أعلن وزير داخلية الجابون يوم الأحد الموافق 13 أبريل 2025م، فوز الجنرال “برايس أوليغي نغيما”، بمنصب رئيس الجمهورية، بعد أن حصل على نسبة 90.3% من أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد يوم السبت 12 أبريل، وبذلك يصبح رئيس المجلس العسكري الذي تولَّى رئاسة المرحلة الانتقالية على مدار 19 شهرًا منذ انقلابه العسكري على الرئيس السابق “علي بونجو” يوم 30 أغسطس 2023م، رئيسًا للجابون لولاية أولى تستمر لمدة 7 سنوات، كما يحق له الترشح لولاية رئاسية ثانية لمدة 7 سنوات أخرى، أي: سيظل في السلطة نظريًّا حتى عام 2040م، وذلك في حالة إذا لم يقم حينها بتعديل الدستور ليسمح لنفسه بتولّي فترات رئاسية جديدة، خاصةً أنه لا يزال في عمر الخمسين، وفي عام 2040م سيكون عمره حينها 65 عامًا، وبالتالي سيكون حينها لا يزال متعطشًا للبقاء في السلطة كغيره من النماذج التي يشهدها الواقع الإفريقي.
ورغم النسبة الكبيرة التي حصل عليها الجنرال في نتائج الانتخابات؛ إلا أن بعض مرشحي المعارضة يُشكّكون في نزاهة العملية الانتخابية، ويصفونها بالمهزلة التي لا تتوافق مع تطلعات شعب الجابون التي كان يصبو إليها بعد سقوط حكم نظام أسرة بونجو؛ حيث سرعان ما تحوّل الوضع الحالي مع نهاية المرحلة الانتقالية إلى نظام حكم ذي خلفية عسكرية، وتم تحويله إلى حكم مدني عن طريق انتخابات رمزية معروف نتيجتها مسبقًا دون مزيد من التشويق أو المفاجآت، ولكن سيظل الجنرال ورفاقه الذين دعّموه للوصول إلى السلطة هم الفاعل الأكبر تأثيرًا في المشهد السياسي في الجابون خلال السنوات المقبلة.
ومن خلال هذه الدراسة، سوف نقوم بتحليل العملية الانتخابية التي شهدتها الجابون، مع عرض النتائج، والمواقف الداخلية والخارجية منها، بجانب عرضنا للتحديات التي تُواجه النظام بعد أن تمَّ تحويله إلى نظام مدني، فضلاً عن تحليل مستقبل المشهد السياسي في الجابون خلال المرحلة المقبلة، وذلك من خلال النقاط التالية:
أولاً: النظام الانتخابي لاختيار رئيس الجمهورية:
لقد أوضح دستور الجابون الجديد الذي تم الاستفتاء عليه في 16 نوفمبر 2024م، والذي تم إصداره في 19 ديسمبر 2025م مِن قِبَل رئيس المرحلة الانتقالية، النظام الانتخابي لرئيس الجمهورية؛ حيث نصت المادة 173 منه على دخول هذا الدستور حيّز العمل والنفاذ بعد انتخاب رئيس الجمهورية، مع اشتراطها سريان أحكام هذا الدستور المتعلقة بانتخابات رئاسة الجمهورية على الفور، وهو ما يُعدّ أمرًا غريبًا في الواقع الدستوري؛ حيث من المفترض أن يدخل الدستور كاملًا حيّز النفاذ في توقيتٍ واحدٍ، ولا يتم تطبيق بعض نصوص الدستور على الفور وتأجيل بعضها الآخر، وهو ما يُوضّح أن الدستور الجديد تم تصميمه على مقاس رئيس المرحلة الانتقالية الذي أصبح رئيسًا للبلاد بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية.
وعلى كل حال فقد نصت المادة 42 من هذا الدستور على النظام الانتخابي لاختيار رئيس الجمهورية؛ والذي يتضح أهمّ موادها فيما يلي:
1-مدة ولاية الرئيس: أوضحت المادة السابقة أن مدة ولاية رئيس الجمهورية تكون 7 سنوات، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا مرة واحدة، مضيفةً أنه لا يجوز لأيّ شخص أن يشغل منصبه لأكثر من فترتين متتاليتين. بغض النظر عن أيّ تعديلات محتملة على الدستور، كما أضافت المادة 44 من الدستور أن مدة ولاية الرئيس تبدأ من يوم أدائه اليمين الدستورية، والذي يتم خلال 8 أيام من تاريخ إعلان النتائج النهائية مِن قِبَل المحكمة الدستورية، وتنتهي مدة ولايته في نهاية السنة السابعة التي تلي تاريخ توليه السلطة.
2-طريقة الاقتراع: حددت ذات المادة أن الانتخابات تكون عن طريق الاقتراع العام والمباشر، وذلك على جولتين انتخابيتين، ولا يمكن إلا للمرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى، التنافس خلال الجولة الثانية، وفي حالة انسحاب أو عجز دائم لأحد المرشحين اللذين حصلا على المراكز الأولى في الجولة الأولى، يحل محله المرشح الذي يليه في الترتيب بحسب نتائج الجولة الأولى من التصويت، ويتم إعلان المرشح الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الثانية.
3-نظام الفوز: أضافت المادة 42 أن انتخاب رئيس الجمهورية يكون بالأغلبية المطلقة للأصوات المدلى بها في الانتخابات في الجولة الأولى، وإذا لم يحصل أيّ مرشح على نسبة الأغلبية المطلقة (50%+ 1)، يتم تنظيم جولة انتخابية ثانية في اليوم الرابع عشر التالي لإعلان النتائج، ويكون الفائز هو المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الثانية.([1])
ثانيًا: شروط الترشح لانتخابات الرئاسة:
لقد حددت المادة 43 من دستور الجابون الجديد شروط الترشح للرئاسة؛ حيث نصَّت على أنه يَحِقّ لجميع المواطنين الجابونيين من الجنسين الذين يستوفون الشروط التالية الترشح للرئاسة، وهذه الشروط تتمثل فيما يلي:
1-أن يكون المرشح وُلِدَ جابونيًّا، وأحد والديه جابوني على الأقل، وأن يكون هو نفسه مولودًا في الجابون.
2-أن يكون حاملًا لجنسية الجابون بصورة وحيدة وحصرية.
3-أن يكون عمره عند الترشح 35 سنة على الأقل و70 سنة على الأكثر.
4-أن يكون متزوجًا من شخص جابوني، وُلِدَ لوالدٍ واحد على الأقل من الجابون، وأن يكون هو نفسه وُلِدَ في الجابون.
5-أن يكون قد أقام في الجابون لمدة لا تقل عن 3 سنوات دون انقطاع قبل الانتخابات الرئاسية.
6-التحدث بلغة وطنية واحدة على الأقل.
7-أن يتمتع بحالة صحية بدنية وعقلية كاملة، مُصادَق عليها مِن قِبَل لجنة طبية تؤدي اليمين أمام المحكمة الدستورية، ويتم تعيين هذه اللجنة الطبية مِن قِبَل مكاتب مجلسي البرلمان.
8-أن يتمتع راغب الترشح بحقوقه المدنية والسياسية.
9-أجازت هذه المادة لأيّ مواطن جابوني يحمل جنسية أخرى أن يترشَّح للانتخابات بشرط تخلّيه عن الجنسية الأجنبية الأخرى التي يحملها قبل موعد انتخابات الرئاسة بثلاث سنوات.
10-أضافت نفس هذه المادة نصًّا يُقرّر عدم جواز ترشح زوجة الرئيس ولا ذريته لخلافته في الانتخابات الرئاسية، وذلك منعًا لعملية توريث السلطة التي ابتُليت بها الجابون في عهد أسرة بونجو.([2])
ثالثا: خريطة الانتخابات، وقائمة المرشحين، والحملة الانتخابية:
أ-خريطة الانتخابات:
1-مواعيد الانتخابات:
بموجب مرسوم صادر من وزير الداخلية في 23 يناير 2025م تم تحديد موعد انعقاد الهيئة الانتخابية لانتخاب رئيس الجمهورية ليكون يوم السبت الموافق 12 أبريل 2025م، وبموجب مرسوم آخر صادر من قبل رئيس المرحلة الانتقالية؛ فقد تم تحديد نفس هذا التاريخ ليكون موعدًا للانتخابات، مع تحديد موعد فتح باب التصويت في الانتخابات، لتبدأ في تمام الساعة السابعة صباح هذا اليوم، وتغلق في تمام الساعة السادسة من مساء هذا اليوم.
وبموجب مرسوم آخر فقد تم تحديد موعد الترشح للانتخابات ليكون خلال الفترة من 27 فبراير إلى 8 مارس 2025م، بدءًا من الساعة الثامنة صباحًا حتى السادسة مساء، بمقر اللجنة الوطنية لتنظيم وتنسيق الانتخابات والاستفتاءات (CNOCER) في وزارة الداخلية والأمن بالجابون. كما تم أيضًا تحديد موعد الحملة الانتخابية ليكون خلال الفترة من 29 مارس إلى 11 أبريل 2025م.([3])
2-الجهة المنظمة للانتخابات:
لقد تم إنشاء اللجنة الوطنية لتنظيم وتنسيق الانتخابات والاستفتاءات (CNOCER) لتكون هي الجهة المسؤولة عن تقديم نماذج إعلان الترشح واستقبال وفحص طلبات المرشحين، وتنظيم وإدارة عمليات التصويت، وتوزيع المواد الانتخابية، وإجراء فرز الأصوات، وجمع نتائج الانتخابات في اللجنة المركزية، لكي يقوم وزير الداخلية بإعلان النتائج الأولية، ويكون لهذه اللجنة مكتب وأعضاء يمثلون الوزارات الفنية المختصة، ويتولى وزير الداخلية رئاسة مكتب هذه اللجنة، بينما يتولى أمين عام وزارة الداخلية منصب النائب الأول لرئيس مكتب هذه اللجنة، ويتولى المفتش العام لوزارة الداخلية منصب النائب الثاني لرئيس هذه اللجنة، بجانب مقرري اللجنة وباقي أعضائها.([4])
3-المستندات المطلوب تقديمها للترشح:
لقد حدَّدت وزارة الداخلية بموجب المرسوم الصادر في تاريخ 4 فبراير 2025م مجموعة من المستندات الواجب تقديمها لقبول ملف المرشح، وتتمثل هذه المستندات فيما يلي:
(1) نموذج طلب إعلان الترشح الصادر من وزارة الداخلية، والذي يجب ملء البيانات المطلوبة فيه بطريقة صحيحة، وتوقيع المرشح عليه، بجانب توقيع رئيس اللجنة الوطنية لتنظيم وتنسيق الانتخابات والاستفتاءات (CNOCER) على النموذج بعد ملئه.
(2) شهادة قيد المرشح في السجل الانتخابي.
(3) صورة مُصدّق عليها من أصل شهادة الميلاد أو شهادة الجنسية.
(4) صورة مُصدّق عليها من أصل شهادة الميلاد أو شهادة الجنسية للأب أو لأم المرشح المولود في الجابون
(5) صورة مُصدّق عليها من عقد زواج المرشح.
(6) صورة مصدق عليها من شهادة ميلاد أو شهادة الجنسية لأب أو أم الزوج المولود في الجابون.
(7) إعلان شرف يثبت امتلاكه الجنسية الجابونية فقط.
(8) إثبات التنازل عن أيّ جنسية أخرى صادر من السلطات المختصة، ويرجع تاريخه إلى ما لا يقل عن 3 سنوات قبل موعد الانتخابات.
(9) مستخرج من السجل الجنائي لا يتجاوز تاريخ صدوره ثلاثة شهور.
(10) شهادة طبية صادرة من اللجنة الطبية المخصصة لفحص مرشحي الانتخابات، والتي حددت موعد إجراء الفحوصات الطبية ليكون خلال الفترة من 27 فبراير إلى 8 مارس 2025م.
(11) صورة الهوية الشخصية على خلفية بيضاء.
(12) نموذج من العلامة المميزة للمرشح.
(13) شهادة الكفاءة اللغوية الصادرة عن لجنة التقييم اللغوي الخاصة بالانتخابات، والتي حددت وقت إجراء اختبارات الكفاءة اللغوية ليكون خلال الفترة من 3 مارس إلى 8 مارس 2025م، بعد أن حدد كل مرشح لغة المجموعة الاثنية التي اختارها ليتم اختباره فيها.
(14) إيصال من الخزانة العامة يثبت دفع الوديعة الانتخابية البالغة ثلاثين مليون (30,000,000) فرنك إفريقي.
(15) إيصال بإعلان الأصول التي يمتلكها المرشح.
(16) شهادة إقامة سارية المفعول صادرة عن دائرة الهجرة، وتدل على الإقامة المستمرة في الجابون لمدة ثلاث سنوات تسبق الانتخابات، مذكور فيها رقم صندوق البريد، ورقم هاتف المرشح، وعنوان البريد الإلكتروني للمرشح. ([5])
ب-قائمة المرشحين:
بحسب بيان وزارة الداخلية في الجابون فقد قام 34 شخصًا بسحب استمارات الترشح من اللجنة الوطنية لتنظيم وتنسيق الانتخابات والاستفتاءات من أجل ترشحهم للانتخابات الرئاسية، ولكن مع نهاية غلق باب الترشح لم يتم تقديم سوى ملفات 23 مرشحًا إلى اللجنة الوطنية لتنظيم وتنسيق الانتخابات والاستفتاءات (CNOCER)، وبعد استلام ملفات الترشح وفحصها، تم رفض طلبات 19 مرشحًا منهم، مِن قِبَل اللجنة التي يترأسها وزير الداخلية؛ حيث أعلن وزير الداخلية الجابوني هيرمان إيمونغولت يوم الأحد 9 مارس عن قبول ملفات 4 مرشحين فقط لخوض هذه الانتخابات، وهم كلّ من:
1-الجنرال برايس كلوتير أوليغي نغيما: وهو رئيس الفترة الانتقالية، ومهندس وقائد الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم أسرة بونجو في 30 أغسطس 2023م، ويبلغ من العمر 50 عامًا، وقد أعلن يوم 3 مارس عن ترشحه للانتخابات الرئاسية، بعد أن حصل على إجازة من وزارة الدفاع رسميًّا لكي يمكنه الترشح كما تقضي الإجراءات، وقد أعلن أمام حَشْد من أنصاره أنه بعد دراسة متأنية، واستجابةً للمناشدات العديدة التي تطالبه بالترشح للرئاسة، فقد قرر الترشح لتحمل مصير الجابون، مسلطًا الضوء على بعض الإنجازات التي تمت على مدار 19 شهرًا منذ توليه السلطة في الجابون، واعدًا بأن لديه مشروعًا اجتماعيًّا سيبني بموجبه نهضة شاملة ومستدامة تقود الجابون للصعود نحو السعادة.
وقد حظي الجنرال بدعم كلٍّ من المؤسسة العسكرية التي يتولى قيادتها، ومنصة تجمع البنائيين (RDB) المؤيدة والداعمة للجنرال، وهي مكونة من نحو 4 آلاف منظمة مجتمع مدني ومنظمات غير حكومية ونقابات، و84 حزبًا سياسيًّا، وتضم في عضويتها نحو 22 ألف عضو فردي، بجانب دعمه مِن قِبَل الحزب الديمقراطي الجابوني (PDG)، وهو الحزب الحاكم سابقًا في الجابون خلال الفترة من 1961 حتى 2023م؛ حيث أعلنت الأمينة العامة للحزب يوم 27 مارس عن دعم الحزب للجنرال نغيما، كما أن حزب الاتحاد الوطني UN))، وهو من أحزاب المعارضة الرئيسية في الجابون أعلن عن دعم الجنرال.([6])
2-آلان كلود بيلي باي نزي: ويبلغ من العمر 57 عامًا، وهو آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المعزول “علي بونجو”؛ حيث استمر في المنصب لمدة سبعة أشهر فقط، ويقدم نفسه كمرشح الانفصال النظيف عن العهد الماضي، وينأى بنفسه عن عائلة بونجو، ويعترف علنًا بفشل وسوء الإدارة، وقد وصف نفسه بأنه البديل الوحيد المتبقي لشعب الجابون في مواجهة النظام العسكري الحاكم، ويُعدّ هو المنافس الأقوى للجنرال برايس نغيما، وقد انتقد هذا المرشح رئيس الفترة الانتقالية قائلاً: “إن إبقاء الانقلابي الرئيسي في منصبه على رأس البلاد هو خرق للواجب، ورفض أيضًا مسألة السماح للعسكريين بالترشح في الانتخابات، داعيًا إلى النضال لإنهاء النظام العسكري وإعادة الجيش إلى ثكناته”، ويرفع هذا المرشح شعار دعونا نأمل في جابون آخر، وهو زعيم منصة “معًا من أجل الجابون” التي تعارض النظام الحاكم خلال الفترة الانتقالية، وقد استقال هذا المرشح من الحزب الحاكم سابقًا، وينفي أنه خليفة الرئيس المعزول علي بونجو، كما وعد أيضًا بقطع الحبل السري مع فرنسا؛ المستعمر السابق للجابون.([7])
3-الدكتور ستيفان جيرمان إيلوكو: وهو طبيب يبلغ من العمر 63 عامًا، وقد كان متحدثًا باسم الحزب الديمقراطي الجابوني (PDG) الحزب الحاكم سابقًا، والذي تركه بعد الانقلاب في 2023م، وشارك في تأسيس منصة “معًا من أجل الجابون”، مع صديقه “آلان كلود بيلي باي نزي”، وقد أدَّى قرار ترشحه منفردًا باتهامه بالتواطؤ مع الحكومة؛ حيث انفصل عن الحزب السابق، وشكَّل حركة التجمع الكبير، وقد وعد خلال حملته الانتخابية بإلغاء الدستور الناتج عن المرحلة الانتقالية في حالة فوزه في الانتخابات، وقد أطلق على نفسه لقب “الأصيل والصادق”، واعدًا بأنه يريد تقديم حلول واقعية لمشاكل الجابون.([8])
4-جوزيف لابينسيه إيسيجون: وهو محامٍ وخبير ضرائب قانوني، ويبلغ من العمر من 53 عامًا، ويعتبر نفسه مرشح التغيير والوحدة، وقد درس في المدرسة الوطنية للضرائب، والمدرسة الوطنية للإدارة، ويركز على فكرة أهمية القطيعة عن النظام الماضي، والممارسات السلبية التي انتشرت خلاله، وعلى رأسها الفساد، وسوء الإدارة، وعدم التوافق بين التدريب والتوظيف، وغياب الشفافية، مع وعده بإعادة التوزيع العادل للثروة الوطنية([9])
ونظرًا لأن المادة 179 من قانون الانتخابات تنص على أنه “يجوز لأيّ شخص تم رفض أوراق ترشحه للانتخابات، أن يطعن على القرار أمام المحكمة الدستورية خلال مدة 72 ساعة من تاريخ نشر قائمة المرشحين المقبولين”، وبناء على ذلك فقد قام 13 مرشحًا بالطعن على قرار وزير الداخلية الذي يقضي باستبعاد ملفات ترشحهم؛ حيث تقدموا إلى المحكمة الدستورية للطعن على قرار وزارة الداخلية.
ومن أبرز المرشحين الذين طعنوا على القرار، النقابي “جان ريمي ياما” وهو شخصية معروفة في المجتمع المدني؛ حيث تم سجنه مرتين في عهد الرئيس المعزول علي بونجو لمعارضته للنظام، وقد كان يحظى بدعم ائتلاف مكوّن من أربع أحزاب، وقد تم رفض ملف ترشحه لعدم إرفاقه شهادة ميلاد والده؛ حيث أعلن عن عدم قدرته على توفير شهادة ميلاد والده؛ لأن والده كان قد وُلِدَ في عام 1920م، وتوفي في سن مبكرة وفي هذا الوقت كانت الجابون لم تصبح دولة بعد.([10])
وكذلك من أبرز المرشحين المرفوضين بيير كلافير ماجانجا موسافو نائب رئيس الجابون الأسبق؛ حيث تم رفض طلب ترشحه بسبب سنه لأنه يبلغ من العمر 72 عامًا، وبالتالي فإنه يخالف الحد الأقصى المقرر لسن الترشح والمحدد بسبعين عامًا، وكذلك لم يترشح ألبرت أوندو أوسا من البداية بسبب تخطيه سن السبعين بشهور، مع العلم أنه كان سيكون منافسًا قويًّا إذا سُمِحَ له بالترشح؛ لأنه كان مرشح المعارضة الرئيسي ضد علي بونجو في انتخابات 2023م، ويَعتبر نفسه فائزا فيها، وطالَب المجلس العسكري بتسليم السلطة له عقب الانقلاب دون جدوى.
كما تم رفض ملف المحامية مارلين إيسولا إيفوتامان، إحدى النساء الثلاث اللائي تقدمن بملفات ترشحهن للانتخابات، وقد اتهمت النظام بوضع قواعد مخصصة لضمان فوز رئيس المرحلة الانتقالية، وطالبت من المحكمة الدستورية إلغاء ترشيح رئيس الفترة الانتقالية؛ لأن عملية ترشحه على حد وصفها تنتهك القانون والنصوص الوطنية، والقوانين الدولية، بسبب وجود وضع خاص للعسكريين لم يتم إلغاؤه من القانون، وينص على أنه لا يمكن منح إجازة لأيّ جنرال في الجيش، وهو ما فعله رئيس المرحلة الانتقالية من أجل استطاعته الترشح للانتخابات التي تم هندستها ليفوز فيها بسهولة.
وكذلك قامت سيدة الأعمال زينبا جنينجا تشانينغ بإكمال الوثائق الناقصة في ملف ترشحها، وبعد فحص الطعون من قبل المحكمة الدستورية، فقد أعلنت يوم 21 مارس 2025م عن تأييد طعون أربعة مرشحين آخرين، وضمهم لقائمة المرشحين المسموح لهم بالتنافس في الانتخابات الرئاسية، وهم كلّ من:
1-تييري إيفون ميشيل نجوما: وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 46 عامًا، ومرشح خاسر في انتخابات الرئاسة 2023م، ويقدم نفسه على أنه مرشح التغيير الاجتماعي، وعقب حدوث الانقلاب العسكري في 30 أغسطس 2023م أعلن عن دعمه الفوري للجنة الانتقال واستعادة المؤسسات (CTRI) التي نفَّذت الانقلاب، وهو يتبنّى برنامجًا انتخابيًّا يركز على توفير الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والرعاية الصحية بصورة مجانية للمواطنين، فضلًا عن وعوده بتحويل السياسات الاجتماعية واستعادة الثقة بين الدولة والمواطن، كما دعا إلى خروج الجابون من عملة الفرنك الإفريقي للتحرُّر من العبودية النقدية لفرنسا.
2-أكسل ستوفين إيبينجا: وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 44 عامًا، ومرشح خاسر في انتخابات الرئاسة 2023م، وهو يترأس شركة إكس كابيتال للاستثمار، والتي تم إنشاؤها في 2020م، ورغم ترشحه السابق إلا أنه لا يزال شخصية غير معروفة على الساحة السياسية المحلية، وقد أعلن أنه ترشح من أجل تطوير اقتصاد الجابون، وخلق فرص عمل للمواطنين.
3-آلان سيمبليس بونجيريس: ويبلغ من العمر 57 عامًا، وهو مهندس مدني وخبير في اقتصاد النقل، كما أنه سياسي طموح وتقني متعدد المهارات، عمل في العديد من الشركات الكبرى والمؤسسات الجابونية، وقد كان عضوًا في الحزب الديمقراطي الجابوني الحزب الحاكم سابقًا، لكنه تركه قبل انتخابات الرئاسة 2023م، وقام بتأسيس الحزب الوطني الجابوني PPG))، وقد وعد بأنه يسعى إلى تحقيق حكم أكثر شفافية وأكثر عدالة وأكثر احترامًا للقيم الديمقراطية.
4-زينابا غنينجا شانينج: وهي سيدة أعمال تبلغ من العمر 36 عامًا، وكانت أول من أعلن الترشح يوم 7 فبراير 2025م، وهي المرأة الوحيدة التي سُمِحَ لها بخوض السباق الانتخابي، وتعمل سيدة أعمال في قطاعات العقارات ومواد التجميل، وقد ركزت خلال حملتها الانتخابية على رغبتها في تحقيق العدالة والمساواة والمسؤولية، وتنتقد الفساد، وتدهور قطاع الصحة والتعليم، وارتفاع معدلات البطالة والظلم الاجتماعي، وتتبنّى رؤية الجابون الموحدة والمزدهرة، وقدَّمت نفسها على أنها مرشحة التجديد.([11])
وبعد السماح لهؤلاء المرشحين الأربعة بخوض الانتخابات فقد أصبحت القائمة النهائية للانتخابات مكونة من ثمانية مرشحين؛ الأربعة المقبولين في البداية مِن قِبَل وزارة الداخلية، والأربعة الذين قبلت المحكمة الدستورية طعونهم، علمًا بأن هؤلاء المرشحين الثمانية ترشحوا بصفة مستقلة، دون إعلان انتمائهم لأيّ حزب سياسي بصورة رسمية.
ج-الحملة الانتخابية:
لقد تم نظيم الحملة الانتخابية خلال الفترة من 29 مارس إلى 11 أبريل 2025م؛ حيث قام أنصار كل مرشح من المرشحين الثمانية بالدعاية والترويج لمرشحه، غير أن حملة الجنرال أوليغي نغيما كانت هي الأكثر زخمًا، وذلك بسبب إدارته لحملة انتخابية على الطريقة الأمريكية بميزانية ضخمة، شملت لوحات إعلانية كبيرة، وتوزيع قبعات وقمصان تحمل صور الجنرال وتحمل شعار “نبني معًا”، وشعار”C’BON” والتي تعني “إنه جيد”، بجانب تنظيم مهرجانات دعائية حاشدة، قام الجنرال خلال بعضها بالرقص مع أنصاره، فضلًا عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الدعاية بصورة تُروّج للجنرال، وتصفه بأنه مُحرِّر الجابون من حكم أسرة بونجو المستمر على مدار خمسة عقود.
وقد تعهَّد الجنرال خلال الحملة الانتخابية بتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط، وتعزيز قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة، ومكافحة الفساد. ونظرًا لضخامة حملته الانتخابية فقد تم اتهامه مِن قِبَل بعض معارضيه باستخدام موارد الدولة التي يتحكم في إدارتها لدعم حملته الانتخابية مستغلاً وضعه رئيسًا انتقاليًّا للبلاد، متهمين إياه بأنه يُروّج ويميل لتعظيم نفسه، وذلك رغم ما تم التسويق له إعلاميًّا وصحفيًّا مِن قِبَل أنصاره بأنه يحافظ على موارد الدولة، وخاصة بعدما أعلن في أكتوبر 2023م عن رفض تقاضيه راتبه كرئيس للدولة.
ونظرًا لعقد الجنرال “نغيما” سلسلة من التجمعات واسعة النطاق خلال الحملة الانتخابية، وعدم قدرة منافسيه على عقد مثل التجمعات واكتفائهم بتبنّي إستراتيجية طرق الأبواب، فقد انتقد المنافس الرئيسي للجنرال تلك المسألة؛ حيث صرح بأن العدالة قد تم تقويضها بسبب عدم التناسب في الموارد بين الجنرال الذي يخوض حملته الانتخابية على حساب دافعي الضرائب، وباقي المرشحين الذين يستخدمون مواردهم المالية الشخصية والمحدودة في الدعاية الانتخابية.([12])
رابعًا: إجراء الانتخابات، وتحليل النتائج:
أ-إجراء الانتخابات:
بحسب الموعد المحدد بتاريخ 12 أبريل 2025م، فقد تم إجراء الانتخابات الرئاسية في جو من السلمية بصورة كبيرة؛ حيث فتحت مراكز الاقتراع أبوابها للناخبين في موعدها، وفي حوالي الساعة 11.20 صباحًا أدلى الجنرال نغيما بصوته هو وزوجته زيتا في مدرسة بوسط العاصمة الجابونية “ليبرفيل” تقترب من القصر الرئاسي وسط تصفيق أنصاره؛ حيث صرَّح أمامهم أنه مطمأن للغاية، متمنيًا أن يفوز الأفضل، معربًا عن شعوره بالفخر والسعادة لحماسة شعب الجابون الكبيرة، وتطلعهم إلى طي صفحة الماضي والانضمام إلى الجمهورية الجديدة، واصفًا الانتخابات بأنها شفافة وسلمية، وذلك قبل أن يعود إلى سيارته ذات الدفع الرباعي والنوافذ الملونة.([13])
ومن جانب منافسه الرئيسي “آلان كلود بيلي باي نزي”؛ فقد وجَّه كلمة للصحفيين بعد أن أدلى بصوته، صرح خلالها عن مخاوفه من حدوث مشاكل محتملة أثناء فرز الأصوات، متخوفًا من حدوث عمليات تزوير عن طريق استخدام بطاقات التصويت غير المستخدَمة وحشوها في الصناديق لصالح الجنرال نغيما، الذي يرى معارضوه أنه خالف وعوده التي قطعها على نفسه عشية الانقلاب بإعادة السلطة للمدنيين من خلال انتخابات نزيهة، لكنه بدلًا من ذلك عيَّن نفسه رئيسًا مؤقتًا، ثم مرشحًا رئاسيًّا في انتخابات مصمَّمة لشخصه يضمن الفوز فيها، وهو ما دفَع بعض الناخبين إلى التصويت ضد الجنرال نغيما؛ لأنه بحسب رأيهم بمثابة امتداد للنظام القديم؛ لأنه عمل مع نفس الأشخاص الذين نهبوها خلال فترة حكم أسرة بونجو؛ حيث عمل مساعدًا شخصيًّا لعمر بونجو والد علي بونجو الذي عمل في خدمته أيضًا قبل أن ينقلب عليه، وكذلك صرح بعض الناخبين أنهم لن يصوتوا لصالح الجنرال؛ لأنه وعد هو ورفاقه في المؤسسة العسكرية بإصلاح المؤسسات، لكنهم لم يفعلوا وقاموا بإثراء أنفسهم خلال تلك الفترة.([14])
ومن جانبها فقد أعلنت شبكة مراقبي الانتخابات ROC)) أنهم مُنعوا من الوصول إلى العديد من مكاتب التصويت، وعقب إغلاق مراكز الاقتراع لأبوابها بعد الساعة السادسة مساءً بدأت عمليات فرز الأصوات، ولأول مرة فقد سُمِحَ لوسائل الإعلام الأجنبية والمستقلة بتصوير عملية فرز الأصوات، وقد بلغ عدد الناخبين المؤهلين للتصويت حوالي 920 ألف ناخب من بين سكان الجابون البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، منهم أكثر من 28 ألف ناخب في خارج البلاد، ويتوزع هؤلاء الناخبين على 3037 مركز اقتراع، منهم 96 مركزًا في خارج الجابون بالشتات، ووفقًا لاستطلاعات الرأي فقد كان من المتوقع فوز الجنرال نغيما؛ حيث كان ينظر إلى هذه العملية الانتخابية على أنها تهدف إلى إضفاء الشرعية على حكم قادة الانقلاب المتطلعين إلى البقاء في السلطة عقب انتهاء المرحلة الانتقالية في الجابون.([15])
وقد وُصف يوم التصويت بأنه مثاليّ ولم توجد عوائق أمام التصويت، ولم توجد أيضًا ظاهرة شراء الأصوات ورشوة الناخبين التي كانت موجودة خلال فترة حكم أسرة بونجو؛ حيث كان يتم توزيع أوراق نقدية من فئة 5 آلاف فرنك تنتقل من أيدي أنصار الرئيس المعزول علي بونجو إلى أيدي الناخبين، وهو ما لم يحدث في هذه الانتخابات؛ حيث وُصفت هذه الانتخابات بأنها الأقل فسادًا عن سابقتها، وقد اقتصر التنافس خلال العملية الانتخابية بين الجنرال نغيما، ورئيس الوزراء السابق آلان كلود بيلي باي نزي، الذي تم دعمه مِن قِبَل الناخبين في الشتات بصورة كبيرة، دون حديث يُذْكَر لباقي المرشحين في الانتخابات، ورغم وجود دعوات لمقاطعة التصويت في الانتخابات مِن قِبَل بيير كلافير ماجانجا موسافو نائب الرئيس السابق الذي تم منعه من الترشح لكبر سنّه، والنقابي جان ريمي ياما الذي تم رفض ملف ترشحه كذلك، إلا أن الانتخابات شهدت نسبة كبيرة من التصويت على عكس غيرها من الانتخابات التي تمت من ذي قبل.
ب-تحليل النتائج:
أعلن وزير الداخلية الجابوني يوم الأحد الموافق 13 أبريل عن النتائج الأولية للانتخابات، والتي أفادت بفوز الجنرال أوليغي نغيما بعد حصوله على 90.35% من أصوات الناخبين، مقابل حصول منافسه الرئيسي بيلي باي نزي على 3.2% فقط من الأصوات، بينما فشل المرشحون الستة المتبقون في تجاوز نسبة 1%، كما أعلنت وزارة الداخلية في البداية أن الانتخابات شهدت إقبالًا تاريخيًّا تجاوزت نسبته 87%، لكنها خفضت هذه النسبة إلى 70.40% لاحقًا.([16])
ونظرًا لتشكيك المرشح “بيلي باي نزي” في صدق أرقام النتائج التي أعلنتها وزارة الداخلية؛ لأن مجموع ما حصل عليه المرشحون يبلغ 95.18% من الأصوات، وبالتالي يوجد نسبة تبلغ 4.82% مفقودة، معتبرًا ذلك دليلًا على حشو صناديق الاقتراع لصالح الجنرال نغيما، فقد قامت اللجنة الوطنية لتنظيم وتنسيق الانتخابات والاستفتاءات (CNOCER) برئاسة وزارة الداخلية بعد أسبوع من إعلان النتائج المؤقتة بمراجعة النتائج الأولية مرة أخرى بعد جمع كل محاضر النتائج المركزية وفحصها ومطابقتها مع المحاضر المعروضة في مراكز الاقتراع، وحُدِّثت النتائج مرة أخرى قبل إرسالها إلى المحكمة الدستورية للمصادقة عليها.([17])
علمًا بأنه من حق المرشحين الطعن على نتائج الانتخابات أمام المحكمة الدستورية في موعد أقصاه ثمانية أيام من إعلان النتائج التمهيدية، إلا أنه لم يقم أيّ مرشح من المرشحين الثمانية بالطعن في النتائج، ويمكن عرض النتائج التي أعلنتها وزارة الداخلية في المرة الأولى والمرة الثانية بعد التحديث وفقًا للجدول التالي:
المصدر: من إعداد الباحث وفقا للنتائج التي أعلنتها وزارة الداخلية الجابونية
وتحليلاً للجدول السابق نجد أن الجنرال أوليغي نغيما رئيس المرحلة الانتقالية، وقائد الانقلاب العسكري استطاع الفوز في هذه الانتخابات بسهولة، وخلع ملابسه العسكرية واستبدلها بملابس مدنية، تجعله حاكمًا شرعيًّا للجابون، وذلك بفضل الدعم الكبير الذي حظي به من المؤسسة العسكرية الحاكمة، والتسويق له إعلاميًّا على أنه المُنقِذ والمُخلِّص للجابون من حُكم أسرة بونجو التي احتكرت السلطة والثروة في البلاد، بجانب دعمه مِن قِبَل العديد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والحركات الشعبية، التي تتوسم فيه أن يُحقّق آمالها ويبني مستقبلًا أفضل للبلاد، كما أن ضعف المرشحين المنافسين له كان هو العامل الأهم في فوزه بهذه الانتخابات، وهو ما تُوضّحه النِّسب التي حصل عليها باقي المرشحين السبعة؛ حيث حصل بيلي باي نزي رئيس الوزراء الأسبق على نسبة 3.11%، بينما لم يستطع باقي المرشحين الستة تجاوز نسبة 1%، مما يوحي بأنهم مجرد مرشحين صوريين لتجميل المشهد الانتخابي في الجابون وإظهار العملية الانتخابية على أنها غير مصطنعة.([18])
خامسًا: المواقف الداخلية والخارجية من الانتخابات:
أ-المواقف الداخلية:
تنوعت ردود الفعل التالية لإعلان فوز الجنرال أوليغي نغيما ما بين مُرحِّب بالنتائج، ورافض ومُشكّك في مصداقيتها، ويمكن عرض هذه المواقف فيما يلي:
1-من جانب بعثة مراقبة منظمات المجتمع المدني في الجابون: فقد أعلنت عن مراقبتها لنحو 94.8% على الأقل من مراكز الاقتراع، وأنها عملت في ظروف مُرضية، في حين اعتبرت شفافية العمليات الانتخابية كانت مُرضية في نحو 98.6% من الحالات، وأضاف المراقبون أن ممثلي الرئيس المؤقت كانوا حاضرين في 69.6% من مراكز الاقتراع التي تمت مراقبتها، بينما بلغت نسبة ممثلي منافسه الرئيسي بيلي باي نزيه داخل مراكز الاقتراع 8.2% فقط.
2-من جانب المرشحين المنافسين في الانتخابات: فقد أعلن المنافس الرئيسي “بيلي باي نزي” خلال مؤتمر صحفي عن اعترافه بفوز الجنرال أوليغي نغيما، متمنيًا له حظًّا سعيدًا، مضيفًا أن اعترافه هذا ليس تهنئة؛ لأن العملية الانتخابية من وجهة نظره كانت غامضة وفاقدة لمصداقيتها، بعد هيمنة نظام “PDG-CTRI” في إشارة منه إلى تحالف الحزب الديمقراطي الجابوني، الحزب الحاكم سابقًا، على لجنة الانتقال واستعادة المؤسسات التي يقودها المجلس العسكري بزعامة الجنرال نغيما، وأضاف المرشح الخاسر أنه لن يضيع وقته في الطعن على نتائج الانتخابات أمام المحكمة الدستورية التي يديرها شقيق الرئيس نغيما، واعدًا بتقديم البديل للرأي العام من خلال منصة “معًا من أجل الجابون”، والسعي إلى العمل المتواصل في ظل الجمهورية الخامسة في الجابون، ومن جانب باقي المرشحين فقد أشادوا بالسير السلس للانتخابات معترفين بخسارتهم فيها، مهنئين الجنرال بفوزه، متطلعين إلى مستقبل أفضل للجابون.([19])
3-من جانب الأحزاب السياسية: رغم أن كل المرشحين في الانتخابات ترشحوا بصورة فردية مستقلة، مما يوضح هشاشة وضعف الأحزاب السياسية في الجابون وافتقارها إلى حاضنة شعبية حقيقية، إلا أن مواقف الأحزاب السياسية من نتائج الانتخابات قد تنوعت ما بين مؤيد ومعارض لها، ففي حين أشاد فصيل من الحزب الديمقراطي الجابوني (PDG) وبعض الأحزاب السياسية الموالية للجنرال نغيما بالعملية الانتخابية، معلنين تأييدهم لرئاسة الجنرال نغيما معتبرين أنه أضفى حياة جديدة على الواقع السياسي في الجابون، وجلب الأمل للمستقبل، إلا أن هناك فصيلًا آخر من الديمقراطي الجابوني (PDG) يعتبر نفسه الممثل الشرعي للحزب، يتزعمه الوزير السابق علي أكبر أونانغا أن الانتخابات كانت بمثابة مسرحية بشعة، معلنًا خلال بيان صحفي عن رفضه للنتائج التي أعلنتها وزارة الداخلية، معتبرًا أنها تُعبِّر عن مهزلة انتخابية فاضحة، تفتقر للشفافية والحياد والنزاهة، معلنًا عن انضمامه إلى صفوف المعارضة، كما أدان هذا الفصيل تهميش القوى السياسية الرئيسية طوال فترة العملية الانتخابية، واحتكار وسائل الإعلام العامة مِن قِبَل المجلس العسكري الحاكم وتوجيهها لدعم الجنرال نغيما، بجانب تعبئة موارد الدولة لصالح دعم مرشح المجلس العسكري، مؤكدين على رفض الحزب دعم نظام انبثق عن انقلاب عسكري؛ لأنه بمثابة استمرار لنظام تم تنصيبه بالقوة، ودعا هذا الفصيل إلى صحوة وطنية وقومية وتشكيل جبهة سياسية معارضة لإحباط التجديد المقنع للنظام القديم الذي استولى على السلطة على حدّ وصفه، كما دعا إلى الاتحاد والاستعداد للانتخابات التشريعية والمحلية المقبلة لمنع الاستئثار الكامل بالسلطة مِن قِبَل نظام الجنرال نغيما.([20])
4-من جانب الشعب الجابوني: فعقب إعلان النتائج اندلعت مجموعة من الاحتفالات بفوز الجنرال مِن قِبَل أنصاره ومؤيديه، ورغم أن الغالبية العظمى من الشعب كانت ترى أن نتيجة الانتخابات محسومة سلفًا، لكن البعض احتفل بفوز الجنرال وتحوله من رئيس عسكري مؤقت إلى رئيس منتخب لفترة كاملة. وعلى النقيض من ذلك فقد أعربت مجموعة أخرى عن استيائهم من فوز الجنرال في الانتخابات، منتقدين له بسبب علاقته بعائلة بونجو؛ حيث يشار إلى أن والدة الجنرال نغيما كانت ابنة عم الرئيس السابق عمر بونجو، وقد خدم الجنرال نغيما الأسرة الحاكمة لسنوات خلال فترة حكم الأب عمر بونجو والابن علي بونجو، والتي أشرفت على نهب الثروات النفطية والمعدنية للجابون، وهو ما أدى إلى معاناة أكثر من ثلث السكان في الجابون؛ حيث لا يزالون يعيشون تحت خط الفقر، كما تم انتقاده بسبب ثرائه المادي غير المبرر؛ حيث كشف تحقيق أجراه مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد OCCRP)) أنه اشترى ثلاثة عقارات في ولاية ماريلاند الأمريكية تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، ويُعتقد أن تلك الأموال هي عائدات عمليات اختلاس قام بها الجنرال أثناء فترة خدمته في الحرس الرئاسي، وعند سؤاله عن مصدر تلك الأموال رفض الرد قائلاً: إن حياته الخاصة يجب أن تُحتَرم، وكذلك تم انتقاده بسبب حفاظه على علاقات قوية مع فرنسا المستعمر السابق لبلاده وزيارتها أكثر من مرة منذ توليه السلطة في الوقت الذي تراجعت شعبيتها في العديد من دول غرب ووسط إفريقيا.([21])
ب-المواقف الخارجية:
1-من جانب بعثات مراقبة الانتخابات الدولية:
فقد أرسلت عدة منظمات دولية بعثات لمراقبة العملية الانتخابية في الجابون، وتتمثل تلك البعثات في بعثة الكومنولث بقيادة رئيس سيشل السابق داني فوري، وبعثة الاتحاد الإفريقي بقيادة رئيس وزراء ساو تومي وبرينسيبي السابق باتريس تروفوادا، والرئيس البوروندي السابق دوميتيان نداييزي، بجانب بعثة الفرنكوفونية، برئاسة ديزيريه نياروهيريرا، المستشارة الدبلوماسية للأمين العام للمنظمة، وبعثة المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا، فضلًا عن مشاركة شبكة المدافعين عن حقوق الإنسان في وسط إفريقيا (Redhac)، ومن جانب الاتحاد الأوروبي فلم يرسل بعثة لمراقبة الانتخابات بسبب عدم وجود اتفاق بينه وبين حكومة الجابون، لكنه قام بدعم وتدريب عدد من منظمات المجتمع المدني المحلي لمراقبة الانتخابات؛ حيث تم تدريب أكثر من 900 شخص مِن قِبَل منصة تضم مجموعة من المنظمات غير الحكومية المحلية بمساعدة فنية من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والفرنكوفونية وعدد من السفارات الأجنبية العاملة في الجابون للإشراف على هذه الانتخابات، وعقب انتهاء مراقبة هذه البعثات للعملية الانتخابية فقد أشارت إلى حدوث الانتخابات في جوّ من السلمية والهدوء، وأشادت بنضج العملية الديمقراطية، وانتهاء المرحلة الانتقالية وعودة البلاد إلى الحكم الدستوري.([22])
2-من جانب رؤساء الدول والحكومات:
فقد قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاتصال بالجنرال أوليغي نغيما عقب إعلان فوزه بالانتخابات ووجه له تهنئة كعلامة على الاعتراف الدبلوماسي، ودعم تحول الجنرال الانقلابي إلى رجل دولة شرعي أمام الساحة الدولية، وخاصةً أنه بعكس الدول الإفريقية التي شهدت انقلابات عسكرية خلال السنوات القليلة الماضية وتوترت علاقاتها مع فرنسا، فقد حافظ الجنرال على علاقته مع باريس؛ حيث قام بعدة زيارات عمل إليها وأبرزها زيارتي مايو، وأغسطس 2024م، والتقي خلالها بالرئيس الفرنسي، وتم توقيع عدة عقود ومذكرات تفاهم في مجالات البنية التحتية للموانئ والسكك الحديدية والطرق، بلغت قيمتها نحو مليار يورو، تتيح للحكومة الفرنسية وشركات القطاع الخاص الفرنسية العمل في هذه القطاعات المتفق عليها في الجابون، بجانب استمرار القاعدة العسكرية الفرنسية في الجابون، والتي تضم نحو 200 جندي فرنسي مخصصين لتدريب قوات الدفاع في الجابون.([23])
كما قدم مجموعة من رؤساء الدول التهاني للجنرال نغيما وعلى رأسهم كل من الرئيس الصيني شي جين بينج، وملك المغرب محمد السادس، ورئيس ساحل العاج الحسن واتارا، ورؤساء جيبوتي، وتوجو، والسعودية، والإمارات، وقطر، وغيرهم من الرؤساء والملوك؛ حيث حظيت العملية الانتخابية ونتائجها في الجابون بترحيب دولي وإقليمي كبير دون ضغوط أو انتقادات تذكر.
سادسًا: التحديات المفروضة على النظام بعد فوزه في الانتخابات:
نظرًا لارتفاع تطلعات الشعب الجابوني وأمنياته بمستقبل أفضل وحلّ كل مشكلاته بعد سقوط نظام أسرة بونجو على يد الجنرال أوليغي نغيما، والتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية واعتباره المنقذ للجابون؛ ولهذا فإن الجنرال ونظامه ينتظر العديد من التحديات خلال الفترة المقبلة استجابةً لآمال الشعب الذي وضع ثقته فيه والذي ينتظر منه رفع المعاناة التي عاشها لعقود تحت حكم أسرة بونجو.
هذا، وتتنوع التحديات المفروضة على الجنرال نغويما، وعلى رأسها التحديات الاقتصادية المتمثلة في خفض معدلات الفقر والبطالة؛ حيث يعيش ثلث السكان في البلاد تحت خط الفقر، رغم أن الجابون دولة منتجة للنفط والأخشاب، وتُعدّ ثاني أكبر مُصدِّر للمنجنيز في العالم، وكذلك تحدي تحسين الحصول على خدمات الكهرباء والماء التي تقطع كثيرًا، فضلاً عن تحسين حالة البنية التحتية والطرق والمستشفيات والمدارس ووسائل النقل العامة، بجانب تقليل حجم الديون العامة التي بلغت نسبتها 73.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024م، ومن المتوقع أن تصل إلى 80% هذا العام بعد لجوء الجنرال نغيما للاقتراض من الخارج، مما جعل خصومه يتهمونه بزيادة الديون على البلاد، وهو ما يجعل الجابون تحتاج إلى تنويع اقتصادها المعتمد على النفط في ظل تقلب أسعار النفط العالمية، من أجل سداد هذه الديون، وخلق فرص عمل للشباب، وتعزيز قطاع الزراعة، والصناعة، والسياحة، ومكافحة الفساد.([24])
سابعًا: مستقبل المشهد السياسي في الجابون:
رغم فوز الجنرال نغيما بالانتخابات إلا أنه لا يزال ينظر قطاع غير قليل إليه على أنه بمثابة امتداد لنظام أسرة بونجو القديم، وبالتالي لا يمثل قطيعة حقيقية عن العهد البائد، ولن يحدث تغيير كبير في البلاد، وبالتالي يتخوّف البعض من إعادة إنتاج السياسات القديمة التي أرهقت شعب الجابون بكافة طبقاته، وخاصة تلك السياسات المتعلقة بالعمل السياسي، خاصةً بعدما سمح قانون الانتخابات للعسكريين بالترشح في الانتخابات التشريعية والمحلية، ولهذا يتخوف البعض أن يهيمن أنصار وأتباع الجنرال نغيما من العسكريين على المشهد الانتخابي خلال الفترة المقبلة، وتكوين برلمان مُوالٍ للنظام لا يُعبِّر عن نبض الشارع الجابوني، فضلًا عن شعور قادة الأحزاب السياسية في الجابون بالخوف على مستقبل بقاء الأحزاب التي ينتمون إليها، بعد احتمالات قيام الجنرال نغيما بإعادة صياغة المشهد الحزبي في البلاد، ووضع قانون للأحزاب السياسية يتم بموجبه تقليل عدد الأحزاب السياسية في البلاد، وإنشاء أحزاب سياسية جديدة يكون لها الصدارة في المشهد السياسي، خاصةً بعد وجود تصريحات تشير إلى احتمال تحول منصة تجمع البنائيين (RDB) التي دعمت الجنرال نغيما خلال الانتخابات إلى حزب سياسي مهيمن على المشهد السياسي في البلاد، وهو ما سيُضيّق الخناق على أحزاب المعارضة، التي تتطلع إلى السماح لها بالمشاركة في المشهد السياسي خلال الفترة المقبلة، وأخيرًا فمن المنتظر أن يتم تنصيب الجنرال نغيما بصورة رسمية رئيسًا للجابون يوم 3 مايو القادم، وعقب ذلك يتم تشكيل حكومة جديدة وتعيين نائب لرئيس الجمهورية، بجانب تعيين نائب رئيس الحكومة يكون مسؤولًا عن الحكومة في ظل نظام حكم رئاسي يتمتع فيه الجنرال نغيما بسلطات رئاسية موسعة.([25])
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإحالات والهوامش:
([1])-” CONSTITUTION DE LA REPUBLIQUE GABONAISE ” , p,p .11.
([2])-” Tout ce qu’il faut savoir sur l’élection présidentielle 2025 au Gabon ” , at , https://www.bbc.com/afrique/articles/ckgd50pgg4ro , 28/3/2025 .
([3])-“Décret n°0110:PR:MIS du 14 février 2025 fixant la date limite et les modalités de dépôt des déclarations de candidature pour l’élection du Président de la République du 12 avril 2025 , at , https://www.interieur.gouv.ga/view.twg?dir=633, 15/2/2025.
([4])-” PRESTATION DE SERMENT DES MEMBRES DE LA CNOCER: UNE ÉTAPE CLÉ DU PROCESSUS ÉLECTORAL ” , at , https://www.interieur.gouv.ga/9-actualites/606-prestation-de-serment-des-membres-de-la-cnocer-une-etape-cle-du-processus-electoral , 7/2/2025 .
([5])-” PRÉSIDENTIELLE DU 12 AVRIL 2025: LES MODALITES DES DECLARATIONS DE CANDIDATURE ” , at , https://www.interieur.gouv.ga/9-actualites/608-presidentielle-du-12-avril-2025-les-modalites-des-declarations-de-candidature , 25/2/2025.
([6])-Gerauds Wilfried Obangome ; ” Gabon coup leader eyes seven-year mandate in presidential vote ” , at , https://www.reuters.com/world/africa/gabon-coup-leader-eyes-seven-year-mandate-presidential-vote-2025-04-12 , 12/4/2025 .
([7])-“Présidentielle au Gabon: l’heure du choix après un demi-siècle de Bongo ” , at , https://www.lepoint.fr/afrique/presidentielle-au-gabon-l-heure-du-choix-apres-un-demi-siecle-de-bongo-08-04-2025-2586879_3826.php , 8/4/2025 .
([8])-” Gabon: qui sont les 8 candidats à la présidentielle du 12 avril prochain ?” , at , https://information.tv5monde.com/afrique/gabon-qui-sont-les-8-candidats-la-presidentielle-du-12-avril-prochain-2768480 , 1/4/2025.
([9])-” Présidentielle: Joseph Lapensée Essingone, « Le candidat de la rupture et du rassemblement ” , at , https://gabonactu.com/blog/2025/02/18/presidentielle-joseph-lapensee-essingone-le-candidat-de-la-rupture-et-du-rassemblement , 18/2/2025.
([10])-“Gabon: quatre candidats retenus pour l’élection présidentielle du 12 avril 2025, 19 recalés ” , at , https://www.rfi.fr/fr/afrique/20250309-gabon-quatre-candidats-retenus-pour-l-%C3%A9lection-pr%C3%A9sidentielle-du-12-avril-2025-19-recal%C3%A9s , 9/3/2025.
([11])-Isidore Kouwonou ; ” Voici les 8 candidats retenus pour la présidentielle au Gabon ” , at , https://www.bbc.com/afrique/articles/cdrxz727ylro , 10/3/2025 .
([12])-” Campagne d’Oligui Nguema: Controverse autour des anciens du PDG ” , at , https://www.gabonreview.com/campagne-doligui-nguema-la-controverse-autour-des-anciens-du-pdg , 25/3/2025 .
([13])-“Dieu, la démocratie et Brice Oligui Nguema: les Gabonais ont voté lors d’un scrutin test” , at , https://www.lepoint.fr/afrique/dieu-la-democratie-et-brice-oligui-nguema-les-gabonais-ont-vote-lors-d-un-scrutin-test-13-04-2025-2587211_3826.php , 13/4/2025.
([14])-” Présidentielle au Gabon: Alain-Claude Bilie-By-Nze fustige un vote “opaque et contestable ” , at , https://information.tv5monde.com/afrique/presidentielle-au-gabon-alain-claude-bilie-nze-fustige-un-vote-opaque-et-contestable , 14/4/2025.
([15])-“Provisional results show Gabon’s coup leader Oligui Nguema elected president in a landslide ” , at , https://www.pbs.org/newshour/world/provisional-results-show-gabons-coup-leader-oligui-nguema-elected-president-in-a-landslide , 13/4/2025 .
([16])-” Gabon’s leader Nguema elected president with 90.35% of vote, interior minister says ” , at , https://www.reuters.com/world/africa/gabons-leader-nguema-elected-president-with-9035-vote-interior-minister-says-2025-04-13 , 14/4/2025 .
([17])-” Résultats provisoires consolidés de l’Election Présidentielle ” , at , https://www.interieur.gouv.ga/9-actualites/682-resultats-provisoires-consolides-de-lelection-presidentielle , 19/4/2025 .
([18])-” Présidentielle Gabon: Oligui Nguema largement vainqueur dès le 1er tour avec 90,35 % des suffrages ” , at , https://www.ecomatin.net/gabon-clotaire-oligui-nguema-elu-president-de-la-republique , 13/4/2025 .
([19])-“Gabon: deuxième, Bilie-By-Nze critique une présidentielle «opaque» mais ne saisira pas la Cour constitutionnelle ” , at , https://www.rfi.fr/fr/afrique/20250414-gabon-deuxi%C3%A8me-bilie-by-nze-critique-une-pr%C3%A9sidentielle-opaque-mais-ne-saisira-pas-la-cour-constitutionnelle , 14/4/2025 .
([20])-” PDG ‘’Légaliste et Loyaliste »: La présidentielle du 12 avril, une « grossière mascarade électorale ” , at , https://gabonactu.com/blog/2025/04/20/pdg-legaliste-et-loyaliste-la-presidentielle-du-12-avril-une-grossiere-mascarade-electorale , 20/4/2025 .
([21])-“Gabonese react to Brice Oligui Nguema’s landslide presidential election election”, at , https://www.africanews.com/2025/04/14/gabonese-react-to-brice-oligui-nguemas-landslide-presidential-election-election , 14/4/2025 .
([22])-” Présidentielle au Gabon: Oligui Nguema clôture sa campagne dans le nord, les observateurs internationaux se préparent à Libreville ” , at , https://www.rfi.fr/fr/afrique/20250410-pr%C3%A9sidentielle-au-gabon-oligui-nguema-cl%C3%B4ture-sa-campagne-dans-le-nord-les-observateurs-internationaux-se-pr%C3%A9parent-%C3%A0-libreville , 10/4/2025 .
([23])-“Gabon: ce que l’on sait de la visite officielle du président Brice Oligui Nguema en France ” , at , https://www.rfi.fr/fr/afrique/20240522-gabon-ce-que-l-on-sait-de-la-visite-officielle-du-pr%C3%A9sident-brice-oligui-nguema-en-france , 22/5/2024 .
([24])-Tidiane Dioh ; ” Gabon: une victoire électorale, et après ? ” , at , https://www.lepoint.fr/afrique/gabon-une-victoire-electorale-et-apres-17-04-2025-2587600_3826.php , 17/4/2025.
([25])-” Gabon elections: why a landmark vote won’t bring real change ” , at , https://theconversation.com/gabon-elections-why-a-landmark-vote-wont-bring-real-change-253902 , 10/4/2025 .