تمهيد:
شهدت إفريقيا جنوب الصحراء خططًا للتهجير والنزوح القسري، منذ البدايات الأولى للاستعمار، كانت تجارة الرقيق أشهرها وأشدها وحشيةً. كما شهدت عمليات تطهير عرقي لأغراض استعمارية، ولا ننسى أيضًا الإبادة الجماعية لشعبي الهيريرو والناما في ناميبيا.
وفي فترات الاستقلال، اختلفت أسباب الهجرة والنزوح القسري، فكان منها أسباب سياسية أو اقتصادية أو مناخية أو حتى دوافع شخصية.
وقد تصاعدت وتيرة الهجرة والنزوح القسري في المنطقة، مع تصاعد الصراع في أجزاء عدة منها، مما كان له انعكاسات وتكاليف اقتصادية باهظة.
ومن هنا أحاول من خلال هذه المقالة، تناول الهجرة والنزوح القسري في بلدان الإقليم، متناولًا خلفيتهما التاريخية، وتطوُّر حركتي النزوح والهجرة القسرية، وتكاليف وآثار ذلك. مع التركيز على تلك الحالات التي تسبّبت في خلق الصراع. مع التطرق إلى مفارقة مفادها؛ كيف تحولت إفريقيا من مكان محتمل لتوطين اليهود منذ أكثر من عقد من الزمان، إلى مكان محتمل لتوطين أهل غزة، إبَّان العدوان عليها. وذلك من خلال المحاور التالية:
- أولًا: النزوح والتهجير القسري: المفاهيم الأساسية.
- ثانيًا: الخلفية التاريخية للنزوح والتهجير القسري، والتطهير العرقي في إفريقيا جنوب الصحراء.
- ثالثًا: أوهام التهجير القسري للفلسطينيين وموقع إفريقيا منها.
- رابعًا: أسباب الهجرة والنزوح القسري في إفريقيا جنوب الصحراء.
- خامسًا: اتجاهات الهجرة والنزوح القسري في إفريقيا جنوب الصحراء.
- سادسًا: الأثر الاقتصادي للهجرة والنزوح القسري في إفريقيا جنوب الصحراء.
- سابعًا: الاستجابة للنزوح القسري في إفريقيا جنوب الصحراء.
أولًا: النزوح والتهجير القسري: المفاهيم الأساسية
يرتبط مصطلح النزوح بمفهوم الهجرة؛ حيث إن النزوح يعني ترك المكان والهجرة إلى مكان ما؛ سواء بالنسبة للأفراد أو الجماعات.([1])
ويشير النزوح القسري إلى “أوضاع الأشخاص الذين يغادرون منازلهم أو يفرّون منها بسبب الصراع، أو الاضطهاد، أو انتهاك حقوق الإنسان”([2])، بينما يعرف التهجير القسري: بأنه “ممارسة ممنهجة تُنفّذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية؛ بهدف إخلاء أراضٍ معينة، وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلًا عنها”.
ويكون التهجير القسري إما مباشرًا؛ أي ترحيل السكان من مناطق سكناهم بالقوة، أو غير مباشر، عن طريق دفع الناس إلى الرحيل والهجرة، باستخدام وسائل الضغط والترهيب والاضطهاد. وهو يختلف عن الإبعاد أو النزوح الاضطراري أو الإرادي، باعتبار أن التهجير يكون عادة داخل حدود الإقليم، بهدف تغيير التركيبة السكانية لإقليم أو مدينة معينة.
ويعرف القانون الدولي التهجير القسري بأنه “إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها”، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. ووفق ما ورد في نظام روما “إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتُكِبَ في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي مُوجَّه ضد أيّ مجموعة من السكان المدنيين يُشكّل جريمة ضد الإنسانية”. كما أن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراض أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة.([3])
وهناك اختلافات بين اللاجئين والنازحين داخليًّا، ولكن هناك شيء واحد يُوحِّدهم، وهو أن كلاهما نازحون قسرًا. وتشير الهجرة القسرية أيضًا إلى “التحركات التي يقوم بها اللاجئون والنازحون داخليًّا وبعض المهاجرين -سواء داخل أوطانهم أو بين البلدان-؛ بسبب قوى خارجة عن إرادتهم”. واعتبارًا من عام 2019م، يتم اقتلاع شخص واحد من جذوره كل ثانيتين (غالبًا دون أن يكون معه سوى الملابس التي يرتديها).([4])
وقد دخلت اتفاقية الاتحاد الإفريقي لحماية ومساعدة النازحين داخليًّا، حيِّز التنفيذ عام 2012م، وهي أول صكّ قاري في العالم يُلزم الحكومات بحماية حقوق ورفاهية الذين أُجبروا على الفرار من ديارهم بسبب الصراعات والعنف والكوارث وانتهاكات حقوق الإنسان، إلا أن التنفيذ كان باهتًا.([5])
ثانيًا: الخلفية التاريخية للنزوح والتهجير القسري والتطهير العرقي في إفريقيا جنوب الصحراء
ربما كانت تجارة الرقيق هي أكثر حالات الهجرة القسرية توثيقًا وشهرةً في تاريخ القارة. فهي فريدة من نوعها من حيث الحجم، وطول فترة ممارستها، والمعاناة التي تحمَّلها ضحاياها، والأرباح التي تولَّدت عنها، والتي وضعت الأساس للتطوُّر المُبكّر للاقتصاد الرأسمالي.
أما التيار الثاني من الهجرة القسرية الذي أثَّر على مجتمعات المستوطنين الأفارقة (الجزائر وجنوب إفريقيا وكينيا، وإلى حد ما الكونغو البلجيكية)؛ فقد حدث بنسبة كبيرة خلال الحقبة الاستعمارية؛ حيث أجبر المستوطنون، أو بالأحرى الدول الاستعمارية، مجتمعات بأكملها على ترك ممتلكاتها، وخاصة الأراضي الخصبة؛ لتخصيصها للبيض، ولأغراض التعدين، أو في سياق إنشاء المتنزهات الوطنية، وأُعيد توطين المجتمعات المقتلعة عمومًا في أراضٍ شبه قاحلة.([6])
وبين هذا وذاك، قامت ألمانيا بممارسة التطهير العرقي لقبيلتي الهيريرو والناما خلال الفترة من أكتوبر 1904 وحتى مطلع سنة 1908م؛ حيث قتلت 60 ألفًا من القبيلة الأولى التي كان تعدادها 100 ألف، وعشرة آلاف من الثانية التي كان تعدادها عشرين ألفًا. تلك القبائل التي كانت تعتمد على الزراعة والرعي. لكنَّ وباء طاعون الماشية ضرب المنطقة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فاضطر أفراد القبائل للعمل لدى الألمان لتوفير احتياجاتهم. ومع اشتداد الأزمة، اضطروا لبيع الأراضي والماشية المملوكة للقبيلة للتجار والمبشرين الألمان، وكانت هذه نواة إعلان ناميبيا مستعمرة ألمانية. ومع اشتداد الأزمة، زادت حالة الاحتقان بين السكان الأصليين وبين المستعمرين؛ حيث عانى أفراد القبائل من تحكُّم المستعمرين في أراضيهم وماشيتهم. وسرعان ما تحوَّلت الأزمة إلى خلافات حادة، وانتهت بتطهير عرقي.([7])
وقد شهدت إفريقيا المستقلة اتجاهًا متزايدًا للصراعات المسلحة، والتي أدت إلى قتل الآلاف من المدنيين، وإجبار آخرين على مغادرة منازلهم. حتى تحولت القارة من أزمة لاجئين إلى أخرى. بل وقضى اللاجئون الذين طال أمدهم أعمارًا في مستوطنات اللاجئين دون النظر في توطينهم بشكل دائم في المجتمعات المضيفة، وتحوَّلت معظم البلدان إلى طاردة ومستضيفة.([8])
ثالثًا: أوهام التهجير القسري للفلسطينيين وموقع إفريقيا منها
عرض الإمبرياليون عددًا من الخيارات في أجزاء مختلفة من العالم على الحركة الصهيونية لتوطين اليهود فيها، وكان أحد هذه الخطط اقتراحًا يتضمن إنشاء مستعمرة يهودية سموها “خطة أوغندا”، تهدف إلى نقل مئات الآلاف من اليهود الشرقيِّين إلى منطقة “أوسين جيشو” التي كانت جزءًا من محمية أوغندا، وتقع الآن في كينيا، وقد رفض المؤتمر الصهيوني الذي عُقِدَ في 1905م، هذه الخطة. وتقول الرواية: إن “جوزيف تشامبرلين، وزير المستعمرات البريطاني، قدَّم، في أبريل 1903م، عرضًا إلى هرتزل لتوطين اليهود في شرق إفريقيا البريطانية وتحديدًا كينيا، إلا أن هرتزل رفض الاقتراح.([9])
وقد قال (يسرائيل زانغويل)، أحد نواب الحركة الصهيونية قبل قرن: “هناك حيوانات برية في شرق إفريقيا، وهو نفس تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي المقال يائير غالانت الذي قال: “نحن نحارب حيوانات بشرية”، فالتصريحان يؤكدان أن نظرة الصهاينة لم تتغير، وإنهم لو قبلوا بـ”خطة أوغندا” لنفَّذوا “إبادة جماعية” على شعب الماساي الكيني مماثلة للتي شهدناها في غزة. فإسرائيل في فلسطين اليوم مثل البريطانيين في كينيا والهند وزيمبابوي، وفي أجزاء أخرى من مستعمراتها السابقة، ومثل الولايات المتحدة في فيتنام، والألمان في ناميبيا، والبوير والبريطانيين في جنوب إفريقيا، والفرنسيين في الجزائر وهاييتي، والبلجيكيين في الكونغو الديمقراطية، والبرتغاليين والإسبان في أمريكا اللاتينية.([10])
وفي أوائل يناير 2024م، زعمت تقارير إعلامية أن إسرائيل تُجري محادثات مع “الكونغو” حول “خطط الهجرة الطوعية” للفلسطينيين. وذكر التقرير الأصلي في صحيفة “زمان يسرائيل” أن إعادة التوطين “الطوعية” أصبحت ببطء سياسة رسمية، وأن إسرائيل تجتمع سرًّا مع الكونغو ودول أخرى بشأن القضية. وقال مصدر في مجلس الوزراء الأمني: “ستكون الكونغو على استعداد لاستقبال المهاجرين، ونحن في محادثات مع دول أخرى”. وفي وقت لاحق، أفادت قناة i24 الإسرائيلية عن محادثات مع رواندا وتشاد. ونقلت عن مسؤول -لم تُسمِّه- قوله: إن إسرائيل ستتبادل المساعدات المالية والعسكرية لإعادة توطين الفلسطينيين، وقد نفت الكونغو الديمقراطية ورواندا وتشاد ذلك.([11]) كما صرح نائب إسرائيلي بأن بعض الدول في أمريكا الجنوبية وإفريقيا عرضت استقبال لاجئين من غزة مقابل مبالغ مالية([12]).
رابعًا: أسباب الهجرة والنزوح القسري في إفريقيا جنوب الصحراء
تتعدد أسباب الهجرة والنزوح القسري؛ ومن أهمها: الجفاف، والجوع، والفيضانات، والزلازل، والحرب والصراع، والظروف الاقتصادية.([13]) بمعنى أنها قد تنجم عن مشكلات داخلية في البلدان (عدم الاستقرار السياسي، المجاعة، المذابح، الصراعات العسكرية، اضطراب النظام العام، انتهاكات حقوق الإنسان)، أو عوامل خارجية تُثير تحرُّكات سكانية جماعية، والأسباب المتكررة للهجرة في إفريقيا هي العوامل الاقتصادية. وتُعدّ الصراعات العسكرية، والتهديدات للحياة أو انتهاكات حقوق الإنسان أسبابًا شائعة للغاية للهجرة القسرية في إفريقيا. ووفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 2018م فقد هاجر أكثر من 80 مليون إفريقي، تاركين بلادهم للاستقرار بشكل دائم في بلد آخر.([14])
وقد سلّط الإصدار الثاني من تقرير الهجرة في إفريقيا، الضوء على أنها تحدث في المقام الأول داخل القارة الإفريقية، وليس خارج حدودها. كما أكَّد على الروابط بين دوافع الهجرة في إفريقيا، بما في ذلك التفاوتات الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي وتأثيرات تغيُّر المناخ. ومن الواضح أن الجفاف المطول في منطقة القرن الإفريقي والفيضانات الموسمية الشديدة في جميع أنحاء القارة أدَّى إلى نزوح داخلي قياسي في عام 2022م، مما أضاف إلى حقيقة أن العديد من البلدان الإفريقية شهدت صراعات وأحداثًا مناخية في نفس الوقت.
وعلى النقيض من أجزاء أخرى من العالم، أدَّت الصراعات الجديدة إلى زيادة النزوح في إفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث نزح تسعة ملايين شخص في عام 2022م، بينما أدت الصدمات المناخية إلى نزوح 7.4 مليون. ومنذ عام 2010م، زاد عدد العمال المهاجرين في إفريقيا بنسبة 53%. ويقيم المهاجرون من غرب ووسط وجنوب وشرق إفريقيا بشكل أساسي في الدول الإفريقية المجاورة، مما يُسلِّط الضوء على أهمية الهجرة العائدة داخل إفريقيا، وخاصةً في البلدان التي تشترك في الحدود البرية.([15])
خامسًا: اتجاهات الهجرة والنزوح القسري في إفريقيا جنوب الصحراء
يتزايد عدد الصراعات في العالم منذ عام 2012م، بعد انخفاضه في تسعينيات القرن الماضي. ومن بين حوالي 600 مليون مُعرّضين للصراع في عام 2023م، تعرَّض 412 مليونًا لحوادث عنف ضد المدنيين.
عالميًّا كانت فلسطين الدولة ذات أعلى نسبة من المعرضين للعنف في عام 2023م؛ حيث تعرض 85٪ من السكان للصراع والعنف والقتل. ونتيجة لهذه الاتجاهات في العنف، يستمر النزوح، وخاصة الداخلي، في النمو.
كما تُظهر الأرقام أن غالبية الذين يعيشون بالقرب من الصراع والعنف يبقون في أماكنهم، إما طواعية أو كرهًا، وغالبًا ما يواجهون قيودًا شديدة في تلقّي المساعدات الإنسانية. وقد زاد العنف الذي يستهدف المدنيين، كما زادت الهجمات على المرافق الطبية بمقدار أربعة أمثال منذ عام 2017م. ونتيجة لذلك من المتوقع أن يزداد النزوح القسري بنحو 6.8 مليون بحلول نهاية عام 2025م، باستثناء النزوح الناجم عن الصراع في غزة.
ومن المتوقع أن يزداد النزوح القسري بنحو 3.7 مليون في عام 2024م، وبنحو 3.1 مليون إضافي في عام 2025م. وتسلط أرقام النزوح المتوقعة الضوء على الطبيعة الداخلية للنزوح؛ حيث من المتوقع أن يكون 80٪ من 6.8 مليون شخص من النازحين داخليًّا. ويُقدَّر أن 4.1 مليون من النازحين موجودون في جنوب الصحراء. وتُعزَى الزيادة في النزوح الجديد إلى الصراعات في السودان وميانمار وبوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وكولومبيا ونيجيريا. ومن المتوقع أن تُشكّل الأزمات في السودان وميانمار وحدهما ما يقرب من 40% من الزيادة في النزوح([16])
وفي عام 2023م، بلغ عدد النازحين قسرًا 108 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم، وفي إفريقيا جنوب الصحراء نحو 44 مليون، وهو ما يمثل حوالي 45% من جميع النازحين. وفي إفريقيا الجنوبية بلغ عدد النازحين قسرا 10.1 مليون شخص بسبب الكوارث الناجمة عن المناخ والضغوط الاقتصادية وانعدام الأمن. وفي غرب ووسط إفريقيا، أدَّى التطرف العنيف وعدم الاستقرار السياسي والصراعات على الأراضي والموارد الطبيعية وتغيُّر المناخ إلى نزوح 12.7 مليون. وتُعدّ أزمة النازحين داخليًّا في بوركينا فاسو واحدة من أسرع الأزمات نموًّا. ولا تزال شرق إفريقيا والقرن الإفريقي والبحيرات العظمى واحدة من أكثر المناطق تضررًا مع النزوح القسري لنحو 5.2 مليون لاجئ وطالب لجوء و12.3 مليون نازح داخليًّا. وقد زاد عدد النازحين قسرًا بمرور الوقت، وخاصة منذ عام 2020م (صراع تيغراي؛ وصراع موزمبيق؛ والجفاف).([17])
وقد ارتفع عدد الأفارقة النازحين قسرًا بسبب الصراعات والأنظمة القمعية للعام الثالث عشر على التوالي، إلى أكثر من 45 مليون شخص. ويشمل هذا الرقم النازحين داخليًّا واللاجئين وطالبي اللجوء، ويمثل زيادة بنسبة 14% عن العام السابق. ومع وجود 3% من إجمالي سكانها النازحين قسرًا، فإن إفريقيا لديها حصة أكبر وعدد مطلق من النازحين قسرًا من أيّ منطقة رئيسية أخرى في العالم. ونظرًا للنمو المستمر في النزوح، فقد تضاعف عدد النازحين قسرًا في إفريقيا منذ عام 2018م. ثلاثة أرباع هؤلاء الأشخاص -34.5 مليون- نازحون داخليًّا. ويمثل هذا زيادة تقرب من ثلاثة أمثال في عدد النازحين داخليًّا في إفريقيا منذ عام 2017م. ومع الإبلاغ عن 1.9 مليون نازح داخليًّا منذ بداية عام 2024م، تستضيف إفريقيا الآن أكثر من 48% من النازحين داخليًّا في العالم.([18])
والجدول التالي يُظهر أكثر بلدان إفريقيا نزوحًا قسريًّا عام 2023م.
جدول (1) الدول الأكثر مساهمة في النزوح القسري في إفريقيا عام 2023م
the Africa Center for Strategic Studies, Conflicts Causing Record Level of Forced Displacement in Africa, September 4, 2024. p.2.at https://africacenter.org/wp-content/uploads/2024/11/Conflicts-Causing-Record-Level-of-Forced-Displacement-in-Africa.pdf
وتُعزى الزيادة في النزوح عام 2023م في الغالب إلى الصراع في السودان، الذي سجَّل زيادة قدرها 5.35 مليون نازح عن العام السابق. غير أن السودان ليس سوى واحد من 9 دول تضم سكانًا نازحين قسرًا يتجاوز عددهم 250 ألف شخص، وفي 6 دول إفريقية، نزح أكثر من 10% من السكان قسرًا.
وتمثل البلدان الإفريقية التسع التي تضم أكثر من مليون نازح أكثر من 90% من إجمالي عدد النازحين قسرًا في إفريقيا: السودان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والصومال، ونيجيريا، وإثيوبيا، وجنوب السودان، وبوركينا فاسو، والكاميرون، وجمهورية إفريقيا الوسطى. وتقع أربعة من أكبر ستة مصادر للنزوح القسري في شرق إفريقيا، مما يسلّط الضوء على الآثار الإقليمية المركبة للصراعات الجارية. وتستضيف البلدان الإفريقية أكثر من 98% من اللاجئين وطالبي اللجوء الأفارقة. فنصف البلدان تعاني من الصراعات.([19])
وكان من المتوقع أن يرتفع عدد النازحين قسرًا والعائدين وعديمو الجنسية في 16 دولة في إفريقيا جنوب الصحراء إلى 12.2 مليون شخص في عام 2024م، معظمهم من الأشخاص الذين شردتهم حالات الطوارئ في الكونغو الديمقراطية وموزامبيق. وهم يمثلون 9% من إجمالي النازحين عالميًّا.([20])
سادسًا: الأثر الاقتصادي للهجرة والنزوح القسري في إفريقيا جنوب الصحراء
إن تدفق اللاجئين من دولة إفريقية إلى أخرى لا يمكن السيطرة عليه، ففي بعض الأحيان يكون ضخمًا وسريعًا إلى الحد الذي لا يمكن من إدارته بشكل ملائم، فضلاً عن التأثيرات على الاستقرار الاقتصادي والبيئي والسياسي لبلدان العبور والوجهة.
والواقع أن البلدان التي تستضيف عددًا كبيرًا اشتكت من تدمير اللاجئين للبيئة من خلال قطع الأشجار بحثًا عن حطب الوقود، وتلوث المياه، وإزالة الغابات لإقامة المخيمات وغيرها. كما اشتكت من إنفاق مبالغ كبيرة على اللاجئين، والتي كان من الممكن استخدامها لتحسين مستوى معيشة مواطنيها. كما تسبَّب وجود اللاجئين في انعدام الأمن في منطقة توطينهم، بسبب الصراعات بين اللاجئين والمجتمعات المحلية حول الموارد. والأمر الأكثر أهمية هو أن استضافة اللاجئين كانت مصدرًا للصراعات السياسية بين الدولة المضيفة وبلد المنشأ. فمثلاً، أدى وجود اللاجئين الروانديين في الكونغو الديمقراطية بعد الإبادة الجماعية عام 1994م إلى خلق صراع سياسي بين البلدين حتى اليوم. كما أن الزيادة في عدد اللاجئين وطالبي اللجوء مصحوبة بتلاشي كرم الدول فيما يتعلق بقبولهم ومساعدتهم وحمايتهم. ولم تَعُد الحكومات والمجتمعات المحلية مستعدة للتضحية بمواردها الاقتصادية وأمنها من أجل دورات متواصلة من النزوح. فمثلاً استضافت تنزانيا ودعمت العديد من المقاتلين من أجل الحرية من زيمبابوي وجنوب إفريقيا وموزمبيق وناميبيا. كما قبلت ودمجت أعدادًا كبيرة من اللاجئين من رواندا وبوروندي. ولكن في سياق أزمة التسعينيات، تغيَّرت سياسات اللاجئين في تنزانيا بشكل جذري. فعندما تدفق مئات الآلاف من لاجئي الهوتو من رواندا إلى تنزانيا، أغلقت الأخيرة أبوابها أمام عدة آلاف، ثم أعادت قسرًا العديد منهم.([21])
وبسبب انعدام الأمن المطول، غادر العديد من الناس، ومعظمهم من الشباب النشطين والمثقفين، إفريقيا واستقروا في بلدان أكثر استقرارًا، في القارة أو خارجها. ومِن ثَم عانت من خسارة مزدوجة من خلال إجبار المنتجين على مغادرة منازلهم؛ وفقدان رأس المال البشري للعالم الصناعي.([22])
وقد نشر مركز رصد النزوح الداخلي تقديراته الأولى للتأثير الاقتصادي للنزوح الداخلي في ثماني دول في فبراير 2019م، باستخدام تحليل البيانات الثانوية لقياس تكلفة تلبية احتياجات النازحين داخليًّا؛ من حيث الصحة والتعليم والأمن والإسكان وسبل العيش. وقد تم العثور على البيانات الخاصة بكل بلد في الغالب في خطط الاستجابة الإنسانية، وغيرها من التقارير، مما يعني أن التقديرات كانت دقيقة قدر الإمكان، ولكن اقتصر التحليل على البلدان التي تتوفر فيها مثل هذه التقارير.
وتُعدّ منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هي المنطقة التي يتوفر فيها أعلى عدد من خطط الاستجابة الإنسانية، وبالتالي كانت أرضًا اختبارية جيدة.
ويبين الجدول التالي تقديرات تستند إلى تحليل البيانات الثانوية للتأثير الاقتصادي للنزوح الداخلي المرتبط بالصراعات في 13 دولة من جنوب الصحراء. وبإضافة التقديرات المستندة إلى تحليل البيانات الثانوية وتلك المستندة إلى التوقعات لبلدان جنوب الصحراء المتضررة من النزوح الداخلي المرتبط بالصراعات، فإن ذلك يُنتج رقمًا للتأثير الاقتصادي الإجمالي على المنطقة في عام 2018م يبلغ 4 مليارات دولار. أو نحو 0.4% من الناتج المحلي، وهو عبء كبير على اقتصاد يعاني بالفعل.([23])
جدول (2) تقديرات الأثر الاقتصادي في البلدان المتضررة من النزوح الداخلي المرتبط بالصراعات
Internal Displacement Monitoring Cent, increase in malnutrition. The ripple effect: economic impacts of internal displacement ,2019. p.2.at: https://www.internal-displacement.org/sites/default/files/inline-files/201810-literature-review-exec-sum-en.pdf
سابعًا: الاستجابة للنزوح القسري في إفريقيا جنوب الصحراء
برسم خريطة للعقدين الماضيين في البلدان المتضررة من الصراع والنزوح، يظهر أنه عندما شهدت البلدان مستويات منخفضة من المساعدات الإنمائية ودعم بناء السلام، زاد النزوح في العام التالي بمعدل 134٪. وعلى العكس، أدَّى الانخراط القوي في شكل مساعدات إنمائية عندما يقترن بالتوصل إلى اتفاق سلام إلى زيادة في النزوح بنسبة 31٪ فقط في العام التالي.
وعلى مستوى العالم، انخفضت حصة المساعدات الإنمائية الرسمية المقدمة للدول الهشَّة إلى 24٪ في عام 2022م (أحدث البيانات المتاحة) من 31٪ في عام 2021م. وهذه هي أدنى حصة في السنوات العشر الماضية، وهي أقل بنحو 4 مليارات دولار من المخصص في عام 2013م. ونظرًا للروابط العميقة والمتقاطعة بين الهشاشة والنزوح، فإن هذا لا يزال له آثار كبيرة على اتجاهات النزوح.
وقد تلقت أوكرانيا ما يقرب من 43٪ من إجمالي المساعدات العالمية لمساعدتها في الدفاع عن نفسها في عام 2022م، في حين شهدت البلدان الـ25 الأخرى انخفاضًا قدره 900 مليون. وتبلغ فجوة التمويل الإنساني في عام 2023م: 33 مليار دولار، وهو أعلى مستوى على الإطلاق وأكثر بحوالي 12 مليار دولار عن عام 2022م.([24])
ويبين الشكل التالي الاحتياجات العالمية للاستجابة للنازحين داخليًّا لعام 2025م. والتي بلغت 1.518 مليار دولار بنقص 20% مقارنة بميزانية عام 2024م.
شكل (1) الاحتياجات العالمية للاستجابة للنازحين داخليًّا
UNHCR, Global Appeal 2025 – Impact, Focus, Outcome, Enabling Areas (Geneva: UNHCR,2024) p.10.
كما يبين الشكل (2) أهم عشر ميزانيات بحسب العمليات للاستجابة للنازحين داخليًّا عام 2024م؛ حيث تُمثّل هذه العمليات في البلدان العشرة ما نسبته 76% من الاحتياجات العالمية للاستجابة للنازحين داخليًّا.
شكل (2) أهم عشر ميزانيات بحسب العمليات للاستجابة للنازحين داخليًّا لعام 2024م
UNHCR, Global Appeal 2025 – Impact, Focus, Outcome, Enabling Areas (Geneva: UNHCR,2024) p.10.
حيث أصبح النازحون والمجتمعات التي تستضيفهم في المنطقة أكثر عُرضة لعدم المساواة والصراع وانعدام الأمن الغذائي والأنظمة الهشَّة والكوارث الطبيعية. ويُشكّل العنف القائم على النوع الاجتماعي والقيود المفروضة على اللجوء مصدر قلق متزايد، ولا سيما بسبب عدم الاستقرار المتزايد في الكونغو الديمقراطية، والنقل القسري للاجئين وطالبي اللجوء إلى مخيم “دزاليكا” في ملاوي في عام 2023م، والعنف المعادي للأجانب في جنوب إفريقيا، وأماكن أخرى.
ومن المتوقع أن يؤدي تفشي الأوبئة والأمراض في المناطق التي تعاني بالفعل من محدودية الخدمات الصحية، والعواصف المدارية والأعاصير والجفاف الشديد، التي تفاقمت بسبب ظاهرة النينيو المناخية، إلى إحداث دمار للمجتمعات في جميع أنحاء المنطقة. وسوف يؤدي تدهور الاقتصادات الهشة إلى إعاقة سلاسل التوريد وزيادة المنافسة على الموارد، مما يُعطّل توافر الغذاء. وأخيرًا، فإن انسحاب بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية بعد الانتخابات الرئاسية في أواخر عام 2023م من شأنه أن يُعرِّض الملايين للعنف وانعدام الأمن والنزوح.([25])
وقد خصصت مفوضية اللاجئين احتياجات بقيمة 492.2 مليون دولار للمنطقة في عام 2024م، بزيادة قدرها 4% عن ميزانية عام 2023م. وفي السنوات القليلة الماضية، انخفض تمويل أنشطة المفوضية في المنطقة بسبب إرهاق المانحين وحالات الطوارئ المتنافسة، مما أحدث تخفيضات مؤلمة في مجالات حاسمة مثل الصحة والتعليم والمأوى. وفي ظل توقعات تمويلية كانت أكثر تشاؤمًا في عام 2024م، ركزت المفوضية على خمسة مجالات: مساحة اللجوء والحماية وتمكين المجتمع والحلول والإدماج. وتهدف أنشطتها إلى معالجة التحديات الحالية والمقبلة، وضمان استجابة مستدامة. وستسعى المفوضية إلى إيجاد حلول دائمة لمحنة اللاجئين؛ حيث كان يحتاج 63 ألف شخص إلى إعادة التوطين عام 2024م. ويحتاج آخرون إلى الدعم للعودة الطوعية، بما في ذلك إلى بوروندي وإفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية.([26])
وعلى مستوى الدولة، أدركت حكومات مختارة أن الطريقة الأكثر فعالية للتعامل مع اللاجئين هي السماح لهم بالمشاركة في الاقتصاد المحلي. مثلاً منحت تنزانيا الجنسية لـ200 ألف لاجئ، مما أتاح لهم الوصول إلى حقوق الأراضي والسماح لهم بالمشاركة في الحياة السياسية. وكذلك فعلت زامبيا؛ حيث منحت الحكومة الإقامة وحقوق الوصول إلى الأراضي والتكامل الاجتماعي والاقتصادي للاجئين السابقين منذ فترة طويلة. وفي أوغندا، التي تستضيف ثالث أكبر عدد من اللاجئين في إفريقيا، يتم منح اللاجئين قطع صغيرة من الأرض في القرى، وبالتالي يتم دمجهم داخل المجتمع المضيف. ولديهم الحق في العمل وبدء أعمالهم الخاصة، وهو النهج الذي أشادت به الأمم المتحدة باعتباره “نهجًا رائدًا يُعزّز التماسك الاجتماعي”. وعلى المستوى الإقليمي، بدأت البلدان الإفريقية في التعاون وتبادل نهجها لتحسين الظروف المعيشية للاجئين.([27])
ومجتمعيًّا تعمل خطط عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للأمن المناخي القائمة على المجتمع في الصومال جهود الوساطة في حل النزاعات والتماسك الاجتماعي، مما يساعد في معالجة النزاعات حول الموارد المتناقصة مع بناء القدرة على التكيف مع المناخ. وفي إثيوبيا، تعمل مبادرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تعزيز قدرة المجتمعات على التكيُّف من خلال توسيع نطاق الأدوات المبتكرة وتقنيات التكيف المُصمَّمة خصيصًا. وغالبًا ما تكون الحلول موجودة بالفعل داخل المجتمعات نفسها، حيث تمتلك إستراتيجيات تكيُّف تقليدية. وتؤكد هذه الجهود على الإمكانات التحويلية للحلول المحلية التي يقودها المجتمع، وتوضح كيف يمكن أن تكون بمثابة مخططات لتوسيع نطاق النماذج الفعَّالة لمعالجة التحديات المتشابكة لتغيُّر المناخ والصراع والنزوح عبر المناطق المعرضة للخطر.([28])
ختامًا:
إن المتتبع لمُسبِّبات النزوح القسري، والهجرة القسرية، وحالات التطهير العرقي، ليجد دون شك أن الجاني واحد، وهم أولئك الذين يقتلعون الناس من أوطانهم لأسباب استغلالية واضحة، ولتحقيق أحلام وخرافات، بنوها في أذهانهم، وأيضًا لأغراض استعمارية، فهي الرأسمالية المتطرفة، بأطوارها المتجددة، وتزويرها للتاريخ، والجغرافيا. حتى وضعت الشعوب في إفريقيا وخارجها، ومُقدّراتها وأحلامها داخل بانتستون، أو مخيمات لجوء، وما لذلك من تكاليف اقتصادية وآثار اجتماعية، أيضًا صنعوها لشراء تكاليف الاستجابة من نفس الضحية أيضًا، وما غزة وإفريقيا جنوب الصحراء، إلا مواطن لممارسة هذا العبث.
……………………….
[1]) ماجد أحمد السبئي، و ذكرى محمد الأديب، الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للنازحين: دراسة ميدانية لعينة من النازحين إلى محافظة عدن، مجلّة جامعة عدن للعلوم الإنسانيّة والاجتماعية (عدن: كلية الآداب، جامعة عدن، المجلد 3، عدد 1، 2022م) ص43.
[2]) مجموعة البنك الدولي، أسئلة تتردد كثيرًا حول النزوح القسري: أزمة عالمية متفاقمة. متاح على الرابط:
https://www.albankaldawli.org/ar/topic/fragilityconflictviolence/brief/forced-displacement-a-growing-global-crisis-faqs
[3]) الجزيرة نت، لهذا السبب عُدَّ التهجير القسري جريمة حرب، 8/1/2017. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/encyclopedia/2017/1/8
[4]) د. عبد الرازق حسن إسماعيل، النزوح وآثاره الاقتصادية والاجتماعية على ولاية النيل الأزرق للمدة (2020- 2022م)، مجلة كلية التربية الأساسية (الخرطوم: كلية التربية الحصاحيصا: جامعة الجزيرة، مجلد 30، العدد 126، 2024م) ص ص338-339.
[5]) un, Migration Dynamics, Refugees and Internally Displaced Persons in Africa.at: https://www.un.org/en/academic-impact/migration-dynamics-refugees-and-internally-displaced-persons-africa
[6]) Egide Rwamatwara, Forced migration in Africa: a challenge to development, Stichproben. Wiener Zeitschrift für kritische Afrikastudien Nr.8/2005, 5. Jg.pp.178-179.
[7]) بي بي سي عربي، “المذبحة المنسية” التي ارتكبتها ألمانيا في ناميبيا. متاح على الرابط: https://www.bbc.com/arabic/world-57289528
[8]) Egide Rwamatwara,Op.cit,p.180.
[9]) https://arabic.rt.com/middle_east/1185186
[10]) الجزيرة نت، يني شفق: أوسين جيشو كادت أن تكون فلسطين إفريقيا، 17/1/2024م، متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/politics/2024/1/17/
[11]) Aimée-Noël Mbiyozo , African countries should not entertain taking forcibly displaced Palestinians, 11 January 2024 in ISS Today.at: https://issafrica.org/iss-today/african-countries-should-not-entertain-taking-forcibly-displaced-palestinians
[12]) Haaretz | Israel News, Israeli MK: Countries in South America, Africa Offered to Accept Refugees From Gaza, in Exchange for Payment,26, Dec,2023>at: https://www.haaretz.com/israel-news/2023-12-26/ty-article/israeli-mk-israel-has-received-inquiries-from-countries-to-accept-refugees-from-gaza/0000018c-a50e-d408-a99f-ed5ec4f00000
[13]) concernusa, Six causes of forced migration, Jun 29, 2019.at:
https://concernusa.org/news/forced-migration-causes/
[14]) Joaddan Prisca Kommegni Fongang, Forced Migration in Sub-Saharan Africa, vestnik rudn. international relations (DEC 2019), https://doaj.org/article/1881b6702ed449cea831e412d73414b4
[15]) iom, onflict Drives Displacement Amidst Rising Climate Shocks: New Africa Migration Report ,26 march, 2024.at: https://www.iom.int/news/conflict-drives-displacement-amidst-rising-climate-shocks-new-africa-migration-report
[16]) Danish Refugee Council (DRC), Global Displacement Forecast 2024(Copenhagen: DRC,2024) p.3
[17]) Fao, Forced displacement in Sub- Saharan Africa ,amrc 2024.Issuse 1#.at: https://openknowledge.fao.org/bitstreams/2f30526f-26dd-4723-b46e-664186fece43/download
[18]) the Africa Center for Strategic Studies, Conflicts Causing Record Level of Forced Displacement in Africa, September 4, 2024. p.1.at: https://africacenter.org/wp-content/uploads/2024/11/Conflicts-Causing-Record-Level-of-Forced-Displacement-in-Africa.pdf
[19]) the Africa Center for Strategic Studies, Op.cit.pp2-3.
[20]) unhcr, Southern Africa.at: https://reporting.unhcr.org/global-appeal-2024/southern-africa
[21]) Egide Rwamatwara, Op.cit. pp.186-187.
[22]) Ibid.p.180.
[23]) Internal Displacement Monitoring Cent, increase in malnutrition. The ripple effect: economic impacts of internal displacement ,2019. p.2.at: https://www.internal-displacement.org/sites/default/files/inline-files/201810-literature-review-exec-sum-en.pdf
[24]) Danish Refugee Council (DRC), Op.cit, p.4.
[25]) unhcr, Op.cit.
[26]) unhcr, Op.cit.
[27]) World Bank, On forced displacement we can learn from Africa.at: https://www.un.org/africarenewal/news/forced-displacement-we-can-learn-africa
[28]) icmpd, Bridging climate, conflict, and displacement in the Horn of Africa: essons from the Khartoum Process, 19 December 2024.at: https://www.icmpd.org/blog/2024/bridging-climate-conflict-and-displacement-in-the-horn-of-africa-lessons-from-the-khartoum-process