العناصر الرئيسية:
– وصول مجموعة من ذوي البشرة البيضاء من جنوب إفريقيا إلى واشنطن بعد منحهم وضع اللجوء.
– مزايدة ترامب على حالة الأقلية من المستوطنين الأوروبيين في جنوب إفريقيا، ووصفهم بضحايا التمييز.
– استحواذ المستوطنين من الأصول الأوروبية على قرابة 50% من أراضي البلاد، رغم أنهم يُشكّلون 7% فقط من سكان جنوب إفريقيا.
– أثار دور السياسة والمصالح الإستراتيجية في اختيار الأشخاص الذين يُمنحون صفة اللاجئ جدلًا واسعًا.
– نفى رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا صحة مزاعم ترامب واصفًا إياها بالعارية عن الدليل.
– كان التعريف الأصلي يقتصر على اللاجئين الأوروبيين بعد الحرب العالمية الثانية، ثم تم تعديله في عام 1967م ليشمل الجميع.
– تنداي أشومي، أستاذة القانون في جامعة ستانفورد، تُندّد بازدواجية المعايير في التعامل مع اللاجئين (أوكرانيا نموذجًا).
المصدر: بي بي سي أفريك
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
مع وصول 59 من ذوي البشرة البيضاء من جنوب إفريقيا، في الأسبوع الماضي، إلى مطار دالاس بالقرب من واشنطن العاصمة، بعد منحهم وضع اللجوء؛ قال الرئيس الأمريكي ترامب: “إن الأفريكان، وهم أقلية من المستوطنين الأوروبيين، هم ضحايا “التمييز العنصري” و”الإبادة الجماعية”.
وقد نفى ذلك رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، مشيرًا إلى أن المزاعم المعنية غير صحيحة، ولا يوجد أيّ دليل على ذلك.
وحظيت هذه المجموعة من الرجال والنساء والأطفال، الذين ارتدوا ملابس غير رسمية، وحملوا الأعلام الأمريكية، بترحيب حارّ مِن قِبَل السلطات الأمريكية، في خطوة يقول النقاد: إنها تتناقض بشكلٍ حادّ مع موقف إدارة ترامب الحالي بشأن اللاجئين.
وفي يناير الماضي، أصدر الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًّا بتعليق برنامج توطين اللاجئين، مما أدى إلى توقيف عمليات قبول اللاجئين، وترك أكثر من مائة ألف شخص عالقين.
غير أن المرسوم ينص على استثناءات محدودة تُحدِّد على أساس كل حالة بشكلٍ مستقل. ثم تبع ذلك في الشهر التالي توقيع الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًّا آخر يمنح الأفارقة وضع اللاجئ.
وقد أثار هذا القرار انتقادات وغضبًا في جنوب إفريقيا؛ حيث يمتلك الأفريكان، الذين لا يمثلون سوى 7% من سكان البلاد، نصف الأراضي الزراعية. وقد وصف الرئيس رامافوزا أعضاء المجموعة الذين لجأوا إلى الولايات المتحدة بأنهم “جبناء”.
وأضاف: “إذا نظرتم إلى كل المجموعات الوطنية في بلادنا، سواء كانوا سودًا أم بيضًا، فقد بقوا في هذا البلد لأنها بلادنا، ويجب ألا نهرب من مشاكلنا؛ علينا أن نبقى هنا، ونحل مشكلاتنا”.
كما أدانت جماعات حقوق الإنسان والمعلقون وحتى الكنيسة الأسقفية هذا القرار؛ حيث قالت: إنها لن تساعد في إعادة توطين الأفارقة بسبب التزامها بـ”العدالة العرقية والمصالحة”، مما يضع حدًّا لشراكتها التي دامت ما يقرب من 40 عامًا مع الحكومة الأمريكية.
وقد سألت هيئة الإذاعة البريطانية مساعد وزير الخارجية جون لانداو حول سبب منح جنوب إفريقيا البيض وضع اللاجئ على حساب الأشخاص الفارين من الاضطهاد، مثل الأفغان. فقال: “إن معايير الدخول تأخذ في الاعتبار سهولة استيعاب اللاجئين”. مما أثار نقاشًا حول دور السياسة والمصالح الإستراتيجية في اختيار الأشخاص الذين يُمْنَحُون وصف “اللاجئ”.
من هو اللاجئ؟
وفقًا لاتفاقية عام 1951م الخاصة بوضع اللاجئين، يُعرَّف اللاجئ بأنه “شخص موجود خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، بسبب خوف له ما يُبرِّره من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف أو لا يريد أن يستظل/ تستظل بحماية ذلك البلد أو العودة إليه؛ خشية التعرض للاضطهاد”.
كان التعريف الأصلي يقتصر على اللاجئين الأوروبيين بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن تم تعديل الاتفاقية في عام 1967م لإزالة القيود الجغرافية. بالإضافة إلى تعريف اللاجئ، تنص الاتفاقية أيضًا على حقوق اللاجئين.
اللاجئون بالأرقام:
تجدر الإشارة إلى أن عدد اللاجئين، وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في العالم بلغ 43.7 مليون لاجئ بحلول يونيو 2024م. يأتي 65% من جميع اللاجئين الذين تُعنَى بهم المفوضية من أربعة بلدان فقط هي سوريا وفنزويلا وأوكرانيا وأفغانستان.
وتستضيف البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل الغالبية العظمى من اللاجئين، أي 71% منهم. وتعتبر إيران وتركيا وكولومبيا وألمانيا وأوغندا من بين الدول الخمس الرئيسية المستضيفة للاجئين. وتستضيف البلدان المجاورة نحو 70 في المائة من اللاجئين.
في عهد الرئيس جو بايدن، تم تحديد عدد اللاجئين المسموح لهم بدخول الولايات المتحدة ب 125.000 لاجئ سنويًّا. خلال السنة الأخيرة من رئاسته، حصل أكثر من 100 ألف شخص على صفة لاجئ، وهو أعلى رقم منذ ثلاثين عامًا.
ما الفرق بين اللاجئ وطالب اللجوء والمهاجر؟
اللاجئ: هو شخص هرب من بلده؛ بسبب الحرب أو العنف أو الاضطهاد. ويحق للشخص الحصول على الحماية القانونية عند مَنْحه وضع اللاجئ.
طالب اللجوء: هو شخص غادر بلده أيضًا بسبب العنف أو الحرب أو الاضطهاد، ولكنه لم يُعترف به قانونًا كلاجئ بعدُ.
وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، لا يوجد تعريف محدد لمصطلح “المهاجر”، ولكن الوصف المقبول عمومًا هو “الشخص الذي يغادر محل إقامته المعتاد، سواء داخل بلد ما أو عبر حدود دولية، بصورة مؤقتة أو دائمة، ولأسباب مختلفة”.
ما هي العوامل التي تؤثر على منح وضع اللاجئ؟
يتم الاعتراف باللاجئين على أساس التعاريف التي يُحدّدها القانون الدولي، ولكن لكل بلد إجراءاته الخاصة لتحديد مَن يستوفي الشروط.
تنداي أشومي، أستاذة القانون في جامعة ستانفورد والمقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بالعنصرية والتمييز العنصري، تقول: إن هناك تحيزًا فيما يتعلق بمنح وضع اللاجئ.
وترى أن بعض البلدان تُفضّل مساعدة الأشخاص الذين تربطها بهم علاقات؛ حيث يتمتع اللاجئون البيض في كثير من الأحيان بدرجة من “الامتياز والحماية” لا يتمتع بها اللاجئون غير البيض، مشيرة إلى أن “أوكرانيا هي مثال ملموس للغاية ولافت للنظر”؛ على حد تعبيرها.
“كان هناك استياء عالمي عندما رأينا صورًا لأشخاص يهربون من هذا البلد مع تباين في معاملة الأشخاص الهاربين من أوكرانيا من غير البيض”.
ترى أشومي أن المصالح الإستراتيجية لأيّ بلد تؤثر أيضًا على الطريقة التي تختار بها الدول قبول اللاجئين. فعلى سبيل المثال، قد يُعرب بلد ما عن اهتمام خاص بالاستجابة لمظاهر التشرُّد الذي تسبَّب فيه دخول بعض اللاجئين. و”في بعض الأحيان، تعرب البلدان عن تفضيلها للاجئين الأكثر ضعفًا، مثل النساء والأطفال أو كبار السن الذين يعانون من أشكال معينة من الاضطهاد”؛ كما يقول أشومي. وتضيف: “ولكن القانون الدولي يحظر التفضيلات التمييزية بمعنى التمييز، أيّ على أساس العِرْق أو الدِّين أو الأصل القومي”.
كيف تفاعلت مجتمعات اللاجئين في الولايات المتحدة مع الأحداث الأخيرة؟
مجتمعات اللاجئين في جميع أنحاء الولايات المتحدة تشعر بالخوف من التغييرات المفاجئة في السياسة، كما يقول نيلز كينواني، رئيس “السياسة الفيدرالية للمجتمعات الإفريقية معًا”، وهي منظمة تدعم المهاجرين الأفارقة في الولايات المتحدة: “لا يعرف الناس ما يمكن توقعه وكيفية التخطيط لحياتهم”؛ على حد قوله.
وأضاف أن حصول الأفارقة على صفة لاجئ بهذه السرعة، في حين أن آلاف آخرين يمضون سنوات في متابعة الإجراءات يبعث “برسالة مقلقة”.
وأردف أن “أمريكا أُسست على مبدأ بلد مضياف يُوفّر الحماية للأشخاص المُعرّضين للخطر”، منبِّهًا إلى أن “الآن لدينا هذا الموقف الجديد لهذه الإدارة لإعطاء هذه المزايا لأكثر الناس امتيازًا”؛ كما يقول.
ويعتقد كوناني أن قرار إدارة ترامب مدفوع بــ”العنصرية”.
وعندما سُئل عن سبب معالجة طلبات اللاجئين من الأفريكان بشكل أسرع من المجموعات الأخرى؛ قال الرئيس: “إن العِرْق ليس عاملاً”؛ لقد قُتِلَ المزارعون، وصادف أنهم بيض، لكن سواء كانوا بيضًا أم سودًا، لا فرق بالنسبة لي”.
تابع كوناني قائلاً: إن قرار ترامب يتماشى مع السياسة الداخلية الحالية، التي شهدت محاولات مكافحة العنصرية في الولايات المتحدة، مثل التمييز الإيجابي، تبخرت.
وتتفق تينداي أشومي مع هذا الرأي، قائلة: “إدارة ترامب تستشهد ببرامج الإصلاح الزراعي، وإجراءات العمل الإيجابي كأساس لتوجيه أصابع الاتهام إلى جنوب إفريقيا”، و”تصف التدابير المناهضة للفصل العنصري بأنها اضطهاد عنصري للبيض. إنه انحراف مذهل عن المعايير الأساسية للمساواة وعدم التمييز”.
……………………………..
رابط المقال: