تحقيق أهدافها وانسحابها بطريقة غير مسؤولة؛ بالتمدد الجغرافي والنوعي للمليشيات والجماعات المسلحة في الشرق الكونغولي؛ فالانسحاب يتركا فراغًا أمنيًّا أمام المليشيات المسلحة، ويدفعها إلى محاولة ملء الفراغ والسيطرة على القواعد والمواقع التي تُخليها القوات والاستفادة منها في تصعيد عملياتها العسكرية الهجومية في حربها ضد الحكومة الكونغولية، ويأتي على رأس تلك الجماعات مليشيات كوديكو والقوات المتحالفة الديمقراطية التي تسوق لنفسها تحت مسمى “ولاية وسط إفريقيا” وذراع داعش في المنطقة منذ 2019م.([34])
6-انتشار الاقتصاد الأسود
تسمح تعقيدات الشرق الكونغولي بما في ذلك: انعدام الأمن، وعدم قدرة القوات المسلحة الكونغولية على بسط سيادتها على كامل أراضيها، وسيطرة الحركات المتمردة على المواقع الغنية بالمعادن والذهب والكولتان؛ بتصاعد ظاهرة وجرائم الاقتصاد الأسود والتجارة غير المشروعة في المعادن؛ فاستمرار استحواذ حركة 23 مارس على المواقع الإستراتيجية، بما في ذلك مدينة جوما ذات الموقع الإستراتيجي على الحدود مع رواندا، و”روبايا” وهي مدينة تعدين إستراتيجية بالقرب من جوما تنتج 15% من الكولتان في العالم، ومنطقة ماسيسي الغنية بالذهب، والقصدير؛ كل هذا يعني استمرار إحكام الحركة قبضتها على الموارد والمعادن، وتصديرها إلى رواندا، والاستفادة منها في تمويل قدرتها وحربها على حساب الكونغو الديمقراطية، إلى جانب الإضرار بصادرات وإنتاج الكونغو الديمقراطية لتلك المعادن.
7-انتكاس مبدأ الدفاع المشترك للسادك
يؤشر الانتهاء المبكر لبعثة “الساميدرك” على غرار الانتهاء المبكر لقوات “الساميم” دون تحقيق أهدافها على النحو المرجو، وبفعل تنامي التحديات المالية واللوجستية والعسكرية إلى التشكيك في قدرة “السادك” على تفعيل ميثاق الدفاع المشترك الصادر عام 2003م وخاصةً مادتيه 3 و6؛ حيث تُلزم الأولى الدول الأطراف بـ”حل أيّ صراع تكون طرفًا فيه بالوسائل السلمية؛ وذلك لتعزيز السلام والأمن والصراعات الإقليمية والدولية”. وتؤكد الثانية “أن أيّ هجوم مسلح يُرتكَب ضد إحدى الدول الأطراف يُعتبر تهديدًا للسلم والأمن الإقليميين. وردًّا على مثل هذا الهجوم، سيتم اتخاذ إجراءات جماعية فورية”، وهو ما يضع السادك في مصاف المنظمات الإقليمية الإفريقية غير القادرة على الحسم العسكري، ويؤشر إلى تراجع وزنه ووضعه كقوة رادعة قادرة على تنفيذ الحل العسكري أو التهديد بها.([35])
وفي الختام، يمكن القول: إن استمرار الحرب الدائرة بين القوات الكونغولية وحركة 23 مارس دون اعتبار لوقف إطلاق النار يجعل الشرق الكونغولي ومن بعده منطقة البحيرات العظمى على مشارف حرب إقليمية، ويُنذر باستمرار الشرق الكونغولي في مرحلة حرجة: إنسانيًّا وأمنيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، كما أن قرار الانقضاء المبكر لولاية الساميدرك جاء نتاج الخسائر المتتالية لقوات السادك، وعدم جدوى الخيار العسكري، والتخوف من الانخراط في حرب إقليمية، والقيود اللوجستية والتمويلية وانتشار الجماعات المسلحة. وإن ذلك الانقضاء يعني انقضاء الحل العسكري وفرض الحل السياسي ويمثل انتكاسة جديدة للسادك وتشكيكًا بقدرتها على تفعيل مبدأ الدفاع المشترك، وينذر بالتمدد الجغرافي والنوعي للمليشيات والجماعات المسلحة، ويهدد بتصاعد ظاهرة وجرائم الاقتصاد الأسود والتجارة غير المشروعة للمعادن وبتقييد الخيارات الكونغولية وإجبارها على تقديم تنازلات والقبول بالحوار المباشر مع حركة 23 مارس لإنهاء أزمة الشرق الكونغولي.
………………………………………
-[1] سيد غريب، سلام ضائع: مآلات حرب الوكالة المتصاعدة في الشرق الكونغولي، قراءات إفريقية، مايو 2024م، تاريخ الوصول مارس 2025م، https://bityl.co/RcjS
[2] RDC : les rebelles de l’AFC/M23 s’emparent de Kashebere et Kibati en direction de Walikale-centre, Actualite CD, 13 mars 2025, https://bitl.to/4BQu
[3] RDC : les rebelles de l’AFC/M23 s’emparent de Kashebere et Kibati en direction de Walikale-centre, Actualite CD, 13 mars 2025, https://bitl.to/4BQu
[4] RDC : Lourenço déplore l’occupation de Goma et exige le retrait immédiat du M23 et des forces rwandaises, Actualite du DRC, 29 Janvier 2025, https://bitl.to/49QM
[5] RDC : le G7 condamne l’implication de l’armée rwandaise et juge inacceptables les attaques contre les civils et les Casques bleus, Actualite CD, 2 février 2025, https://bitl.to/49QP
[6] Dialogue direct avec l’AFC/M23: Kinshasa se réveille enfin, mettant en avant la résolution 2773 du Conseil de Sécurité de l’ONU et attend voir la mise en œuvre de la démarche du médiateur angolais, Actualite CD, mars 2025, https://bitl.to/4BDI
[7] Est de la RDC: les élections de 2023 et le retrait des forces kényanes de l’EACRF ont ralenti le processus de Nairobi accentuant la crise, selon Uhuru Kenyatta, , Actualite CD, février 2025, https://bitl.to/4BDK
[8] Est de la RDC: l’EAC appelle à un règlement pacifique des conflits et exhorte le gouvernement Congolais à s’engager directement avec toutes les parties prenantes y compris le M23, , Actualite CD, 30 janvier 2025, https://bitl.to/4BDM
[9] DRC WAR: EAC, SADC Defense Chiefs Meet in Dar es Salaam, /chimpreport, February 25, 2025, https://bitl.to/44s6
[10] RDC-M23 : la Suède convoque l’ambassadeur du Rwanda en poste à Stockholm, , Actualite CD , 27 février 2025, https://bitl.to/45H9
[11] RDC-M23 : les USA sanctionnent James Kabarebe et Laurence Kanyuka, Actualite du DRC, 20 février 2025, https://bitl.to/49QU
[12] RDC: L’Union européenne a suspendu ce lundi ses consultations en matière de défense avec le Rwanda, , Actualite du DRC, 24 février 2025, https://bitl.to/49QV
[13] Le Canada sanctionne le Rwanda pour violation de la souveraineté de la RDC, , Actualite CD , 3 mars 2025, https://bitl.to/49QW
[14] Nouvelles pressions sur Kigali: La France a mis en pause la signature de nouveaux projets d’aide au développement au Rwanda, Actualite CD, 13 mars 2025, https://bitl.to/4BR3
[15] Le Parlement rwandais rejette la résolution du Parlement européen sur la crise à l’est de la RDC, , Actualite CD, 22 février 2025, https://bitl.to/4BDS
[16] RDC: 2,54 milliards USD nécessaires pour financer les opérations humanitaires en 2025 en faveur 11 millions de personnes affectées par les crises, Actualite CD, Access date March 2025, https://bitl.to/45HD
[17] Est de la RDC : plus de 60 000 personnes ont fui la RDC vers le Burundi en 2 semaines (HCR), Actualite CD, 28 février 2025, https://bitl.to/45Gt
[18] RDC-Rwanda: Tshisekedi ne participera pas au sommet de l’EAC convoqué par Ruto, , Actualite CD, janvier 2025, https://bitl.to/4BDZ
[19] Le président burundais met de nouveau en garde le Rwanda, VOA, 12 février 2025, https://bitl.to/4BRY
[20] Deployment of the SADC Mission in the Democratic Republic of Congo, SADC , https://bitl.to/4BDg
[21] La SADC met fin au mandat de sa mission militaire en RDC et ordonne un retrait progressif, SADC, 13 mars 2025, https://bitl.to/4BDl
[22] Malawian president orders withdrawal of troops from DRC, Xinhua, 2025-02-07, https://bitl.to/4BDp
[23] Blue Helmets in eastern Congo: Unloved, but still needed, DW, 02/01/2025February 1, 2025, https://bitl.to/4APA
[24] COMMUNIQUÉ OF THE EXTRAORDINARY SUMMIT OF THE HEADS OF STATE AND GOVERNMENT OF THE SOUTHERN AFRICAN DEVELOPMENT COMMUNITY, SADC, https://bitl.to/44ry
[25] SADC mission in DR Congo earns “in dilemma” tag at defence chiefs meeting, Defense Web, 25 February 2025, https://bitl.to/4BRB
[26] Another virtual SADC summit on DR Congo conflict coming, Defence Web, 12 March 2025, https://bitl.to/4BRK
[27] Southern Africa regional bloc to withdraw troops from DRC amid M23 advance, A; Jazeera, 13 Mar 2025, https://bitl.to/4At3
[28] Crise en RDC : vives tensions entre Kagame et Ramaphosa après la mort de soldats sud-africains, Actualite CD, 29 janvier 2025, https://bitl.to/4BRb
[29] The DRC Conflict Enters a Dangerous New Phase, ACSS, February 26, 2025, https://bitl.to/4BRk
[30] SADC’s Regional Logistics Depot: A Vital Initiative for Crisis Response in Southern Africa, IIPI, January 27, 2025, https://bitl.to/4BRO
[31] – سيد غريب، تقييم الأوضاع: دوافع قمة السادك الاستثنائية في لوساكا، قراءات إفريقية، 24 أبريل 2024م، تاريخ الوصول مارس 2025م، https://bitl.to/4BRW
[32] RDC-Fizi : après la mort de son leader Makanika dans une frappe de drone de l’armée, la milice Twirwaneho officialise son allégeance à l’AFC/M23 et contrôle de Minembwe, évrier 2025, https://bitl.to/45I0
[33] RDC : à la veille du début des négociations directes avec Kinshasa, la rébellion de l’AFC/M23 accentue la pression militaire en direction de Walikale-centre, les combats se rapprochent de Mutakato après avoir conquis Mpofi, Actualite CD, 17 mars 2025, https://bitl.to/4BRe
[34] Est de la RDC: suite aux offensives de l’AFC/M23, les groupes armés ADF et CODECO exploitent la déstabilisation et la dispersion de l’armée pour intensifier leurs attaques contre les civils en Ituri (ONU), Actualite CD, 3 mars 2025, https://bitl.to/45GX
[35] SADC Mutual Defence Pact 2003, SADC, Access date March 2025, https://bitl.to/4BRg