المصدر: مركز الدراسات الأمنية
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
الأفكار العامة:
- الوضع المزري للتعليم في إفريقيا.
- العلاقة العكسية بين تحسين التعليم وتقليل معدل الفقر.
- لم تحقّق إفريقيا سوى 44% من أهداف التعليم في أجندة 2063م.
ضرورة إعطاء الأولوية للتعليم المهني :
على الرغم من تخصيص الاتحاد الإفريقي عام 2024م لتحسين التعليم؛ إلا أن المهمة تتطلب تفكيرًا جديدًا والتبنّي السريع للتكنولوجيات في المجال التعليمي.
ويمكن أن يؤدي تحسين التعليم في إفريقيا إلى تقليل عدد الفقراء بنحو 47 مليون شخص بحلول عام 2043م، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 368.4 مليار دولار أمريكي (أو 4.3٪)، مع زيادة قدرها حوالي 240 دولارًا أمريكيًّا في الناتج المحلي الإجمالي للفرد. هذا ما توصلت إليه دراسة “برنامج مستقبل إفريقيا والابتكار” التابع لمعهد الدراسات الأمنية. وتشير أبحاث أخرى إلى أن كل سنة إضافية من الدراسة تؤدي إلى زيادة قدرها 0.6% تقريبًا في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي على المدى الطويل.
ورغم ذلك، لا تزال إفريقيا، وخاصةً إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تناضل من أجل تحسين النتائج التعليمية. ويشير التقرير المرحلي لعام 2022م بشأن تنفيذ أجندة 2063م للاتحاد الإفريقي إلى أن إفريقيا لم تُحقّق سوى 44% من أهدافها التعليمية. ولا يزال الوصول إلى المدرسة محدودًا في المرحلة الابتدائية، والعديد من الأطفال لا يذهبون إلى المدرسة.
ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)؛ فإن 20% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و11 سنة، وأكثر من 33% ممن تتراوح أعمارهم بين 12 و14 سنة؛ غير ملتحقين بالمدارس في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. فيما بلغ معدل الفئة العمرية من 15 إلى 17 سنة غير ملتحقين بالمدارس إلى 60%.
لم تُحقّق إفريقيا سوى 44% من أهداف التعليم في أجندة 2063م:
تكشف هذه الأرقام عن حالات التسرب من المدارس، والتقلُّص السريع في فرص الحصول على التعليم في إفريقيا؛ حيث تتسرَّب أعداد متزايدة من الأطفال من المدارس. على الرغم من أن إجمالي معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بلغ 101.7% في عام 2019م؛ إلا أن الأرقام تنخفض بالنسبة لمستويات التعليم الدنيا والعليا؛ حيث تصل إلى 58.4% و36.6% تِباعًا. ويظهر التعليم العالي في أدنى المستويات؛ حيث يقل معدل الالتحاق الإجمالي بالجامعات عن 10%.
فضلاً عن أن الوصول إلى التعليم غير متكافئ، وخاصةً بالنسبة للنساء. وتشير تقديرات اليونسكو إلى أن تسعة ملايين فتاة في إفريقيا تتراوح أعمارهن بين 6 و11 سنة خارج المدارس في إفريقيا، مقارنةً بستة ملايين فتى في نفس الفئة العمرية.
عطفًا على ما سبق ذكره، يُلاحظ أن نوعية التعليم في إفريقيا سيئة. فيما تشير حالة “فقر التعلُّم العالمي في عام 2022م” إلى أن ما يقرب من 90% من الأطفال الأفارقة الذين تبلغ أعمارهم 10 سنوات لا يستوعبون ما يقرؤون.
وفي هذا الصدد، حدَّد تقرير البنك الدولي لعام 2018م أربعة أسباب مباشرة لهذا الوضع في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
1- العديد من الأطفال غير مستعدين للتعلم؛ بسبب المرض أو سوء التغذية أو نقص الدخل.
2- غالبًا ما يفتقر المعلمون إلى المهارات الكافية، أو يفتقرون إلى الحوافز.
3- الموادّ التعليمية غير متوفرة أو غير كافية.
