الأفكار العامة:
– انطلقت الاحتجاجات في 25 سبتمبر بسبب الانقطاعات المتكررة للمياه والكهرباء، لكنها سرعان ما تحولت إلى حركة شعبية واسعة ضد الفساد وسوء الإدارة، في بلد يعاني فيه 75% من السكان من الفقر، ونصفهم دون العشرين.
– رغم دعم فصائل من الجيش للحراك، تمسّك الرئيس أندري راجولينا بمنصبه، موجّهًا من مكان غير معلن دعوة لاحترام الدستور ورافضًا الاستقالة.
-وفقا لمصادر متعددة، منها إذاعة فرنسا الدولية، نُقل راجولينا بمروحية إلى جزيرة سانت ماري، ثم بطائرة عسكرية فرنسية إلى لا ريونيون، قبل أن يغادر إلى دبي مع أسرته.
– رغم نفي القوات الفرنسية بالمحيط الهندي أي دور مباشر، أثار مشهد مغادرة الرئيس برفقة عناصر فرنسية جدلاً واسعًا في أنتاناناريفو.
– بالتوازي، غادرت طائرة أخرى من كاتيميني تقل رئيس الوزراء السابق كريستيان نتساي ورجل الأعمال النافذ مامي رافاتومانغا.
– وحدة “كابسات” النخبوية بالجيش رفضت إطلاق النار على المتظاهرين، وأعلنت انحيازها للشعب، ما شكّل نقطة تحول في المشهد السياسي.
المصدر: لوبوين أفريك
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
على الرغم من انضمام جزء من الجيش للاحتجاجات، يظل الرئيس الملغاشي المحصن في “مكان آمن”، متشبثا بمنصبه وداعيا إلى احترام الدستور.
في كلمة مساء الاثنين من مكان مجهول دعا، أندري راجولينا، إلى احترام الدستور. عكس الفيديو البالغ مدته 26 دقيقة، المتوتر والخطير، مدى خطورة الوضع.
فقد ندد الرئيس بـ”محاولة قتل” وبرر رحيله بضرورة حماية حياته، ورفض الدعوات للاستقالة وقال “لا يوجد سوى مخرج واحد لحل هذه المشاكل وهو احترام الدستور المعمول به في البلاد”، واضعا القانون قبل الاحتجاج.
وشدد على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية والإطار الدستوري، مؤكدا أنه “لا يزال في مهمة” لإيجاد حلول لمشاكل البلاد، لا سيما في قطاع الطاقة.
وقال راجولينا “اتصلت بالعديد من رؤساء الدول وسألني مسؤولون في السادك إذا كنت أرغب في تعزيزات عسكرية في مدغشقر، لكنني قلت لا”.
عملية إجلاء سرّية وسط توتر شديد:
ذكرت مصادر متطابقة، من بينها إذاعة فرنسا الدولية، أن رئيس مدغشقر نُقل بمروحية إلى جزيرة سانت ماري على الساحل الشرقي للبلاد، قبل أن يستقل طائرة عسكرية فرنسية أقلّته إلى جزيرة لا ريونيون، ومنها إلى دبي حيث لجأ مع أسرته.
وفي تصريحات من شرم الشيخ، امتنع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تأكيد هذه العملية، مكتفيًا بالتشديد على ضرورة احترام النظام الدستوري.
ورغم نفي القوات الفرنسية في المحيط الهندي لأي دور مباشر في العملية، فإن مشهد مغادرة رئيس مدغشقر برفقة حراسة فرنسية أثار جدلاً واسعًا في العاصمة أنتاناناريفو.
وفي اليوم نفسه، غادرت طائرة أخرى منطقة كاتيميني، وكان على متنها رئيس الوزراء السابق كريستيان نتساي، ورجل الأعمال النافذ مامي رافاتومانغا، المعروف بنفوذه الشعبي.
وبحسب تقارير، رفضت سلطات لا ريونيون استقبال الطائرة، ما دفعها إلى التوجه نحو موريشيوس، حيث هبطت وسط استياء رسمي من السلطات المحلية.
وحدة “كابسات” تنضم إلى المتظاهرين:
منذ أيام، أعلنت وحدة “كابسات” النخبوية في الجيش رفضها إطلاق النار على المتظاهرين، وانضمت إليهم في موقف أثار زلزالًا سياسيًا في مدغشقر. وفي شوارع أنتاناناريفو، تعالت الهتافات المطالبة برحيل الرئيس، وسط مؤشرات متزايدة على تآكل مؤسسات الدولة تحت ضغط الشارع.
الكولونيل مايكل راندريانيرينا، قائد الوحدة، نفى نية التمرد، مؤكدًا أن ما جرى ليس انقلابًا بل استجابة لمطالب الشعب، مشددًا على دور وحدته كوسيط في الأزمة.
وللتذكير فقد بدأت شرارة الاحتجاجات يوم 25 سبتمبر، إثر الانقطاعات المتكررة في المياه والكهرباء، لكنها سرعان ما تحولت إلى حركة احتجاجية واسعة، تندد بالفساد وسوء الإدارة والفقر، في بلد يعيش 75% من سكانه تحت خط الفقر، ونصفهم دون سن العشرين.
“الرئيس لم يفعل شيئًا سوى الإثراء على مدى 16 عامًا”، يقول أدرياناريفوني فانوميجانتسوا، موظف فندق في الـ22 من عمره، لوكالة رويترز، مضيفًا “الشباب هم الأكثر تضررًا”.
ووفق الأمم المتحدة، سقط ما لا يقل عن 22 قتيلاً منذ اندلاع الاحتجاجات، بالإضافة إلى اثنين آخرين أحدهما جندي. في المقابل، وصفت الرئاسة الضحايا بأنهم “لصوص”.
وفي خضم هذه الفوضى، تحاول البلاد تجنب الانهيار المؤسسي، إذ تمت إقالة رئيس مجلس الشيوخ، الذي كان يفترض أن يتولى مهام الرئاسة مؤقتًا، تحت ضغط الاحتجاجات. أما قوات الأمن، فقد انقسمت بين من ينظم المظاهرات سلمياً، ومن قرر الانضمام إلى الحشود الغاضبة.
وفي الأحياء الفقيرة، بات الغضب الشعبي يتقاطع مع البؤس اليومي، حيث يغذي الإحباط الجماعي شعورًا عميقًا بالتهميش.
من رجل أعمال إلى رئيس مثير للجدل:
ولد أندري راجولينا في عام 1974 من أب ضابط في الجيش الملغاشي، وبدأ حياته المهنية كمقاول في إدارة الفعاليات، واستضاف الحفلات الموسيقية والأمسيات في أنتاناناريفو. سرعان ما أسس العديد من الشركات في مجال الإعلان والإعلام، حتى أنه حصل على قناة تلفزيونية.
في عام 2007، بدأ حياته السياسية وأصبح عمدة أنتاناناريفو بنسبة 63.3% من الأصوات. تميزت ولايته بالإصلاحات الاقتصادية المحلية، ولكن أيضا بالمواجهة مع الرئيس مارك رافالومانانا في ذلك الوقت. في يناير 2009، أعلن نفسه “مسؤولا عن شؤون البلاد” بعد احتجاجات عنيفة. بعد أسبوعين، غزت كابسات القصر الرئاسي ووضعت راجولينا على رأس المرحلة الانتقالية.
بعد ولاية تخللتها أزمات اقتصادية واجتماعية، غادر راجولينا السلطة في 2013 وانتقل إلى فرنسا حيث حصل على الجنسية الفرنسية بالتجنس في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، في قرار أثار جدلا في مدغشقر بسبب تداعياته على جنسيته الملغاشية. عاد في 2018 ليفوز في الانتخابات الرئاسية، واعدا بتصحيح الاقتصاد. غير أن هذه المبادرات تواجه أزمات صحية ومناخية، فضلا عن استمرار الفقر وأوجه عدم المساواة الهيكلية.
مدغشقر، مرآة جيل متمرد
تندرج الحركة الملغاشية في إطار موجة عالمية من انتفاضات الجيل Z، من نيروبي إلى كاتماندو، مرورا بالدار البيضاء. يحمل المتظاهرون الشباب في مدغشقر أحيانا الرمز نفسه: جمجمة مغطاة بقبعة من القش، مستعارة من مانغا وان بيس، التي أصبحت رمزا لمقاومتهم.
تعكس هذه الثورات انقساما عميقا بين المواطنين الشباب الذين تمردوا على النخب السياسية الفاسدة، وفي الجزيرة الكبرى، يتم التعبير عن هذا الانقسام بكثافة نادرة، في بلد انخفض فيه نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 45% منذ الاستقلال، وفقا للبنك الدولي.
إن مدغشقر تقف الآن عند منعطف. فبدون رئيس شرعي وجيش موحد وخطة للخروج من الأزمة، تسير البلاد نحو المجهول. تحركت القنصليات بهدوء، بينما تدعو المنظمات الإقليمية إلى الهدوء، لكن لا يبدو أن الشارع مستعد للسكوت. وراء الشعارات، يعتقد جيل لأول مرة أنه قادر على تغيير مسار تاريخه.
رابط المقال:
https://www.lepoint.fr/afrique/madagascar-andry-rajoelina-refuse-de-demissionner-14-10-2025-2600873_3826.php