تمهيد:
كان تبديل توقُّعات النمو لعام 2024م، وتغييرها، وتباينها في مختلف التقارير الاقتصادية الصادرة عن المؤسسات الإقليمية والدولية وحتى القُطْرية، هو سيد الموقف لمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء منذ نهاية عام 2023م، وخلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2024م.
ولا يعكس ذلك سوى حالة عدم اليقين الاقتصادي، وكثرة التحديات التي تواجهها المنطقة سواء تحديات داخلية أو خارجية، وكذلك الاختلالات التي تعاني منها معظم البلدان في الإقليم. ومِن ثَم يعكس أيضًا التعديل والتجريب في السياسات الاقتصادية المتبعة، والتي في الغالب كانت ردّ فِعْل لسياسات ومؤثرات خارجية، فضلًا عن أحداث داخلية.
لقد كان عام 2024م عامًا محوريًّا للمشهد الاقتصادي للقارة مع العديد من الأحداث الإقليمية التي تُشكّل المسار الاقتصادي في السنوات المقبلة، من اتفاقيات التجارة إلى التمويل الرقمي، والاقتصاد الأخضر، فضلًا عن المشاركة في القمم العالمية؛ مثل تجمُّع البريكس، وقمة العشرين، ومؤتمر المناخ، وغيرها. فضلًا عن التحوُّلات في الهياكل الاقتصادية الفرعية كما في غرب إفريقيا.
ومع انتهاء العام 2024م استقرت مؤشرات الأداء الاقتصادي وتوقُّعاته في حالة التأكيد، وهو ما يمكننا من تقييم هذا الأداء في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما استهدفته هذه الدراسة، من خلال تركيزها على المحاور التالية:
- المحور الأول: تقييم مؤشرات الاقتصاد الكلي في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2024م.
- المحور الثاني: تقييم أداء المالية العامة في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2024م.
- المحور الثالث: تقييم وضع القطاع الخارجي في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2024م.
- المحور الرابع: الآثار التوزيعية في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2024م.
- خلاصة واستنتاجات.
المحور الأول
تقييم مؤشرات الاقتصاد الكلي في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2024م
أولًا: النمو في الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2024م
من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء ما بين 2 تريليون دولار. ([1]) و1.95 ترليون دولار مع نهاية عام 2024م، ومن المتوقع أن يصل إلى 2.008 ترليون عام 2025.([2])
في الوقت الذي حقّق فيه النمو في الناتج المحلي الحقيقي 3.6% في نهاية عام 2024م، وذلك وفقًا للشكل (1)، الذي يبيّن أيضًا معدلات نمو متوقعة في عام 2025م بنحو 4.2%. وذلك مقابل متوسط معدل نمو عالمي بلغ 3.2% عام 2024م، و3.3% في عام 2025م، و3.3% في عام 2026م؛ وفقًا لأحدث توقعات لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية([3]).
شكل (1)
معدلات النمو الحقيقي في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء حتى عام 2024م
Source: IMF, The Regional Economic Outlook: Sub-Saharan Africa 2024.at: https://www.imf.org/en/publications/REO?sortby=Date&series=Sub-Saharan%20Africa
وتعاني بعض البلدان الكبيرة من بطء معدلات النمو، وأبرزها السودان؛ حيث تشهد انهيار النشاط الاقتصادي فيها بنسبة 15% في عام 2024م؛ نتيجة للتأثير الاقتصادي للحرب.([4])
وفي الوقت الذي كانت فيه معدلات النمو أعلى من المتوسط الإقليمي في البلدان التي لا تعتمد على الموارد بكثافة؛ حيث بلغ نحو 5.6%، كان 2.8% في البلدان التي تعتمد على الموارد في مداخيلها.
بينما يبين الشكل (2) أن الاتحاد النقدي والاقتصادي لغرب إفريقيا، وتجمع الكوميسا كانا الأعلى تحقيقًا للنمو على مستوى الأقاليم الفرعية؛ حيث سجَّلا معدلات نمو حقيقية بلغت 6.2%، و6.1% على التوالي عام 2024م. بينما كان أداء جنوب القارة متمثلًا في الاتحاد الجمركي للجنوب الإفريقي والذي حقَّق معدل نمو 1.2%، ومنطقة السادك 2.5% هما الأدنى أداءً على مستوى الأقاليم الفرعية في إفريقيا جنوب الصحراء، كما يبين ذلك الشكل التالي.
شكل (2)
معدلات النمو الاقتصادي في الأقاليم الفرعية لمنطقة جنوب الصحراء حتى عام 2024م
Source: IMF, The Regional Economic Outlook: Sub-Saharan Africa 2024.at: https://www.imf.org/en/publications/REO?sortby=Date&series=Sub-Saharan%20Africa
ويُعزى أكثر من نصف الانتعاش في النشاط الاقتصادي إلى زيادة مساهمة قطاع الخدمات، مع استمرار تعافي السياحة، وتسهيل الاستثمارات في مشاريع البنية الأساسية الرئيسية. ومن منظور قطاعي، فإن التعافي في الزراعة والسياحة كانا داعمين للنشاط الاقتصادي.([5])
ومن ناحية الإنفاق، يُفسَّر التعافي في النشاط الاقتصادي في الغالب من خلال انتعاش الاستهلاك والاستثمار الخاصين. مع تخفيف الضغوط التضخمية في غالبية بلدان المنطقة، وبالتالي تعزيز القدرة الشرائية. كما زادت مساهمة الاستثمار مع قيام بلدان المنطقة بإيجاد مساحة لخفض أسعار الفائدة الحالية والمستقبلية. وقد شكَّل الاستثمار العام نسبة 22.49% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024م، مرتفعًا بنسبة بسيطة عن عام 2023م؛ حيث بلغ 22.21%؛ وفقًا للشكل التالي.
شكل (3)
الاستثمار العام كنسبة من الناتج المحلي حتى عام 2024م
Source: IMF, The Regional Economic Outlook: Sub-Saharan Africa 2024.AT: https://www.imf.org/en/publications/REO?sortby=Date&series=Sub-Saharan%20Africa
ومن المتوقع أن يُسهم التدخل الحكومي بشكل متواضع في الفترة 2024-2025م؛ حيث يواصل صُنّاع السياسات المالية طرح التدابير لتعزيز تحصيل الإيرادات، ومعالجة تكاليف خدمة الديون المرتفعة.
وترجمةً للتحليل أعلاه فقد ارتفع النمو في نصيب الفرد من الناتج المحلي الحقيقي، من 1.16% عام 2023م، إلى 1.17% في عام 2024م، وهو تحرُّك طفيف يقترب من الثبات، مع توقع نمو فيه يبلغ 1.81% عام 2025م. كما يبين ذلك الشكل رقم (4).
شكل (4)
النمو في نصيب الفرد من الناتج المحلي الحقيقي
المصدر: بيانات صندوق النقد الدولي.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أنه بحلول عام 2025م، قد تشهد المنطقة استهلاكًا للفرد يعادل 15 دولارًا في اليوم، وفقًا لتعادل القوة الشرائية. وعلى الرغم من هذا الاتجاه الإيجابي، فمن المتوقع أن يَحُدّ التفاوت واسع النطاق في الدخل وهروب رأس المال من تأثير هذا النمو الاقتصادي على السكان المحليين. وقد تحسَّن تقدير نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025م البالغ 5533 دولارًا (تعادل القوة الشرائية) بشكل كبير عن التوقعات السابقة البالغة 5161.6 دولارًا في أبريل 2024م، مما يُسلّط الضوء على التقدم السنوي المطرد للمنطقة منذ عام 2017.([6]) وذلك مقابل متوسط عالمي (لنحو 196 دولة في تم حسابها عن طريق الباحث) بلغ 24901 دولار في ديسمبر 2024م. ([7])
ثانيًا: معدلات التضخم خلال عام 2024م
في حين بدا أن ضغوط التضخم متزامنة في الغالب مع عام 2022م والنصف الأول من عام 2023م، إلا أنها بدأت تتباعد عبر المنطقة، وبحلول يونيو 2024م، كان لدى 30 دولة من أصل 43 في المنطقة معدلات تضخم منخفضة ومتراجعة، في حين كان معدل التضخم في 13 دولة لا يزال مرتفعًا، في خانة العشرات أو أكثر. وفي البلدان ذات التضخم المرتفع، كان التضخم العام وتضخم الغذاء يرتفعان بالتوازي مع أسعار الصرف. وفي المقابل، أعقب استقرار العملات تباطؤًا في أسعار الغذاء والتضخم العام بين البلدان ذات التضخم المنخفض.
في المجموعة الأولى ربطت أغلب البلدان عملاتها بعملة أخرى. وفي العديد من هذه البلدان، كانت السياسات النقدية الانكماشية غير فعّالة في خفض التضخم بسبب السياسات المالية غير المنسقة (أي التمويل النقدي للعجز) أو التشوهات القائمة في أسعار الصرف الأجنبي، والتي أدت إلى ظهور أسواق موازية. وفي حين أدت الأسعار الموازية إلى تغذية التضخم، فإن تدخلات أسواق الصرف الأجنبي أدت إلى تأخير تعديل السعر الرسمي. وقد أدَّى هذا إلى المبالغة في تقييم العملة وخسارة الاحتياطيات. وقد أدَّى نُدرة الاحتياطيات، إلى جانب ارتفاع التضخم، إلى خلق المزيد من الضغوط التي أضعفت العملة. وأدى إعادة تنظيم سعر الصرف اللاحق إلى حلقة مفرغة تُهدّد الآن بزعزعة استقرار التوقعات التضخمية.
وعلى النقيض، فإن العديد من البلدان ذات معدلات التضخم المنخفضة تُطبّق نظام ربط العملة الثابت (مثل البلدان في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا، أو الجماعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا، أو السيماك) الذي ساعدها على فرض الانضباط على التضخم. وكانت بلدان أخرى قادرة على خفض التضخم من خلال تشديد السياسة النقدية. وفي بعض هذه البلدان، أدَّت السياسات النقدية المشددة، إلى جانب زيادة التنسيق بين السياسات النقدية والمالية، إلى تعزيز عملاتها تدريجيًّا، وبالتالي خفض تكلفة السلع الاستهلاكية المستوردة (بما في ذلك الغذاء والطاقة)، وبالتالي الحد من التضخم.
وقد تخفض البلدان ذات معدلات التضخم المنخفضة أسعار الفائدة إذا كانت توقعاتها التضخمية راسخة وقريبة من نطاقاتها المستهدفة أو ضمنها. وقد بدأت بعض البلدان بالفعل دورة تخفيف (مثل؛ جنوب إفريقيا، وكينيا، ورواندا، وموزامبيق). وعلى العكس، قد تتوقف البلدان التي تعاني من ارتفاع معدلات التضخم عن رفع أسعار الفائدة مؤقتًا أو تزيد أسعار الفائدة إذا لم تكن توقعات التضخم راسخة بشكل جيد. وقد شرعت بعض البلدان في هذه المجموعة في إصلاحات شجاعة لنظام سعر الصرف وأداء سوق الصرف الأجنبي (مثل نيجيريا وإثيوبيا). وقد يتوقف نجاح هذه الإصلاحات على ضمان استقلال البنوك المركزية، وإدارة الانتقال إلى اتفاقية سعر صرف أكثر مرونة، ونشر إصلاحات هيكلية تكميلية تعمل على تعزيز النمو القائم على الإنتاجية، في حين تحمي الفئات الأكثر ضعفًا من التأثيرات السلبية لتعديلات العملة من خلال برامج الحماية الاجتماعية. ([8]) والشكل التالي يبين معلات التضخم في المنطقة خلال الفترة 2010-2025م.
شكل (5)
معدلات التضخم في إفريقيا جنوب الصحراء خلال الفترة 2010-2025م
Megumi Kubotacesar, currencies and inflation across Sub-Saharan Africa in 2024: Divergent experiences, NOVEMBER 25, 2024.at: https://blogs.worldbank.org/en/africacan/currencies-and-inflation-across-sub-saharan-africa-in-2024-divergent-experiences-afe-1124
حيث ارتفع في المجمل متوسط معدل التضخم في المنطقة من 17.6% إلى 18.1% عام 2024م، ومن المتوقع أن ينخفض إلى 12.3% عام 2025م.
المحور الثاني
تقييم أداء المالية العامة في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2024م
أولًا: الميزانية العامة في عام 2024م
يُظهر الشكل التالي أوضاع الميزانية العامة في إفريقيا جنوب الصحراء، والتي تشير في مجملها إلى تحقيق عجز منذ عام 2019م -وفقًا لفترة التحليل التي يبينها الشكل- بلغ ذروته عام 2020م مُحقِّقًا -6.89% من الناتج المحلي الإجمالي، ومتراجعًا بشكل تدريجي طفيف ليصل إلى -3.72% عام 2024م، وعجزًا متوقعًا يُقدّر بنحو -3.43% عام 2025م.([9])
شكل (6)
عجز الميزانية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2019-2025م
Source: IMF, The Regional Economic Outlook: Sub-Saharan Africa 2024.AT: https://www.imf.org/en/publications/REO?sortby=Date&series=Sub-Saharan%20Africa
وبشكل عام، لا يزال خفض الاختلالات المالية بطيئًا؛ حيث انخفض عدد الدول التي تعاني من عجز كبير (يتجاوز 3% من الناتج المحلي الإجمالي) بشكل متواضع، من ذروة بلغت 34 دولة في عام 2022م إلى 27 دولة في عام 2024م. ومن المتوقع أن ينخفض العجز المالي بين الدول غير الغنية بالموارد بمقدار 0.6% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.6% في نهاية عام 2024م.([10])
على جانب الإيرادات، هناك مجال كبير لزيادة حصيلة الضرائب بطريقة عادلة وفعَّالة نسبيًّا من خلال توسيع القاعدة الضريبية، والاستفادة بشكل أكبر من ضرائب الدخل والعقارات التصاعدية. ستُمكّن زيادة الإيرادات من زيادة الإنفاق الاجتماعي المعزز للفرص. وعلى جانب الإنفاق، تفشل الحماية الاجتماعية حاليًّا في تغطية جزء كبير من السكان، وخاصةً في القطاع غير الرسمي، وهي تستهدف بشكل سيئ نسبيًّا الأسر الضعيفة.
وتظل إعانات الطاقة والغذاء كبيرة وموجهة بشكل سيئ بطبيعتها، كما يتميز تقديم الخدمات، بما في ذلك في التعليم والرعاية الصحية، عادةً بالقدرة المحدودة على الوصول والقدرة على تحمل التكاليف والجودة، مع تحسينات بطيئة غالبًا بمرور الوقت، وخاصة للأسر ذات الدخل المنخفض. وإن تصميم إستراتيجيات مالية متوسطة الأجل مع أُطُر مؤسسية داعمة قوية من شأنه أن يساعد في تقليل بعض التكاليف الاقتصادية والاجتماعية للتكيف. وعلى الرغم من أن العديد من البلدان لديها قواعد مالية وأُطُر ميزانية متوسطة الأجل رسمية، فإن السياسة المالية في إفريقيا جنوب الصحراء تفتقر غالبًا إلى أسس وقواعد فعَّالة لتوجيهها، وتركز بشكل مفرط على الأهداف قصيرة الأجل.([11])
ثانيًا: الإنفاق على التعليم والصحة خلال عام 2024م
لقد أحرزت المنطقة تقدمًا ملحوظًا في توسيع نطاق الوصول إلى المدارس في العقود الأخيرة، لكن النتائج لا تزال متأخرة عن تلك الموجودة في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية الأخرى؛ حيث لا يذهب حوالي ثلاثة من كل 10 أطفال في سن المدرسة إلى المدرسة. فبالنسبة لطلاب المدارس الابتدائية، يبلغ معدل مواصلة التعليم حوالي 65%، مقارنة بمتوسط عالمي 87%. ومعدل الإلمام بالقراءة والكتابة 75%، وهو أقل من 90% في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.
أحد أسباب هذه النواقص هو أن الإنفاق الحكومي على التعليم أقل من المعايير الدولية في العديد من البلدان؛ حيث كان متوسط ميزانية التعليم حوالي 3.5% في المنطقة، وهو أقل من التوصية الدولية بما لا يقل عن 4%. وتحقيق هدف تعميم الالتحاق بالمدارس الابتدائية والثانوية بحلول عام 2030م يتطلب مضاعفة الإنفاق. بالنسبة للبلد المتوسط في المنطقة لا يحقق سوى 15٪ من الطلاب في المدارس الابتدائية والثانوية أكثر من الحد الأدنى من نتائج التعلم، في حين انخفضت معدلات تدريب المعلمين بشكل مطرد لمدة عقدين من الزمن.([12])
وفي أبريل 2024م، أعلن الاتحاد الإفريقي هذا العام “عام التعليم”، بهدف “ضمان التعليم الجيد الشامل والمنصف، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع”. وتحتاج البلدان إلى 77 مليار دولار إضافية سنويًّا لتحقيق أهدافها التعليمية الوطنية، وتوفير تعليم عالي الجودة. ومع ذلك، ظل تمويل التعليم دون تغيير في الغالب؛ حيث ظل الإنفاق الحكومي على التعليم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي عند 3.7٪ فقط منذ عام 2015م. وفقًا لتحليل أجرته اليونسكو في عام 2024م، تخصص تسع دول من أصل 49 دولة 20% أو أكثر من إنفاقها العام للتعليم، بينما تخصص 24 دولة 15% على الأقل، وتخصص ست دول أقل من 10%. ويُظهر التحليل اختلافات إقليمية كبيرة؛ حيث يغطي الإنفاق الحكومي 76% من التكاليف في دول مجموعة تنمية جنوب إفريقيا، و72% في اتحاد المغرب العربي، و49% في المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، ونتيجة لذلك، تتحمل الأُسَر في المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا عبئًا أعلى؛ حيث تغطي 43% من تكاليف التعليم، مقارنة بنحو 21% فقط في مجموعة تنمية جنوب إفريقيا.([13])
وعلى الرغم من التحسُّن في الناتج المحلي الإجمالي، من المتوقع أن تزيد الحصة المخصصة للإنفاق الصحي بشكل متواضع. في عام 2021م، كان الإنفاق الصحي للفرد أقل بكثير مما هو عليه في مناطق أخرى، مما يُسلّط الضوء على فجوة تمويلية مستمرة تُهدّد صحة ورفاهية سكانها. وبدون زيادات كبيرة في الاستثمار المحلي وإصلاحات الحوكمة الصحية، فإن العديد من الأفراد في إفريقيا جنوب الصحراء مُعرَّضون لخطر التخلُّف عن الركب في السعي لتحقيق نتائج صحية أفضل حتى عام 2050م.([14])
ومع بداية عام 2024م، أصبح مشهد الرعاية الصحية مهيَّأ للتحوُّل الإيجابي. وعلى الرغم من التحديات في السنوات الأخيرة، فقد تم إحراز تقدم كبير. وتعالج القارة قضايا بما في ذلك محدودية الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، ونقص المتخصصين، والبنية التحتية غير الكافية. وعلى الرغم من أن الإنفاق على الرعاية الصحية في العديد من البلدان لا يزال أقل من المتوسط العالمي اعتبارًا من عام 2023م، إلا أن هناك آفاقًا للتحسن. وفي عام 2024م، لا يطرح قطاع الرعاية الصحية تحديات فحسب، بل يقدم أيضًا فرصًا كبيرة للنمو والابتكار. وتكتسب مجالات مثل إنتاج اللقاحات المحلية وتقنيات الصحة الرقمية أهمية كبيرة، مما يَعِد بتعزيز الوصول وتحسين جودة الرعاية الصحية في جميع أنحاء القارة.([15])
وتواجه المنطقة مجموعة من التحديات الصحية التي تؤثر سلبًا على التنمية الاقتصادية والاستقرار الإقليمي. وتُقدّر منظمة الصحة العالمية أن فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز والسل والملاريا تحصد أرواح نحو ثلاثة ملايين شخص في المنطقة سنويًّا. كما تنتشر الأمراض الطفيلية، وخاصةً بين الأطفال، وتتسبب في مئات الآلاف من الوفيات والمعاناة.([16])
وهناك اختلافات في اتجاهات التمويل، والذي يشمل الإنفاق الحكومي على الصحة، والمساعدات الإنمائية للصحة، والإنفاق الخاص على مدى فترتين زمنيتين محددتين: 2000 حتى 2021م ومن 2021 حتى 2050م.
في الفترة الأولى كانت هناك معدلات نمو عالية في المساعدات الإنمائية للصحة؛ حيث شهدت 22 دولة من أصل 46 دولة معدلات نمو تزيد عن 10%. بالنسبة للإنفاق الحكومي على الصحة، فإن الفترة فترة نمو مميزة مع دولتين هما ليبيريا والكونغو الديمقراطية، أما رواندا وغينيا الاستوائية، وغانا وبوركينا فاسو وتوغو؛ فقد أبلغت عن معدلات نمو مزدوجة الرقم، ربما بسبب الانتقال إلى وضع الدخل المتوسط في بعض البلدان.
كما شهدت معظم البلدان في فئات الدخل المتوسط الأدنى والمتوسط الأعلى اتجاهًا ثابتًا أو متناقصًا للإنفاق الشخصي في الفترة السابقة، وأبلغت بعض البلدان وهي ليسوتو وموزامبيق وغينيا وليبيريا وسيراليون والكونغو عن نمو كبير في الإنفاق الخاص المدفوع مسبقًا.
وعلى العكس من ذلك، تُسلّط الفترة الزمنية اللاحقة (2021- 2050م)، الضوء على فترة من النمو المنخفض، وخاصة بالنسبة للإنفاق الحكومي على الصحة والمساعدات الإنمائية الرسمية، ومن المتوقع أن تتلقى 13 دولة مساعدات إنمائية أقل للصحة. وبالنسبة للإنفاق الحكومي، من المتوقع أن يكون النمو في الإنفاق معتدلًا للغاية؛ حيث من المتوقع أن يكون لدى 7 دول معدل نمو يزيد عن 5٪ (غينيا الاستوائية والنيجر وتنزانيا وغينيا وبنين ورواندا وتوغو). يكون نمو الإنفاق الخاص المدفوع مسبقًا أعلى في جميع البلدان منه في الإنفاق الحكومي.([17])
وفي حين كان من المتوقع أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050م في إفريقيا جنوب الصحراء، فمن المتوقع أن تزيد حصة الناتج المحلي الإجمالي المخصصة للإنفاق على الصحة بشكل معتدل. وهذا النمو الفاتر متوقع؛ لأن النسبة المئوية من إجمالي الإنفاق الحكومي المخصص للصحة (7.2٪) مقارنة بمتوسط 12.4% في مناطق أخرى من المتوقع أن تظل منخفضة. وحتى إذا ارتفعت كمية الموارد المقدمة من الجهات المانحة بعض الشيء، فمن غير المتوقع أن تواكب الاقتصادات المتنامية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وقد تنتقل نحو سلع الصحة العامة العالمية الأخرى. ([18])
ثانيًا: الديون العامة وخدمتها عام 2024م
لا يزال عبء الدين العام في إفريقيا جنوب الصحراء يُشكّل تحديًا للتنمية، وتشمل العوامل الرئيسية للدين العام؛ التمويل واسع النطاق لتطوير البنية التحتية، والتأثير السلبي للصدمات المتعددة، وعدم تطابق آجال الاستحقاق، والتعرض الشديد لتقلبات أسعار الصرف والفائدة.
وقد أدّت الظروف المالية الصعبة التي أعقبت ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة إلى تفاقم عبء الديون وزيادة مخاطر استدامة الديون. ونصف البلدان منخفضة الدخل إما تعاني من ضائقة الديون أو مُعرَّضة لخطر كبير من ذلك. ([19])
ويظهر الشكل أدناه انخفاض الديون الحكومية كنسبة من الناتج المحلي في المنطقة بنحو 0.1% عن عام 2023م، مع تحقيقها 59.7% من الناتج المحلي، وبنسبة متوقعة 59.3% في عام 2025م.
شكل (7) الديون العامة
Source: IMF, The Regional Economic Outlook: Sub-Saharan Africa 2024.AT: https://www.imf.org/en/publications/REO?sortby=Date&series=Sub-Saharan%20Africa
وقد أصبحت الإدارة المستدامة للديون العامة أكثر صعوبة، واعتبارًا من فبراير 2024م، فإن أربعة من أصل ستة بلدان تعاني من ضائقة الديون هي بلدان متوسطة الدخل (غانا وزامبيا والكونغو وساو تومي وبرينسيبي). وهناك دول مثل كينيا وغينيا بيساو وإثيوبيا والكاميرون وغامبيا وسيراليون وجنوب السودان مُعرَّضة لخطر كبير من ضائقة الديون. حتى تلك البلدان منخفضة الدخل التي ظل خطر ضائقة الديون فيها منخفضًا قبل كوفيد-19 –وهي تنزانيا ورواندا والسنغال وأوغندا ومدغشقر- مُعرَّضة الآن لخطر معتدل. والدين العام الحالي يتألف بشكل أساسي من ديون تجارية وثنائية، في أعقاب زيادة الوصول إلى الأسواق المالية الدولية وظهور الصين كدائن ثنائي مهم. والديون التجارية أكثر تكلفة وأكثر عُرْضة لتقلُّب أسعار الفائدة من الديون متعددة الأطراف الميسرة. كما يمكن أن يكون إعادة التفاوض عليها أكثر صعوبة.([20])
إن خدمة الدين تتجاوز الآن 50% من عائدات الحكومة في أنجولا وكينيا وملاوي ورواندا وأوغندا وزامبيا. وحتى بعد تدابير تخفيف الديون، ستظل زامبيا تدفع ثلثي ميزانيتها على خدمة الدين بين عامي 2024 و2026م.([21])
المحور الثالث
تقييم وضع القطاع الخارجي في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2024م
أولًا: أداء التجارة الخارجية خلال عام 2024م
من المقرَّر أيضًا أن تنمو صادرات وواردات إفريقيا بنسبة 4.1٪ و3.1٪ على التوالي، مع اكتمال عام 2024م. ينبع هذ النمو من الطبقة الاستهلاكية المتوسعة بسرعة بسبب السكان الشباب وآفاق النمو الإيجابية. وهو ما يُوفّر العديد من الفرص للشركات العاملة أو الراغبة في العمل. وعلى الرغم من النبرات التفاؤلية تظل بعض الاقتصادات الكبرى، مثل نيجيريا ومصر، في قبضة دوامة تضخمية وديون عامة غير مستدامة؛ بسبب عدم اليقين الاقتصادي والتضخم، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المدخلات. وقد يؤدي هذا إلى زيادة أسعار العمالة والمدخلات للشركات.
أما فيما يتعلق بالصادرات، فهناك قلق إزاء تحركات الصرف الأجنبي غير المواتية التي تعوق القدرة على زيادة قيمة الصادرات. فعلى مدار العام الماضي، ضعفت عملات الاقتصادات الواقعة جنوب الصحراء، وخاصة تلك التي تتبع أنظمة التعويم، مقابل الدولار. وقد أدَّى هذا إلى ارتفاع التضخم، وأعباء الديون الضخمة، والأهم من ذلك، ضعف موازين التجارة. وقد تؤدي هذه التحركات غير المواتية في أسعار الصرف الأجنبي إلى تآكل هوامش عوائد الأعمال، وخاصة بالنسبة للشركات المنتجة داخل البلدان الإفريقية التي شهدت انخفاض قيمة عملاتها المحلية مقابل الدولار ولكنها تصدر منتجاتها إلى الأسواق الدولية.
ومن بين الأحداث الأكثر تأثيرًا على التجارة الإفريقية: زيادة التجارة داخل المنطقة، في أعقاب التصديق على اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية. ومن المتوقع أن تُعزّز الاتفاقية التجارة بين البلدان الإفريقية بنسبة 52.3% بحلول عام 2025م، مما يزيد دخل إفريقيا بما يصل إلى 450 مليار دولار بحلول عام 2035م. والواقع أن هناك أدلة قوية تدعم الدور المتزايد الأهمية للتجارة بين البلدان الإفريقية بالنسبة للشركات التي تتخذ من إفريقيا مقرًّا لها.([22])
ووفقا للشكل (8) فقد حققت منطقة إفريقيا جنوب الصحراء عجزًا تجاريًّا بنحو 58.95 مليار دولار عام 2024م.
شكل (8)
الميزان التجاري في إفريقيا جنوب الصحراء في الفترة 2015-2025م (المبلغ بالمليار دولار)
المصدر: بيانات صندوق النقد الدولي
حيث زاد العجز من 2.7% عام 2023م من الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.2% عام 2024م، مع توقع عجز قدره 2.9% عام 2025م. وفقًا للشكل رقم (9).
شكل (9)
الميزان التجاري في إفريقيا جنوب الصحراء في الفترة 2015-2025م كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي
المصدر: بيانات صندوق النقد الدولي
ثانيًا: تطوُّر الديون الخارجية في عام 2024م
تشير بيانات البنك الدولي إلى أن إجمالي الدين الخارجي لإفريقيا، الذي بلغ 1.12 تريليون دولار في عام 2022م، ارتفع إلى 1.152 تريليون نهاية عام 2023م. ومع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية إلى أعلى مستوياتها منذ 40 عامًا، ومع بلوغ العديد من سندات الدين الصادرة عن البلدان الإفريقية أجل استحقاقها، فلن يكون هناك نقص في التحديات ومع نهاية عام 2024م. ستدفع إفريقيا 163 مليار دولار فقط لخدمة الديون في عام 2024م، بزيادة حادة من 61 مليار دولار في عام 2010م.([23])
وقد بلغت الديون الخارجة لمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي نحو 27.8% عام 2024م، مرتفعة من 25% عام 2023م، مع توقُّع بزيادتها إلى نحو 28.1% عام 2025م.
وخلال فترة التعافي من الجائحة وما بعدها، ارتفعت مستويات الديون استجابةً لاحتياجات التمويل الأعلى. وأدَّى التضخم العالمي المستمر والسياسات النقدية الأكثر صرامة إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض (المحلية والخارجية)، وكذلك الضغط على أسعار الصرف. وأدَّى انتهاء مبادرة تعليق خدمة الدَّيْن -التي عُلِّقت، وأُعِيدَتْ جدولة خدمة الدين المستحقة خلال الفترة 2020-2021م-، إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة العالمية إلى زيادة كبيرة في خدمة الدَّيْن في عام 2023م، بلغت 51 مليار دولار، مما أدى إلى زيادة إجمالية تراكمية قدرها 82 مليار دولار.
وكان من المتوقع أن تتراجع في عام 2024م إلى 22 و34% على التوالي. ونتيجة لذلك ارتفع خطر ضائقة الديون الخارجية مع زيادة حصة البلدان المُعرَّضة لخطر كبير أو التي تعاني من ضائقة الديون في إطار قدرة البلدان منخفضة الدخل على تحمل الديون من 27% في عام 2015م إلى 53% في عام 2024م. وبهدف استعادة استدامة الديون وإعادة بناء الحيّز المالي، تُنفّذ العديد من البلدان عمليات إعادة هيكلة للديون في سياق الإطار المشترك وما بعده. كما تبنت دول أخرى إستراتيجيات أخرى([24]).
شكل (10)
الديون الخارجية في إفريقيا جنوب الصحراء كنسبة من الناتج المحلي خلال الفترة 2011-2025م
IMF, The Regional Economic Outlook: Sub-Saharan Africa 2024.at: https://www.imf.org/en/publications/REO?sortby=Date&series=Sub-Saharan%20Africa
وتشير بعض الدراسات إلى أن الجودة المؤسسية تؤثر على علاقة إيجابية ومهمة بين الدين الخارجي والنمو الاقتصادي. لذلك، ينبغي لصُنّاع السياسات أن يسعوا جاهدين لتحسين الجودة المؤسسية فيما يتصل بإدارة الديون الخارجية ([25]).
ثالثًا: الاستثمار الأجنبي المباشر عام 2024م
لقد شهد الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة نموًّا ملحوظًا خلال العقدين الماضيين. وعلى الرغم من هذا، لا يزال يمثل جزءًا ضئيلًا فقط من تدفقاته في العالم، وهناك جزء كبير من الاستثمار الأجنبي الوارد في القطاعات الاستخراجية. وتُسلّط هاتان المشكلتان الضوء على حدود القدرة التنافسية لإفريقيا وتنذران باستمرار اعتماد اقتصاداتها على السلع الأساسية؛ ويثير انخفاض أسعار السلع الأساسية العالمية، مخاوف من العودة إلى الركود الاقتصادي الذي شهدته إفريقيا في سبعينيات القرن العشرين.
وقد استمر الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا في التعافي في عام 2023م، بزيادة قدرها 7%. مدفوعًا باستثمارات كبيرة في قطاعات الطاقة المتجددة والأغذية والمشروبات وخدمات الأعمال. وأظهرت مناطق رئيسية مثل شمال وغرب إفريقيا، إلى جانب دول رائدة مثل مصر وجنوب إفريقيا ونيجيريا، جاذبية استثمارية قوية. وقد برز المستثمرون الرئيسيون -الصين والإمارات العربية والولايات المتحدة- كقادة في خلق فرص العمل والاستثمار الرأسمالي وعدد المشاريع على التوالي.([26]) ويبين الشكل التالي حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة، الذي بلغ 389 مليار دولار عام 2023م.
شكل (11)
حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا جنوب الصحراء في الفترة 2020-2023م (المبلغ بالمليار دولار).
Ernst & Young Global Ltd., Why Africa’s FDI landscape remains resilient, 03 Dec 2024.at: https://www.ey.com/en_nl/foreign-direct-investment-surveys/why-africa-fdi-landscape-remains-resilient
وكذلك تضم المنطقة مجموعة متنوعة من البلدان ذات الموارد الطبيعية الوفيرة، وبها مزيج جذاب من الملامح الديموغرافية المواتية، واعتماد متزايد على الاتصالات والتكنولوجيا. وعلى الرغم من تحديات البنية التحتية، وعدم الاستقرار السياسي، والرياح المعاكسة للاقتصاد الكلي؛ ظلت تدفقات الاستثمار والمعاملات مرنة، مع تقديم عوامل السوق لفرص النمو. وتعود شهية المستثمرين مع توقع وصول الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 2.13% من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية عام 2024م.([27]) لكن ظل متوسط حصة الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا جنوب الصحراء ثابتًا عند 1% من التدفقات العالمية.([28])
ثالثًا: الاحتياطيات الأجنبية وأداء العملات خلال عام 2024م
على الرغم من الافتقار إلى الأدبيات التي تتناول طبيعة العلاقة بين احتياطيات النقد الأجنبي والمؤسسات في إفريقيا جنوب الصحراء؛ إلا أن بعض الدراسات تبين أن المؤسسات والاستقرار السياسي وغياب الإرهاب وفعالية الحكومة، والسيطرة على الفساد، والمساءلة وجودة التنظيم تؤثر بشكل كبير على الاحتياطيات من العملات الأجنبية.([29])
وقد ظلت الاحتياطيات الدولية وفقًا للشكل التالي تكفي لنحو 4.1 شهر من واردات السلع والخدمات، خلال عامي 2023 و2024م.
شكل (12)
الاحتياطيات الدولية في إفريقيا جنوب الصحراء (أشهر من الواردات) خلال الفترة 2011-2025م
Source: IMF, The Regional Economic Outlook: Sub-Saharan Africa 2024.at: https://www.imf.org/en/publications/REO?sortby=Date&series=Sub-Saharan%20Africa
ويبدو أن العملات الإفريقية التي كانت مستقرة، مع استثناءات، أدَّت الظروف المالية الصارمة، بالإضافة إلى إصلاحات سوق الصرف الأجنبي ونقص النقد الأجنبي إلى إضعاف معظمها، مع ضعف عائدات التصدير وزيادة مدفوعات الديون الدولية.
وبحلول نهاية أغسطس 2024م، كان البير الإثيوبي والنيرة النيجيرية والجنيه الجنوب سوداني من بين العملات الأسوأ أداء في المنطقة. واستمرت النيرة النيجيرية في فقدان قيمتها. وبحلول نهاية يوليو 2024م، تعهَّد البنك المركزي الإثيوبي بتشغيل سعر صرف قائم على السوق مع تدخُّل محدود في سوق النقد. وانخفض البر الإثيوبي بنحو 30% بعد الإعلان.
وفي المقابل، استقرت أو تعززت بعض العملات التي ضعفت في عام 2023م خلال عام 2024م. ويُعد الشلن الكيني هو العملة الأفضل أداء؛ فقد ارتفعت قيمته بنسبة 21% حتى الآن بحلول نهاية أغسطس 2024م. كما تعزَّزت قيمة الراند والعملات المرتبطة به بنسبة 3.1%، بعد أن فقدت بعض قيمتها خلال العام الماضي.
وفي أغسطس 2024م، بدأت السلطات النقدية في كينيا وموزمبيق وناميبيا وأوغندا دورة التيسير النقدي. وفي حالة كينيا وأوغندا، خفَّضت السلطات النقدية أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مع انخفاض التضخم إلى المستوى المستهدف، وظلت عملاتهما مستقرة أو قوية، وذلك بفضل الصادرات والتحويلات المالية. وخفَّض بنك الاحتياطي في جنوب إفريقيا سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مع ترسيخ توقعات التضخم تدريجيًّا حول منتصف النطاق المستهدَف.
وأصبح بنك موزمبيق أول بنك في المنطقة يُخفّض سعر الفائدة الرئيسي؛ حيث خفَّض سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس. وسوف تعتمد وتيرة وحجم التعديلات التي ستُجريها هذه البنوك المركزية على توقعات التضخم ومعايرة المخاطر وعدم اليقين فيما يتصل بآفاق التضخم في الأمد المتوسط. ويستمر توقُّف تشديد السياسة النقدية في إسواتيني وليسوتو وزامبيا، وكذلك في البلدان الأعضاء في بنك دول وسط إفريقيا والبنك المركزي لدول غرب إفريقيا. وتحافظ هذه البنوك المركزية على أسعار الفائدة مرتفعة لترسيخ توقعات التضخم على النحو اللائق، وتأمين مسار أكثر سلاسة نحو أهداف التضخم.([30])
المحور الرابع
الآثار التوزيعية في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2024م
تعاني العديد من البلدان الإفريقية من أزمة مالية متفاقمة، وأصبح وصولها إلى التمويل الخارجي أكثر غموضًا في ظل حاجتها الملحة لتمويل الديون والمناخ والتنمية.
إن الحيّز السياسي المتاح لتلك البلدان مُقيّد بشكل كبير بالتزاماتها بخدمة الديون واحتياجاتها التنموية. والتحدي الأول يتعلق بكيفية تمكُّنها من جمع الأموال اللازمة للوفاء بالتزاماتها دون تقويض قدرتها على تمويل مسؤولياتها البيئية والاجتماعية.([31])
كما أن البنية الاقتصادية في المنطقة، والتي تتسم بغلبة الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الرئيسية ونظام ضريبي غير متكافئ، تَحُدّ من الفوائد للسكان المحليين؛ حيث تتركز الاستثمارات الأجنبية، في التعدين والنفط والبنية الأساسية. وتُعيد الشركات متعددة الجنسيات حصة كبيرة من الأرباح، مما يقلل من حصة الثروة المحتفظ بها كدخل وطني، مما يُعيق تراكم الثروة المحلية، ويقيد الأموال الحكومية للبرامج الاجتماعية والبنية الأساسية. كما أن آليات الضرائب تثقل كاهل الأسر ذات الدخل المنخفض، مما يقلل من قدرتها الشرائية ويُوسّع فجوة التفاوت. وهناك عامل آخر وراء التوزيع غير المتكافئ للثروة وهو البنية الاقتصادية؛ حيث يعمل ما يقرب من 56% من القوى العاملة ففي الزراعة، وهو قطاع محدود لتوليد الثروة. وتتضمَّن معظم الأنشطة الزراعية زراعة الكفاف، ممَّا يُوفّر الحد الأدنى من الدخل المباشر للمنتجين. بينما تظل أسعار السوق الدولية للمحاصيل النقدية مما يحد من أرباح المزارعين.([32])
ويظل الافتقار إلى الوظائف المنتجة واللائقة التحدي الأكبر الذي يواجه سوق العمل، وبمعدل 21.9%، وفي عام 2023م، تجاوز معدل الشباب غير الملتحقين بالعمل أو التعليم أو التدريب في إفريقيا جنوب الصحراء المعدل العالمي (20.4%). وتواجه الشابات حواجز إضافية؛ فثلاثة من كل خمسة شباب غير ملتحقين بالعمل أو التعليم أو التدريب كانوا من النساء في عام 2023م، كما أن جودة الوظائف المتاحة للشباب تشكل مصدر قلق كبير. ففي عام 2023م، كان ما يقرب من ثلاثة من كل أربعة (71.7 %) من العمال الشباب (الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و29 عامًا) يعملون في شكل من أشكال العمل التي تعتبر “غير آمنة”. وبلغ معدل البطالة بين الشباب 8.9% في عام 2023م، وهو أقل بنحو 0.6 نقطة مئوية عن المعدل في عام 2019م. إن عدم الاستقرار السياسي والصراعات له تأثير كبير، كما تظل الزراعة المصدر الرئيسي للتوظيف حيث تمثل 60% منذ عام 2021م، وهي أعلى حصة بين مناطق العالم. ([33])
في عام 2024م، شكَّلت منطقة جنوب الصحراء 16٪ من سكان العالم، و67٪ من الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع. وبناءً على المسار الحالي، من المتوقع أن يعيش 622 مليون شخص (7.3% من سكان العالم) في فقر مدقع في عام 2030م. وهذا يعني أن نحو 69 مليون شخص من المتوقع أن يفلتوا من براثن الفقر المدقع بين عامي 2024م و2030 مقارنة بنحو 150 مليون شخص تمكنوا من ذلك بين عامي 2013 و2019م.
ومن المرجَّح أن يعيش 3.4 مليار شخص (ما يقرب من 40% من سكان العالم) على أقل من 6.85 دولار في اليوم. ويمكن أن يعكس هذا التفاوت المرتفع الافتقار إلى الفرص للتنقل الاجتماعي والاقتصادي؛ حيث يعيش حوالي خُمس سكان العالم في بلدان ذات تفاوت مرتفع. واليوم، تتركز مستويات عالية من التفاوت في الدخل أو الاستهلاك بين بلدان المنطقة.([34]) كما يبين ذلك الشكل التالي.
شكل (13)
التفاوت في توزيع الدخل في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء عام 2024م
Worldbank, Poverty, Prosperity, and Planet Report Pathways Out of the Polycrisis.at: https://www.worldbank.org/en/publication/poverty-prosperity-and-planet
وغالبًا ما توصف منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بأنها واحدة من أفقر مناطق العالم، ولكن نادرًا ما تُوصَف بأنها واحدة من أكثر مناطق العالم تفاوتًا. ومع ذلك، مع استحواذ أغنى 10% من السكان على 55% من الدخل وحصول أعلى 1% من السكان على 20%، فإنها تحتل مرتبة بين أكثر مناطق العالم تفاوتًا.([35])
ويمكن تلخيص الآثار الاقتصادية المختلفة للأداء الاقتصادي في بعض النقاط التالية ([36]):
- على الرغم من انخفاض معدل الفقر بين العمال، فإن أكثر من نصف العمال الذين يعيشون في فقر مدقع يعيشون في إفريقيا جنوب الصحراء (145 مليون).
- يعيش نحو 38.3% من الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من التقزم في المنطقة.
- يعيش نحو ربع الأطفال المتضررين من الهزال في إفريقيا جنوب الصحراء (22.9٪).
- ارتفعت أسعار المواد الغذائية في المنطقة بشكل مطرد بسبب تغيُّر المناخ والصراعات وانقطاعات سلسلة التوريد.
- تعرَّض نحو 26.6% من سكان المنطقة للرشوة خلال عام 2024م.
- 37٪ فقط من الأشخاص في إفريقيا جنوب الصحراء متَّصلون بالإنترنت.
- أفادت أكثر من ثلاثة أرباع البلدان بأن السجون تعمل فوق طاقتها.
خلاصة واستنتاجات:
تبحر منطقة إفريقيا جنوب الصحراء في مشهد اقتصادي معقَّد يتسم بالتقدم البسيط والضعف الاقتصادي الكلي المستمر. وتحاول بلدان المنطقة تنفيذ إصلاحات صعبة وضرورية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي في أعقاب الصدمات السلبية المتكررة والحاجة إلى الدعم.
وقد بدأت الاختلالات الداخلية والخارجية في التقلص، وهو ما يعكس في الأساس تعديلات السياسات، ولكن الصورة متباينة؛ إذ لا يزال نحو نصف البلدان يعاني من اختلالات عالية. وقد أدَّى تشديد السياسة النقدية إلى كبح التضخم، الذي يقع ضمن الهدف في نحو نصف المنطقة. كما أدى التعزيز المالي الكبير إلى استقرار نسبة الدَّين إلى الناتج المحلي، وإن كان على مستوى مرتفع. وتعززت المواقف الخارجية، مع تضييق فروق العائد على السندات السيادية وعودة المزيد من البلدان إلى أسواق السندات الأوروبية.
فبعد أربع سنوات مضطربة فاق النمو الاقتصادي ما كان متوقعًا في الربع الثالث من عام 2024م. ومن المتوقع أن يستمر التعافي الاقتصادي بعد هذا العام، ومع ذلك، ليس كل شيء مُواتيًا؛ حيث يستمر ضغط التمويل مع استمرار حكومات في التعامل مع نقص التمويل، وتكاليف الاقتراض المرتفعة، وسداد الديون الوشيك.
وتظل المخاطر التي تُهدّد التوقعات مائلة إلى الجانب السلبي. وتظل المنطقة أكثر عُرضة للصدمات الخارجية العالمية، فضلاً عن خطر عدم الاستقرار السياسي المتزايد، والأحداث المناخية المتكررة.
ولا تزال التحديات قائمة؛ إذ يظل التضخم في خانة العشرات فيما يقرب من ثلث البلدان. والقدرة على خدمة الدين منخفضة، وتؤدي أعباءه المتزايدة إلى تآكل الموارد المتاحة للإنفاق على التنمية. كما أن احتياطيات النقد الأجنبي غالبًا ما تكون غير كافية، وتستمر المخاوف بشأن المبالغة في التقييم والقدرة التنافسية.
وفي جهودهم الرامية إلى الحدّ من هذه الاختلالات، يُواجه صُنّاع السياسات ثلاث عقبات رئيسية:
- النمو الإقليمي ضعيف وغير متساوٍ، وإن كان من المتوقع أن يتعافَى بشكل متواضع في العام المقبل. وتستمر البلدان كثيفة الموارد في النمو بنحو نصف معدل بقية المنطقة؛ حيث تكافح البلدان المصدرة للنفط أكثر من غيرها. وتشمل العوامل التي تثبط النمو الصراع وانعدام الأمن والجفاف ونقص الكهرباء.
- لا تزال ظروف التمويل المحلية والخارجية ضيقة؛ حيث لا تستطيع العديد من البلدان الوصول إليه.
- تتسبب الضغوط الأساسية المعقدة المرتبطة بارتفاع معدلات الفقر، والافتقار إلى الإدماج وفرص العمل، فضلاً عن ضعف الحكم، إلى جانب الزيادات السريعة في تكلفة المعيشة والآثار القصيرة الأجل للتكيف الاقتصادي الكلي؛ في صعوبات كبيرة في العديد من البلدان. والإحباط الاجتماعي والضغوط السياسية الناتجة عن ذلك تجعل تنفيذ الإصلاحات أكثر صعوبة.
وتواجه الحكومات مهمة صعبة في تحقيق التوازن بين الحد من نقاط الضعف الاقتصادية الكلية ومعالجة احتياجات التنمية وضمان قبول الإصلاحات اجتماعيًّا وسياسيًّا. وقد تضطر البلدان التي تعاني من اختلالات كبيرة إلى تنفيذ تعديلات كبيرة ومكثفة؛ نظرًا لقيود التمويل الصارمة. ومع ذلك، هناك العديد من البلدان التي تعاني من اختلالات أكثر اعتدالاً، والتي قد تكون قادرة على متابعة تعديلات أصغر وأكثر تدرجًا في السياسات. ولكن حتى البلدان التي تعاني من اختلالات منخفضة نسبيًّا (خمس البلدان) تحتاج إلى الاهتمام بإعادة بناء المخازن المالية والخارجية، حسبما تسمح الظروف.
كما شهدت عدة حلقات من الهشاشة السياسية مثل الصراعات والانقلابات والاضطرابات الاجتماعية. وتجعل هذه الضغوط من الصعب تنفيذ التعديلات والإصلاحات السياسية.
كما أن حماية الفئات الأكثر ضعفًا من تكاليف التعديل وضمان أن تعمل الإصلاحات على خلق فرص عمل كافية سوف يكون أمرًا بالغ الأهمية لتعبئة الدعم العام. ورغم صعوبة تنفيذ إستراتيجيات الإصلاح لفتح الباب أمام نموّ أكثر استدامة وشمولاً، من خلال تعزيز التنويع الاقتصادي والفرص الاقتصادية للنساء، فإن ذلك من شأنه أن يقلل من نقاط الضعف والإحباط الاجتماعي.
وهناك ثلاث أولويات سياسية يمكن أن تساعد البلدان على التكيُّف مع هذه التحديات: تحسين المالية العامة دون تقويض التنمية؛ والسياسة النقدية التي تُركّز على ضمان استقرار الأسعار؛ وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتنويع مصادر التمويل والاقتصادات. وفي خضم هذه التحديات، ستحتاج بلدان المنطقة إلى دعم إضافي من المجتمع الدولي لتطوير مستقبل أكثر شمولًا واستدامة وازدهارًا.
وبشكل عام، يُظهر الأداء الاقتصادي لمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء خلال عام 2024م علامات انتعاش، فاقت التوقعات بفضل زيادة الاستهلاك والاستثمار وتراجع التضخم. ومع ذلك، تبقى تحديات الفقر المدقع، وعدم المساواة الهيكلية تزايد التزامات خدمة الديون والكوارث الطبيعية والصراعات المستمرة تمثل مخاطر كبيرة على الاستقرار والنمو المستدام؛ تبقى قائمة، وتتطلب سياسات فعَّالة لمعالجة عدم المساواة والفقر لضمان تحقيق نمو شامل ومستدام.
ومن المتوقع أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في أكثر من نصف البلدان في ظل وجود تحديات اقتصادية خطيرة في بعض البلدان الكبيرة تؤثر سلبًا على متوسط النمو الإقليمي، الذي من المتوقع أن يرتفع بشكل متواضع إلى 4.2% في عام 2025م.
……………………………….
[1]) amrefuk, Africa cannot afford healthcare but can finance health. At: https://amrefuk.org/news/2024/04/africa-cannot-afford-healthcare-but-can-finance-health
[2]) https://www.statista.com/statistics/805564/gross-domestic-product-gdp-in-sub-saharan-africa/
[3]) oecd, Economic Outlook: Global growth to remain resilient in 2025 and 2026 despite significant risks. 4 December 2024.at: https://www.oecd.org/en/about/news/press-releases/2024/12/economic-outlook-global-growth-to-remain-resilient-in-2025-and-2026-despite-significant-risks.html
[4]) World Bank, Transforming Education for Inclusive Growth. Africa’s Pulse, No. 30 (October 2024). World Bank, Washington, DC. doi: 10.1596/978-1-4648-2176-9. License: Creative Commons Attribution CC BY 3.0 IGO
[5]) Idem.
[6]) ecofinagency, MF Forecasts $15 Daily Purchasing Power for SSA by 2025, but Inequality Persists, 28 October 2024.at: https://www.ecofinagency.com/public-management/2810-46075-imf-forecasts-15-daily-purchasing-power-for-ssa-by-2025-but-inequality-persists
[7]) https://tradingeconomics.com/forecast/gdp-per-capita-ppp
[8]) Megumi Kubotacesar, currencies and inflation across Sub-Saharan Africa in 2024: Divergent experiences, Nov 25, 2024.at:
https://blogs.worldbank.org/en/africacan/currencies-and-inflation-across-sub-saharan-africa-in-2024-divergent-experiences-afe-1124
[9]) https://www.statista.com/statistics/805579/sub-saharan-africa-budget-balance-in-relation-to-gdp/
[10]) World Bank.Op.cit.
[11]) IMF, The Regional Economic Outlook: Sub-Saharan Africa 2024.at: https://www.imf.org/en/publications/REO?sortby=Date&series=Sub-Saharan%20Africa
[12]) Michele Fornino, Andrew Tiffin, Sub-Saharan Africa’s Growth Requires Quality Education for Growing Population, April 25, 2024.at: https://www.imf.org/en/Blogs/Articles/2024/04/25/sub-saharan-africas-growth-requires-quality-education-for-growing-population
[13]) https://www.linkedin.com/pulse/africas-top-spenders-10-countries-leading-charge-education-yosnf
[14]) Angela E. Apeagyei, Brendan Lidral-Porter, Nishali Patel, Juan Solorio, Golsum Tsakalos, Yifeng Wang, Wesley Warriner, Asrat Wolde, Yingxi Zhao, Joseph L. Dieleman, Justice Nonvignon, Financing health in sub-Saharan Africa 1990–2050: Donor dependence and expected domestic health spending, PLOS Global Public Health, 28 Aug 2024.at: https://p4h.world/en/documents/future-health-financing-in-sub-saharan-africa-domestic-spending-and-donor-dependence/
[15]) Amine Mansouri, 2024 Healthcare Predictions for Africa.at: https://www.iqvia.com/locations/middle-east-and-africa/blogs/2024/01/2024-healthcare-predictions-for-africa
[16]) https://www.niaid.nih.gov/research/niaid-research-sub-saharan-africa
[17]) Apeagyei AE, Lidral-Porter B, Patel N, et al. Financing health in sub-Saharan Africa 1990–2050: Donor dependence and expected domestic health spending. PLOS Global Public Health. 28 August 2024. doi: 10.1371/journal.pgph.0003433.
[18]) Idem.
[19]) Maureen Were, Emerging public debt challenges in sub-Saharan Africa, June 2024, (Helsinki: United Nations University World Institute for Development Economics,2024) P.2.
[20]) Maureen Were, Sub-Saharan Africa faces an alarming debt burden that could hinder progress on sustainable development goals, October 2024 .AT: https://www.wider.unu.edu/publication/sub-saharan-africa-faces-alarming-debt-burden-could-hinder-progress-sustainable
[21]) unaids, New UNAIDS report shows that the debt crisis is choking sub-Saharan Africa, leaving health and HIV services chronically underfunded. 19 September 2024.at: https://www.unaids.org/en/resources/presscentre/pressreleaseandstatementarchive/2024/september/20240919_debt
[22]) https://impact.economist.com/projects/trade-in-transition/regional-analysis-africa
[23]) African Development Bank, Annual Meetings 2024: old debt resolution for African countries – the cornerstone of reforming the global financial architecture. 15-May-2024.at: https://www.afdb.org/en/news-and-events/annual-meetings-2024-old-debt-resolution-african-countries-cornerstone-reforming-global-financial-architecture-70791
[24]) مجدي محمد محمود آدم، الآفاق الاقتصادية لمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2024م قراءة في الإصدار الثلاثين لتقرير “نبض إفريقيا”، مجلة قراءات افريقية. متاح على الرابط: https://qiraatafrican.com/24995
[25]) R. Mugobera and D. Mahebe, External Debt and Economic Growth Nexus in Sub-Saharan AfricanVolume 07 Issue 06 June 2024.at: http://www.ijefm.co.in/v7i6/39.php
[26]) Ernst & Young Global Ltd., Why Africa’s FDI landscape remains resilient, 03 Dec 2024.at: https://www.ey.com/en_nl/foreign-direct-investment-surveys/why-africa-fdi-landscape-remains-resilient
[27]) KPMG, Doing Deals in Sub-Saharan Africa 2024.at:
https://assets.kpmg.com/content/dam/kpmg/za/pdf/2024/Doing%20Deals%20in%20Sub-Saharan%20Africa%202024%20FINAL.pdf
[28]) Frank L. Bartels and etal, Foreign Direct Investment in Sub-Saharan Africa: Motivating Factors and Policy Issues.at: https://www.researchgate.net/publication/239802989_Foreign_Direct_Investment_in_Sub-Saharan_Africa_Motivating_Factors_and_Policy_Issues
[29]) Gaone Thabana andIsmail Fasanya , Determinants of foreign exchange reserves in sub-saharan Africa.at:
https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S2468227624002989
[30]) مجدي محمد محمود آدم، مرجع سبق ذكره.
[31]) saiia, The Future of Sovereign Debt Architecture: Priorities for the South African G20 Presidency, 5 Dec 2024.AT: https://saiia.org.za/research/the-future-of-sovereign-debt-architecture-priorities-for-the-south-african-g20-presidency/
[32]) ecofinagency, Op.cit.
[33]) ILO, Global Employment Trends for Youth 2024 Sub-Saharan Africa.AT: https://www.ilo.org/publications/employment-trends-youth-sub-saharan-africa
[34] (Worldbank, Poverty, Prosperity, and Planet Report Pathways Out of the Polycrisis.at: https://www.worldbank.org/en/publication/poverty-prosperity-and-planet
[35]) https://wid.world/news-article/inequality-in-2024-a-closer-look-at-six-regions/
[36]) Franck Kuwonu, 2024 SDG Report highlights stalled progress and growing inequities as 2030 deadline approaches.at: https://www.un.org/africarenewal/magazine/june-2024/2024-sdg-report-highlights-stalled-progress-and-growing-inequities-2030-deadline