نفى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن الناس يموتون من الجوع في بلاده، ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان، والتي تواجه أزمة غذائية ضخمة بسبب توالي النزاعات الداخلية وموجة جفاف شديدة.
وقال رداً على أسئلة النواب في البرلمان، إن “لا أحد يموت من الجوع في إثيوبيا”، إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى أن “الناس ربما توفوا بسبب أمراض” مرتبطة بسوء التغذية.
وأضاف رئيس الوزراء: “لا يمكن اتهامنا بتجاهل الجفاف والجوع”، مشيراً إلى أن حكومته خصصت أكثر من 250 مليون دولار مساعدات غذائية للمناطق المتضررة، وأكد أن استخدام الجفاف لأغراض سياسية هو أمر مدان.
وفي نهاية يناير، أكد مكتب أمين المظالم الإثيوبي، وهو هيئة فيدرالية مسؤولة عن ضمان الحكم الرشيد واحترام سيادة القانون، تسجيل ما يناهز 400 حالة وفاة بسبب الجوع في منطقتي تيغراي وأمهرة الشماليتين. وأشار مسؤول الهيئة للصحافيين إلى أن هذه الوفيات وقعت خلال الأشهر الستة السابقة، بحسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وندد المسؤولون المحليون بوقوع وفيات بسبب الجوع، لكن هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها هيئة فيدرالية عن هذا الأمر الذي لطالما نفته حكومة آبي.
وفي مطلع فبراير، تحدث شيفيراو تكليماريام، رئيس لجنة إدارة المخاطر الإثيوبية، وهي هيئة حكومية، والمنسّق المقيم للأمم المتحدة في إثيوبيا رامز الأكبروف، عن “انعدام يثير القلق للأمن الغذائي وزيادة في سوء التغذية”.
وعلى صعيد متصل، كثّف برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، جهوده لتقديم المساعدة المنقذة للأرواح لثلاثة ملايين شخص في الأسابيع القادمة، تفاديا “لكارثة إنسانية كبيرة”.
وصرح المدير القُطري بالنيابة للوكالة الأممية في أثيوبيا، كريس نيكوي، أن “برنامج الأغذية العالمي يعمل بالتعاون مع شركائنا بلا كلل للوصول إلى ملايين الأثيوبيين المعرضين للجوع خلال الربع الأول من السنة للمساهمة في منع وقوع كارثة إنسانية كبيرة”.
وأكد نيكوي أن “برنامج الأغذية العالمي قلق للغاية بشأن تدهور الأمن الغذائي في شمال أثيوبيا، حيث يعاني كثيرون من جوع شديد”.
وبدأ برنامج الأغذية العالمي، منذ نهاية 2023 ، في تنشيط آليات أكثر قوة لعملياته في أثيوبيا، حيث يعمل على تقديم المساعدة الغذائية الحيوية للسكان الأكثر جوعا جراء تضررهم من الجفاف والفيضانات والصراعات.
وأفادت الوكالة أن عمليات اللاجئين بالغة الأهمية هي الأخرى. فمع استمرار تدفقات اللاجئين الوافدين من السودان جراء النزاع الذي اندلع في أبريل 2023 ، من المتوقع وصول حوالي 200 ألف لاجئ سوداني إلى أثيوبيا، ما يضع ضغطا على المساعدة التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي للاجئين في حال عدم تلقي تمويل إضافي.
وأوضح نيكوي أن الوكالة سجلت، حتى الآن، قرابة 6.2 مليون من أكثر الناس هشاشة في أقاليم عفار، وأمهرة، وتيغراي، وصومال.
وكانت الوكالة الأممية والحكومة الأثيوبية قد أصدرتا، الأسبوع الماضي، نداء مشتركا لتعبئة تمويل عاجل للتعامل مع ارتفاع مستوى الجوع في شمال البلاد.
ولاحظ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، يوم الجمعة الماضي، أن أكثر من ستة ملايين شخص، حتى الآن، يتلقون مساعدات غذائية ونقدية في المناطق المتضررة، إلا أن فجوات كبيرة ما تزال قائمة.
ومنذ استئناف توزيع الغذاء مطلع ديسمبر الماضي، قام برنامج الأغذية العالمي بإيصال مساعدات إلى مليوني شخص في تلك المناطق، مستهدفا الوصول خلال الأسابيع القادمة إلى ثلاثة ملايين شخص، بينهم قرابة مليونين في تيغراي.
لكن الوكالة الأممية تحتاج بشكل عاجل إلى 142 مليون دولار أمريكي لتجديد مخزونها المحدود من المواد الغذائية في البلاد حتى تتمكن من الوصول وتقديم المساعدة للأشخاص الأكثر هشاشة إلى غاية يونيو 2024 ، ومواجهة الجفاف بشكل أفضل.
وقال نيكوي “إذا لم يتلق برنامج الأغذية العالمي تمويلا إضافيا، سنضطر لوقف توزيع الغذاء على اللاجئين في أبريل”.
وتشير أحدث تقديرات الحكومة الأثيوبية لاحتياجات الأمن الغذائي إلى أن 15.8 مليون شخص سيواجهون الجوع وسيحتاجون إلى مساعدة غذائية سنة 2024 ، بينهم أكثر من أربعة ملايين نازح و7.2 مليون شخص يعانون من مستويات عالية لانعدام الأمن الغذائي، ما يجعلهم بحاجة إلى مساعدة عاجلة.
ولفت برنامج الأغذية العالمي إلى أن الهدف العام يتمثل في تقديم مساعدة غذائية لـ40 في المائة من مجموع 7.2 مليون شخص، إذا توفرت الموارد، فيما ستدعم الحكومة وشركاء آخرون البقية.
ويهدف برنامج الأغذية العالمي، في هذا الصدد، للوصول إلى 1.4 مليون شخص سنة 2024 ، من خلال أنشطة تعزيز وسائل العيش والنظم الغذائية في أثيوبيا، بما يشمل خططا لجمع المياه وري الأراضي وتحسين الوصول إلى الأسواق، إلى جانب التدريب حول أفضل الممارسات الزراعية وتقنيات تجنب خسارة ما بعد الحصاد.