الأفكار العامة:
-حقق الرئيس الإيفواري الحسن واتارا فوزًا ساحقًا بنسبة 89.77% من الجولة الأولى، وفق النتائج المؤقتة، مستندًا إلى تعديل دستوري عام 2016 أتاح له الترشح مجددًا.
-رغم غياب منافسة فعلية، وصف أنصاره النتيجة بـ”الضربة القاضية”، بينما نددت المعارضة بما سمّته “انقلابًا مدنيًا” و”سرقة انتخابية علنية”.
-تُظهر نسب التصويت تفاوتًا حادًا: دعم كاسح في الشمال مع نسب مشاركة تجاوزت 90%، مقابل عزوف ملحوظ في مناطق أخرى ككوكودي في أبيدجان بنسبة مشاركة لم تتجاوز 19%.
بقلم: هادريان ديجيورجي
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
بحصوله على 89.77% من الأصوات وفق النتائج المؤقتة، ضمن الرئيس الحسن واتارا، الذي يتولى الحكم منذ 2011، ولاية رابعة في بلد يشهد انقساماً سياسياً حاداً.
وقد وصف أنصاره فوزه من الجولة الأولى بـ”الضربة القاضية”. وقد أتاح له الدستور الجديد لعام 2016، الذي دشّن الجمهورية الثالثة، الترشح مجدداً بعد تصفير عدد الولايات السابقة، رغم اعتراض المعارضة على مشروعية هذه الولاية الجديدة.
فبعد 15 عاماً في السلطة وسجل اقتصادي يُحسب له، تفوق الرئيس بفارق واسع على معارضين يفتقرون إلى تأثير سياسي كبير.
وبلغت نسبة المشاركة 50.10%، وهي قريبة من نسب الانتخابات السابقة، حيث صوّت قرابة 4 ملايين من أصل 8.7 ملايين ناخب مسجل لصالحه.
ورغم أن أجواء الاقتراع اتسمت بالهدوء، بحسب بعثة المراقبة المشتركة للاتحاد الإفريقي والإيكواس، والتي سجلت حضور 2350 مراقباً مدنياً، إلا أن الانتخابات لم تخلُ من التوترات، حيث قُتل شخصان في اشتباكات تزامنت مع التصويت، فيما لقي أربعة آخرون مصرعهم خلال الحملة الانتخابية.
كوت ديفوار تُهدر فرصة ثمينة للتجديد السياسي:
وصف عثمان ندايي، مؤلف كتاب “إفريقيا ضد الديمقراطية: الأساطير، الإنكار، والمخاطر” (ريفينوف، 2025)، النتائج بأنها “انتصار بلا معركة، ودون أي ممارسة ديمقراطية حقيقية”، معتبراً أن كوت ديفوار أضاعت فرصة ثمينة للتجديد والاندماج السياسي. ويُدرج هذه الانتخابات ضمن امتداد لأزمة سياسية تعود جذورها إلى مطلع الألفية، مؤكداً أن موعد 25 أكتوبر لم يحل أزمة بلد لا يزال يعاني انقسامات عميقة. ويرى أن استمرار هيمنة الحزب الحاكم على الساحة السياسية لن يسهم في تهدئة الوضع الاجتماعي.
هذا الطرح يتقاطع مع موقف حزبين معارضين رئيسيين، يقودهما تيجان ثيام (الحزب الديمقراطي لكوت ديفوار – التجمع من أجل الديمقراطية) ولوران غباغبو (حزب الشعب الإفريقي – كوت ديفوار)، اللذين ندّدا بما وصفاه بـ”انقلاب مدني” و”سرقة انتخابية مكشوفة”.
أبرز نقاط الجدل في الرأي العام تمثلت في استبعاد المجلس الدستوري لمرشحين بارزين، مما أفقد الاستحقاق الانتخابي تمثيلاً حقيقياً للتوازنات السياسية في البلاد، وأثار تساؤلات جدية حول شرعية العملية برمتها.
المعارضة المشلولة:
رغم العوائق، فإن ضعف الإقبال الانتخابي يعكس أيضًا عجز المعارضة عن تجاوز خلافاتها الداخلية. فـتحالف “التناوب السلمي في كوت ديفوار” (CAP-CI)، الذي أثار في مارس آمالاً في انتقال ديمقراطي، لم يصمد أمام تضارب الطموحات الشخصية، وظل مجرد مشروع غير مكتمل.
يشير عثمان نداي إلى أن الانتقادات الموجهة لسلطة الحسن واتارا تنسحب كذلك على معارضيه، إذ يسود التمركز حول الشخص في الحياة الحزبية بالبلاد. ويُعد حزب الشعب الإيفواري بقيادة لوران غباغبو نموذجًا واضحًا لهذا النهج.
وبالمنطق ذاته، يُحمِّل نداي تيجان ثيام مسؤولية تعثّر الحزب الديمقراطي لكوت ديفوار – التجمع الديمقراطي، الذي قاده نحو مأزق سياسي، بسبب الغموض الاستراتيجي وابتعاده عن الساحة المحلية، حيث يقيم منذ سبعة أشهر في فرنسا. ويضيف أن ثيام، رغم انتمائه إلى عائلة ذات ثقل سياسي وتزعمه حزباً تاريخياً، لم يجسّد تطلعات التجديد، بل أعاد إنتاج مشهد سياسي مأزوم.
في الواقع، أدى هذا الانقسام إلى ترك الساحة السياسية مفتوحة أمام مرشحين متفرقين يفتقرون إلى ثقل وطني حقيقي، كما حُرموا من القاعدة الانتخابية الكبرى التي تمثلها الأحزاب الرئيسية كالحزب الديمقراطي لكوت ديفوار – التجمع الديمقراطي، وحزب الشعب الجمهوري – التحالف الدستوري من أجل كوت ديفوار.
وقد اختار العديد من مناصري هذين الحزبين مقاطعة الانتخابات في صمت ومن دون توجيه رسمي.
وفي هذا السياق، جاء رجل الأعمال جان لوي بيلون في المرتبة الثانية بنسبة 3.09% من الأصوات، بينما حصل كل من سيمون إيهيفيت غباغبو، وأهوا دون ميلو، وهنرييت لاغو على نسب 2.42%، و1.97%، و1.15% على التوالي.
بعد الفوز، أي مرحلة انتقالية؟
تعكس الهوة بين الرئيس المعاد انتخابه وخصومه نتائج يُنظر إليها أحياناً على أنها “ستالينية”. ففي المناطق الشمالية، معقل الحسن واتارا، تجاوزت نسب المشاركة والتصويت لصالحه عتبة 90%. في المقابل، سجلت بلدية كوكودي في أبيدجان نسبة مشاركة ضعيفة لم تتجاوز 19%، فيما لم تتعدَّ المشاركة في مقاطعة أومي، المعروفة بولائها للحزب الديمقراطي لكوت ديفوار، 26%. هذا التفاوت يعكس الانقسام السياسي والجغرافي العميق الذي لا تزال كوت ديفوار تعاني منه.
وفقاً لحزب RHDP بقيادة الحسن واتارا، فإن المسار مستمر بغضّ النظر عن الظروف، إذ يستعد الحزب لتركيز جهوده على الانتخابات التشريعية المرتقبة في ديسمبر. ورغم بلوغه الثالثة والثمانين، لا يزال رئيس الدولة، الذي تدرّج في مؤسسات مالية كبرى كالبنك المركزي لغرب إفريقيا والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، متمسكًا بالحياة السياسية. إلا أن هذه الولاية الرابعة، سواء جاءت برغبته أو تحت ضغط المحيط، تفرض ضرورة التحضير لمرحلة ما بعده.
ويحذر بعض المراقبين من تكرار “متلازمة هوفويت”، حيث يؤدي غياب ترتيب لخلافة واضحة إلى فراغ سياسي قد يعيد البلاد إلى دوامة العنف.
وفي هذا السياق، أشار اثنان من وزرائه المقربين إلى أن انتقال القيادة داخل الحزب قد يبدأ بالظهور خلال عامين أو ثلاثة، مع إمكانية بروز شخصية جديدة تقود المرحلة المقبلة.
………………………………
رابط المقال:
https://www.lepoint.fr/afrique/presidentielle-en-cote-d-ivoire-alassane-ouattara-l-emporte-sans-suspense-et-signe-pour-un-quatrieme-mandat-27-10-2025-2601887_3826.php










































