مدخل:
تهدف هذه القراءة إلى تسليط الضوء على أطروحة تهمّ المجتمع المسلم في نيجيريا عمومًا، والمرأة المسلمة في نيجيريا، على وجه الخصوص؛ ذلك البلد الإفريقي الواعد، بسكانه الأكثر عددًا، على مستوى القارة الإفريقية، وبموارده الطبيعية متعددة المصادر، وبتعدُّده الديني المتميز.
ولا شك أن أوضاع المرأة المسلمة في نيجيريا، ومشاركتها في مجتمعها، حاضرًا ومستقبلًا؛ قضية مُلِحَّة، لا يُختلف حول أهميتها، لا سيما في ظل مجتمع مسلم في البلاد، أغلبه مُحافِظ، يُحدِّد أدوارًا معينة للمرأة، في محيط عالمي متغيّر، تسعى فيه الأمم المتحدة إلى تحقيق أهداف محددة للتنمية المستدامة، في مجالات مهمة عديدة، منها: مجال الفقر المدقع، ومجال الصحة، ومجال التعليم.
حول الباحثة مُعِدَّة الأطروحة:
صاحبة الأطروحة، “فقيهة أفولاكي أديقا Faqiat Afolake Adeaga”، أكاديمية نيجيرية مسلمة، حصلت على بكالوريوس الآداب، تخصُّص الدراسات الإسلامية في جامعة إيلورين بنيجيريا (2012– 2016م)، ثم ماجستير الآداب في الدراسات الدينية في جامعة جنوب فلوريدا (2022- 2024م). وتعمل حاليًّا باحثة دكتوراه الفلسفة في الدراسات الدينية في جامعة سيراكيوز (2024– 2029م).
وللباحثة خبرة تطوعية؛ إذ عملت في تسهيل مبادرات التوعية في توفير التعليم للأطفال في المناطق العشوائية المحرومة. وساهمت في اتحاد مناصرة تعليم وتمكين المرأة في اتحاد جمعيات النساء المسلمات في نيجيريا (FOMWAN)، وتحديدًا في مدينة إيلورين وتعليم أبوجا، وشاركت في إدارة تعليم المرأة المسلمة وتمكينها.
وشاركت في مبادرات تشمل إيلورين وأبوجا، وتسعى جاهدةً لتمكين المرأة المسلمة والارتقاء بها في هذه المجتمعات. وهي عضو في منظمات عديدة، ضمنها اتحاد جمعيات النساء المسلمات في نيجيريا (مارس 2015م- حتى الوقت الحاضر). وتتحدَّث الإنجليزية (بإتقان مهني كامل)، وتتحدث اللغة العربية (بكفاءة محدودة في العمل)، أما لغة اليوروبا فهي لغتها الأم.
أهمية الأطروحة:
أطروحة “دور المرأة المسلمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في نيجيريا من خلال تطبيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة”، هي رسالة مُقدَّمة لاستكمال متطلبات درجة الماجستير في الآداب، قسم الدراسات الدينية، كلية الآداب والعلوم، في جامعة جنوب فلوريدا، حصلت بها “فقيهة أفولاكي أديقا”، على تلك الدرجة، وقد أُجيزت بتاريخ 9 فبراير 2024م.
وتكمن أهمية هذه الأطروحة في أنها تعمل على زيادة المعرفة الموجودة، بشكل كبير؛ من خلال الخوض في الديناميكيات المعقّدة لمساهمات المرأة المسلمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في نيجيريا، وخاصةً في مجال أنشطة المنظمات الإسلامية غير الحكومية. كما تسهم في تقديم فَهْم أكثر شمولاً للدوافع والتحديات والنجاحات الكامنة في المبادرات التي تقودها النساء المسلمات.
إضافة إلى أنها تُعَدّ خروجًا عن السرد التقليدي، بتسليطها الضوء على قوة المرأة المسلمة، وعلى دورها المحوري في تعزيز التنمية المستدامة، بما يتجاوز مجرد المؤشرات الإحصائية. علاوة على أن أحد الجوانب المميزة لهذه الأطروحة، يكمن في تأكيدها على دور المرأة المسلمة في عمليات التنمية، وذلك من خلال الابتعاد عن التصوّر السلبي؛ حيث تُركّز على الدور النشط الذي تلعبه النساء المسلمات في نيجيريا في تشكيل مسار مجتمعاتهن.
تقسيم الأطروحة والأفكار الرئيسية في فصولها:
تتكون الأطروحة من خمسة فصول، لكل فصل منها مقدمة وخلاصة. ويسبق الفصل الأول، إهداء، وشكر وتقدير، وجدول للمحتويات (الفهرس)، وقائمة للجداول، ومستخلص للأطروحة. وعدد صفحات الأطروحة 117، منها 107 لصفحات مرقمة عدديًّا، و10 صفحات ما قبل جدول المحتويات (الفهرس)، غير مرقَّمة. والأطروحة متاحة على المصادر الرقمية digital commons في جامعة جنوب فلوريدا (الولايات المتحدة الأمريكية)، وقد كُتِبَتْ بلغة إنجليزية يسيرة الفهم.
انتقالية المرأة المسلمة من التهميش إلى الإسهام الإيجابي:
الفصل الأول: “المقدمة”، تناولت الباحثة في هذا الفصل، ما يُسمَّى عادةً، في مناهج البحث العلمي، بأساسيات البحث؛ حيث جعلت للفصل مقدمة خاصة به، ثم تحدَّثت عن خلفية الدراسة، وبيان مشكلة البحث، وأهداف البحث، وأسئلة البحث، وأهمية الدراسة، ونطاق وقيود الدراسة، والمنهجية المعتمدة فيها، ومعايير اختيار دراسة الحالة، والخلاصة الخاصة بالفصل، وقائمة للمراجع، التي تمَّت الاستعانة بها في المادة العلمية لهذا الفصل.
أبانت الباحثة في هذا الفصل أنه في السنوات الأخيرة، اكتسب السعي لتحقيق التنمية المستدامة اهتمامًا عالميًّا متزايدًا؛ حيث تتصارع المجتمعات مع تحديات متعددة الأوجه؛ تتعلق بالفقر المدقع، وعدم المساواة بين الجنسين، والتعليم الجيد، وعدم كفاية الرعاية الصحية. وأضافت أن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDGs) تُعتَبر أهدافًا عالميّة. وأنه يتحتم الالتزام بمعالجة هذه التحديات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية بحلول عام 2030م. وأن نيجيريا، الدولة الأكثر كثافة سكانية في إفريقيا، والتي تضم عدد سكان يتجاوز 219 مليون نسمة؛ تلعب دورًا محوريًّا في تحقيق هذه الأهداف. وأنه مع تنوُّع سكان نيجيريا والتحديات التنموية الكبيرة، يصبح تطبيق أهداف التنمية المستدامة، ذا أهمية خاصة، لتحقيق النمو والرخاء الشاملين.
أوضحت الباحثة أنه في سياق التنوع السكاني في نيجيريا، تُشكّل النساء المسلمات شريحة كبيرة من المجتمع بنسبة 35% تقريبًا. وأنه بينما لم تتم دراسة تأثيرهن على تحقيق أهداف التنمية المستدامة بشكل شامل -فإن مساهماتهن ما تزال تستدعي المزيد من الاستكشاف. كما أنه بينما تتحدث دراسات عن النساء بشكل عام في نيجيريا- فإن هذه القضية نفسها تنطبق على النساء المسلمات، اللاتي قد يُواجهن تحديات إضافية، بسبب التهميش الثقافي والديني. وبما أنهن عوامل رئيسية للتغيير في نيجيريا، فإن تمكين المرأة، يمكن أن يكون له تأثير تحويلي. وأنه بينما تواصل نيجيريا رحلتها نحو التنمية المستدامة؛ فلا بد من الاعتراف بدور المرأة المسلمة ودعمه وتمكينه، لتعظيم تأثيره الإيجابي على تقدُّم الأمة.
كما أوضحت الباحثة، من خلال عرضها لمحتوى هذا الفصل، أن الهدف الأساسي لهذه الأطروحة يتمثل في دراسة دور المرأة المسلمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في نيجيريا؛ من خلال التحليلات التاريخية الشاملة، ودراسات الحالة المتعمقة لأربع منظمات غير حكومية مختارة، تقودها مسلمات تعمل في نيجيريا؛ (وهي: جمعية أنصار الدين، وجمعية نوير الدين، واتحاد جمعيات النساء المسلمات، وجمعية نصر الله الفاتح). وستركز الأطروحة على الدور الذي تلعبه المرأة المسلمة؛ من خلال مشاركتها في المنظمات غير الحكومية الأربع المختارة، في تعزيز التنمية المستدامة في مجالات الفقر المدقع، والصحة، والتعليم، والمساواة بين الجنسين. وتشمل أهداف البحث الثانوية ما يلي:
أولًا: إظهار التأثيرات المحددة لتدخلات المنظمات غير الحكومية، التي تقودها النساء في نيجيريا على حياة النساء المسلمات في مجالات التنمية المستدامة الأربعة: وهي الفقر المدقع، والصحة، والتعليم، والمساواة بين الجنسين.
ثانيًا: تحديد التحديات التي تواجه النساء المسلمات في نيجيريا، فيما يتعلق بمشاركتهن في مبادرات التنمية والنهوض بأهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالفقر المدقع والصحة والتعليم والمساواة بين الجنسين، واقتراح توصيات بناءً على نتائج البحث.
تكمن أهمية هذه الأطروحة -إضافةً إلى ما ذُكِرَ سابقًا-، في أن لها العديد من الآثار الرئيسية بالنسبة للأوساط الأكاديمية، وصانعي السياسات، والمنظمات غير الحكومية، والمجتمع الأوسع، وتحديدًا في أمرين مُهمّين:
الأول: فَهْم أفضل للدور المحدَّد، الذي تلعبه المنظمات الإسلامية غير الحكومية في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للنساء المسلمات في نيجيريا، والمنطقة على نطاق أوسع. وستسهم الدراسة في تعزيز المعرفة الموجودة حول النوع الاجتماعي والتنمية، في سياق يتميز بالتنوع الثقافي والديني.
الأمر الآخر: ستوفر النتائج رؤى قيّمة لصانعي السياسات في المنظمات غير الحكومية والدولة، لتصميم تدخلات أكثر شمولًا واستهدافًا لتلبية الاحتياجات المحددة، وإمكانات النمو للنساء المسلمات في المنطقة. علاوةً على ذلك، ستوفر نتائج الأطروحة ما من شأنه رفع مستوى الوعي، وتعزيز فَهْم أكثر دقة، لمساهمات المرأة المسلمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في نيجيريا بشكل عام، وبالتالي تحدّي الصور النمطية، والتحيُّزات السائدة.
المنظمات الإسلامية غير الحكومية ومعالجة قضايا المجتمع المعاصر:
أما الفصل الثاني: “السياق التاريخي للمنظمات الإسلامية غير الحكومية والتنمية المستدامة في نيجيريا”؛ فقد سعت فيه الباحثة إلى تقديم سَرْد تحليلي تفصيلي عن: أصول الإسلام ومساهماته في نيجيريا، وظهور المنظمات الإسلامية غير الحكومية في العهد الاستعماري في نيجيريا (1914- 1960م)، والمنظمات الإسلامية غير الحكومية في حقبة ما بعد الاستعمار في نيجيريا (1960- حتى الآن)، إضافة إلى حديث مختصر متماسك؛ يُعرِّف بالخلفية التاريخية للتنمية المستدامة في نيجيريا.
أشارت الباحثة في هذا الفصل إلى أن السياق التاريخي للمنظمات الإسلامية غير الحكومية في نيجيريا، يكشف عن سرد عميق للمرونة والالتزام القائم على الإيمان والتأثير المجتمعي. وأن هذه المنظمات لعبت دورًا أساسيًّا في تاريخ نيجيريا؛ حيث تطورت من بداياتها المتواضعة خلال الحقبة الاستعمارية، إلى جهات فاعلة مؤثرة، تعالج مختلف القضايا في المجتمع النيجيري المعاصر. وأكدت أنّ نموّ هذه المنظمات الإسلامية غير الحكومية وأهميتها المستمرة، متجذّر بعمق في تقاطع الروحانية والعمل الاجتماعي، الذي تدعمه مبادئ الإسلام وتعاليمه. مشيرةً إلى أنه يمكن إرجاع أصول الإسلام في نيجيريا إلى القرن الثامن الميلادي، عندما وصل من خلال التجارة بين الثقافات والتبادل التجاري مع شعوب شمال إفريقيا، وقد دعمت الباحثة، دخول إلى الإسلام نيجيريا والأدوار التي لعبها، بشواهد تاريخية على قَدْرٍ من الأهمية.
ووفقًا للباحثة، فقد أدَّى قبول الإسلام، وخاصةً في مناطق، مثل: بورنو وكانو إلى تسهيل الرخاء الاقتصادي، والتكامل الثقافي، وتطوير المؤسسات الاجتماعية. وأنه اليوم، مع اعتناق أكثر من نصف سكان نيجيريا الإسلام، لا يمكن إنكار أن هذا الدين له تأثير دائم على هوية البلاد والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وقد شكَّلت الحقبة الاستعمارية فترة حرجة في ظهور المنظمات الإسلامية غير الحكومية، كردّ فِعْل للتعليم الغربي والتأثيرات الثقافية، التي أدخلتها القوى الاستعمارية. وظهرت، وفقًا لما أوردته الباحثة، منظمات، مثل: جمعية أنصار الدين، وجمعية نوير الدين خلال هذا الوقت. ومهَّدت جهودهما الرائدة الطريق أمام المنظمات الإسلامية غير الحكومية في مرحلة ما بعد الاستعمار، والتي استمرت في التطوُّر والتكيُّف مع الاحتياجات المتغيرة للسكان المسلمين في نيجيريا.
وتوصلت الباحثة في هذا الفصل أيضًا إلى أن حقبة ما بعد الاستعمار شهدت توسُّع هذه المنظمات الإسلامية غير الحكومية، وزيادة نطاق أنشطتها في تقديم الرعاية الاجتماعية، والرعاية الصحية، وتنمية المجتمع؛ حيث أدركت هذه المنظمات أهمية التعليم في تمكين المسلمين، ولذا عملت على إنشاء المؤسسات التعليمية المتوافقة مع القِيَم الإسلامية.
علاوةً على ذلك، ووفقًا للباحثة، عملت هذه المنظمات الإسلامية بنشاط على تعزيز الدمج بين الجنسين، والتمثيل السياسي للمسلمين، والدفاع عن حقوقهم ورفاهيتهم في مجتمع نيجيريا المتنوع والتعددي. وقد ساهمت هذه المنظمات أيضًا في تعزيز أهداف التنمية المستدامة في نيجيريا، ومواءمة جهودها مع المبادرات العالمية للنمو الاقتصادي، والاندماج الاجتماعي، والاستدامة البيئية.
وكما اهتمَّت هذه المنظمات الإسلامية بالتراث الثقافي الإسلامي، وفقًا للباحثة، فقد شاركت أيضًا بنشاط في الحوار والتعاون بين الأديان، وتعزيز الوحدة بين المجتمعات المتنوعة دينيًّا.
وبشكل عام، تدل الرحلة التاريخية للمنظمات الإسلامية غير الحكومية في نيجيريا على التزامها الدائم بالخدمة الدينية، والتقدم الاجتماعي، والدعوة إلى العدالة والشمول. وبينما تواصل نيجيريا سعيها لتحقيق التنمية المستدامة، تظل هذه المنظمات شريكًا ثابتًا للدولة في السعي لتحقيق الرفاهية الشاملة والتغيير الإيجابي.
جمعيتا أنصار الدين ونوير الدين والتعامل مع مستجدات العصر:
وأما في الفصل الثالث “جمعية أنصار الدين وجمعية نوير الدين”؛ فقد تناولت الباحثة استعراضًا شاملًا حول جمعية أنصار الدين في نيجيريا، ومساهماتها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومساهماتها المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة، ومشاريعها المختارة في هذا المجال، والتحديات التي تواجهها، والمستقبل المتاح أمامها.
بالإضافة إلى تناول جمعية نوير الدين في نيجيريا، ومساهماتها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومساهماتها المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة، ومشاريعها المختارة في هذا المجال، والتحديات التي تواجهها، والمستقبل المتاح أمامها. وقد جاء التعريف بهاتين الجمعيتين الرائدتين، الذي تم عبر مداخل مختلفة، متوازنًا؛ يبين قدرة تطبيق القِيَم الإسلامية على التغيير في المجتمع، والتعامل مع القِيَم التي تطرحها مستجدات العصر.
كشفت الباحثة في هذا الفصل أنه خلال الحقبة الاستعمارية في نيجيريا (1914 إلى 1960م)، بدأ حدوث تحوُّل ملحوظ، يتجلى مع ظهور المنظمات الدينية غير الحكومية؛ لتلبية الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية المتنوعة لسكان نيجيريا. وكشفت في هذا الفصل عن الدور العميق -الذي لم يحظَ بالدراسة الكافية في كثير من الأحيان- الذي تلعبه النساء في المنظمات غير الحكومية كأنصار الدين، ونوير الدين، مع تسليط الضوء على التزام المنظمتين الإسلاميتين الثابت بتنمية المجتمع، والأثر الكبير الذي أحدثتهما على حياة الأشخاص الذين تقوم الجمعيتان بخدمتهم.
ومن خلال دراسة التقارب بين الإيمان والجنس والتاريخ الاستعماري؛ هدف هذا الفصل إلى تسليط الضوء على القوة والقدرة على الصمود لدى النساء في هاتين المنظمتين غير الحكوميتين اللتين باعتبارهما عوامل تغيير حاسمة، عملتا بلا كلل من أجل الارتقاء بمجتمعاتهما، وإحداث تغيير جذري، في مساحة تمكين المرأة في سياق استعماري معقد، وفي يومنا هذا.
كما خلصت الباحثة في هذا الفصل إلى أن جمعيتي: أنصار الدين، ونوير الدين في نيجيريا، تتمتعان بالمرونة والتفاني، وأن جذورهما راسخة في الحقبة الاستعمارية، وأن مَهمتهما الجماعية المتمثلة في توفير التعليم والتمكين، وتعزيز دمج الجنسين، والتنمية الاجتماعية، وخاصة بالنسبة للنساء المسلمات؛ قد تركت علامة لا تُمحَى من المشهد النيجيري. وأنه على مر السنين، ساهمت الجمعيتان بشكل كبير في تحقيق أهداف الأمم المتحدة الرئيسية للتنمية المستدامة، لا سيما في مجالات التعليم الجيد، وإدماج الجنسين. وأنه على الرغم من استمرار التحديات، بما في ذلك القيود المالية، والحاجة إلى قدر أكبر من التكامل التكنولوجي؛ فإن التزام هاتين الجمعيتين، الذي لا يتزعزع بمُثُلهما العليا، ما يزال مصدر إلهام، ويقدم دروسًا قيمة لمنظمات مماثلة، تسعى إلى تعزيز التغيير الإيجابي، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في نيجيريا.
كما خلصت الباحثة إلى أنه بينما نتأمل في الإنجازات الدائمة لهاتين المنظمتين الإسلاميتين غير الحكوميتين؛ يصبح من الواضح أن مبادئهما التأسيسية المتمثلة في الوحدة، والمساعدة الذاتية، والتضحية الشخصية، لم تُشكّل المنظمة فحسب، بل شكَّلت أيضًا سابقة ليتبعها الآخرون. وأن الرحلة التاريخية للمجتمع تؤكد على أهمية التفاني والمثابرة في تعزيز التمكين التعليمي والاجتماعي والاقتصادي. وأنه للمضي قدمًا يجب الاعتراف بهاتين المنظمتين الإسلاميتين غير الحكوميتين، ودعمهما داخل نيجيريا، وعلى المسرح الدولي؛ لمساهماتها البارزة في تنمية المجتمع، وإدماج الجنسين، وتحسين المجتمع. ومن خلال القيام بذلك، يمكنهما مواصلة العمل معًا؛ لتحقيق مستقبل أكثر إنصافًا وتمكينًا للجميع. وأن مساهماتهما في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وخاصة في مجال التعليم، والإدماج بين الجنسين، تستحق الثناء.
إضافةً إلى ذلك، وفقًا لما تورده الباحثة، فإن تفاني هاتين المنظمتين في تقديم مِنَح تعليمية عالية الجودة، وتمكين المرأة من المشاركة في مختلف جوانب المجتمع، أمر محوري لنمو نيجيريا. وأن هاتين المنظمتين غير الحكوميتين، هي شهادة على التفاني الثابت للأفراد والمنظمات في السعي إلى التغيير الإيجابي والتنمية. علاوةً على أنهما تتمتعان بأهمية محورية وتقومان بجهود كبيرة في تعزيز التعليم، وإدماج الجنسين، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في نيجيريا، وهو ما يؤكد التزامهما الدائم بهذه القضايا المهمة.
وعليه، فمن خلال التغلب على التحديات، وتعزيز الوحدة بين أعضائهما، وتبنّي التقنيات الحديثة؛ تتمتع هاتان المنظمتان غير الحكوميتين بالقدرة على توسيع نطاق وصولها وتأثيرها، والمساهمة في نهاية المطاف، بشكل أكثر أهمية في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
اتحاد جمعيات النساء المسلمات وجمعية نصر الله الفاتح والمبادرات الاجتماعية والتنموية:
في الفصل الرابع: اتحاد جمعيات النساء المسلمات في نيجيريا ((FOMWAN وجمعية نصر الله الفاتح في نيجيريا(NASFAT) “- قدمت الباحثة عرضًا تعريفيًّا شاملًا عن اتحاد جمعيات النساء المسلمات في نيجيريا، ومساهماته في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في نيجيريا، ومساهمته المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة، ومشاريعه المختارة في هذا المجال، والتحديات التي تواجهه، والمستقبل المتاح أمامه. كما قدمت عرضًا شاملًا عن جمعية نصر الله الفاتح في نيجيريا، ومساهمتها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في نيجيريا، ومساهماتها المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة، والتحديات التي تواجهها، والمستقبل المتاح أمامها. وقد تم ذلك العرض بصورة عكست أهمية هاتين المنظمتين الإسلاميتين، ودورهما المتعاظم في نيجيريا على جهة العموم، والمجتمع المسلم في رحاب تلك الدولة.
أشارت الباحثة في هذا الفصل إلى أنه في حقبة ما بعد الاستعمار في نيجيريا، منذ عام 1960م وحتى يومنا هذا، تم تشكيل مشهد المبادرات الاجتماعية والتنموية، بشكل كبير مِن قِبَل المنظمات الإسلامية غير الحكومية. وقد لعبت هذه المنظمات، التي ترتكز على المبادئ والدوافع الدينية، دورًا محوريًّا في المساهمة في تقدم الأمة. وكان أحد أبرز جوانب تميز هذه المنظمات هو المشاركة المؤثرة للنساء في صفوفها.
وقد تعمّقت الباحثة في هذا الفصل في الحديث عن ظهور هذه المنظمات الإسلامية غير الحكومية وتطورها، وكشفت عن نشأتها وأهدافها وتأثيرها التحويلي على المجتمع النيجيري. وركّزت على وجه التحديد على المساهمات الرائعة، التي قدمتها النساء المرتبطات باتحاد جمعيات النساء المسلمات، وجمعية نصر الله الفاتح، المنظمتين الإسلاميتين غير الحكوميتين. وأنه من خلال تعزيز التعليم والرعاية الصحية إلى الدعوة إلى المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية؛ لعبت النساء داخل هاتين المنظمتين دورًا فعَّالًا في إحداث التغيير الإيجابي. ومن خلال تفانيهن ومرونتهن وإيمانهن، الذي لا يتزعزع؛ استطعن تمكين أنفسهن، والارتقاء بعدد لا يُحْصَى من الأفراد والمجتمعات، وتركن بصمة لا تُمْحَى على النسيج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للأمة.
خلصت الباحثة في هذا الفصل إلى أن “اتحاد جمعيات النساء المسلمات في نيجيريا” برز كقوة محورية في السعي، لتحقيق التمكين والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. فمنذ تأسيس هذا الاتحاد في عام 1985م، نما بشكل كبير، ليصبح منصة لأصوات النساء المسلمات، ومناصرتهن في نيجيريا.
ووفقًا للباحثة، فإن أهداف هذه المنظمة الإسلامية، والتزامها بالتعليم، ونشر التعاليم الإسلامية، هي التي دفعت مساهماتها إلى المجتمع النيجيري. ويشمل سجل هذا الاتحاد المثير للإعجاب: التقدم في التعليم، وحقوق النساء والفتيات، والرعاية الصحية، ودعم المجتمعات المُهمَّشة. وقد لعب هذا الاتحاد دورًا مهمًّا في سدّ الفجوات، وتعزيز الوحدة بين النساء المسلمات، وجعلهن أكثر نشاطًا، وأعلى صوتًا في مختلف المجالات. وأنه على الرغم من مساهماته الملحوظة، تُواجه هذا الاتحاد تحديات داخلية وخارجية، بما في ذلك القيود المالية، وانخفاض التزام الأعضاء، والحاجة إلى المزيد من مصادر التمويل. ومع المضي قدمًا، سيكون تنويع التمويل والاستثمار في بناء القدرات وتعزيز الشفافية، أمرًا بالغ الأهمية للتغلُّب على هذه التحديات.
كما خلصت الباحثة، أيضًا، إلى أن جمعية نصر الله الفاتح في نيجيريا، شرعت في مهمة جديرة بالثناء، لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتحسين رفاهية المجتمعات النيجيرية. وأنه على الرغم من مواجهة العديد من التحديات، بما في ذلك القيود المفروضة على الموارد، وقيود البنية التحتية، والحساسيات الثقافية، والمخاوف الأمنية؛ أظهرت هذه الجمعية المرونة، والتصميم في تحقيق أهدافها.
ومن الجدير بالذكر، وفقًا لرؤية الباحثة، التزام هذه الجمعية بمعالجة أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وخاصةً في مجالات: التعليم، والمساواة بين الجنسين، والصحة، والقضاء على الفقر. ومن خلال توفير الوصول إلى التعليم الجيد، وتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وتقديم خدمات الرعاية الصحية الحيوية، وتنفيذ مبادرات التخفيف من حدة الفقر؛ لعبت هذه الجمعية دورًا فعالًا في إحداث تغيير إيجابي في حياة العديد من النيجيريين.
وأوضحت أن الطريق إلى الأمام بالنسبة لهذه الجمعية، وغيرها من المنظمات المشابهة؛ ينطوي على نهج متعدد الأوجه، بما في ذلك: تعبئة الموارد، وتطوير البنية التحتية، والحساسية الثقافية، والتدابير الأمنية، وفقًا لما أوردته الباحثة في هذا المجال.
في السياق ذاته، خلصت الباحثة إلى أنه يجب على هاتين المنظمتين مواصلة الجهود لتنويع مصادر التمويل، وإقامة شراكات إستراتيجية، والمشاركة في الأنشطة المُدِرَّة للدخل؛ لضمان الاستقرار المالي. وأن التعاون مع أصحاب المصلحة المحليين، لمواجهة تحديات البنية التحتية، وتعزيز الحساسية الثقافية من خلال التدريب، والمشاركة النشطة مع المجتمعات المحلية يُمثّل خطوات حيوية في التغلب على العقبات. وبالنسبة لقضايا المرأة، فإن إعطاء الأولوية لبرامج التوعية بين الجنسين، والتمكين الاقتصادي، ومبادرات التعليم للنساء، يمكن أن يؤدي إلى كسر الحواجز بين الجنسين، وتعزيز مجتمع أكثر شمولًا. وأنه من خلال تصميم ودعم الأعضاء المتفانين يمكن لهاتين المنظمتين غير الحكوميتين أن تكونا في وضع جيد؛ لمواصلة رحلتها المؤثرة، نحو تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتمكين المرأة في نيجيريا، مع المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفقًا لرؤية الباحثة.
حصاد المسعى المبارك للمرأة المسلمة:
أما الفصل الخامس: “الخاتمة” فتناولت فيه الباحثة على نحو من التفصيل: ملخص النتائج، والاستنتاج، والتوصيات، والمساهمة في المعرفة، والقيود، والاقتراحات لمزيد من الدراسات. ويهمنا هنا أن نشير إلى بعض ما ورد في: ملخص النتائج، والاستنتاج، والتوصيات.
في الجزء الخاص بملخص النتائج: كشفت الباحثة في أطروحتها عن مشاركة المرأة المسلمة الدقيقة ومتعددة الأوجه داخل منظمات إسلامية مختارة في نيجيريا، هي: جمعية نصر الله الفاتح، واتحاد جمعيات النساء المسلمات، وجمعية أنصار الدين، وجمعية نوير الدين.
كما كشفت نتائج الأطروحة عن أن النساء المسلمات يتولين أدوارًا قيادية، ويشكلن المشهد التنظيمي بشكل فعَّال، بما يتجاوز العمل كمُنفِّذات للمشروع. وأن مشاركتهن تمتدّ إلى ما هو أبعد من التمثيل الرمزي؛ حيث تُسلّط الضوء على الالتزام بالتنمية الشاملة، التي تُركّز على المجتمع.
كما تؤكد نتائج الأطروحة أن النساء المسلمات لسن مستفيدات سلبيًّا، بل مهندسات فاعلات للتغيير؛ حيث يقدمن نهجًا شاملًا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. أما فيما يخص عالم الفقر المدقع الحرج؛ فقد أصبحت المشاركة النشطة للنساء المسلمات في المنظمات الإسلامية غير الحكومية، التي تقودها النساء بمثابة منارة أمل، ما يؤدي إلى إنشاء مشاريع مستدامة مُدِرَّة للدخل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المبادرات، التي تسترشد بدقة مِن قِبَل أصحاب الرؤى داخل هذه المنظمات المختارة، تمثل خروجًا عن النماذج التقليدية للاعتماد على المعونة. وأنه لم تلعب النساء المسلمات دورًا فعالًا في توجيه المشاريع الصغيرة، وبرامج التدريب المهني فحسب؛ بل دافعن أيضًا عن تمكين ريادة الأعمال، مما يضمن اكتساب النساء لمهارات تتجاوز مجرد كسب العيش، وتحويلهن إلى مُحرّكات للتنمية الاقتصادية المحلية. ونتيجة لذلك، تُوفّر هذه المشاريع إغاثة فورية، وتغرس الشعور بالمرونة الاقتصادية داخل المجتمعات، مما يقلل الاعتماد على المساعدات الخارجية، ويُعزّز مشهدًا اقتصاديًّا مستدامًا، يتماشى مع الأهداف الأوسع للهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة.
ووفقًا لما أوردته الباحثة في ملخص نتائج الأطروحة؛ فإن من بين الإنجازات، التي سهَّلتها المنظمات الإسلامية غير الحكومية، التي تقودها النساء: التأثير التحويلي على قطاع التعليم، وتظهر برامج محو الأمية، التي تنظمها النساء المسلمات كأدوات قوية لتمكين النساء والفتيات على حد سواء. وتتجاوز هذه البرامج المبادرات التعليمية التقليدية؛ حيث تتبنَّى نهجًا متعدد الأوجه، يعالج العوائق الاجتماعية والاقتصادية، التي تعيق الوصول إلى التعليم. علاوة على ذلك، تقوم النساء المسلمات، على رأس هذه المبادرات داخل هذه المنظمات بتصميم برامج محو الأمية بشكل إستراتيجي؛ بما يتناسب مع الاحتياجات الفريدة، والفروق الثقافية الدقيقة لمجتمعاتهن. ومن خلال مزيج من التعليم الرسمي وغير الرسمي، لا تعمل هذه البرامج على تعزيز مهارات القراءة والكتابة الأساسية فحسب، بل تتضمن أيضًا المعرفة العملية المصممة خصيصًا للسياقات المحلية، مما يعزز فهمًا أكثر شمولاً للتعليم، وفقًا لملخص نتائج الأطروحة.
ومن الجدير بالذكر، في مقام ملخص نتائج الأطروحة، أن التركيز على تعليم الإناث يكسر الحواجز القائمة منذ فترة طويلة بين الجنسين، ويتحدَّى الأعراف المجتمعية، التي ربما تكون قد قيَّدت الفرص التعليمية للنساء والفتيات. ولا يؤدي هذا النهج متعدد الأوجه إلى رفع النتائج التعليمية فحسب بل يعمل أيضًا كأداة فعَّالة لكسر دائرة الفقر. ومن خلال تمكين النساء والفتيات بالتعليم تتوافق هذه المبادرات بشكل مباشر مع الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة، مما يُسهم بشكل كبير في الرؤية العالمية الأوسع لضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع. وفي جوهرها، تعمل برامج التعليم، التي تقودها النساء المسلمات داخل هذه المنظمات الإسلامية غير الحكومية، بمثابة أدوات تحويلية، وتعزيز محو الأمية، والتمكين، والاستقلالية، ومسار نحو التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المساعي الرامية إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، التي تقودها النساء المسلمات من خلال هذه المنظمات الإسلامية غير الحكومية، التي تقودها النساء تقف بمثابة عوامل تغيير قوية، وتتحدى بجرأة الأعراف التقليدية المتأصلة، وتدفع المجتمعات نحو مجتمع أكثر شمولًا. ومن خلال تعزيز مجتمع أكثر شمولًا تسهم مبادرات المساواة بين الجنسين هذه، بشكل كبير في تحقيق الهدف الأوسع للهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة، والذي يسعى إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين جميع النساء والفتيات. ومن خلال حملات التوعية المستهدفة وإنشاء العيادات المجتمعية، قامت هذه المنظمات بتلبية الاحتياجات الصحية العاجلة، وقطعت خطوات كبيرة في مجال صحة الأم والطفل، بما يتماشى بسلاسة مع الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة. وتشمل النتائج الملموسة تحسين المؤشرات الصحية، وانخفاض معدلات وفيات الأمهات، وزيادة إمكانية الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية.
باختصار غير مخلّ، أظهرت هذه الأطروحة القدرة المتميزة للمنظمات الإسلامية غير الحكومية، التي تقودها النساء على ترجمة الإستراتيجيات إلى تغييرات تحويلية ملموسة داخل مجتمعاتهن. وقد أدى هذا التحول النموذجي إلى ترسيخ دور المرأة المسلمة، كمشارك نشط ومهندس في تشكيل مسار تنميتها، وتجسيد الروح القائلة بأن التقدم المستدام يتوقف على التمكين والمشاركة المتساوية لجميع أفراد المجتمع، بغضّ النظر عن الجنس.
استنادًا إلى تجميع النتائج الرئيسية لهذه الأطروحة؛ فإنها تُؤكّد في جوهرها على الدور التحويلي، الذي تلعبه النساء المسلمات بنيجيريا في جمعية نصر الله الفاتح، واتحاد جمعيات النساء المسلمات، وجمعية أنصار الدين، وجمعية نوير الدين، متجاوزات الفكرة التقليدية لمُنفّذي المشاريع، لوضعهن كعناصر محورية في تعزيز التحول المجتمعي. وتثبت الأدلة القاطعة وجود صلة قوية بين مشاركتهم النشطة، والتقدم الملموس في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة، بالفقر المدقع والصحة والتعليم والمساواة بين الجنسين. وأن هؤلاء النساء، بعيدًا عن التأثير على النتائج المباشرة لمبادراتهن، يخلقن تأثيرًا مضاعفًا، يتردّد صداه في جميع أنحاء المجتمعات، ويجسد الطبيعة الشاملة للتنمية المستدامة.
ومن الاستنتاجات أيضًا أن مساهمات النساء المسلمات تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد المساعي المُوجَّهة نحو الأهداف؛ حيث تعالج الأسباب الجذرية للتحديات الاجتماعية والاقتصادية في نيجيريا. ويتوافق هذا بسلاسة مع الرؤية العالمية للتنمية المستدامة والعادلة، مع التركيز على الترابط بين جهودهن والأهداف الأوسع لأهداف التنمية المستدامة. كما تُجسِّد النساء المسلمات في هذه المنظمات الإسلامية غير الحكومية مبادئ “عدم ترك أحد يتخلف عن الركب”، والمساهمة بنشاط في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعددة في وقت واحد. ومن الواضح أن مساعيهن تتجاوز السعي الفردي، لتحقيق أهداف محددة؛ فهي تُسهم في اتباع نهج شامل، ومتكامل للتنمية المستدامة.
في ضوء نتائج هذه الأطروحة واستنتاجاتها؛ قدمت الباحثة توصيات إستراتيجية للمنظمات الإسلامية غير الحكومية، التي تقودها النساء في نيجيريا، بهدف تمكين المرأة المسلمة، ومواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية، لعل من أهمها:
أولًا: لتعزيز فعالية لهذه المنظمات عليها أن تعطي الأولوية لإنشاء منصات تعاونية. ومن خلال هذه الجهود التعاونية يمكن صياغة رؤية جماعية، ما يضمن أن التدخلات تعالج بشكل كلي الاحتياجات الدقيقة للمجتمعات، وتخلق أساسًا أكثر قوة للتقدم المستدام.
ثانيًا: يتحتم على هذه المنظمات إعداد برامج تدريب مصمَّمة كوسيلة مهمة لتمكين المرأة المسلمة في قطاع التنمية. وينبغي أن يمتد المنهج الدراسي لهذه المبادرات إلى ما هو أبعد من المهارات التقنية التقليدية، ليشمل نهجًا شاملًا يسهم في تعزيز القيادة، والكفاءة الثقافية، ومهارات المشاركة المجتمعية.
ثالثًا: ينبغي تضمين التدريب على الحساسية الثقافية في تصميم وتنفيذ جميع برامج التنمية، لمواجهة التحديات التي تواجهها النساء المسلمات؛ إذ تُعدّ هذه الحساسية أحد الجوانب الحاسمة لهذه المنظمات.
رابعًا: تُنصح هذه المنظمات، من أجل النهوض بالمكانة الاجتماعية والاقتصادية للمرأة المسلمة بالمشاركة بنشاط في حوارات سياسية منظمة؛ حيث تخلق هذه الحوارات منصة لصنع السياسات التعاونية، مما يضمن دمج وجهات النظر والاحتياجات الفريدة للنساء المسلمات في إطار السياسات الأوسع.
خامسًا: يمكن تبنّي هذه التوصيات الإستراتيجية أن يدفع هذه المنظمات، نحو فعالية وتأثير أكبر في تمكين المرأة المسلمة؛ إذ من خلال تعزيز التعاون، وتصميم مبادرات التدريب، وتضمين الحساسية الثقافية، والمشاركة بنشاط في حوارات السياسات، يمكن أن يتأتّى لهذه المنظمات الإسلامية الإسهام بشكل كبير في بناء مجتمع أكثر شمولًا وإنصافًا في نيجيريا.
في الختام يمكن القول:
إن هذه الأطروحة ناقشت موضوعًا على قَدْر كبير من الأهمية، يخصّ المرأة المسلمة في نيجيريا، فأبرزت دورها في أربع منظمات إسلامية غير حكومية، هي: جمعية نصر الله الفاتح، واتحاد جمعيات النساء المسلمات، وجمعية أنصار الدين، وجمعية نوير الدين، وهي جمعيات تقودها نساء مسلمات.
وقد تبين أن للنساء المسلمات في نيجيريا أدوارًا مهمة في مجال نهضة المجتمع النيجيري عمومًا، والمجتمع المسلم فيها خصوصًا، ومجتمع المرأة على نحو أكثر خصوصية. وأنه على الرغم من التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في نيجيريا، إلا أن المستقبل متاح أمامها، لمزيد من تعزيز الدور والمشاركة المجتمعية، وهي التي قامت وتقوم حاليًّا بدور ريادي وقيادي في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية، من خلال تطبيقها لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، التي أحدثت فيها نجاحات عديدة، ويُنْتَظر منها المزيد؛ كسرًا للصورة النمطية والمفاهيم التقليدية، التي عُرف عنها تكبيل المرأة عن القيام بأيّ دور جوهري في مجتمعها.