4- سوء إدارة التعليم وحوكمته يضرّ بجودته.
حوالي 9 ملايين طفلة و6 ملايين طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و11 سنة خارج المدرسة في إفريقيا:
من ناحية أخرى، ثمة فجوة كبيرة بين توفير التعليم واحتياجات أصحاب العمل وسوق العمل. وقد كشف تقرير بنك التنمية الإفريقي أن معظم الخريجين لم يكن لديهم المهارات المطلوبة للوظائف المتاحة. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يفتقر الشباب إلى المهارات السلوكية والشبكات والخبرة المهنية اللازمة للتنافس مع المرشحين الأكبر سنًّا.
وذكر المركز الإفريقي للتحول الاقتصادي الأسباب الأخرى تشمل عدم التركيز على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والتعليم الفني والمهني والمهارات المعرفية والتحليلية عالية المستوى. وفي الواقع، في عام 2019م، كان 8.5% فقط من طلبة المدارس الثانوية في البرامج المهنية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وكان 14.2% فقط من خريجي التعليم العالي لديهم خلفية في العلوم والهندسة، وهو أمر ضروري للمهن المستقبلية.
وتتطلب هذه التحديات اتخاذ إجراءات عاجلة. وفي إطار المساعي الرامية إلى تحقيق هدف “تشكيل إفريقيا للتكيّف مع تحديات القرن الحادي والعشرين”، كرَّس الاتحاد الإفريقي عام 2024م للتعليم من خلال تحسين الوصول إلى التعليم الشامل والجيد والملائم طوال الحياة. وهذا الهدف قابل للتحقيق، ولكنَّه يتطلب بذل جهود متضافرة، وطرق جديدة في التفكير، والتبني السريع للتكنولوجيات، والحوكمة الملتزمة.
ويجب على إفريقيا تحسين جميع مستويات التعليم للاحتفاظ بالمتعلمين وزيادة معدل التقدم لتوسيع مجمع التعليم في كل مرحلة. ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال تنفيذ سياسات مهمة، مثل التعليم الثانوي المجاني، والبرامج المستهدفة لزيادة معدلات الالتحاق بالمدارس والاحتفاظ بالطلبة.
التدريب المهني والتقني أهم من التعليم الأكاديمي:
ومن الضروري توفير التعليم الجيد والتدريب المهني والتقني بدلاً من التعليم الأكاديمي البحت، كما هو الحال في العديد من البلدان الإفريقية. ولا يكفي تشجيع تعليم الأطفال إذا لم يُمكِّنهم التعليم من اكتساب أساسيات القراءة والكتابة والحساب، فضلاً عن المهارات اللازمة للثورة الصناعية الرابعة.
ينبغي للبلدان الإفريقية تخصيص المزيد من الساعات لتعليم أساسيات الحساب والقراءة في مرحلة ما قبل المدرسة (روضة الأطفال) والمرحلة الابتدائية؛ لتحسين القراءة واكتساب الرياضيات. ويُعدّ استخدام التقنيات وطرق التدريس الجديدة أمرًا بالغ الأهمية لمواجهة التحديات المستقبلية، خاصةً بعد جائحة كوفيد-19.
ويمكن للشراكات مع شركات الاتصالات ومقدمي خدمات الإنترنت أن تقلل من تكلفة الإنترنت فائق السرعة والبيانات المتنقلة، مما يساهم في التعلم الافتراضي.
بالإضافة إلى ما سبق فإن زيادة مشاركة الوالدين، وتحسين تدريب وتأهيل المعلمين، وتصميم أساليب التدريس والتعلم المتكيفة مع الظروف المحلية، كلها أمور ضرورية لإنشاء أنظمة تعليمية فعَّالة في إفريقيا.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لتقنيات مثل G5، والذكاء الاصطناعي، والواقع المعزز أن تسهم في تحسين بيئة التدريس. وثمة حاجة إلى التخطيط الدقيق والابتكار والاستثمار والقيادة للحاق بركب القارة في مجال التعليم المتميز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال:
https://issafrica.org/fr/iss-today/le-bilan-de-l-education-en-afrique-reste-mediocre