كريس تشانجوي نشيمبي([1]) و إينوسنت مويو([2])
صحيفة ذي كونفرسيشن([3])
ترجمة:قراءات إفريقية
بدأ الاتحاد الأوروبي في فرض ثلاثة تكتيكات جديدة من أجل تقليل أعداد المهاجرين الأفارقة إلى أوروبا، وذلك بعد عقد من الزمان تقريبًا منذ أن وصلت الهجرة الإفريقية إلى أوروبا إلى ذروتها عام 2015م، والذي يُشار إليه بأنه عام “أزمة المهاجرين”؛ حيث تقدم أكثر من مليون شخص من إفريقيا والشرق الأوسط بطلبات للجوء إلى الاتحاد الأوروبي. ومنذ ذلك الحين، ظلت الأرقام في ازدياد؛ ففي عام 2023م، بلغ عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى شواطئ أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط 275 ألف مهاجر، ارتفاعًا من حوالي 180 ألف مهاجر في عام 2022م.
ومن أجل السيطرة على تدفُّق المهاجرين، أدخل الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأعضاء فيه سياسات الأبواب المغلقة، وهي عبارة عن تدابير مراقبة صارمة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وتعزيز سياسات مكافحة الهجرة، والتي تحوّل أوروبا بشكل متزايد إلى “قلعة” حصينة.
وقد قام كاتبا هذه المقالة بالبحث في شؤون الهجرة والحدود والعلاقات بين إفريقيا والاتحاد الأوروبي لأكثر من عقد من الزمان، مع الاستمرار في متابعة الوضع عن كثب؛ حيث يُعدّ الكاتبان جزءًا من مجتمع وعلماء العلاقات بين إفريقيا والاتحاد الأوروبي الذين يعملون على دراسة سياسة الهجرة، ومن خلال الأبحاث فقد لاحظا طرقًا جديدة يمنع بها الاتحاد الأوروبي المهاجرين من دخول المنطقة.
وطبقًا لقدرة الباحثين على الوصول إلى المصادر والمعلومات الخاصة بشؤون الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي، فقد رصدا ثلاثة اتجاهات جديدة في كيفية قيام الدول الأوروبية ببناء الحواجز:
- فرض رقابة مشدَّدة على الحدود، وقد طرأت تحوُّلات على أنماط الموارد المستخدَمة لإدارة الحدود.
- مُضايقة المنظمات غير الحكومية التي تتخذ من أوروبا مقرًّا لها، والتي تدعم المهاجرين.
- تصدير عملية اللجوء إلى الدول الإفريقية أو التعاقد من الباطن معها.
إن نهج “القلعة” الذي يتبنَّاه الاتحاد الأوروبي هو إهدار للموارد التي يمكن استخدامها بشكل أفضل بطرق أكثر إنسانية واستدامة؛ فبغضّ النظر عن التدابير التي تتّخذها الدول الأوروبية، فإن الهجرة غير النظامية ستستمر؛ حيث إن التنقل أمر طبيعي في الحياة البشرية، ودائمًا ما يسعى الناس إلى خيارات أفضل.
حدود خاضعة لرقابة مشددة:
بين عامي 2014 و2022م، ازداد الطول الإجمالي للأسوار الحدودية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وداخل الاتحاد الأوروبي من 315 كيلو مترًا إلى 2048 كيلو مترًا؛ حيث تُستخدم القوات العسكرية بشكل أكبر لإدارة عمليات المرور عبر الحدود، كما تُستخدَم التكنولوجيا الآن لتعزيز الحدود البرية، كما أن هناك آليات أحدث وأكثر إثارة للجدل، من أبرزها ما يلي:
- يقوم الذكاء الاصطناعي بعمل سلسلة من التقييمات للمخاطر بصورة تمييزية على أساس العرق ومكان الولادة، ويسهم في تحديد هوية الشخص المقيم بصورة غير قانونية.
- اعتمد البرلمان الأوروبي مؤخرًا ميثاقًا جديدًا للهجرة واللجوء يسمح باستخدام تقنية التعرُّف على الوجه وجمع البيانات البيومترية؛ حيث يمكن الآن تخزين صور وبيانات المهاجرين لمدة تصل إلى 10 سنوات، ويمكن لقوات الشرطة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي الوصول إلى قواعد البيانات هذه.
- تُستخدَم الطائرات العسكرية بدون طيار للكشف عن قوارب اللاجئين في البحر الأبيض المتوسط، مما يسمح لخفر السواحل باعتراضها.
وبعد تلك التقنيات الجديدة لتشديد الهجرة على “القلعة الأوروبية”، باتت منظمات حقوقية مختلفة تشعر بالقلق من أن استخدام هذه التقنيات الجديدة سيُهدّد حقوق المهاجرين؛ فهي تغزو وتنتهك الخصوصية من خلال جمع البيانات الشخصية، ويتم التمييز على أساس الجنسية والعرق والجنس والأصل القومي.
استهداف منظمات حقوقية:
ومن ناحية أخرى، تتخذ بعض دول الاتحاد الأوروبي إجراءات صارمة ضد المنظمات الإنسانية التي تساعد المهاجرين، في حين يتم تجريم عمل بعض المنظمات؛ حيث يتم تصويرهم كمهربين للبشر أو تجار بشر أو جواسيس. وتأمرهم الدول الأوروبية بعدم مساعدة المهاجرين في المواقف الصعبة. فعلى سبيل المثال، في عام 2024م، احتجز خفر السواحل الإيطالي سفينة بحث وإنقاذ إنسانية تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود (Médicins Sans Frontières). كانت هذه هي المرة العشرين التي تحتجز فيها السلطات الإيطالية سفينة إنسانية منذ فرضت الحكومة قانونًا جديدًا يُقيِّد عمليات سفن الإنقاذ في أوائل عام 2023م.
وفي عام 2022م، ألقى ضباط بولنديون القبض على أربعة نشطاء في مجال حقوق الإنسان من منظمة Grupa Granica الإنسانية؛ بسبب تقديمهم الطعام والملابس والأغطية ومساعدة عائلة لديها سبعة أطفال تقطعت بهم السبل في غابة متجمدة في المناطق الحدودية بين بولندا وبيلاروسيا. وقالت السلطات البولندية: إنها ألقت القبض على النشطاء بتهمة التهريب غير القانوني.
وفي أغسطس/ آب 2018م، سجنت السلطات اليونانية 24 عامل إغاثة من مركز الاستجابة للطوارئ الدولي؛ وذلك بسبب مساعدتهم في إنقاذ المهاجرين المنكوبين في البحر. ووجهت إلى المجموعة تُهَم التجسس والاحتيال وتهريب البشر وغسيل الأموال. وتمت تبرئة مجموعة الإغاثة في وقتٍ لاحقٍ.
التعاقد من الباطن لوقف عمليات اللجوء:
لسنواتٍ طويلةٍ، سعَى الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى تصدير عملية اللجوء أو التعاقد من الباطن مع الدول الإفريقية للحد من عمليات الهجرة. ففي عام 2021م، أدان الاتحاد الإفريقي بشدة خطط الدنمارك لنقل طالبي اللجوء إلى الأراضي الإفريقية. وزعم الساسة الدنماركيون أن هذا من شأنه أن يصلح نظام اللجوء الدنماركي.
ومنذ العام 2018م، دفع الاتحاد الأوروبي من أجل إعادة المهاجرين الذين تم إنقاذهم في البحر الأبيض المتوسط إلى شمال إفريقيا، بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة. في الأساس “يتخلص” الاتحاد الأوروبي من المهاجرين الذين تم إنقاذهم في عرض البحر عن طريق إعادة إرسالهم إلى دول شمال إفريقيا.
وهناك انتقادات شديدة بشأن هذه التصرفات؛ بسبب المخاوف بشأن سلامة المهاجرين وحقوقهم. ففي عام 2022م، أفادت منظمة أوكسفام غير الحكومية أن خفر السواحل الليبي اعترض، وأعاد 20 ألف مهاجر إلى ليبيا. ولكن كانت هناك تقارير لاحقة تفيد بأن هذه المجموعة من الأشخاص اختفت. كما أن هناك تقارير تفيد بأن السلطات الليبية ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد المهاجرين.
نحو نظام واقعي:
بناءً على خبرتنا، أصبح من الواضح أن الدول الأوروبية يجب أن تقبل عمليات الهجرة، وتعلم أنها سوف تحدث وتتكرر؛ لأنها جزء من طبيعة الحياة، لذلك يجب عليهم إنشاء مسارات قانونية وتشريع آليات أفضل للتعامل مع المهاجرين.
ومن الحلول المقترحة لذلك: أن يقوم الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي بإنشاء مهارات تشبه التدريب المهني والتدريب الفني للمهاجرين غير النظاميين في القطاعات التي تجذبهم إلى أسواق العمل في الاتحاد الأوروبي. وهذا من شأنه أن يُساعد في تلبية الطلب على العمالة في أوروبا، وخلق قنوات منتظمة للهجرة للأفارقة. وسوف يكتسب المهاجرون مهارات لاستخدامها في إفريقيا إذا عادوا إليها مرة أخرى.
ومن الحلول الأخرى أن تتبنّى دول الاتحاد الأوروبي نهج كندا؛ فهي تلتزم ببروتوكول الأمم المتحدة للاجئين من خلال عدم معاقبة طالبي اللجوء على الدخول غير المصرح به، كما ينعكس ذلك في قانونها الجنائي.
……………………………………
[1]– مدير ورئيس قسم أبحاث SARChI: الاقتصاد السياسي للهجرة في منطقة SADC، جامعة بريتوريا.
[2]– أستاذ مشارك: قسم الجغرافيا والدراسات البيئية، جامعة زولولاند.
[3]– تم نشر المقال يوم 18 يونيو 2024، متاح على الرابط التالي: https://theconversation.com/eu-migration-policy-is-getting-tougher-the-3-new-tactics-used-to-keep-african-migrants-out-226754