تروج الولايات المتحدة لاتفاق يُلزم رواندا بسحب قواتها من شرق الكونغو قبل توقيع الجانبين على اتفاق سلام، وفقًا لمصادر، وهو شرط من المؤكد أنه سيُثير غضب كيغالي، التي تصف الجماعات المسلحة المتمركزة في الكونغو بأنها تهديد وجودي.
وتُجري إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب محادثات لإنهاء القتال في شرق الكونغو وجلب استثمارات غربية بمليارات الدولارات إلى المنطقة الغنية بالمعادن، بما في ذلك التنتالوم والذهب والكوبالت والنحاس والليثيوم.
وصرح مسعد بولس، كبير مستشاري ترامب للشؤون الإفريقية، لرويترز أن واشنطن تُريد إبرام اتفاق سلام “في غضون شهرين تقريبًا”، وهو جدول زمني طموح لحل صراع تعود جذوره إلى الإبادة الجماعية في رواندا قبل أكثر من ثلاثة عقود.
وتنص مسودة اتفاق سلام اطلعت عليها رويترز على أن شرط التوقيع هو سحب رواندا لقواتها وأسلحتها ومعداتها من الكونغو. وأكدت أربعة مصادر دبلوماسية صحة الوثيقة، التي لا تحمل تاريخًا، وقالت إنها من إعداد مسؤولين أمريكيين.
وتتجاوز المسودة إعلان المبادئ الذي وقّعه وزيرا خارجية البلدين في حفل أقيم في واشنطن في أبريل مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو. وقد نصت تلك الوثيقة على أن الجانبين سيتعاملان مع أي مخاوف أمنية بطريقة تحترم سلامة أراضي وسيادة كل منهما.
وأرسلت رواندا ما بين 7000 و12000 جندي إلى شرق الكونغو لدعم متمردي حركة 23 مارس، وفقًا لما ذكره محللون ودبلوماسيون في وقت سابق من هذا العام، بعد أن سيطرت الجماعة المتمردة على أكبر مدينتين في المنطقة في تقدم خاطف.
وأفاد مصدران لرويترز بأن رواندا لم ترد على مسودة الاتفاق التي أعدتها الولايات المتحدة حتى الأسبوع الماضي. وصرح وزير الخارجية الرواندي أوليفييه ندوهونغيريهي لرويترز بأن خبراء من الكونغو ورواندا سيجتمعون هذا الأسبوع في واشنطن لمناقشة الاتفاق.
واتهم مسؤول كبير في مكتب الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي رواندا بـ”التلكؤ” في صياغة المسودة، وقال إن انسحاب رواندا ضروري لتقدم عملية السلام. وقال المصدر: “نطالب بالانسحاب الكامل للقوات الرواندية كشرط مسبق لتوقيع الاتفاق، ولن نتنازل”.
ويدعو مشروع الاتفاق الذي أعدته الولايات المتحدة أيضًا إلى إنشاء “آلية تنسيق أمني مشتركة” يمكن أن تشمل مراقبين عسكريين روانديين وأجانب للتعامل مع القضايا الأمنية، بما في ذلك استمرار وجود ميليشيات الهوتو الرواندية في الكونغو.
ويقول محللون إن الجماعة الأكثر شيوعًا، وهي القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، لم تعد تُشكل تهديدًا كبيرًا لرواندا، على الرغم من أن حكومة الرئيس بول كاغامي لا تزال تصفها بالتهديد الخطير.
وينص مشروع الاتفاق أيضًا على التزام الكونغو بالسماح لحركة إم23 بالمشاركة في حوار وطني “على قدم المساواة مع الجماعات المسلحة غير الحكومية الأخرى في جمهورية الكونغو الديمقراطية” – وهو تنازل كبير لكينشاسا، التي تعتبر حركة إم23 جماعة إرهابية ووكيلًا لرواندا. وتجري الكونغو محادثات مباشرة منفصلة مع حركة إم23 بشأن اتفاق محتمل لإنهاء جولة القتال الأخيرة.
وينص مشروع الاتفاق على أن رواندا “ستتخذ جميع التدابير الممكنة لضمان” انسحاب حركة إم23 من الأراضي التي تسيطر عليها، بما يتماشى مع الشروط المتفق عليها في الدوحة. صرح مصدر مطلع على هذه العملية لرويترز الأسبوع الماضي أن قطر قدمت مسودة اقتراح للوفدين للتشاور مع قادتهما قبل استئناف المحادثات. مع ذلك، قال مسؤول من المتمردين إنه لم يُحرز تقدم يُذكر نحو التوصل إلى اتفاق نهائي يُتيح لحركة إم23 التنازل عن الأراضي.