تمهيد:
انطلق البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا (CAADP)، والذي يُعدّ الإطار السياسي لإفريقيا للتحول الزراعي، منذ عام 2003م، ومع دخوله عقده الثالث تساءل الكثيرون عمَّا إذا كان لهذا الإطار أيّ أثر ملحوظ في النمو الزراعي المطلوب ونواتج التنمية؟
حيث قام البرنامج بشكل أساسي لتعزيز النمو الزراعي والتنمية الريفية والأمن الغذائي، ومعالجة التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، بما في ذلك الفقر وانخفاض الإنتاجية؛ عن طريق زيادة الاستثمارات في القطاع، وتحسين التنسيق بين الدول الإفريقية، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، ودعم صغار المزارعين.
وعلى الرغم من تضاعف الناتج المحلي الإجمالي للقارة منذ اعتماد البرنامج، وكون قطاعها الزراعي بات الأسرع نموًّا على مستوى العالم؛ إلا أنه لا تزال هناك تحديات تعوق تحقيق أهدافه.
وقد قادت هذه التحديات والمخاوف، إلى جانب التهديدات الناشئة لأنظمة الأغذية الزراعية، إلى تطوير أجندت البرنامج إلى عقد جديد؛ لمعالجة تلك التحديات، آخذةً في الاعتبار الدروس المستفادة، وهو ما تم تضمينه في إستراتيجية التنمية الزراعية في إفريقيا للعقد (2026- 2035)، والتي تم اعتمادها في كامبالا في يناير 2025م.
ومن هذا المنطلق، استهدفت المقالة الوقوف على التقدم المُحرَز في تنفيذ البرنامج بعد مرور عقدين على إطلاقه، وعرض أهم أهداف والتزامات إستراتيجية وخطة عمل البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا للعقد (2026- 2035)، من خلال المباحث التالية:
- المبحث الأول: نشأة البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا وخطة عمل العقد (2003-2013م).
- المبحث الثاني: إعلان مالابو وخطة عمل العقد الثاني (2015- 2025م).
- المبحث الثالث: إعلان كامبالا وإستراتيجية البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا للعقد (2026- 2035م)
- خاتمة.
المبحث الأول:
نشأة البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا وخطة عمل العقد (2003- 2013م)
أولاً: نشأة البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا
خلال الدورة العادية الثانية لجمعية الاتحاد الإفريقي في يوليو 2003م في مابوتو بموزمبيق، اعتمد رؤساء الدول والحكومات الأفارقة إعلان “مابوتو” بشأن الزراعة والأمن الغذائي في إفريقيا بمناسبة الإطلاق الرسمي للبرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا Comprehensive Africa Agricultural Development Programme (CAADP) .([1])
وقد حظي البرنامج أولاً بالمصادقة على مستوى الوزراء الأفارقة المجتمعين في دورة خاصة بروما في 9/6/2002م. واعتمدته بعد ذلك هيئات الشراكة الجديدة من أجل التنمية في إفريقيا بصفة رسمية، واعتبرته إطارًا لتنمية هذا القطاع. ويتيح البرنامج للحكومات الإفريقية، بالتعاون مع شركائها التنمويين، فرصة لتجديد وإعادة تركيز الجهود الرامية إلى قلب عقود اتسمت بنمو اقتصادي راكد، وانخفاض الإنتاج الزراعي وتراجع الإنتاجية، وانعدام الأمن الغذائي، وتزايد الفقر في الإقليم. ([2])
ويُعدّ البرنامج مبادرة قارية من أجندة 2063م تهدف إلى مساعدة البلدان الإفريقية في القضاء على الجوع والحدّ من الفقر من خلال رفع النمو الاقتصادي من خلال التنمية التي تقودها الزراعة. ومن خلاله، وافقت الحكومات الإفريقية على تخصيص ما لا يقل عن 10% من الميزانيات الوطنية للزراعة والتنمية الريفية، وتحقيق معدلات نموّ زراعي لا تقل عن 6% سنويًّا. وتستند هذه الالتزامات الاستثمارية إلى أهداف للحدّ من الفقر وسوء التغذية، وزيادة الإنتاجية، ودخول المزارع، وتحسين استدامة الإنتاج الزراعي، واستخدام الموارد الطبيعية. كما يدعم البرنامج البلدان لتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة تقلبات المناخ من خلال تطوير سياسات وإستراتيجيات الاستعداد للكوارث، وأنظمة الاستجابة للإنذار المبكر وشبكات الأمان الاجتماعي.([3]) كما يقدم “ركيزة” طويلة الأجل للبحث الزراعي ونشر التكنولوجيا وتبنيها. فضلاً عن التركيز على أمور أخرى من بينها مثل إصلاح السياسات والمؤسسات([4])
ثانيًا: إعلان مابوتو وخطة عمل البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا (2003- 2013م)
ركَّز الإعلان على أربع ركائز رئيسية: (1) الإدارة المستدامة للأراضي والمياه؛ (2) الوصول إلى الأسواق؛ (3) توفير الغذاء ومكافحة الجوع؛ و(4) إجراء البحوث الزراعية.
