اتهمت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان سلطاته الحاكمة بممارسة “نهب ممنهج” لثروات البلد، مما فاقم الأزمة الإنسانية وترك غالبية السكان يواجهون مستويات حرجة من الجوع.
جاء ذلك في تقرير صادر الثلاثاء أشار إلى أن الحكومة حولت ما يقدر بـ2.2 مليار دولار لشركات مرتبطة بنائب الرئيس بنجامين بول ميل عبر برنامج “النفط مقابل الطرق” بين عامي 2021 و2024، دون إنجاز فعلي للمشاريع المتفق عليها.
وأوضح التقرير أن المخصصات الضخمة لهذا البرنامج، الذي يعمل خارج الموازنة الرسمية، استحوذت على نحو 60% من إجمالي الإنفاق الحكومي في السنوات الأخيرة.
وأظهر التحقيق أن الشركات التابعة لبول ميل لم تنجز طرقا صالحة للسير إلا بقيمة تقل عن 500 مليون دولار، في حين ضُخمت عقود البناء وارتفعت رسومها بشكل مبالغ فيه عن المعايير المعتمدة.
وتابع التقرير أن أولويات الحكومة في الإنفاق لا تعكس احتياجات الشعب، إذ وصلت مخصصات الوحدة الطبية التابعة للرئيس في موازنة 2022 و2023 إلى أكثر من الإنفاق على قطاع الصحة في أنحاء البلاد.
كما أشار إلى أن عائدات صادرات النفط التي تجاوزت 23 مليار دولار منذ استقلال البلاد لم تترجم إلى خدمات أساسية أو تحسينات في التعليم والرعاية الصحية والأمن الغذائي، مما زاد من حدة أزمة الجوع التي تهدد ثلثي السكان البالغ عددهم 12 مليون نسمة.
ورد وزير العدل جوزيف قنق على التقرير قائلا إن الأرقام الواردة “لا تتطابق مع بيانات الحكومة”، مرجعا المشاكل الاقتصادية إلى الصراعات المسلحة وتغير المناخ وتراجع مبيعات النفط، التي تمثل شريان الاقتصاد الرئيسي في البلاد.
ويعاني جنوب السودان منذ انفصاله عن السودان عام 2011 من سلسلة أزمات أمنية واقتصادية، أبرزها الحرب الأهلية الدامية بين عامي 2013 و2018، والتي أودت بحياة نحو 400 ألف شخص.
وفي ظل اشتداد الصراعات الداخلية وتراجع المساعدات الأجنبية، تواصل النخبة الحاكمة، بحسب تقرير الأمم المتحدة، استغلال الموارد لتحقيق مصالح سياسية ومالية خاصة، مع تصاعد التوترات العرقية وتفشي العنف المسلح.
ووفق اللجنة الأممية فإن الفساد هو العامل الرئيس وراء فشل الحكومة في الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، محذّرة من أن استمرار النهب المنظم للثروات الوطنية يقوّض فرص السلام ويعمّق معاناة الشعب في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة.