أجبر تغير المناخ والجفاف ملايين الأشخاص في مالاوي على ترك منازلهم والنزوح نحو مناطق جديدة في رحلة للبحث عن مصادر للمياه، التي لا يمكن للحياة أن تستمر من دونها.
ووفقا لتقرير منشور في صحيفة غارديان تحت عنوان “من دون ماء لا يمكن أن يوجد شيء.. المالاويون نزحوا مرارا بسبب الجفاف”، فإن تغير المناخ فاقم من معاناة السكان، وعرّض البلاد للكوارث والأعاصير التي زادت نسبتها في السنوات الأخيرة بشكل لافت للانتباه.
وأشار تقرير غارديان إلى أن البنك الدولي يصنّف دولة مالاوي كرابع أفقر بلد في العالم من حيث نصيب الفرد من الدخل، الذي بلغ متوسطه سنويا نحو 508 دولارات فقط في عام 2024.
ويعمل أكثر من 80% من السكان في الزراعة، في حين يعتمد 90% من النشاط الزراعي على الأمطار دون أنظمة ري، وفقا لمعطيات برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
ووفقا للتقرير، فإن دولة مالاوي الواقعة في قلب جنوب القارة الإفريقية، تعدّ بلدا شديد الهشاشة أمام الكوارث الطبيعية، إذ شهدت إعصارا في عام 2023 أودى بحياة أكثر من ألف شخص.
ومنذ سنة 2019 تسبّبت الأعاصير المتكررة في نزوح حوالي 930 ألف شخص إلى قرى وبلدات بعيدة عن أماكنهم الأصلية، مما جعلهم يبدؤون في رحلة جديدة للبحث عن العيش بأمان.
وفي السياق، يهدد الجفاف سبل العيش واستمرار الحياة، وأدى إلى نزوح 400 ألف شخص في العام الماضي وحده، وفقا لأرقام صادرة من المنظمة الدولية للهجرة.
ويحذّر البنك الدولي من أن 216 مليون شخص على مستوى العالم قد يجبرون على النزوح الداخلي بحلول عام 2050 نتيجة التغير المناخي البطيء، بينهم 86 مليونا في إفريقيا جنوب الصحراء.
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن متوسط درجات الحرارة في مالاوي بين عامي 2015 و2024 كان أعلى بمقدار 0.63 درجة مئوية، مما كان عليه قبل قرن من الزمان، كما أن ارتفاع عدد السكان ساهم في زيادة الضغط، إذ ارتفع إلى 21.6 مليون نسمة في 30 عاما.
وفي مناطق مثل مانغو تشي ونتشيو، يتحدث المزارعون عن تقلّص مصادر المياه وانخفاض المحاصيل، مما جعل بعضهم يضطر إلى الانتقال مرارا.
وتقول اليونيسيف إن 37% من سكان المناطق الريفية في مالاوي يسيرون لمسافات طويلة من أجل جلب المياه، مقابل 13% فقط في المدن.
والعام 2019، قدّرت المنظمة أن البلاد تحتاج إلى 97 مليون دولار سنويا لتأمين وصول كل المواطنين إلى المياه بحلول 2030، إضافة إلى 259 مليون دولار أخرى لتوفير مياه نظيفة في المنازل، لكن بسبب تراجع المساعدات الدولية لم يتحقق ذلك.
وبسبب شحّ المياه، تنتقل الكثير من العائلات لمسافات طويلة بحثا عن الآبار الصالحة للشرب، وفي بعض الأحيان يمنعون من السقي في النهار، وينتظرون حتى ساعات من الليل.
وبالنسبة للمزارعين الذين كانوا يعتمدون في الماضي على الزراعة الموسمية، فقد دمّر الجفاف كل شيء وجعلهم من دون عمل محصورين في أراض قاحلة وخالية حتى من الآبار.