كما شدَّد على مبادئ العمليات الإنمائية التي تقودها البلدان المملوكة لها إلى جانب التكامل والتعاون الإقليمي.([5]) وقد تضمَّن عدة قرارات، من أهمها:([6])
- إعادة تنشيط القطاع الزراعي، بما في ذلك الثروة الحيوانية والغابات ومصايد الأسماك، من خلال سياسات وإستراتيجيات خاصة موجهة نحو أصحاب الحيازات الصغيرة والمزارعين التقليديين في المناطق الريفية وإيجاد الظروف التي تُمكّن القطاع الخاص من المشاركة، مع التركيز على تنمية القدرات البشرية وإزالة العوائق التي تعترض الإنتاج والتسويق الزراعي، بما فيها انخفاض خصوبة التربة، وسوء إدارة المياه والبنى الأساسية غير الملائمة وانتشار الآفات والأمراض.
- التنفيذ العاجل للبرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا وخطط العمل الخاصة بالتنمية الزراعية المنبثقة عنه، على المستويات القُطرية والإقليمية والقارية. وتحقيقًا لهذا الهدف، اتفق رؤساء الدول والحكومات على اعتماد سياسات سليمة للتنمية الزراعية والريفية، والتزموا بتخصيص ما لا يقل عن 10% من موارد الميزانية القُطرية لتنفيذها خلال خمس سنوات.
- مناشدة لجنة الاتحاد الإفريقي واللجنة المستديمة للشراكة الجديدة من أجل التنمية في إفريقيا ومنظمة الأغذية والزراعة وغيرها من الشركاء؛ الاستمرار في التعاون وتقديم الدعم الفعَّال للبلدان الإفريقية والمجموعات الإقليمية الاقتصادية لتنفيذ البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا.
- ضمان تحضير مشاريع قابلة للتمويل في إطار البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا، من خلال الجهود التشاركية على الصعيدين الوطني والإقليمي؛ وذلك لحشد الموارد اللازمة للاستثمار في النمو الزراعي والتنمية الريفية.
- ضمان إنشاء نُظُم إقليمية للاحتياطات الغذائية المرتبطة بإنتاج إفريقيا نفسها، بما في ذلك مخزونات الأغذية، وتطوير السياسات والإستراتيجيات في إطار الاتحاد الإفريقي والمجموعات الإقليمية الاقتصادية بهدف مكافحة الجوع والفقر في إفريقيا.
ثالثًا: التقدم المحرز في البرنامج خلال العقد (2003- 2013م)
منذ اعتماد البرنامج جرى التركيز على عملية التنفيذ، واستخدمت عدة منتديات لاستعراض التقدم المحرز، وخلال عقده الأول؛ كانت هناك العديد من الإنجازات؛ حيث ارتفعت الزراعة إلى قمة الأجندة السياسية في إفريقيا، وأيضًا بين شركائها في التنمية؛ وقد وقَّعت 40 دولة على ميثاق البرنامج، وصاغ ثلثا هذه الدول خطة وطنية للاستثمار في الزراعة والأمن الغذائي.
ورغم أنه يمكن ملاحظة اتجاه إيجابي نحو تحقيق نسبة 10% من الأموال العامة للزراعة، إلا أنه لا يزال هناك مجال كبير للتحسين في إطار هذا المؤشر، حتى بعد مرور عشر سنوات. وعلى نحو مماثل، تم إحراز تقدُّم نحو تحقيق معدل نمو زراعي بنسبة 6%، ولكن كان هناك الكثير من التباين بين البلدان، في حين لم يكن النمو عادلًا في كثير من الأحيان، كما يشير انعدام الأمن الغذائي المستمر ومستويات الفقر. وربما كان تحديد مدى زيادة الاستثمار الخاص في الزراعة بعد عشر سنوات من البرنامج هو الأكثر صعوبة.
كان الاستنتاج الذي تم التوصل إليه من تنفيذ البرنامج على مدى عشر سنوات هو أن نمو الزراعة تحقق بشكل أساسي من خلال زيادة المساحة المزروعة، وليس من خلال زيادة الإنتاجية لكل وحدة من الأرض. كما أدَّت الخطط الواضحة التي ركَّزت على إمكانات النمو المحلي إلى زيادة الاستثمارات في القطاع، حتى لو لم تصل في العديد من البلدان إلى 10%، كما تم التعهد به في مابوتو. ومن بين الإدراكات الأخرى التي تم التوصل إليها من عقد مابوتو أن كل ما هو مطلوب لتحقيق نمو الزراعة لا يحدث في قطاع الزراعة أو ضمن تفويض وزارة الزراعة. وقد أوضح التنفيذ أن وزارات الزراعة لا تستطيع إجبار وزارات المالية على تخصيص 10% من الأموال العامة للزراعة؛ وعلى هذا، عندما اجتمع رؤساء الدول في الدورة الثالثة والعشرين للجمعية العامة للاتحاد الإفريقي في يونيو 2014م، في مالابو، أكدوا أن الزراعة والأمن الغذائي لا يزالان على رأس جدول أعمالهم. ولكن هذه المرة، وجهوا نظرهم إلى ما هو أبعد من القطاع، على أمل معالجة العقبات التي لا تزال تعوق نمو الزراعة بشكل أكثر فعالية.([7])
المبحث الثاني
إعلان مالابو وخطة عمل العقد الثاني (2015- 2025م)
أولاً: البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا للعقد (2015- 2025م)
بناءً على إعلان مابوتو (2003- 2013م)، جدَّد إعلان مالابو لعام 2014م الالتزام ببرنامج التنمية الزراعية الشاملة لإفريقيا، وحدَّد أهدافًا طموحة لعام 2025م، بما في ذلك القضاء على الجوع، والحد من سوء التغذية، ومضاعفة التجارة بين البلدان الإفريقية، وبناء القدرة على الصمود في سبل العيش وأنظمة الإنتاج. وأكد الإعلان على أهمية المساءلة المتبادلة من خلال المراجعات الزراعية الثنائية، وأقرَّ بالدور الأساسي للقطاعات ذات الصلة مثل البنية التحتية والتنمية الريفية.([8])
وقد اعتمد رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في اجتماعهم الذي عُقِدَ في يونيو 2014م في مالابو، غينيا الاستوائية، قرارين (2) وإعلانين (2) يتعلقان بشكل مباشر بالبرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا وأجندة التحول الزراعي والأمن الغذائي في العقد 2015- 2025م.([9])
وقد قام إعلان مالابو على سبعة التزامات رئيسية بيانها كالتالي:
- إعادة الالتزام بمبادئ وقيم عملية برنامج التنمية الزراعية الشاملة في إفريقيا.
- إعادة الالتزام بتعزيز تمويل الاستثمار في الزراعة من خلال:
- دعم هدف الإنفاق العام بنسبة 10%.
- تشغيل بنك الاستثمار الإفريقي.
- الالتزام بإنهاء الجوع بحلول عام 2025م من خلال:
- مضاعفة الإنتاجية على الأقل (مع التركيز على المدخلات والري والميكنة).
- خفض معدل الفقر المدقع إلى النصف على الأقل.
- التغذية: خفض التقزم إلى 10%.
- الالتزام بخفض معدل الفقر إلى النصف بحلول عام 2025م من خلال النمو الزراعي الشامل والتحول:
- استدامة النمو السنوي للقطاع في الناتج المحلي الإجمالي الزراعي بنسبة 6% على الأقل.
- إنشاء و/أو تعزيز الشراكات الشاملة بين القطاعين العام والخاص لخمس (5) سلاسل قيمة على الأقل للسلع الزراعية ذات الأولوية مع ارتباط قويّ بزراعة الحيازات الصغيرة.
- خلق فرص عمل لما لا يقل عن 30% من الشباب في سلاسل القيمة الزراعية.
- الدخول والمشاركة التفضيلية للنساء والشباب في الأعمال الزراعية المربحة والجذابة.
- الالتزام بتعزيز التجارة البينية الإفريقية في السلع والخدمات الزراعية من خلال:
- مضاعفة التجارة البينية الإفريقية في السلع الزراعية.
- تسريع منطقة التجارة الحرة القارية والانتقال إلى نظام تعريفة خارجية مشتركة على مستوى القارة.
- الالتزام بتعزيز المرونة في سبل العيش وأنظمة الإنتاج في مواجهة تقلبات المناخ والصدمات الأخرى.
- الالتزام بالمساءلة المتبادلة عن الإجراءات والنتائج من خلال إطار نتائج برنامج التنمية الزراعية الشاملة لإفريقيا، وإجراء عملية مراجعة زراعية كل سنتين.
وتضمَّن إعلان الأمن الغذائي إعادة تأكيد الالتزام بالقضاء على الجوع بحلول عام 2025م؛ من خلال تعزيز سياسات التنمية باعتبارها استثمارًا فعَّالًا في رأس المال البشري في البلدان؛ من خلال الالتزام بالقضاء على التقزم لدى الأطفال وخفض التقزم إلى 10% ونقص الوزن إلى 5% بحلول عام 2025م، والتركيز بشكل خاص على أول 1000 يوم باعتبارها النافذة الوحيدة للفرصة التي يمكن خلالها تجنُّب الضرر البدني والعقلي الدائم وغير القابل للإصلاح؛ والالتزام بوضع هذا الهدف كهدف رفيع المستوى في خطط وإستراتيجيات التنمية الوطنية، ووضع أهداف طويلة الأجل تمنح جميع الأطفال فرصة متساوية للنجاح، من خلال إزالة الحواجز الإضافية التي يَفْرضها نقص التغذية لدى الأطفال.
وتضمنت القرارات ما يلي:
- قرار بشأن تقرير رئيس لجنة توجيه رؤساء دول وحكومات الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا يهتم بالقضايا المحددة التالية:
- إنه في مواجهة العولمة وتأثيرها على الأمن الغذائي والتغذوي وسبل العيش، ينبغي لإفريقيا أن تتبنَّى إستراتيجيات السيادة الغذائية والتفضيلات التجارية الإقليمية لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي وتعزيز التعاون الإقليمي.
- قيام وكالة التخطيط والتنسيق زيادة الدعم الفني والتنسيقي للدول الأعضاء لبناء القدرة على الصمود والتكيف في الاستجابة لتأثيرات تغيُّر المناخ وتقلباته، فضلًا عن تصميم برامج الاستثمار الزراعي الذكي مناخيًّا، ودعم تبادل أفضل الممارسات والدروس المستفادة من الزراعة الذكية مناخيًّا.
- إقرار برنامج الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا بشأن تغيُّر المناخ الزراعي، مع مكوناته المتعلقة بتمكين المرأة ودعم المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، وإنشاء منصة تنسيق الزراعة الذكية مناخيًّا في إفريقيا، والتي من خلالها ستتعاون وكالة التخطيط والتنسيق الوطنية مع الشركاء بما في ذلك المجموعات الاقتصادية الإقليمية والمنظمات غير الحكومية التي تستهدف 25 مليون أسرة زراعية بحلول عام 2025م.
- قرار بشأن برنامج العمل رفيع المستوى بشأن إجراءات تغيُّر المناخ في إفريقيا (WPCCAA) والاستعدادات لأحداث تغيُّر المناخ العالمية في عام 2014م؛ ويتضمن:
- إعداد برنامج التنمية الزراعية الإفريقية القادرة على الصمود في وجه تغيُّر المناخ (ACRADP) في سياق أجندة التحول الزراعي في إفريقيا من خلال الجمع بين القطاعات ذات الصلة؛
- وضع برنامج للإدارة المستدامة للغابات في إفريقيا (SFMPA)، بالتعاون مع الوزراء الأفارقة المسؤولين عن الغابات والطاقة.
ثانيًا: التقدم المُحرَز خلال العقد (2015- 2025م)
قدَّم تقرير المراجعة الثنائية الرابع لبرنامج التنمية الزراعية الشاملة في إفريقيا، والذي يغطي الفترة من 2015م إلى 2024م، تقييمًا نقديًّا للأداء الزراعي وتنفيذ السياسات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي؛ حيث أضاف اثني عشر مؤشرًا جديدًا تعمل على توسيع إطار قياس الأداء بموجب إطار نتائج برنامج التنمية الزراعية الشاملة، ليصل المجموع إلى 59 مؤشرًا عبر 28 فئة أداء. وركزت المؤشرات الجديدة على جوانب مختلفة مثل: الماشية، وقطاع البذور، والزراعة العضوية الإيكولوجية.
وقد قدَّمت 49 دولة من أصل 55 دولة عضو تقاريرها الوطنية المصادق عليها إلى مفوضية الاتحاد، وقد كانت النتائج المهمة: ارتفاع المعيار المرجعي لبلد ما ليكون على المسار الصحيح على التوالي على مدى السنوات الثماني من عملية الاستعراض من 3.94 في الاستعراض الافتتاحي (2017) و6.66 في (2019) في 2019م (الثاني) و7.28 عام 2021م (الثالث) و9.29 في 2024م (الرابع).
والحقيقة اللافتة هي أنه في الدورة الثالثة (2021) كانت دولة عضو واحدة على المسار الصحيح وأربعة في عام 2019م خلال دورة الاستعراض الثاني، و17 في دورة الاستعراض الافتتاحي (2017م). والخروج عن المسار الصحيح لا يعني أنها لم تُحْرز تقدمًا، بل أظهرت 12 دولة تحسنًا، وحققت درجات أعلى من 5 من أصل عشرة لجميع دورات الاستعراض المقررة كل عامين. وكانت النتيجة الإجمالية لإفريقيا بأكملها هي 4.56 على الرغم من أنها أعلى من النتيجة الإجمالية البالغة 4.32 عام 2021م و4.03 لدورات الاستعراض المقررة كل عامين 2019م. ويوضح الجدول التالي ملخص نتائج الاستعراض الرابع المقرر كل عامين على المستوى القاري.
جدول (1) ملخص نتائج الاستعراض الرابع المقرر كل عامين على المستوى القاري
المصدر: الاتحاد الإفريقي، التقرير الاستعراضي الرابع للبرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا 2015- 2024م (أديس أبابا: الاتحاد الإفريقي، 2024). ص50.
وأشار التقرير إلى أنه لا توجد دولة عضو في الاتحاد الإفريقي تسير على الطريق الصحيح لتحقيق الأهداف التي حددها البرنامج حتى عام 2025م. وعلى الرغم من التحديات، مثل تأثيرات جائحة كوفيد- 19، وانقطاعات سلسلة التوريد، وتغيُّر المناخ، فقد حدثت تحسينات في النتائج لـ26 دولة منذ دورة المراجعة الثنائية السابقة.
وعلى المستوى القُطري برزت رواندا كأفضل دولة أداءً، وحافظت على مكانتها بشكل عام للدورة الثالثة على التوالي. وتبعتها المغرب ومصر. بينما حصلت جزر القمر على أكبر درجات تحسن منذ الدورة السابقة. وعلى المستوى الإقليمي كانت منطقة غرب إفريقيا الأفضل أداءً، مما يدل على فعالية المبادرات الإقليمية في تعزيز الممارسات الزراعية ([10]).
وكانت أبرز التحديات التي واجهتها البلدان في تنفيذ البرنامج خلال عقد مالابو ما يلي:
- قضايا إدارة البيانات وإعداد التقارير: إن أحد التحديات الكبيرة هو التناقض والتباين في عمليات جمع البيانات الزراعية وإعداد التقارير. ووجود تناقضات بين البيانات المُبلّغ عنها والقِيَم المتوقعة عبر مؤشرات مختلفة، مما يؤدي إلى الشكوك حول موثوقية وصلاحية المعلومات المقدَّمة. فضلاً عن قضايا مثل القِيَم المفقودة، وتناقضات وحدات القياس.
- القيود المالية: أشار التقرير إلى أن البلدان في مستوى التنفيذ الرابع تعاني من تأثير سلبي كبير إحصائيًّا على الإنفاق الزراعي، مما يشير إلى تأثير الاستبدال بين الإنفاق الحكومي ومصادر التمويل الخارجية. وغالبًا ما تعوق قدرة المجتمعات الإقليمية والدول على تعبئة القدرات البشرية والمالية المحدودة، مما يؤثر على مساهماتها في تنفيذ الإعلان.
- الإرادة السياسية والالتزام: أشار التقرير أنه يمكن لعوامل مثل الإرادة السياسية للحكومة، وأهمية الزراعة في الاقتصاد الوطني، وحالة التنفيذ للدول المجاورة أن تؤثر بشكل إيجابي على رغبة الدولة في المشاركة في البرنامج. وعلى العكس قد تكون البلدان ذات المواقف التفاوضية الأقوى داخل الاتحاد الإفريقي أقل ميلًا لإعطاء الأولوية للإصلاحات الزراعية، مما يعوق التقدم الجماعي.
- الحاجة إلى إشراك أصحاب المصلحة: يشير التقرير إلى أن المشاركة المحدودة لأصحاب المصلحة المتعددين والتدريب غير الكافي للخبراء الوطنيين أثر على جودة المساهمات في عملية المراجعة والفعالية الإجمالية للإستراتيجيات الزراعية.
- التحديات البيئية: يواجه القطاع الزراعي تحديات بيئية كبيرة، بما في ذلك تغيُّر المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وإدارة الموارد غير المستدامة. وتُشكّل هذه التحديات تهديدات للأمن الغذائي والازدهار الاقتصادي العام للقارة، مما يجعل من الضروري تنفيذ إستراتيجيات فعّالة لمعالجتها.
المبحث الثالث
إعلان كامبالا وإستراتيجية البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا للعقد (2026- 2035م) (بناء أنظمة أغذية زراعية مرنة التكيف في إفريقيا)
أولاً: إعلان كامبالا والتزاماته الرئيسية
خلال الدورة العادية السابعة والثلاثين لجمعية الاتحاد الإفريقي في فبراير 2024م، أعرب رؤساء الدول والحكومات عن قلقهم من أن القارة ليست على المسار الصحيح لتحقيق أهداف وغايات برنامج التنمية الزراعية الشاملة في مالابو بحلول عام 2025م. وقد أدى هذا إلى الدعوة إلى تطوير أجندة ما بعد مالابو لبرنامج التنمية الزراعية الشاملة في إفريقيا لبناء أنظمة زراعية غذائية مرنة.([11])
وقد انطلقت أعمال القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي التي استمرت ثلاثة أيام في الفترة من 9 إلى 11 يناير في العاصمة الأوغندية كمبالا، بمشاركة وزراء الزراعة من الدول الأعضاء البالغ عددها 55 دولة. في الوقت الذي يعاني فيه أكثر من 280 مليون إفريقي من الجوع المزمن. لوضع الإستراتيجية وخطة العمل التي تسعى معالجة هذه القضايا، وذلك في محاولة لتجهيز إفريقيا لإطعام نفسها بشكل مستدام. وفي الوقت الذي تتمتع فيه القارة بثراء التربة ووفرة الأراضي الصالحة للزراعة والمياه العذبة، و60% من السكان يعملون في الزراعة، بينما تصل تكلفة واردات الغذاء إلى 100 مليار دولار.([12])
وبحضور أكثر من 2000 مندوب، بما في ذلك خبراء ووزراء ورؤساء من أكثر من 40 دولة.([13]) أطلق الحدث إستراتيجية وخطة عمل برنامج التنمية الزراعية الشاملة لإفريقيا لمدة 10 سنوات (2026- 2035م). وكانت الموارد الحيوانية من بين الموضوعات الرئيسية التي تم التركيز عليها؛ حيث توفر الثروة الحيوانية أكثر من 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي في إفريقيا، وتدعم سبل العيش والأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي لملايين البشر. ومع ذلك، تظل التحديات مثل نقص الأعلاف وسلاسل القيمة المجزأة وتغيُّر المناخ تُشكّل حواجز أمام تحقيق إمكاناتها الكاملة. كما تم التركيز على أهمية مصايد الأسماك والموارد المائية، وضرورة الحاجة إلى استمرار الاستثمارات في سلاسل القيمة المرنة لمصايد الأسماك وزيادة مشاركة الشباب لدعم الابتكار في هذا القطاع. وحدَّد إعلان كمبالا التزامات محددة وقابلة للتنفيذ لتعزيز مساهمة الموارد الحيوانية في أنظمة الأغذية الزراعية، بما في ذلك:([14])
- مكافحة الأمراض: تعزيز أنظمة مراقبة الأمراض، وزيادة إنتاج اللقاحات، وإعطاء الأولوية للقضاء على طاعون المجترات (الأغنام) الصغيرة بحلول عام 2030م.
- سلامة الأغذية: تعزيز المعايير الصحية والنباتية في جميع أنحاء القارة وتنفيذ بروتوكولات الصحة الواحدة؛ لحماية صحة الإنسان والحيوان والنبات والبيئة.
- تغذية الماشية: الاستثمار في أصناف محاصيل الأعلاف المحسنة ومصادر الأعلاف البديلة لتعزيز إنتاجية الماشية وقدرتها على الصمود.
- مصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية: تعزيز ممارسات الصيد المستدامة، وبناء القدرة على الصمود في القطاع، والإدارة العادلة للموارد المائية لدعم سبل العيش وأنظمة الغذاء.
ودعت إستراتيجية وخطة عمل البرنامج الإفريقي الشامل للتنمية الزراعية (2026- 2035م) إلى اتخاذ إجراءات جماعية وحاسمة على عدة جبهات، وشملت بعض الأولويات الرئيسية:
- الموارد الحيوانية كمحفز: تركز الإستراتيجية على تعزيز الإنتاجية والمرونة والشمول في تربية الماشية. وستشمل الأولويات تعزيز المناطق الخالية من الأمراض، وتعزيز منتجات الثروة الحيوانية ذات القيمة المضافة، وضمان الوصول العادل إلى الموارد.
- أنظمة الأغذية الزراعية المتكاملة: إنشاء سلاسل قيمة قوية ومترابطة للمحاصيل والثروة الحيوانية ومصائد الأسماك تُسهم في المرونة الشاملة لأنظمة الأغذية الزراعية في جميع أنحاء القارة.
- القدرة على التكيُّف مع المناخ: تطوير وتنفيذ آليات التكيف مع المناخ، بما في ذلك أنظمة الري المتقدمة، والمحاصيل العلفية المقاومة للجفاف، والممارسات المستدامة في تربية الأحياء المائية وإدارة الثروة الحيوانية.
- الوصول إلى السوق: توسيع التجارة بين البلدان الإفريقية من خلال منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، مع معالجة فجوات البنية الأساسية، وتحسين القدرة التنافسية من خلال الترويج للمنتجات الزراعية ذات القيمة المضافة.
- الشمول والمساواة: تمكين المرأة والشباب والمجتمعات المهمشة من دَفْع عجلة الابتكار الزراعي، وزيادة مشاركتهم في سلاسل القيمة الزراعية، والاستفادة من الفرص الجديدة في هذا القطاع.
ثانيًا: الأهداف الرئيسية لإستراتيجية العقد (2026- 2035م)
تم تصميم أجندة ما بعد مالابو للبناء على إنجازات مرحلتي مابوتو ومالابو، وأكَّدت الإستراتيجية الجديدة على الاستدامة البيئية لحماية إنتاج الغذاء في المستقبل، ومعالجة سوء التغذية بجميع أشكاله (من خلال تعزيز الأنظمة الغذائية المتنوعة والمغذية وبأسعار معقولة). كما تدعم الإدماج الاقتصادي، مما يفيد حوالي 70٪ من سكان القارة الذين يعتمدون على الزراعة. وإن التحول الكبير في إستراتيجية وخطة العمل الجديدة هو الانتقال من التركيز الضيق على النمو الذي تقوده الزراعة إلى نهج أوسع نطاقًا للأنظمة الزراعية الغذائية. التي تخضع لتغييرات تحويلية متأثرة بالعديد من العوامل الاقتصادية والديموغرافية والبيئية والمناخية والتكنولوجية.
حيث أدَّت أنماط الحياة الحضرية التي تعطي الأولوية لكفاءة الوقت إلى زيادة في استهلاك الوجبات الجاهزة والأطعمة المُعدَّة بعيدًا عن المنزل، وبالتالي إطالة سلاسل قيمة الأغذية الزراعية. كما تشير التوقعات إلى أن عدد سكان إفريقيا سيتضاعف بحلول عام 2050م، ليصل إلى حوالي 2.5 مليار شخص. ومن شأن هذا النمو أن يزيد الطلب على الغذاء. ويمكن للابتكارات مثل الزراعة الرقمية والتكنولوجيا الحيوية وأنظمة الإنذار المبكر المبتكرة والمنصات الرقمية لقضايا الإنتاج والصحة والزراعة الدقيقة أن تعزز الإنتاجية والاستدامة والشمول. كما يُشكّل تغيُّر المناخ تهديدًا هائلًا للإنتاجية الزراعية؛ حيث تؤثر الاختلافات في هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والأحداث الجوية المتطرفة سلبًا على غلة المحاصيل والأمن الغذائي.
وفي هذا الصدد، تُعدّ ممارسات إدارة المياه الفعّالة، مثل اعتماد الري بالتنقيط وحصاد مياه الأمطار، وإعادة تدوير المياه ضرورية للحفاظ على الإنتاجية الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، هناك اعتراف متزايد ودعوة لمزيد من الدعم لمشاركة المرأة في الزراعة. كما أن إفريقيا لديها عدد كبير من الشباب الذين يستمرون في النمو، وهو ما يُعدّ فرصة كبيرة لنمو النظم الزراعية والغذائية والابتكار والاستدامة.
ومن المهم من منظور صحة الحيوان والجمهور أن تعترف الإستراتيجية بأن الطلب على الأغذية المُصنّعة، بما في ذلك اللحوم ومنتجات الألبان، يتزايد مع ارتفاع الدخول في إفريقيا وتقدّم التحضر. وعلى الرغم من وجود علاقة بين استهلاك اللحوم الدهنية وتطور أمراض القلب والأوعية الدموية، فإن الأبحاث الحالية تشير إلى أن المخاطر ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأنواع الدهون المستهلكة، وليس اللحوم ومنتجات الألبان نفسها، والتي تُعدّ ضرورية لتحسين تغذية الأطفال. ومن هذا المنطلق وضعت الإستراتيجية ستة أهداف رئيسية، بياناها كالتالي: ([15])
الهدف الإستراتيجي الأول: تكثيف الإنتاج الغذائي المستدام والتصنيع الزراعي والتجارة
ويتمثل هذا الهدف في زيادة إنتاج الأغذية الزراعية بنسبة 45% بحلول نهاية عام 2035م من خلال اعتماد ممارسات زراعية مستدامة لتلبية متطلبات الغذاء المتزايدة في إفريقيا وفرص التجارة العالمية، والحد من خسائر ما بعد الحصاد بنسبة 50%، ومضاعفة التجارة بين البلدان الإفريقية في المنتجات الغذائية الزراعية والمدخلات بحلول عام 2035م، وزيادة حصة الأغذية المصنعة محليًّا إلى 35% من الناتج المحلي الإجمالي للأغذية الزراعية بحلول عام 2035م. من خلال تعزيز التجارة بهدف تعزيز الوصول إلى الأسواق وتيسير التجارة. وتشمل مجالات العمل الرئيسية من بين أمور أخرى:
- إصلاح السياسات والتدابير التنظيمية التي تُقيّد الوصول إلى الأسواق المحلية والإقليمية والدولية.
- خفض التعريفات الجمركية والحواجز التجارية غير الجمركية التي تعوق التجارة الإقليمية والبينية.
- وضع وتنفيذ سياسات تُعزّز التجارة البينية الإفريقية.
- دمج تدابير الصحة والصحة النباتية والبيانات في سياسات التجارة الإقليمية.
الهدف الإستراتيجي الثاني: تعزيز الاستثمار والتمويل لتسريع تحول أنظمة الأغذية الزراعية
يتمثل هذا الهدف في حشد 100 مليار دولار من الاستثمارات العامة والخاصة في أنظمة الأغذية الزراعية الإفريقية بحلول عام 2035م، مع ضمان تخصيص ما لا يقل عن 10٪ من الإنفاق العام السنوي لأنظمة الأغذية الزراعية وإعادة استثمار ما لا يقل عن 15٪ من الناتج المحلي الإجمالي للأغذية الزراعية سنويًّا، من خلال تحسين جودة استثمارات القطاعين العام والخاص، وإنشاء شراكات فعَّالة بين القطاعين العام والخاص للاستثمارات القطاعية.
الهدف الإستراتيجي الثالث: ضمان الأمن الغذائي والتغذية
يتمثل هذا الهدف في تحقيق القضاء على الجوع بحلول عام 2035م، والحد من التقزم بنسبة 25%، والهزال بنسبة 25%، وزيادة الوزن بنسبة 25%، وضمان قدرة 60% من السكان على تحمل تكاليف نظام غذائي صحي. وهذا يستلزم تعزيز المعايير الصحية والنباتية وبروتوكولات الصحة الواحدة، وتعزيز قدرة صغار المزارعين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم على الامتثال للمعايير ذات الصلة، بما في ذلك معايير المنظمة العالمية لصحة الحيوان. وذلك من خلال تعزيز معايير الصحة والصحة النباتية وبروتوكولات الصحة الواحدة، وتهدف الإستراتيجية إلى معالجة – من بين أمور أخرى- القضايا المهمة التالية المتعلقة بصحة الحيوان والصحة العامة (سلامة الغذاء والصحة الواحدة):
- صياغة وإنفاذ قوانين وأنظمة شاملة لسلامة الغذاء على المستويات الوطنية وشبه الإقليمية والإقليمية بما يتماشى مع المعايير الدولية.
- تسريع إنشاء وكالة سلامة الغذاء الإفريقية.
- تحديث المختبرات ومرافق الاختبار والبنية الأساسية ذات الصلة.
- تدريب المفتشين والهيئات التنظيمية على معايير الصحة والصحة النباتية.
- تنفيذ أنظمة التتبع وخطط الاستجابة للطوارئ.
- تطوير وتبني إرشادات وبروتوكولات الصحة الواحدة.
- ضمان آليات تنسيق الصحة الواحدة.
- الترويج لحملات التوعية بأهمية معايير الصحة والصحة النباتية.
- تعزيز التنسيق الوطني والتناغم بين معايير سلامة الغذاء والتجارة لتبسيط العمليات وتحسين ضمان الجودة وتسهيل التجارة عبر الحدود.
- إنشاء أنظمة الإنذار المبكر والمراقبة والسيطرة على الآفات والأمراض الحيوانية والنباتية.
- تصميم وتنفيذ برنامج للقضاء على الأمراض ذات الأولوية مثل طاعون المجترات (الأغنام) الصغيرة، ومكافحة الأمراض العابرة للحدود (الأخرى).
الهدف الإستراتيجي الرابع: تعزيز الشمول وسبل العيش العادلة
يتمثل في الحد من عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع بنسبة 50%، وتقليص الفجوة بين المزارعين من الرجال والنساء بنسبة 50%، وتمكين ما لا يقل عن 30% من النساء و30% من الشباب و30% من الفئات المُهمّشة في سلاسل القيمة الزراعية الغذائية بحلول عام 2035م.
وتؤكد الإستراتيجية على الحاجة إلى تحسين الوصول إلى الموارد الإنتاجية للفئات المهمَّشة، بما في ذلك النساء والشباب وصغار المزارعين والصيادين والرعاة (مزارعي الماشية الرحل). وهي تعالج عدم المساواة واختلال التوازن في القوة الذي يُقيّد النساء والشباب وغيرهم من الفئات المهمشة. وتتفاقم هذه التفاوتات لأنها تتأثر بشكل غير متناسب بالظواهر المناخية المتطرفة والكوارث والصراعات والتباطؤ الاقتصادي والانكماش، وعدم القدرة على تحمُّل تكاليف الأنظمة الغذائية الصحية.
الهدف الإستراتيجي الخامس: بناء أنظمة غذائية زراعية مرنة
نظرًا لأن أنظمة الأغذية الزراعية في إفريقيا تتعرض لضغوط شديدة بسبب التفاعل المعقَّد بين التحديات المناخية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية والصحية؛ فإن الهدف يتمثل في ضمان قدرة أنظمة الأغذية الزراعية على الصمود في مواجهة الصدمات المناخية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وبحلول عام 2035م، يجب أن يكون ما لا يقل عن 30٪ من الأراضي الزراعية تحت الإدارة المستدامة و40٪ من الأُسَر محمية من الصدمات بحلول عام 2035م. من خلال الاستثمار في القدرات البشرية والبيولوجية والفيزيائية؛ حيث تهدف الإستراتيجية – من بين أمور أخرى- إلى:
- دعم دمج التعليم والتدريب المهني والتقني في إعداد الجهات الفاعلة في مجال التسليم في الميل الأخير، والتي تُعدّ ضرورية لنظام غذائي زراعي قوي وعملي.
- الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر التي توفّر معلومات لاتخاذ القرارات بشكل أفضل وفي الوقت المناسب والتدابير الاستباقية للتخفيف من الاضطرابات.
- تعزيز التكيُّف داخل أنظمة الأغذية الزراعية وسبل العيش للحدّ من التعرض للصدمات والضغوطات الكبرى، بما في ذلك إنشاء أنظمة الإنذار المبكر وأدوات إدارة المخاطر لحماية المزارعين من الأحداث غير المتوقعة والتخفيف من الخسائر المحتملة.
الهدف الإستراتيجي السادس: تعزيز حوكمة أنظمة الأغذية الزراعية
يسعى هذا الهدف الإستراتيجي إلى ضمان أنه بحلول عام 2028م، ستدمج جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي والمجتمعات الاقتصادية الإقليمية إعلان كمبالا لبرنامج التنمية الزراعية الشاملة في خططها الوطنية والإقليمية للاستثمار في أنظمة الأغذية الزراعية، وتبنّي أفضل الممارسات في حوكمة أنظمة الأغذية الزراعية بناءً على مبادئ البرنامج التنمية الزراعية الشاملة. وبحلول عام 2030م، ستدمج جميع البلدان عملية المراجعة الثنائية للبرنامج في منصات المراجعة القطاعية المشتركة الوطنية للزراعة.
خاتمة:
يبدو أن التحديات المتجددة التي تُواجه تنفيذ البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا تبتلع جزءًا كبيرًا مما تحقّق منه، ونتائج الاستعراضات الدورية تؤكد ذلك، وعلى الرغم من بروز مقومات جديدة قد تُمكّن من تدارك تأخر الوفاء بالكثير من الالتزامات؛ إلا أن ذلك يتوقف على توفر الإرادة السياسية، وانخراط أصحاب المصلحة والمجتمع المدني في عملية التنفيذ، والتعلم من الدروس المستفادة، بالإضافة إلى ضرورة توافر الإرادة السياسية الدولية الحقيقية لمساعدة القارة في تحقيق أهداف البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا.
…………………………………..
[1]) الاتحاد الإفريقي، إستراتيجية وخطة عمل البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا ((CAADP 2026-2035م (بناء أنظمة أغذية زراعية مرنة التكيف في إفريقيا (أديس أبابا: الاتحاد الإفريقي، 2024) ص4.
[2]) منظمة الأغذية والزراعة، المؤتمر الإقليمي الثالث والعشرون لإفريقيا تنفيذ البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا التابع للشراكة الجديدة من أجل التنمية في إفريقيا: استعراض للتقدم المحرز (جوهانسبرج: منظمة الأغذية والزراعية، 2004).
[3]) African Union, The Comprehensive African Agricultural Development Programme (CAADP) at: https://caadp.org/
[4]) African Union and New Partnership for Africa’s Development (NEPAD), Comprehensive Africa Agriculture Development Programme (Midrand: NEPAD,2003)
[5]) الاتحاد الإفريقي، م.س.س. ص.2.
[6]) AU,NEPAD, AU 2003 Maputo Declaration on Agriculture and Food Security.AT: https://www.nepad.org/caadp/publication/au-2003-maputo-declaration-agriculture-and-food-security
[7]) NEPAD CAADP Country Implementation under the Malabo Declaration April 2016.AT:
https://au.int/sites/default/files/documents/31251-doc-the_country_caadp_implementation_guide_-_version_d_05_apr.pdf
[8]) au, Extraordinary Summit on the Post Malabo Comprehensive Africa Agriculture Development Programme (CAADP).AT:https://au.int/en/newsevents/20250109/extra-ordinary-summit-comprehensive-africa-agriculture-development-programmes
[9])NEPAD , Synthesis of the Malabo Declaration on African Agriculture and CAADP.AT: https://www.nepad.org/file-download/download/public/15918
[10]) الاتحاد الإفريقي، التقرير الاستعراضي الرابع للبرنامج الشامل للتنمية الزراعية في إفريقيا 2015-2024م (أديس أبابا: الاتحاد الإفريقي، 2024).
[11]) au, Extraordinary Summit .Op.cit.
[12]) AU, African Union’s Extraordinary Summit in Kampala to adopt 10-Year CAADP Strategy and Action Plan to advance agricultural transformation and food systems in Africa.AT: https://au.int/en/pressreleases/20250109/extraordinary-summit-kampala-adopt-10-year-caadp-strategy-and-action-plan
[13]) Xinhua, AU adopts agricultural development strategy for next decade.AT: https://english.news.cn/20250112/7a30ea7a5c6a4e89b0639a1ffebd2e2b/c.html
[14]) Africa Press Release, Africa Adopts Comprehensive Africa Agriculture Development Programme (CAADP) Strategy and Action Plan 2026–2035 and the Critical Role of Animal Resources, January 15, 2025.at: https://www.zawya.com/en/press-release/africa-press-releases/africa-adopts-comprehensive-africa-agriculture-development-programme-caadp-strategy-and-action-plan-20262035-agwvu1z3
[15]) World Organization for Animal Health, African Union adopts third CAADP roadmap for the continent’s agricultural development by 2035.14 jan, 2025.at: https://rr-africa.woah.org/en/news/african-union-adopts-third-caadp-roadmap-for-the-continents-agricultural-development-by-2035/