د. نرمين كمال طولان
مقدمة:
مابوتو “لؤلؤة المحيط الهندي” هي عاصمة دولة موزمبيق، وتُعرف أيضًا باسم مدينة الأكاسيا (حيث تغطي أشجار الأكاسيا شوارعها)، وتقع على بُعد 77 كيلو مترًا من الحدود مع جنوب إفريقيا. بُنيت المدينة على الضفة الشمالية لنهر إسبيريتو سانتو، وهو مصبّ يؤدي إلى خليج مابوتو غربًا.
تقع المدينة على طول ساحل موزمبيق الجنوبي المطل على المحيط الهندي، تضم المدينة ميناءً كبيرًا يُعدّ الميناء الرئيسي للبلاد. تقع المدينة على نقطة بارزة في خليج ديلاغوا، وتحيط بها مياه الخليج الهادئة من ثلاث جهات، وتصبّ عدة أنهار في المحيط بالقرب من المدينة… وهي مدينة نابضة بالحياة وعالمية، تُقدم مزيجًا فريدًا من الثقافات الإفريقية والعربية والأوروبية. وتشتهر بمناظرها الساحلية الخلابة وأسواقها النابضة بالحياة ومأكولاتها المتنوعة وبمزيجها الآسر من العمارة الاستعمارية وناطحات السحاب الحديثة والتأثيرات الإفريقية التقليدية.
التسمية والتاريخ:
1-التسمية
اتخذت المدينة اسمها الأخير مابوتو تيمنًا بنهر مابوتو. لما لهذا النهر من تاريخ مميز فكان رمزًا خاصًّا خلال سنوات نضال موزمبيق ضد الاستعمار البرتغالي. غير أن المدينة حملت العديد من الأسماء عبر تاريخها الطويل؛ من أبرزها “كان فومو”، “خليج ديلاغوا”، و”لورينسو ماركيز”.
2-الخلفية التاريخية
- موقع متميز
- كانت المنطقة التي تقع فيها مابوتو مأهولةً في الأصل بشعب تسونجا، واعتمد في معيشته على صيد الأسماك. وقد ساهم الموقع الإستراتيجي للمدينة على ساحل المحيط الهندي في تعزيز التواصل المبكر مع التجار من بلدان وثقافات أخرى.([1]) وتشير الدراسات إلى وجود استيطان بشري في منطقة مابوتو منذ القرن الأول الميلادي.
- قبل وصول الأوروبيين إلى المنطقة في القرن السادس عشر، كانت المنطقة تُعرف كمركز للتبادل التجاري بين العرب والأفارقة، وكانت تُعرف باسم كاتيمبي، على الضفة الجنوبية للمصب. كان السكان الأفارقة المحليون في ذلك الوقت محددين نسبيًّا في عدة عشائر رئيسية ذات لغة مشتركة، وواصل البرتغاليون تجارة متقطعة، لا سيما في العاج، طوال معظم القرن التالي دون أن يستقروا في الخليج.([2])
- الكشوف البرتغالية
- مع اتساع الكشوف البرتغالية وبدايات اكتشاف الساحل الشرقي للقارة الإفريقية كان الغزاة البرتغاليون قد أبدوا اهتمامًا مبكرًا بالخليج. ففي عامي ١٥٠١ أو ١٥٠٢م، اكتشف البرتغالي جواو دا نوفا هذه البقعة الساحرة. لكنّهم في ذلك الوقت كانوا قد بدأوا للتوّ في ترسيخ وجودهم شمالًا على جزيرة موزامبيق؛ لأنها كانت أكثر ملاءمة للفتوحات والأنشطة التجارية المقصودة. وكان البرتغالي أنطونيو دي كامبوس أول أوروبي يصل إلى خليج مابوتو في عام ١٥٠٢م. وفي عام 1544م، أُرسل التاجر لورينسو ماركيز من هناك لاستكشاف إمكانيات التجارة في المنطقة.
وحتى القرن الثامن عشر، تغيرت أسماء الخليج بشكل متكرر: بايا دي لورينسو ماركيز، بايا دو ريو دا ألاغوا، بايا دا ألاغوا، بايا فورموزا، بايا دو كابو دوس كورينتس. أمر الملك البرتغالي سيباستياو أخيرًا بدراسة الخليج في عام 1575م. في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، بنى البرتغاليون أول حصن عسكري على الضفة اليسرى لنهر إسبيريتو سانتو.([3])
- لكن الملاح لورينسو ماركيز هو من استكشفه لأول مرة عام ١٥٤٤م. وعُرف الخليج في البداية باسم خليج ديلاغوا؛ لكونه أول معبر بحري من غوا، وهي قرية يعتمد اقتصادها الرئيسي على تجارة العاج. في عام ١٨٧٦ فقط، أصبحت المدينة تُعرف باسم لورينسو ماركيز، تيمُّنًا بالمَلّاح.([4])
- ثم أنشأ البرتغاليون حصنًا عسكريًّا في المركز عام 1787م، وتأسست مابوتو تحت اسم لورينسو ماركيز في أواخر القرن الثامن عشر. وكانت السلطة المركزية للبلاد تقع في البداية في جزيرة موزمبيق على بُعْد حوالي ٣ كيلو مترات من الجزء الشمالي من البر الرئيسي، ثم نُقلت إلى لورينسو ماركيز عام ١٨٩٨م، وأصبحت عاصمة شرق إفريقيا البرتغالية. وأصبحت المدينة لاحقًا مركزًا للتجارة والصناعة وميناء يخدم حقول الذهب في جنوب إفريقيا. استمرت المدينة، التي أُعيدت تسميتها، عاصمةً للبلاد بعد استقلال موزمبيق عام ١٩٧٥م.([5])
التنافس الاستعماري
- سرعان ما برزت منافسات بين الدول الاستعمارية حول مدغشقر؛ بسبب موقعها المميز؛ تنافست كل من هولندا وإنجلترا الباحثتين عن الأراضي والممتلكات. ففي عام ١٧٢١م، ظهرت بعثة هولندية، وأنشأت مركزًا تجاريًّا مقابل المركز البرتغالي تمامًا. ومع ذلك، كانت سُمعة وثراء المنطقة قد جذبت بالفعل (عام ١٦٩٤م) التجار الإنجليز الذين كانوا منافسين وأعداء للهولنديين. وعندما تغيَّر الوضع، اتخذ الإنجليز إجراءات ضد البرتغاليين جنبًا إلى جنب مع الهولنديين.
- في سبعينيات القرن التاسع عشر، وحتى قبل إعلان مدينة مابوتو عاصمةً، بدأ البرتغاليون بتطويرها نظرًا لقربها من مناجم الذهب والماس في جنوب إفريقيا. شيّد البرتغاليون خطوط سكك حديدية وطرقًا لنقل المعادن الجنوب إفريقية إلى ميناء المدينة للتصدير. وبحلول عام ١٩٠٠م، أصبحت لورينسو ماركيز مُصدِّرًا رئيسيًّا للسلع الجنوب إفريقية. كما نُقلت المنتجات الزراعية من شرق إفريقيا البرتغالية، بما في ذلك القطن والكاجو والسكر وجوز الهند والشاي والسيزال، إلى المدينة للتصدير.([6])
- وقد شُيّدت مابوتو على الطراز الأوروبي، وتتميز بشوارعها الواسعة وحدائقها العامة وأرصفتها المرصوفة بالفسيفساء. تنقسم المدينة إلى قسمين: المنطقة السكنية القديمة الواقعة على جرف يُطِلّ على الميناء، والمنطقة الصناعية الأحدث أسفله؛ حيث تقع المصانع ومرافق الميناء.([7])
- الاستقلال
- في 25 يونيو 1975م، أُعلنت جمهورية موزمبيق الشعبية وفقًا لاتفاقية لوساكا. وفي لورينسو ماركيز، احتُفل بالاستقلال عبر استعراض كبير. وأُزيلت عشرات التماثيل لشخصيات برتغالية تاريخية، بما في ذلك تمثال كل من فاسكو دا جاما ولورنسو ماركيز. بالإضافة إلى ذلك، غُيّرت أسماء العديد من مؤسسات وشوارع المدينة، التي سُمِّيت في الأصل بأسماء أبطال أو تواريخ مهمة في التاريخ البرتغالي، إلى لغات إفريقية أو شخصيات ثورية أو أسماء تاريخية تعود إلى ما قبل الاستعمار. وفي عام ١٩٧٥م، كان من المتوقع أن يُعاد تسمية المدينة قريبًا إلى كان فومو، أو “مكان فومو”، نسبةً إلى زعيم شانغان الذي عاش في المنطقة قبل أن يزورها لورينسو ماركيز لأول مرة. ومع ذلك، أعلن الرئيس سامورا ماشيل في تجمع حاشد صباح يوم ٣ فبراير ١٩٧٦م أن المدينة سيُعاد تسميتها إلى مابوتو، نسبةً إلى نهر مابوتو القريب، وكان اسم “مابوتو” ذا دلالة أيضًا في النضال ضد الاستعمار؛ إذ كان شعار جبهة تحرير موزمبيق (FRELIMO) الشائع هو “تحيا موزمبيق، متحدةً من روفوما إلى مابوتو”.([8])
- لكن سرعان ما دخلت موزمبيق في حرب أهلية استمرت من عام ١٩٧٧م إلى عام ١٩٩٢م. أثَّرت الحرب سلبًا على النشاط الاقتصادي والاستقرار السياسي في المدينة. وكادت السياحة، التي كانت تُعدّ في السابق نعمة للاقتصاد، أن تختفي تمامًا. ومنذ اتفاقية السلام التي أنهت الحرب الأهلية، والتي تم توقيعها في عام 1992م، عادت البلاد والمدينة إلى مستويات ما قبل الاستقلال من الاستقرار السياسي.([9])
السكان واللغة والدين:
1-السكان
استوطنت موزمبيق على مر الزمن شعوبٌ من خلفيات وثقافاتٍ متنوعة، مثل الأفارقة (السود والمختلطين)، والعرب، والهنود، والأوروبيين، وغيرهم. من الشعوب الإفريقية، وفي العاصمة مابوتو، نجد السواحيليين، والماكوالوموي، والماكوندي، والأجاوا. وفي الجنوب، تبرز تونغا (المقسمة إلى تشانغانا، وتشوب، وتسوا، ورونغا)، وهم مزارعون ورعاة، ولهم اليوم حضورٌ قويٌّ في مابوتو. وفي سماء المدينة، ترى أبراج الكاتدرائيات بقدر ما نرى المآذن.([10])
2-اللغة
اللغة الرسمية في موزمبيق هي البرتغالية. وهي لغة التجارة والقانون والحكومة. كما يُشجع استخدام اللغة الإنجليزية لتعزيز التفاعل مع الدول المجاورة، وجميعها كانت مستعمرات بريطانية سابقة؛ حيث تُستخدم اللغة الإنجليزية على نطاق واسع كلغة رسمية. تُدرّس اللغة الإنجليزية في المدارس الثانوية.([11]) وتتم الاتصالات غير الرسمية في المدينة بحوالي 30 لغة أصلية وإقليمية، بما في ذلك: تشوبي، تشوابو، كوتي، كوندا، لوموي، ماكوا، ساكا، ماكوندي، ماكوي، مانيكا، ماريندجي، مازارو، مواني، ندو، نغوني، السواحلية، سواتي، تونغا، تسونجا، تسووا، ياو، والزولو…..([12])
3-الدين
- نقل العرب المسلمون الإسلام إلى موزمبيق عبر التجارة. وارتبط ساحل شرق إفريقيا وشبه الجزيرة العربية وجنوب غرب آسيا معًا عبر المحيط الهندي في شبكة تجارية لم تشهد تبادل السلع والأفكار فحسب، بل شهدت أيضًا تبادلًا للثقافة. وبحلول عام 700 ميلادي، كان العرب يزورون ساحل موزمبيق.
- أدخل البرتغاليون المسيحية إلى موزمبيق خلال أوائل القرن الخامس عشر، وكانت القيادة المسيحية دائمًا من الأوروبيين والكاثوليك الرومان، إما من الرهبنة الدومينيكية أو اليسوعية. كما وصلت الجماعات البروتستانتية إلى موزمبيق في القرن التاسع عشر. وجاء أوائل المبشرين البروتستانت الناجحين والمستمرين من جنوب إفريقيا، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى مبادرات الأفارقة الذين اعتنقوا الكنائس البروتستانتية. هذا بجانب المعتقدات الدينية المحلية.([13]) ويُشكِّل المسيحيون حوالي 30% من سكان مابوتو، بينما يُشكِّل المسلمون 20%. وتوجد في المدينة العديد من الكنائس، وعدد أقل نسبيًّا من المساجد، وبعضها، وخاصةً في منطقة بايكسا بمابوتو، قديم جدًّا.([14])
المناح:
تتمتع مابوتو بمناخ استوائي جاف؛ حيث يمتد الموسم الدافئ من نوفمبر إلى أبريل، والموسم البارد من مايو إلى أكتوبر. ويكون هطول الأمطار أعلى خلال الأشهر الدافئة، وتحديدًا بين نوفمبر ومارس. وتتمتع المدينة بمناخ دافئ نسبيًّا؛ حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة 22.8 درجة مئوية. يُعدّ يناير أكثر الشهور حرارةً؛ حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة 26.8 درجة مئوية بينما يُعدّ يوليو أبرد الشهور؛ حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة 18.8 درجة مئوية.([15])
الأنشطة الاقتصادية:
- الزراعة والتجارة والصناعة
- كانت مدينة مابوتو تُعدّ المدينة الإفريقية الأعلى في إمكانات النمو الشامل، وفقًا لتقرير التنمية البشرية لعام ٢٠١٠م؛ ضمن مؤشر ماستركارد لنمو المدن الإفريقية (ACGI) رقم 15. وتندرج إمكانات النمو الشامل في مابوتو ضمن الفئة المتوسطة إلى العالية، ويُعزَى ذلك إلى حصتها من الاستثمار الأجنبي المباشر في موزمبيق، والتي تُعدّ من بين أعلى النسب عالميًّا كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. وتفتخر المدينة بمستويات التحسن المستمر في فعالية الحكومة وجودة اللوائح التنظيمية وسهولة ممارسة الأعمال.([16])
- يتركز اقتصاد مابوتو اليوم حول الميناء، مع صناعات أخرى بما في ذلك صناعة البيرة، وبناء السفن وإصلاحها، وتعليب الأسماك، والأعمال الحديدية، وتصنيع الإسمنت والمنسوجات.
- وكان لاكتشاف الذهب في منطقة ويتواترسراند في ترانسفال المجاورة (والتي تُعدّ اليوم جزءًا من جنوب إفريقيا) عام 1886م أثرٌ بالغٌ على مابوتو. فقد شكّلت المدينة منفذًا رئيسيًّا للذهب، مما أبرز أهميتها الاقتصادية. وقد أدى ذلك إلى تزايد اهتمام الجهات الفاعلة الدولية والإقليمية، التي سعت إلى الاستفادة من الفرص التجارية الناجمة عن حمى الذهب. وساهم إنشاء خط سكة حديد يربط لورينسو ماركيز ببريتوريا عام 1895م في تعزيز هذا الازدهار الاقتصادي من خلال ربط المدينة مباشرةً بحقول الذهب، مما أتاح نقلًا أسرع وأكثر كفاءةً للسلع والموارد. علاوةً على ذلك، حفّز هذا الترابط تدفقًا من الباحثين عن فرص عمل، مما غيَّر التركيبة الاجتماعية والاقتصادية للمدينة.([17])
- تقع مدينة مابوتو في قلب الاقتصاد الموزمبيقي ومركزًا للاستثمار الاقتصادي. وبصفتها أكبر ميناء في البلاد، يتركز معظم النشاط الاقتصادي حول الميناء. وتُسهم مابوتو بنحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مما يعني أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للمدينة بلغ حوالي 1928 دولارًا أمريكيًّا في عام 2019م.([18])
- يعمل غالبية سكان المدينة في قطاعات الخدمات (28.5%)، والتجارة والتمويل (25.4%)، كما يعمل عدد كبير منهم في قطاعي البناء (5.7%) والتصنيع (5.6%).([19])
- ويتركز اقتصاد مابوتو حول مينائها، الذي يتم من خلاله شحن الكثير من واردات وصادرات موزمبيق. تشمل الصادرات الرئيسية القطن والسكر والكروميت والسيزال وجوز الهند والخشب والصلب. بالإضافة إلى التجارة، تتمتع المدينة بقطاعات تصنيع وخدمات قوية.([20])
- ويُعدّ ميناء مابوتو محفزًا للنمو الاقتصادي بصفته أحد المراكز التجارية الرئيسية في موزمبيق، كما أن ميناء مابوتو ليس مجرد مركز لوجستي، بل هو محركٌ رئيسيٌّ للعمالة، وتوليد الإيرادات الضريبية، وتوسيع الأعمال. وساهمت التحسينات الإستراتيجية للميناء في تبسيط عمليات مناولة البضائع، وتعزيز كفاءة التجارة، وتعزيز دور موزمبيق في شبكات التجارة الإقليمية والدولية. ويشير الخبراء إلى أن تحديث ميناء مابوتو، إلى جانب الابتكار في القطاع المالي، يُتيح فرصًا جديدة للنمو، وخلق فرص العمل، وتعزيز كفاءة التجارة. ومن خلال ضمان وصول أكبر إلى التمويل، وخاصةً للشركات الصغيرة والمتوسطة، يُمكن لموزامبيق تعزيز التنمية الاقتصادية الشاملة، مع ترسيخ مكانتها كقوة لوجستية في جنوب إفريقيا.([21])
- لكن صُنفت مابوتو كواحدة من أكثر المناطق عُرضة لمخاطر تغيُّر المناخ في موزمبيق مِن قِبَل (البنك الدولي، 2010؛ المعهد الوطني لإدارة الكوارث 2012). وتُعدّ بلدية مابوتو عُرضة لتأثيرات تغيُّر المناخ؛ حيث تُلاحظ فيها حالات جفاف، وفترات ارتفاع درجات الحرارة، وفيضانات داخلية، وأعاصير مدارية، وتفشي الملاريا.([22])
السياحة:
يُعدّ ساحل مابوتو عامل جذب رئيسي للسياحة. حيث تتميز المدينة بشواطئها الجميلة، المثالية للسباحة وحمامات الشمس أو حتى الاستمتاع بمنظر البحر. ويحظى شاطئ كوستا دو سول بشعبية خاصة بين السكان المحليين والسياح على حدٍّ سواء. وتعتبر مابوتو الوجهة السياحية الرئيسية في موزمبيق؛ من حيث عدد الزوار. يزور مدينتنا حوالي 333.000 سائح سنويًّا، وتُقدّر إيرادات السياحة بنحو 95 مليون دولار أمريكي، والتي تُساهم بشكل مباشر في اقتصاد المدينة من خلال إنفاق السياح.([23])
الثقافة والفنون:
مدينة مابوتو ذات تراث ثقافي متنوّع وغني. تتعايش ثقافات وتقاليد المسلمين والسواحيليين والبانتو بانسجام في البلاد. وتشكل المجموعات العرقية نسبة كبيرة من السكان، وتشمل شانغان، وتشوكوي، ومانيوكا، وسينا، وماكوا. وتشمل الثقافات الأخرى الأوروبيين، والأفارقة الأوروبيين، والهنود. ورغم تنوع لغات البلاد، وعلاقاتها الاجتماعية، وتقاليدها الفنية، إلا أن الموزمبيقيين يشتركون في ثقافة مشتركة تتمثل في حبهم للغناء والشعر والرقص والعروض الفنية. وتُعدّ عمارة مابوتو من أبرز معالمها.
تضم المدينة عددًا من المباني التاريخية التي تعكس ماضيها الاستعماري البرتغالي. وتُعدّ محطة مابوتو المركزية، -التي صمَّمها المهندس المعماري الشهير غوستاف إيفل-، مثالًا رائعًا على هذا الطراز المعماري. ومن بين المباني البارزة الأخرى: كاتدرائية مابوتو ومتحف التاريخ الطبيعي.
أهم التقاليد والعادات والمهرجانات:
- الأطعمة المميزة للمدينة
تُعتبر مابوتو أكثر حظًّا من معظم أنحاء البلاد بفضل قربها من البحر والأنهار والأراضي الخصبة وجنوب إفريقيا. فضلاً عن وفرة وتنوع المأكولات البحرية؛ من الروبيان والمحار إلى سمك القرش والحبار، وتتوفر المأكولات البحرية على نطاق واسع ومستمر في أسواق المدينة. ومطاعم المدينة بارعةٌ في تقديم تشكيلةٍ واسعةٍ من أطباق المأكولات البحرية اللذيذة.
يتميز مشهد الطهي في مابوتو بمزيج من النكهات البرتغالية والإفريقية. تشمل الأطباق الشعبية روبيان بيري، والماتابا (طبق تقليدي مصنوع من أوراق الكسافا والفول السوداني)، والمأكولات البحرية الطازجة. وتقدّم مطاعم المدينة المطلة على الشاطئ تجربة طعام ممتازة مع إطلالات خلابة على المحيط.([24])
أشهر الأطباق
- ماتاتا “ماتابا” Matata
تُعدّ الماتاتا من الأطباق الموزمبيقية النادرة التي لم تتأثر بالمطبخ البرتغالي. تُحضّر هذه اليخنة بمزيج من المحار المفروم (أو أنواع أخرى من المحار)، والفول السوداني المطحون أو زبدة الفول السوداني، والبصل، والطماطم، ورقائق الفلفل الأحمر، وأوراق اليقطين الصغيرة أو السبانخ، والزيت، والتوابل.
- فوفوس دي أروز Fofos de arroz
يتكون هذا الطبق الموزمبيقي الشهير من كرات أرز مقلية محشوة بمكونات لذيذة كالروبيان والثوم والبصل. تُغْمَس كرات الفوفو تقليديًّا في البيض وتُلف في فتات الخبز، ثم تُقلى في الزيت الساخن. يُقدَّم الطبق دافئًا، ويُنصَح بترتيب الكرات بشكل جذاب على طبق ساخن.
- روبيان بيري بيري موزمبيق Piri Piri Mozambique Prawns
من أفضل أنواع الروبيان LM تُتبل بصلصة بيري بيري وتُشوى. يوجد في مطاعم موزمبيق المُنتشرة في شوارع المدن الساحلية، ويُستمتع به مع زبدة الليمون والثوم أو صلصة البيرة الكريمية.([25])
- بولو بولانا Bolo Polana
بولو بولانا حلوى تقليدية تُقدم عادةً في المناسبات الخاصة. سُميت تيمنًا بضاحية بولانا في موزمبيق. تُصنع من البطاطس المهروسة والكاجو المطحون، مما يُضْفِي عليها قوامًا ناعمًا فريدًا ونكهة جوزية غنية. يُضاف إليها عادةً قشر الحمضيات وخلاصة الفانيليا.
أشهر المهرجانات
- مهرجان أزغو في مابوتو (العاصمة) AZGO Festival in Maputo
هذا مهرجان موسيقي دولي سنوي يُقام على مدار 3 أيام في الهواء الطلق. سيُشارك فيه أنواع مختلفة من الفرق الموسيقية، وأفلام وثائقية موسيقية، وورش عمل. تشمل المرافق الإضافية قاعة طعام ومطاعم، وأكشاكًا للمأكولات والمشروبات، بالإضافة إلى أزياء المصممين، والسلع، والحرف اليدوية.
- مهرجان ستراب STRAB في بونتا مالونجاني
ستراب هو اختصار لتجربة “الإيقاع والبلوز الجوفي”، وهو مهرجان موسيقي سنوي بدأ كعرض ترفيهي حي لحفل عيد ميلاد أقامته مجموعة من الغواصين عام 2003. وقد تطوَّر على مر السنين، ويضمّ الآن حوالي 20 فرقة موسيقية حية. منذ عام ٢٠٠٨، واصلت STRAB عرض فرق موسيقية متنوعة، من الروك والبلوز والجاز إلى مزيج من هذه الموسيقى.
- احتفالات يوم الاستقلال في مابوتو Independence Day
يُحتفل بيوم الاستقلال في يونيو. تشمل الاحتفالات عروضًا حية ورقصًا تقليديًّا. يُعدّ الملعب الوطني مكانًا لحفل موسيقي رائع تُحييه العديد من الفرق الموزمبيقية الشهيرة. غالبًا ما يحضر الرئيس ويُلقي كلمة أمام الحضور. تُقام العديد من الفعاليات الثقافية، مثل الشعر والرقص والفنون البصرية، في الأسبوع الذي يسبق المهرجان.
أهم المعالم السياحية
- سوق مابوتو المركزي Maputo Central Market
يُعدّ هذا السوق التاريخي، المعروف أيضًا باسم ميركادو سنترال، وجهةً لا غِنَى عنها لشراء المنتجات الطازجة والمأكولات البحرية والتوابل والحِرَف اليدوية المحلية. تُقدّم أجواءً مفعمةً بالحيوية ولمحةً عن الحياة المحلية. افتُتح سوق مابوتو البلدي لأول مرة عام ١٩٠١م، ويبيع منذ ذلك الحين منتجات طازجة وتقليدية. من الفول السوداني إلى الكاجو، ومن المحار إلى الفواكه والخضراوات، يشتهر السوق بشكل خاص بالفلفل الحار. وتُعدّ المكسرات الأرخص والأسهل حملًا في رحلة العودة. ستجد هنا أيضًا منتجات يدوية محلية ومنتجات تجميل، مثل وصلات الشعر.([26])
- قلعة مابوتو Maputo Fortress
بُنيت هذه القلعة البرتغالية في القرن الثامن عشر، وتروي قصة الماضي الاستعماري للموزمبيق. تتميز بمدافع قديمة ومعروضات تاريخية وإطلالات خلابة على المدينة. تُعدّ هذه القلعة من أهم المعالم الأثرية في عاصمة موزمبيق؛ حيث تُحفظ فيها تماثيل ومدافع تاريخية. استُخدمت القلعة لأول مرة في بداية القرن الثامن عشر، على الرغم من أن هيكلها المستطيلي الذي تراه اليوم بُنِيَ في بداية القرن العشرين. تضم القلعة عددًا من قاعات العرض، إحداها تروي قصة غونغونهانا، آخر إمبراطور لإمبراطورية غزة، التي تقع أراضيها ضمن حدود موزمبيق الحديثة.
- محطة قطار مابوتوMaputo Railway Station
صمَّمها غوستاف إيفل، وتُعدّ هذه المحطة الفخمة جوهرةً معماريةً. وغالبًا ما تُعتبر واحدةً من أجمل محطات القطارات في العالم. وتعتبر هذه المحطة من أجمل محطات السكك الحديدية في العالم. أُنشئت المحطة منذ عام ١٨٩٥م، أما المبنى الحالي فقد شُيّد عام ١٩١٠م. يتميز تصميمها الخارجي بتفاصيل أصلية، مثل الأبواب الزجاجية العتيقة وساعة المحطة والجرس. يبدو المكان وكأنه تجمد في الزمن. كما تُعرض قاطرتان قديمتان بجوار مدخل المحطة.
- محمية مابوتو للفيلة
تقع هذه المحمية على بُعد مسافة قصيرة بالسيارة من المدينة، وهي موطنٌ للفيلة والظباء وأنواعٍ من الطيور. تُوفّر ملاذًا رائعًا في أحضان الطبيعة.([27])
- عرض مابوتو للحرف اليدوية والزهور والمأكولات Maputo Craft, Flower and Food Fair
في هذا المكان، ستجدون أشغالاً يدوية من مختلف مناطق موزمبيق، بالإضافة إلى أزهار ومساحات لبيع المأكولات التقليدية. يُعدّ معرض مابوتو للحرف اليدوية والزهور والمأكولات المكان الأمثل لشراء بعض الهدايا التذكارية؛ حيث تقدم بعض الأكشاك أسعاراً خاصة للسياح.
- متحف التاريخ الطبيعي Natural History Museum
يضم هذا المتحف، الذي يعود تاريخه إلى عام ١٩١١م، العديد من القطع الأثرية التي تصف تاريخ موزمبيق؛ حيث تتحدث جميع قبائلها بأكثر من ٢٠ لهجة. يضم المتحف مشغولات يدوية، وسلالًا، وأقنعة، وصورًا وتماثيل، وآلات موسيقية، وأدوات منزلية، وإكسسوارات أزياء، وأدوات مطبخ. ومن بين المعارض الأكثر إثارة للاهتمام المجموعة الفريدة، التي يعود تاريخها إلى الحرب العالمية الأولى، والتي تضم ١٤ جنينًا من أجنة الفيلة، من مرحلة الحمل وحتى الشهر الثاني والعشرين.
خاتمة:
مابوتو الساحرة مزجت بين سحر الجمال والثقافة الإفريقية والثقافات الأخرى العربية والآسيوية والأوروبية؛ فهي بحق مدينة التناقضات، لكنها تعكس في الوقت نفسه الفنون والتقاليد الإفريقية المشتركة؛ حيث يمتزج القديم بالجديد. ويعطي موقع المدينة الجغرافي مزيجًا ساحرًا من جمال الساحل والتنمية الحضرية فضلاً عن مناظرها الطبيعية. ينبهر الزوار بتجربة الأصوات والإيقاعات، والشوارع النابضة بالحياة، والتجمعات المبهجة التي تُقام بانتظام في الساحات العامة والحدائق والأماكن التي تدعو الجميع للمشاركة، والاحتفالات بغض النظر عن خلفياتهم.
……………………………….
[1] -Cultural Events in Mozambique
https://www.mozambique.co.za/Mozambique_Holiday_Activities-travel/cultural-events-mozambique.html
[2] – https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0264275100000020
[3] – Rainer Grajek: Lourenço Marques – Maputo – Mozambique: The History of a City 2020,
[4] –https://afrolegends.com/2013/02/18/why-the-name-maputo/
[5] – Jon D. Unruh: Maputo, Mozambique, 2018
https://www.researchgate.net/publication/327041270_Maputo_City
[6] – Evan Wade: Maputo, Mozambique (1721- ) January 30, 2015. https://www.blackpast.org/global-african-history/maputo-mozambique-1721/
[7] -Mozambique. https://www.everyculture.com/Ma-Ni/Mozambique.html
[8] – https://en.wikipedia.org/wiki/History_of_Maputo
[9] – https://en.wikipedia.org/wiki/History_of_Maputo
[10] -NILCE DA SILVA: Fragments of Memory: Portuguese Culture and Language in Maputo. Homage to Mozambican
Brothers,pp49-69. file:///C:/Users/OMARPC/Downloads/sibi,+03a001n0004n01_acoalfaplp01en_art03.pdf
[11] – GEORGE O. NDEGE ; Culture and Customs of Mozambique. Culture and Customs of Africa Toyin Falola, Series Editor 2007,pp.8-9
[12] – Jon D. Unruh: Maputo, Mozambique, 2018
https://www.researchgate.net/publication/327041270_Maputo_City
[13]– GEORGE O. NDEGE ; Culture and Customs of Mozambique. Culture and Customs of Africa Toyin Falola, Series Editor 2007,pp.23-24
[14] – Jon D. Unruh: Maputo, Mozambique, 2018
https://www.researchgate.net/publication/327041270_Maputo_City
[15] – https://en.wikipedia.org/wiki/Maputo
[16] -City Context and History, https://urbanresiliencehub.org/city-context/maputo/
[17] – https://www.mozambiqueexpert.com/en/maputo-historical-background/
[18] – Mayors Dialogue on Growth and Solidarity ,City profile: Maputo, Mozambique. https://media.odi.org/documents/hmi_mayors_dialogue_maputo.pdf
[19] – Mayors Dialogue on Growth and Solidarity ,City profile: Maputo, Mozambique. https://media.odi.org/documents/hmi_mayors_dialogue_maputo.pdf
[20] -https://worldplacestour.com/photos/Africa/East-Africa/Mozambique/Maputo
[21] – Amy Botha: Financing Mozambique’s Future: Maputo Port’s Social & Economic Impact.2025.
[22] – Mayors Dialogue on Growth and Solidarity ,City profile: Maputo, Mozambique. https://media.odi.org/documents/hmi_mayors_dialogue_maputo.pdf
[23] -How does Maputo city benefit from tourism economy? https://www.devex.com/news/how-does-maputo-city-benefit-from-tourism-economy-63167
[24] – Maputo City: Mozambique’s Vibrant Capital. https://www.visitrwandagorilla.com/maputo-city/#:~:text=History%20an
[25] – https://pemburytours.com/mozambican-cuisine/
[26]– https://www.afar.com/places/maputo-central-market-maputo