بقلم: سيلفي رانتروا
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
الأفكار العامة:
–تأثير تداعيات انعدام الأمن وتغيُّر المناخ (الفيضانات) بشكل سلبي على تعليم العديد من الأطفال في منطقة الساحل ووسط إفريقيا.
– استهداف المجموعات المسلحة الأطفال المشرَّدين وغير الملتحقين بالمدارس في التجنيد والاستغلال الجنسي.
– إغلاق أكثر من 14000 مدرسة أبوابها في العام الحالي 2024م في منطقة غرب ووسط إفريقيا؛ وفقًا للمجلس النرويجي للاجئين (NRC).
– ارتفاع ظاهرة إغلاق المدارس في وسط إفريقيا (الكاميرون، جمهورية الكونغو الديمقراطية)، باستثناء إفريقيا الوسطى، وانحسارها في غرب إفريقيا (بوركينا فاسو ومالي).
مقدمة:
تُغلق المدارس أبوابها في منطقة الساحل ووسط إفريقيا بسبب تداعيات انعدام الأمن وآثار تغيُّر المناخ، ويؤثر ذلك تأثيرًا خطيرًا على تعليم العديد من الأطفال.
ثمة فصول دراسية يُخيِّم عليها السكون، وهي خاوية ومهجورة. ووفقًا للمجلس النرويجي للاجئين (NRC)؛ فإن أكثر من 14.000 مدرسة أغلقت أبوابها مع بدء العام الجاري 2024م، ولن يُعَاد فتحها؛ بسبب تدهور وتردّي الوضع الأمني في منطقة غرب ووسط إفريقيا.
وتستغل المنظمة غير الحكومية اليوم العالمي لحماية التعليم من الهجمات؛ لدقّ ناقوس الخطر. يقول المجلس النرويجي للاجئين: “يجب حماية حق الأطفال في التعليم في وقتٍ أصبح فيه مستقبل جيل بأكمله على المحك”، مُسلِّطًا الضوء على حجم التحدي الذي يُواجه العديد من البلدان في المنطقة، مثل بوركينا فاسو ومالي والكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
إن وجود ملايين الأطفال خارج المدارس، يُسلِّط الضوء على حجم التحديات التي تُواجه دولاً عديدة؛ منها: بوركينا فاسو ومالي والكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية. كما أن ملايين الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة هم ضحايا مُحتمَلون؛ بسبب استهدافهم مِن قِبل الجماعات المسلحة، كما أنهم مُعرَّضون للعمل والعنف والاستغلال الجنسي”.
لقد أصبح التعليم واقعًا تحت الحصار في غرب ووسط إفريقيا؛ حيث لا يمكن وصف الاستهداف المتعمَّد للمدارس والحرمان الممنهج من التعليم بسبب النزاع إلا بالوضع الكارثي؛ “كل يوم لا يذهب فيه الطفل إلى المدرسة هو يوم مسروق من مستقبله ومستقبل مجتمعاته”؛ على حد تعبير حسن حمادو، المدير الإقليمي للمجلس النرويجي للاجئين في غرب ووسط إفريقيا.
حلقة مفرغة:
إن نقص التعليم خسارة لا تُعوَّض، وفقدان جيل متعلم له عواقب اجتماعية واقتصادية وخيمة؛ فضلاً عن أنه سيكون جيلاً ضعيفًا للغاية. ويُشدّد المجلس النرويجي للاجئين على أن “الفتيات يواجهن خطر الزواج القسري والاستغلال، مما يزيد من تفاقم عدم المساواة بين الجنسين والتفاوتات الاجتماعية”. كما أن تجنيد الأطفال واختطافهم مِن قِبَل الجماعات المسلحة يُعرّضهم للعنف والاستغلال بشكل كبير، مما يُديم دَوْرة الفقر وانعدام الأمن في المنطقة.
وتواجه الكاميرون ثلاث أزمات إنسانية مُعقَّدة؛ النزاع في حوض بحيرة تشاد، والأزمة في المنطقة الناطقة بالإنجليزية، وتأثير اللاجئين من جمهورية إفريقيا الوسطى. فمنذ عام 2017م، ظل الذهاب إلى المدرسة، في المناطق الناطقة بالإنجليزية في الشمال الغربي والجنوب الغربي “خطيرًا على الأطفال والمعلمين؛ بسبب الهجمات العنيفة والتهديدات المنتظمة ضد موظفي التعليم والطلبة والبنية التحتية”؛ وفقًا لما ندَّدت به الأمم المتحدة في أكتوبر 2023م. ومع بداية العام الدراسي الجديد، فرضت الجماعات الانفصالية حظرًا شاملًا لمدة أسبوعين، ولم يعد يجرؤ العديد من أولياء الأمور على إرسال أطفالهم إلى المدرسة. ويتعرَّض المعلمون في هاتين المنطقتين لتهديدات خطيرة، لا سيما بعد قتل أو اختطاف العديد منهم.
وفي الجزء الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية، أدَّت أعمال العنف والتوترات بين المجتمعات المحلية إلى إغلاق 1457 مدرسة منذ أوائل عام 2024م، مما أثَّر على أكثر من 500 ألف طالب و12700 معلم. وتواصل الجماعات المسلحة احتلال المباني المدرسية واستخدامها لأغراض عسكرية.
ودعا المجلس النرويجي للاجئين المجتمع الدولي والحكومات الوطنية وجميع أطراف النزاع إلى اتخاذ تدابير عاجلة ومستدامة لحماية التعليم. ويشمل ذلك إنهاء الهجمات على المدارس، وضمان سلامة الطلبة والمعلمين، وتوفير التمويل الكافي لبرامج التعليم في مناطق النزاع.
التحسينات في مالي وبوركينا فاسو وجمهورية إفريقيا الوسطى:
في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، انخفض عدد الهجمات على التعليم بين عامي 2022 و2023م. وفي بوركينا فاسو، أُعِيدَ فتح حوالي 1300 مدرسة في بعض المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في عام 2024م، مما سمح لآلاف الأطفال بالعودة إلى المدارس.
ويُظهر إعادة فتح المدارس في بوركينا فاسو وانخفاض الهجمات على التعليم في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى أنه يمكن إحراز تقدُّم في هذا المجال. ونحن بحاجة إلى الحفاظ على هذا الزخم لضمان حصول جميع الأطفال على تعليم جيد وآمن وشامل للجميع.
وفي الكاميرون، كانت هناك أخبار جيدة في بداية العام الدراسي الجديد. فخلال زيارة رسمية إلى ياوندي، أعلنت المديرة العامة لليونسكو “أودري أزولاي” عن تقديم مبلغ 44.5 مليون دولار أمريكي لدعم التعليم في الكاميرون، وسيُستخدَم هذا المبلغ، في جملة أمور أخرى؛ لتحديث المناهج الدراسية، وتدريب أكثر من 28 ألف من موظفي التعليم، وتوزيع الوجبات المدرسية.
وأخيرًا، سيتم توسيع مهام مركز ياوندي للتعليم عن بُعْد؛ وقد أُنشئ هذا المركز خلال جائحة كوفيد-19 في عام 2020م، ومنذ ذلك الحين وهو يُقدّم المحتوى التعليمي للطلبة الذين يعيشون في المناطق النائية من البلاد. وسيضمّ المركز أول أستوديو تسجيل لقناة EDUCA-TV، وهي قناة اليونسكو التعليمية الجديدة؛ حيث ستوفّر القناة محتوًى للمدارس في إطار التحضير للامتحانات وقضايا مثل الصحة العامة وحماية البيئة ومحو الأمية الإعلامية المعلوماتية، وستكون متاحة مجانًا في عشرين بلدًا في المنطقة.
تهديدات التغيُّر المناخي:
بالإضافة إلى الوضع الأمني المتدهور، تُهدِّد الفيضانات بداية العام الدراسي الجديد لآلاف التلاميذ؛ حيث تغمر المياه تشاد والنيجر ونيجيريا ومالي وشمال كوت ديفوار وغانا. ووفقًا للأمم المتحدة، ينتظر 70 ألف تلميذ في شمال الكاميرون بدء العام الدراسي الجديد. وقال “مامادو بوكار أريفا” رئيس جمعية تنمية منطقة مايو داناي لإذاعة صوت أمريكا: “السؤال الحقيقي بالنسبة لنا هو: ما الذي يحدث للبنية التحتية المدرسية بعد الفيضانات”؟
لقد أدَّت الفيضانات إلى نزوح قرابة مليون شخص في النيجر ونيجيريا ومالي. وتعاني هذه البلدان بالفعل من الصراع وانعدام الأمن، مما يجعل الاستجابة أكثر صعوبة. ولمنع تفاقم الوضع، من الضروري أن تصل المساعدات إلى المحتاجين على وجه السرعة. كما أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عالمية عاجلة وجريئة للتصدي لتغيُّر المناخ؛ حيث أصبح تأثيره على الأطفال واضحًا بشكل متزايد.
وهذا يعني في المستقبل جعل المدارس والمباني الأخرى أكثر صمودًا في مواجهة الظواهر الجوية القاسية مثل الفيضانات. ووفقًا لجيل فانينو، المدير التنفيذي الإقليمي لليونيسف في غرب ووسط إفريقيا، فإن الأسوأ لم يأتِ بعدُ؛ فـ”من المتوقَّع حدوث فيضانات أكثر شدة في نهاية العام الجاري؛ الأمر الذي من المرجَّح أن يُؤدّي إلى تفاقم الوضع بالنسبة للأطفال والأُسَر في المنطقة”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: