د. أحمد عبد الدايم محمد حسين*
يدهش المرء حقيقةً حينما ينظر لعدد سكان أوروبا القليل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ثم يرى قدرتهم العجيبة على استعمار العديد من البلدان والشعوب الأخرى، وعلى سبيل المثال: رؤية بريطانيا الصغيرة في المساحة والسكان وهي تسطو على نصف العالم تقريباً، وتستغل خيرات الشعوب فيه لصالحها!
ويدهش المرء أيضاً حينما يرى الرحالة والمستكشفين الأوروبيين وهم يبدؤون غالبية رحلاتهم الكشفية عن طريق المناطق التي حكمها العرب في الشمال والشرق الإفريقيين، ويتجاهلون ساحل إفريقيا الغربي المسيطرين عليه منذ القرن 15، تُرى ما الذي جعلهم يتجاهلون الساحل الغربي ويفضّلون السواحل الشمالية والشرقية؟
بالتأكيد كان المستعمرون الأوروبيون مسلّحين بشيءٍ مختلفٍ عن بقية شعوب العالم وبلدانها، فما هذا الشيء الذي ميّزهم؟ ومَن صنع هذا الفارق الكبير بينهم وبين غيرهم؟ وما الذي جعل الأوروبيين يحوزون إفريقيا بلا جهدٍ أو ثمن؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة المهمة؛ جاءت ورقتنا: (الكشوف الجغرافية الأوروبية لإفريقيا وتأثيراتها المعاصرة)، بهدف التعرف على هذا الشيء المختلف والمميز بين الطرفَيْن.
أولاً: الكشوف الأوروبية في إفريقيا في القرن التاسع عشر:
من المؤكد أنّ قصّة الكشوف الجغرافية الأوروبية لإفريقيا لم تبدأ مع القرن التاسع عشر، بل بدأت مع نهاية القرن الخامس عشر، فحينما كانت أوروبا في حاجةٍ شديدةٍ إلى البهارات والتوابل من الهند؛ راحت تعتمد على طريق البحر الأحمر، ثم البحر المتوسط، إلى أوروبا، لكن حينما فكّر الأوروبيون في إيجاد طريقٍ آخر يصلون من خلاله إلى الشرق، لإنهاء احتكار العرب لتلك التجارة، بدؤوا الكشوف البحرية حول إفريقيا، وتمكّنوا من الوصول إلى ساحل الذهب (غانا)، ثم مصبّ نهر الكونغو.
واستطاع بارثلو ميودياز أن يصل إلى رأس الرجاء الصالح سنة 1488م، وجاء بعده فاسكو دي جاما ليطوف حول رأس الرجاء الصالح، ووصل إلى سواحل الهند الغربية سنة 1498م، ومنذ هذا التاريخ، وحتى بداية القرن 19، ظلّ الوجود الأوروبي مقتصراً على السواحل الإفريقية فقط.
إنّ التأمل العميق في تقارير الرحالة ومؤلفاتهم يكشف الكثير مما غابت قراءته عنّا حتى الآن، فإذا رتّبنا المؤلفات التي خلّفها الرحالة الأوروبيون عن رحلاتهم تاريخيّاً، واستعرضنا تطوّر محتواها، سنلاحظ أنّ المعلومات الأوروبية عن دواخل إفريقيا، وتحديداً منطقة ما وراء الصحراء، كانت ضحلةً في البداية، لا تتجاوز معلومات القدماء كثيراً، وسنعرف أنّ الخرائط الأوروبية عن القارة الإفريقية كانت تكتظ بالنقاط البيضاء، أي لا تتوفر حولها معلومات[1].
دور الجمعيات الجغرافية الأوروبية في استكشاف إفريقيا:
يمكننا القول بأنّ مرحلة الكشوف العظمى لدواخل إفريقيا لم تبدأ إلا مع إنشاء (الجمعية الجغرافية) في لندن سنة 1788م؛ حيث قرّرت البعثات الأوروبية الذهاب لإفريقيا لاكتشاف أنهارها وثرواتها، وفي هذا الإطار أدت الجمعيات الجغرافية دَوْراً مهمّاً في كشف الأنهار وأسرار القارة الداخلية، وإجراء تقييمٍ مهمٍّ للثروة المعدنية والزراعية.
ولعلّ جهود الرحالة والمستكشفين في نهر النيل والنيجر فقط؛ تدلّ على الدَوْر الذي قاموا به، وربما كانت رحلاتهم لجنوب إفريقيا ووسطها، وتتبّعهم لمسار نهر الزمبيزي في الفترة من (1853م – 1856م)، ثم مجرى نهر الكونغو العلوي عام 1871م، يعدّ من أبرز الجهود التي بذلوها في تقديم المعلومات الاقتصادية عن تلك المناطق؛ فقد فتحت هذه المعلومات الفرصة أمام رجال الأعمال الأوروبيين والشركات للتجارة مع إفريقيا[2].
وكان من أهمّ ما ساعد على تنفيذ تلك الأهداف إنشاء العديد من الجمعيات الكشفية، بدأت بالجمعية الجغرافية في باريس عام 1821م، ثم جمعية برلين عام 1828م، ثم الجمعية الجغرافية الملكية في لندن عام 1830م، حتى بلغ تعداد الجمعيات الأوروبية: (مائة جمعية)، وانضمّ إليها قرابة: (50 ألف عضو)، وأكثر ما عبّر به الأوروبيون عن اهتمامهم باستكشاف إفريقيا هو ما صكّوه بمصطلح: «التدافع نحو إفريقيا Scramble for Africa»، وذلك حين كانت هناك أسباب حقيقية لإجراء كشوف جغرافية لإفريقيا المجهولة بالنسبة إليهم، ومن ثمّ وضعوا أهدافاً لتلك الكشوف، جعلت من الممكن بسط نفوذهم ووصولهم إلى ما أرادوه، وهو السيطرة على أماكن الموارد الإفريقية.
وقد امتلأت تقارير المستكشفين والرحالة الأوروبيين في أثناء كشوفهم للأنهار الإفريقية وما حولها، والمرفوعة لصانعي القرار الأوروبيين، بالحديث عن ثراء القارة ورخائها، ودعوة الحكومات الأوروبية والتجّار صراحةً بأن يتحركوا ليضعوا أيديهم على خيرات إفريقيا، فمن ذلك على سبيل المثال:
من كشوف نهر النيل:
– بدأت اكتشاف نهر النيل مع وصول الرحالة الأسكتلندي جيمس بروس للحبشة سنة 1769م، وقد قام بنشر أخبار رحلته في ستة مجلدات مدعّمة بالخرائط، وأعطى وصفاً كاملاً لبحيرة تانا وجزرها.
– وقام الرحالة الألمان: جون كرابف سنة 1843م، وربمان سنة 1848م، ثم الرحالة البريطانيون: برتون وسبيك (1856م – 1859م)، ثم سبيك وجرانت (1861م – 1863م)، بدَوْر مهمٍّ في إتاحة المعلومات الاقتصادية لبني جلدتهم.
من كشوف نهر الزمبيزي:
– يرتبط كشفه باسم الرحالة ديفيد ليفنجستون، كشف بعض التفاصيل عنه في رحلته الأولى في الفترة (1841م – 1858م)، وأكمل بقيتها في رحلته الثانية في الفترة (1859م – 1864م)، وترجع أهمية اكتشافاته وخطورتها إلى أنه فتح الباب أمام البعثات التنصيرية البريطانية.
من كشوف نهر النيجر:
– في الفترة (1852م – 1854م) استطاع هنريك بارث اكتشاف المناطق الداخلية من النيجر، وتابعت إنجلترا جهودها لاكتشاف المناطق المحيطة بالنهر، فأرسلت عام 1857م بعثة للاتصال بالممالك الإسلامية الواقعة شمال سوكوتو؛ لتدعيم علاقتها بها تمهيداً للسيطرة عليها.
من كشوف نهري السنغال وغامبيا:
– توغل الرحالة رتشارد جوبسون Richard Jobson لمسافة تجاوزت أربعمائة ميلٍ في نهر غامبيا سنة 1620م، وقدّم وصفاً مهمّاً عن حياة سكانها في المجالات الزراعية وصيد الحيوانات والأسماك.
– وشارك الرحالة الفرنسيون بدَوْرٍ كبيرٍ في تلك الكشوف، خصوصاً في منطقة غرب إفريقيا ووسطها، ولعلّ استعراض أسماء: كجورج شفاينفورث، وجوستاف ناختيجال، وبول دو شيللو، في غرب إفريقيا والجابون، يوضح لنا هذا الدَوْر الذي قاموا به في توفير المعلومات للسلطات الفرنسية تمهيداً لغزو تلك المناطق.
من كشوف نهر الأورانج وجنوب إفريقيا:
– كانت المعلومات التي جمعها الهولنديون والرحالة الإنجليز عن خصوبة الأراضي في جنوب إفريقيا؛ دافعاً جعل الأوروبيين في الكيب يحسدون الشعوب المحلية على هذا الرخاء، ولذلك كان الغزو هو الوسيلة الوحيدة التي مكّنت الأوروبيين من الاستيلاء على تلك الأراضي، فقد شكّلت كتابات الرحالة الإنجليز والهولنديين، وتتابعها منذ القرن 17 حتى ثلاثينيات القرن 19، محركاً أساسيّاً لهذا التدافع، ناحية الشمال والشرق من الكيب، ما يعني أنّ المعلومات عن اقتصاد المنطقة الشمالية والغربية كانت متوفّرة في كتابات هؤلاء الرحالة، وأنّ هجرة البوير التي تمّت في ثلاثينيات القرن 19 لم تكن لمناطق مجهولة كما يشيعون.
ثانياً: أثر الكشوف الجغرافية في استعمار إفريقيا:
يمكننا القول بأنّ الثورة الصناعية التي حدثت في بريطانيا في بداية القرن 19 كان لها تأثيرٌ كبيرٌ في حدوث اهتمامٍ غير مسبوق بإفريقيا، بوصفها مصدراً للمواد الخام، وسوقاً للتجارة في المنتجات، وفي هذا الإطار أرسلوا إلى إفريقيا رحالةً ومستكشفين، يسجّلون كلّ ما يرونه من نُظُم سياسيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعية، وتزايدت وتيرة المعلومات الأوروبية عن إفريقيا باضطراد إثر هذه الرحلات الكشفية المتتالية.
وإذا علمنا أنّ وزارة المستعمرات البريطانية كانت على رأس المستفيدين من تقاريرهم؛ لاتضحت لنا الفلسفة من وراء قيام تلك الحكومات بتمويل تلك الرحلات، وإذا عرفنا أنّ زيارات هؤلاء الرحالة لإفريقيا لم تكن قصيرة وسريعة، بل مكث بعضهم سنوات عدة، لأدركنا مدى اهتمام القوى الخفية التي كانت تقدّم لهم الرعاية والمؤونة.
فالرحلات الجغرافية جاءت في سياق اهتمام القوى الكبرى، وعلى الأخصّ البريطانية، والجمعيات الجغرافية الأوروبية بإفريقيا، لفتح السبيل أمام التجارة المشروعة؛ حيث عملت على كشف آلية التجارة الداخلية، وأهمّ السلع التي يتاجرون فيها، ومدى إمكانية إفريقيا لأنّ تصبح مجالاً للتصدير، وقدّمت العروض للحكام الإفريقيين بالتجارة مع بريطانيا، مثلما فعل كلابرتون ودنهام وأودني مع الشيخ محمد الأمين الكانمي، ومثلما فعلوا مع حكام سوكتو في شمال نيجيريا، ومثلما فعل كلابرتون في رحلته الثانية حينما عرض معاهدة صداقة على السلطان محمد بللو حاكم سوكتو؛ لتأمين الطريق لتسليم السلع التجارية حتى وصولها للمحيط الأطلسي.
هذا فضلاً عن الدَوْر الذي قام به القناصل وأبناء الجاليات الأوروبية في اختراق إفريقيا من جهة الشمال.
جهود الرحالة في صناعة الفارق المعلوماتي بينهم وبين الأفارقة:
كان الرحالة الأوروبيون يتميزون بالتوثيق وتدوين مشاهداتهم والروايات التي سمعوها، وكانت اليوميات جزءاً من برنامج الرحالة، لهذا شكّلوا في النصف الثاني من القرن التاسع قاعدة معلومات أوروبية عن إفريقيا، وأخذوا يجدّدونها كلّ بضعة سنوات، ولم يتجاوز الفاصل الزمني بين رحلةٍ وأخرى ثلاث سنوات أحياناً.
وأدّت مناقشات الجمعيات الجغرافية وعرض الصحافة الأوروبية للمعلومات الكشفية، التي أرسلها الرحالة في تقاريرهم، دَوْراً مهمّاً في جذب الحكومات والتجار الأوروبيين، واقتناعهم بضرورة السيطرة على إفريقيا.
وقد تنوعت وظائف الرحالة والمستكشفين الأوروبيين، فكان منهم الطبيب والمبشّر وعالم الطبيعة والجغرافي.. إلخ، وانعكس هذا التنوع في تكامل المعلومات والمهمات التي قاموا بها، وهو الأمر الذي جعل مرحلة الكشف الجغرافي تتحول برحلة ستانلي لوسط إفريقيا سنة 1873م إلى مرحلة الكشف السياسي، ليعمل بعدها لصالح الملك البلجيكي ليبولد في الكونغو، حيث نزل العديد من التجار الألمان والبلجيك للكونغو لاستكشاف خيراتها، وترتّب على ذلك تكوين «دولة الكونغو»، وانتقال التجارة من المحيط الهندي للمحيط الأطلسي، وانتقالها من يد العرب ليد البلجيك[3].
وكان لعودة الرحالة ستانلي عام 1877م من رحلته الاستوائية الشهيرة، وإعلان اكتشافاته في أعالي الكونغو، تأثيرٌ كبيرٌ على القارة الإفريقية، حيث أدى تسابق فرنسا وبلجيكا على الكونغو إلى جذب أنظار بقية الدول الأوروبية لإفريقيا، فسعى المستشار الألماني بسمارك إلى عقد مؤتمر في برلين لحلّ مشكلة الكونغو، فعُقد المؤتمر بالفعل فيما بين 15 نوفمبر 1884م إلى 26 فبراير 1885م، وحضره أربع عشرة دولة.
كانت تقارير الرحالة قد حملت أخبار التصارع بين الدول والجماعات الإفريقية خلال القرن التاسع عشر؛ كصراعات الماندنجو ضدّ التكرور، والأشانتي ضد الفانتي، والباجندا ضد البنيورو، والماشونا ضد الندبيلي، فكان من الطبيعي أن يستغلها الأوروبيون في السيطرة بسهولة على تلك الدول، الأمر الذي أدى لأن يتحالف الإفريقيون أنفسهم مع الأوروبيين بعضهم ضدّ الآخر! حيث تحالف الباجندا مع البريطانيين ضد البنيورو، وتحالف الباروتسي مع البريطانيين ضد الندبيلي، وتحالف البمبارا مع الفرنسيين ضد التكرور، وهو ما أدى إلى تقسيم إفريقيا بسهولة بين القوى الأوروبية، واحتلالها احتلالاً حقيقيّاً سنة 1900م.
ومن المؤكد أنّ الجمعيات التبشيرية والمبشِّرين قد نزلوا في إثر الرحالة مباشرة، فقاموا بدَوْرٍ مهمٍّ في التمهيد لقدوم الاستعمار في إفريقيا، إذ أنهم درسوا عادات الأفارقة ولغاتهم وتقاليدهم، وكتبوا عنها في الصحافة الأوروبية، يحثّون دولهم على القدوم نحو إفريقيا.
ولو أخذنا إنشاء (شركة البحيرات الإفريقية) في منطقة نياسلاند مثالاً؛ لوجدنا أنها تأسّست نتيجة المعلومات التي سجّلها ليفنجستون عن بحيرة نياسلاند في الفترة من (1859م – 1863م)؛ حيث صدرت له تعليمات من وزارة الخارجية البريطانية بإدخال التجارة المشروعة في الداخل، وأن يجمع المعلومات عن تجارة المنطقة وقبائلها، فأشار في تقاريره إلى إمكانية التوسّع الزراعي في مرتفعات نهر شيري، وأنه يمكن استخدام الهنود والبواخر التجارية عبر البحيرة.
ومن ثمّ جاءت إرسالية تبشيرية سنة 1861م للتنفيذ، لكنها لم تفلح، ثم جاءت إرسالية ثانية سنة 1875م، نتج عنها تأسيس (شركة ليفنجستونيا لوسط إفريقيا) سنة 1877م؛ تكريماً لاسم ليفنجستون، لتتولى إمداد المبشّرين والمستوطنين باحتياجاتهم، ولتستورد الأقمشة والخرز وتبيعه للإفريقيين مقابل العاج ومنتجات الداخل.
جهود الرحالة في خدمة الجانب الاقتصادي لأوروبا:
يمكن ملاحظة جهود الرحالة الأوروبيين لدولهم في أمور:
– توفير المعلومات عن المواد الأولية المهمّة التي تتطلبها الثورة الصناعية.
– كشف آلية التجارة الداخلية، وأهمّ السلع، ومدى إمكانية أن تصبح إفريقيا مجالاً للتصدير.
– توضيح عملية تشجيع المنتجين، وتكوين نواة من الطبقة الوسطى، ليكونوا وكلاء للشركات التجارية.
– إلقاء الضوء على مقاومة السياسات الاحتكارية.
– ارتياد المنطقة ومسحها وكشفها قبل بحث إمكانية التجارة معها.
– تقديم العروض للحكام الإفريقيين بالتجارة مع بريطانيا – كما سبق-.
– أنّ معلوماتهم كانت مقدّمة لولوج الشركات التجارية الأوروبية، وإرسال البعثات التجارية[4].
جهود الرحالة في خدمة الجانب السياسي للاستعمار:
أقرّ مؤتمر برلين (1884م – 1885م)، بوصفه أول مؤتمرٍ استعماريٍّ عُقد بين الدول الأوروبية المعنية بالاستعمار، الوضع القائم في إفريقيا، ونظّم ما بقي من أراضي القارة، ونظّم التجارة في حوض الكونغو، وأقرّ حرية الملاحة في النيجر، ووضع مبادئ عامّة لمنع الاصطدام بين القوى الاستعمارية.
غير أنّ هذا التوافق الأوروبي قد حدث بناءً على المعلومات التي وفرتها الكشوف الجغرافية عن الأماكن المقسّمة، فمَن الذي أحاط الأوروبيين علماً بجهل الزعماء المحليين الإفريقيين بالقراءة والكتابة، فاستغلوهم في توقيع اتفاقيات ومعاهدات تضع بلادهم تحت الحماية الاستعمارية دون وعيٍ بما يفعلون؟ بلا شك كان الرحالة والمستكشفون هم الذين وفّروا المعلومات حول هذا الأمر، بل ترتب على المؤتمر أن أرسلت كلّ دولة تجّارها وشركاءها وجواسيسها ليجوبوا إفريقيا، وليحصلوا على توقيع، أو بصمة الزعماء أو الرؤساء الأفارقة، على معاهدات الحماية، خلال السنوات الخمس عشرة التالية لعقد المؤتمر، ومن ثمّ تمّ تقسيم إفريقيا بين الدول الأوروبية، ورسم الحدود، وتعيين الفواصل السياسية بين حُكْم رجلٍ أبيض وحُكْم رجلٍ أبيض آخر.
ولم تستمر عملية الكشف الجغرافي بعد مؤتمر برلين طويلاً، حيث كان لا بد من وجود قوة أوروبية لاستغلال الموارد الإفريقية، وصارت القارة الإفريقية مستعمرةً من قِبل فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا والبرتغال، وحتى سنة 1879م كان الإفريقيون يحكمون 90% من القارة، ولكن بحلول عام 1900م تغيّر هذا الأمر تماماً!
واستوطنت عناصر أوروبية في بعض أجزاء إفريقيا، وبخاصّة تلك التي تشبه أوروبا من حيث الخصائص الجغرافية الطبيعية، كمنطقة الكيب وموزمبيق وكينيا وروديسيا الجنوبية والشمالية وجزر المغرب، وتمّ استغلال كثيرٍ من الموارد الإفريقية من قِبل الأوروبيين، حيث قامت صناعات بريطانية وفرنسية معتمدة على الخامات الإفريقية، وذلك بعد إدخال الزراعة العلمية الواسعة، والأساليب الحديثة للتنقيب عن المعادن.
بناءً على ما سبق؛ أعتقد أنّ كتابات الرحالة شكّلت بُعداً معرفيّاً مهمّاً، قدّموا من خلالها إفريقيا لأوروبا لقمةً سائغة، فسيطروا عليها بسهولة، وعلى هذا؛ فإنّ المعرفة التي امتلكها الأوروبيون، بفضل الرحالة، أصبحت قوةً جبارة تسعى لممارسة نفوذها.
وإذا كان الأفارقة لم يملكوا المعرفة في القرن 19 لكي يقاوموا بها الأوروبيين؛ فقد افتقدوا القوة الكافية لردّ المستعمرين؛ وبالرغم من أنّ المعاهدات والاتفاقيات التي حصل عليها الأوروبيون من الأفارقة لحظة الاستعمار لم تكن هناك قوة عسكرية أوروبية تحميها على أرض الواقع؛ فإنّ شبكة المعلومات التي وفّرها الرحّالة والمستكشفون هي التي صنعت تلك القوة ورسختها في أذهان الأفارقة.
ثالثاً: أسباب انطلاق الرحالة الأوروبيين من ناحيتي الشرق والشمال الإفريقيين:
أدرك القناصل الأوروبيون، والتجار المقيمون في مدن المرافئ، أنّ العرب همّ خزّان المعلومات الرئيس في مناطق الوسط الإفريقي وشرقه وغربه بلا منازع، وهو ما جعلهم يوجّهون الرحالة الأوروبيين للاستفادة من تلك الخبرة الواسعة، فطلبوا منهم الانضمام إلى القوافل في معظم الرحلات التي قاموا بها، وبذلك فإنّ جزءاً مهمّاً من معلوماتهم كانت مستمدة من معارف هؤلاء الذين رافقوهم، بل تفيض سجلات الجمعية الجغرافية الملكيةThe Royal Geographical Society بالمعلومات المهمّة عن دَوْر العرب في كشف وسط القارة[5]، ناهيك عن تأكيد سجلات الجمعية الجغرافية الأمريكية لهذا الدَوْر وتوضيحه[6]، بما يوحي بأنّ الكشوف لم تكن هدفاً في ذاتها بقدر ما كانت أداة لكشف الغموض الذي يحيط بآلية التجارة العربية في الداخل.
كان التجار العرب القادمون من زنجبار، أو من ساحل شرق إفريقيا أو من مرافئ البحر المتوسط أو من الواحات المنتشرة عبر الصحراء الكبرى، كانوا يَخْبِرون المناطق الداخلية ومسالكها، ويعرفون شعوبها وقبائلها ومواردها ومنتجاتها، ويرتادون أسواقها منذ قرونٍ طويلة، وكثيرٌ منهم يتكلمون لغاتها، وكان للتجار الأغنياء منهم وكلاء في مدن الأسواق الرئيسة، وكانوا على صلةٍ مباشرةٍ مع حكّامها، ولهم ممثلوهم في مجالس الحكم.
ونستطيع أن نقول بأنّ اختيار الرحالة للمناطق الشمالية والشرقية للانطلاق منها نحو الداخل الإفريقي لم يكن عشوائيّاً، فالتجربة العملية، وحديث الرحالة المستمر عن دَوْر العرب، يُثبت أنّ العرب كانوا هم المصدر الوحيد للمعلومات عن المناطق الإفريقية غير المكتشفة، من جهتها الشمالية والشرقية، بل قدّموا خطابات الأمان والتوصية، وعبر الهيمنة الاقتصادية والسياسية؛ تحكّموا في دخول الأجانب إلى شرق إفريقيا ووسطها وخروجهم منها.
ولعلّ رواية جانب من المعلومات التي حصل عليها الأوروبيون من العرب تلخّص بقية جوانبها، فحينما وصل بيرتون وسبيك لشرق إفريقيا حصلا على خطابات من سلطان زنجبار لعرب الداخل، كان لها أثرها في الترحيب بهما في طابورة (على بعد 600 ميل من الساحل)، وهناك حصلا على معلومات تفيد بوجود ثلاث بحيرات، ناهيك عن إرشادهما على الطرق والمسالك[7]، وأنّ تلك البحيرات كان العرب يسمّونها بحراً أو محيطاً، ولولا المساعدات التي قدّمها عرب أوجيجي في فبراير 1858م لمَا تمكّنَا من الدوران حول بحيرة تنجانيقا بالمراكب العربية، هذا بالإضافة إلى أنّ المعلومات التي سمعوها من عرب الأونيانيمبي قد شجّعت سبيك على مواصلة رحلته بعد مرض برتون، للوصول إلى بحيرة فيكتوريا شمالاً[8]، وهذا مما يؤكد أنّ العرب كانوا هم المصدر الوحيد للمعلومات.
وما يؤكد الدَوْر الذي قام به العرب، في تقديم المعلومات لكلّ الرحالة، أنهم كانوا دليلاً لليفنجستون في كلّ الأماكن التي طاف بها[9]، بل دلّت مضابط البرلمان البريطاني على وجود اتفاق بين بريطانيا وسلطان زنجبار سنة 1863م بشأن تقديم العرب لكلّ الخدمات والمساعدات للرحالة داخل إفريقيا[10]، كما أكدت أنّ بريطانيا لم يكن لها أي نفوذٍ سياسيٍّ في الداخل، ويظهر هذا من خلال خطاب اللورد دربي للمستكشف ستانلي سنة 1875م، يبلغه بأنه لا توجد أي سلطة للعَلَم البريطاني يمكن أن تحميه من هجوم القبائل المحلية في منطقة بحيرة فيكتوريا إلا سلطة العرب[11]، ما يوضح أهمية العرب في حماية هؤلاء الرحالة.
رابعاً: أثر الكشوف في ضرب العلاقات العربية الإفريقية:
لم يكشف الرحالة الأوروبيون عن وجههم التبشيري في بادئ الأمر، لكن بعد أن قويت شوكتهم بدؤوا في تأليب العناصر الإفريقية ضدّ الإسلام والعروبة، مثلما حدث في أوغندا وجنوب السودان ونيجيريا وكينيا.
وأدى مجيء الاستعمار الأوروبي، الذي مهّدت له الكشوف الجغرافية، إلى قطع جسور التواصل بين العرب والأفارقة، وإذا أخذنا مثالاً من الشمال الإفريقي لما فعله هؤلاء الرحالة من ضربٍ لتلك العلاقات، سنختار نموذج البعثة الإنجليزية لكشف بحيرة تشاد وما حولها، في الفترة (1822م – 1824م)، بدأت قصة هؤلاء الرحالة حين تدخّل وارينجتون (القنصل البريطاني في طرابلس) لدى الباشا يوسف القرامانلي؛ لتسهيل أمر الرحالة الإنجليز إلى المناطق المحيطة ببحيرة تشاد التي يحكمها الشيخ محمد الكانمي، فنظمت رحلة استكشافية يرأسها الملازم كلابرتون، والدكتور أودني، من سلاح البحرية، ودنهام، في مارس 1822م، وربما كان الاستقبال الحاشد من قِبل الشيخ الكانمي لهؤلاء الرحالة؛ لا يعكس الاهتمام بتزكية الباشا لهم فقط، بل يعكس رغبةً في توطيد صلته بهؤلاء القادمين.
وبرغم كلّ هذا الكرم الذي لقيه الرحالة من الشيخ والباشا؛ فإنهم مارسوا لعبة التفرقة بين الرجلَيْن، وسعوا إلى ربط الشيخ بهم، وإبعاده عن الباشا، فخلال الفترة (1823م – 1824م) بحث الميجور دنهام إقامة علاقات تجارية بين برنو وإنجلترا، غير أنّ الشيخ الكانمي أبدى تحفظه ضدّ أي نفوذٍ أجنبيٍّ في بلاده؛ خشية التغلغل الاقتصادي للشركات الأجنبية، وما يتبعه من تغلغلٍ سياسيٍّ لإنجلترا، ولعلّ خطابه لملك إنجلترا، في أغسطس 1824م، طالباً منه المدافع والأسلحة والبارود،… وغيرها، يشي بالمخاوف التي انتابت الكانمي من باشا طرابلس خشية انتقامه نتيجة توطيده للعلاقة مع الإنجليز. بل إنّ الهدايا التي أرسلها الشيخ في 11 أغسطس 1823م للملك جورج الرابع، وإلى قنصل بريطانيا في طرابلس، دون أن يرسل للباشا شيئاً، قائلاً للرحالة دنهام: بأنّ «كلّ شيءٍ سنحمله معك للملك العظيم»، يعكس سرعة فَهْم الشيخ الكانمي لموازين القوى الدولية، ما يشير إلى نهاية النفوذ الطرابلسي داخل دولة برنو.
والأمر نفسه ينطبق على خطاب محمد بللو حاكم سوكتو، في شمال نيجيريا، إلى الملك جورج الرابع، فهذا الخطاب يعكس الصيغة نفسها التي استخدمها الشيخ الكانمي من قبل، لكن في استخدام موانئ المحيط الأطلنطي في التجارة بين البلدَيْن[12].
وبهذا لم يتمّ ضرب العلاقات العربية الإفريقية فقط، بل كانت هذه الممارسات مقدّمة لتحويل التجارة عن الشمال العربي للمحيط الأطلسي.
أما فيما يتعلق بالشرق والوسط الإفريقيين، فنعلم أنّ عملية الكشوف الأوروبية للأنهار العظمى الثلاث عبر منطقة البحيرات الإفريقية الكبرى قد تمّت خلال الفترة (1857م – 1876م)، وفي هذه الفترة كان العرب متحكّمين تقريباً في كلّ الأبنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية في تلك المناطق، ومثلما حدث في الشمال من ضربٍ للعلاقات العربية الإفريقية، حدث أيضاً في الشرق والوسط الإفريقيين.
وفي سياق فَهْم الواقع الإفريقي لضرب للعلاقات بين العرب والأفارقة؛ قدّم الرحالة والمستكشفون الأوروبيون صورةً متكاملةً عن بداية الحكم العربي وامتداده في أعالي الكونغو، حيث تحدّث ليفنجستون عن مصدر ثراء العرب سنة 1868م[13]، وتحدث الرحالة كميرون سنة 1873م عن سيطرة التجار العرب على نحاس كاتنجا[14]، وتحدّثوا عبر خطابات ليفنجستون لروبرت موفات Robert Movat في الفترة (1853م – 1855م) عن مقابلتهم لتجار من العرب في أرض الميتابيلي (تقع في روديسيا الجنوبية)، وأنّهم يتاجرون مع البرتغاليين ومع الأهالي، وأنهم خاضعون لإمام مسقط[15]، بالإضافة لإيرادهم لنصوصٍ بالعربية تشير إلى توغّل العرب في جنوب غرب بحيرة نياسلاند، وحديثهم عن إجادة بعض التجار العرب التحدّث باللغة البرتغالية.
ومن ناحية أخرى، في سياق ضرب العلاقات العربية الإفريقية؛ ركّز بعض الرحالة على دَوْر العرب في تجارة الرقيق، وكان التركيز في هذه القضية هو السّمة الغالبة على حديثهم[16]، مع نسيان دَوْر الأوروبيين في تجارة الرقيق الأطلسية! مما كان له الأثر الكبير في زيادة التحريض ضدّ العرب حتى الآن، والضرب في صميم العلاقات التاريخية بين الطرفَيْن، ومن ثمّ؛ فإنّ كتابات الرحالة ومؤلفاتهم، تحتاج منّا إلى دراية بالظروف التي كُتبت فيها، وبالهدف من ورائها، لتفنيد مزاعمها.
وإذا كان تقليد أهل أوغندا للعرب في ملبسهم وعاداتهم، وحديث ستانلي سنة 1887م عن قوّة المعسكرات والقرى العربية، واندهاشه بكيفية سيطرتهم وحكمهم للمنطقة غرب بحيرة تنجانيقا، وإعجابه بتجارتهم ومعاملاتهم مع المنطقة الشمالية لها[17]، وحديثه عن قوة قادتهم، فإنّ هذا يتناقض تماماً مع النهاية الدرامية التي حلّت بهم في تلك المنطقة، فما قام به الرحالة الأوروبيون من إحداث وقيعة بين العرب والأفارقة؛ تسبّب في إشعال فتيل الحرب بين عرب الأونيانيمبي والأفارقة سنة 1872م، بما جعل عرب الكونغو غير قادرين على عبور المنطقة للساحل الشرقي[18]، حيث استمرت هذه الحرب مشتعلة بين الطرفَيْن بفعل البريطانيين طيلة الفترة (1871م – 1875م).
ناهيك عن الدَوْر الذي مارسه الرحالة في التفريق بين العرب وبين طبقة الوانجوانا الإفريقية التي كوّنها العرب أنفسهم في الأماكن التي سيطروا عليها بشرق إفريقيا ووسطها، فحينما حلّ المستعمرون الأوروبيون تقرّبوا من تلك الطبقة، وأدخلوا النفور والشقاق بينها وبين العرب، فكانت النتيجة أن انضموا للمستعمرين الأوروبيين، وحدثت القطيعة مع العرب، بشكلٍ أدى إلى خروج العرب من غالبية المناطق التي سيطروا عليها في الداخل، وعودتهم مرة أخرى إلى الساحل.
خامساً: آثار الكشوف الجغرافية في الحياة الإفريقية المعاصرة:
لم تكن كلّ آثار الكشوف سلبية، حيث ترتب عليها عدة آثار إيجابية، منها:
– تغيير طبيعة بعض المجتمعات الإفريقية، متأثرة بنمط الحضارة المدنية الأوروبية، كما في نيجيريا والكنغو برازافيل.
– أفادت إفريقيا من التقنيات الطبية الأوروبية في علاج بعض الأمراض.
– دخول منظومة السكك الحديدية، وتطوير منظومة النقل، لكن بما يخدم مصالح الأوروبيين حتى الآن، فما زالت معظم الخطوط الجوية الإفريقية- مثلاً- متصلة بأوروبا أكثر من اتصالها بالخطوط البينية الإفريقية.
أما آثار الكشوف الجغرافية الأوروبية السلبية؛ فسنجدها تركزت في:
– ساحل الأطلنطي غير الصالح لسكنى الأوروبيين تحكّمت فيه الشركات الأوروبية عبر المحطات التجارية بعد توصية الرحالة بذلك، في حين اعتمد الأوروبيون في الشمال الإفريقي على جالياتهم، وبفضل علاقة تلك الجاليات بالرحالة تحوّلت مسارات التجارة من الصحراء الكبرى إلى المحيط الأطلنطي.
– لم تتوقف عمليات التوسع والسيطرة الاستعمارية إلا بعد إكمال السيطرة على أغلب أجزاء إفريقيا، ومن ثمّ تقسيمها إلى كيانات قزمية بين الدول الاستعمارية، ولا تزال القارة تعيش في ظلها إلى اليوم, في أكبر عدد من الوحدات السياسية تضمّه قارةٌ واحدةٌ في العالم، ونتيجة لهذا دخلت الكيانات الإفريقية في صراعٍ مستمّرٍ بعد الاستقلال, وحروبٍ مدمّرة، وذلك من نتاج التقسيم الذي لم يراع توزيعات الأعراق والأديان والقبائل والعشائر، والحاجات الاقتصادية والمواد الأولية.
– بقاء بعض العناصر الاستيطانية الأوروبية على حالها إلى اليوم في بعض أجزاء إفريقيا.
– استمرار السيطرة الاقتصادية غير المباشرة على القارة.
– اضطرت إفريقيا بعد رحيل المستعمرين الأوروبيين إلى فرض مبدأ قدسية الحدود القائمة، ذلك المبدأ الذي صكته منظمة الوحدة الإفريقية مع نشأتها سنة 1963م، وذلك خشية انقسام إفريقيا وتمزيقها بأيدي أبنائها إلى مئات الوحدات والدول.
– انشغال الدول الإفريقية حتى تسعينيات القرن العشرين بتقديم المساعدات للشعوب الإفريقية التي لم تحصل على استقلالها بعد.
– استمرار المنظمات الإفريقية في المطالبة بعودة أرخبيل الجزر الذي يقع في المحيط الأطلسي للحضن الإفريقي، والذي ما يزال مملوكاً لإسبانيا منذ القرن الخامس عشر.
– استمرار مطالبة منظمة الوحدة الإفريقية باستعادة الجزر الأربع والعشرين المحيطة بإفريقيا من أيدي الدول الأوروبية المستعمرة.
– استمرار انقسام الدول الإفريقية ما بين دولٍ فرانكفونية وأنجلوفونية، وإخفاق كلّ أطروحات الوحدة الإفريقية، وعدم اكتمالها.
النتائج:
– أنّ المعرفة قوة، وأنّ مَن يملك القوة يستطيع السيطرة والنفاذ، ولهذا شكّلت كتابات الرحالة الأوروبيين عن إفريقيا فارقاً معرفيّاً مهمّاً، أدى لسيطرة القوى الأوروبية حتى اليوم.
– أنّ نتائج الكشوف السلبية كانت أكثر بكثير من نتائجها الإيجابية.
– أنّ جذور التخلّف في إفريقيا تعود في أجزاء كثيرةٍ منها إلى العصر الاستعماري، وأنّ شبكة المعلومات التي أتاحها الرحالة هي التي كوّنت الأساس الذي رسّخ قواعد هذا التخلف بطريقة مستمرة.
– استمرار الدول الأوروبية في التحكّم في أجندة العلاقات العربية الإفريقية حتى اليوم.
……………………………………..
* أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر – معهد البحوث والدراسات الإفريقية / جامعة القاهرة.
[1] عماد الدين غانم: الرحالون الأوروبيون إلى إفريقيا ومرشدوهم الليبيون.. محمد القطروني نموذجاً، المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية، 2010، ص 3.
[2] أحمد عبد الدايم محمد حسين: الاقتصاد الإفريقي في كتابات الرحالة الأوروبيين في القرن 19، مجلة قراءات إفريقية، العدد 21، يوليو – سبتمبر 2014م، ص 10.
[3] سيدني لانجوفورد هايند: سقوط عرب الكونغو، ترجمة أحمد العبيدلي، هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، ط1، الإمارات العربية المتحدة، 2010م، ص (13 ، 18).
[4] أحمد عبد الدايم: الاقتصاد الإفريقي..، مرجع سابق، ص (18 ، 19).
[5] Bridges R.C.: The R.G.S. and The African Exploration Fund 1876-1880, The Geographical Journal, Vol. 129 . No, 1. Mar.1963, PP. (25-33).
[6] Daly P. Charles: Daved Livingstone: Rrport of The Reception Tenderd by The American Geographical Society to Henery M. Stanly,Esq., on His Return From Central Africa, Journal of The American Geographical Society of New York, Vol. 4, 1873, PP. (453-468).
[7] Sir Pircy Sykes: A History of Exploration ‘From Earliest Times to the Present Day’, Second Edition George Routledge &Sons, London, 1935, PP. (228-230).
[8] Burton R.E.,J.H.Speke: Exploration in Eastern Africa, Proceeding of the Royal Geographical Society of London, Vol.3, No.6, (1858-1859), PP. (351,352).
[9] Russel A.J. : The Livingstone’s Nile, What is it? and Relief Expedition, Journal of The American Geographical Society of New York, Vol. 6, 1874, PP. (298 , 301).
[10] Outrage at Zanzibar, Parliamentary Debates, 3rd Series, Vol. CLXXL,From 29May.1863. To 30June. 1863, Published by Cornelius Buck, London, 1863, P. 977.
[11] African Exploration- Mr.Stanly.Question, Hansard’s Parliamentary Debates, 3rd Series, Vol. 234 ,17 Apr. 1877 To 18 June 1877, Published by Cornelius Buck, London, 1877, P. 1103.
[12] أحمد عبد الدايم: علاقة الشيخ الكانمي بالباشا يوسف القرمانلي (1814م – 1832م).. نموذج لكتابات الرحالة الأجانب عن إفريقيا، بحث منشور في أعمال المؤتمر الدولي: “التراث الحضاري بين تحديات الحاضر وآفاق المستقبل، 24-26 نوفمبر 2012م”، مجلد 6، كلية الآداب، جامعة إلمنيا، مصر، صفحات متفرقة.
[13] Garden Blaikie W, D.D.,LID: The Life of David Livingstone, Chiefly From His Unpublished Journal and Crrespodence in The Possission of His Family, Fleming H.Revel Company. New York, 1880, PP. (403, 405, 425-428, 431).
[14] Cameron, Lovett V, W.F..Prideaux: The Livingstone East Coast Aid Expedition: News of the Death of Dr. Livingstone , Proceeding of the Royal Geographical Society of London, Vol. 18, No.3 (1873-1874) PP. (176-181).
[15] Schapera (editor): David Livingstone, Family Letters 1841-1856, Volume Two 1849-1856, Chatto and Windus, London, 1959, PP.) 214, 221, 222, 225, 231, 260, 265(.
[16] Foskekt R..: The Zambesi Doctors, David Livingstone’s Letters to John Kirk 1858 : 1872, Volume Two, Edinburgh, Universty Press,1964, PP. (74 ,75).
[17] Stanly M.Henery: In Darkest Africa, Quest Risqué and Retreat of Emin Governor of Equatoria, Sampson Low, Marston and Company Limited, London, 1897, PP. (160-165).
[18] Dr. Livingstone: News of His Safety, Proceeding of the Royal Geographical Society of London, Vol. 16, No.5, (1871-1872), PP. (385-387).