سلّم الجيش الفرنسي آخر قاعدة عسكرية له في تشاد إلى الجيش التشادي، وفق ما أعلنته هيئتا أركان جيشي البلدين بعد مراسم عسكرية.
وأفادت رئاسة أركان الجيش التشادي في بيان صدر عشية حفل رسمي بهذه المناسبة أنّ “تسليم قاعدة أديج كوسي في نجامينا تضع حدا نهائيا للوجود الفرنسي في تشاد، طبقا لإرادة السلطات العليا” في البلد.
وفي باريس قال متحدث باسم رئاسة أركان القوات المسلحة الفرنسية إنّه “تمّ اليوم تسليم معسكر كوسي للجيش التشادي”.
وكانت تشاد الواقعة في وسط إفريقيا أنهت تعاونها العسكري مع مستعمرها السابق وبدأ الجنود الفرنسيون مغادرة هذا البلد في أواخر ديسمبر. كما انسحبت القوات الفرنسية من قاعدة فايا لارجو شمال تشاد في 26 ديسمبر ومن قاعدة ثانية في أبيشي في 11 يناير.
وأعلنت السلطات التشادية خلال مراسم التسليم أنّ الانسحاب من تشاد “غير قابل للتفاوض”، في حين اعتبر الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي الذي يتولى السلطة منذ 2021، أنّ الاتفاقات العسكرية مع فرنسا “عفا عليها الزمن” بالنظر إلى “الحقائق السياسية والجيوإستراتيجية الحالية”.
وعبر الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي إتنو عن “فخر حقيقي وعميق” بإغلاق “آخر قاعدة عسكرية فرنسية أقيمت في قلب عاصمتنا انجامينا منذ 125 سنة”، واصفا الحدث بـ”التاريخي والاستثنائي وغير المسبوق”.
واعتبر ديبي خلال ترأسه بالعاصمة التشادية حفلا رسميا بمناسبة انتهاء الوجود العسكري الفرنسي في البلاد، أن الأمر “يجسد رمزا قويا ورؤية جديدة والتزاما حاسما”، كما أنه “يلبي واحدة من أكثر التطلعات رمزية وشرعية وعمقا للشعب اتشادي الشجاع”.
وأوضح الرئيس المنتخب شهر مايو الماضي لولاية من 5 سنوات، أن إنهاء بلاده التعاون العسكري مع فرنسا “يعكس اتجاها جديدا ينبع من رغبتنا في تقرير مصيرنا وتعزيز استقلاليتنا”، و”يفتح المجال أمام اتشاد لتتعلم الدروس من هذا الشكل القديم من التعاون العسكري”.
وأبرز محمد ديبي الذي خلف والده في السلطة بعد مقتله في أبريل 2021، أن التعاون الذي يتطلع إليه من أجل “إعادة بناء اتشاد، هو بناء تحالفات جديدة على الاحترام المتبادل، دون إغفال الاستقلال والسيادة”.
وأشار إلى أن “السيادة لا تعني العزلة في عالم مترابط، ويجب أن يتم التعبير عنها بالتعاون، وأن تكون لدينا القدرة على الحوار على قدم المساواة مع الدول الأخرى والمشاركة بنشاط في القرارات المهمة مع الحفاظ على هويتنا ومصالحنا”.
وأضاف المشير محمد ديبي أن تشاد “ستظل منفتحة على الحوار مع جميع شركائها الدوليين بما في ذلك فرنسا مع احترام المبادئ التي تقوم عليها العلاقات بين الدول”.
وتمركز جنود وطائرات مقاتلة من فرنسا في تشاد بشكل شبه متواصل منذ استقلال هذا البلد في 1960، في حين كانت باريس تنشر هناك ما يصل إلى 5 آلاف عسكري في إطار عملية تهدف لما تسميه “مكافحة الجماعات المسلحة”، التي انتهت في أواخر نوفمبر 2022.
وخلال عامي 2022 و2023، طلبت 4 دول أخرى هي النيجر ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو، من باريس سحب جيشها من أراضيها، وسط تقارير عن تقارب تلك الدول مع روسيا.
وأثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غضب حلفاء بلاده في خطابه بمناسبة العام الجديد أمام الدبلوماسيين، إذ أبدى أسفه لأن الدول الإفريقية “نسيت أن تقول شكرا”.
كما تجري السنغال مفاوضات بشأن انسحاب القوات الفرنسية بحلول نهاية 2025. وفي الوقت نفسه، يتم تقليص الوجود العسكري لباريس في ساحل العاج والغابون، بما يتماشى مع خطة لإعادة هيكلة الوجود الفرنسي في غرب ووسط إفريقيا.
ويجري تطوير قاعدة فرنسية في جيبوتي تستقبل 1500 جندي، كنقطة انطلاق لمهام مستقبلية في إفريقيا بعد الانسحاب القسري من منطقة الساحل.