عُقِدَتْ القمة الاستثنائية السابعة لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا في 7 سبتمبر 2025م داخل مركز المؤتمرات الدولي في “سيبوبو“، على بُعد حوالي 15 كيلو مترًا من “مالابو” – عاصمة غينيا الاستوائية-، برئاسة “تيودورو أوبيانغ نغيما مباسوغو“، رئيس دولة غينيا الاستوائية والرئيس الحالي لمؤتمر رؤساء الدول والحكومات.
وشاركه الحضور رؤساء دول كلٍّ من بوروندي وجمهورية إفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية والغابون، وممثلون لرؤساء دول كلٍّ من جمهورية الكونغو والكاميرون وأنغولا وتشاد؛ وساو تومي وبرينسيبي، وذلك بالإضافة إلى حضور السفير “جيلبرتو دا بيداد فيريسيمو” -رئيس مفوضية الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا-، والسيد “عبدو أباري” -الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في وسط إفريقيا ورئيس المكتب الإقليمي للأمم المتحدة في وسط إفريقيا-.
وتخللت القمة كلمات لكلٍّ من الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في وسط إفريقيا، والرئيس الحالي للجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا. وشهدت تداولات نقاشية بشأن الأوضاع الأمنية في شرق الكونغو الديمقراطية وقرارات تعيين رئيس جديد لمفوضية الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، ومطالبات باستكمال الأعضاء الآخرين، وأجرت تقييمات لتقدماتها وتحدياتها.([1])
سياقات متزامنة:
بداهةً، تعكس تجليات القمة الاستثنائية السابعة، كإجراء استثنائي بعد مرور فترة وجيزة من انعقاد القمة العادية “السادسة والعشرين لمؤتمر الرؤساء والحكومات في 7 يونيو 2025م([2])، وبعد انعقاد القمة السادسة الاستثنائية المنعقدة في فبراير 2025م بشأن الوضع الإنساني في وسط إفريقيا في العاصمة ذاتها([3])، أنّ انعقادها في سبتمبر 2025م يأتي في سياقات إقليمية ملتهبة على كافة الأصعدة السياسية والأمنية؛ فالقمة تتزامن مع حالة انقسام متزايدة بين أطراف جماعة “الإيكاس”، وهي حالة أظهرتها الخلافات التي أثيرت بعد بإعادة تعيين رئيس غينيا الاستوائية، “تيودورو أوبيانغ نغيما مباسوغو“، رئيسًا دوريًّا لجماعة “الإيكاس” لمدة عام إضافي بدلًا من رواندا، والتي أدَّت إلى انسحاب رواندا منذ يونيو 2025م([4]).
كما أنها انعقدت وسط حالة من انعدام الأمن وتشابك الأزمات، وتصاعد نشاط الجماعات المسلحة والمتمردة، والتداول غير المشروع للأسلحة، والقرصنة في وسط إفريقيا التي كشف عنها تقرير الممثل الخاص ورئيس مكتب الأمم المتحدة الإقليمي في وسط إفريقيا في يونيو 2025م؛ حيث أشار إلى استمرار عنف الجماعات الإرهابية في حوض تشاد، والعنف الطائفي، وتغيّر المناخ، والنزاعات المسلحة، وسلط الضوء على بؤرتين رئيسيتين لعدم الاستقرار الإقليمي؛ هما: حوض بحيرة تشاد، ومنطقة البحيرات العظمى([5]). وتطرَّق -على وجه الخصوص- إلى “تصاعد التوترات بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، وتدهور الوضع الإنساني في شرق الكونغو الديمقراطية”.([6])
رسائل ودعوات:
شكَّلت القمة الاستثنائية السابعة إحدى محاولات جماعة “الإيكاس” لتجديد هيكل سلطتها التنفيذية، وتقييم جهودها وولايتها، وشكَّلت منصة للتشاور حول أوضاعها الأمنية والسياسية والاقتصادية([7]). وحملت القمة -إضافة إلى الإشادة والامتنان لجمهورية غينيا الاستوائية على حسن الاستضافة والاستقبال-، عددًا من الرسائل والدعوات، يمكن استعراضها كما يلي:
1-الإقرار بالسجل المتباين لأداء ولاية المفوضية المنتهية:
مثَّلت قمة الإيكاس الاستثنائية السابعة فرصة لتقييم ولاية المفوضية التي انتهت في 31 أغسطس 2025م، وشهدت –إضافة إلى عبارات وبيانات الإشادة والثناء والترحيب بجهود المفوضية المنتهية ولايتها برئاسة السفير “جيلبرتو دا بيداد فيريسيمو” وكامل فريقه التنفيذي– إقرارًا واتفاقًا بأن المفوضية المنتهية ولايتها قدَّمت سجلًا متباينًا؛ فكما أعطت زخمًا في إدارة القضايا الأمنية والاقتصادية والثقافية والسياسية، ونجحت في تنفيذ عدد من الإصلاحات المؤسسية، وإطلاق منطقة التجارة الحرة التشغيلية، وتطوير السياسة الإنسانية الإقليمية، وإنشاء صندوق المساعدة الإنسانية للجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، ودعم التحولات السياسية في تشاد والغابون…؛ إلا أنها لم تُنْهِ كافة تحديات الإقليم على النحو المأمول، ولم تُعالج أزماته وصراعاته وصعوباته الاقتصادية ولم تكمل إصلاحاتها المؤسسية وخططها الموضوعة.([8])
وللحديث عن ذلك؛ أشار الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في وسط إفريقيا في كلمته أثناء القمة، قائلًا: “إنني أتطلع إلى مناقشاتٍ وتعاونٍ مستقبلي مع الرئيس الجديد للمفوضية وفريقه بأكمله […]، لدعم المنطقة الفرعية في سعيها نحو مزيدٍ من السلام والاستقرار والازدهار… الطريق إلى تحقيق ذلك يشمل، من جملة أمور، مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف في حوض بحيرة تشاد، بالإضافة إلى إعادة السلام الدائم إلى شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية ودولٍ أخرى تعاني من أزماتٍ سياسيةٍ عميقةٍ أو صراعاتٍ دامية.([9])
2-إرساء ملامح ولاية المفوضية الجديدة:
أدرجت القمة الاستثنائية السابعة بند التجديد الهيكلي والمؤسسي للمفوضية على جدول أعمالها. ومثل تعيين السفير إيزيكيل نيبيجيرا، وزير الخارجية البوروندي السابق، رئيسًا للمفوضية لولاية مدتها خمس سنوات قابلة للتجديد، النتيجة الرئيسة لها؛ حيث جاء تعيينه على أساس توصيات مجلس وزراء الجماعة الاقتصادية ليخلف نظيره السابق الأنغولي جيلبرتو دا بيداد فيريسيمو([10]).
جدير بالذكر أن المفوضية -على خلاف تعيينها لرئيس الجماعة الاقتصادية في القمة العادية 26 السابعة-، التزمت بقاعدة تعيين رئيس المفوضية التي تقر مبدأ التناوب بناءً على الترتيب الأبجدي لدول المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، فأنغولا هي الدولة الأولى في الترتيب الأبجدي، تليها بوروندي. ([11])
ولم يكد الرئيس الجديد يؤدي اليمين في القمة، حتى تم تكليفه بمواصلة الإصلاحات الجارية، واستعادة الثقة في المفوضية، وإدارة التوترات الأمنية المستمرة، لا سيما في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتعاون مع الدوائر والموظفين في المكتب؛ لضمان استمرارية العمل حتى تولّي المفوضين الجدد ورؤساء الإدارات مناصبهم.
بالإضافة إلى مطالبته بوضع جدول لاستكمال عملية اختيار الأعضاء الآخرين في المفوضية خلال خمسة وأربعين (45) يومًا التي تشمل ستة (6) مناصب شاغرة (نائب الرئيس، مفوضو الشؤون السياسية، السوق المشتركة، البيئة، التخطيط الإقليمي، وتعزيز المساواة بين الجنسين).
وفي خطاب قبوله، أكد الرئيس الجديد على أهمية العمل الجماعي، واستمرارية المؤسسات، ودعا موظفي المفوضية إلى دعمهم لمواجهة تحديات الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، وأكَّد التزامه بالعمل مع جميع الوزراء والشركاء لتعزيز التكامل الإقليمي وتعزيز مكانة المنظمة الدولية.([12])
3-التأكيد على نهج الإصلاحات والتكامل الإقليمي:
تُنفّذ جماعة “الإيكاس” نهجًا إصلاحيًّا لأهدافها وأُطُرها ومؤسساتها وبرامجها، وهو نَهْج بدأته منذ 2015م وأكَّدت عليه في قمتها العادية رقم 26 لمؤتمر الرؤساء والحكومات السابقة في يونيو 2025م، التي عُقدت تحت شعار: “تعزيز إنجازات إصلاح الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا لتسريع التكامل الإقليمي وبناء مجتمع مصير مشترك في وسط إفريقيا”؛ حيث أجرت تقييمًا لتقدماتها في مجال الإصلاحات المؤسسية أو الحوكمة، ووضع إطارًا سياسيًّا لتعزيز التعاون في الشؤون الأمنية، واعتمدت نصوصًا هيكلية بشأن قضايا رئيسية مثل الأمن البحري، والاقتصاد الأزرق، والعمل الإنساني، والتكامل القانوني وجددت التزامها بمنطقة أكثر تكاملًا واتحادًا وتطلعًا نحو المستقبل، وفي القمة الاستثنائية السابعة، دعا رؤساء الدول الرئيس الجديد إلى تسريع التكامل الاقتصادي والسياسي للمنطقة الفرعية، وتعزيز السلام والأمن الإقليميين وتعزيز حرية تنقل الأشخاص والسلع لتحفيز التجارة بين البلدان الإفريقية وتحقيق طموحات منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقي وتعزيز التضامن الإقليمي في مواجهة التحديات المشتركة، مثل تغيُّر المناخ والتبعية الاقتصادية والتحول في مجال الطاقة.([13])
4-الدعوة إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي:
تطرَّقت القمة الاستثنائية السابعة إلى حالة انعدام الأمن في شرق الكونغو الديمقراطية؛ حيث استعرضت القمة معلومات ومستجدات الوضع الأمني والإنساني في شرق الكونغو الديمقراطية إثر هجمات حركة 23 مارس وغيرها من الجماعات المسلحة المتمردة منذ يناير 2025م؛ حيث رحبت بالجهود المشتركة لعمليات لومي والدوحة وواشنطن لاستعادة الاستقرار، ولتحقيق سلام دائم في الجزء الشرقي من البلاد، وفي جميع أنحاء منطقة البحيرات العظمى، وجهت دعوة إلى جميع أطراف النزاعات لتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2773 باعتبارها أساس السلام في المنطقة، بهدف إنهاء الأزمة وتحقيق سلام دائم وضروري لمعالجة الأزمات الإنسانية والأمنية التي تؤثر على العديد من الدول الأعضاء.([14])
تحوُّلات محتملة:
يَعِي المدقق لمخرجات ورسائل القمة الاستثنائية السابعة، ولا سيما تعيين رئيس المفوضية الجديد، ودعوات تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2773، وتجاهل غياب رواندا عن القمة واستمرار انسحابها منذ يونيو 2025م دون رد فعل رسمي؛ أن الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا مرشحة لمواجهة مجموعة من التحولات المحتملة، يمكن تقديرها كما يلي:
1-استمرار الخلافات بين الإيكاس ورواندا:
يحسب المتابع أن خطوة الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا بتعيين “السفير البوروندي ووزير الخارجية السابق، إيزيكيل نيبيجيرا” رئيسًا جديدًا لمفوضيتها للسنوات الخمس المقبلة وفق الترتيب الأبجدي، قد تدفع باستمرار التوتر والخلافات بين الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا ورواندا التي أعلنت انسحابها في يونيو 2025م([15])؛ فتعيينه يأتي فقط بعد فترة وجيزة من استبعاد رواندا مِن تولّي رئاسة الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا في يونيو 2025م؛ حيث تم الإبقاء على رئاسة غينيا الاستوائيَّة لعام آخر دون أيّ اعتبار للترتيب الأبجدي، وهو ما اعتبرته رواندا انحرافًا عن مبادئ الجماعة الاقتصادية، وخضوع الجماعة لإملاءات جمهورية الكونغو الديمقراطيَّة؛ حيث قال وزير الخارجية والتعاون الدولي السفير أوليفييه ندوهونجيريهي خلال القمة العادية السادسة والعشرين للمجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا: “هذا حقٌّ لرواندا، كأيّ دولة عضو أخرى؛ لأن الرئاسة تُمنَح بحسب الترتيب الأبجدي، وقد جاء دور رواندا لتمارسها… ومن غير المقبول أن نرى الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا تقبل أن يتم التلاعب بها مِن قِبَل الحكومة الكونغولية، وتقبل إملاءات دولة عضو واحدة، وتطلب تمديد الرئاسة للرئيس الحالي، ولهذا السبب انسحبت رواندا من الكتلة”.
2-زيادة التصدُّع الإقليمي للإيكاس:
تُصوّر مخرجات ورسائل القمة حجم الانقسامات والتوترات السياسية بين جماعة الإيكاس ورواندا، وتعكس حالة من الجمود لجماعة الإيكاس وإخفاقها في استيعاب وإدارة تناقض وتضارب مصالح أطرافها الأعضاء؛ فبدلًا من لعب دور لإنهاء أزمة الشرق الكونغولي وحلحلة التوتر بين الكونغو الديمقراطية وبوروندي من جهة، وبين رواندا من جهة أخرى، تحوَّلت قِمَم ومؤتمرات الجماعة إلى ساحة لتصفية الخلافات والتوترات البينية ومنصة لتبادل الاتهامات والتصريحات العدائية، وقد انتهى قرار الإيكاس باستبعاد رواندا مِن تولّي رئاستها وفق الترتيب الأبجدي المنصوص عليه بموجب المادة 6 من المعاهدة المنشئة لها إلى انسحاب رواندا، وبالتالي، فمن شأن ذلك الانسحاب واستمراره وتبريراته دون أيّ محاولة من الإيكاس لاستعادة رواندا إليها أن يُهدّد بانفراط عقد الجماعة، وتشجيع الأعضاء الآخرين على الانسحاب في حالة شعورهم بالتهميش أو الإقصاء أو عدم فعالية الجماعة في تحقيق أهدافهم ومصالحهم الحيوية، وهو تحوُّل غير مُستبعَد للجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا؛ فجماعة الإيكاس مقارنةً بغيرها من الجماعات والتكتلات الإقليمية الأخرى في إفريقيا، تعاني من ضعف التماسك والترابط الإقليمي وتعاني من انتماء أطرافها إلى تكتلات إقليمية أخرى بما في ذلك: جماعة شرق إفريقيا، والجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي، والسوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا، والجماعة الاقتصادية لغرب إفريقيا. ويأتي على رأس تلك الأطراف كلّ من الكونغو الديمقراطية ورواندا وبوروندي وأنجولا. وللتدليل على ذلك، يمكن القول: إن رواندا برَّرت انسحابها الأول عام 2007م من جماعة الإيكاس برغبتها في تركيز مشاركتها في تكتلات إقليمية أكثر فعالية مثل جماعة شرق إفريقيا قبل أن تعاود الانضمام إليها في 2016م.([16])
3-تراجع موثوقية وحيادية الإيكاس:
تُعزّز رسائل ومخرجات القمة الاستثنائية السابعة، وخاصةً تعيين رئيس المفوضية ذي الأصول البوروندية، وتأكيدها على تنفيذ قرار مجلس الأمن شعور رواندا بعدم حيادية “الإيكاس”، وتدفعها إلى التشكيك في كونها جماعة نزيهة وحيادية يمكن قبولها كطرف وسيط لإرساء السلم والأمن في وسط إفريقيا، بما في ذلك الحرب القائمة في شرق الكونغو الديمقراطية. جدير بالذكر أن اتهامات رواندا لجماعة الإيكاس ليست وليدة الصدفة وإنما ظهرت مرارًا وتكرارًا، ويكفي القول: إنه إثر استبعادها من القمة العادية الثانية والعشرين في كينشاسا، برئاسة الكونغو، وجهت رواندا رسالة إلى الاتحاد الإفريقي، ونددت بهذا الاستبعاد باعتباره غير قانوني، وذكرت أن الجماعة تعمل بما يخالف أهدافها ومبادئها.([17])
4-تضاؤل دور الإيكاس في إرساء السلام والأمن:
تعتمد الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا على برتوكول السلم والأمن منذ فبراير 1999م، ونقَّحته في ديسمبر 2019م، بغرض تعزيز التعاون الأمني بين أطرافها. والشاهد أن ذلك البرتوكول يسمح لها بدور أكثر انخراطًا في إرساء الأمن والصراع إلى جانب دورها الاقتصادي والتنموي.
جدير بالذكر أن مخرجات ورسائل القمة الاستثنائية السابعة يمكن أن تُضْعِف جهود الجماعة في التنسيق الأمني والعسكري والمعلوماتي لمواجهة التهديدات المشتركة، وذلك يعني تراجع قدراتها على مواجهة الجماعات المسلحة والمتمردة والجهادية النشطة في وسط إفريقيا. ولعل ذلك يدفع الدول الأعضاء إلى البحث عن تحالفات جديدة لتعزيز أمنها، وربما يزيد من اعتمادها على دعم خارجي؛ مما يُغيِّر توازن القوى في المنطقة بدلًا من الاعتماد على المنظمات الإقليمية. الأمر الذي يُقلّل من فرص وقدرة الإيكاس على لعب دور في إرساء السلم والأمن في وسط إفريقيا وعدم قدرتها على تحقيق التكامل الأمني وتطبيق الأمن الجماعي وفقًا لبرتوكول السلم والأمن المنقح.
5-تهديد جهود عمليات السلام في شرق الكونغو:
يبدو أن محاولات الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا لِلَعب دَوْر في أثناء الصراع والحرب القائمة في شرق الكونغو الديمقراطية؛ حوَّلت الجماعة من جماعة إقليمية تسعى إلى تحقيق السلام والأمن الإقليمي وإنهاء الحرب في شرق الكونغو، إلى ساحة لتصفية الخلافات السياسية بين الأطراف المتصارعة في الحرب؛ حيث أصبحت منصة لتبادل الاتهامات والتصريحات العدائية بين كلٍّ من رواندا من جهة وبين الكونغو الديمقراطية من جهة أخرى.
ولا شك أن مواقف الجماعة الاقتصادية بشأن إدانة تدخل رواندا في حرب الكونغو الديمقراطية؛ حيث طالبت رواندا بالانسحاب من شرق الكونغو والتوقف عن دعم حركة 23 مارس، لا سيما خلال القمة الاستثنائية السادسة في فبراير 2025م، ونادت في القمة الاستثنائية السابعة في سبتمبر 2025م بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي والذي مفاده توقف رواندا عن دعم حركة 23 مارس، وسحب قواتها من شرق الكونغو الديمقراطية، ولا شك أن ذلك يُلْقِي بظلاله على جهود وعمليات إرساء السلام والمفاوضات لإنهاء الحرب في الكونغو الديمقراطية، فقد يدفع الكونغو الديمقراطية إلى التسمك بأطروحاتها، وإظهار حالة من الجمود في المفاوضات بدعوى أنها تحظى بتأييد إقليمي، وفي الوقت ذاته، يُعزّز شعور رواندا بأنها محل عداء وإدانة من التكتل الإقليمي لجماعة وسط إفريقيا برئاسة الكونغو الديمقراطية وبورندي، مما يعني استمرارها في عدم الاستجابة إلى محاولة التسوية السلمية للحرب في شرق الكونغو الديمقراطية، ويقود إلى تفريغ مضمون عمليات الوساطة القائمة سواء التي تتم في الدوحة أو التي تتم في واشنطن.
6-تراجع جهود التكامل الاقتصادي والتجاري:
تتمثل أهداف الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا في تعزيز التكامل الإقليمي في جميع مجالات النشاط السياسي والأمني والاقتصادي والنقدي والمالي والاجتماعي والثقافي والعلمي والتقني، وتعزيز العلاقات السلمية الوثيقة بين الدول الأعضاء. ولا شك أن تلك الأهداف تظل غير قابلة للتحقق وسط استمرار تحديات وتهديد التصدع والتفكك المحتمل للجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا([18]). وهي تحديات تُحفّزها مخرجات ورسائل القمة الاستثنائية السابعة، وتُعرقل قدرة الجماعة على الاستفادة من مواردها وقدراتها المتمثلة في كونها سوقًا مشتركة طموحة، وتملك ثروات معدنية وإمكانية كهرومائية ضخمة واحتياطات نفطية هائلة، كما أن أهدافها ذات الصلة بالتكامل الاقتصادي والتجاري والمالي لا تزال تحتاج إلى تطبيق أكثر فعالية للعديد من القرارات، ولا سيما بروتوكول بشأن حرية التنقل وحق الإقامة لمواطني بلدان المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، وتسهيل الإجراءات الجمركية، وإنشاء آلية التعويض، وإزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية، وهو أمر لا يمكن تصوره في ظل استمرار تحديات الأمن والتصدع الإقليمي الذي يهدّد الجماعة.([19])
ختامًا، يمكن القول: إن انعقاد القمة الاستثنائية السابعة لمؤتمر رؤساء وحكومات دول وسط إفريقيا يأتي وسط تصاعد حالة انعدام الأمن والتنامي النشط للجماعات المسلحة والمتمردة في وسط إفريقيا. وإن حيثيات انعقادها ومخرجاتها ورسائلها تعكس انقسامات وخلافات داخلية بين أطراف الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا حول تولّي رئاسة الإيكاس وتدخلها في أزمة شرق الكونغو، وتنذر –في حال استمرارها- بتفكك وتصدُّع محتمل لجماعة الإيكاس، وبتضاؤل قدراتها على الحيادية والوساطة، وتُغذّي التوترات بين الإيكاس ورواندا، وتُهدّد فرص التسوية السلمية لأزمة شرق الكونغو الديمقراطية، وهو ما يُهدّد قدرة الجماعة على تحقيق التكامل الإقليمي ويُعجّل بانهيارها وانفراط عقد أطرافها.
………………………..
[1] 7ème Session extraordinaire de la CEEAC, Sipopo : la Conférence appelle à la mise en œuvre immédiate de la résolution 2717 du Conseil de Sécurité de l’ONU, socle de la paix dans la region, 10 septembre 2025, https://bitl.to/54h0
[2] CEEAC : les chefs d’État d’Afrique centrale se réunissent à Malabo pour accélérer l’intégration régionale, Gabon news, 5 Juin 2025, https://bitl.to/54gs
[3] VIème session extraordinaire de la Conférence des Chefs d’Etat et de Gouvernement de la CEEAC, ceeac-eccas, https://bitl.to/54gu
[4] CEEAC | La Guinée équatoriale reconduite à la présidence de la CEEAC sur fond de tensions entre RDC et Rwanda, AFRIMAG, 9 juin 2025, https://bitl.to/54gv
[5] Conseil de sécurité: l’Afrique centrale face à un enchevêtrement de crises, UN, 10 juin 2024, https://bitl.to/54gx
[6] Afrique centrale : le Conseil de sécurité informé sur la situation de la sous-région, UNOCA, 17 juin 2025, https://bitl.to/54gy
[7] CEEAC: les chefs d’État d’Afrique centrale se réunissent à Malabo pour accélérer l’intégration régionale, Gabon view, 5 juin, 2025, https://bitl.to/54gs
[8] 7ème Session extraordinaire de la CEEAC, Sipopo : la Conférence appelle à la mise en œuvre immédiate de la résolution 2717 du Conseil de Sécurité de l’ONU, socle de la paix dans la region, 10 septembre 2025, https://bitl.to/54h0
[9] Paix et développement en Afrique centrale : faire progresser le partenariat entre la CEEAC et l’ONU, UNOCA, 7 sep 2025, https://bitl.to/54h2
[10] Les États d’Afrique centrale nomment un président burundais à la tête de la comission de la CEEAC, RFI, 08/09/2025, https://bitl.to/54h4
[11] CEEAC : ouverture du sommet extraordinaire dimanche à Malabo, 6 September 2025, https://bitl.to/54h7
[12] Ezéchiel Nibigira of Burundi Is Elected to Lead Central African Bloc ECCAS, Ecofin agency, 09 September 2025, https://bitl.to/54hA
[13] CEEAC | Tenue d’un sommet extraordinaire, septembre 07, 2025, https://bitl.to/54hD
[14] La CEEAC appelle à la mise en œuvre immédiate de la résolution 2773 du Conseil de sécurité des Nations Unies, Radio Okapi, 8 September 2025, https://bitl.to/54gq
[15] Les États d’Afrique centrale nomment un président burundais à la tête de la comission de la CEEAC, RFI, 08/09/2025, https://bitl.to/54h4
[16] Peace and Security in Central Africa, springer, 25 May 2022, https://link.springer.com/chapter/10.1007/978-3-030-82020-6_8
[17] Le Rwanda annonce son retrait de la Communauté économique des États de l’Afrique centrale, 09/06/2025, https://bitl.to/54hE
[18] Rwanda Withdraws From Central African Bloc, Citing Political Interference by DRC, Rwanda dispatch, 8 June 2025, https://bitl.to/54hG
[19] LA CEEAC EN BREF, ceeac-eccas, 28 mai 2023, https://bitl.to/54hH