المصدر: لوبونيي أفريك
ترجمة: سيدي.م.ويراوغو
في ردّ فعل غاضب أشار وزير الصحة لجنوب إفريقيا إلى أن “بعض القادة يبحثون عن كبش فداء لحل مشكلة عالمية”، معربًا عن أسفه لقرار العديد من الدول يوم الجمعة بحظر دخول مسافرين من جنوب إفريقيا إلى أراضيها بعد اكتشاف متحور جديد من فيروس كوفيد-19 في هذا البلد، معتبرًا ذلك موقفًا “غير مبرر” في مؤتمر صحفي، مضيفًا أن “بعض القادة يبحثون عن كبش فداء لحل مشكلة عالمية”، في إشارة إلى “ردود الفعل الطبيعية للقلق”؛ على حد تصريحه.
ويرجع سبب المخاوف إلى حقيقة أنه لم يسبق أن سبب أيّ متحور مستجد مثل هذا القَدْر من القلق في العالم منذ دلتا، وذلك بعد إعلان العلماء مُؤخرًا عن اكتشافهم متحور جديد من كوفيد-19 في الدولة الواقعة في جنوب إفريقيا مع الاحتمال أن تكون شديدة العدوى وذات تحولات متعددة، وشرعت الجهات المختصة في تحقيق فعالية اللقاحات ضد هذا الشكل الكثير التغيّر.
وعلى مدار اليوم، أعلنت العديد من البلدان مثل فرنسا والمغرب والفلبين عن تعليق الرحلات الجوية بعد بريطانيا، كما أوصى الاتحاد الأوروبي بتعليق جميع الرحلات الجوية من وإلى جنوب إفريقيا والدول الأخرى المتأثرة بظهور المتحور الجديد B.1.1.529.
نُعاقب أحيانًا لشفافيتنا:
إن الإجراءات “التعسفية” من هذا النوع، على حد تعبير الوزير، تؤثر على القطاعات ذات التأثير على غرار قطاع الأعمال والسياحة، فضلاً عن تشجيعها البلدان على عدم الإبلاغ عن اكتشاف المتغيرات المستقبلية تفاديًا عن التعرض للعقوبات “نتعرض أحيانًا لعقوبات نتيجة شفافيتنا وسرعة إنجازنا للأشياء”، هذا هو الأسف الذي أعرب عنه عالم الفيروسات، توليو دي أوليفيرا، الذي اكتشف مع فريقه من معهد أبحاث KRISP المتحور الذي يطلق عليه الآن اسم “أوميكرون” من قبل منظمة الصحة العالمية.
وفقًا للعالم، فإن حظر السفر “علميًا لا معنى له” في مكافحة كوفيد، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة فرضت حظرًا مماثلاً على الصين في بداية الوباء، قبل أن ينتهي بها الأمر مع أكبر عدد من الإصابات.
ومن المُلاحَظ أن المتحور الأخير الذي وصفته منظمة الصحة العالمية بـ”المقلق”؛ قد انتشر بالفعل مع اكتشاف حالات في بوتسوانا المجاورة، ولكن أيضًا في هونغ كونغ وبلجيكا وإسرائيل.
فرصة للتنديد بالفصل العنصري المرتبط باللقاحات:
أشار العلماء أيضًا إلى أن التركيز يجب أن يكون على تطعيم أكبر قدر ممكن من الناس، وخاصة في البلدان الناشئة “لهذا السبب تحدثنا عن مخاطر الفصل العنصري للقاح، علمًا بأن بالإمكان أن يتطور هذا الفيروس حال عدم ارتفاع التطعيم على مستويات كافية، ومن المؤسف أن يحدث ذلك قبل استيعاب الرسالة “على حد تعبير ريتشارد ليسيلز، خبير الأمراض المعدية المقيم في جنوب إفريقيا، والمشارك في الكشف عن الأنواع المختلفة، وفقًا لرويترز.
لكن الدولة التي شهدت حتى الآن أكثر من 2.9 مليون حالة إصابة وحوالي 89800 حالة وفاة هي من تلك الدول، إلى جانب الهند، التي تطالب منذ نهاية عام 2020 بإجراء مفاوضات لرفع براءات الاختراع على اللقاحات. وفي هذا السياق، وجَّه محامون من دول مختلفة وممثلون عن العديد من المنظمات غير الحكومية، في وقت سابق من هذا الأسبوع، تهديدات إلى حكومات ألمانيا والنرويج وكندا باتخاذ إجراءات قانونية حال استمرارها في منع هذا الإجراء.
وأشاروا في بيان إلى أنهم حذروا الحكومة البريطانية من أن رفضها دعم رفع براءات الاختراع ينتهك القانون الدولي. فيما صرح نيك ديردن من منظمة العدالة العالمية الآن، في البيان “وضعت حكومة المملكة المتحدة مصالح شركات الأدوية الكبرى على حساب ضرورة إنقاذ الأرواح في جميع أنحاء العالم طوال الجائحة”، مضيفًا: “وتمثلت ذروة هذا المنهج في عرقلتهم بشكل متكرر على الإجراء الوحيد الذي طالبت به الأغلبية الشاهقة في العالم: التنديد بضوابط براءات الاختراع في منظمة الصحة العالمية”.
وتابع البيان الذي قال: إنه يأمل في “إرسال رسالة واضحة”، وتؤكد المنظمات أن إلغاء براءات الاختراع سيعزز الإنتاج، ويساعد في معالجة عدم المساواة في الحصول على اللقاح بين الدول الغنية والفقيرة؛ لكن الفكرة المعنية تواجه معارضة من عدة دولٍ تستضيف شركات أدوية كبيرة؛ حيث تعتقد أن براءات الاختراع ليست العقبة الرئيسية أمام زيادة الإنتاج. ومن جانبها أفادت ميريام ساج ماس، من المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، لفرانس برس إنها ساعدت مواطنًا أوغنديًّا لا يستطيع الوصول إلى اللقاح لتقديم شكوى في ألمانيا معترفة بأن الشكوى أساسًا للضغط على ألمانيا لتغيير موقفها.
السياحة في جنوب إفريقيا في المقدمة:
تثير إجراءات الحظر الجديدة قلقًا في أوساط الفاعلين في القطاع السياحي في جنوب إفريقيا في ظل مخاوف من تداعيات ذلك على الاقتصاد بأكمله. وقال ريتشارد دي لا ري، الذي يدير محميات الحياة البرية والمنتجعات الساحلية في المنطقة، التي غمرتها الإلغاءات المتتالية، لوكالة فرانس برس: “إنه رد فعل غير عادي ومبكر”، مضيفًا “على الرغم من عدم معرفتنا عن أي شيء حتى الآن عن هذه السلالة الجديدة؛ اعتبرناها الأسوأ مباشرة”، يتأسف الخبير. وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أنها تنصح بعدم اتخاذ مثل هذه الإجراءات في الوقت الحالي من أجل تفضيل “نهج علمي قائم على المخاطر”، وبدون تأثير كبير.
الاستعجال بالمغادرة:
وصلت البريطانية ماكسين ماكينتوش، 28 عامًا، إلى جنوب إفريقيا يوم الخميس في أولى إجازة “حقيقية” لها منذ اندلاع الجائحة، وأفادت لفرانس برس وهي في طريقها الى المطار “بعد العشاء اعتقدت أنني سأغادر على الفور”؛ لتجنب الوقوع أو الخضوع للحجر الصحي. وعلى المنوال نفسه يتنهد الباحث البالغ من العمر 28 عامًا بالقول: “خططنا لزيارة مزارع الكروم وركوب الأمواج والتنزه …”، فيما أكد شيلي كوكس، المؤسس المشارك لشركة افريكا كونسيرفسيون ترافال، التي تقدم مسارات صديقة للبيئة بالقرب من شلالات فيكتوريا على الحدود بين زيمبابوي وزامبيا، أن “التعافي كان قد بدأ مؤخرًا”؛ حيث كان في الأسابيع الأخيرة “الكثير من الحجوزات في اللحظة الأخيرة لعيد الميلاد، وكنا نتطلع إلى فكرة أن شهر ديسمبر سيكون أفضل من العام الماضي”..
ومن جانبها عبّرت مورونجوي خوبكو، منظمة الرحلات السياحية في جوهانسبرج، عن كثرة انشغالاتها وافتقارها إلى وقت للراحة “منذ هذا الصباح، كان الأمر جنونيًّا بكثرة الاتصالات”. وقالت لوكالة فرانس برس: “تكيّف الزبائن بتقلبات الجائحة… وأصبحوا يميلون الى التأجيل بدلاً من تعويضهم” على حد قولها.
وفقًا لأندريه فان كيتس، مشغل رحلات السفاري الذي يشكل 90٪ من زبائنه بريطانيون أو أميركيون؛ فإن الأخبار “صدمة حادة”، فمنذ إعادة فتح الرحلات الجوية بين بريطانيا وجنوب إفريقيا في أكتوبر ازدهر القطاع مرة أخرى، و”كانت رغبة المسافرين في القفز على متن طائرة بائنة، عطفًا على أن الحجوزات كانت مثيرة للإعجاب؛ كنا متفائلين حقًّا” مضيفًا “لقد ارتقينا إلى مستوى أعلى” في حين أن موظفيه عملوا بدوام جزئي ونصف الأجر لمدة 18 شهرًا تقريبًا: “عاد الجميع أخيرًا إلى العمل بدوام كامل حتى إننا وضعنا إعلانات للتعيين”؛ على حد قوله.
كبش الفداء:
يعتبر المتخصصون في السياحة أن العقوبة ثقيلة وغير عادلة لا سيما أن العديد من مواطني جنوب إفريقيا يلتزمون بارتداء الكمامات واحترام التباعد الاجتماعي، ومع ذلك لم يتلقَّ التطعيم سوى 35٪ فقط بشكل كامل، بكل تأكيد يمثل ذلك معدلاً أكثر بكثير من أيّ مكان آخر في القارة، ولكنه قليل جدًّا لطمأنة السياح “كانت عودة السياح ببطء لكننا كنا نتوقع الموجة الرابعة في ديسمبر”؛ حسب ريتشارد دي لا ري.
ولكن إذا كان من الإمكان “استيعاب قلق الحكومات، فلا بد أن تكون هناك خيارات أخرى غير الإغلاق الشامل “بين عشية وضحاها”؛ فهذا يؤثر على حرياتنا أيضًا”؛ على حد قوله.
فيما خلص المشجع الكبير بالرِجْبِي والمحترف المقيم في جوهانسبرج إلى القول: إن الأفارقة “مرة أخرى يلعبون دور كبش الفداء”؛ حيث إنه يشاهد “على شاشات الملاعب وهي مليئة بعشرات الآلاف من المشجعين بلا كمامات ولا التباعد الاجتماعي.. لكن هل ما زالت جنوب إفريقيا هي المشكلة؟”؛ يتساءل في أسف وغضب.
___________________
رابط المقال: