الأفكار العامة:
-تسجيل 9 ملايين ناخب في سجلّ الانتخابات الرئاسية في كوت ديفوار؛ لتجديد الثقة بالرئيس الحالي، أو انتخاب رئيس جديد للبلاد.
-سخونة المناخ السياسي في كوت ديفوار قبل خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية المقرَّر إجراؤها في أكتوبر 2025م.
-شطب اللجنة الانتخابية المستقلة بصورة نهائية زعماء المعارضة الرئيسية الأربعة: تيجان ثيام ولوران غباغبو وتشارلز بليه غوديه وغيوم صورو.
-مخاوف من احتمال تدهور الأوضاع السياسية في البلاد نتيجة ردود الأفعال المحتملة من أنصار الأحزاب المعارضة المُستبعَدة
– احتمال إجراء الانتخابات دون منافسة شرسة نتيجة خلوّ المشهد السياسي من المعارضة القوية.
– احتمال لجوء بعض الأحزاب عند اللزوم إلى اختيار الشخصيات البديلة على غرار التجربة الثنائية في السنغال.
بقلم: إيزيدور كوونو وماتي سي
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
على الرغم من نشر اللجنة الانتخابية المستقلة، القائمة النهائية للناخبين التي تضم 9 ملايين ناخب مسجل، وقبل خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في أكتوبر 2025م؛ إلا أنه لا يزال المناخ السياسي في كوت ديفوار متوترًا؛ لا سيما بعد شطب اللجنة الانتخابية المستقلة بصورة نهائية جميع الشخصيات المعارضة الرئيسية الأربعة التي كانت غائبة مؤقتًا عن القائمة.
حيث تم استبعاد تيجاني ثيام من حزب المعارضة الرئيسي، لوران غباغبو، الرئيس السابق للبلاد وزعيم PPA-CI (حزب الشعوب الإفريقية – كوت ديفوار)، وشارل بليه غوديه من حزب COJEP (مؤتمر عموم إفريقيا للعدالة والمساواة بين الشعوب)، وغيوم سورو من السباق الرئاسي في كوت ديفوار. من جهة أخرى، لا تزال السيدة الأولى السابقة سيمون إيهيفيت غباغبو وآفي نغيسان على القائمة.
من هم المُستبعَدون؟
من بين الشخصيات البارزة الأربعة في السياسة الإيفوارية التي تم استبعادها من انتخابات أكتوبر 2025م الرئاسية: شارل بليه غوديه، الوزير السابق، ولوران غباغبو، الرئيس السابق للجمهورية، وغيوم سورو، الرئيس السابق للجمعية الوطنية، وتيجاني ثيام، المسؤول الدولي رفيع المستوى ورئيس الحزب الديمقراطي لكوت ديفوار. وتُشكّل هذه الشخصيات ثِقَل المعارضة، وبالتالي فهم خصوم سياسيون جادون للحزب الحاكم.
1-تشارلز بليه غوديه
من بين الشخصيات التي تم استبعادها من القائمة “تشارلز بليه غوديه”، وزير الشباب السابق في عهد لوران غباغبو، -وهو معروف بكنيته “جنرال الشارع”-، والذي سبق ودعا الشباب إلى النزول من أجل دعم الرئيس لوران غباغبو خلال الأزمة السياسية والعسكرية التي شهدتها كوت ديفوار بين عامي 2002 و2011م.
تمَّت محاكمته مِن قِبَل “المحكمة الجنائية الدولية” بتهمة المشاركة في أعمال العنف المميتة والتحريض على الكراهية في أواخر عام 2010م وأوائل عام 2011م، وتمت تبرئته أخيرًا في عام 2019م.
ورغم ذلك، تعرَّض للاتهام في العام ذاته من القضاء الإيفواري بـ”التعذيب والقتل العمد والاغتصاب”؛ لدوره في هذه الأزمة التي أعقبت الانتخابات في 2010-2011م. وتم الحكم على الرجل الذي يبلغ من العمر 54 عامًا اليوم بالسجن لمدة 20 عامًا، بما في ذلك الحرمان من الحقوق المدنية لمدة 10 سنوات وتعويض بقيمة 200 مليون فرنك إفريقي.
على أساس هذه الإدانة، أزالته اللجنة الانتخابية المستقلة من قائمة الناخبين في 17 مارس، على الرغم من أنه طلب عفوًا من الرئيس “الحسن واتارا” للترشح لهذه الانتخابات الرئاسية.
وعلى الرغم من هذه التطورات السلبية، فلا يزال مُؤسِّس “مؤتمر عموم إفريقيا للعدالة والمساواة بين الشعوب”، الحركة التي أنشأها في عام 2019م قبل عودته إلى كوت ديفوار في عام 2022م، شخصية بارزة في المشهد السياسي في البلاد.
وفي هذا السياق، عقد تشارلز بليه غوديه اجتماعًا في 31 مايو في يوبوغون، إحدى بلديات العاصمة أبيدجان، بصفته المنسق العام لتحالف المعارضة الذي يضم السيدة الأولى السابقة سيمون إيهيفيت غباغبو، وتيجاني ثيام من الحزب الديمقراطي لكوت ديفوار المعارض الرئيسي.
وناشد الإيفواريين التماسك والسلام والوحدة، بينما يتطلع إلى المستقبل؛ حيث سيكون هو القائد الجديد الأصغر سنًّا.
2-لوران غباغبو
الرئيس السابق للجمهورية (أكتوبر 2000 – أبريل 2011م)، الذي أُدين غيابيًّا أيضًا مِن قِبَل القضاء الإيفواري بعد تبرئته من CPI (المحكمة الجنائية الدولية)، هو الآخر مُستبعَد من السباق الرئاسي في أكتوبر 2025م.
في حين أنه تمكّن من الإفلات من تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في أحداث ما بعد الانتخابات في 2010-2011م التي وُجِّهت إليه مِن قِبَل القضاء الدولي، إلا أن محكمة بلاده حكمت عليه بالسجن 20 عامًا في الاستئناف بتهمة “سرقة” البنك المركزي لدول غرب إفريقيا خلال أزمة 2010-2011م.
وفي ديسمبر 2022م، رفضت IEC (اللجنة الانتخابية المستقلة) طلب لوران غباغبو بالتسجيل في القوائم الانتخابية. واستندت المؤسسة المسؤولة عن تنظيم الانتخابات في البلاد إلى الحكم الصادر بحقه بالسجن لمدة 20 عامًا بتهمة “اقتحام المكتب الانتخابي المركزي للانتخابات”.
“لا، لا، لا، لا، لن أسمح بتلطيخ اسمي دون نضال. ما زلتُ صامدًا”؛ هذا ما أعلنه في عام 2023، بعد أن قدم استئنافًا إلى اللجنة الانتخابية المستقلة.
في هذه الأثناء، أصدر الرئيس “الحسن واتارا” عفوًا عنه، ولكنه لم يمنحه العفو مما يحول دون إدراجه في القائمة.
ولا يزال رئيس الدولة الإيفواري السابق شخصية رئيسية في البلاد، على الرغم من ماضيه. وعلى الرغم من شطب اسمه من القوائم الانتخابية، إلا أن حزب الشعوب الإفريقية في كوت ديفوار، وهو مجموعته السياسية، قد دفع به في أبيدجان في 10 مايو 2024م مرشحًا عنه في هذه الانتخابات.
وقد أعلن لوران غباغبو أمام أكثر من ألف من أنصاره في فندق “أوتيل إيفوار” في أبيدجان” أوافق على أن أكون مرشحكم”. وكان قد وعد بوضع حدّ للفساد في البلاد، وتحسين النظام الصحي، ووضع حد للديون.
3-غيوم صورو
يعيش غيوم صورو، رئيس الوزراء السابق ورئيس الجمعية الوطنية، في المنفى ويواجه العديد من الإدانات القضائية. وقد أعلن عن ترشحه في 31 ديسمبر 2024م، منذ نفيه من خلال مؤتمر عبر الفيديو.
وكان هذا الزعيم السابق للتمرد قد تعاون مع الرئيس الحسن وتارا ليصبح رئيس وزرائه، ثم رئيس الجمعية الوطنية. لكن كلا الرجلين كانا على خلاف؛ فقد اتُّهِمَ غيوم صورو في وقت لاحق بالتحضير لانتفاضة أهلية مع أنصاره في عام 2019م. وفي عام 2021م، حكم عليه القضاء الإيفواري غيابيًّا بالسجن مدى الحياة بتهمة “المساس بأمن الدولة”، ولا يزال غيوم صورو مستهدفًا بمذكرة توقيف دولية صادرة عن القضاء الإيفواري.
وبناء على الإدانة المعنية، رأت اللجنة الانتخابية المستقلة أنه من الصواب إلغاء ترشيحه للانتخابات الرئاسية في أكتوبر المقبل.
4-تيجان ثيام
اعتبر الرئيس التنفيذي السابق لشركة “كريدي سويس” والشخصية الصاعدة في الحزب الديمقراطي لكوت ديفوار، غير مؤهل للانتخاب مِن قِبَل القضاء في 22 أبريل الماضي.
بعد تخلّيه رسميًّا عن جنسيته الفرنسية في فبراير 2024م، يأمل ثيام في الترشح للانتخابات الرئاسية. غير أن محكمة في أبيدجان رأت أنه فقد جنسيته الإيفوارية في عام 1987م، عندما حصل على الجنسية الفرنسية، وأن عودته إلى منصبه كانت متأخرة جدًّا بحيث لا يمكن إدراجه في قائمة الناخبين.
وقد وصف القرار بأنه “تخريب ديموقراطي”، وقال: إنه سيحرم “ملايين الإيفواريين من حقّهم في اختيار رئيسهم بحرية”. قبل ذلك بأسبوع واحد فقط، في 17 أبريل، تم تسمية ثيام رسميًّا مرشحًا للحزب الديمقراطي لكوت ديفوار في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وحينها علق قائلاً: “ليس مفاجئًا أن يُتّخذ هذا القرار؛ نظرًا لارتفاع دعمنا لدى الرأي العام”.
وكان ثيام، الذي عاد إلى ساحل العاج في عام 2022م بعد عقدين من العمل الدولي، يُنظَر إليه على أنه خليفة مُحتمَل للرئيس الحسن واتارا.
قد وفَّر ترشحه بديلاً وسطيًّا وتكنوقراطيًّا وقادرًا على مواصلة التنمية الاقتصادية للبلاد في الوقت الذي اقترح فيه إجراء تغيير سياسي.
ويعتبر حزبه، الحزب الديمقراطي لكوت ديفوار، زعيمًا للمعارضة في كوت ديفوار بسبب نفوذه في البلد.
تم انتخاب تيجاني ثيام بنسبة 99% مِن قِبَل حزبه لتمثيله في الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2025م.
استبعاد نهائي وفقًا لرئيس اللجنة الانتخابية المستقلة:
وقد ظلت مسألة شطب هذه الشخصيات الهامة من القائمة الانتخابية محل جدل لعدة أشهر في كوت ديفوار. وتطالب أحزاب المعارضة الرئيسية بمراجعة قائمة الناخبين، وإعادة إدماج المرشحين المستبعدين.
قال كويبيرت كوليبالي، رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة: “إن الإجراء يستغرق ما بين 6 و7 أشهر في المتوسط”؛ وهو ما يجعل من المستحيل مشاركتهم في انتخابات الرئيس في 25 أكتوبر المقبل.
وقد دعا كوليبالي إلى احترام قرارات القضاء من أجل “إغلاق أيّ خلاف”، وجعل ساحل العاج “دولة قانون”.
وفي أبريل الماضي، علّق لوران غباغبو وتيجاني ثيام مشاركتهما في هيئات اللجنة الانتخابية المستقلة لعدم شفافية العملية الجارية.
ويُقدَّر عدد سكان كوت ديفوار بـ30 مليون نسمة، نصفهم تحت سن الـ18. وتضم القائمة الانتخابية النهائية هذا العام 8.7 ملايين ناخب.
بحسب القرار الصادر، فلن يتمكن أيٌّ من هؤلاء المرشحين الأربعة من الترشح للانتخابات الرئاسية أو حتى التصويت فيها.
استياء داخل المعارضة:
قال تيجاني ثيام بعد اطلاعه على قرار اللجنة الانتخابية المستقلة: “إن شطبي من القائمة الانتخابية يُشكِّل قرارًا سيئًا، وهو مؤشر على تخلّي ساحل العاج عن الديمقراطية”.
وأضاف: “هذه الهجمات على الديمقراطية يجب أن تتوقف، وعلى الحكومة أن تضمن انتخابات حرة ونزيهة وشاملة في أكتوبر المقبل”. هذه هي رغبة جميع الإيفواريين، ولا يمكن ضمان الاستقرار الحقيقي في غرب إفريقيا إلا من خلال عملية انتخابية عادلة.
أبلغ محاميه ماتياس تشيكبورتيتش أن زعيم المعارضة قدَّم شكوى إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وأوضح المحامي أن “هذا الإجراء يهدف إلى إجبار الدولة الإيفوارية على اتخاذ جميع التدابير اللازمة حتى تُجرَى الانتخابات الرئاسية في ظروف عادلة وشاملة وديمقراطية”.
يرى صاحب البلاغ أن حرمان زعيم المعارضة من حقوقه السياسية بقرار تعسفي وتمييزي وغير قابل للاستئناف يُشكّل انتهاكًا خطيرًا للالتزامات الدولية لكوت ديفوار. وأضاف أن “الرئيس تيجاني ثيام مصمّم أكثر من أيّ وقت مضى على احترام حق الشعب الإيفواري في اختيار ممثليه بحرية”.
نحو انتخابات بلا معارضة حقيقية؟
يُثير إقصاء كل من غباغبو، وسورو، وبلي غوديه، والآن تيام؛ شبح انتخابات بدون معارضة حقيقية لحزب التجمع من أجل الديمقراطية والسلام، الحزب الحاكم.
ووفقًا لبليه غوديه، مؤسس حزب COJEP (مؤتمر عموم إفريقيا للعدالة والمساواة بين الشعوب)، فإن القرار غير مقبول.
“تريد منع شارل بليه غوديه من المشاركة في الانتخابات الرئاسية لعام 2025م، يجب على الحكومة أن تتوقف عن إعطاء الانطباع بأنها تختار خصومها”؛ على حد تصريح سيرج أوراغا، المتحدث باسم الحركة.
إذا اختار الرئيس واتارا، الذي يبلغ من العمر الآن 83 عامًا، الترشح لولاية رابعة، فيمكنه أن يفعل ذلك دون أيّ تحدٍّ سياسي حقيقي.
ويلاحظ جان فرانسوا ريجيس أدوبو “ورغم ذلك، وكما شهدنا في مثال السنغال وباستيف، قد تتفاعل بعض الأحزاب من خلال طرح شخصيات جديدة”.
“الشخصيات البديلة موجودة بالفعل داخل الأحزاب الكبرى. فقد نافس جان مارك ياسيه، رئيس بلدية كوكودي، تيجان تيام في الانتخابات الداخلية للحزب الديمقراطي المسيحي في الانتخابات الداخلية. ياسمين ووغنين هي أيضًا صوت مهمّ. ولا يزال جان لوي بيلون، الذي أعلن بالفعل عن نيته للترشح، مرشحًا ذا مصداقية.
أما من جانب حزب، مؤتمر عموم إفريقيا للعدالة والمساواة بين الشعوب، فيشير أدوبو إلى أنه “حتى لو تم استبعاد شارل بليه غوديه، فقد أشار إلى أنه يمكن أن يدعم شخصية حزبية أخرى من أجلّ تحقيق رؤيته السياسية”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: