د. نرمين كمال طولان
مقدمة
المعادن الأرضية النادرة هي مجموعة من العناصر المتماسكة كيميائيًّا، وتُعدّ بالغة الأهمية لمجموعة واسعة من تطبيقات التكنولوجيا العالية الحديثة (التكنولوجيا الخضراء).
وتُعدّ القارة الإفريقية موطنًا لحوالي 15٪ من احتياطيات العناصر الأرضية النادرة في العالم.
وقد اكتسبت العناصر الأرضية النادرة (REEs) -التي كانت حتى ذلك الحين مجموعة غامضة من المعادن- أهمية عالمية الآن؛ بسبب دورها في التطبيقات الصناعية التي تُسهم في مستقبل عالمي منخفض الكربون.
ومن المتوقع أن تستمر صناعة التكنولوجيا العالية في نموّها السريع، مما يزيد من الطلب على العناصر الأرضية النادرة، وخاصةً التقنيات التي تُقلل من استخدام الكربون أو انبعاثه في الغلاف الجوي. ويبلغ احتياطي العناصر الأرضية النادرة العالمي الحالي 120 مليون طن، وتُسهم الصين بنحو 44 مليون طن من هذا الرقم، وهو ما يعادل 37% من إجمالي احتياطيات العالم. وقد تم تقدير إجمالي الموارد لإفريقيا بنحو 4 ملايين طن متري.
وتتمثل الميزة الرئيسية لموارد العناصر الأرضية النادرة في إفريقيا في جودة الرواسب، التي تُعدّ مرتفعة عمومًا مقارنة بأجزاء أخرى من العالم. وقد اجتذب هذا استكشافات مدعومة بسوق الأوراق المالية مِن قِبَل شركات ناشئة؛ حيث تُظهِر الرواسب توافر موارد العناصر الأرضية النادرة عالية الجودة خارج الصين.
ما هي المعادن الأرضية النادرة وأهميتها؟
المعادن الأرضية النادرة أصبحت الأكثر طلبًا؛ ويطلق عليها الآن (التكنولوجيا الخضراء). وهي مجموعة من 17 عنصرًا يمكن العثور عليها بشكل طبيعي في قشرة الأرض. ورغم وفرتها النسبية، فإن التركيزات القابلة للتعدين من هذه العناصر أقل شيوعًا من الخامات الأخرى.([1]) وتعرف أيضًا باسم اللانثانيدات، وهي مجموعة من سبعة عشر عنصرًا معدنيًّا من سكانديوم (Sc، العدد الذري 21)، والإتريوم (Y، العدد الذري 39)، والعناصر الإضافية الخمسة عشر المرقمة من 57 إلى 71 على الجدول الدوري. ومنها (اللانثانوم / السيريوم براسيوديميوم / النيوديميوم / البروميثيوم / سماريوم / اليوروبيوم / الجادولينيوم / تيربيوم / الديسبروسيوم /هولميوم……..)([2]).
وتنقسم مجموعة العناصر الأرضية النادرة إلى فئتين فرعيتين متميزتين؛ العناصر الأرضية النادرة الخفيفة (LREE)بما في ذلك السكانديوم (Sc) والعناصر بين اللانثانوم (La) والساماريوم (Sm)، والعناصر الأرضية النادرة الثقيلة (HREE) بما في ذلك الإتريوم (Y) والعناصر بين اليوروبيوم (Eu) واللوتيتيوم(Lu) .
وتنبع أهمية العناصر الأرضية النادرة من كونها تُستخدم على نطاق واسع في العديد من الصناعات، خاصةً الصناعات التكنولوجيا الحديثة، ومنها:
- صناعة الأقمار الصناعية، والليزر، والكاميرات، وعدسات التلسكوب، وأجهزة تنظيم ضربات القلب، وأنظمة مسح التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، وباعتبارها مكونًا رئيسيًّا في البصريات والبطاريات القابلة لإعادة الشحن. كما تلعب العناصر الأرضية النادرة دورًا أساسيًّا في المركبات الهجينة أيضًا.([3])
- وقد زادت أهميتها وارتباطها بشكل كبير في العقود الأخيرة؛ حيث أصبحت مدخلات أساسية للمنتجات التكنولوجية العالية الشائعة (مثل: الهواتف المحمولة، وأجهزة التلفزيون ذات الشاشات المسطحة، والسيارات الكهربائية، وتوربينات الطائرات، …….).
- تُستخدم في مختلف (التقنيات الخضراء) مثل توربينات الرياح والألواح الشمسية ومكونات المركبات الكهربائية، بما في ذلك المغناطيس وأجهزة الاستشعار.([4])
- كما تعد العناصر الأرضية النادرة من المكونات الرئيسية لإنتاج أنظمة الأسلحة والمعدات العسكرية المتقدمة (مثل نظارات الرؤية الليلية وأجهزة تحديد المدى بالليزر…….).([5]) كما أنها ضرورية لتصنيع التقنيات الحديثة والجيل القادم، مثل (رقائق أشباه الموصلات المتقدمة والبطاريات للسيارات الكهربائية والألواح الشمسية)([6]).
- ستُسهم العناصر الأرضية النادرة في التحول العالمي نحو مستقبل منخفض الكربون([7])، وبسبب التحول في مجال الطاقة من المتوقع أن يرتفع الطلب على المعادن الحرجة بشكل حادّ، ليتضاعف أكثر من الضعف بحلول عام 2030م، ويتضاعف أربع مرات بحلول عام 2050م، مع وصول العائدات السنوية إلى 400 مليار دولار أمريكي، وفقًا لتوقعات الطاقة العالمية لعام 2022م لوكالة الطاقة الدولية.([8])
أهمية القارة الإفريقية واحتياطي المعادن الأرضية النادرة بها:
برزت القارة الإفريقية مؤخرًا كمصدر حيوي للمعادن الأرضية النادرة. وبدأت العديد من الشركات والدول في القارة في استكشاف إفريقيا للبحث عن مصدر أعلى من العناصر الأرضية النادرة.
ومن الجدير بالذكر أن العديد من الدول الإفريقية تم تحديدها على أنها تمتلك رواسب كبيرة من المعادن الأرضية النادرة عالية الجودة، مما يوفر فرصًا اقتصادية جديدة لصناعة التعدين الإفريقية والعالمية. وكما ذكر الجيولوجيون، فإن إفريقيا لديها أكثر من نصف رواسب الكربوناتيت في العالم، وهو نوع من التكوينات الصخرية التي تعتبر أرضًا رئيسية لصيد العناصر الأرضية النادرة. وتوجد رواسب الكربوناتيت في العديد من الدول الإفريقية بما في ذلك جنوب إفريقيا وناميبيا وملاوي وتنزانيا ومدغشقر وكينيا وزامبيا والعديد من الدول الأخرى.([9])
وتُعتبر إفريقيا مصدرًا رئيسيًّا لإنتاج المعادن الأرضية النادرة. وتشير أحدث البيانات الصادرة عن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إلى وجود 99 موقعًا لرواسب العناصر الأرضية النادرة في إفريقيا، توجد في 27 دولة([10]).
وعلى الصعيد العالمي، تُعدّ جمهورية الكونغو الديمقراطية وأستراليا والصين، على التوالي، أكبر منتجي الكوبالت والليثيوم والعناصر الأرضية النادرة. واعتبارًا من عام 2019م، كانت جمهورية الكونغو الديمقراطية والصين مسؤولتين عن أكثر من نصف الإنتاج العالمي من الكوبالت والعناصر الأرضية النادرة على التوالي.([11])
ومع التحول في مجال الطاقة النظيفة، وهو الأكثر ارتباطًا بالاستخدام المكثف لهذه المعادن. تتطلب التقنيات بما في ذلك توربينات الرياح، والطاقة الشمسية الكهروضوئية، وشبكات الكهرباء، والمركبات الكهربائية، والطاقة النووية معادن مثل النحاس، والليثيوم، والنيكل، والسيليكون، والكوبالت، والعناصر الأرضية النادرة واليورانيوم.([12])
ومن المتوقع أن ينمو الطلب على هذه المعادن بسرعة كبيرة مع اكتساب التحول في مجال الطاقة النظيفة زخمًا. ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، فإن تكنولوجيات الطاقة المتجددة قد تُمثّل على مدى العقدين المقبلين 40% من إجمالي الطلب على النحاس والعناصر الأرضية النادرة، وما بين 60% و70% من إجمالي الطلب على النيكل والكوبالت، وما يقرب من 90% من الطلب على الليثيوم. وهذه فرصة كبيرة لإفريقيا، التي تستضيف 30% من احتياطيات المعادن الخضراء في العالم.([13])
وتمتلك إفريقيا حصة كبيرة من الاحتياطيات المعدنية العالمية -بما في ذلك 92٪ من البلاتين، 56٪ من الكوبالت، 54٪ من المنغنيز و36٪ من الكروم. هذه المعادن تُستخدَم لإنتاج تقنيات خضراء مثل بطاريات المركبات الكهربائية (EV) وتوربينات الرياح.([14])
أهم الدول الإفريقية المنتجة لهذه المعادن:
تُعدّ الدول الخمس الأولى التي تمتلك أكبر حصة من احتياطيات المعادن الأرضية النادرة في عام 2021م هي الصين (34%)؛ وفيتنام (17%)؛ والبرازيل (16%)؛ وروسيا (16%) والهند (5%). وشملت الدول الإفريقية الرئيسية المشاركة في إنتاج المعادن الأرضية النادرة في عام 2021م كلاً من (مدغشقر/ بوروندي / جنوب إفريقيا / تنزانيا)، واحتفظت جنوب إفريقيا وتنزانيا معًا بـ1.6 مليون طن من احتياطيات المعادن الأرضية النادرة، والتي تشكل 2٪ من الإجمالي العالمي. وكانت مدغشقر سادس أكبر منتج؛ حيث ساهمت بنحو 6800 طن متري (2٪) من العرض العالمي. بينما كانت بوروندي الحادية عشرة من حيث إنتاج المعادن الأرضية النادرة في عام 2021م، بإنتاج بلغ 200 طن متري(0.1%) ([15]).
واعتبارًا من عام 2024م، قامت الصين بمعالجة 90٪ من المعادن الأرضية النادرة في العالم، مما يشير إلى أنها المتلقي الرئيسي للصادرات الإفريقية. وتشير Benchmark Mineral Intelligence إلى أن 37٪ من إمدادات إفريقيا المستقبلية من المعادن الأرضية النادرة ملتزمة بالفعل بالمشترين الصينيين، مع توفر الباقي للأسواق الأخرى. بحلول عام 2029م، من المتوقع أن تبدأ ثمانية مناجم جديدة للأرض النادرة في تنزانيا وأنجولا ومالاوي وجنوب إفريقيا الإنتاج، مما قد يُسهم بنسبة 9٪ في العرض العالمي.(([16]
التحديات التي تواجه القارة لتنمية استخراج المعادن الأرضية النادرة:
تواجه القارة الإفريقية العديد من التحديات التي تقف عقبة أمام تطور صناعة التعدين والاستفادة المثلى من هذه الثروة في أرضها، رغم أن القارة الإفريقية موطن لـ30٪ من المعادن الحيوية المعروفة في العالم. ومن هذه التحديات:
- رفع القيمة المضافة ففي رؤية التعدين في إفريقيا: يحتاج مركز تنمية المعادن في إفريقيا (AMDC) وشركاؤه المنفذون إلى تسريع التقدم في هدف القيمة المضافة للمعادن في القارة الإفريقية؛ من خلال الانخراط في مشاريع مشتركة مع الشركات متعددة الجنسيات الأجنبية لنقل المهارات ونقل استخلاص المعادن، وخاصةً العناصر الأرضية النادرة، حيث تكون مجموعة المهارات في إفريقيا غير كافية حاليًّا([17])؛ حيث إن إفريقيا رغم أنها موطن للعديد من احتياطيات المعادن الحرجة، ولكنها ليست موطنًا للصناعة التي تضيف قيمة إلى المعادن، مثل معالجتها وتكريرها. حيث تُعرف الممارسة الصناعية المتمثلة في تنقية هذه المواد الخام لاستخدامها في نهاية المطاف في المنتجات والسلع باسم “المعالجة”. وباستثناء جنوب إفريقيا، نادرًا ما تتم المعالجة الكاملة للمعادن الخام الحرجة في إفريقيا في الموقع. وبصراحة، لن تجني إفريقيا سوى الفوائد من طفرة المعادن الحرجة المرتبطة باستخراج المعادن. ولا يزال العمل الملموس نحو هدف تطوير سلسلة القيمة والاستثمار التي طال انتظارها في القارة بعيد المنال.(([18]
- تحسين المعرفة بموارد العناصر الأرضية النادرة )الخرائط الجيولوجية( لا تزال الموارد المعدنية في إفريقيا غير مستكشفة بشكل كافٍ، وانخفض إجمالي ميزانية الاستكشاف منذ عام 2012م، عندما كانت القارة تمثل 18٪ من ميزانية الاستكشاف العالمية. وفي عام 2022م، شكلت إفريقيا حوالي 10٪ من الإنفاق العالمي على الاستكشاف. ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، فإن تحسين المسوحات والخرائط هو الخطوة الرئيسية الأولى لجذب المستثمرين؛ لأنها يمكن أن تقلل من المخاطر الجيولوجية مثل الانهيارات الأرضية التي من شأنها أن تُعيق التعدين. ومع ذلك، يمكن أن تنشأ مخاوف الشفافية عندما تقوم شركات التعدين برسم الخرائط بدلًا من الحكومة.([19])
- الحاجة للاستثمار: لقد ارتفع الاستثمار في قطاع التعدين في إفريقيا منذ عام 2020م، مع انخفاض تكاليف الإنتاج، وتوفُّر القوى العاملة؛ مما يوفر بيئة جذابة لعمليات التعدين. ومع ذلك، انخفضت حصة القارة من الاستثمار العالمي في المعادن إلى 8% في عام 2023م من 15% في عام 2014م.
- تكييف نموذج “النمور الآسيوية” مع عناصر المبادرات المحلية: تحتاج إفريقيا إلى تجاوز التحسن التدريجي من خلال التعلم من نماذج التصنيع التي نجحت في أماكن أخرى، وخاصة في الصين واليابان، والتي استفادت من التصنيع لخلق فرص العمل لسكانها من خلال تطوير سلسلة القيمة. وهذا من شأنه أن يضمن مواكبة إفريقيا للتطورات في مجال التعدين والإثراء والتسويق للمعادن الأرضية النادرة.([20])
- تنمية المهارات تميل المناطق ذات المستويات الأعلى من الاستثمار الأجنبي إلى امتلاك قوى عاملة أكبر؛ حيث تتركز العمالة في المناطق ذات السكان الأكثر مهارة والقدرات التكنولوجية الأفضل. وقد انكمش عدد العاملين في قطاع التعدين في إفريقيا منذ عام 2014م، ويمثل التوظيف المباشر ما بين 1% و4% من القوى العاملة الرسمية في البلدان ذات قطاعات التعدين الكبيرة. ويُشكّل الاستثمار في برامج التعليم وتنمية المهارات مفتاحًا لتطوير سلاسل قيمة المعادن. ويمكن للحكومات أن تطلب من شركات التعدين الالتزام برفع مهارات السكان المحليين، على سبيل المثال من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص.[21]
- القصور في البنية التحتية: حيث يعاني قطاع التعدين في إفريقيا من تكاليف مرتبطة بالخدمات اللوجستية أعلى بنسبة 250٪ من المتوسط العالمي. ويرجع هذا إلى حد كبير إلى أوجه القصور في شبكات النقل والطاقة في البلدان، مثل سوء حالة الطرق أو شبكة الكهرباء غير الموثوقة. ويُعدّ قطاع التعدين مستهلكًا رئيسيًّا للكهرباء؛ حيث يمثل حوالي 54٪ من الاستهلاك في حزام النحاس في وسط إفريقيا. إن إضافة أنشطة معالجة المعادن يمكن أن تزيد من إجهاد العرض لهذا القطاع. من أجل جعل البلدان الإفريقية قادرة على المنافسة في معالجة المعادن، يجب إجراء استثمارات كبيرة في شبكات النقل والطاقة. ويمكن للحكومات الإفريقية أن تجعل تراخيص التعدين مشروطة بالتزامات الشركة التي ستفيد الاقتصاد المحلي أو الوطني. مثل ما حدث في غينيا، طلبت الحكومة تمويل خط سكة حديد بطول 670 كيلو مترًا من رواسب خام الحديد إلى الميناء ليتم تضمينه في أيّ اتفاقية تطوير. وتسعى الحكومة الحالية في تشيلي، ثاني أكبر مستخرج لليثيوم في العالم، إلى الحصول على حصة أكبر من أرباح التعدين لتمويل المدارس والمستشفيات.([22])
- عائدات الضريبية المحدودة: تفرض بعض بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى رسوم ملكية وضرائب على الشركات في قطاع التعدين، لكنها تظل في جميع أنحاء المنطقة محدودة؛ حيث إن العائدات الحكومية من فرض الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات صغيرة بشكل خاص، على الرغم من نفوذها الكبير في القطاع؛ وذلك لأن البلدان تفرض معدلات ضريبية منخفضة على الشركات بهدف جذب الاستثمار، الأمر الذي أدَّى إلى تأجيج المنافسة الإقليمية لتقديم أقل عبء ضريبي. والتعاون بين بلدان إفريقيا هو المفتاح لمنع مثل هذا الإغراق الضريبي. بالإضافة إلى ذلك، يُقدّر صندوق النقد الدولي أن البلدان الإفريقية تخسر ما بين 450 مليون دولار و730 مليون دولار أمريكي سنويًّا في ضريبة دخل الشركات في المتوسط بسبب التهرب الضريبي مِن قِبَل الشركات متعددة الجنسيات. وقد اتخذت بعض البلدان بالفعل خطوات لمعالجة نقاط الضعف الضريبية في قطاع التعدين. فرضت جنوب إفريقيا ونيجيريا قيودًا على خصم الفائدة، في حين توقفت سيراليون عن التفاوض على الشروط المالية على أساس منجم تلو الآخر.([23])
- قضايا البيئة والحوكمة: حيث أدرجت وكالة الطاقة الدولية العديد من القضايا التي يعاني منها قطاع التعدين في إفريقيا، بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان مثل عمالة الأطفال. فقد تم تهجير المجتمعات المحلية لصالح مشاريع التعدين الصناعي واسعة النطاق، وفقًا لمنظمة العفو الدولية. كما يواجه عمال المناجم أيضًا مخاطر صحية وسلامة كبيرة، وخاصة في عمليات التعدين الصغيرة. ولذا فهناك حاجة إلى حوكمة وتنظيم فعالين لقطاع التعدين لتقليل التأثيرات السلبية وضمان استفادة المجتمعات المحلية من استخراج المعادن. وفي الوقت نفسه، فإن الحد من الفساد وتعزيز الشفافية في التعدين من شأنه أن يخلق النمو الاقتصادي للمجتمعات المحلية. وقد بُذِلت بعض المحاولات؛ حيث انضمت 24 دولة إفريقية إلى مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية(EITI) ، وهي خطة عالمية تُعزّز الشفافية والمساءلة في قطاع التعدين من خلال النشر الإلزامي لتقارير حكومية وشركات مفصلة عن الأنشطة والإيرادات. ومع ذلك، هناك مخاوف من أن البلدان والشركات الأعضاء في مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية غالبًا ما تكشف عن معلومات غير كافية أو تفتقر إلى التفاصيل.(([24]
الخطوات الإفريقية نحو تعزيز الاستفادة من المعادن الأرضية النادرة:
خطت إفريقيا العديد من الخطوات لتعزيز استغلال معادنها الأرضية النادرة، ومن أهمها:
- تعزيز التعاون الإقليمي
إفريقيا قارة شاسعة ذات مجموعة متنوعة من الرواسب المعدنية الحرجة. ومن أجل تعظيم فوائد هذه الموارد، تعمل البلدان الإفريقية معًا لتعزيز التعاون الإقليمي. ويشمل ذلك وضع معايير مشتركة للتعدين والمعالجة وتبادل المعلومات حول فرص الاستثمار. وتتخذ العديد من البلدان الإفريقية إجراءات مختلفة لتأمين وتطوير المعادن الحرجة التي تُشكّل مكونات أساسية لتقنيات الطاقة مثل البطاريات والمركبات الكهربائية وأنظمة الطاقة المتجددة.
كما أن اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، التي وقَّعتها 54 دولة، والتي دخلت حيّز التنفيذ في عام 2021م؛ تهدف إلى زيادة التكامل الاقتصادي والقيمة المضافة وتنويع الصادرات في القارة. ومن المتوقع أن تزيد الاتفاقية الصادرات بنسبة 29٪، بما في ذلك المعادن الخضراء وقطاع التصنيع. وقد بدأت غانا وكينيا ورواندا وتنزانيا ومصر وموريشيوس والكاميرون وتونس بالفعل في التبادل التجاري بموجب هذه الاتفاقية.
وعلى الرغم من هذا التقدم، فإن التجارة داخل إفريقيا تمثل حاليًّا أقل من 17٪ من إجمالي تجارة القارة، وهي أقل من آسيا بنسبة 47٪، وأمريكا اللاتينية بنسبة 27٪. ووفقًا للمؤتمر الوزاري الإفريقي للبيئة، فإن المزيد من التعاون بين البلدان الإفريقية من شأنه أن “يُسهّل ظهور سلاسل القيمة الإقليمية، وجذب الاستثمارات، وزيادة القدرة التنافسية للدول الإفريقية في قطاع التعدين”.([25])
- قرارات الاتحاد الإفريقي حول التعدين بالقارة
- في عام 2009م أصدر الاتحاد الإفريقي رؤيته الإفريقية للتعدين، مسلطًا الضوء على أهمية صناعة القيمة المضافة؛ حيث أدرك الاتحاد الإفريقي والعديد من الدول الإفريقية حاجة القارة (وحقها) في الاستفادة من ثرواتها المعدنية، بدلًا من توريد المعادن إلى بقية العالم؛ حتى يتمكن الآخرون من معالجتها، ثم جني الفوائد الاقتصادية.
- في عام 2019م أصدر الاتحاد الإفريقي إستراتيجية السلع الإفريقية، التي تدعو إلى تحويل قارة إفريقيا من مجرد مُورّد للمواد الخام إلى قارة متكاملة في سلاسل القيمة العالمية. وأنشأ الاتحاد الإفريقي مركز تنمية المعادن الإفريقي لتنسيق والإشراف على تنفيذ رؤية التعدين الإفريقية. ولكن منذ إنشائه في عام 2016م، لم يتم التصديق على المركز مِن قِبَل عدد كافٍ من الدول الأعضاء، مما يعني أنه لم يتم تشغيله بالكامل.([26])
- إطلاق استراتيجية المعادن الخضراء الإفريقية في عام 2024م، والتي تدعو إلى إضافة القيمة في المنبع، وتوسيع الخبرة الفنية، والتعريفات الخارجية المشتركة ومعالجة العجز في الطاقة في إفريقيا. وهي تبني على اتفاقيات سابقة مثل رؤية التعدين الإفريقية، وهو إطار عمل أنشأه الاتحاد الإفريقي في عام 2009م للدول الأعضاء لتسخير التعدين لتحقيق نمو عادل كما ذكرنا من قبل.([27])
- تحسين مناخ الاستثمار لشركات التعدين
لقد غيَّرت العديد من البلدان الإفريقية سياساتها وقوانينها ولوائحها المتعلقة بالتعدين لتسهيل استثمار شركات التعدين. ويشمل ذلك تبسيط عملية الترخيص، وتوفير الحوافز الضريبية، وضمان حقوق الملكية.([28])
- تأسيس مجموعة المعادن الحرجة في إفريقيا (CMAG)
تأسست مجموعة المعادن الحرجة في إفريقيا (CMAG) في 7 نوفمبر 2024م من قبل العديد من أصحاب المصلحة في صناعة المعادن الحرجة وتهدف إلى:
- تعزيز العلاقات بين إفريقيا والأسواق العالمية.
- تمكين الشركات الإفريقية في قطاع المعادن الحرجة.
- وتسهيل تطوير سلاسل توريد المعادن الحرجة القوية والمتنوعة التي تفيد المجتمعات التي يتم فيها استخراج المعادن الحرجة وتسريع التنمية من خلال دمج العمليات ذات القيمة المضافة. والتركيز على تحقيق نتائج حقيقية وملموسة للصناعة.
- تلتزم مجموعة المعادن الحيوية في إفريقيا (CMAG) بإعطاء إفريقيا والشركات العاملة في منظومة المعادن الحيوية الإفريقية مقعدًا على الطاولة عندما يتعلق الأمر بالمناقشات حول سلاسل التوريد وتشكيل السياسات.
- تمكين إنشاء سلاسل توريد معادن حيوية مرنة ومتنوعة تفيد المجتمعات التي يتم فيها استخراج المعادن الحيوية، وتسريع التنمية من خلال الاستفادة من الأنشطة ذات القيمة المضافة. ونركز على تحقيق نتائج حقيقية وملموسة للصناعة.([29])
- إقامة المشروعات التعدينية المختلفة للتنقيب عن المعادن الأرضية النادرة
ومن أهم هذه المشروعات ما يلي:
- مشروع Steenkampskraal (جنوب إفريقيا)
وهو يحتوي على أعلى رواسب العناصر الأرضية النادرة جودةً في العالم، ويقع في الجزء الشمالي الغربي من مقاطعة كيب الغربية في جنوب إفريقيا([30]) على بُعْد حوالي 350 كيلو مترًا شمال كيب تاون.
في السابق تم استخراج هذا الرواسب من الثوريوم، وموقع المنجم مملوك لشركة Steenkampskraal Monazite. يحتوي منجم ستينكامبسكراال على جميع المعادن النادرة الخمس عشرة، ويستخدم العديد منها في تصنيع المركبات الكهربائية وطواحين الهواء، وغيرها. يحتوي منجم ستينكامبسكراال على 15630 طنًّا من النيوديميوم، و4459 طنًّا من البراسيوديميوم، و867 طنًّا من الديسبروسيوم، و182 طنًّا من التربيوم من الموارد المعدنية المقدرة. يحتوي كل طن من الخام في منجم ستينكامبسكراال على ما يقرب من 4600 دولار أمريكي من المعادن النادرة بأسعار السوق الحالية.([31])
- مشروع Kangankondi (مالاوي)
يقع مجمع كانجانكوندي للكربوناتيت على بُعْد حوالي 75 كيلو مترًا شمال بلانتير، جنوب بحيرة مالاوي. يمثل كانجانكوندي أكثر المناطق إثراءً بالعناصر الأرضية النادرة؛ حيث يحتوي على قلب مركزي من الصخور الغنية بالكربونات محاطًا بحافة من تكتلات الكربوناتيت والبريشيا الفلسباثية. ويُعدّ المونازيت أحد أهم معادن العناصر الأرضية النادرة الموجودة بكثرة في كربوناتيت كانجانكوندي. إنه خام مهمّ للثوريوم واللانثانوم والسيريوم المستخدَم في الكاميرات وعدسات التلسكوب.
- مشروع Nkombo (زامبيا)
يقع مجمع الكربوناتيت في تل نكومبوا في مقاطعة موتشينغا في شمال شرق زامبيا، ويقع داخل جزء صدع وادي لوانجوا من الذراع الغربي لنظام صدع شرق إفريقيا. وتُعدّ نكومبوا واحدة من مجموعة من كربوناتيت ما قبل الكمبري. وتنتمي المعادن الرئيسية الحاملة للعناصر الأرضية النادرة في تل نكومبوا إلى مجموعة العناصر الأرضية النادرة الخفيفة وهي الباستنايت والمونازيت والبيروكلور. وتشمل العناصر الأرضية النادرة التي تم الإبلاغ عنها من الكربوناتيت من قبل Roan Selection Trust وجامعة ليدز وآخرين السيريوم واللانثانوم والنيوديميوم والبراسيوديميوم والجادولينيوم. وتُستخدم هذه العناصر لإنشاء مغناطيسات دائمة قوية تُستخدم في أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة والمعدات الطبية والمحركات وطواحين الهواء وأنظمة الصوت.([32])
- مشروع Wigu Hill (تنزانيا)
وهو جبل يبلغ ارتفاعه 719 مترًا في منطقة موروغورو في تنزانيا، على بُعد حوالي 250 كم غرب دار السلام([33])، وبدأ المشروع للعناصر الأرضية النادرة في عام 2009م، في تنزانيا. وهو عبارة عن رواسب من العناصر الأرضية النادرة الخفيفة تتكون من مركب كربونيت كبير، مع معدن الباستنايت وهو عبارة عن فلوروكربونات من السيريوم يحتوي على 60-70% من أكاسيد العناصر الأرضية النادرة بما في ذلك اللانثانوم والنيوديميوم، ويستخدم النيوديميوم في مولدات الكهرباء لتوربينات الرياح التجارية والمحركات الكهربائية للسيارات الكهربائية الهجينة.([34]) وفقًا لشركة Benchmark Mineral Intelligence، ستبدأ ثمانية مناجم في البلدان الإفريقية الأربعة الإنتاج في غضون خمس سنوات؛ حيث يُسهم إنتاجها بنسبة 9٪ في العرض العالمي. وبينما تم تخصيص 37٪ من العناصر الأرضية النادرة المستخرجة للمشترين الصينيين، يمكن تأمين النسبة المتبقية البالغة 63٪ مِن قِبَل شركات المعالجة الغربية وغير الصينية.([35])
- مشروع Tantalus (مدغشقر)
يقع مشروع تانتالوس، الذي يقع في شبه جزيرة أمباسيندافا على بُعْد حوالي 580 كيلو مترًا شمال العاصمة أنتاناناريفو. والرواسب من نوع الطين الممتص للأيونات، وهي فريدة من نوعها بين مشاريع العناصر الأرضية النادرة في إفريقيا.
- مشروع Lofdal REE (ناميبيا)
يقع مشروع Lofdal REE في منطقة كونين، شمال غرب ناميبيا، على بُعد حوالي 26 كيلو مترًا غرب مدينة خوريكاس. ويُغطّي مساحة إجمالية تبلغ حوالي 200 كم2. LREE. وقد تم حساب تقدير الموارد بحوالي 2.98 مليون طن من الموارد المشار إليها بدرجة 0.32٪ TREO لـ9220 طنًّا من REO المحتوي، بالإضافة إلى 8860 طنًّا أخرى من REO في المرحلة المستنتجة.([36])
خاتمة:
مع ارتفاع الطلب على المعادن النادرة لصناعة التكنولوجيا الحديثة في العالم أصبحت القارة الإفريقية بشكل متزايد ساحة معركة في السباق بين القوى العظمى للحصول على هذه المعادن الأساسية اللازمة لـ”الثورة الخضراء”؛ حيث تلعب الشركات من الصين والولايات المتحدة وروسيا دورًا رئيسيًّا. ففي معظم الحالات، يتم استخراج المعادن الأساسية مِن قِبَل شركات التعدين الدولية بدعم من حكوماتها وتنظيم سلاسل قيمة عالمية معقدة. حتى الآن، سيطرت الصين على سلاسل التوريد، وحصلت على عقود التعدين في جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ حيث تنتج الصين حاليًّا، 58٪ من جميع المعادن الأرضية النادرة في جميع أنحاء العالم. وهي المستورد الرئيسي للمعادن من إفريقيا.
لكن يمكن لدول القارة الإفريقية التغلُّب على التحديات التي تُواجهها من خلال التخطيط الإستراتيجي والاستفادة القصوى من التعاون الإقليمي. ويجب تنفيذ مبادرات مثل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية بشكل فعَّال؛ فهي من شأنها أن تُمكّن البلدان من تعزيز القيمة المضافة داخل الكتلة قبل التصدير. وكذا تعزيز الجهود التعاونية بين دول القارة ومنظماتها المختلفة. وكذلك من خلال معالجة القضايا الجيوسياسية والبيئية والبنية التحتية. الأمر الذي يجذب استثمارات الصناعات التكنولوجيا العالمية داخل القارة. وهو ما سينعكس على اقتصاد دول إفريقيا جنوب الصحراء في أن تصبح لاعبًا أساسيًّا ومنافسًا في “التكنولوجيا الخضراء” العالمية.
……………………………………..
[1] – Gustavo Ferreira, Jamie Critelli, and Wayne Johnson: The Future of Rare Earth Elements in Africa in the Midst of a Debt Crisis. Eunomia Journal Aug 15, 2020.
[2] – Robin Harmer, Paul A. M. Nex: Rare Earth Deposits of Africa. South Africa.,2016.p.382.
[3] – Farhana Bashir: Rare Earth Deposits In Africa, 20 Apr 2021
[4] – Source: African Ministerial Conference on the Environment, Environmental aspects of critical minerals in
Africa in the clean energy transition, 2023.p.4
[5] – Gustavo Ferreira, Jamie Critelli, and Wayne Johnson: The Future of Rare Earth Elements in Africa in the Midst of a Debt Crisis. Eunomia Journal Aug 15, 2020.
[6]– Africa and the Global Race for Critical Minerals, Bradley Intelligence Report Client Alert AUTHOR(S),2023.
[7] – Rare Earth Elements (REE) – Value Chain Analysis for Mineral Based Industrialization in Africa, African Development Bank Group.2021,p.17
[8] – Africa: Increasing demand for the continent’s critical mineral reserves to boost energy transition,15 Jun 2023
[9]– Kohnert, Dirk: Prospects and challenges for the export of rare earths from Sub-Saharan Africa to the EU. Munich Personal RePEc Archive. 9 January 2024.p.6
[10] – Dorina A. Bekoe ,Sarah A. Daly(s): Rare Earth Elements in Africa: Implications for U.S. National and Economic Security. February 2022.p.5.
[11] – Edward A. Burrier, Kamissa Camara: Critical Minerals in Africa Strengthening Security, Supporting Development, and Reducing Conflict amid Geopolitical Competition USIP SENIOR STUDY GROUP FINAL REPORT ,2024 by the United States Institute of Peace.
[12] -Rabah Arezki Frederick Van Der Ploeg: The new curse of critical minerals. 4 Jul 2024
[13] – Developing Africa’s mineral resources: What needs to happen
[14] – Edward A. Burrier, Kamissa Camara: Critical Minerals in Africa Strengthening Security, Supporting Development, and Reducing Conflict amid Geopolitical Competition USIP SENIOR STUDY GROUP FINAL REPORT ,2024 by the United States Institute of Peace.
[15] – GREEN MINERAL PROFILE ,Rare earth minerals
[16]– GREEN MINERAL PROFILE, Rare earth minerals
[17] – Rare Earth Elements (REE) – Value Chain Analysis for Mineral Based Industrialization in Africa, African Development Bank Group.2021,p.19
[18] – Alexander Tripp: The critical-minerals boom is here. Can Africa take advantage? https://www.atlanticcouncil.org
[19] – Developing Africa’s mineral resources: What needs to happen, Zero Carbon Analytics · February 2024.p1-9
[20] – Rare Earth Elements (REE) – Value Chain Analysis for Mineral Based Industrialization in Africa, African Development Bank Group.2021,p.18
[21] – Developing Africa’s mineral resources: What needs to happen, Zero Carbon Analytics · February 2024.p1-9
[22] – Developing Africa’s mineral resources: What needs to happen, Zero Carbon Analytics · February 2024.p1-9
[23] – Developing Africa’s mineral resources: What needs to happen, Zero Carbon Analytics · February 2024.p1-9
[24] – Developing Africa’s mineral resources: What needs to happen, Zero Carbon Analytics · February 2024.p1-9
[25] – Developing Africa’s mineral resources: What needs to happen, Zero Carbon Analytics · February 2024.p1-9
[26]– Alexander Tripp: The critical-minerals boom is here. Can Africa take advantage? https://www.atlanticcouncil.org
[27] – Developing Africa’s mineral resources: What needs to happen, Zero Carbon Analytics · February 2024.p1-9
[28] African Ministerial Conference on the Environment Nineteenth session Expert group meeting Addis Ababa, 14–16 August 2023 .
[29] – Rare earth minerals, GREEN MINERAL PROFILE, https://www.africangreenminerals.com/
[30] – BRENT C. JELLICOE: THE RELEVANCE OF RARE EARTHS TO SOUTH AFRICA, THE RELEVANCE OF RARE EARTHS TO
SOUTH AFRICA.
[31] – Farhana Bashir: Rare Earth Deposits In Africa, 20 Apr 2021
[32] -Farhana Bashir: Rare Earth Deposits In Africa, 20 Apr 2021
[33] – Robin Harmer, Paul A. M. Nex: Rare Earth Deposits of Africa. South Africa.,2016.p.388.
[34] – Farhana Bashir: Rare Earth Deposits In Africa, 20 Apr 2021
[35] – https://africa.businessinsider.com/local/markets/mines-in-tanzania-angola-malawi-and-south-africa-to-boost-rare-earth-supply-to-9-by/3h7e9bw
[36] – Rare Earth Elements (REE) – Value Chain Analysis for Mineral Based Industrialization in Africa, African Development Bank Group.2021,p.38