بقلم: إيزيدور كوونو
ترجمة: سيدي. م. ويدراوغو
يحيط الرئيس السنغالي ماكي سال عِلمًا بِقرارِ المجلس الدستوري بإلغاء تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى 15 ديسمبر، في وقت تتزايَد فيه المُطالبات من الرئيس ماكي سال بتحديدِ موعِدٍ لإجراء الانتخابات الرئاسية قبل نِهاية فترةِ ولايته في الثاني من أبريل.
بعد ساعات قليلة من قرارِ المجلِس الدستوري بإلغاء تأجيل الانتخابات الرئاسية في السنغال، ردَّت رِئاسة الجمهورية ببيانٍ صِحَفِيٍّ جاء فيه “أحاطَ رئيس الجمهورية علمًا بهذا القرارِ الذي يُعَد جُزءًا من الآليات القضائية الطَّبيعية للدِّيمقراطية وسِيَادة القانون على النَّحو المَنْصُوصِ عليهِ في الدستور السنغالي. ويعتزِم رئيس الجمهورية التنفيذَ الكامل لقرار المجلس الدستوري”، مُضيفًا “ولتَحقيق هذه الغاية، سيقوم رئيس الدولة -دونَ تأخيرٍ- بإجراء المشاورات اللازمة لتنظيم الانتخابات الرئاسية في أقربِ وقْتٍ مُمْكِن”، وَفْقًا لِمَا وَرَدَ في البيان الصحفي.
وقُبيل انتهاء ولاية الرئيس ماكي سال في الثاني من أبريل المقبل، يتساءل عديد من المُراقبين عن إمكانية تنظيم الانتخابات من الآن، وحتى نهاية الولاية الرئاسية الأخيرة.، صور غيتي
كيف اسْتُقْبِلَ خبر إلغاء التأجيل؟
وحظيَ اختيار الرئيس ماكي سال لتنفيذ قرار المجلس الدستوري بتأييدِ بعض الشخصيات السياسية والمجتمع المدني.
وهذه هي حال بوبكر كامارا، المرشَّح في هذه الانتخابات الرئاسية، الذي يدعو الطبَقَة السياسية بشكل عام، والأطراف المعنيَّة في هذه الانتخابات بشكلٍ خاص، إلى الاتفاق على موعد جديد.
فقال مقترِحًا: “أدعو جميع الأطراف المعنيَّة إلى الاتفاق على إعادة ترتيب الروزنامة، وتحديد موعد توافُقِي للانتخابات بما يتوافَق مع متطلبات المجلس الدستوري”، على حدِّ تعبيره.
لكنَّ بعض المرشحين كانوا أكثر تحديدُا: “يبدو لي أنه مع الأخذ في الاعتبار قرارَ المجلس الدستوري، فإنه يحق لنا أن نتوقع أن تبدأ الحملة الانتخابية في 25 فبراير، بحيث تجرَى الجولة الأولى في 17 مارس، وربما تكون الجولة الثانية، وبعد أسبوعين، في 31 مارس، أي قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي”، مضيفًا: “منذ موعد صدور قرار المجلس الدستوري وهو (ماكي سال) ينتظر. ويبدو أنه يتأخر، على الرغم من التزامه باحترام قرار المجلس الدستوري. فإنه خلال أربع وعشرين ساعة فقط، وأشار هذا الحليف السياسي السابق لماكي سال إلى أنه “أوقَفَ العملية الانتخابية” وَفْقًا لتصريحات النائب والوزير السابق ثيرنو الحسن سال، المرشح في الانتخابات الرئاسية، لبي بي سي أفريقيا.
ويقول إنه يريد التشاوُرَ مع المرشحين الآخرين لاتِّخاذ “موقفٍ مُشترَك” بشأن الخطوات التي يجب اتِّخاذها لحَمْلِ رئيس الجمهورية على إجراء التصويت قبل انتهاء ولايته.
ولا يبدو أن تييرنو الحسن سال يشعر بقلق مُفرط إن قرَّرَ ماكي سال تنظيم الانتخابات بعد انتهاء ولايته. وقال: “الدستور ينظِّم كل ذلك”، مضيفًا: “آمل ألا نصِلَ إلى هذه النقطة على الرغم من عدم ثقتي الكاملة في رغبة رئيس الجمهورية؛ لطبيعته المُمَاطلة في الامتثال لمطالب المجلس الدستوري”، على حد قوله.
فيما صرَّح المرشح مالك جاكو لوكالة فرانس برس للأنباء أنه “لم يعُد هناك مجال للخطأ”، وأنه يجب تنظيم الانتخابات في مارس للسماح بانتقال السلطة بين الرئيس سال وخليفته في 2 أبريل، وهو تاريخ الانتخابات الرئاسية الثانية للرئيس.
وعطفًا على ترحيب “رابطة المنظمات من أجل صون السلام في السنغال” بقرار المحكمة العليا، فإنها توجِّه نداءً إلى جميع الجهات الفاعِلَة السياسية، ولا سيما رئيس الجمهورية، إلى “الارتقاء إلى مستوى التحديات”.
وطُرِحَت مبادرة، في بيانٍ صَدَر يوم الجمعة الماضية، يدعو لإجراء الانتخابات الرئاسية قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية, وقالت:”تقترح منظَّمة تآزر منظمات حماية السلام إجراء الانتخابات في 3 أو 10 مارس 2024″، أي قبل انتهاء ولاية رئيسِ الجمهورية.
علمًا بأن المبادرة من هذا القبيلِ من شأنها أن تعزِّزَ “الامتِثالَ الصارم لجميع مواعيد التنفيذ”، على حدِّ تعبيرِ منظَّمة المُجتَمع المدنيِّ هذه.
وأعرَبَ الخبير الاقتصادي مبارك لو، عُمدَة نيومري في شمال السنغال، والنائب السابق لرئيس ديوان ماكي سال، عن تفاؤلِه الشديد بشأن إجراء الانتخابات قبل نهاية ولاية رئيس الدولة: “أعتقد أن رئيس الجمهورية سيحدِّد الموعِد خلالَ هذا الأسبوع. لم يعُدْ هناكَ ما يمكِن انتظاره. أعتقد أن مواد التصويت مُتاحَة بالفعل. ومع ذلك، علَى المرشَّحين جميعًا قبول أوراق الاقتراع المطبوعة مع التاريخ الأوَّلي، قال هذا العمدة، وهو خريج معهد باريس للدِّراسات السياسية “يجبُ استخدام نتائج الانتخابات”.
وللآجالِ التي يحددها القانون، فيما يتعلَّق بتنظيم الانتخابات وانتهاء ولاية رئيس الجمهورية، فإن “تاريخ 3 مارس هو الأفضل”، حسب تقدير مبارك لو. لكن “هناك قانون وسياسة في الوقت نفسه، في هذه المسألة. القانون صارم. مع السياسة، كل شيء يمكن تصوره” كما يُشيرُ. قصور
أصواتٌ ضِدَّ إلغاء التأجيل:
ولمْ يحْظَ قرار المجلس الدستوري بالإلغاء بموافقة الطبقة السياسية برمَّتها، لِنفادِ صبر المرشَّحين الذين كانوا بالفعل في نقطة البداية لبدء السباق الرئاسي.
وكان عددٌّ من النواب المحسوبين على المرشحين الذين اختارهم المجلس الدستوري قد تقدَّموا باستئنافٍ لأغراض مُوَاصَلة الانتخابات الرئاسية.
وذُكِر نحو خمسةَ عشَر مرشَّحًا من أصل العشرين الذين اختارهم المجلس الدستوري، في بلاغٍ صِحَفِيٍّ صدر يوم الاثنين: “الجهات المختصَّة بضرورة تنفيذ قرار المجلس الدستوري بتنظيم الانتخابات في أسرع وقتٍ ممكن، مع احترام الموعد النهائي للانتخابات 2 أبريل 2024 الذي يُصَادِف انتهاء الولاية الرئاسية”.
ولا تزال الجبهة الديمقراطية لانتخاباتٍ شاملة، المؤلَّفة من مرشحين رفَضَهم المَجلس الدستوري، تعتبر نفسها مَظلومة. ويشكِّل تأجيل الانتخابات الرئاسية هِبة من السماء لهم لإصلاح “الظلم الذي لحق بالمرشحين المرفوضين”. ولذلك يطالبون باستِئْناف العملية الانتخابية على أملِ إدراجهم في قائمة المرشحين الرسميين.
ويدعو الحزب الديمقراطي السنغالي بزعامَة كريم واد، إلى تحديد موعدٍ جديد للانتخابات الرئاسية دون أن يحدِّد ما إذا كان يريدُ استئناف العمليةِ الانتخابية.
وفقًا للحزبِ الديمقراطي الاشتراكي، فإن المجلس الدستوري، باعترافه بعدم إمكانية تنظيمِ الانتخاباتِ الرئاسية في 25 فبراير، يعزِّزُ رغبته في المُطالبة بتأجيلها. لكنَّ الحزب الديمقراطي الاشتراكي لم يُحدِّد ما إذا كان يريدُ استئناف العملية الانتخابية خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الاثنين في مقرِّ الحزبِ في دكار.
وأُبطِلَ ترشيح نجل الرئيس السابق إثر طعنٍ تقدَّم به المنافس تييرنو الحسن سال بازدِواجِ الجنسية, وعدم تخليه عن جنسيته الفرنسية عند تقديم طلبه إلى المجلس الدستوري، وهو ما يشكل سببًا للرَّفض حيث إن المرشحين للرئاسة يجب أن يكونوا من الجنسية السنغالية حصرًا وَفقًا لدستور البلاد.
ولم يُنشَر مرسوم إعفاء كريم واد من جنسيته الفرنسية إلا في 16 يناير، على الرغم من أنه قدَّم ملفَّ ترشحه في 23 ديسمبر. وهو ما يشكل بالنسبة لثيرنو الحسن سال إقرارًا كاذبًا على شرفِهِ، ومن ثَمَّ تقديمه استئنافًا إلى المجلس الدستوري مما أدَّى إلى إقصَاءِ كريم واد من السباق على كرسي الرئاسة. وفي حال استئناف العملية الانتخابية، سيكون لكريم واد فرصة أخرى ليكونَ أحد المرشَّحين الرئاسيين.
هل الإدارة المسئولة عن التنظيم المادي للانتخابات جاهزة؟
ويرى جبريل غنينغي، الخبير في شئون الانتخابات السنغالية، أن الإدارة المسئولة عن توزيع المواد الانتخابية تتمتَّع بخبرة كبيرة في ضمان وَضْع صناديق الاقتراع وأوراق الاقتراع وغيرها من الأدوات اللازمة لإجراء التصويت قبل انتهاء ولاية ماكي سال.
وقال: “في الواقع، أتوقَّع أن يقرر رئيس الجمهورية إجراءَ الانتخابات قبل 2 أبريل، موعِد انتهاء ولايته، وفقًا للدستور، وهذا ما سيفعله. إنه يريد احترام الدستور، وقال جبريل غنينج لبي بي سي إفريقيا: “إن قرارَ المجلس الدستوري يعني أن جميعَ الإجراءات القانونية التي اتُّخِذَت بالفعل في العملية الانتخابية، بما في ذلك رِعاية المرشَّحين ومراجعة القوائم الانتخابية، لا تزال ساريةً، وطُبِعَت أوراقُ الاقتراع وأُرسِلَت إلى الإدارة الانتخابية” على حد تعبيره.
ووَفقًا لهذا الخبير الانتخابي، وهو أيضًا ناشط في المجتمع المدني، فقد طُبِعَت 160 مليون بطاقة اقتراع للمرشحين العشرين المتنافسين. وأكد أن “هذه البطاقات تتضمن عبارة “الانتخابات الرئاسية في 25 فبراير 2024″ (الموعد المقرر أصلًا للتصويت) إذا قرَّر المجلس الدستوري أنها صالحة ويمكن استخدامها، فيمكننا استخدامها”.
ويعتقد جبريل غنينغي أن التصويت، الذي لا يمكن إجراؤه إلا يوم الأحد، وفقًا للقانون، يمكن أن يتم في 3 أو 10 مارس. ومن المُحتَمَل أن تكون الجولة الثانية يوم 24 أو 31 مارس. ويوضح الخبير الانتخابي أنه “في هذه الحالة، سيتعيَّن على المرشحين الموافقة على إجراء حملة انتخابية مدتها خمسة عشر يومًا بدلًا من 21 يومًا المعتادة”.
كيف أعاد المجلس الدستوري إطلاق العملية الانتخابية؟
وبذلك، تُسْتَأنف العملية الانتخابية التي توقَّفت في 3 فبراير، قبل ساعات قليلة من افتِتاح الحملةِ الانتخابية، بفضلِ المجلس الدستوري الذي أَصْدرَ قراره مساءً الخميس.
وتَعُدُّ هذهِ المَحكمة العُليا أن “قانونَ الاستثناء من أحكامِ المادة 31 من الدستور، الذي أقره مجلس الأمة برقم 4/2024، في جلسته المنعقِدَة بتاريخ 5 فبراير 2024، مخالفٌ للدستور”
وعليه “يلغى المرسوم رقم 106 لسنةِ 2024 المؤرَّخ في 3 فبراير 2024 المتعلِّق بإلغاء مرسوم دعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية المقررة في 25 فبراير 2024”.
رابط المقال:
https://www.bbc.com/afrique/articles/cw0l38zwe15o