د.محمود سورو
باحث في الفكر الإسلامي وقضايا المجتمع – كوت ديفوار
شهد تسعينات القرن العشرين تحوّلاً جذريّاً بميلاد التعددية الحزبية في كوت ديفوار عام 1990، لأسبابٍ: كانفتاح نافذة الحرّية على الكتلة الشرقية بسقوط جدار برلين (1989)، ففاحت رائحتها على الشعوبية الإفريقية، وضغط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على الحكومة الإيفوارية لإصلاحات تحقّق مطالب المعارض “غْبَاغْبُو” السياسية، المدعوم بالحركات الطلابية والاجتماعية، خاصة بعدما انتزع شَارِعُ بِينِينْ “Bénin” تعدديتهم الحزبية بالقوّة من رئيسهم مَاتِيُو كِيرِيكُو ” Mathieu Kérékou” نهاية 1989.
وأمام هذا المأزق، لم يجد هُوفْوِيتْ بُوَانْيِينْ “F. Houphouët-Boigny” خياراً آخر سوى الترحيب بالتعددية الحزبية في مارس 1990، رغم دفاعه المستميت عن الحزب الواحد، الذي طالما تغنّى به بقوله: «ورثنا من مستعمرينا دولةً واحدةً، وأمةً واحدةً»[1].
وإذا كان الرئيس الحالي الحسن وَتَارَا تسلّم مقاليد الحكم بعد صراعات دامية دامت طيلة سبع عشرة (17) عاماً (1993 ـ 2010)، اكتوى الإيفواريون من خلالها بنار الفرقة والانقسام التي أذكتها التعددية الحزبية، ثم قضى ولايتين رئاسيتين (2010 ـ 2015)، ألّا يشرَع التساؤل عن مشروعية ولاية إضافيةٍ بعدهما في حقّه، واستراتيجية المعارضة الإيفوارية في آنٍ؟
فعبر الإشكال أعلاه، سنحلِّق معاً في أجواء السياسة الإيفوارية الساخنة الراهنة، الآتية:
التعددية الحزبية وانتخابات أكتوبر 2025 بين القبول ومسوغات الرفض:
ظنّت الشعوب الإفريقية المتعطشة إلى الحرّيّة والتنمية أنّ تطبيق التعددية الحزبية بمثابة عصى موسى، تحلّ مشاكل إفريقيا جنوب الصحراء بين عشية وضحاها، ولكن، سرعان ما خابت آمالهم نتيجة سوء تطبيقها، إذ انتظمت التعددية الحزبية في سلك القبلية، فوسَّع نطاق الانقسام الداخلي، والتعصّب الإثني المولود بين الإيفواريين.
إنّ التوترات القائمة في الكوت ديفوار اليوم حول الانتخابات الرئاسية تعتبر جزءً لا يتجزّأ مما عاشته كوت ديفوار من التسعينات، خاصة أحداث ما بعد وفاة الرئيس هُوفْوِيتْ بُوَانْيِينْ في ديسمبر 1993، إلى اليوم (أكتوبر 2025).
ففي 08 سبتمبر 2025 المنصرم، أعلن المجلس الدستوري الإيفواري عن اللائحة النهائية للانتخابات الرئاسية المزمع انعقادها في 25 أكتوبر 2025، تضمنت اللائحة خمسة (5) مترشحين، من أصل ستين (60) مرشحاً.
ويتربع على عرش المتنافسين الخمسة اسم الحسن وَتَارا، الرئيس المنتهية ولايته من حزبه (RHDP)، ورئيسة حزب (MGC) سِيمُونْ إِيهِيفِي غْبَاغْبُوّ” Simone Ehivet Gbagbo”، الزوجة السابقة للرئيس السابق لُورَانْ غْبَاغْبُو”Laurent Gbagbo” المعارض، وهَنْرِيِيتْ لَاغُو أدجوا ” Henriette Lagou Adjoua” مرشحة تنسيقية (GP-Paix))، مترشحة سابقة لانتخابات 2015م، وجَانْ لُوِيْ بِييُونْ ” Jean-Louis Billon “مرشح تنسيقية (CODE)، وأَهُوَا دون ميلون،” Ahoua Don Mello ” مترشحاً مستقلّاً.
وبهذا الإعلان، استبعد معظم المرشحين، وعلى رأسهم لُورَانْ غْبابو”Laurent Gbagbo” رئيس حزب (PPA-CI)، وتِيجَانْ تِيَامْ “Tidian Thiam” لحزب (PDCI)، فضلاً عن غيوم سورو” Guillaume Soro ” (GPS)، وبَاسْكَالْ أَفِي انْغِيسَانْ ” Pascal Affi N’Guessan” (FPI)، وشَارْلْ بْلِي غُودِي” Charles Blé Goudé ” (COJEP).
وهكذا شطب هؤلاء المعارضين ـ وغيرهم ـ من السباق نحو القصر، لأسبابٍ مختلفة؛ وسنتوقف مع اثنين منهما بهذا الصدد، ويتعلق الأمر بتِيجَانْ تِيَامْ، ولُورَانْ غْبابو.
مسوغات منع ترشح تِيجَانْ تِيَامْ “Tidian Thiam” رئيس (PDCI):
وافت المنيةُ السياسيَّ الإيفواريَّ هَانْرِي كُونَانْ بِيِدِيِي “Henri Konan Bédié” (1934 ـ 2023)، عشيةَ 01 أغسطس 2023م، مخلِّفاً سفينة أقدم حزبٍ إيفواريٍّ، رَأَسَها خلال تسعة وعشرين عاماً (1994 ـ 2023) سائرةً بلا وجهة ولا رُبَّانٍ، وهو الحزب الديمقراطي لكوت ديفوار (PDCI).
وفي خضمّ التنازع فيمن يخلفه بعده، تفاجأ العديد من الأعيان بإعلان اسم تِيجَانْ تِيَامْ، في ديسمبر 2023م، باعتباره الوريث الشرعيّ لحزب (PDCI) التاريخيّ، بينما كانت الأنظار تتجه نحو قدامى الحزب، الذين تركوا بصمات شاسعة في تطويره، ومنهم المخضرم، والوزير السابق جَانْ لُوِيْ بِييُونْ “Jean-Louis Billon”، الذي استاء من الأمر، وأسّس تنسيقية (CODE)، لخوض انتخابات أكتوبر 2025.
وإذا كان المجلس الدستور قد أعلن الشطب على اسم القيادي المعارض تِيجَانْ تِيَامْ” من اللائحة في يونيو 2025، لأسباب إدارية، فقد صدر قبله حكمٌ قضائيٌّ بأن تِيَّامْ لم يكُ إيفواريًا خالصاً حين تسجيل اسمه على اللائحة الانتخابية، لكونه حاملاً الجنسيةَ الفرنسية، والحالة هذه أن الترشّح للرئاسة الإيفوارية محظور قانونيّاً على متعددّي الجنسية أمثاله.
حيث إنّ دستور 2016 واضح في مادته 55 الناصّة على شرط كون المرشح للرئاسة، « أن يكون إيفواريّاً خالصاً، من أبٍ أو أُمٍّ إيفوارِيَّيْن». علماً أن حمل جنسية أجنبية لإيفواريٍّ ما، إسقاطٌ تلقائيٌّ للجنسية الإيفوارية، كما ورد في مدونة الجنسية مادة 48: « يفقدُ الإيفواريُّ البالغُ الجنسية الإيفوارية إذا اكتسب جنسيةً أجنبيةً طوعًا، أو أعلن اعترافه بتلك الجنسية»[2]. وهكذا وقع الرجل في حيرة، قبل أن يعلن التخلي عن جنسيته الفرنسية لاحقا، كما سنرى.
إنّ أول معركة سياسية قانونية واجهها تِيجَانْ تِيَامْ في المحاكم الإيفوارية، كانت الدعوى القضائية التي رفعها يَابُو فَالِيرِي “Yapo Valérie “، عضو المكتب السياسي للحزب، ضدّه، بتهمة حمل جنسية فرنسية، وعدم انتمائه إلى عضوية المكتب السياسي للحزب لمدة لا تقلّ عن عشر (10) سنواتٍ، كما هو منصوصٍ في اللائحة والقوانين الداخلية للحزب.
وعليه، فمن تأمّل منصفاً في المعارض تِيجَانْ تِيَامْ المرفوض ترشحه لانتخابات أكتوبر 2025، وعالماً بماضي السياسة الإيفوارية وحاضرها، لا يملك إلّا القول: إنّ تِيَامْ ليس مرشّحاً جاداً في الانتخابات الرئاسية هذا، وإنّما جاء للنزهة أو لخوض تجربةٌ أولى، ليستفيد منها في مستقبله السياسي، لا ليفوز في رئاسية أكتوبر 2025، لأنّه في الحقيقة لم يأتِ بمحض إرادته الخاصة، وإنّما أوتي به، فتأتَّى.
ومن ذلك، تصريحه بجهله بدستور كوت ديفوار، عندما سأل الصحفي الكاميروني أَلِينْ فَوكَا”Alain Foka”، عن كيف يُعقَلُ أن يقع ضحية المادة 48 من قانون الجنسية، فقال حرفيّاً: « لم أكن أعرف. لا أعرف الدستور الإيفواري، ولا أعرف قانون الجنسية”[3]، وفي تقديرنا أنّ هذا التصريح وحده في رابعة النهار كافٍ لسُقوطه مِنْ عَلُ.
إذ لا يتصوّر أن يقود شخصٌ دولةً في وزن كوت ديفوار جاهلاً بأهمّ قوانينها التنظيمية، فضلاً عن الدستور. والحالة هذه، أن حزبه (PDCI) قد رفض بشكل قاطعٍ، تقديم مرشحٍّ بديلٍ، إبّان استقبال ملفات الترشح، من لدن اللجنة الانتخابية المستقلة. فَعَمَّ يبحث الحزب بعدَه في لائحة الانتخابات؟
مسوغات منع ترشح كبير المعارضين لُورَانْ غْباغْبُو من حزب (PPA-CI):
رفض المجلس الدستور ملف ترشح الرئيس السابق لُورَانْ غْبَاغْبُو رئيس (PPA-CI) بناءً على مسوّغ «الشطب على اسمه من السجل الانتخابي عام 2020، إثر إدانته من قبل المحاكم الإيفوارية»، بحسب إعلان رئيسة المجلس شَانْتَالْ كَمَارَا “Chantale Camara”
ومستند هذا الرفض هي المادة 55 من دستور 2016، التي تنصّ على أنه: «يشترط في المرشح للرئاسة أن يتمتع بكامل حقوقه المدنية والسياسية». حيث إنّ الرجل، وإن بَرَّأَتْهُ المحكمة الجنائية الدولية (ِCPI)، فإنّ المحاكم الإيفوارية لم تقل كلمته الأخيرة تجاهه. وعليه، فما زال الرجل مداناً قانونيّاً، تسقط عنه بعض حقوقه السياسية، مثل الترشّح لانتخاباتٍ رئاسية، في وجهة نظرٍ دستورية.
وخلافاً لمقولات غْباغْبُو وأنصاره، الذين يعتبرون القرار معولاً هدّاماً للنظام الحاكم للقضاء على المسيرة السياسية للرجل، فإنّ للمعارض جَانْ لُوِيْ بِييُونْ “Jean-Louis Billon”، مرشّح تنسيقة (CODE) لانتخابات أكتوبر 2025، يعتبره شأناً سياسيّاً كان يمكن حلّها، لو اتخذ غْباغْبُو نفسه السبل الملائمة التي تقوده إلى حصولٍ عفوٍ رئاسيّ، مثلاً.
يقول جَانْ لُوِيْ بِييُونْ: «أعتقد أنّه كان يمكن حلّ قضية غباغبو سياسيّاً، فكان القيام بإجراءات سياسة للحصول على عَفْوٍ عامٍّ”[4].
ولكن، في اتجاهٍ معاكسٍ لهذا المسعى القانونيّ، ظلّ غْباغْبُو يهدد السلطة الحالية، كقوله: «سننزل إلى الشوارع يوماً ما»[5] ، وقوله: « إن أرادوا حرباً، فسنحاربهم»، وقوله للرئيس وتارا: «يجب ألا يَحلُم، لن تكون هناك ولاية رابعة»[6].
وأكثر من ذلك، إشاراته المتكرّرة إلى أنّه سيترشّح للانتخابات، مهما كان، وأنهم لن يسمحوا أن يأتي أحدٌ من الخارج ويحكم بلادهم، وفي ذلك إشارة ضمنية إلى من يعتبرونهم أجانب، وغير سكان كوت ديفوار الأصليين. علماً أنّ هذه التصريحات النارية خطأ استراتيجي كبير في حقّه، إذ لم تكن لتشفع له للترشح، ولا لتمنع الحسن وتارا كذلك عن الترشح.
هذا، وبنظرنا إلى القضية بعيون اجتماعية، نجدها ملتبسةً بعُقْدَةَ نفسيةٍ معقدة، فقد أمضى غباغبو 43 عاما في حلبة الصراعات السياسية (1982 – 2025)، منها عقدٌ كاملٌ على كرسيّ الرئاسة، (2000-2010)، ودون انتخابات حتى، ومن ثم، أصبح النضال السياسي جزءاً من هوايته وهُوِّيَّتِه، إذ رغم تيقّنه من استحالة عودته إلى الحكم، غير أنّه ظلَّ جانحاً نحو التصعيد، ضدّ النظام الحاكم.
ولعلّ ذلك نابعٌ عن التنافس التاريخيّ المرير بينه وبين غَرِيمَيْهِ التاريخيين: وَتَارَا وبِيدِيِي”Bédié”، إذ وإن غَيَّبَ الموتُ الأوّلَ، فإنّ إصراره في العودة إلى سدة الحكم بطرقٍ بقوّة السيف ـ إلى ما قبل تصريحاته قبل 4 أيام من الانتخابات ـ يوحي إلى رغبته في تصفية حساباته القديمة ضدّ وَتَارَا، فبات يرفض الطرق السلمية البديلة عن ترشّحه هو، وهو بالضبط، ما أدّى إلى انشقاق نائبه أَهُوَا دون ميلون،” Ahoua Don Mello ” للترشّح مستقلّاً، لخوض انتخابات أكتوبر 2025.
أقسام المعارضة الإيفوارية في انتخابات أكتوبر 2025 ومطالبها:
تنقسم شوارع المعارضة الإيفوارية اليوم إلى قسمين كبيرين:
القسم الأول: المعارضة الناعمة: وهي تنتهج النهج السلمي المعتدل في العمل السياسي للوصول إلى الحكم، وأبرز مطالبهم: توحيد صفوف المعارضة الإيفوارية للتصويت ضدّ الرئيس المنتهية ولايته خلال انتخابات 25 أكتوبر 2025م، ومن ثمّ، إنهاء حكمه، بإزاحته عن كرسيّ الرئاسة عبر صناديق الاقتراع، دون اللجوء إلى عنفٍ يقود البلاد إلى الهاوية.
وعلى رأس هؤلاء المعارضون المرشحون الأربعة، وفق المجلس الدستوري، وهم: سِيمُونْ غْبَاغْبُوّ” Simone Gbagbo” حزب (MGC)، وهَنْرِيِيتْ لَاغُو ” Henriette Lagou ” مرشحة تنسيقية (GP-Paix) ، وجَانْ لُوِيْ بِييُونْ ” Jean-Louis Billon “مرشح تنسيقية (CODE)، وأَهُوَا دون ميلون،”Ahoua Don Mello”.
القسم الثاني: المعارضة الثورية المتمردة الهائجة: وهي التي اتخذت أعمال العنف والتخريب مطيّتهم لإنهاء حكم الحزب الحاكم، ولو عن طريق انقلابٍ عسكريٍّ.
فالمثير للاهتمام هنا أنّ المراقب المنصف يستنتج من سلوك هذا الصنف الأخير من المعارضين خلال خمس سنوات الماضية أنّ الانتخابات الرئاسية لا تهمّهم في الواقع أصلاً. وإنّما إنهاء حكم وَتَارَا بأيِّ ثمن، ولو بوقوع البلاد في هرج ومرج. وأقصر طريقة لتحقيق هذا الهدف: ثورة شعبية عارمة تقود إلى انقلاب عسكريّ.
وبناءً على ما سبق، يبدو من خلال مطالب المعارضة الثورية المتمردة الهائلة، أنّها تعجيزية يستحيل على السطلة الحاكمة تلبيتها. ومن ذلك على سبيل المثال ـ لا الحصر ـ: مطلب إسقاط اللجنة الدستورية المستقلة (CEI)، أولا، ومراجعة قائمة الانتخابات الرئاسية، ومنع ترشّح الحسن وَتَارَا للانتخابات الرئاسية، ثالثاً، نبيّن المطلبين الأخيرين، فيما يأتي:
مطلب مراجعة قائمة الانتخابات الرئاسية عند المعارضة:
يتلخص المطلب في أن تعيد اللجنة الانتخابية المستقلة (CEI) فتح قائمة الانتخابات لتسجيل أسماء كلّ المعارضين، دون استثناء، خصوصاً رموز المعارضة، مثل لُورَانْ غْباغبو”Laurent Gbagbo” (PPA-CI)، وتِيجَانْ تِيَامْ “Tidian Thiam” (PDCI)، وغيوم سورو” Guillaume Soro ” (GPS)، وشَارْلْ بْلِي غُودِي” Charles Blé Goudé ” (COJEP).
ومعلومٌ أن مراجعة قائمة الانتخابات الرئاسية تتمّ في كلّ خمس سنوات على مقربة من الانتخابات الرئاسية، لتحديث القائمة، بحذف أسماء المتوَفَّوْن، وإدراج أسماء الذين بلغو رشد الرشد القانوني قبيل الانتخابات، فضلاً عن إصلاح الأخطاء وحلّ الخلافات الإدارية، وتحديث أماكن الاقتراع، لصالح المنتقلين بين الأحياء أو المدن أو الدول الأخرى، وغيرها.
وهذا مبدأ قانونيٌّ طبّقتها اللجنة الانتخابية المستقلة، بفتحها باب المراجعة التي انتهت مدة صلاحيتها بصدور القائمة النهائية بتاريخ 02 يونيو 2025م، لتتاح الفرصة بعدها لراغبي الترشّح في الانتخابات الرئاسية للقيام بالإجراءات الإدارية لملفات الترشح وغيرها، حتى تجرى الانتخابات في غطائها الزمنيّ المحدد بآخر سبتٍ لأكتوبر من كل خمس سنوات[7].
ولكن، حصل قصورٌ لدى المعارضة، ثم أراد بعضهم الاستدراك بعض فوات الأوان، ولكنّ بعض الآخر يصرّ على مطلب المراجعة فقط، لاستفزاز اللجنة ومعارضة الحكومة، ليس إلّا.
ترشح الحسن وتارا لانتخابات أكتوبر 2025 بين المشروعية واللامشرعية:
يعد ترشح وَتَارَا للانتخابات الرئاسية في عامي 2020 و2025 أكثر المسائل الخلافية التي أسالت الكثير من اللعاب والمداد، بين مؤيِّدٍ ومعارضٍ، في وجهة نظرٍ دستورية في كوت ديفوار، إذ انقسمت القراءات التأويلية لفقهاء القانون حوله إلى تيارين متعارضين: هما:
- القراءة التأويلية للدستور في لا مشروعية ترشح وتارا:
تبنى المعارضون لحكم السلطة القائمة مذهب اللا مشرعية في ترشح وتارا لولاية أخرى بعد انتخابات 2015م، ومستندهم في ذلك:
- أولا: تحديد الولايات الرئاسية بولايتين رائسية اثنتين فقط، كما نصّت عليه المادة 55 من دستور 2016: «يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة خمس سنوات بالاقتراع العام المباشر. ولا يجوز إعادة انتخابه إلا مرة واحدة[8]».
- ثانيا: ما نصّت عليه المادة 183 من الدستور نفسه، أنّه: « يظل التشريع المعمول به حاليا في كوت ديفوار قابلا للتطبيق، إلا في حالة صدور تشريع جديد، لا يتعارض مع الدستور الحالي». ففيها إشارة إلى استمرار العمل بالأحكام الدستورية المعمول بها سابقاً، دون انقطاعٍ، ما لم تخالف محتوى الدستور الجديد.
- ثالثاً: اعتبار دستورُ 2016 الولايةَ الثانيةَ للحسن وَتَارَا حين وصفه بـ” الرئيس الحالي” في مادته 184. وهي إشارة كافية في اعتبار ولايتيه معاً، والزيادة عليهما “جورٌ وفجورٌ سياسيٌ”، أو ” انقلاب مدنيّ” في نظرهم.
- رابعاً: ما جرى به العمل في تاريخ البلاد، خاصة بعد ظهور التعددية الحزبية عام 1990م. فالنتيجة إذن، أن ترشح وتارا لولاية أخرى بعد ولايتيه 2010 و2015، خرقٌ للدستور، لاعتباره سعياً منه لولاية ثالثة (2020) ورابعة (2025)، بالمصطلح القانوني، وهو ارتكاب محظور، في وجهة نظرٍ دستورية.
- القراءة التأويلية للنص الدستوري في مشروعية ترشح وتارا (2025)
وهي قراءة تأويلية للدستور تبنّت شريحة عريضة من فقهاء القانون والسياسة، يؤمن أصحابها بمشروعية ترشح وتار لولاية إضافة، بعد نهاية ولايته الثانية، بظهور نتائج انتخابات أكتوبر 2020م.
ويستند هؤلاء إلى جملة من الأدلة والبراهين، تدور معظمها في فلك “مبدأ عدم الرجعية” في العلوم القانونية: ويعني أنّ القانون يطبّق على الأحكام والوقائع التي حدثت بعد صدوره، لا قبله. مما يعني أنّ الدستور يجبّ ما قبله، فيقطع ويمحو ما قبله من الآثار والأحكام الناجزة.
وتطبيقاً لهذا المبدأ القانوني يظهر ما يلي:
- أولاً: أنّ الرؤية المستقبلية للدستور تستدعي محو ولايتَيْ وتارا في عامي 2010 و2020، بإبطال الدستور القديم للجمهورية الثانية التي امتدّت بين (2000 ـ 2016)، وتؤسّس له ولايتين رئاسيتين جديدتين في إطار الجمهورية الثالثة التي رأت النور عام 2016م، ومن ثم، يشرع له الترشّح في ولاية أولى للجمهورية الثالثة في 2020م، وولاية ثانية للجمهورية الثالثة في 2025م. التي نحن بصددها. وليس ولايات ثالثة ورابعةً، بالمصطلح القانوني.
- ثانياً: أنّ الدستور في مادّتي 183 و184 لا يفصح في منع ترشّح “الرئيس الحالي” بوضوحٍ في وصفه هذا، ومن ثمّ، يبقى الباب مفتوحاً للنقاش.
- ثالثاً: ترجيح المجلس الدستور الإيفواري مبدأ عدم الرجعية في القانون، في 14 سبتمبر 2020م، بعد نقاشاتٍ عريضة بين فقهاء القانون، معتبراً أنّ ولايتي وَتَارَا في 2010 و2015 مُلْغَيتان بدستور 2016، فحُقَّ له الترشّح لولاية أولى (2020)، وثانية (2025)، في ظل الجمهورية الثالثة التي قامت على أنقاض الأولى بدستور 2016.
- رابعاً: أنّ الحسن وَتَارَا نفسه قد رجّح مشروعية ترشّحه هذا، بقوله: «أنا مرشح لأن دستور بلادنا يخولني أن أفعل ولاية أخرى، وصحتي تسمح بذلك»[9].
ترجيح مذهبي المشروعية واللامشرعية في ترشح وتارا لانتخابات 2025:
بإمعان النظر في القولين، فإنّنا نرجِّحُ مذهب القائلين بمشروعية ترشُّح وَتَارَا، معتبرين أنّ ما حصل عبارة عن ثغرة قانونيةٍ دستوريّةٍ واضحةٍ، استثمرها النظام الحاكم لتمديد عُمرِ وَتَارَا على كرسيّ الرئاسة، ليس إلّا. ومما ينتصر لترجيحنا هذا، ما يأتي:
أولا: اعتراف بعض المعارضين المنصفين من فقهاء القانون بمشروعية ترشّح وَتَارَا، انطلاقاً من قراءة محايدةً لنصوص الدستور. مثل الدكتور إِيدِي غُوِيبِيِي”Eddie Guipié“[10] الذي تفطّن منذ اللحظات الجنينية لصياغة دستور 2016 بوجود ثغرة فيه، فكان ممن ثارُوا ضدّه آنذاك، وماذا يكرّر الأمر نفسه، حتى اللحظة. ومن ذلك قوله: «كنتُ ضد الدستور، ومن تابعوه بحماس ظنّوا أن الرئيس لن يترشح مرة أخرى. لكن، يؤسفني أن أقول: إن كلَّ دستورٍ جديدٍ يُعيد العِدَاد إلى الصِّفر»[11].
ثانيا: كان السجال الدستوريّ في الساحة السياسية في كوت ديفوار بمثابة إيقاظ للوعي الجمعي في إفريقيا جنوب الصحراء، فتسابق دولٌ الزمنَ إلى سدّ تلك الثغرة في دساتيرهم، خوفاً من استغلالُها بعض الحكام على حين غفلةٍ منهم.
ومن ذلك، أنّه رغم كون الإصلاحات الدستورية لجمهورية بِينِينْ “Bénin عام 2019 لم تصل إلى درجة الانتقال من جمهوريةٍ إلى أخرى، فإن المشرّع قد حرص كلَّ الحرص على إزالة كلّ الغموض الموهمة بمشروعية ترشح رئيسٍ بعد ولايتين رئاسيتين.
وتأسياً عليه، نصّت المادة 42 حرفيّاً على أنّه: «لا يجوز لأي شخص، في أي حال من الأحوال، أن يشغل منصب رئيس الجمهورية لأكثر من فترتين طوال حياته»[12]. فدلّ ذلك على أنّ الحاصل في كوت ديفوار ثغرة دستورية استثمرها النظام الحاكم في كوت ديفوار لصالح مشروعه السياسي في البلاد.
الانشقاقات والخلافات التاريخية والتناحر في صفوف المعارضة:
فقد انشقّ جدار البيت الغباغبوي[13] الذي قاد البلاد خلال عقد من الزمن (2000 ـ 2010)، إلى خمسة أحزابٍ تحارب بعضها البعض علانية وسرّاً: وهي حزب (PPA-CI) برئاسة لُورَانْ غْباغبو، وحزب (MGC) لزوجته السابقة سِيمُونْ غْبَاغْبُوّ، وحزب (COJEP) لشَارْلْ بْلِي غُودِي، وحزب (FPI) لأَفِي انْغِيسَانْ، كما انشقّ أَهُوَا دُونْ مِيلُونْ مؤخراً لخوض الانتخابات الرئاسية باستقلالٍ. فأصبحت القسمة خماسية متناحرة.
وهذه الأحزاب الخمسة تنظر إلى حزب (CPS) برئاسة سورو غيوم باعتباره العَدوَّ اللدود الذي أحثى التراب أو دسّ السُّمَّ في عُرسِ حكمهم، بقيادته حركة التمرّد، فمنعهم الاستمتاع بفترة حكمهم السياسي، كما ينبغي. كما يعدّون حزب (PDCI) بزعامة تيام عدوّهم التاريخيّ من الثمانيات إلى اليوم. كما يعتبر تيام أن التحالف مع سورو (CPS) المتمرّد السابق، مثل وضع حَيَّةٍ تحت السروال[14].
والحالة هذه أن حزب (PDCI) بزعامة تيام، لم يسلم بدوره من انشقاقات كوادرها منذ انتخابات 2020 حتى اللحظة، مثل انشقاق “KKB” للترشح في انتخابات 2020، وانشقاق جَانْ لُوِيْ بِييُونْ “Jean-Louis Billon”مرشح تنسيقية (CODE)، للترشح في انتخابات أكتوبر 2025، فضلاً عن شريحة عريضةً من قادة الحزب التاريخي وزعمائه القدامى، الذي وضعوا محافظهم السياسية في بنك الحزب الحاكم (RHDP).
ومن جهة أخرى، فإنّ هذه المعارضة الثورية الهائجة نذرت ألّا تدعم أختها الناعمة، التي تسعى للوصول إلى مقاليد الحكم في انتخابات أكتوبر 2025 المقبل، رغم النداءات المتكررة لهذه الأخيرة للتعاون من أجل الإطاحة بوَتَارا بالمرة، دون وجود آذان صاغية.
غياب استراتيجية مشتركة منسجمة لدى المعارضة وتبني سياسة الأرض المحروقة:
إنّ المعارضة في نسختها الآنية لا تملك استراتيجية واضحة مشتركة ومنسجمة. ولسنَا وحدنا من يقول هذا أو يؤمن به، فها هو الصحفي أندري كونان سيلفي ” André Silver Kona” مثلا، الذي يعد من الصحفيين المنصفين، يفصح قائلا:” كنت أقول لكم إن المعارضة الإيفوارية لا تملك استراتيجية مشتركة منسجمة”[15].
هذا، وقد نتج عن غياب الاستراتيجية هذا أن تبنّت المعارضة ” سياسة الكرسيّ الفارغ”، إذ كان بإمكان حزبين (PDCI) و(PPA-CI)، إيجاد خطة بديلة (خطة ب) بتعيين مرشّحين آخرين بدل تِيام وغباغبو، تأسّيّاً بحزب (PASTEF) السنغالي، حينما رَشّح بَاشِيرُو فَايِ بدل عثمان سُونْكُو، فكانت النتيجة الفوز برئاسة الجمهورية في انتخابات 24 مارس 2024م.
ونقطة أخرى ترتبط بغياب دعم المعارضة المشطوبة أسماؤها من اللائحة الانتخابية للمرشحين المقبولين. ففي حين يؤكّد غباغبو بقوله: «نحن لا ندعم أحدا في هذه الانتخابات»[16]، يضيف الناطق باسم (PDCI) يَابُو كَالِيسْ “Yapo Calice”، بقوله: «قال حزب “PDCI”: إنّه لن يدعم أيّ مرشّح (…) فحربنا نحن حربٌ لوصول “PDCI-RDA ” إلى الحكم لتغيير كوت ديفوار، مع تيجان تيام المحترم»[17].
ومن هذا المنطلق، يبدو للقارئ للعقلية المعارضِة في كوت ديفوار المعاصرة أنّها آيسة، فتبنت سياسة الأرض المحروقة “Politique de la terre brûlée”، ومن ثم، اتخذت العنف مطيّتها للإطاحة بالنظام الحاكم عبر ثورة شعبية عارمة تشل حركة الدولة، وتؤدي إلى انقلاب عسكري، ومن ثم، تنظيم مجلس انتقاليّ في المستقبل.
فهذه ـ في نظرنا ـ هي الورقة الوحيدة التي تعمل عليها المعارضة اليوم، يبرهن عليها قول تِيَام وهو في باريس قبل أيام: “نحن سنُحَرِّر كوت ديفوار خلال سبعة أيام”[18]. ولكنّ هذا الحلم في تصوّرنا بعيد المنال، بناء على قراءتنا الاستشرافية للأحداث الجارية.
الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2025: قراءة من وجهة نظر استشرافية:
رغم سخونة الأجواء الانتخابية في كوت ديفوار التي يُعتقد أنّها ستُجرَى في حالة أكثر توتّراً غلياناً صبيحة الانتخابات، فآمالنا كبيرة في أن تجرى في وقتها المحدّد، يَتْلُوها إعلان فوز المستحق للفوز، ثم تدخل البلاد في دوامة من خطابات التسامح والمصالحات الوطنية، قبل أن تستقرّ السفينة في مرساها بسلام. وما يعزز اعتقادنا هذا أمور:
- بوادر تفتيت آمال المعارضة قبيل ساعات من فتح الصناديق الاقتراع:
حتى اللحظة، لا تسير الأمور وفق خطط المعارضة وهواها. فلا ننكر وجود رفضٍ شعبيّ وازنٍ في مختلف المدن والأحياء، ولكنه لا يترجم رأي الأغلبية في البلاد. وعطفاً عليه، فإنّ للاحتجاجات التخريبية حضور حصريٌّ في المناطق ذوات الأغلبية للشريحة المعارِضة، بينما تتفيأ ظلال الأمن والاستقرار في المناطق التابعة للحسن وَتَارَا وأنصاره وحلفائهم.
ولذلك، ظلّت احتجاجات يَامُوسُوكرُو “Yamoussoukro” مركزة بين ثلاثة أحياءٍ فقط، بينما ظل الهدوء سائداً في الأحياء الأخرى، مثل جُولَابُوغُو “Djoulabougou”. وحتى ما شهدتها يَامُوسُوكْرُو أيضاً لا يمكن حدوثه بأيّ حالٍ من الأحوال في مدينة بُؤَاكِي”Bouaké” ثاني المدن الإيفوارية بعد أبيدجان، ولا في حيِّ أَبُوبُو “Abobo” في أبيدجان ذاتها، نظراً للحضور البارز لأنصار وتارا وحلفائه…
وبالجملة، فما نشهده اليوم من الهدوء الوازن في أرجاء البلاد شيء لم تخطط له المعارضة. ولذلك، بدأنا نشاهد تراجع شدة لهجات المعارضة الداخلية تحديداً، مثل خروج زعيمي حزبي (PDCI) و(PPA-CI)، اللذين أحدثا صدمة في أوساط المعارضة، التي طالما انتظرت منهما تصعيداً أكثر، فيما اصطلحوا عليه بـ “الأوامر” (Mot d’ordre).
- حصيلة حكم وتارا: استقرار سياسي ونموّي اقتصاديٍ وشعبي:
كوت ديفوار اليوم ليست كوت ديفوار أمس. فرغم الحرب الأهلية التي عانت منها البلاد خلال عقدٍ من الزمن (2002 ـ 2011)، فقد استطاع وتارا تحقيق استقرار أمنيّ وسياسيّ في لحظاتٍ قياسية. وبفضل خبراته الاقتصادية الواسعة، واهتمامها الكبير بالبنيات التحتية أيضا، استطاع أن يجعل الدولة قبلةً للمستثمرين الأجانب، عرباً وغرباً… فمن إنجازاتٍ إلى إنجازاتٍ، اكتسبَ الرجل شعبية عارمة، أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البلاد.
ففي 16 ـ 10 ـ 2025، خلال جولته الانتخابية، أكّد الرئيس وَتَارَا نفسه، قائلا: «في 14 عامًا، أنجزنا في زَانْزَانْ “Zanzan” أكثر مما تم إنجازه في الخمسين عامًا الماضية» [19]، مؤكدا، أن منطقة زانزان في الحدود مع دولة غانا “Ghana” الجارة كانت من المناطق المهجورة قبل وصوله هو إلى الحكم. وهو واقع ومشاهد.
فإذا كانت تلك الإنجازات تدفع بعض المعارضة إلى القول:” نعترف له بالإنجازات، ولكن، فليذهب وليترك الحكم لغيره”، مثلاً، فإنّها كافية في زيادة شعبية وَتَارَا وقَبُوله بين الشعب، ومن ثم، تكثير فرص نجاحه في الانتخابات المقبلة.
- واقع المعارضات السياسيات المعاصرة وموقف المنظمات الدولية منها:
حيث إنّ ورقة المعارضة ساخنة في معظم الدول الكبرى، قبل العالم الثالث. ففي حين تطفو مظاهرات عارضة تجتاح الولايات المتحدة الأمريكية ضدّ الرئيس دونالد ترامب، تشد فرنسا بجانبها الخناق على المعارضة، مثلما تعيشه مارين لوبين “Marine Le Pen” اليسارية…
وإقليماً، فمهما كان وضع المعارضة الإيفوارية، فلا يبدو ـ في نظرنا ـ أسوأ مما عليه العديد من الدول المجاورة لها، والتي بات مجرّد تنظيم الانتخابات الرئاسية خارج أولية أجنداتها السياسية.
ومن جهة أخرى، فمعظم المنظمات الدولية والإقليمية باتت تنظر إلى كوت ديفوار كدولة ناضجة إلى حدٍّ ما، ومن ثم، قادرة على تدبير شؤونها الداخلية، دون تدخّلٍ خارجيٍّ. دلّت على ذلك ردود المراسلات المتكرّرة بين المعارضة الإيفوارية وبين منظمة الأمم المتحدة، من جهة، وبينها وبين الاتحاد الإفريقي.
يضاف إلى ذلك كلّه، عجز المنظمات الدولية عن حلّ بعض الملفات الساخنة على الصعيد الدولي، كنزع فتيل الحرب بين المقاومة الفلسطينية و”إسرائيل”، وبين روسيا وأوكرانيا، فباتت سياسات التحفّظ من التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء واضحة وجليّة.
- إشراك رجال الدين في التوعية وتعزيز السلم الاجتماعي:
من الواضح أنّ الديانات من القضايا المعقدة في أإفريقيا. سواء في علاقاتها الحساسة مع العلمانية، أو سؤال الممارسة والتدبير في ظلّ طابع التنوّع والتعدد في المجتمعات الأإفريقية.
ومنذ تسلّمه مقاليد الحكم في البلاد، أولى الرئيس الحسن وتارا عناية فائقة بالشأن الدينيّ الإيفواري، عبر زيادة الدعم الحكومي للمنظمات التنظيمية لشؤون الحجّ الإسلامي والمسيحي، مثلاً، وتقديم امتيازات أخرى أعلت مكانة رجال الدين المسلمين والمسيحيين وزعماء الديانات التقليدية في الدولة.
ما نريد تأكيده هنا، أنّ معظم رجال الديانات المختلفة في كوت ديفوار يستثمرون مكانتهم الاجتماعية وقوّة تأثير خطاباتهم في أتباعهم لتعزيز مناخٍ اجتماعيّ سلميّ خلال الانتخابات الرئاسية، ونبذ العنف وخطاب الكراهية، فضلاً عن لزوم الأذكار والإكثار من الدعوات باليمن والخيرات والبركات لصلاح العباد والبلاد. مثل المؤتمر الوطني الذي نظّمه تحالف الأديان من أجل السلام في كوت ديفوار ” Alliance des Religions pour la Paix en Côte d’Ivoire ” يوم السبت 18 أكتوبر 2025م في قصر الثقافة بتريشفيل بأبيدجان.
الخلاصة:
حاولنا على امتداد هذا العرض أن نلقي الضوء على فوبيا الانتخابات الرئاسية التي يعيشها المواطن الإيفواري في كوت ديفوار قبل وخلال وبعد انتخابات 25 أكتوبر 2025، وهو خوفٌ يتجدّد كل خمس سنوات. إمّا خوفاً من فقدان أحبّةٍ أو حلول نقمة، أو زوال سلطةٍ وفوات وظيفةٍ.
ورغم أنّ المعارضة الثورية الهائجة تبّنت سياسة الأرض المحروقة في البلاد احتجاجاً على ترشّح وتارا، بعد إهمالها هي بدورها الخطط البديلة في اختيار مرشيحها مع علمها المسبق بشطب أسماء بعض رموزها من اللائحة الانتخابية، فاستشرافها أن تجرى الانتخابات في توقيتها المحدد، وفي ظروفٍ أكثر توتراً أكثر سخونة مما نعيشها اليوم طبعاً، ولكنّها ستنتهي ـ في تصورنا ـ لصالح المرشّح الأقوى والأكثر شعبية، قبل أن يتمكن الرئيس المنتخب إعادة النظام وضبط الأمن والاستقرار في الدولة، مثلما عاشته كوت ديفوار في انتخابات 2020م.
……………………………………….
[1] https://pan-african-music.com/alpha-blondy-multipartisme-1992/
[2] Code de la Nationalité ivoirienne actuellement en vigueur (Mise à jour du 1er janvier 2016), Art : 48.
[3]Publié le 29 juillet 2025, sur COM Magazine: constitution : résultats de la recherche | Facebook,
[4] Côte d’Ivoire : “J’appelle mon frère Tidjane Thiam, mettons nos égos de côté”, demande J-L Billon – YouTube
[5] Côte d’Ivoire: Laurent Gbagbo prévient Alassane Ouattara: « On prendra les rues un jour » (Discours) – YouTube
[6] Laurent Gbagbo à Alassane Ouattara : “Il ne faut pas rêver, il n’y aura pas de 4e mandat”#Rci – YouTube
[7] ـ المادة 56 من دستور 2016.
[8] LA CONSTITUTION IVOIRIENNE (08 NOVEMBRE 2016 modifiée par la Loi constitutionnelle N° 2020- 348 du 19 mars 2020), Art : 55
[9] https://information.tv5monde.com/afrique/presidentielle-en-cote-divoire-faut-il-parler-dun-quatrieme-mandat-pour-alassane-ouattara-2787336
[10] ـ أستاذ باحث في العلوم السياسية، بجامعة بِيلِيفُورُو غُونْ “Péléforo Gon” بكُورُوغُو الإيفوارية.
[11] https://www.facebook.com/photo/?fbid=1314041824062233&set=pcb.1314042224062193
[12] ـ دستور جمهورية بينين: المادة 42.
[13] ـ نسبة إلى لوران غباغبو.
[14] https://www.lecridabidjan.net/blog-detail/post/246432/thiam-rejette-toute-alliance-avec-soro-:%C2%ABil-vaut-mieux-ne-pas-mettre-le-serpent-dans-le-pantalon%C2%BB
[15] ـ https://www.facebook.com/search/top?q=andre%20silver%20konan
[16] EXCLUSIF: AFAIRE 4e MANDAT ILLEGAL , LE PRESIDENT LAURENT GBAGBO SORT DE SA RESERVE CE 22 OCTOBRE – YouTube
[17] https://www.youtube.com/watch?v=WDNMjJ8tn6U
[18] https://www.africa-press.net/cotedivoire/politique/tidjane-thiam-liberer-la-cote-divoire-en-7-jours
[19] Ouattara Présente le Projet Zanzan 2030 à Bondoukou – Côte d’Ivoire (africa-press.net)











































