قراءة تحليلية لموقع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2025م

مقدمة:

 يأتي مؤشر الابتكار العالمي لعام 2025م، في إصداره الثامن عشر تحت عنوان “الابتكار عند مفترق طرق”^([1]) في لحظة محورية؛ فبعد عقد من التوسع السريع في الإنفاق على البحث والتطوير واستثمار رأس المال الاستثماري، نشهد تحولاً. فقد انخفض نموّ البحث والتطوير إلى أبطأ وتيرة له منذ الأزمة المالية العالمية، ولم تتعافَ صفقات رأس المال الاستثماري العالمي من الركود الحادّ في عام 2023م.

 ومع ذلك، حتى لو كان الاستثمار في الابتكار في حالة ركود؛ فإنّ الابتكار نفسه ليس كذلك. تُحقِّق أجهزة الكمبيوتر العملاقة الخضراء أرقامًا قياسية جديدة في الكفاءة. وتستمر أسعار البطاريات وتكاليف تسلسل الجينوم في الانخفاض. ويكتسب اعتماد المركبات الكهربائية وشبكات الجيل الخامس والروبوتات أرضية، وإن كان ذلك بشكل غير متساوٍ بين المناطق. وبينما لا يزال التأثير الكامل للذكاء الاصطناعي غير مُؤكّد، فإن إمكاناته التحويلية لا يمكن إنكارها.

وما يبعث على التفاؤل في نتائج هذا العام هو كيفية تنوُّع زخم الابتكار عبر المناطق. ومن بينها منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، والتي وإن كانت تتذيل مناطق العالم السبع في متوسط الدرجات؛ إلا أن أداءها الابتكاري كان أفضل من أكثر من منطقة عبر العالم مقارنةً بالعام الماضي أيضًا. وهو ما سوف أحاول قراءته وتحليله لتحديد موقع المنطقة في مؤشر عام 2025م، من خلال المحاور التالية:

المحور الأول: مؤشر الابتكار العالمي 2025م: نظرة عالمية.

المحور الثاني: موقع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر الابتكار العالمي 2025م.

المحور الثالث: مؤشر الابتكار العالمي 2025م: نقاط مضيئة ونقاط مظلمة ومآخذ.

المحور الأول:

مؤشر الابتكار العالمي 2025م: نظرة عالمية

 أصدرت المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) بالشراكة مع معهد بورتولانز، النُّسخة الثامنة عشرة من مؤشر الابتكار العالمي لعام 2025م (GII).

منذ إطلاقه عام 2007م، ساهم المؤشر في صياغة أجندة قياس الابتكار، وأصبح حجر الزاوية في صنع السياسات الاقتصادية.

يصدر المؤشر سنويًّا، وهو يُقدّم مقاييس أداء، ويُصنّف حوالي 140 اقتصادًا بناءً على منظوماتها البيئية للابتكار.

يعتمد المؤشر على مجموعة بيانات غنية -مجموعة من 78 مؤشرًا تتراوح بين الإنفاق على البحث والتطوير، وصفقات رأس المال الاستثماري، وصادرات التكنولوجيا الفائقة، وإيداعات الملكية الفكرية-، تتجاوز المقاييس التقليدية للابتكار منذ توسُّع تعريفه.

ويُحسب مؤشر الابتكار العالمي 2025م كمتوسط ​​مؤشرين فرعيين. يقيس المؤشر الفرعي لمدخلات الابتكار عناصر الاقتصاد التي تُمكِّن وتُيسِّر الأنشطة الابتكارية، ويُقسَّم إلى خمس ركائز أساسية: (1) المؤسسات، (2) رأس المال البشري والبحث، (3) البنية التحتية، (4) تطوُّر السوق، و(5) تطوُّر الأعمال.

أما المؤشر الفرعي لمخرجات الابتكار، فيرصد نتائج الأنشطة الابتكارية من خلال ركيزتين أساسيتين: (6) مخرجات المعرفة والتكنولوجيا، و(7) المخرجات الإبداعية.

يتم تقديم مؤشر الابتكار العالمي إلى عملية تدقيق إحصائية مستقلة مِن قِبَل مركز الكفاءة للمؤشرات المركبة ولوحات النتائج التابعة لمركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية (JRC-COIN).^([2])

 ويُعدّ هذا المؤشر مرجعًا عالميًّا لصانعي السياسات وقادة الأعمال وغيرهم في تعزيز الابتكار وبناء منظومات ابتكارية قوية.

أولاً: النتائج الرئيسية لمؤشر الابتكار العالمي 2025م

بينما تصدرت سويسرا والسويد والولايات المتحدة المراكز الأولى عالميًّا، يُظهر مؤشر الابتكار العالمي، في نسخته الثامنة عشرة، أن مجموعة من الاقتصادات متوسطة الدخل -بقيادة الصين، والهند (38)، وتركيا (43)، وفيتنام (44)، والفلبين (50)، وإندونيسيا (55)، والمغرب (57)-، تواصل صعودها في مؤشر الابتكار العالمي. ومنذ مطلع العقد، كانت المملكة العربية السعودية (46)، وقطر (48)، والبرازيل (52)، وموريشيوس (53)، والبحرين (62)، والأردن (65) أسرع الاقتصادات تقدمًا في مجال الابتكار.

 كما يكشف مؤشر الابتكار لهذا العام عن تقدُّم مُشجّع، بالإضافة إلى تحديات لا تزال بحاجة إلى معالجة لكي تتمكّن الدول من تسخير إمكاناتها الابتكارية على أكمل وَجْه. وهو يُذكِّر بأن منظومات الابتكار تتطلب الدعم والرعاية من خلال سياسات مدروسة، واستثمارات فعّالة، وتعاون بين القطاعات.

 في مؤشر هذا العام، يُظهر 17 اقتصادًا من الاقتصادات منخفضة ومتوسطة الدخل أداءً يفوق التوقعات لمستوى تنميتها، وتُعدّ الهند وفيتنام من أقدم الاقتصادات التي تفوقت في الابتكار. وتتصدر إفريقيا جنوب الصحراء عدد الاقتصادات التي تفوقت في الابتكار؛ حيث جاءت جنوب إفريقيا (المرتبة 61) والسنغال (المرتبة 89) ورواندا (المرتبة 104) في المقدمة.

 بالإضافة إلى تصنيفات الابتكار، يُظهر إصدار 2025م أداءً متفاوتًا في المؤشرات الرئيسية للنشاط الابتكاري المستقبلي.

ويمكن تلخيص أهم نتائج مؤشر الابتكار العالمي لعام 2025م في النقاط التالية:

• انخفض نمو البحث والتطوير إلى 2.9% في عام 2024م، وهو تباطؤ عن الزيادة البالغة 4.4% في العام السابق، وهو أدنى معدل نمو منذ الأزمة المالية عام 2010م. ومن المتوقع أن يتباطأ النمو أكثر في عام 2025م (2.3%).
• تباطأ إنفاق الشركات على البحث والتطوير بالقيمة الحقيقية إلى 1% بسبب استمرار ارتفاع التضخم – وهو أقل بكثير من متوسط ​​6% في العقد الماضي. وسّعت الشركات المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (لا سيما في القطاعات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي)، وشركات البرمجيات والأدوية، ميزانيات البحث والتطوير، بينما خفَّضت شركات التصنيع، مثل قطاع السيارات والسلع الاستهلاكية، إنفاقها على البحث والتطوير في ظل انخفاض إيراداتها.
• أظهرت قِيَم استثمارات رأس المال المُغامر انتعاشًا. وارتفعت قيم الصفقات بنسبة 7.7% في عام 2024م، مدفوعةً بشكلٍ كبير بالصفقات الضخمة في الولايات المتحدة والاستثمار المتزايد في الذكاء الاصطناعي المُولّد. ومع ذلك، باستثناء هذه الاستثمارات، كانت قيمة رأس المال المُغامر ستتقلص. علاوة على ذلك، انخفض عدد صفقات رأس المال الاستثماري بنسبة 4.4% عالميًّا في العام الثالث على التوالي من الانخفاض، مما يشير إلى استمرار حذر المستثمرين خارج مجموعة ضيقة من القطاعات والمناطق الجغرافية.
• يبدو أن رأس المال الاستثماري، الذي كان يتوسع تدريجيًّا في مجموعة أوسع من القطاعات غير المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأسواق الناشئة، يتراجع الآن نحو جوهره التقليدي؛ أي الاستثمارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الولايات المتحدة. يفشل هذا في الحفاظ على الزخم السابق نحو تنويع أوسع قطاعيًّا وجغرافيًّا لرأس المال الاستثماري الذي شهدناه مباشرة بعد جائحة كوفيد-19 مع تدفق قوي لرأس المال الاستثماري إلى أمريكا اللاتينية وإفريقيا.
• انتعشت إيداعات براءات الاختراع الدولية عبر الويبو (+0.5%)، مع نموّ قويّ في جمهورية كوريا (+7%)، لكنها استمرت في الانخفاض في الولايات المتحدة واليابان وألمانيا.
• ظل التقدم التكنولوجي قويًّا: تحسَّنت أسعار البطاريات وكفاءة الحواسيب العملاقة، بينما انخفضت تكلفة تسلسل الجينوم بشكل أكبر.
• تقدّم تبنّي التكنولوجيا ولكنه تباطأ: ظل النمو واضحًا في مجال الروبوتات والاتصال؛ وتوسّعت شبكات السكك الحديدية عالية السرعة، وهو مؤشر جديد في عام ٢٠٢٥م. وفي المقابل، شهد اعتماد الروبوتات والمركبات الكهربائية تباطؤًا ملحوظًا. وتحسّنت المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية؛ حيث ارتفعت إنتاجية العمل ومتوسط ​​العمر المتوقع، وانخفض الفقر أكثر.
• بينما نشهد بوادر انتعاش مشجعة في مجالات مثل تبني الابتكار وتأثيره، إلا أن محرّك الابتكار العالمي لا يعمل بكامل طاقته. ويذكرنا تباطؤ نمو استثمارات البحث والتطوير وتراجع نشاط رأس المال الاستثماري بأن الابتكار يتطلب التزامًا ماليًّا مستدامًا في المراحل الأولى.

ثانيًا: روّاد الابتكار العالميون في عام 2025م

 لا تزال منطقة جنوب شرق آسيا، شرق آسيا، وأوقيانوسيا قوة دافعة للابتكار العالمي في عام 2025م؛ حيث صُنِّفَت ستة اقتصادات ضمن أفضل 25 اقتصادًا. وتستمر جمهورية كوريا (الرابعة) وسنغافورة (الخامسة) في ريادة المنطقة؛ حيث تتميز كل منهما بأداء قوي في البحث والتطوير في مجال الأعمال، والتعليم، والبنية التحتية للابتكار. وتحافظ الصين (العاشرة) على صدارتها بين الاقتصادات متوسطة الدخل عالميًّا، وتُظهر قوة مستمرة في الإنفاق على البحث والتطوير، وصادرات التكنولوجيا الفائقة، ومخرجات الابتكار. وتقدّمت كل من اليابان (الثانية عشرة) وهونغ كونغ الصينية (الخامسة عشرة)، بينما تقدمت أستراليا (الثانية والعشرون) مركزًا واحدًا.

كما حسّنت تسعة من أصل 17 اقتصادًا من اقتصادات جنوب شرق آسيا وأوقيانوسيا المشمولة تصنيفاتها في عام 2025م؛ حيث حققت هونغ كونغ الصينية (الخامسة عشرة)، والفلبين (الخمسين)، وكمبوديا (المائة)، وميانمار (الثانية والعشرون) أكبر التقدم. دخلت الفلبين قائمة أفضل 50 اقتصادًا، واحتلت المركز الثالث بين اقتصادات الشريحة الدنيا من متوسط ​​الدخل، مدفوعةً بازدهار تجارة التكنولوجيا المتقدمة، والتكامل العميق في سلاسل القيمة العالمية، ونموّ الصناعات الإبداعية. برزت كمبوديا كدولة رائدة في الشمول المالي؛ حيث تصدرت التصنيفات العالمية في قروض التمويل الأصغر، واحتلت المركز الثاني في إجمالي الائتمان. وتشير تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر القوية وتكوين رأس المال إلى تسارع زخم الاستثمار. كما تحسنت جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية (المرتبة 109) في ترتيبها.

 مع تزايد تركيز مجموعات الابتكار -حيث تستضيف الصين وحدها 24 من أفضل 100 مجموعة في العالم- تظل منطقة جنوب شرق آسيا محوريةً في ديناميكيات الابتكار العالمية.

ثالثًا: أهم النقاط المستفادة

1- استثمارات الابتكار إيجابية إلى حد كبير باستثناء رأس المال الاستثماري:

في عام 2024م، ستكون استثمارات الابتكار إيجابية إلى حد كبير، باستثناء رأس المال الاستثماري. ومع ذلك، فإن نمو استثمارات الابتكار عند مستوى منخفض تاريخيًّا. بعد الركود الاقتصادي في عام 2023م، أظهر استثمار الابتكار علامات انتعاش في عام 2024م، لكن الانتعاش لا يزال هشًّا؛ فمعظم استثمارات الابتكار أقل من اتجاه النمو طويل الأجل. باختصار، المنشورات العلمية فقط هي التي تزدهر حقًّا. وتُظهر معظم استثمارات الابتكار نموًّا إيجابيًّا، ولكنه أقلّ من المعدل، بينما تشهد أعداد صفقات رأس المال المُغامر انخفاضًا.

٢- تطورت التكنولوجيا بسرعة، بينما تباطأ تبنيها

تقدَّمت التكنولوجيا على جميع الأصعدة تقريبًا في عام ٢٠٢٤م، مع تراجع تطوير الأدوية الجديدة فقط. قادت كفاءة الحوسبة الفائقة وأسعار البطاريات هذا التقدم بمكاسب مبهرة، على الرغم من أن التقدم في طاقة الرياح وتسلسل الجينوم لم يُضَاهِ التحسينات الهائلة التي شهدها العقد الماضي.

باختصار، لا يزال التقدم التكنولوجي قويًّا في جميع المجالات، باستثناء موافقات الأدوية، وهو قوي بشكل خاص في مجالي الحوسبة وتكنولوجيا الطاقة. وفي حين توسع اعتماد التكنولوجيا عبر جميع المؤشرات في عام 2024م، إلا أن جميع المقاييس لم تُحقّق اتجاه نموها طويل الأجل، وهي إشارة واضحة إلى تباطؤ زخم الاعتماد، على الرغم من التقدم التكنولوجي المستمر.

٣- الأثر الاجتماعي والاقتصادي للابتكار إيجابيٌّ إلى حدٍّ كبيرٍ مجددًا

يظل الأثر الاجتماعي والاقتصادي للابتكار إيجابيًّا إلى حدّ كبير، مع تحقيق مكاسب قوية في الإنتاجية، والنتائج الصحية، والحد من الفقر. وبينما تستمر تحديات المناخ، يُظهر المسار العام أن الابتكار يُحقِّق فوائد ملموسة لرفاهية الإنسان.

المحور الثاني

موقع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر الابتكار العالمي 2025م

أولًا: موقع إفريقيا جنوب الصحراء بين مناطق العالم

بين مناطق العالم السبع، وبفضل مخرجات ابتكارية أقوى، تتقدم آسيا الوسطى والجنوبية على أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، بينما تُظهر إفريقيا جنوب الصحراء مكاسب واعدة.

 ولأول مرة، تتفوق آسيا الوسطى والجنوبية على أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في تصنيفات المؤشر. وبينما تواصل أمريكا الشمالية وأوروبا تصدُّرهما، تليها جنوب شرق آسيا، وشرق آسيا، وأوقيانوسيا، وشمال إفريقيا وغرب آسيا، فقد حدث التحوُّل الأبرز بين آسيا الوسطى والجنوبية وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. ويمثل هذا التحول إنجازًا بارزًا، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى تفوق آسيا الوسطى والجنوبية في مخرجات الابتكار؛ حيث تسجل المنطقة الآن درجات أعلى في المتوسط ​​من أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

 في المقابل، لا تزال أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في الصدارة من حيث مدخلات الابتكار، على الرغم من أن الفجوة آخِذَة في التقلص. عززت اقتصادات مثل الهند (المرتبة 38) وأوزبكستان (المرتبة 79) وكازاخستان (المرتبة 81) أداء دول وسط وجنوب آسيا؛ حيث أظهرت نتائج محسَّنة في مجالات توليد المعرفة، والمخرجات التكنولوجية، وتنمية رأس المال البشري. وقد بنت هذه الاقتصادات ثقافة راسخة لتبني التكنولوجيا وريادة الأعمال، وتُظهر أن التركيز على مخرجات الابتكار -سواء من خلال صادرات التكنولوجيا الفائقة، أو الروابط البحثية، أو ريادة الأعمال- يمكن أن يسمح لأيّ اقتصاد بتحقيق قفزة نوعية في التصنيفات، حتى لو لم يكن لديه نظام ابتكاري متقدّم.

 في المقابل، لا تزال العديد من اقتصادات أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي عالقة في فجوة “المدخلات والمخرجات”؛ غالبًا نتيجة ضعف الروابط في منظومة الابتكار أو صرامة البيئة المؤسسية. في هذه الحالة، تستثمر هذه الاقتصادات في التعليم وإصلاحات السياسات، لكنها تُواجه صعوبة في ربط هذه الاستثمارات بنتائج الابتكار.

 أما منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، -رغم تأخرها عن المناطق الأخرى في المتوسط-، فتتفوق الآن على كلٍّ من وسط وجنوب آسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في محوري المؤسسات وتطور الأعمال، وهو مؤشر واضح على تزايد الإمكانات وتعميق القدرات داخل المنطقة.

 ومقارنةً بالمتوسط العالمي، حقَّقت المنطقة (19.05) درجة على مقياس المؤشر متقدمة ما يقرب من درجتين عن عام 2024م، وفقًا للشكل التالي. في ظلّ تراجع المتوسط العالمي بنحو (0.1) درجة عن عام 2024م، ومحققة (31.49) درجة.

شكل (1) مؤشر الابتكار التكنولوجي لعام 2025م مقارنة بعام 2024م في إفريقيا جنوب الصحراء مقارنة بالمتوسط العالمي

 المصدر: رسم الباحث من بيانات تقريري الابتكار العالمي: 2024م، و2025م.

ثانيًا: التحسينات المحققة في أداء المنطقة وقادة الابتكار فيها لعام 2025م

تواصل إفريقيا جنوب الصحراء تحقيق تقدم مطرد في عام 2025م؛ حيث تحسنت تصنيفات 10 اقتصادات. ولا تزال موريشيوس (المرتبة 53) الأفضل أداءً في المنطقة، تليها جنوب إفريقيا (المرتبة 61)، وسيشل (المرتبة 75)، وبوتسوانا (المرتبة 87)، والسنغال (المرتبة 89). ويظهر في الشكل (2) والجدول (1) تلك البلدان.

شكل (2) قادة الابتكار في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2025م

 المصدر: رسم الباحث من بيانات تقرير الابتكار العالمي 2025م.

من بين (31) دولة من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء شملها مؤشر الابتكار العالمي لعام 2025م. لا تزال موريشيوس (المرتبة 53) الأفضل أداءً في المنطقة. وتتصدر قائمة مستثمري رأس المال الاستثماري (المرتبة 5)، مع احتفاظها بمراكزها الإقليمية الأولى في المؤسسات (المرتبة 32)، وتطور السوق (المرتبة 28)، والمخرجات الإبداعية (المرتبة 37). وتليها جنوب إفريقيا (المرتبة 61)، وسيشل (المرتبة 75)، وبوتسوانا (المرتبة 87)، والسنغال (المرتبة 89) في التصنيف الإقليمي؛ حيث تحسَّنت جميعها باستثناء بوتسوانا. وستعود سيشل إلى مؤشر الابتكار العالمي في عام 2025م، لتعود إلى التصنيف لأول مرة منذ عام 2015م، لتحتل مكانة ضمن أفضل 80 اقتصادًا.

أما ناميبيا (المرتبة 91)، فقد سجَّلت أكبر تحسُّن في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بتقدُّمها 11 مركزًا. تتصدر السنغال العالم في الإنفاق على التعليم (المرتبة الأولى)، وتُصنَّف ضمن أفضل 40 دولة من حيث صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (المرتبة العاشرة)، والتعاون في البحث والتطوير بين الجامعات والصناعة (المرتبة 38)، والمنشورات المشتركة بين البحث العلمي والصناعة (المرتبة 31)، مما يعكس شراكاتها البحثية الناشئة وقدراتها المتنامية. كما ستتقدم جنوب إفريقيا (المرتبة 61) في عام 2025م، وتواصل ريادتها الإقليمية في رأس المال البشري والبحث (المرتبة 75) والبنية التحتية (المرتبة 67). وتُحقِّق أداءً قويًّا في واردات خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (المرتبة 18) وقيمة العلامة التجارية العالمية (المرتبة 23)، مما يُبرز منظومتها المتنامية للعلامات التجارية.

أما السنغال، فقد ارتقت ثلاثة مراكز، وأظهرت نقاط قوة ملحوظة في تقييم الشركات الناشئة (المرتبة العاشرة)، وصافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (المرتبة الثامنة)، والقروض من مؤسسات التمويل الأصغر (المرتبة التاسعة)، مما يُشير إلى قاعدة متنامية للشركات الناشئة وتدفقات رأس المال. وتبرز نيجيريا (المرتبة ١٠٥) كواحدة من أسرع دول المنطقة تقدمًا في عام ٢٠٢٥م. وتحتل المرتبة الأولى عالميًّا في تقييم الشركات الناشئة (يونيكورن)، وتُحقق أداءً جيدًا في التوظيف كثيف المعرفة (المرتبة ٣٥)، وواردات التكنولوجيا الفائقة (المرتبة ٨)، وصفقات رأس المال الاستثماري في المراحل المتأخرة (المرتبة ٢٦)، مما يُشير إلى تنامي عمق اقتصاد المعرفة ومنظوماتها البيئية الريادية. كما تتقدم الكاميرون (المرتبة ١١٦) وتُحقّق أداءً جيدًا في مجال خريجي العلوم والهندسة (المرتبة ١٧). أما رواندا (المرتبة ١٠٤)، ومدغشقر (المرتبة ١٢٠)، ومالاوي (المرتبة ١٢٥)، والسنغال، وجنوب إفريقيا، وبوروندي (المرتبة ١٢٧)، فهي من الدول التي تفوقت في الأداء الابتكاري. وقد كانت رواندا صاحبة أطول فترة تفوق اقتصادي في المنطقة؛ حيث تفوقت في الأداء لمدة ١٣ عامًا.

في حين لا تزال التحديات الهيكلية قائمة، فإن التحسينات التي تحققت هذا العام تعكس نموّ القدرات المؤسسية، وأنظمة الأعمال القوية، والزخم المتزايد في ريادة الأعمال في جميع أنحاء المنطقة.

بينما تذيلت النيجر (11.9)، وأنجولا (13)، والكونغو (13.6)، ومالي (14)، وإثيوبيا (14.4) ذيل الترتيبين العالمي والإقليمي؛ متراجعة في كافة الركائز الفرعية السبعة المكونة للمؤشر لعام 2025م.

 وقد انضمت خمسة اقتصادات من منطقة إفريقيا جنوب الصحراء إلى مؤشر الابتكار العالمي هذا العام من بين ستة بلدان، بفضل تحسن تغطية البيانات: سيشل، ومالاوي (المرتبة 125)، وليسوتو (المرتبة 132)، وغينيا (المرتبة 133)، والكونغو (المرتبة 137).

جدول (1) ترتيب ودرجات بلدان إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2025م

المصدر: تقرير الابتكار العالمي لعام 2025م.

 

المحور الثالث

مؤشر الابتكار العالمي 2025م: نقاط مضيئة ونقاط مظلمة ومآخذ

أولاً: النقاط المضيئة والنقاط المظلمة في مؤشر الابتكار العالمي 2025م

1-يتزايد زخم الابتكار في إفريقيا جنوب الصحراء

 تحسَّنت عشرة اقتصادات من أصل 31 اقتصادًا من منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، المشمولة بالتقرير هذا العام، في ترتيبها من المركز 61. وحقَّقت ناميبيا (المرتبة 91) أكبر تحسُّن في المنطقة، تلتها جنوب إفريقيا (المرتبة 61) ونيجيريا (المرتبة 105).

 وتتصدَّر المنطقة قائمة الاقتصادات التي تفوقت في أدائها على مستوى الابتكار، بستة اقتصادات: جنوب إفريقيا (المرتبة 61)، والسنغال (المرتبة 89)، ورواندا (المرتبة 104)، ومدغشقر (المرتبة 120)، ومالاوي (المرتبة 125)، وبوروندي (المرتبة 127). وتُعدّ مالاوي عضوًا جديدًا في هذه المجموعة.

 تتصدر سنغافورة معظم المؤشرات عالميًّا، متقدمةً على الولايات المتحدة والصين؛ وتتميز الاقتصادات متوسطة الدخل مثل كمبوديا وناميبيا ونيبال ونيجيريا في مجالات محددة.

 تُظهر العديد من الاقتصادات أداءً استثنائيًّا في مجالات محددة. تتصدر ناميبيا مؤشر الإنفاق على التعليم، وتتصدر نيجيريا مؤشر تقييم الشركات الناشئة (يونيكورن).

2-الدول الإفريقية المتفوقة في الابتكار لعام 2025م

لا تزال الهند وفيتنام الدولتين الأقدم في تحقيق التفوق في الابتكار؛ حيث حافظتا على هذا الوضع لمدة 15 عامًا متتالية. وتليهما رواندا وأوكرانيا بفارق ضئيل، بينما انضمت تونس ومالاوي حديثًا إلى مجموعة الدول المتفوقة.

يُحدّد مؤشر الابتكار العالمي 2025م سبعة عشر اقتصادًا -أقل باقتصادين عن عام 2024م-، تفوقت في أدائها على التوقعات مقارنةً بمستوى تطورها، مما يجعلها من بين الاقتصادات المتفوقة في الابتكار لهذا العام.

 حافظت الهند (المرتبة 38) وفيتنام (المرتبة 44) على سجلهما المتميز في تفوقهما في الابتكار للعام الخامس عشر على التوالي منذ عام 2011م. وتتفوق هذه الاقتصادات ذات الدخل المتوسط ​​المنخفض في مجموعتها الداخلية عبر جميع ركائز مؤشر الابتكار العالمي السبعة، بل وتتجاوز معايير الدخل المتوسط ​​المرتفع.

حافظت جنوب إفريقيا (المرتبة 61) والسنغال (المرتبة 89) على تصنيفهما كدولة ذات أداء متفوق للمرة الثامنة، وتقدمتا في تصنيفات هذا العام. وتتفوق السنغال في مجالات مثل تكوين رأس المال (المرتبة الأولى)، والتمويل الأصغر (المرتبة التاسعة)، ورأس المال الاستثماري (المرتبة 32)، مما يشير إلى مناخ استثماري صحي نسبيًّا للشركات الناشئة والمؤسسات. كما تتمتع السنغال بواحدة من أعلى تقييمات شركات يونيكورن (الشركات الناشئة الناشئة) نسبةً إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم (المرتبة العاشرة)، مما يشير إلى قدرة القطاع الخاص على توسيع نطاق التقنيات الجديدة في ظل محدودية البنية التحتية وقدرات البحث والتطوير.

واحتفظ المغرب (المرتبة 57) بتصنيفه كدولة ذات أداء متفوق هذا العام، لينضم الآن إلى قائمة أفضل 60 دولة.

وحققت البرازيل (المرتبة 52) أداءً متفوقًا للعام الخامس على التوالي، بينما حققت إندونيسيا (المرتبة 55) وأوزبكستان أداءً متفوقًا للعام الرابع على التوالي. ستنضم تونس (المرتبة 76) ومالاوي (المرتبة 125) إلى هذه المجموعة المرموقة في عام 2025م.

 إقليميًّا، تتصدر دول إفريقيا جنوب الصحراء قائمة الدول ذات الأداء المتفوق، بستة اقتصادات.

في المقابل، سجَّل 38 اقتصادًا أداءً دون التوقعات في مجال الابتكار في عام 2025م، وكانت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي صاحبة الحصة الأكبر (13 اقتصادًا). وتشمل مجموعة الدخل المتوسط ​​الأدنى 10 اقتصادات ذات أداء دون التوقعات، ستة منها في إفريقيا جنوب الصحراء.

3-روّاد كفاءة الابتكار

تتفوق الصين على العديد من الاقتصادات ذات الدخل المرتفع من حيث مخرجات الابتكار، بينما تُظهر اقتصادات أخرى متوسطة الدخل -جمهورية إيران، والهند، والمكسيك، وتونس، ونيجيريا- كفاءة ابتكار مُحسّنة.

 في فئة الدخل المتوسط ​​الأدنى، تبرز الهند (المرتبة 38)، وتونس (المرتبة 76)، وباكستان (المرتبة 99)، ونيجيريا (المرتبة 51)، وزيمبابوي (المرتبة 52) كاقتصادات فعّالة؛ حيث تُحوّل مدخلات الابتكار المحدودة إلى نواتج عالية بشكل غير متناسب. وتستمر مدغشقر (المرتبة 120) في التميز بين البلدان منخفضة الدخل من حيث كفاءة الابتكار، في حين من المتوقع أن تتحسَّن كفاءتها في إثيوبيا (المرتبة 134) بحلول عام 2025م، على الرغم من تراجع ترتيبها الإجمالي.

4- منطقة إفريقيا جنوب الصحراء خالية من التجمعات الابتكارية العالمية

 في كل عام، يُصنّف المؤشر أفضل 100 تجمع ابتكاري عالميّ. تُظهر أفضل 100 تجمع ابتكاري ناتجة عن ذلك تركيزًا ملحوظًا؛ حيث تُمثل مجتمعةً ما يقرب من 70% من إيداعات معاهدة التعاون بشأن البراءات العالمية ونشاط صفقات رأس المال الاستثماري، وحوالي نصف المنشورات العلمية. ويزداد هذا التركيز وضوحًا في أعلى مستوى؛ حيث تُولّد التجمعات العشر الرائدة وحدها حوالي 40% من إيداعات معاهدة التعاون بشأن البراءات، و35% من نشاط صفقات رأس المال الاستثماري، وتُساهم بأكثر من 15% من المنشورات العلمية العالمية.

تتصدر شنتشن-هونغ كونغ-قوانغتشو (الصين وهونغ كونغ، الصين) التصنيف العالمي، تليها طوكيو-يوكوهاما (اليابان). وقد ساهم تغيير المنهجية في ظهور تجمع جديد في أعلى مرتبة لعام 2025م، مما يعكس أن أداء شنتشن-هونغ كونغ-قوانغتشو أقوى في صفقات رأس المال الاستثماري مقارنةً بطوكيو-يوكوهاما.

ومع ذلك، يواصل كلا التجمعين تقديم مساهمة كبيرة في المنشورات العلمية العالمية ومخرجات براءات الاختراع؛ حيث يمثلان معًا ما يقرب من واحد من كل خمسة طلبات تسجيل بموجب معاهدة التعاون بشأن البراءات (PCT) مُقدمة عالميًّا. تليهما سان خوسيه-سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأمريكية، وبكين في الصين، وسيول في جمهورية كوريا في المراكز الثالث والرابع والخامس على التوالي.

 بشكل عام، عند مقارنة أحدث نتائج أفضل 100 مجموعة بين المنهجيتين الجديدة والقديمة، يُلاحظ اتجاه تنازلي طفيف في التصنيفات فيما يتعلق بالمجموعات الآسيوية، بينما حقَّقت العديد من المجموعات في الولايات المتحدة مكاسب. في المتوسط، وباستثناءات ملحوظة مثل شنتشن-هونغ كونغ-قوانغتشو، التي تحتل الآن المرتبة الأولى عالميًّا، تراجعت ترتيب التجمعات الصينية.

ولُوحِظ نمط مماثل في التجمعات في اليابان وجمهورية كوريا، ويُعزَى ذلك جزئيًّا إلى الدور الأقل أهمية والمتنامي الذي تلعبه رأس المال الاستثماري، ولكن أيضًا إلى نوع وهيكل تمويل الابتكار داخل هذين الاقتصادين؛ حيث تُفضل تكتلات الصناعات الكبرى الابتكار الداخلي.

وتُعدّ بانكوك وأنقرة وريو دي جانيرو وبوينس آيرس من بين أفضل تجمعات الابتكار في الاقتصادات متوسطة الدخل. فيما وراء أفضل 100 تجمع ابتكاري عالمي، بينما تخلو منطقة إفريقيا جنوب الصحراء من تلك التجمعات وفقًا لتقرير عام 2025م. 

ثانيًا: إضافات ومآخذ مؤشر الابتكار العالمي لعام 2025م

1- إضافات مؤشر الابتكار العالمي لعام 2025م

يصنّف مؤشر الابتكار العالمي الأداء الإبداعي للاقتصادات كل عام من خلال تسليط الضوء على نقاط القوة ونقاط الضعف في مقاييس محددة للابتكار.

 تستخدم المكونات والمؤشرات الفرعية المختلفة التي تُستخدَم لحساب مؤشر الابتكار العالمي لمراقبة أداء الاقتصادات، ومقارنة تطوراتها مع اقتصادات أخرى في نفس المنطقة.

 ومِن ثَم يُوفِّر بيانات ورؤى قوية لإرشاد صناعة السياسات القائمة على الأدلة، مما يضمن قدرة كل من الاقتصادات ذات الدخل المرتفع والاقتصادات الناشئة على التنقل وسد فجوة الابتكار بشكلٍ فعَّال.

 تشمل الميزات الجديدة لمؤشر الابتكار العالمي 2025م تغطية عالمية موسعة، مع ست دول أخرى هي: جمهورية الكونغو وغينيا وليسوتو ومالاوي وسيشيل وفنزويلا.

كما يُحسّن هذا الإصدار من “مستكشف النظم البيئية للابتكار والبيانات” في مؤشر الابتكار العالمي، والذي يهدف إلى تمكين صانعي القرار من خلال تقديم رؤى متعمقة لأنظمة الابتكار في اقتصاداتهم، بدءًا من نقاط القوة المستمرة ووصولًا إلى مجالات الإمكانات غير المستغلة.

ومن العناصر الجديدة الأخرى دمج نشاط رأس المال الاستثماري في تصنيف مجموعة الابتكار لأول مرة. والنتيجة هي صورة أوضح للأنظمة البيئية التي تُحوّل الاكتشاف العلمي إلى نجاح ريادي، بدءًا من مدن مثل بنغالور والقاهرة ومكسيكو سيتي وباريس، وصولًا إلى مراكز متعددة المدن مثل وادي السيليكون ومنطقة خليج سان فرانسيسكو الكبرى جنوب الصين.

2- المآخذ على مؤشر الابتكار العالمي

 تبقى مخاوف أساس المؤشر قائمة، ويجب أخذها بحذر عند التعامل مع نتائجه، يعتمد المحللون على سلسلة من مجموعات البيانات الرقمية المتاحة لمقارنة البلدان. و​​هذا التوافر المحدود يعني أن المحللين بحاجة إلى اختيار أيّ منها يمثل “الإبداع” في بلدٍ ما، وهنا ركّز المحللون كثيرًا على نقاط البيانات الاقتصادية الكلية والاجتماعية والسياسية، وركّزوا قليلاً على نقاط البيانات التي تتعلق بالفعل بتحقيق الابتكار. ولم يتم أخذ العديد من المقترحات من الأساليب لقياس كفاءة الابتكار؛ فإن عنصرين مهمين غالبًا ما يغيبان، على الأقل مجتمعين: (1) مراعاة تنوُّع أنظمة الابتكار الوطنية؛ (2) تقييم مدى استجابة مخرجات الابتكار للاستثمارات المرتبطة بالابتكار.

خاتمة:

على عكس أدائها في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2024م، فقد تقدمت المنطقة بشكل عام، وأيضًا مقارنةً بالأداء العالمي، الذي تراجع قليلاً، وقد كان هذا التحسن راجعًا إلى الفوارق التي أحدثتها بعض بلدان المنطقة، على مستوى الأداء الابتكاري، وفي ركائز المؤسسات وتطور السوق وتطور الأعمال على وجه الخصوص، فضلاً عن انضمام بلدان جديدة من بينها سيشل التي تتمتع بمكانة مرموقة في المجال الابتكاري، ولتحسن من درجات المنطقة. فضلاً عن تحسن الأداء الابتكاري في عشرة اقتصادات في المنطقة من بين (31) دولة شملها التقرير، أي تحسن نحو ثلث البلدان، مع تراجع القليل منها. إلا أن المنطقة لا تشمل أيًّا من التجمعات الابتكارية العالمية حتى الآن.

وقد جاءت موريشيوس وجنوب إفريقيا في المقدمة كالعادة، لتلتحق بهما سيشل وبتسوانا والسنغال، مع تفرد بعض البلدان بالتفوق في بعض الركائز؛ حيث تبرز نيجيريا كواحدة من أسرع دول المنطقة تقدُّمًا في عام ٢٠٢٥م. وتحتل المرتبة الأولى عالميًّا في تقييم الشركات الناشئة (يونيكورن)، أما ناميبيا فقد سجَّلت أكبر تحسُّن في المنطقة، بتقدمها 11 مركزًا.

 غير أن هذا التقدم يتطلب الحفاظ على زخم الاكتشاف العلمي مع معالجة التوزيع غير المتكافئ للفوائد والتحديات البيئية المُلحة التي يجب أن يُساعد الابتكار في حلها.

……………………………………………….

[1] ) World Intellectual Property Organization (WIPO) (2024). Global Innovation Index 2025: Innovation at a Crossroads. Geneva: WIPO. DOI: 10.34667/tind.58864

[2] ) WIPO, WIPO Global Innovation Index 2025: Switzerland, Sweden, US, the Republic of Korea and Singapore Top Ranking; China Enters Top 10; Innovation Investment Growth Slows. Geneva, September 16, 2025.at: https://www.wipo.int/pressroom/en/articles/2025/article_0009.html