يلاحظ المتابع للتحولات الكبرى في إفريقيا، منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، أنّ المناظرة حول الديمقراطية والتعددية باتت تشكّل واحدةً من أكثر المسائل الصعبة والمثيرة للجدل، ليس فقط داخل إفريقيا، ولكن في كلّ المحافل الإقليمية والدولية المعنية بالشأن الإفريقي.
وطبقاً للبيانات المتاحة؛ فإنّ الفترة من يناير 2015م حتى ديسمبر 2016م سوف تشهد أكثر من 35 منافسة انتخابية، سواء على المستوى الرئاسي أو التشريعي، في معظم أنحاء إفريقيا، فهل يعني ذلك أنّ إفريقيا باتت أكثر ديمقراطية عمّا قبل؟ وهل يعني مجرد إجراء الانتخابات في بلدٍ ما ضمان التحول إلى الاستقرار والتعددية التنافسية بشكلٍ مؤسسيّ؟ ولماذا تقبع العديد من البلدان الإفريقية في المنطقة الرمادية الكائنة بين الديمقراطية والاستبداد؟ ولعل السؤال الأهم هنا يتمثل في مدى إمكانية تصميم بناءٍ ديمقراطيٍّ يلائم بشكلٍ أفضل الواقع الإفريقي؟
ولا تزال الأدبيات المعاصرة تتعامل مع هذه التساؤلات المشروعة انطلاقاً من قناعات أيديولوجيةٍ وفكريةٍ متباينةٍ، وهو ما يعني أننا أمام إجابات مختلفة عن هذه الأسئلة.
وتسعى هذه الدراسة المختصرة إلى التعرف على حالة التحول الديمقراطي في إفريقيا بعد مرور نحو ثلاثة عقود من بداية الربيع الإفريقي.
أولاً: المناظرة حول الديمقراطية في الفكر السياسي الإفريقي:
يمكن القول بأنّ المناظرة الإفريقية حول الديمقراطية، والتي انشغل بها الفكر السياسي الإفريقي منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، قد عبّرت عن اتجاهاتٍ أساسيةٍ ثلاثة، وإن اتفقت جميعها على رفض: (دولة الحزب الواحد) ونمط ديمقراطيته التي أثبتت عجزاً وفشلاً واضحاً.
ومن الواضح كذلك أنّ هذه المناظرة الإفريقية قد تأثرت بالتحولات الفكرية العَوْلمية، ونقل الاهتمام من التركيز على «الدولة» باعتبارها فاعلاًَ مركزيّاً؛ إلى الاهتمام بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية، أي التركيز على منظور «المجتمع»، ويمكن أن نشير إلى كتابات الفرنسي «جان فرانسوا بايار» التي أثّرت تأثيراً لا يُنكَر على توجهات الفكر السياسي الإفريقي منذ أزمات التنمية المستعصية في عقد الثمانينيات (1) ، أضف إلى ذلك تنامي الاهتمام بدراسة المجتمع المدني ودوره في تحقيق التحول الديمقراطي، فقد اتجه الفكر لمناقشة دور الاتحادات النقابية والعالمية ومنظمات الشباب، والدور الذي يمكن أن تقوم به في تحقيق التحول الديمقراطي الإفريقي.
1 – سجال الليبرالية الجديدة:
يبدو أنّ هذا السجال الإفريقي قد تأثر بالتحولات الدولية في حقبة ما بعد الحرب الباردة، وفرض نموذج «توافق واشنطن» بمشروطيته السياسية التي ربطت بين الديمقراطية وتبنّي سياسات التعدد الحزبي والانتخابات الحرّة.
ولعل الأطروحة الرئيسة التي يتبنّاها هذا الاتجاه انطلاقاً من فشل دولة الحزب الواحد هي: أنّ قيام المؤسسات السياسية الديمقراطية هو أمرٌ لازمٌ لإحداث التحول الديمقراطي في إفريقيا؛ نظراً لأنّ هذا النظام قد أثبت نجاحه في الغرب، وتكمن الدلالة الرمزية في هذا السجال الفكري في صندوق الانتخابات؛ حيث يُنظر إليه بوصفه جوهر النموذج الليبرالي الجديد (2).
وقد هيمن توجه التعدد الحزبي على وثائق المؤسسات الدولية والمنظمات الدولية غير الحكومية المعنية في إفريقيا.
2 – سجال التقليدية الجديدة:
اتجه عددٌ من المنظّرين والمفكرين الأفارقة إلى رفض نموذج «الأغلبية» الذي تفرضه الليبرالية الجديدة؛ باعتباره متعارضاً مع التقاليد الثقافية الإفريقية التي تقوم على «اتفاق الرأي»، وهنا نجد العودة إلى تقاليد اجتماعات الشجرة على المستوى القروي والقبلي، والتي اتخذت أسماء عديدة، مثل: (الأوجاما، والبونجي، والكجوتلا) (3).
ويلاحظ أنّ قضية التمثيل السياسي تختلف في نمط «اتفاق الرأي» عن «النمط الليبرالي»، فالنمط الأخير يفترض اتفاقاً على قواعد اللعبة أولاً، أي أنّ الاتفاق على السياسات الديمقراطية يمثّل – ولو بطريقة غير مباشرة – مصدراً لشرعية القرار؛ حتى بالنسبة لهؤلاء الذين عارضوه، أما في نمط «اتفاق الرأي» فإنّ الأمر جدّ مختلف؛ لأنّ المفهوم الديمقراطي يعني توافق الآراء على القرار نفسه.
وينظر التقليديون الجدد في إفريقيا إلى محدودية نطاق الديمقراطية الليبرالية؛ حيث يُحاط الشأن الخاص والديني بسياجٍ منيعٍ يصعب اختراقه، كما أنه لا يراعي الخصوصيات الحضارية للشعوب حينما يعبّر عن فهمه وتحديده لمفهوم الديمقراطية وقواعد ممارستها، وعلى النقيض من ذلك تماماً فإنّ نموذج «اتفاق الرأي» يتّسع ليشمل كلّ ما يتعلق بالصالح العام للجماعة؛ مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الواقع الإفريقي.
3 – سجال الديمقراطية الشعبوية:
يعبّر هذا السجال الإفريقي عن قراءة راديكالية لاختلافات النظام الدولي القائم؛ بحسبان أنّ النظام الاقتصادي هو المحدّد الأساسي للنُّظُم السياسية والاقتصادية، وعليه: فلا جدوى من الحديث عن التحول الديمقراطي دون إحداث إصلاحات جذرية في بنية النظام الدولي، وهنا تأتي أطروحات «سمير أمين» (المنطلقة من حقل الاقتصاد السياسي) لتقدّم حلولاً جذرية من خلال فكّ الارتباط مع النظام الرأسمالي.
ويرى «أمين» أنّ حركات النضال الشعبي في دول الجنوب معادية للإمبريالية، فضلاً عن كونها لا تقوم على أساس الانتماءات الأولية: (دينية، أو طائفية، أو قبلية)، ولعله هنا يعيد تأكيد المفهوم الماركسي القائل بأنّ «الطبقة العاملة هي المعامل الموضوعي لقيام الثورة».
وينتمي «محمود ممداني» إلى هذا السجال كذلك، حيث يدعو إلى تبنّي منظورٍ تنمويٍّ جديدٍ يخالف المنظور: «الفوقي الدولاتي»، لقد أراد الانتقال من الدول إلى ما أسماه: «المنطق الاجتماعي»، حيث يرى أنّ «المنطق الاجتماعي» يأخذ بعين الاعتبار كلّ العوامل غير الموضوعية ومختلف أشكال التنظيمات التي عبّرت عنها الحركات الشعبية في إفريقيا.
وفي تحليله للحالة الأوغندية يُظهر «ممداني» (4) تناقضاً واضحاً بين «الدولة الوطنية» ونموذج «الحركات الاجتماعية الشعبية».
وعلى أية حال؛ فإنّ نموذج «النضال الشعبي» هنا يقوم على عاملين رئيسين، هما: الدولة، والقوى الشعبية التي تمثلها جماهير الطبقة الوسطى.
ثانياً: جدلية العلاقة بين الديمقراطية وتعزيز السّلْم المجتمعي:
من المفيد حقاً – لفهم تحولات الحالة الديمقراطية في إفريقيا – النظر إليها من خلال رؤية تاريخية؛ كما فعل «نيك تشيزمان» في كتابه: (الديمقراطية في إفريقيا النجاحات والإخفاقات…) الصادر عن دار نشر جامعة كامبردج عام 2015 (5)، يطرح الكتاب رؤية متكاملة للعودة إلى خبرة أعوام ما بعد الاستقلال، وتأثيرها في صياغة أنماط الأنظمة السياسية التي نراها اليوم.
ولعلّ ما يميز ظاهرة التحول الديمقراطي في إفريقيا أنها في تصاعدٍ مستمرٍّ منذ عام 1990م، وإن كان ذلك على المستوى الإجرائي (وجود تعددية حزبية من الناحية القانونية – إجراء انتخابات دورية…)؛ برغم التحديات الجسيمة التي تواجهها.
وقد حاجَّ بعض الدارسين بضرورة بناء ديمقراطية انتخابية في إفريقيا؛ بقطع النظر عن مدى قوة التحولات المؤسسية المصاحبة لها، ولعل «ستفان ليندبرج» يعدّّ من أبرز المدافعين عن هذا الاتجاه؛ حيث يشير إلى ما أسماه «التحول الديمقراطي عن طريق الانتخابات» (6)، ومع ذلك؛ فإنّ خبرة العقود الماضية تظهر أنّ هذا الاتجاه الفكري – الذي عوّل على مجرد إجراء الانتخابات وكفى – كان مغرقاً في نزعته التفاؤلية.
لقد كانت إفريقيا – التي احتفلت بقدومها الأول في ساحة العلاقات الدولية بعد الاستقلال في ستينيات القرن الماضي – ضمن آخر مَن التحق بركب الموجة الثالثة من التحول الديمقراطي، ففي مرحلة ما بعد الاستقلال الأولى كانت قلة من الدول الإفريقية، مثل: (موريشيوس، وبوتسوانا)، هي التي تشهد انتخابات تعددية، ومع ذلك؛ فإنّ القدوم الثاني لإفريقيا على الصعيد الدولي بعد نهاية الحرب الباردة شهد تبنّي نمط الانتخابات التعددية في معظم الدول الإفريقية؛ باستثناءات محدودة، مثل: (إريتريا، والصومال، وليبيا خلال عهد الراحل معمر القذافي).
ولم يكن خافياً أنّ عالم ما بعد الحرب الباردة، وتغيّر أجندة الدول المانحة لصالح دعم قيم الليبرالية ومبادئ الاقتصاد الحرّ، قد فرضت على كثيرٍ من الدول الإفريقية ضرورة الانصياع لقواعد المشروطية السياسية الجديدة من قِبل الدول والهيئات المانحة، كما أنّ أعمال الاحتجاجات الشعبية، وتصاعد قوّة المجتمع المدني، فضلاً عن غضب الشرائح العمالية والشبابية، قد أسهمت بدورها في تآكل مصادر مشروعية نُظم الحكم الأوتقراطية المستبّدة في الواقع الإفريقي.
وقد شهدت الفترة من 1989م حتى 1997م انتخاباتٍ تعدديةً في نحو 75% من إجمالي الدول الإفريقية (7)، وإذا كانت كثيرٌ من هذه الدول تشهد وجود نظمٍ ديمقراطيةٍ – من حيث المسمّى فقط؛ في حين تستبطن في حقيقة أمرها ملامح النُّظُم الأوتقراطية المهجّنة – فإنّ بعض الدول مع ذلك حققت تقدّماً كبيراً نحو إنشاء نُظُم التعددية الحزبية المستقرة والقابلة للمساءلة، وهي أكبر مما نتوقع: فما يقرب من ربع الدول الإفريقية الآن يمكن تصنيفها طبقاً لقواعد التحول الديمقراطي المستقر، ولعل من أبرزها: (بنين، وبوتسوانا، والرأس الأخضر، وغانا، وموريشيوس، وناميبيا، والسنغال، وجنوب إفريقيا).
وعليه: لا ينبغي لأحد ترسيخ الاعتقاد بأنّ إفريقيا بيئةٌ خصبةٌ لحكم الطغيان، عوضاً عن ذلك: فإنّ تعدّد الخبرات والسياقات في الواقع الإفريقي تؤكد وجود مسارات مختلفة، يمكن من خلالها للدول الأكثر فقراً وهشاشة أنّ تتحرر من الحكم الاستبدادي.
الانتخابات وأنماط التحول الديمقراطي:
يطرح سعيد أديجومبي (8) أربعة أنماط تفسّر لنا التحول الديمقراطي في إفريقيا منذ تسعينيات القرن الماضي، وذلك على النحو الآتي (9) :
النمط الأول: مجتمعٍ مدنيٍ قويٍّ ومنظمٍ، يخوض معركة التغيير ضد النظام الحاكم، فتستجيب النخبة الحاكمة.
نتيجة هذه الحالة: أنّ الانتخابات أضحت وسيلة مهمّة للإطاحة بالنظام الحاكم، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك: (بنين، وزامبيا، وملاوي، والرأس الأخضر).
النمط الثاني: يقود المجتمع المدني إجراءات التغيير، بيد أنّ النظام الحاكم يقوم باختطاف نتائج عملية الانتقال الديمقراطي.
وفي هذه الحالة: تظلّ إجراءات القمع السياسي كما هي، ومن أبرز الأمثلة: (توجو، والجابون).
النمط الثالث: تأخذ الدولة على عاتقها زمام المبادرة للتغيير السياسي، وهو ما يُطلق عليه نمط: «الديمقراطية الموجهة»، ويقوم النظام الحاكم بإدارة العملية الانتخابية بما يحافظ على مصالحه.
ومن أبرز الأمثلة: (الكاميرون، والجزائر، وغامبيا).
النمط الرابع: يشير إلى الانتقال السياسي الذي يفضي إلى الصراع المفتوح والحرب الأهلية، ولعل أمثلة هذا النمط تعكسها خبرات: (بوروندي، والصومال، وجنوب السودان).
لقد عزّزت عملية التحول الديمقراطي ثقافة الانتخابات الدورية، بيد أنها أفضت في أحد جوانبها إلى الصراعات العنيفة المرتبطة بالانتخابات.
وبينما ارتفعت وتيرة عمليات التحول الديمقراطي في الألفية الجديدة؛ فإنّ صناديق الاقتراع قد فاقت في أحيانٍ كثيرة الانقلابات العسكرية من حيث عمليات العنف والدمار المصاحبة لها.
وقد حاولت بعض الدراسات العلمية، استناداً إلى الحركات المؤيدة للديمقراطية منذ عشرات السنين في جميع أنحاء إفريقيا، والتي بلغت ذروتها في ثورات الربيع العربي عامي: (2010م ، 2011م)، وبدافع من الرغبة في إيجاد حلولٍ طويلة الأجل للصراعات العنيفة ذات الصلة بالانتخابات في القارة، استكشاف جدلية العلاقة بين: (الديمقراطية، والانتخابات، وإدارة الصراعات).
وهنا تبرز أسئلة كثيرة مهمّة: ما الأسباب الجذرية للصراعات ذات الصلة بالانتخابات؟ إلى أي مدى يمكن وصف الانتخابات في العديد من البلدان الإفريقية بأنها حرّة ونزيهة وذات مصداقية؟ ما الآليات المؤسسية المتاحة لتأمين الانتخابات وحماية إرادة الناخبين؟ ما دور منظمات المجتمع المدني في منع الصراعات وإدارتها؟ ما مسؤوليات المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية، مثل الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، والاتحاد الإفريقي، في حلّ النزاعات؟ (10).
العنف الانتخابي في إفريقيا (11)
وطبقاً للجدول السابق: تراوحت نسبة العنف واسع النطاق – الذي اندلع قبل أو بعد الانتخابات مباشرة خلال الفترة من 1990م حتى 2013م – بين 18% و 24% من جملة الانتخابات خلال تلك الفترة.
وثمة عوامل متعددة تدفع إلى العنف الانتخابي في إفريقيا، مثل: ضعف الحكم، وانتشار الأسلحة الصغيرة، وعدم كفاءة أجهزة الدولة، وثقافة الإفلات من العقاب، وعدم فعالية وغياب المهنية في جهاز الشرطة وقوات الأمن، والفساد الذي يجعل الناس يشعرون باليأس بما فيه الكفاية؛ بما يدفعهم للانتقام العنيف ضدّ السلطة السياسية، ولا شك أنّ العنف الانتخابي يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي وغياب الأمن؛ نتيجة الاغتيالات وفقدان الأرواح والممتلكات وانتهاك حقوق الإنسان الأساسية.
التحول الديمقراطي وإجراءات الحكم الرشيد:
لعل من أبرز المحاولات الجادة لقياس عمليات التحول صوب الحكم الرشيد في إفريقيا ما تقوم به (مؤسسة محمد إبراهيم)، حيث تُصدر منذ عام 2000م مؤشراً للحكم الرشيد (12) في إفريقيا.
يستند هذا المقياس على جمع بيانات عن أكثر من تسعين مجالاً مختلفاً للحكم، يتم دمجها معاً في أربعة مؤشرات مهمّة للحكم، هي:
1 – السلامة وسيادة القانون.
2 – التنمية البشرية.
3 – الفرص الاقتصادية المستدامة.
4 – المشاركة وحقوق الإنسان.
وتتراوح درجات هذا المقياس بين صفر (الأسوأ) ومائة (الأفضل)، بعد ذلك يتمّ جمع هذه المؤشرات الأربعة في مقياسٍ واحدٍ، يمثل النتيجة النهائية لمستوى «الحكم الرشيد» في بلدٍ ما، ففي عام 2000م كان متوسط «الحكم الرشيد» على صعيد إفريقيا بشكلٍ عامٍ متدنياً، حيث بلغ 46.6، وعلى الرغم من تحسّن الأداء الإفريقي العام؛ فإنه ظلّ ثابتاً لم يتغير منذ عام 2011م كما يظهر الشكل الآتي:
متوسط مقياس الحكم الرشيد في إفريقيا (2000م – 2014م) (13)
واستناداً إلى «معايير الحكم الرشيد» في إفريقيا، وباستثناء «الدول الفاشلة»، مثل: (الصومال وجنوب السودان)، نستطيع تقسيم الدول الإفريقية إلى ثلاث مجموعات رئيسة على النحو الآتي:
الأولى: دول أنشأت نُظماً ديمقراطية حرّة وتنافسية، مثل: (بوتسوانا، وبنين، وغانا، وموريشيوس، والسنغال، وجنوب إفريقيا، والرأس الأخضر، وتونس)، ومن المرجح استمرار هذه الدول في تحقيق مكاسب ديمقراطية جديدة، ومع ذلك؛ فإنّ بعضها لا يزال ضعيفاً من الناحية المؤسسية، ومن ثم يمكن أن ينزلق بعضها إلى هاوية عدم الاستقرار السياسي؛ كما حدث في مالي عام 2014م.
الثانية: دول توجد بها قيادات ذات نزعة استبدادية، تحاول جاهدة الصمود ضد أحزاب المعارضة التي تحظى بشعبية متزايدة، مثل: (بوروندي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وأوغندا، وزيمبابوي)، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الدول تتذبذب بين المكاسب التي تحققها المعارضة والقمع السلطوي من جانب الحكومة، ومسار التحول الديمقراطي في بلدان هذه المجموعة يجب النظر إليه من خلال كلّ حالة على حِدة.
عزّزت عملية التحول الديمقراطي ثقافة الانتخابات الدورية، بيد أنها أفضت في أحد جوانبها إلى الصراعات العنيفة المرتبطة بالانتخابات
الثالثة: دول أنشأت حكوماتها الاستبدادية سيطرة قوية على أنظمتها السياسية؛ ولذلك ينتاب هذه النُّظُم دوماً خوفٌ بالغٌ من إجراء الانتخابات، (الكاميرون، وتشاد، ورواندا) وغيرها، يتمتع رئيس الدولة هنا بسُـلطةٍ كبيرة، وهو ما يمكن معه وصف هذه المجموعة بالنُّظُم الأوتقراطية المستقرة، ومع ذلك: يبدو هذا الاستقرار ظاهريّاً، ولعل سقوط أنظمة حكم: (مبارك في مصر، وبن علي في تونس، وكومباوري في بوركينافاسو) تؤكد هذا المعني.
التحول الديمقراطي في إفريقيا بين رؤى الخارج وتعقيدات الداخل:
لقد أصبحت مسألتا «الديمقراطية» و «الأمن» في إفريقيا منذ نهاية «الحرب الباردة»، من البنود الرئيسة في جدول الأعمال العالمي؛ فالدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة قد نظرت إلى هذا التطور الجديد بحسبانه دليلاً واضحاً على تأسيس «النظام العالمي الجديد» على قواعد الديمقراطية والسلام والتنمية؛ وفقاً للمنظور الغربي، وعليه: عملت هذه الدول والمؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، على تصميم «مشاريع خاصة» لتعزيز الديمقراطية والسلام في إفريقيا.
وقد بات هذا التطور يُعرف بأنه: «موجة ثانية من التحرر في إفريقيا»، ومثلت مؤسسات أمريكية مهمّة، مثل: مركز كارتر الرئاسي، والصندوق الوطني للديمقراطية، ومعهد الولايات المتحدة للسلام، القنوات الرئيسة لتعزيز الديمقراطية والسلام في إفريقيا وغيرها، وأصبحت مراقبة الانتخابات صناعة جديدة رائجة.
ومن المثير للاهتمام: أنّ القوى الغربية التي عرقلت النضالات الإفريقية المبكرة من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، من خلال دعم الأنظمة القمعية في إفريقيا، تحوّلت بين عشيةٍ وضحاها لتصبح من دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان في الواقع الإفريقي !(14)
وطبقاً للرؤية الغربية: فإنّ التحول الديمقراطي في إفريقيا لا بد أن يستند إلى جملة من المبادئ المهمة، من أبرزها: احترام المبادئ الدستورية، ووجود نظام حزبي تنافسي، وبناء مجتمع مدني، وتبنّي نموذج اقتصاد السوق باعتباره الطريق الوحيد المؤدي للديمقراطية والسلام.
وبغضّ النظر عن هذا المنظور الغربي الذي لم يتعدّ في كثيرٍ من الأحيان وجهه الدعائي؛ فإنّ إسهامات التحول الديمقراطي الذي تشهده إفريقيا في مجال تعزيز السلم والأمن لا تزال محدودة (15)، حيث حقّقت برامج مكافحة الفساد وسياسات التحول الديمقراطي نتائج متواضعة في السياق الإفريقي.
ثالثاً: التحديات ومآلات المستقبل:
إنّ المسارات والمآلات المحتملة لسياسات التحول الديمقراطي والتعددية في إفريقيا، منذ تسعينيات القرن الماضي، يمكن النظر إليها وفق مجموعة التحديات الداخلية والإقليمية والدولية الآتية:
– «تسليع السياسة» من قِبل النخب الإفريقية:
وهو ما يعني إفقار إفريقيا، فبرغم المكاسب التي تحققت في النصف الثاني من التسعينيات دخلت إفريقيا الألفية الجديدة وبها أكثر دول العالم فقراً، لقد كان معدل الدخل الفردي أقلّ مما كان عليه في الستينيات، ومن أبرز أمثلة فساد النخبة الحاكمة ظاهرة تأسيس عائلات حاكمة، وتورط أبناء الرؤساء في الفساد، فقد حُكم على كلٍّ من علاء وجمال مبارك بالسجن في قضايا فساد، كما أنّ كريم واد نجل الرئيس السنغالي السابق أودع السجن لتورطه في ممارسات فاسدة، وفي أكتوبر 2015م، وبينما الانتخابات الغينية على أشدّها، نشرت صحيفة فرنسية خبراً عن تورط محمد كوندي نجل الرئيس الغيني ألفا كوندي في ممارسات فساد لصالح الشركات الفرنسية العاملة في غينيا (16).
– «عسكرة السياسة»، واختلال مبدأ العلاقات المدنية العسكرية في الواقع الإفريقي:
لا شك أنّ الاتجاه الحديث في دراسة «عسكرة السياسة» يربط بينها وبين إشكاليات التحول الديمقراطي في إفريقيا وتحدياته، وهو ما ظهر جليّاً في خبرات دول الربيع العربي ومحاكاتها في نموذج بوركينافاسو.
لقد كان التحدي المطروح دائماً يتمثل في كيفية حماية أي ترتيبات ديمقراطية في المستقبل من أن يتم تقويضها من قِبل الجيش، لقد كان موقف الجيش في إفريقيا مختلطاً وملغزاً في بعض الأحيان من عملية التحول الديمقراطي، وكثيرٌ من الدراسات الحديثة عن التحول الديمقراطي في إفريقيا تميل بوضوح إلى التقليل من أهمية مساهمة الجيوش في التحول الديمقراطي(17) .
– «تديين السياسة» وهو ما يعني تحدي نموذج الدولة العلمانية في الواقع الإفريقي (18) :
ارتبطت ظاهرة التحول الديمقراطي بظاهرة تنامي المرجعيات الدينية، وتزايدت أهمية الدين في الفضاء العام، كما هو الحال في دول مثل: (نيجيريا، والسنغال، والسودان)، والمثير للانتباه حقاً أنّ معظم الروايات والتحليلات التي تتناول صعود خطر الراديكالية الإسلامية في إفريقيا، ومن بينها جماعة بوكوحرام، تميل إلى المنحى التبسيطي، من خلال الربط بينها وبين تنظيم القاعدة، وهو ما يشكّل مسوّغاً لتأطيرها في سياق منظومة الحرب العالمية على الإرهاب، على أنّ الرؤية المغايرة التي نطرحها هنا تحاول قراءة ظاهرة التطرف الفكري والديني في سياقها الإفريقي العام، فجماعة بوكوحرام المتشدّدة – مثلاً – تجسّد المظالم التاريخية للشمال النيجيري الذي يعاني ارتفاع معدلات الفقر بنسبةٍ تزيد على 15% عن الجنوب.
وإذا كانت هذه الجماعة تسعى لإقامة دولة الخلافة في جميع أنحاء نيجيريا، فإنها تذكرنا بجماعة جيش الربّ للمقاومة في أوغندة، والتي تسعى لتطبيق الوصايا العشر في الكتاب المقدس، فالأمر لا يتعلق بتطرفٍ دينيٍّ، إسلامي أو مسيحي، بقدر ما يتعلق بفشل مشروع الدولة الوطنية الحديثة في مرحلة ما بعد الاستعمار.
– «هشاشة الدولة» (19):
تضمّ قائمة الدول الأكثر هشاشة في إفريقيا طبقاً لتقديرات عام 2014م نحو 26 دولة، من بينها: (الصومال، وإريتريا، وبوروندي، وإفريقيا الوسطى، وتشاد، ومالي) (20) .
والصراع العنيف الذي تشهده الدول الهشّة يولّد الانقسام الاجتماعي، ويعطّل جهود التنمية، ويقف حائلاً أمام تحقيق التنمية المستدامة، وهو الأمر الذي ينتهي إلى مسار التسلطية وانتهاك حقوق الإنسان (21).
– «سياسات التهميش والإفقار»:
من الملاحظ أنّ نهاية الحرب الباردة شهدت لبعض الوقت تراجعاً متزايداً في اهتمام القوى التقليدية بإفريقيا في النظام الدولي، حيث بدأت فرنسا في تقليص وجودها في نطاقها الفرانكفوني الإفريقي، كما توجّه الغرب صوب دول الكتلة الاشتراكية السابقة، ولكن سرعان ما أدى الاهتمام الصيني المتزايد بإفريقيا إلى عودة الاهتمام الغربي الاستراتيجي بهذه القارة، فقد أضحت البلدان الإفريقية موضوعاً لأنماطٍ جديدةٍ ومتعددةٍ من التدخل والصراع، وذلك من أجل النفوذ والحصول على الثروات، بين قوى قديمة، وأخرى جديدة صاعدة وطامحة كالصين والهند.
ومن ثمّ لم تصبح القضية متمثلة في تهميش إفريقيا كما جرى في معارك التكالب الأول، بل أضحت موضوعات التكالب الثالث تعني مزيداً من إدماج إفريقيا في النظام الدولي، ومع ذلك فإنّ هذا الإدماج يعني استمرار سياسة نهب الثروات الإفريقية على نحو ما أشار إليه «والتر رودني» بقوله: «إن تنمية أوروبا كانت على حساب إفقار إفريقيا».
خاتمة:
بعيداً عن نزعات التشاؤم والتفاؤل المرتبطة بتقويم التحول الديمقراطي في إفريقيا؛ نستطيع القول بأنّ المكاسب السياسية التي تحققت في كثيرٍ من الدول الإفريقية, مثل: (غانا، والسنغال، وموريشيوس)، تفوق بكثيرٍ ما تحقق في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
ولا يخفى أنّ إفريقيا بحاجةٍ اليوم إلى سياسات لمحاربة الفقر والتهميش وتمكين الشرائح الفقيرة، ومن ثم فإنّ مستقبل الديمقراطية في إفريقيا يرتبط بإعادة صياغة النموذج الديمقراطي؛ بما يحرره من انحيازاته المعرفية الغربية، ويجعله أكثر ارتباطاً بالسياق الحضاري الإفريقي، وعليه: فإنّ المواطن الإفريقي سوف يكون أكثر ارتباطاً بالمسار الديمقراطي إنّ حقّق له نمطاً معيشيّاً أفضل، وليس مجرد حرية التصويت في صناديق الاقتراع كما تحرص على ذلك الجهات الدولية المانحة.
الاحالات والهوامش:
(1) Bayart, Jean-Francois, The State in Africa: Politics of the Belly, secondedition, Cambridge: Cambridge University Press, 2009.
(2) Ihonvbere, J. O., &Mbaku, J. M. (2003). Political liberalization and democratization in Africa: Lessons from country experiences. Westport, Conn: Praeger.
(3) الكجوتلا Kgotla: عبارة عن اجتماعٍ عامٍّ أو محكمةٍ عرفية، وخصوصاً في قرى بوتسوانا.. وعادة ما يرأس الاجتماع رئيس القرية أو كبير القوم فيها، ويتم التوصل إلى القرار دائماً بتوافق الآراء، وللجميع حقّ إبداء الرأي دون مقاطعةٍ من أحد، وكما يقول المثل التقليدي فإنّ: «أعلى درجات الحرب هي الحوار». لقد مثّلت مؤسسة «الكجوتلا» – ولا تزال – أحد أشكال الحكم في المجتمع التسواني، وفي السياق المعاصر يُنظر إليها بوصفها منتدى لصياغة السياسات وصنع القرار، بما في ذلك الأنشطة التنموية وتسوية النزاعات.
أما البونجي Mbongi: فتوجد في التقاليد البانتوية الجنوب إفريقية اجتماعات تقليدية عامّة، يُطلق عليها «البونجي»، أي: حلقات التعلم، وهي مفتوحة للجميع لمناقشة كلّ القضايا المتعلقة بمصلحة الجماعة ماديّاً ومعنويّاً، وتهدف هذه الاجتماعات إلى الوصول لأفضل الآراء والتطبيقات بما يعود بالنفع على المجتمع.
انظر:
Gallardo, Miguel E. Culturally Adaptive Counseling Skills: Demonstrations of Evidence-Based Practices. Thousand Oaks, Calif: Sage Publications, 2012.p.48.
(4) محمود ممداني: مفكر يساري، هو أستاذ في قسم الأنثروبولوجيا والدراسات السياسية في جامعة كلومبيا في الولايات المتحدة، مدير معهد كلومبيا للدراسات الإفريقية، ترأس مجلس تنمية الدراسات الاجتماعية في إفريقيا (CODESRIA) – داكار/السنغال.
ولد محمود ممداني عام 1946م في أحد أحياء بومباي، رحل به والده مباشرة إلى شرق إفريقيا، فاستقر وسط جالية آسيوية كبيرة في أوغندا، تعلّم فيها (ممداني)، ودرس في جامعة مكريري بكمبالا، كما قام بالتدريس بجامعة دار السلام بتنزانيا، أتيحت له فرصة الدراسة المبكرة في الولايات المتحدة من بيتسبرغ (1962م)، حتى حصوله من هارفارد على الدكتوراه عام 1974م؛ مع تخصص واضحٍ في الاجتماع السياسي والأنثروبولوجيا بفروعها المختلفة، وهو يسجّل في أولى مؤلفاته عن «السياسة والتشكيل الطبقي في أوغندا» (1976م) اختلافه الفكري مع أمبيريقية أستاذه «كارل دويتش»، مع إعجابه العميق بليبرالية الرجل!
ثمة مرحلة في حياة ممداني محورها وجوده في كمبالا ثم في دار السلام، وتقترن بها معارك التحليل الاجتماعي والتشكيلات الاجتماعية، أعقبتها تقريباً مرحلة جنوب إفريقيا أو كيب تاون ومنطقة البحيرات، حيث التحليل السياسي للهيمنة العرقية الاقتصادية والاجتماعية، مع دورٍ أكاديميٍّ مشهودٍ في جنوب القارة، لينتقل إلى وسطها مع قضايا الواقع، وهناك مرحلة أوسع أفقاً في التنظير لوضع «المواطن والرعية»، يتجاوز فيها الطبقي إلى السياسي أيضاً، ثم ينتقل ممدانى إلى عوالم خارجية تطحن في جسد العوالم الجنوبية.
يحمل ممداني ثقافات متعددة، من ثقافة تاريخية آسيوية إلى ثقافات إفريقية، كثيراً ما أسماها هو: «ثقافات تقليدية»؛ ومجادلاً أو متصارعاً مع ثقافة أوروبية – أو قل أمريكية – حديثة. وسوف نراه هنا أيضاً قادماً من «الاجتماعي» إلى «السياسي»، مجادلاً «الثقافي»، كما سنراه قادماً من «الماركسية»… إلى عوالم الحداثة الجديدة.
مارس حياته الثقافية – وواصلها لبعض الوقت – في أجواء مجتمعات «متعددة الأجناس»، آسيوية إفريقية، أي متعددة الهويات، طامحة للتوحد على أية حال، خلافاً لما وصل إليه بعد ذلك في تجربته (البحيرات).
خاض ممداني أيضاً معارك، بالمعنى الحرفي؛ قائداً لجانب من معركة الكفاح المسلح ضد «عيدي أمين»، زاحفاً وسط الأحراش من شمال تنزانيا إلى كمبالا.
بدايته إذن في كمبالا، ومعه التراث العائلي الهندي كله، ثم في دار السلام، مرتبطة بالفلسفة العامة لـ «جوليوس نيريرى» وحزب التانو المسيطر في تنجانيقا (تنزانيا لاحقاً)، كان كلّ ذلك من عوامل تكوين ممداني وبحوثه المتنوعة عن القبائل والطبقات… مشغولاً طول الوقت بعلاقات «السياسي» «الاجتماعي»، سواء وفق «ماركس» و «لينين» مباشرة، أو وفق «الماوية» وتطوراتها، وحتى اجتهاداته الخاصة كباحثٍ. (مجلة قراءات إفريقية).
(5) Cheeseman, N. (2015). Democracy in Africa: Successes, failures, and the struggle for political reform.
(6) Lindberg, S. I. (2006). Democracy and elections in Africa. Baltimore: Johns Hopkins University Press.
(7) Cheeseman , op.cit. and Bratton, Michael, and Nicolas Van de Walle. Democratic Experiments in
Africa: Regime Transitions in Comparative Perspective. Cambridge :Cambridge University Press, 1997.
(8) مدير اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة بالمكتب الإقليمي في جنوب إفريقيا.
(9) Said Adejumobi, Elections in Africa: A Fading Shadow of Democracy? International Political Science Review / Revue internationale de science politique ,Vol. 21, No. 1 (Jan., 2000), pp. 59-73.
(10) Adebayo, A. G. (2012). Managing conflicts in Africa’s democratic transitions. Lanham: Lexington Books. pp 3-37.
(11) المصدر:
Stephanie M. Burchard, Democracy Trends in Sub-Saharan Africa, 1990 to 2014, Virginia: Institute for Defense Analyses, 2014. P. 13.
(12) الحكم الرشيد Good Governance: مصطلح غير محدد، ولكنه بصورة عامّة يعني: حكم تفعيل وتشجيع وتطوير كفاءات ومهارات المواطنين في جميع ميادين الحياة… من أجل بناء الوطن وتعزيز سيادته وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه. هو الحكم الذي يقيم مصالحة بين الدين والدنيا… وتواصل وتكامل بين المعبد والسوق… ويستفيد من شرائع الأديان والبشر… من أجل بناء دولة حضارية عادلة آمنة… تساهم في إقامة تعايش بشري أخوي عادل وآمن… يتمتع بخيرات الأرض من غير احتكار ولا هيمنة.
(13) المصدر:
http://www.moibrahimfoundation.org/news/2015/the-2015-ibrahim-index-of-african-governance-key-findings
(14) Crawford, G., & Lynch, G. (2012). Democratization in Africa: Challenges and prospects. London: Routledge.
(15) Maphosa, S. B. (2013). Democratic Progress and Regress: How Can Elections in Africa Nature
Human Security and Better Livelihood? African Institute of South Africa, Briefing No 79.
(16) https://www.issafrica.org/iss-today/another-presidents-son-caught-with-his-hand-in-the-cookie-jar.
(17) ولا يزال دور هذه الجيوش غير معروف في كثيرٍ من الأحيان، كما أنّ الدور المهيمن للقيادة السياسية في عهد دولة الحزب الواحد منذ أواخر الستينيات وحتى نهاية الثمانينيات، حيث كان الحزب مرادفاً للدولة، جعل مؤسسة الرئاسة صاحبة القرار الحاسم في تحديد مفاهيم الأمن القومي، وهنا كان الخلط واضحاً بين «أمن النظام» و «أمن الدولة»، وهناك، بطبيعة الحال، بعض التجارب الإفريقية (مثل: ناميبيا، وجنوب إفريقيا) التي تعكس في ممارساتها المعايير الديمقراطية الليبرالية المتعلقة بمسألة الفصل بين السلطات، حيث يقوم البرلمان بدورٍ مهمٍّ وبارزٍ في الرقابة وتحقيق السيطرة المدنية، غير أنّ هذه الأدوار لا تزال هشّة ومرتبطة بشكلٍ واضحٍ بالحزب السياسي الحاكم. انظر في ذلك:
Clude Welch “Cincinnatus in Africa: The Prospects for Military Withdrawal from Politics, “in Michael F. Lofchie, ed., the State of the Nations: Constraints on Development in Independent Africa (Berkeley and Los Angeles: University of California Press), 1971, p 219.
(18) Jon Abbink, Religion and Politics in Africa: The Future of “The Secular”, Africa Spectrum, Vol.49, No. 3, 2014.
(19) على الرغم من أنّ الخطاب النظري المرتبط بهشاشة الدول State Fragility واسعٌ فضفاض؛ فإنّ هناك اتفاقاً على جدوى هذا المفهوم في التمييز بين الدول والسياقات التي تشهد معدلات عالية من الفقر والعنف وعدم المساواة الشديدة في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وفساد الحكم.
وتُعدّ الدولة هشّة إذا كانت غير قادرة أو عاجزة عن توفير متطلبات الأمن الإنساني الأساسية، و / أو السلع العامّة التي تمثّل الحدّ الأدنى للتنمية.
(20) Cilliers, Jakkie, and Timothy D. Sisk. Assessing Long-Term State Fragility in Africa: Prospects for 26 ‘more Fragile’ Countries. Pretoria: Institute for Security Studies, 2013.
(21) حمدي عبدالرحمن: الدولة الهشة والتحول الديمقراطي في إفريقيا، مجلة الديموقراطية، العدد 56، 2014م.