وهذه هي القمة الثالثة التي تعقدها الهند ولكنها هذا العام عقدت على نطاق واسع، يرغب من خلالها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لترسيخ “رابطة عاطفية قوية” بين إفريقيا وتلك الدولة الآسيوية الصاعدة بقوة على الساحة العالمية، وقد شهدت هذه القمة مشاركة كل الدول الإفريقية الأربعة والخمسين، في تلك القمة التي وصفت بأنها “غير مسبوقة”.
وقد صرح رئيس الوزراء الهندي قائلاً: “إن العلاقات الهندية بالدول الإفريقية وتلك الروابط التي تجمعنا بها ليس فقط سياسية واقتصادية، ولكننا نشترك أيضًا في تقاليد ثقافية ثرية، وأنا مقتنع أنه أثناء تلك القمة وما يعقبها من القمم سوف يكون لدينا قرارات هامة للغاية ستوفر لكل من الهند وإفريقيا شعورا جديدا من الثقة الذاتية، وستصبح علاقاتنا أكثر عمقًا وقوة”.
وتلك القمة التي عقدت على مدار أربعة أيام تعد التجمع الأكبر للوفود الأجنبية في نيودلهي منذ قمة عدم الانحياز التي عقدت عام 1983. وقد عقدت قمتان في السابق بين الهند وإفريقيا، الأولى كانت في نيودلهي عام 2008، والثانية كانت في أديس أبابا عام 2011، وكانت عبارة عن قمم صغرى لم تلفت الكثير من الانتباه، وكان هناك فقط ممثلون من عدة دول إفريقية مختارة شاركت في هاتين القمتين.
وتعد الهند هي أكبر رابع شريك تجاري لإفريقيا، بعد الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وعلى مر العقود الأخيرة فإن التجارة البينية بين الهند وإفريقيا قد شهدت طفرة كبيرة، من 25 مليار دولار في 2006 إلى أكثر من 70 مليار دولار في الوقت الراهن، وحاليًا لدى الهند استثمارات في قطاعات النفط في موزمبيق وجنوب إفريقيا ومصر وليبيا، كما إنها أيضًا واحدة من أكبر مستوردي النفط الخام من نيجيريا.
والهدف من هذه القمة هو تعزيز النفوذ الهندي في القارة السمراء، وتحدي النفوذ الصيني الذي طالما استعرض عضلاته الدبلوماسية والاقتصادية في القارة السمراء، وتهدف الهند إلى أربعة أهداف رئيسية من تلك القمة:
1- إصلاح الأمم المتحدة: ظلت الهند تحشد جهودها الدبلوماسية منذ فترة طويلة لإصلاح إدارة الأمم المتحدة، حيث تحدث رئيس الوزراء الهندي لتغيير مجلس الأمن لتمثيل أفضل للحقائق الجيوبولوتيكية الحديثة والمعاصرة. وعلى رأس الأجندة الهندية هو حشد الدعم لمقعد للهند في مجلس الأمن كعضو دائم. ومن أجل تلك الغاية فإن قمة نيودلهي شهدت لقاءات ماراثونية بين القادة الهنود والأفارقة حيث رغب رئيس الوزراء الهندي ورفاقه أن يضمنوا دعم ترشح الهند لهذا المقعد الدائم.
2- الإرهاب: ركزت القمة بصورة كبيرة أيضًا على جانبي الإرهاب والشئون الدفاعية، فهجمات السوق التجاري في كينيا والحملات المستمرة من بوكو حرام في نيجيريا والدول المجاورة أثارها كل من الرئيسين النيجيري والكيني، وقد أعرب رئيس الوزراء الهندي عن قلقه بشأن تصاعد الإرهاب والحاجة إلى مواجهته، كما أن الأمن السيبري على شبكة الإنترنت وكذلك أمن الملاحة والتعاون الدفاعي كانت أيضًا على أجندة الأولويات.
3- التغير المناخي: دعت الهند الدول المجتمعة في المؤتمر إلى الاحتشاد في لف الدول الغنية بالطاقة الشمسية في مؤتمر باريس المناخي الشهر القادم، حيث ستجتمع عدة دول من أجل عقد اتفاقية جديدة تستبدل اتفاقية كيوتو للمناخ. وكلا الطرفين، الهندي والإفريقي يريدان أن يستغلوا الطاقة الشمسية في مختلف المجالات، كما صرحت بأن الدول تريد للطاقة الشمسية أن “تنير مستقبلها”، بطريقة لا تريد أن يذوب الجليد على قمة جبل كليمنجارو ولا يختفي، ذلك الجليد الذي يغذي نهر الجانجا”.
4- مبادرات تنموية: وعدت الهند بإنفاق 10 مليار دولا ومنح بقدر 600 مليون دولار لمساعدة الدول الإفريقية، وذلك محاولة من الهند لبسط نفوذها على القارة وتحدي النفوذ الصيني، بالرغم من أنها لا تزال بعيدة عن الصين حتى الآن كأكبر شريك تجاري لإفريقيا حتى الآن.
(*)عن تقريرين لكل من أفانيش باندي ـ إنترناشيونال بيزنس تايم وسواتي جوبتا من مجلة تايم الأمريكية.