قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك خلال كلمة ألقتها بمعهد غوته في العاصمة السنغالية دكار إن هناك أنظمة تسعى على نحو متزايد إلى السيطرة والنفوذ، وذلك في إشارة إلى موسكو وبكين. وأردفت أن هذه الأنظمة تحاول “في هذا السياق استغلال الجراح التي خلفتها أوروبا في العالم، وخصوصا هنا في إفريقيا”.
ورأت السياسية التي تنتمي، لحزب الخضر، أنه أمر غريب أن تفعل روسيا ذلك بينما “تشن في الوقت نفسه حرباً إمبريالية، لكننا يجب علينا في ألمانيا، كجزء من الغرب، أن نتساءل حتى لو كان ذلك من وجهة نظرنا غير عادل: ما سبب تعطل التواصل؟” مشيرة إلى ضرورة التعامل مع التصور السائد في العديد من الدول (الإفريقية) بأن أوروبا تسعى حتى اليوم إلى خلق التبعية بدلاً من المشاركة. وشددت على ضرورة تقديم عروض للتعاون يستفيد منها كلا الجانبين.
وخلال زيارتها الحالية للسنغال، قالت بيربوك إن “الأمن هنا في المنطقة، والفرص المستقبلية لهذه المنطقة، مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بأمننا وتطورنا”، وأردفت السياسية أن “المشكلات والتحديات في المنطقة، مثل الإرهاب والهجرة والجريمة المنظمة والفقر، تؤثر علينا بشكل مباشر في أوروبا”.
وفي أعقاب محادثاتها مع نظيرتها السنغالية ياسين فال، قالت بيربوك إنه لا ينبغي العيش في الوهم فيما يتعلق بالحالة غير المستقرة في منطقة الساحل، لافتة إلى أن “الانقلابيين” في مالي والنيجر وبوركينا فاسو “أعادوا بلدانهم إلى الوراء اقتصادياً وسياسياً وكذا فيما يتعلق بالعلاقات مع ألمانيا. لا يمكننا ببساطة المضي قدما كما لو أنه لم يحدث شيء”.
والتقت بيربوك بالرئيس السنغالي المنتخب حديثاً باسيرو ديوماي فاي الذي يعتبره الغرب شخصية محورية في محاولات الاستقرار في المنطقة. وبالتزامن مع زيارة بيربوك، تنظم وزيرة التنمية الألمانية سفنيا شولتسه اجتماعاً لما يسمى بـ “تحالف الساحل” في برلين، وهو تجمع للجهات المانحة يهدف إلى دعم الدول في المنطقة. وتعد ألمانيا، التي تتولى حالياً رئاسة التحالف، رابع أكبر جهة مانحة بعد البنك الدولي، وفرنسا، والاتحاد الأوروبي.
يذكر أن بيربوك بدأت أمس الاثنين جولة في غرب إفريقيا تستغرق يومين وتشمل زيارة السنغال وساحل العاج، وهما من الدول الشريكة لأوروبا في المنطقة. وتأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه المنطقة انقسامات محتملة حيث تتوجه الدول الداخلية في منطقة الساحل الإفريقي مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر على نحو متزايد إلى التعاون مع روسيا والابتعاد عن أوروبا.
وتتنافس دول مثل الصين وروسيا، وكذلك تركيا ودول خليجية على إيجاد فرص لتعزيز مكانتها كشركاء اقتصاديين وأمنيين في المنطقة. وتعد السنغال البالغ عدد سكانها زهاء 18 مليون نسمة، واحدة من أكثر النظم الديمقراطية استقراراً في إفريقيا حيث لم يشهد هذا البلد أي صراع عنيف منذ استقلاله عن فرنسا في عام 1960.