الأفكار العامة:
- مساهمة مالية سويدية في الصندوق الائتماني لتنمية أسواق رأس المال، على غرار هولندا ولوكسمبورج، التابع لبنك التنمية الإفريقي؛ بهدف تحفيز نموّ الأسواق المالية الإفريقية.
- هناك تساؤلات مثيرة حول الأهداف الكامنة وراء هذا الدعم المالي نظرًا لتعدد أبعاده.
- إضفاء السويد الطابع الرسمي على هذا الالتزام المالي الإستراتيجي بقيمة 5 ملايين دولار.
- الإستراتيجية الجديدة 2023-2026م تهدف إلى إنشاء صندوق العمل متعدد الجنسيات لتعميق النفوذ خارج غرب إفريقيا.
- قام الصندوق بدعم أحد عشر مشروعًا رئيسيًّا في غرب إفريقيا.
بقلم: موديست كوامسي
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
تُقدّم السويد، بعد هولندا ولوكسمبورج، مساهمة مالية إلى الصندوق الائتماني لتنمية أسواق رأس المال (CMDTF) التابع لبنك التنمية الإفريقي (BAD)؛ بهدف تحفيز نموّ الأسواق المالية الإفريقية. ومن خلال تمويل هذا الصندوق، هل تشارك هذه الدول في التنمية المشتركة فقط؟ أم أنها تسعى أيضًا إلى فتح أبواب جديدة للاستثمار في القارة؟
لقد منحت السويد مؤخرًا مساهمة سخية عبر تقديمها 50 مليون كرونة سويدية (حوالي 4.8 مليون دولار أمريكي) إلى الصندوق الائتماني لتنمية أسواق رأس المال (CMDTF) التابع لبنك التنمية الإفريقي (BAD) وهذه المساهمة الكبيرة المخصَّصة من خلال الوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي (SIDA) شبيهة لتلك التي قدمتها هولندا ولوكسمبورج، وتهدف إلى تحفيز التكامل والتنمية في الأسواق المالية الإقليمية في إفريقيا.
وإذا كان الهدف المعلَن هو تحفيز تمويل القطاع الخاص والبنية التحتية ذات الأولوية من خلال زيادة تعبئة المدخرات المحلية والاستثمارات الأجنبية، فإن الدعم الذي يقدّمه هؤلاء المانحون يعكس في الواقع إستراتيجية متعددة الأبعاد تجمع بين الدوافع الاقتصادية والمالية وأهداف التنمية المستدامة ودبلوماسية التنمية بهدف التأثير على القارة.
وعليه، يُسهم هذا التمويل في خلق بيئة أعمال أكثر استقرارًا وتكاملاً وأمنًا من الناحية القانونية، وهو عامل أساسي في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة المهيكلة على المدى الطويل. ومن هذا المنطلق، قام هانز لوندكويست، سفير السويد لدى إثيوبيا وممثلها لدى الاتحاد الإفريقي، بإضفاء الطابع الرسمي على هذا الالتزام المالي الإستراتيجي بالتأكيد على تقديم بلاده دعمًا بقيمة 5 ملايين دولار.
يقول هانز لوندكويست، السفير السويدي لدى إثيوبيا: “ترحب السويد بهذه المبادرة لإنشاء أسواق وأدوات مستدامة ومُحفّزة يمكنها تعبئة رأس المال الوطني والإقليمي الذي تشتد الحاجة إليه لتمويل القطاعين العام والخاص، فضلاً عن جذب الاستثمارات المهمة عبر القارة”.
من جهة أخرى فإن الهدف الرئيسي لصندوق CMDTF هو تحفيز تطوير أسواق رأس المال الإقليمية في إفريقيا. وسيتم استخدام الأموال بشكل خاص لمواءمة الأطر القانونية والتنظيمية مع أفضل الممارسات الدولية، وتحديث البنية التحتية للسوق، وتطوير منتجات مالية مبتكرة، وتوسيع نطاق الوصول إلى هذه الأسواق للقطاع الخاص.
ويضيف لوندكويست: “ستعمل هذه المساهمة على تعزيز قدرة CMDTF على توسيع تغطية الصندوق الجغرافية، وإتاحة خدماته للبلدان الإفريقية والمؤسسات الإقليمية ذات الصلة”.
تعميق تأثير الصندوق خارج غرب إفريقيا:
وإذا كانت هولندا ولوكسمبورغ هما الدولتين الرائدتين في تمويل صندوق CMDTF خلال مرحلته التجريبية 2020-2022م والتي تركزت على منطقة غرب إفريقيا؛ فإن دخول السويد في الميدان يشير إلى امتداد وشيك لأنشطة الصندوق إلى مناطق أخرى من القارة.
في الواقع، تهدف الإستراتيجية الجديدة 2023-2026م إلى إنشاء صندوق العمل متعدد الجنسيات، الذي تمت الموافقة عليه في نوفمبر الماضي، إلى تعميق تأثيره خارج غرب إفريقيا.
ومن خلال اختيار الدعم المالي لصندوق CMDTF، تسعى السويد وهولندا ولوكسمبورغ إلى تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والمستدامة في إفريقيا. ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أنه من الناحية الاقتصادية، تسعى هذه البلدان إلى فتح أسواق وفرص استثمارية جديدة لقطاعها المالي الدولي. إن تطوير أسواق رأس المال الإفريقية المتكاملة والسائلة والمنظمة بشكل جيد يُمثّل إمكانات النمو والتنويع للمستثمرين والمؤسسات المالية الأوروبية.
ولكن بعيدًا عن الاعتبارات التجارية، فإن هؤلاء المساهمين يبرزون أنفسهم أيضًا في منطق الاستثمار المسؤول والمؤثر. وفي الواقع، فإن أسواق رأس المال الفعَّالة ستُمكّن من تعبئة المدخرات المحلية والتمويل الدولي نحو القطاعات الإنتاجية والبنية التحتية والمشاريع الخضراء والاجتماعية ذات الأولوية من أجل التنمية المستدامة في إفريقيا. وهذا يستجيب للالتزامات التي تعهَّدت بها هذه الدول فيما يتعلق بتمويل مشروعات التنمية ومكافحة تغيُّر المناخ.
علاوة على ذلك، ومن خلال تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي من خلال الأسواق المالية المنسقة، يساعد صندوق CMDTF في خلق بيئة أعمال مستقرة وآمنة، مُواتية للاستثمارات طويلة الأجل مِن قِبَل الشركات، وخاصةً في هذه البلدان الإفريقية التي تُعدّ ضمانة للاستقرار والإدارة الاقتصادية الجيدة في القارة.
وفقًا لهذه البلدان الأوروبية، التي تُعتَبر من المراكز المالية الرئيسية والمانحين المؤثرين؛ فإن دعم الصندوق الائتماني لتنمية البلدان الإفريقية يجعل من الممكن الجمع بين الإستراتيجية الاقتصادية وأهداف التنمية المستدامة ودبلوماسية النفوذ في إفريقيا، في منطق الشراكة المربحة للجانبين مع القارة.
ويؤكد أحمد عطوط، مدير تطوير القطاع المالي في بنك التنمية الإفريقي أن “أسواق رأس المال الأكثر كفاءة وديناميكية ستُسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في إفريقيا”.
ويرجع اختيار غرب إفريقيا للمرحلة التجريبية لصندوق CMDTF إلى الحجم الصغير نسبيًّا والتجزئة والتحديات المتعددة التي تُواجه الأسواق المالية في هذه المنطقة؛ والافتقار إلى الأصول المُدرَجة، والعدد المحدود من الجهات الفاعلة، ومجموعة محدودة من المنتجات، وعدم كفاية التنظيم، البنية التحتية الضعيفة… وغيرها.
دعم 11 مشروعًا رئيسيًّا على أرض الواقع:
على الرغم من الميزانية المتواضعة البالغة 5.34 مليون دولار أمريكي للفترة 2020-2022م، فقد قام الصندوق بالفعل بدعم أحد عشر مشروعًا رئيسيًّا في غرب إفريقيا، بما في ذلك إنشاء أنظمة مراقبة السوق في نيجيريا وغانا، وتعزيز الأُطُر التنظيمية لغرب إفريقيا، وتطوير المنصات الإلكترونية في الرأس الأخضر.
وبالإضافة إلى أسواق الأوراق المالية؛ فإن الكيانات المستفيدة الرئيسية هي السلطات التنظيمية الوطنية والإقليمية، مثل البنك المركزي لدول غرب إفريقيا، وهيئة تنظيم الأسواق المالية لغرب إفريقيا (CREPMF)، ومجلس تكامل أسواق رأس المال لغرب إفريقيا (WACMIC)، فضلاً عن المؤسسات العامة على غرار بنك الإسكان في النيجر.
وبخصوص الفترة 2023-2026م، تهدف إستراتيجية CMDTF الجديدة إلى مواصلة دمج الأهداف الخضراء والاجتماعية والتنموية والشركات الصغيرة والمتوسطة في تنمية السوق، مع تعزيز مرونة الأسواق الإفريقية وتكاملها في مواجهة الصدمات الاقتصادية العالمية.
وبشكل ملموس، يمكن للجهات الفاعلة الإفريقية المؤهلة تقديم مقترحات مشاريعها مباشرة إلى أمانة CMDTF، من خلال نموذج يُقدَّم عبر الإنترنت أو من خلال دعوات محددة لتقديم المقترحات. وإلى جانب أسواق الأوراق المالية والبنوك المركزية وسلطات السوق، يشمل المستفيدون المحتملون وزارات المالية والمجتمعات الاقتصادية الإقليمية، وحتى المنظمات القارية مثل أمانة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: