د. نرمين كمال طولان
مقدمة:
حضارة نوك إحدى الحضارات الإفريقية القديمة جنوب الصحراء، وهي واحدة من أكثر الثقافات القديمة سحراً وغموضاً في غرب إفريقيا. ازدهرت بين عامَي 1500 قبل الميلاد و500 ميلادي تقريباً، مما يجعلها واحدةً من أقدم المجتمعات المعقدة المعروفة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وترجع التسمية إلى عالم الآثار البريطاني «برنارد فاج»، الذي صاغ مصطلح «ثقافة نوك»، في منتصف القرن العشرين، تيمناً بقرية نوك وسط نيجيريا، والتي عثر فيها على أُولى منحوتات هذه الحضارة، وهي منحوتات مجسمة وحيوانية مصنوعة من الطين المحروق (التراكوتا)، وكانت هذه المنحوتات مصدر إلهام لعلماء الفن والآثار في العالم لدراسة تلك الثقافة وشعبها. وتُعدّ ثقافة نوك أقدم ثقافة معروفة بتقاليدها في نحت الطين في جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وقد حظيت باهتمامٍ عالمي بفضل أساليبها الفنية الفريدة.

وامتدت ثقافة نوك من نهاية العصر الحجري الحديث إلى بداية العصر الحديدي في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وربما تكون أقدم مجتمع منظّم في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ إذ تشير الأبحاث الحالية إلى أنها سبقت تأسيس روما بحوالي ٥٠٠ عام.
وسيتم إلقاء الضوء على حضارة نوك من خلال المحاور الآتية:
– اكتشاف حضارة نوك.
– ثقافة شعب نوك.
– آثار حضارة نوك.
– التقدم التكنولوجي وازدهار حضارة نوك.
– سر الاختفاء الغامض لحضارة نوك.
▪ اكتشاف حضارة نوك:
اكتُشفت ثقافة نوك عام 1928م على هضبة جوس خلال تعدين القصدير، حيث عثر العالم «برنارد فاج» على أولى الاكتشافات لمنحوتات فنية من الطين تُصوّر حيوانات وبشراً في محيط قرية نوك بوسط نيجيريا، واعتُبرت جزءاً من كيانٍ متجانس، إذ اعتُبر التشابه الفني نتاج ثقافة واحدة.
وأدت الاكتشافات اللاحقة من مواقع أخرى إلى رسم خريطة لثقافة نوك، التي تمتد تقريباً من الشمال إلى الجنوب لمسافة حوالي 500 كيلومتر في وسط نيجيريا[1].
وتشير الأدلة الأثرية إلى أن ثقافة نوك بدأت في الظهور حوالي عام 1500 قبل الميلاد، مما يجعلها واحدةً من أقدم الحضارات المعروفة في غرب إفريقيا. استمرت هذه الثقافة لأكثر من ألف عام، وخلال هذه الفترة، حقق شعب نوك تقدّماً ملحوظاً في مختلف المجالات، من الزراعة والحديد إلى الفن والتجارة. وتقع معظم مستوطنات النوك على قمم الجبال، وهي ذات مساحة كبيرة. وتنتشر الاكتشافات السطحية والهياكل الحجرية جزئياً على امتداد مئات الأمتار. وقد يشير الموقع الجغرافي على قمم الجبال والهياكل، التي تُفسَّر على أنها بقايا جدران عُثر عليها في بعض الحالات، إلى الحاجة إلى الاستقرار في مكانٍ محمي جيداً[2].

حظيت حضارة نوك باهتمامٍ أثري محدود لسنواتٍ عديدة منذ اكتشافها، لكن منذ عام ٢٠٠٥م، ركز مشروعٌ بحثي في جامعة جوته في فرانكفورت على الخلفية الثقافية لفن الطين، باحثاً في جوانب الثقافة المادية، بالإضافة إلى السياق الاقتصادي والبيئي، وأنماط الاستيطان، والتطور الزمني لثقافة نوك. وقد أسفرت العينات المأخوذة للدراسات الأثرية النباتية في مواقع مختلفة عن بقايا نباتية قليلة، وإن كانت كافية، لإعادة بناء الاقتصاد والبيئة بشكلٍ أوّلي. واستناداً إلى بقايا الثمار والبذور؛ نُعيد بناء نظام استغلال نباتي يعتمد على الزراعة المختلطة لدخن اللؤلؤ (Pennisetum glaucum) واللوبيا (Vigna unguiculata)[3].
وفى عام ٢٠٠٩م، أُطلق مشروع بحثي في الجامعة نفسها حول «تطور المجتمعات المعقدة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى: ثقافة نوك النيجيرية»، ويركز بشكلٍ خاص على الخلفية الثقافية لتماثيل الطين، ويستكشف جوانب مختلفة من الثقافة المادية، بالإضافة إلى السياق الاقتصادي والبيئي، وأنماط الاستيطان، والتطور الزمني لثقافة نوك. وفي هذا الإطار؛ أُجريت الدراسات الأثرية النباتية الحالية.
وتتركز آثار نوك وبخاصةٍ التماثيل الطينية في موقع تاروغا، وقد تم التنقيب به في ستينيات القرن الماضي، وأدت إلى اكتشاف بعض أقدم الأدلة على تقنية الحديد في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. أما الحفريات الإضافية في مواقع مستوطنات نوك؛ فكانت في سامون دوكيا وكاتسينا علاء[4].
ومع المسوحات والحفريات الاختبارية الجديدة تم توثيق ما يصل إلى 40 موقعاً أثرياً، بعضها لم يكن معروفاً من قبل. وتختلف طبيعة المواقع المسجلة، وكذلك بيئاتها البيئية، اختلافاً كبيراً وفي أربعة مواقع، هي (أكورا، وجانجالا، وجانروا، وإيداه).
وبجمع نتائج تحليل الفخار بالكربون المشع، والعدد الكبير من التواريخ المطلقة، وُضع تسلسل زمني لثقافة نوك: تمتد فترة ثقافة نوك إلى حوالي 1500 عام، بين منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد ومنعطف العصر الميلادي.
يمكن تقسيم هذه الفترة إلى ثلاث مراحل:
– نوك المبكرة (حوالي 1500-900 قبل الميلاد)؛
– ونوك الوسطى (حوالي 900-400 قبل الميلاد)؛
– ونوك المتأخرة (حوالي 400-1 قبل الميلاد). لم تعد المواقع التي يعود تاريخها إلى ما بعد منعطف العصر الميلادي مرتبطةً بثقافة نوك[5].
ونظراً لأن مواقع نوك تكاد تكون غير مرئية على السطح- في الواقع يتم اكتشاف معظم المواقع بالصدفة- فإنه يُعثر على تماثيل الطين المحروق في باطن الأرض، على سبيل المثال: عند حفر أساسات المنازل أو حرث الحقول. وقد انتشرت هذه الأخبار بسرعة، ووصلت إلى علم اللصوص المنظمين، المعروفين بدفعهم أموالاً لملاك الأراضي مقابل الحصول على إذن الحفر لاستخراج التماثيل[6].
▪ ثقافة شعب نوك:
يبدو أن شعب نوك قد استوطن في كل مكانٍ تقريباً في وسط نيجيريا، لأن المناظر الطبيعية توفر في كل مكان مساحات معيشية ملائمة، بما في ذلك موارد مائية وتربة خصبة. وقد عُثر على مواقع في سهول منبسطة، وعلى قمم التلال، وعلى منحدرات وقمم الجبال. ومع ذلك؛ يكشف التدقيق عن نمطٍ عام واحد: هناك تفضيل لخصائص طبوغرافية محددة، مثل الارتفاعات والمنحدرات البسيطة. ولعل اختيار هذا النوع من تضاريس الاستيطان جاء لأنه يوفر تصريفاً مناسباً خلال موسم الأمطار[7].
وتُعدّ أصول حضارة نوك غير واضحة، ولا يوجد دليل على وجود سكان سابقين في هذه المنطقة، مما يعني أنه من المرجح أن شعب نوك هاجر من منطقةٍ أخرى، ربما من الشمال، ليستقر هناك.
وهناك نظريتان رئيسيتان حول أنماط هجرتهم:
- يعتقد بعض الباحثين: أن شعب نوك ربما هاجر من الصحراء الكبرى الوسطى، جالبين معهم محاصيل مثل دخن اللؤلؤ ومعرفة صناعة الفخار. تشير النظرية إلى أنهم انفصلوا عن جماعات أخرى في المنطقة، بما في ذلك شعب غاجيجانا، قبل أن يستقروا في منطقة نوك شمال نيجيريا.
- تقترح نظرية أخرى: أن شعب نوك هاجر من منطقة الساحل في غرب إفريقيا.
وبغض النظر عن أصولهم الدقيقة؛ فمن الواضح أن ثقافة نوك لعبت دوراً مهماً في تشكيل حضارات غرب إفريقيا المبكرة.[8]
ونظراً للطبيعة الحمضية للتربة؛ لم تُحفظ أي عظام. وبالتالي؛ لا يستطيع علماء الآثار تحديد ما إذا كانوا يربّون حيوانات أليفة أو يخرجون للصيد بحثاً عن غذائهم. وُجدت بعض الحيوانات بين المنحوتات الفنية، ولكن لم يكن أيٌّ منها أليفاً، وعادةً ما تُمثّل ثعابين أو طيوراً أو قروداً. بناءً على تحليل بقايا الدهون الموجودة في الأواني الخزفية؛ حُدّد أن شعب نوك كانوا على الأرجح يتناولون أوراق نباتات مثل الخبيزة، والقطيفة، والباذنجان الإفريقي، والبامية، واللوبيا، والكابوك، والتي لا تزال تُستخدم على نطاق واسع حتى اليوم. ومن المثير للاهتمام أنهم عثروا أيضاً على آثارٍ للعسل، والذي ربما كان يُستخدم أيضاً كمصدر للغذاء[9].
كان من الصعب رسم صورة واضحة للمساكن التي استخدمتها ثقافة نوك، فقد بُنيت منازلهم عادةً باستخدام مواد قابلة للتحلل، ولم يبق منها سوى القليل الذي صمد أمام اختبار الزمن. ومن الأدلة المحدودة المتاحة؛ يبدو أن المستوطنات كانت تغطي مساحات صغيرة، مع وجود عدد قليل من الأكواخ في كل موقع. وهذا يشير إلى نظام استيطاني متفرق يضم مزارع أو منازل فردية. على الرغم من أن هذه المستوطنات كانت متناثرةً، ولم تُسكن إلا لفترات قصيرة نسبياً، فإن «بيتر بروينغ» يعتقد بوجود ثقافةٍ مشتركة بين هؤلاء السكان. الدليل الرئيسي الذي يربطهم: هو اكتشاف منحوتات الطين في جميع أنحاء انتشار ثقافة نوك[10].
ولم يُبنَ مجتمع نوك حول المدن، بل كان الناس يميلون إلى العيش في مستوطنات عديدة. يُحتمل أن لكل مستوطنة مزرعتها الخاصة، وكان معظم العمل زراعياً، يُرجَّح أن النساء كنَّ يقمن بمعظم العمل في تحويل المحاصيل إلى غذاء، ويعتقد العلماء أن الرجال هم من عملوا بالحديد[11].
كما اكتشف علماء الآثار مجموعة متنوعة من مواقع مستوطنات شعب نوك، غالباً ما كانت تقع على قمم الجبال، مما وفر لهم دفاعاً طبيعياً وميزة إستراتيجية. ومن المرجح أن هذه المستوطنات كانت مراكز للنشاط الاقتصادي، حيث ازدهرت الزراعة والتجارة وصناعة الحديد. والجدير بالذكر أن شعب نوك كان من أوائل الشعوب في إفريقيا التي طورت تقنية صهر الحديد، مما مكنهم من صنع أدوات وأسلحة عززت قدراتهم الزراعية والعسكرية[12].
من خلال دراسة صناعة المنحوتات الطينية؛ نرى مقدرة شعب نوك على الإبداع وحسن الصناعة والاستخدام الأمثل للموارد المحيطة، فنجد عند حرق تمثال مجوف من الطين المحروق في فرن؛ أنه يمكن أن تتسبب الغازات وبخار الماء المتراكمان والمتمددان داخله في تشققه أو حتى تحطمه تماماً. أحد الحلول هو عمل فتحات تهوية في التمثال، وقد فعل ذلك خزافو نوك، ولكن بلمسةٍ فنية مميزة، حُفرت فتحات للعيون والفم والأنف والأذنين ذات مظهر طبيعي، وبالتالي لم يتأثر التأثير الجمالي العام للتمثال. على عكس المنحوتات الأكبر حجماً؛ تكون التماثيل الأصغر حجماً صلبة[13].
وتشير العديد من المنحوتات أن شعب نوك كثيراً ما يرتدون الكثير من المجوهرات والقلادات المصنوعة من الخرز، والتي من غير المرجح أن تُستخدم يومياً. عادةً ما يكون للتماثيل الذكورية لحية مربعة قصيرة وشوارب غريبة لا تنمو إلا عند زوايا الفم. هناك أيضاً عدد من التماثيل التي ليست بشرية ولا حيوانات بحتة، بل مزيج خيالي من الاثنين. على سبيل المثال: هناك بشر بمنقار وذيل وأرجل تشبه منقار الطيور، ورأس فيل بعينين وجبهة بشريتين للغاية[14].
ونلاحظ من السمات الفريدة لمنحوتات نوك اهتمامها بالتفاصيل، ولا سيما في تصوير تسريحات الشعر والمجوهرات والملابس. يشير هذا إلى أن شعب نوك أَوْلى أهميةً كبيرة للمكانة الاجتماعية والمظهر الشخصي، والتي ربما كانت مرتبطةً بأدوارهم الاجتماعية أو الدينية[15].
ومن الاكتشافات المهمة الأخرى في فن نوك الطيني تصوير شخصين في زورق خشبي، يجدفان بالبضائع. يشير هذا إلى أن شعب نوك استخدموا مجاري مائية مثل نهر غورارا، أحد روافد نهر النيجر، لنقل البضائع كجزء من شبكة تجارية إقليمية. ويدعم وجود أصداف بحرية على رؤوس بعض المنحوتات نظرية أن طرق تجارتهم امتدت حتى ساحل المحيط الأطلسي. يُقدّم هذا التصوير للمركبات المائية لمحةً نادرة عن الممارسات البحرية لحضارات غرب إفريقيا المبكرة، ويشير إلى أن شعب نوك كان أكثر ارتباطاً بمناطق أخرى مما كان يُعتقد سابقاً[16]. ومن المرجح أن الجمع بين الزراعة والصيد والتجارة مكّن شعب نوك من الحفاظ على اقتصاد مستقرٍ ومزدهرٍ لقرون.
▪ آثار حضارة نوك:
تنوعت آثار حضارة نوك الإفريقية ما بين التماثيل الطينية وتكوينات الفخار، وكانت فريدةً من نوعها:
1) التماثيل الطينية) الطين المحروق: التراكوتا):
تُعرف نوك إلى حدٍّ كبير على أساس تماثيلها الفخارية الرائعة، أُنشئت هذه التماثيل في الألفية الأولى قبل الميلاد، وتُشكّل أقدم آثار محفوظة للتقاليد النحتية في إفريقيا خارج مصر.
أمضى «بيتر بروينج»، أستاذ علم الآثار بجامعة جوته في ألمانيا، جزءاً كبيراً من مسيرته المهنية الأخيرة في إجراء تحليلات معمقة حول ثقافة نوك، وهي مجتمع ما قبل التاريخ كان مقره في وسط نيجيريا. ركز معظم أبحاثه على كشف الغموض المحيط بمنحوتات الطين المحروقة المتقنة، التي صنعها شعب نوك منذ أكثر من 2500 عام. وبينما تدور تكهنات كثيرة حول الغرض منها؛ فقد حدد «بيتر بروينج» وفريقه موقعها القريب من مواقع الدفن، مما يشير إلى استخدامها في طقوس الجنازة.
اكتشاف منحوتات طينية دقيقة يشير إلى أن الفن الدقيق يرتبط حتى بمجتمعات ما قبل التاريخ، على شكل فن صخري، ولكن غالباً ما يغيب عنا دوره ومعناه واستخدامه.
هذه المنحوتات الطينية الدقيقة تُشير إلى طقوس يعتقد الخبراء أنها وحّدت الشعوب عبر مناطق جغرافية واسعة. ويُتيح صنعها فهماً أعمق للطقوس والمعتقدات الروحية المعقدة التي كانت سائدةً في ذلك الوقت[17].
وتُعدّ منحوتات الطين المحروق من أهم الاكتشافات الأثرية المرتبطة بثقافة نوك، ويُعتقد أن هذه المنحوتات، التي غالباً ما تُصوّر شخصيات بشرية وحيوانات وأشياء أخرى، قد صُنعت كجزء من ثقافة جنائزية معقدة. يعود تاريخ أقدم نماذج هذه المنحوتات الطينية إلى حوالي عام 900 قبل الميلاد، وتتميز بتفاصيلها الدقيقة، بما في ذلك العيون المثلثة أو البيضاوية، وتسريحات الشعر المتقنة[18].
كشفت العديد من المنحوتات عن أسلوبٍ فني متطور يختلف عن أي ثقافة إفريقية معروفة سابقاً، صوّرت المنحوتات شخصيات بشرية بتسريحات شعر معقدة، ومجوهرات متقنة، وملامح وجه معبّرة، مما يشير إلى تقليد فني متطور للغاية[19].
ومنذ اكتشاف منحوتات نوك الفريدة شهدت سوق الفن العالمية طلباً كبيراً على هذه المنحوتات، كونها الأقدم من نوعها في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وللأسف؛ أدى هذا الطلب إلى نهبٍ واسع النطاق وتدمير لا يمكن إصلاحه للسياقات التي تُمثّل الإمكانية الوحيدة لاكتساب المزيد من المعرفة حول ثقافة نوك التي تُنسب إليها هذه المنحوتات عادةً. ومنذ اكتشافها لأول مرة؛ بدأ علماء الآثار يتساءلون عن سبب صنع هذه القطع الفنية الدقيقة والمثيرة للاهتمام، والغرض الذي ربما كانت تخدمه.
كانت تلك المنحوتات الفريدة مصدراً للعديد من تساؤلات علماء الآثار، وعلى مَرّ السنين كثرت التكهنات حول استخدام هذه المنحوتات الرائعة، ومنها:
1- اقترح البعض أنها كانت أضرحة، تُقام في حقول المزارعين، لضمان حصادٍ وفير.
2- اعتقد آخرون أن لها وظيفةً معمارية، كأحجار زخرفية على أسطح أكواخ القش المستديرة.
3- أنها تماثيل للخصوبة و/أو تماثيل للأسلاف[20].
4- تعويذات لمنع فشل المحاصيل، والعقم، والمرض.
5- اقتراح آخر بأنها كانت جزءاً من طقوس دينية أو سحرية خلال عملية صنع الحديد. فقد عُثر عليها في البداية بالقرب من معادن الصهر.
6- تشير نظريات بارزة أخرى إلى أنها كانت زخارف معابد، أو طلبات من حكام أثرياء.
7- اقتراح آخر بأنها علامة على عبادة الثعابين.
8- أنها صُنعت لاسترضاء الأسلاف أو القوى الخارقة للطبيعة[21].
وتبقى معظم هذه الاقتراحات مجرد تكهنات وتستند إلى أدلة محدودة للغاية. يعتقد «بيتر بروينج» أن موقع شظايا المنحوتات هذه قد يساعد في الكشف عن سبب وجودها[22].
ويعتقد «بيتر بروينج» اعتقاداً راسخاً أن قرب المنحوتات من مدافن ثقافة نوك يشير إلى استخدامها كجزء من تجمعات أو طقوس جنائزية معقدة. ومن المحتمل أن المنحوتات كانت تمثل الموتى. ويشير تحليل «بيتر بروينج» بقوة إلى أن هذه المنحوتات الكبيرة ظهرت لأول مرّة في أوائل الألفية الأولى قبل الميلاد، أي قبل ما كان يُعتقد في الأصل، وأنها استُخدمت كجزء من طقوس الجنازة[23].
وتُصوّر التماثيل الطينية البشر والحيوانات، ويصل بعضها إلى الحجم الطبيعي، لكن غالبيتها يتراوح ارتفاعها بين 30 و70 سم، كما أن التماثيل الصغيرة جداً (حوالي 10 سم) شائعةٌ أيضاً. تتميز جميعها بخصائص مميزة، مثل بؤبؤ العين المثقوب المُركّب على شكل مثلثات ضحلة، أو حواجب مُصمّمة، أو تسريحات شعر، أو أغطية رأس مُبالغ فيها. ومن السمات الأخرى صلابة المعدن، المُكوّنة من الكوارتز والفلسبار[24]. وقد لاحظ العالم «برنارد فاج» مكتشف حضارة نوك أن جميع هذه المنحوتات كانت مصنوعة من الفخار البُنّي المحمر ومتشابهةً في الأسلوب. كانت هناك شخصيات بشرية برؤوس طويلة وتسريحات شعر متقنة، كانت هذه الأنماط مشابهةً إلى حدٍّ ما لتلك التي يرتديها بعض النيجيريين اليوم. أظهرت العديد من هذه الشخصيات تجارب مشتركة مثل الحب والحرب، كان هناك أيضاً الكثير من المجوهرات[25].
ويرى كثير من الباحثين أن منحوتات نوك الطينية تُعدّ تعبيراً قوياً عن الهوية الثقافية والفخر، لأنها تعكس التاريخ الفريد لثقافة الشعب وتقاليده وقيمه العرقية المتنوعة في المنطقة. وكانت تضم فنانين يتمتعون بمهاراتٍ عالية في إنتاج الطين وصهر الحديد والأدوات الحجرية. أثار موقعها التكنولوجي المتقدم في إفريقيا حماساً أكاديمياً كبيراً.
لقد استخدمت الثقافات القديمة الأعمال الفنية لخلق أيديولوجية في الماضي، وخاصةً في إفريقيا ونيجيريا. ونتيجةً لهذا التطور؛ أصبحت جميع أشكال التعبير الفني في ثقافة نوك مدفوعةً بالأفكار والفلسفة، ولذلك تُصنع العديد من منحوتاتهم الطينية بأفكار ومعانٍ مختلفة. ينشرون فلسفاتٍ متنوعة في رحلاتهم الفنية، بعضها قائم على المعتقدات، إما دينية أو ثقافية أو عرقية، بينما ينبع بعضها الآخر من تصورات الأفراد أو الجماعات لمجتمعهم البشري، الحي وغير الحي. علاوةً على ذلك؛ كان جزءٌ من فلسفاتهم توثيقاً لأحداث ووقائع وتجارب عصرهم، أو انطباعاتٍ عن تنظيمهم الاجتماعي في تلك الفترة[26].
برزت الثعابين بكثرة في أعمالهم الفنية، ويبدو أن للثعابين أهميةً طقسية كبيرة، وهي رموزٌ دينية شائعة للبعث في إفريقيا التقليدية. واتسمت جميع منحوتات الطين من ثقافة نوك، سواءً الحديثة منها أو القديمة، بأسلوب موحّد.

2) الفخار:
تضمنت أواني فخار نوك أوعيةً ضحلة ذات قاع مسطح، مزينةً من الداخل بخطوط محززة عميقة، على الرغم من أن هذه الخطوط ربما كانت تُستخدم كمبشرة. يُظهر التحليل الكيميائي للطين من جميع أواني فخار نوك أنه جاء من مصدر واحد (غير معروف حتى الآن)، مما يشير إلى أن الصناعة ربما كانت مركزية وتحت سيطرة ملكية[27]. وتتميز فخارياتهم بزخارفها الدقيقة، وتتميز بأنماط وتصاميم هندسية[28].
ومن أبرز السمات المميزة درجةُ الصلابة، وهي خشنةٌ كالتي استُخدمت في التماثيل. هناك اختلافات بين هذه المجموعات تشير إما إلى تنوع إقليمي أو تغيرات في الأسلوب خلال فترة ثقافة نوك. من الصعب تقدير ما إذا كانت السمات المذكورة تُشخص فخار نوك حصرياً، نظراً لعدم دراسة تطور صناعة الخزف في منطقة ثقافة نوك بشكلٍ منهجي حتى الآن.
▪ التقدم التكنولوجي وازدهار حضارة نوك:
سرعان ما اكتشف العلماء شيئاً آخر لم يكن يتوقع في نوك، كانت هناك أفران حديدية. في ذلك الوقت؛ اعتقد العلماء أن تقنية صنع الحديد لم تُخترع إلا مرّة واحدة، في أوراسيا. واعتقدوا أن تقنية الحديد لم تنتشر إلى إفريقيا إلا بعد ذلك بكثير. درس «فاج» الفحم النباتي داخل الأفران، وتمكن من تأريخه إلى عام 280 قبل الميلاد. وفي وقتٍ لاحق؛ أرجع العلماء بعضه إلى فترة زمنية أقدم. كان هناك العديد من الأفران، مما يشير إلى وجود عدد كبير من السكان، وربما طور سكان نوك تقنية الحديد بمفردهم[29].
ازدهرت ثقافة نوك بفضل تقنية صهر الحديد التي أتاحت تصنيع الأدوات الحديدية. تُقدم حضارة نوك أقدم مثال على تقنية صهر الحديد في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والتي ربما جاءت من قرطاج شمالاً، أو ربما، على الأرجح، نظراً لحاجز الصحراء الكبرى الهائل، من النوبة شرقاً. وربما كانت اختراعاً محلياً، ولكن للأسف لا يوجد دليل يُذكر يدعم أيّاً من النظريتين السابقتين. وبغض النظر عن مصدر الأفكار؛ فقد مكّنت حضارة نوك من الانتقال مباشرةً من العصر الحجري إلى العصر الحديدي، وتخطي مرحلة العصر البرونزي التي تُميز التطورات في أماكن أخرى[30]. تمكّنوا من إنتاج أدوات وأسلحة حديدية مُعقّدة، وشملت هذه الأدوات السكاكين ورؤوس الرماح وغيرها من القطع الأثرية.[31]
كشفت الحفريات في تاروغا عن أقدم مستوطنة معروفة لحضارة نوك، والتي سكنتها بين القرنين الرابع والثاني قبل الميلاد. وُجدت بقايا ما يُقارب 13 فرناً لصهر الحديد في تاروغا وحدها، واستُخدمت أدوات حديدية متينة، مثل المعاول والفؤوس اليدوية والسواطير، بشكلٍ جيد لتعزيز الكفاءة الزراعية. وتمكن مزارعو نوك من زراعة حبوب مثل الذرة الرفيعة، وخضراوات مثل القرع. وفقاً لبيانات الكربون المشع من الفحم الموجود في أفران الحديد. ورغم ظهور تكنولوجيا الحديد؛ استمر استخدام الأدوات الحجرية، وخاصةً الأدوات الأكبر حجماً، مما يشير إلى أن المعدن كان دائماً سلعة نادرة[32]. وكشف علماء الآثار أدلةً على صهر الحديد في مواقع نوك التي يعود تاريخها إلى ما بين 750 و550 قبل الميلاد، مما جعل نوك من أوائل المجتمعات الإفريقية المعروفة التي طورت تعدين الحديد. كان لهذا التقدم التكنولوجي تأثيرٌ عميق في مجتمعهم، إذ سمح لهم بصنع أدوات وأسلحة أكثر فعالية[33].
أدت الأدوات الحديدية، بما في ذلك الفؤوس والمعاول والأدوات الزراعية، إلى تحسين الإنتاجية الزراعية بشكلٍ ملحوظ، مما مكّن نوك من تطهير الأراضي بكفاءة أكبر وزراعة مساحات أكبر للمحاصيل. كما منح إنتاجُ الأسلحة الحديدية شعبَ نوك ميزةً في الصيد، وربما في الحرب. وربما ساهم هذا التطور في تكنولوجيا الحديد في قدرة حضارة نوك على الازدهار لأكثر من ألف عام. يُعدّ تَقدّم نوك في مجال صناعة الحديد ذا أهميةٍ خاصة؛ لأنه يبدو أنهم تطوروا بشكلٍ مستقل، دون استخدام النحاس أو البرونز سابقاً، اللذين كانا شائعين في أجزاء أخرى من العالم قبل الحديد. هذا الانتقال المباشر من الأدوات الحجرية إلى الأدوات الحديدية يجعل شعب نوك من الحضارات القليلة التي حققت هذه القفزة النوعية، مسجلاً إنجازاً تكنولوجياً فريداً في تاريخ علم المعادن[34].
وهكذا؛ لم تكن ما يُسمّى «ثقافة نوك» أقدم مجمع يضم تماثيل منحوتة متقنة فحسب، بل قدّمت أيضاً أحد أقدم الأدلة على علم معدن الحديد في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى[35]. وقد ساهمت هذه التطورات التكنولوجية في الازدهار الاقتصادي والقوة العسكرية لحضارة نوك.
▪ سر الاختفاء الغامض لحضارة نوك:
لا نعرف ماذا حدث لشعب نوك، يبدو أن أسلوبهم في صنع الطين قد اندثر في مكانٍ ما حوالي عام 100 ميلادي. ربما يكون شعب النوك أسلاف ثقافة اليوروبا النيجيرية الحديثة.
كما تشير اكتشافات رؤوس السهام والرماح الحديدية إلى أن الحياة لم تكن دائماً سلمية بين شعب نوك وبين قبائلهم المنافسة، ولا يُعرف سبب تراجع ثقافة نوك حوالي عام 200 ميلادي، ولكن يتضح ذلك من الانخفاض الحاد في إنتاج الفخار.
وقد أرجع العلماء اختفاء حضارة نوك إلى العديد من الأسباب، منها:
- ربما كانت الأسباب المعتادة هي الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية.
- ربما أدت التغيرات في أنماط المناخ، بما في ذلك فترات الجفاف الطويلة أو الكوارث الطبيعية الأخرى، إلى نقص الغذاء ونضوب الموارد، مما أدى في النهاية إلى انهيار الحضارة.
- أو أن الصراعات الداخلية والاضطرابات الاجتماعية داخل المجتمع، أو الغزوات الخارجية، أو الهجمات من القبائل أو الحضارات المجاورة، ربما ساهمت أيضاً في تراجع ثقافة نوك[36].
لا يقتصر فن نوك على جماله وحرفيته فحسب، بل يمتد أيضاً إلى تأثيره في ثقافات غرب إفريقيا اللاحقة. وتُعتبر منحوتات الطين التي صنعها شعب نوك أقدم الفنون التصويرية واسعة النطاق في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، باستثناء الفن المصري القديم. وربما ساهمت تقاليدهم الفنية في تشكيل تطور حضارات غرب إفريقيا اللاحقة، مثل ثقافة بورا في النيجر، وثقافة كوما في غانا، وثقافة إيجبو-أوكوو في نيجيريا، وثقافة جين-جينو في مالي[37].
كما ساهم انخراط مجتمع نوك في التجارة بعيدة المدى وتفاعلاتهم الاقتصادية مع المجتمعات المجاورة في التنمية الاقتصادية والتكامل في غرب إفريقيا. ومهدت شبكات التجارة التي عززها شعب نوك الطريق لظهور إمبراطوريات تجارية لاحقة في المنطقة، مثل إمبراطوريات غانا ومالي وسونغهاي[38].
خاتمة:
تمتعت ثقافة نوك بأهميةٍ بالغة في تاريخ نيجيريا، فقد أبرزت هذه الثقافة المهارات المتقدمة والرقي الثقافي لسكانها القدماء. وكان لاكتشاف إرث نوك وحضارتهم القديمة دورٌ حيوي في تشكيل فهمنا للجذور الثقافية الإفريقية وتراثها المتنوع، بوصفها واحدةً من أقدم الحضارات الإفريقية المعروفة. ولم تقف ثقافة نوك على ما قدّمته من إرثٍ مميز، بل ساهمت في إرساء أُسس العديد من المجتمعات المستقبلية في غرب إفريقيا. وتعكس إنجازاتهم الرائعة في الفن والتكنولوجيا والتنظيم الاجتماعي تطور الثقافات الإفريقية المبكرة، ولا تزال تلك الحضارة تحتاج إلى المزيد من الدراسات المتخصصة.
……………………………………………..
[1] Nicole Rupp, James Ameje & Peter Breunig: New Studies On The Nok Culture Of Central Nigeria. Journal of African Archaeology Vol.3 (2), 2005.
[2] Nicole Rupp, James Ameje & Peter Breunig: New Studies On The Nok Culture Of Central Nigeria. Journal of African Archaeology Vol.3 (2), 2005
[3] Stefanie Kahlheber: Archaeobotanical Studies At Nok Sites: An Interim Report. Nyame Akuma No.71 June 2009. pp.2-17.
[4] Stefanie Kahlheber: Archaeobotanical Studies At Nok Sites: An Interim Report. Nyame Akuma No.71 June 2009. pp.2-17.
[5] Gabriele Franke: A Chronology of the Central Nigerian Nok Culture –1500 BC to the Beginning of the Common Era. Journal of African Archaeology Vol.14 (3) Special Issue, 2016, pp.257–289.
[6] Peter Breunig & Nicole Rupp: An Outline of Recent Studies on the Nigerian Nok Culture. Journal of African Archaeology Vol.14 (3) Special Issue, 2016, pp.237–255.
[7] Peter Breunig & Nicole Rupp: An Outline of Recent Studies on the Nigerian Nok Culture. Journal of African Archaeology Vol.14 (3) Special Issue, 2016, pp.237–255.
[8] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory, May 20, 2022 | Arts, Humanities & Social Science
[9] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory. pp.1-5. https://www.scientia.global/wp-content/uploads/Peter_Breunig/Peter_Breunig.pdf
[10] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory. pp.1-5. https://www.scientia.global/wp-content/uploads/Peter_Breunig/Peter_Breunig.pdf
[11] Boyi, John Mallam: Nok Terracotta Sculptures: A Reflection of Ancient Ideology and Philosophy Found in the Earlier and Recent Discovered Sculptures. International Journal of Innovative Research in Arts, Education and Technology | IJIRAET. Volume 3, Number 1 February, 2025. Pp.10-21.
[12] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory, May 20, 2022 | Arts, Humanities & Social Science
[13] Tyrannosaurus: Nok Civilization Proposal. August 22, 2022, https://wildfiregames.com/forum/topic/90782-nok-civilization-proposal
[14] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory, May 20, 2022 | Arts, Humanities & Social Science.
[15] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory, May 20, 2022 | Arts, Humanities & Social Science.
[16] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory, May 20, 2022 | Arts, Humanities & Social Science.
[17] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory. pp.1-5. https://www.scientia.global/wp-content/uploads/Peter_Breunig/Peter_Breunig.pdf
[18] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory, May 20, 2022 | Arts, Humanities & Social Science
[19] Rolf Hedger: Nok Civilization: The Mysterious Sculptor of Terracotta and West Africa’s Early Culture.
[20] Philip Allsworth-Jones: West African Archaeology New developments, new perspectives. BAR International Series 2164, 2010. pp.67-78.
[21] Boyi, John Mallam: Nok Terracotta Sculptures: A Reflection of Ancient Ideology and Philosophy Found in the Earlier and Recent Discovered Sculptures. International Journal of Innovative Research in Arts, Education and Technology | IJIRAET. Volume 3, Number 1 February, 2025. pp.10-21.
[22] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory. pp1-5. https://www.scientia.global/wp-content/uploads/Peter_Breunig/Peter_Breunig.pdf
[23] Philip Allsworth-Jones: West African Archaeology New developments, new perspectives. BAR International Series 2164, 2010. pp.67-78.
[24] Philip Allsworth-Jones: West African Archaeology New developments, new perspectives. BAR International Series 2164, 2010. pp.67-78.
[25] Trevor Getz: Ancient Agrarian Societies: Nok Society. pp1-5. file:///C:/Users/OMARPC/Downloads/WHP%203-3-5e%20Read%20-%20Nok%20-%20700L.pdf
[26] Boyi, John Mallam: Nok Terracotta Sculptures: A Reflection of Ancient Ideology and Philosophy Found in the Earlier and Recent Discovered Sculptures. International Journal of Innovative Research in Arts, Education and Technology | IJIRAET. Volume 3, Number 1 February, 2025. pp.10-21.
[27] Mark Cartwright: Definition Mark Cartwright. https://www.worldhistory.org/Nok_Culture/
[28] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory. pp.1-5. https://www.scientia.global/wp-content/uploads/Peter_Breunig/Peter_Breunig.pdf
[29] Trevor Getz: Ancient Agrarian Societies: Nok Society. pp.1-5. file:///C:/Users/OMARPC/Downloads/WHP%203-3-5e%20Read%20-%20Nok%20-%20700L.pdf
[30] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory, May 20, 2022 | Arts, Humanities & Social Science.
[31] The Nok Culture: Nigeria’s Ancient Civilization. https://disciplines.ng/nok-culture/
[32] Mark Cartwright: Definition Mark Cartwright. https://www.worldhistory.org/Nok_Culture/
[33] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory, May 20, 2022 | Arts, Humanities & Social Science
[34] Peter Breunig: The Significance of Nok Culture Sculptures in Nigerian Prehistory, May 20, 2022 | Arts, Humanities & Social Science.
[35] Mark Cartwright: Definition Mark Cartwright. https://www.worldhistory.org/Nok_Culture/
[36] The Nok Culture: Nigeria’s Ancient Civilization. https://disciplines.ng/nok-culture/
[37] Mark Cartwright: Definition Mark Cartwright. https://www.worldhistory.org/Nok_Culture/
[38] Nok Society: Understanding the Rise and Legacy of an Ancient African Civilization.
https://brainly.com/topic/history/nok-society










































